خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا يَطُوفُ فِي السُّوقِ فَلَقِيَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أُعْدُنِي عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَإِنَّ عَلَيَّ خَرَاجًا كَثِيرًا قَالَ : فَكَمْ خَرَاجُكَ ؟ قَالَ : دِرْهَمَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَالَ : وَأَيُّ شَيْءٍ صِنَاعَتُكَ ؟ قَالَ : نَجَّارًا نَقَّاشًا حَدَّادًا قَالَ : مَا أَرَى خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ عَلَى مَا تَصْنَعُ مِنَ الْأَعْمَالِ , ثُمَّ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْمَلَ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ فَعَلْتُ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَاعْمِلْ لِي رَحًى قَالَ : لَأَنْ سَلِمْتُ لَأَعْمَلَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا مَنْ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ : ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اعْهَدْ , فَإِنَّكَ مَيِّتٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ : أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْرَاةِ قَالَ عُمَرُ : آللَّهِ إِنَّكَ تَجِدُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا , وَلَكِنْ أَجِدُ صِفَتَكَ وَحِلْيَتَكَ , وَأَنَّهُ قَدْ فَنِيَ أَجَلُكَ قَالَ وَعُمَرُ لَا يَحُسُّ وَجَعًا , وَلَا أَلَمًا قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ كَعْبٌ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , ذَهَبَ يَوْمٌ وَبَقِيَ يَوْمَانِ قَالَ : ثُمَّ جَاءَهُ الْغَدُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , ذَهَبَ يَوْمَانِ وَبَقِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ , وَهِيَ لَكَ إِلَى صَبِيحَتِهَا قَالَ , فَلَمَّا كَانَ فِي الصُّبْحِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الصَّلَاةِ , وَكَانَ يُوَكِّلُ بِالصُّفُوفِ رِجَالًا فَإِذَا اسْتَووا دَخَلَ هُوَ فَكَبَّرَ قَالَ : وَدَخَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي النَّاسِ فِي يَدِهِ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ , نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ , فَضَرَبَ عُمَرَ سِتَّ ضَرَبَاتٍ , إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ سُرَّتِهِ , هِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ , وَقُتِلَ مَعَهُ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلِ بْنِ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ , كَانَ حَلِيفَهُمْ , فَلَمَّا وَجَدَ عُمَرَ حُرَّ السِّلَاحِ سَقَطَ , وَقَالَ : أَفِي النَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ هُوَ ذَا قَالَ : فَتَقَدَّمَ بِالنَّاسِ فَصَلَّى قَالَ : فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُمَرُ طَرِيحٌ ؟ قَالَ : ثُمَّ احْتُمِلَ فَأُدْخِلَ إِلَى دَارِهِ , وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ , فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْهَدَ إِلَيْكَ قَالَ : يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَشَرْتَ عَلَيَّ قَالَ : وَمَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِذَلِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا قَالَ : إِذَنْ وَاللَّهِ لَا أَدْخَلُ فِيهِ أَبَدًا قَالَ : فَهِبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفْرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ , أُدْعُ لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا ؛ قَالَ : وَانْتَظِرُوا أَخَاكُمْ طَلْحَةَ ثَلَاثًا فَإِنْ جَاءَ , وَإِلَّا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيٌّ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانَ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا سَعْدُ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , قُومُوا فَتَشَاوَرُوا , ثُمَّ اقْضُوا أَمْرَكُمْ , وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ : قُمْ عَلَى بَابِهِمْ فَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ , وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهُمْ أَنْ يُقَسِّمَ عَلَيْهِمْ فَيْئَهُمْ , وَلَا يَسْتَأْثِرْ عَلَيْهِمْ , وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَنْ يُحْسِنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ , وَأَنْ يَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ , وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ مَادَّةُ الْإِسْلَامِ , أَنْ تُؤْخَذَ صَدَقَاتُهُمْ مِنْ حَقِّهَا , وَتُوضَعَ فِي فُقَرَائِهِمْ , وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بَعَهْدِهِمْ , اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ تَرَكْتُ الْخَلِيفَةَ بَعْدِي عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ , يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَانْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً وَاحِدَةً يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَسَلْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ , يَا عَبْدَ اللَّهِ , إِنِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَكُنْ مَعَ الْأَكْثَرِ , وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَثَلَاثَةً , فَكُنْ فِي الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , ائْذَنْ لِلنَّاسِ فَجَعَلَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُمْ : أَعَنْ مِلَاءٍ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : مَعَاذَ اللَّهِ . قَالَ : وَدَخَلَ فِي النَّاسِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْشَأَ يَقُولُ : {
} وَأَوْعَدَنِي كَعْبٌ ثَلَاثًا أَعُدُّهَا {
}وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ كَعْبُ {
}{
} وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ إِنِّي لَمَيِّتٌ {
}وَلَكِنْ حِذَارُ الذَّنْبِ يَتْبَعُهُ الذَّنْبُ {
}فَقِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ دَعَوْتَ طَبِيبًا ؛ قَالَ : فَدُعِيَ بِطَبِيبٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ , فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَخَرَجَ النَّبِيذُ يَعْنِي مَعَ الدَّمِ قَالَ : فَاسْقُوهُ لَبَنًا , فَخَرَجَ اللَّبَنُ أَبْيَضَ فَقِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اعْهَدْ , قَالَ : قَدْ فَرَغْتُ ثُمَّ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ : فَخَرَجُوا بِهِ بَكْرَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ , فَدُفِنَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ صُهَيْبٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ سَهْلِ بْنِ مَخْلَدٍ الْبَزَّارُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ , عَنْ أُمَّهِ وَكَانَتْ أُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَوْفٍ قَالَتْ : خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا يَطُوفُ فِي السُّوقِ فَلَقِيَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أُعْدُنِي عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَإِنَّ عَلَيَّ خَرَاجًا كَثِيرًا قَالَ : فَكَمْ خَرَاجُكَ ؟ قَالَ : دِرْهَمَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَالَ : وَأَيُّ شَيْءٍ صِنَاعَتُكَ ؟ قَالَ : نَجَّارًا نَقَّاشًا حَدَّادًا قَالَ : مَا أَرَى خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ عَلَى مَا تَصْنَعُ مِنَ الْأَعْمَالِ , ثُمَّ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْمَلَ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ فَعَلْتُ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَاعْمِلْ لِي رَحًى قَالَ : لَأَنْ سَلِمْتُ لَأَعْمَلَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا مَنْ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ : ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اعْهَدْ , فَإِنَّكَ مَيِّتٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ : أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْرَاةِ قَالَ عُمَرُ : آللَّهِ إِنَّكَ تَجِدُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا , وَلَكِنْ أَجِدُ صِفَتَكَ وَحِلْيَتَكَ , وَأَنَّهُ قَدْ فَنِيَ أَجَلُكَ قَالَ وَعُمَرُ لَا يَحُسُّ وَجَعًا , وَلَا أَلَمًا قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ كَعْبٌ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , ذَهَبَ يَوْمٌ وَبَقِيَ يَوْمَانِ قَالَ : ثُمَّ جَاءَهُ الْغَدُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , ذَهَبَ يَوْمَانِ وَبَقِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ , وَهِيَ لَكَ إِلَى صَبِيحَتِهَا قَالَ , فَلَمَّا كَانَ فِي الصُّبْحِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الصَّلَاةِ , وَكَانَ يُوَكِّلُ بِالصُّفُوفِ رِجَالًا فَإِذَا اسْتَووا دَخَلَ هُوَ فَكَبَّرَ قَالَ : وَدَخَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي النَّاسِ فِي يَدِهِ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ , نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ , فَضَرَبَ عُمَرَ سِتَّ ضَرَبَاتٍ , إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ سُرَّتِهِ , هِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ , وَقُتِلَ مَعَهُ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلِ بْنِ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ , كَانَ حَلِيفَهُمْ , فَلَمَّا وَجَدَ عُمَرَ حُرَّ السِّلَاحِ سَقَطَ , وَقَالَ : أَفِي النَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ هُوَ ذَا قَالَ : فَتَقَدَّمَ بِالنَّاسِ فَصَلَّى قَالَ : فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُمَرُ طَرِيحٌ ؟ قَالَ : ثُمَّ احْتُمِلَ فَأُدْخِلَ إِلَى دَارِهِ , وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ , فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْهَدَ إِلَيْكَ قَالَ : يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَشَرْتَ عَلَيَّ قَالَ : وَمَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِذَلِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا قَالَ : إِذَنْ وَاللَّهِ لَا أَدْخَلُ فِيهِ أَبَدًا قَالَ : فَهِبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفْرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ , أُدْعُ لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا ؛ قَالَ : وَانْتَظِرُوا أَخَاكُمْ طَلْحَةَ ثَلَاثًا فَإِنْ جَاءَ , وَإِلَّا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيٌّ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانَ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا سَعْدُ , إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ , قُومُوا فَتَشَاوَرُوا , ثُمَّ اقْضُوا أَمْرَكُمْ , وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ : قُمْ عَلَى بَابِهِمْ فَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ , وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهُمْ أَنْ يُقَسِّمَ عَلَيْهِمْ فَيْئَهُمْ , وَلَا يَسْتَأْثِرْ عَلَيْهِمْ , وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَنْ يُحْسِنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ , وَأَنْ يَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ , وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ مَادَّةُ الْإِسْلَامِ , أَنْ تُؤْخَذَ صَدَقَاتُهُمْ مِنْ حَقِّهَا , وَتُوضَعَ فِي فُقَرَائِهِمْ , وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بَعَهْدِهِمْ , اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ تَرَكْتُ الْخَلِيفَةَ بَعْدِي عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ , يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَانْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً وَاحِدَةً يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَسَلْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ , يَا عَبْدَ اللَّهِ , إِنِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَكُنْ مَعَ الْأَكْثَرِ , وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَثَلَاثَةً , فَكُنْ فِي الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , ائْذَنْ لِلنَّاسِ فَجَعَلَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُمْ : أَعَنْ مِلَاءٍ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : مَعَاذَ اللَّهِ . قَالَ : وَدَخَلَ فِي النَّاسِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْشَأَ يَقُولُ : وَأَوْعَدَنِي كَعْبٌ ثَلَاثًا أَعُدُّهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ كَعْبُ وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ إِنِّي لَمَيِّتٌ وَلَكِنْ حِذَارُ الذَّنْبِ يَتْبَعُهُ الذَّنْبُ فَقِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ دَعَوْتَ طَبِيبًا ؛ قَالَ : فَدُعِيَ بِطَبِيبٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ , فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَخَرَجَ النَّبِيذُ يَعْنِي مَعَ الدَّمِ قَالَ : فَاسْقُوهُ لَبَنًا , فَخَرَجَ اللَّبَنُ أَبْيَضَ فَقِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اعْهَدْ , قَالَ : قَدْ فَرَغْتُ ثُمَّ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ : فَخَرَجُوا بِهِ بَكْرَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ , فَدُفِنَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ صُهَيْبٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ