عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بُرْدٍ يُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بُرْدٍ يُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَالَ : فَكَانَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَأَنَسٍ هَذَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ مَأْمُومًا لَا إِمَامًا . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى بِنَا فِي الْآثَارِ إِذَا وَقَعَ مِثْلُ مَا وَقَعَ فِي هَذَا أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى الِاتِّفَاقِ ، وَأَنْ نَصْرِفَ وُجُوهَهَا إِلَى مَا احْتَمَلَتْ صَرْفَهَا إِلَيْهِ ، وَأَنْ لَا نَحْمِلَهَا عَلَى التَّضَادِّ وَالتَّبَايُنِ مَا وَجَدْنَا السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ تِلْكَ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِيهَا مُتَخَلِّفًا عَنِ الصَّلَاةِ لِمَرَضِهِ الْقَاطِعِ لَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْأَسْوَدِ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ عَلَى صَلَاةٍ كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ فِيهَا وَهُوَ الْإِمَامُ ، وَأَبُو بَكْرٍ مَأْمُومٌ . وَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثَيْ أَنَسٍ وَمَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَمَّا تَوَجَّهَ هَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَانَ صَلَّى لِلنَّاسِ جَالِسًا ، وَكَانُوا خَلْفَهُ قِيَامًا ، وَحَقَّقَ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ الْأَرْقَمِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِنْ أَخْذِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ حَدِيثٍ كَانَ انْتَهَى إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا وَهُوَ الْإِمَامُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ ، وَذَلِكَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ انْتَهَى إِلَيْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا إِمَامًا لَا مَأْمُومًا ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَتْ طَائِفَةٌ : يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً ، وَفِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جُلُوسَهُ كَانَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ ، وَكَانَ ذَلِكَ جُلُوسَ الْإِمَامِ لَا جُلُوسَ الْمَأْمُومِ ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَادَ بِهِ إِلَى يَمِينِهِ ، وَذَلِكَ مَقَامُ الْمَأْمُومِ لَا مَقَامُ الْإِمَامِ ، وَكَانَ مَعْقُولًا بِجُلُوسِهِ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ لَا خَلْفَهُ ، عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِمَامَةَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ لَا الِائْتِمَامَ فِيهَا ، وَلَوْ أَرَادَ الِائْتِمَامَ بِغَيْرِهِ لَجَلَسَ خَلْفَهُ كَمَا فَعَلَ فِي يَوْمَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، لَمَّا ذَهَبَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ