سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ : إِنَّ أَهْلَنَا يَنْتَبِذُونَ نَبِيذًا فِي سِقَاءٍ لَوْ نَكَهْتُهُ لَأَخَذَ فِيَّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : " إِنَّمَا الْبَغْيُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَغْيَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هَذَا الرُّكْنِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ بِقَدَحٍ مِنْ نَبِيذٍ فَأَدْنَاهُ إِلَى فِيهِ فَقَطَّبَ وَرَدَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحَرَامٌ هُوَ ؟ فَرَدَّ الشَّرَابَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " إِذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْأَسْقِيَةُ فَاقْطَعُوا مُتُونَهَا بِالْمَاءِ "
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ السُّوسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ : إِنَّ أَهْلَنَا يَنْتَبِذُونَ نَبِيذًا فِي سِقَاءٍ لَوْ نَكَهْتُهُ لَأَخَذَ فِيَّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِنَّمَا الْبَغْيُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَغْيَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ هَذَا الرُّكْنِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ بِقَدَحٍ مِنْ نَبِيذٍ فَأَدْنَاهُ إِلَى فِيهِ فَقَطَّبَ وَرَدَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحَرَامٌ هُوَ ؟ فَرَدَّ الشَّرَابَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْأَسْقِيَةُ فَاقْطَعُوا مُتُونَهَا بِالْمَاءِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ : عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَافِعٍ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ ، وَقَدْ رَوَى أَهْلُ الْعَدَالَةِ سَالِمٌ ، وَنَافِعٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ مَا رَوَى وَلَيْسَ يَقُومُ مَقَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ عَاضَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْكَالِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَتْنِ الْحَدِيثِ فَقُلْنَا : لَوْ صَحَّ مَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : إِذَا رَابَكُمْ مِنْ شَرَابِكُمْ رَيْبٌ فَاكْسِرُوا مَتْنَهُ بِالْمَاءِ ، وَالرَّيْبُ فِي الْأَصْلِ الشَّكُّ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَخَافَةِ وَالظَّنِّ مَجَازًا فَاحَتَجُّوا بِهَذَا وَقَالُوا : مَعْنَاهُ إِذَا خِفْتُمْ أَنْ يُسْكِرَ كَثِيرُهُ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ قَبِيحِ الْغَلَطِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ لَكَانَ قَدْ زَالَ الْخَوْفُ وَصَارَ يَقِينًا وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ خَالَفَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ لَا يُقِرَّ الشَّرَابَ إِذَا خِيفَ مِنْهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى الْحَرَامِ حَتَّى يُكْسَرَ بِالْمَاءِ الَّذِي يُزِيلُ الْخَوْفَ وَمَعَ هَذَا فَحُجَّةٌ قَاطِعَةٌ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ مَعَانِيَ كَلَامِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرَابَ الَّذِي بِمَكَّةَ لَمْ يَزَلْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ لَا يُطْبَخُ بِنَارٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَاءٌ يُجْعَلُ فِيهِ زَبِيبٌ أَوْ تَمْرٌ لِيُطَيَّبَ ؛ لِأَنَّ مِيَاهَهُمْ فِيهَا مُلُوحَةٌ وَغِلَظٌ وَلَمْ تُتَّخَذْهُ لِلَذَّةٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ أَنَّ مَا نُقِعَ وَلَمْ يُطْبَخْ بِالنَّارِ وَكَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ فَهُوَ خَمْرٌ وَالْخَمْرُ إِذَا صُبَّ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ صَبَّتْ عَلَى الْمَاءِ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا قَدْ نَجَسَّتِ الْمَاءَ إِذَا كَانَ قَلِيلًا فَقَدْ صَارَ حُكْمُ هَذَا حُكْمَ الْخَمْرِ وَإِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، فَزَالَتِ الْحُجَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَوْ صَحَّ