أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ فَصَلَّى عِنْدَ الْبَابِ ، وَقَالَ : " هَاهُنَا قِبْلَةٌ " فَصَلِّهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ ؟ قَالَ : لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ : يَقُولُ : أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ فَصَلَّى عِنْدَ الْبَابِ ، وَقَالَ : هَاهُنَا قِبْلَةٌ فَصَلِّهِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَذَانِ خَبَرَانِ قَدْ عَوَّلَ أَئِمَّتُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَرِضْوَانُهُ عَلَى الْكَلَامِ فِيهِمَا عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ، وَزَعَمُوا أَنَّ بِلَالًا ، أَثْبَتَ صَلَاةَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، يَنْفِيهَا ، وَالْحَكَمُ الْمُثْبِتُ لِلشَّيْءِ أَبَدًا ، لَا لِمَنْ يَنْفِيهِ ، وَهَذَا شَيْءٌ يَلْزَمُنَا فِي قِصَّةِ أُحُدٍ فِي نَفْيِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، الصَّلَاةَ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ ، وَغَسْلَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي فِي الْفَصْلِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ بِأَنْ يُجْعَلَا فِي فِعْلَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ ، فَيُقَالُ : إِنَّ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِيهَا عَلَى مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ بِلَالٍ ، وَأُسَامَةِ بْنِ زَيْدٍ ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، كَذَلِكَ قَالَهُ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَيُجْعَلُ نَفْيُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَلَاةَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا ، حَتَّى يَكُونَ فِعْلَانِ فِي حَالَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ نَفَى الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ عَنِ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَزَعَمَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ، وَأَخْبَرَ أَبُو الشَّعْثَاءِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى فِي الْبَيْتِ ، وَزَعَمَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ، فَإِذَا حُمِلَ الْخَبَرَانِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمُتَبَايِنَيْنِ بَطَلَ التَّضَادُّ بَيْنَهُمَا ، وَصَحَّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا