قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ : سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا ، الْأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللَّهِ ، وَاسْتِكْمَالٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ تَغْيِيرُهَا وَلَا تَبْدِيلُهَا ، وَلَا النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا ، مَنِ اهْتَدَى بِهَا فَهُوَ مُهْتَدٍ وَمَنِ اسْتَنْصَرَ بِهَا فَهُوَ مَنْصُورٌ ، وَمَنْ تَرَكَهَا وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى ، وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
وَحَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بِنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، بِطَرَسُوسَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ الزَّائِغُونَ فِي الدِّينِ يَقُولُ : قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ : سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا ، الْأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللَّهِ ، وَاسْتِكْمَالٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ تَغْيِيرُهَا وَلَا تَبْدِيلُهَا ، وَلَا النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا ، مَنِ اهْتَدَى بِهَا فَهُوَ مُهْتَدٍ وَمَنِ اسْتَنْصَرَ بِهَا فَهُوَ مَنْصُورٌ ، وَمَنْ تَرَكَهَا وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى ، وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَهُ وَبَيَّنْتَهُ قَدْ عَرِفْنَاهُ ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُنَاظَرَتُنَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَهْوَاءِ الَّتِي يُنْكِرُهَا أَهْلُ الْحَقِّ ، وَنُهِينَا عَنِ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْفِقْهِ فِي الْأَحْكَامِ , مِثْلُ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ ، هَلْ لَنَا مُبَاحٌ أَنْ نُنَاظِرَ فِيهِ وَنُجَادِلَ ، أَمْ هُوَ مَحْظُورٌ عَلَيْنَا ، عَرَفْنَا مَا يَلْزَمُ فِيهِ كَيْفَ السَّلَامَةُ ، قِيلَ لَهُ : هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَهُ مَا أَقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنَ الْمُنَاظَرَةِ فِيهِ ، حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ فِيهِ فِتْنَةٌ وَلَا مَأْثَمٌ ، وَلَا يَظْفَرُ فِيهِ الشَّيْطَانُ فَإِنْ قَالَ كَيْفَ ؟ قِيلَ لَهُ : هَذَا ، قَدْ كَثُرَ فِي النَّاسِ جِدًّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي كُلِّ بَلَدٍ يُنَاظِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ يُرِيدُ مُغَالَبَتَهُ ، وَيَعْلُو صَوْتُهُ ، وَالِاسْتِظْهَارُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِجَاجِ ، فَيَحْمَرُّ لِذَلِكَ وَجْهُهُ ، وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ ، وَيَعْلُو صَوْتُهُ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحِبُّ أَنْ يُخْطِئَ صَاحِبُهُ ، وَهَذَا الْمُرَادُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَطَأٌ عَظِيمٌ ، لَا يُحْمَدُ عَوَاقِبُهُ وَلَا يَحْمَدُهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْعُقَلَاءِ ؛ لِأَنَّ مُرَادَكَ أَنْ يُخْطِئَ مُنَاظِرُكَ : خَطَأٌ مِنْكَ ، وَمَعْصِيَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَمُرَادُهُ أَنْ تُخْطِئَ خَطَأٌ مِنْهُ وَمَعْصِيَةٌ ، فَمَتَى يَسَلَمُ الْجَمِيعُ ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّمَا نُنَاظِرُ لِتَخْرُجَ لَنَا الْفَائِدَةُ ؟ قِيلَ لَهُ : هَذَا كَلَامٌ ظَاهَرٌ ، وَفِي الْبَاطِنِ غَيْرُهُ وَقِيلَ لَهُ : إِذَا أَرَدْتَ وَجْهَ السَّلَامَةِ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِطَلَبِ الْفَائِدَةِ ، كَمَا ذَكَرْتَ ، فَإِذَا كُنْتَ أَنْتَ حِجَازِيًّا ، وَالَّذِي يُنَاظِرُكَ عِرَاقِيًّا ، وَبَيْنَكُمَا مَسْأَلَةٌ ، تَقُولُ أَنْتَ : حَلَالٌ ، وَيَقُولُ هُوَ : بَلْ حَرَامٌ فَإِنْ كُنْتُمَا تُرِيدَانِ السَّلَامَةَ ، وَطَلَبَ الْفَائِدَةِ ، فَقُلْ لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الشِّيُوخِ ، فَتَعَالَ حَتَّى نَتَنَاظَرَ فِيهَا مِنَّا صِحَّةً لَا مُغَالَبَةً فَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ فِيهَا مَعَكَ ، اتَّبَعْتُكَ ، وَتَرَكْتُ قُولِي ، وَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ مَعِي ، اتَّبَعْتَنِي وَتَرَكْتَ قَوْلَكَ ، لَا أُرِيدُ أَنْ تُخْطِئَ وَلَا أُغَالِبُكَ ، وَلَا تُرِيدُ أَنْ أُخْطِئَ ، وَلَا تُغَالِبُنِي فَإِنْ جَرَى الْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَهُوَ حَسَنٌ جَمِيلٌ ، وَمَا أَعَزَّ هَذَا فِي النَّاسِ فَإِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : لَا نُطِيقُ هَذَا ، وَصَدَقَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا قِيلَ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، قَدْ عَرَفْتَ قَوْلَكَ وَقَوْلَ صَاحِبِكَ وَأَصْحَابِكَ وَاحْتِجَاجِهِمْ ، وَأَنْتَ فَلَا تَرْجِعْ عَنْ قَوْلِكَ ، وَتَرَى أَنَّ خَصْمَكَ عَلَى الْخَطَأِ وَقَالَ خَصْمُكَ كَذَلِكَ ، فَمَا بِكُمَا إِلَى الْمُجَادَلَةِ وَالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ حَاجَةٌ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا لَيْسَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَنْ مَذْهَبِهِ , وَإِنَّمَا مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَنْ يُخْطِئَ صَاحِبُهُ ، فَأَنْتُمَا آثِمَانِ بِهَذَا الْمُرَادِ ، أَعَاذَ اللَّهُ الْعُلَمَاءَ الْعُقَلَاءَ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمُرَادِ فَإِذَا لَمْ تُجْرَ الْمُنَاظَرَةُ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ ، فَالسُّكُوتُ أَسْلَمُ ، قَدْ عَرَفْتَ مَا عِنْدَكَ وَمَا عِنْدَهُ وَعَرَفَ مَا عِنْدَهُ وَمَا عِنْدَكَ ، وَالسَّلَامُ ثُمَّ لَا نَأْمَنُ أَنْ يَقُولَ لَكَ فِي مُنَاظَرَتِهِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَتَقُولُ لَهُ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ، أَوْ تَقُولَ : لَمْ يَقُلْهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ ، لِتَرُدَّ قَوْلَهُ ، وَهَذَا عَظِيمٌ ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَكَ أَيْضًا ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَرُدُّ حُجَّةَ صَاحِبِهِ بِالْمُخَارَقَةِ وَالْمُغَالَبَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِمَّنْ رَأَيْنَا يُنَاظِرُ وَيُجَادِلُ وَنَتَجَادَلُ ، حَتَّى رُبَّمَا خَرَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ هَذَا الَّذِي خَافَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ ، وَكَرِهَهُ الْعُلَمَاءُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ