عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، يَرْفَعُهُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ ، أَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحِلَتَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَارَى عَنِّي قَدْرَ مَا يَقْضِي الرَّجُلُ حَاجَتَهُ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ لِي : " أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ " ، قُلْتُ : نَعَمْ ، إِدَاوَةٌ أَوْ سَطِيحَةٌ فِيهَا مَاءٌ ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ شَامِيَّةٌ ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهَا ، فَضَاقَ كُمَّا الْجُبَّةِ ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ ، وَرُبَّمَا رَمَى بِالْجُبَّةِ عَنْ يَدَيْهِ ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، وَمَسَحَ عِمَامَتَهُ ، وَدَلَكَ النَّاصِيَةَ بِشَيْءٍ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ رَكِبْنَا فَأَدْرَكَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ ، وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً ، فَذَهَبْتُ لِأُوذِنَهُ ، فَنَهَانِي ، وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ رَكْعَةً ، وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا بِهَا "
كَمَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَابْنِ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، يَرْفَعُهُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ ، أَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَاحِلَتَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَارَى عَنِّي قَدْرَ مَا يَقْضِي الرَّجُلُ حَاجَتَهُ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ لِي : أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، إِدَاوَةٌ أَوْ سَطِيحَةٌ فِيهَا مَاءٌ ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ شَامِيَّةٌ ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهَا ، فَضَاقَ كُمَّا الْجُبَّةِ ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ ، وَرُبَّمَا رَمَى بِالْجُبَّةِ عَنْ يَدَيْهِ ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، وَمَسَحَ عِمَامَتَهُ ، وَدَلَكَ النَّاصِيَةَ بِشَيْءٍ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ رَكِبْنَا فَأَدْرَكَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ ، وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً ، فَذَهَبْتُ لِأُوذِنَهُ ، فَنَهَانِي ، وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ رَكْعَةً ، وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا بِهَا وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا فِي مَسِيرٍ ، فَقَرَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ظَهْرِي بِعَصًا كَانَتْ مَعَهُ ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا ثَنِيَّةً مِنَ الْأَرْضِ ، فَنَزَلَ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ قَالَ : وَمَعِي سَطِيحَةُ مَاءٍ ، فَأَفْرَغْتُ مِنْهَا عَلَى يَدَيْهِ ، فَغَسَلَهُمَا ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ ، فَأَدْرَكَنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، وَقَدْ أَمَّ النَّاسَ ، وَصَلَّى رَكْعَةً ، فَذَهَبْتُ لِأُوذِنَهُ ، فَمَنَعَنِي ، وَصَلَّيْنَا مَا أَدْرَكْنَا ، وَقَضَيْنَا مَا سُبِقْنَا . أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا فِيهَا قَامَ مَقَامَ الْمَأْمُومِ ، وَلَمْ يَتَجَاوَرْ إِلَى جَنْبِ الْإِمَامِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّ مَا كَانَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ جُلُوسِهِ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فِيهَا ، أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ فِيهَا ، وَمَا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ، عَنْ صَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي صَلَاةٍ أُخْرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةَ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ تِلْكَ الْأَيَّامَ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَانَ صَلَّى بِهِمْ صَلَوَاتٍ لَهَا عَدَدٌ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى بَعْضَهَا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ ، وَبَعْضَهَا بِأَبِي بَكْرٍ وَبِالنَّاسِ ، حَتَّى تَتَّفِقَ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَلِكَ ، وَلَا يُضَادَّ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِنَّ فِيمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ إِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَالِسًا وَالنَّاسُ قِيَامٌ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَزُفَرُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي إِجَازَةِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِلْقَائِمِينَ الَّذِينَ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ الَّذِي فِيهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَنِ الْقِيَامِ كَانَ الْبَدَلُ كَالْمُبْدَلِ مِنْهُ ، وَكَانَ فَاعِلُ الْبَدَلِ كَفَاعِلِ الْمُبْدَلِ ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لِأَهْلِهِ ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبَانِ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ لَا يَؤُمَّ قَاعِدٌ قَائِمًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ خَاصًّا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ ذَلِكَ سِوَاهُ . وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ شَيْئًا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَّا بِمَا يُوجِبُ لَهُ مِنْ تَوْقِيفٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ عَلَيْهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ