سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الرَّجُلِ ، يُسْلِفُ مِنَ الرَّجُلِ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ سَعْدٌ : نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا "
ـ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ : أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، حَدَّثَهُ : أَنَّ مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ حَدَّثَهُ : أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الرَّجُلِ ، يُسْلِفُ مِنَ الرَّجُلِ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ سَعْدٌ : نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ هَذَا قَالَ بُكَيْرٌ : وَهَذَا نُنْهَى عَنْهُ . فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ فَسَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ ، وَفِي مَتْنِهِ جَمِيعًا ، وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى خِلَافِهِ فِيهِ . وَكَانَ الْقِيَاسُ أَيْضًا يُوجِبُهُ ، لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ أَجَازَتْ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلَمْ يُنْظَرْ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يَعُودُ إِلَيْهِ بِالْحُقُوقِ مِنَ الِاسْتِوَاءِ ، وَمِنَ الِاخْتِلَافِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ كَذَلِكَ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ إِذَا بِيعَا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، أَنْ يَكُونَا جَائِزَيْنِ ، وَأَنْ لَا يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يَعُودُ إِلَيْهِ الرُّطَبُ مِنْهَا بَعْدَ الْجُفُوفِ مِنَ النُّقْصَانِ عَنِ التَّمْرِ الْمَبِيعِ بِهِ ، وَأَجَازَتِ السُّنَّةُ أَيْضًا بَيْعَ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَالْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَالشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَهِيَ أَشْيَاءُ مِمَّا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِتَغَيُّرِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْجُفُوفِ وَالنُّقْصَانِ ، فَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى ذَلِكَ فِيهَا ، وَنُظِرَ إِلَى أَحْوَالِهَا الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا يَوْمَ يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَيْهَا ، لَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهَا ، مَعَ أَنَّ فِيَ فَسَادِ الْأَصْلِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الذَّاهِبُونَ إِلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ مَا يَقْطَعُ حَجَّتَهُمْ ، وَيَمْنَعُ مَا كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِهِ ، مِمَّا بَانَ عَلَيْهِمْ فَسَادُهُ ، كَمَا ذَكَرْنَا مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .