عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى "
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْغَنِيَّ ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا سُؤَالُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغِنَى ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَفْضِيلِهِ الْغَنِيَّ عَلَى الْفَقِيرِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْغِنَى الْمَذْكُورَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَ هُوَ الْغِنَى بِالْمَالِ ، وَكَيْفَ يُظَنُّ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو ذَرٍّ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، أَنَّهُ قَالَ : مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ أُحُدًا ذَهَبًا يَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ ، وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلَّا دِينَارًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ ، أَوْ أَقُولُ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا ، وَهَكَذَا ، وَهَكَذَا ، وَلَكِنَّ الْغِنَى الْمَذْكُورَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، غِنَى النَّفْسِ الْقَاطِعِ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يَقْطَعُ عَنْ طاعاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَشْغَلُ الْقُلُوبَ عَمَّا سِوَاهُ ، وَيَقْطَعُهُ عَنْهُ