عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ لِبَشِيرٍ : " انْحَلِ ابْنِي غُلَامَكَ ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ : فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلْتَنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي ، وَقَالَتْ : أَشْهِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَهُ إِخْوَةٌ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَهُ ؟ " قَالَ : لَا ، قَالَ : " فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ ، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ "
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ، ح وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ لِبَشِيرٍ : انْحَلِ ابْنِي غُلَامَكَ ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلْتَنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي ، وَقَالَتْ : أَشْهِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَلَهُ إِخْوَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَهُ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ ، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارَ بَشِيرٍ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُؤَالَ امْرَأَتِهِ إِيَّاهُ مَا سَأَلْتُهُ أَنْ يَنْحَلَهُ ابْنَهَا ، وَإِشْهَادَهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِنَّمَا كَانَ لَهُ فِي اسْتِرْشَادٍ أَرْشَدَهُ ، لَا فِي عَطِيَّةٍ كَانَتْ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ هَذَا مِنْ جَابِرٍ أَوْلَى بِمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ لِمَوْضِعِ جَابِرٍ مِنَ السِّنِّ وَالْعِلْمِ ، وَجَلَالَةِ مِقْدَارِهِ فِيهِ ، وَلَأَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرًا لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الضَّبْطِ لِمَا سَمِعَهُ مِثْلَ مَا مَعَ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنِ النُّعْمَانِ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنًى يَدُلُّ عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ جَابِرٌ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ ، أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ : نَحَلَنِي أَبِي غُلَامًا ، ثُمَّ مَشَى بِي ، حَتَّى أَدْخَلْنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي غُلَامًا ، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي أَنْ أُجِيزَهُ لَهُ أَجَزْتُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، وَسُفْيَانَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ نُحْلَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَكُنْ نُحْلًا بَاتًّا ، وَأَنَّهُ كَانَ نُحْلًا مُنْتَظَرًا فِيهِ مَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِ مِنْ إِمْضَاءٍ لَهُ ، أَوْ مِنْ مَا سِوَى ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ فِي هَذَا ذِكْرُ نُحْلٍ ، لَا حَقِيقَةَ مَعَهُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِسَعَةِ لُغَةِ الْعَرَبِ ، وَلِأَنَّهُمْ قَدْ يُجِيزُونَ بِكَوْنِ الْأَشْيَاءِ لِقُرْبِ كَوْنِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ كَانَتْ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }} ، بِمَعْنَى : وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَمِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمُ الْمَأْمُورَ بِذَبْحِهِ مِنَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَبِيحًا ، لَيْسَ لِأَنَّهُ ذُبِحَ ، وَلَكِنْ لِقُرْبِهِ مِنَ الذَّبْحِ وَمَثَلُ هَذَا فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرٌ ، فَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ : أَنْ لَا اخْتِلَافَ فِيمَا رَوَى جَابِرٌ ، وَلَا فِيمَا رَوَى النُّعْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَعْدُ هَذَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي مِثْلِ هَذَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ ، وَإِنَاثِهِمْ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو يُوسُفَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِجْرَاؤُهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمَوَارِيثِ الَّتِي وَرَّثَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا أَمْوَالَ آبَائِهِمْ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَكَانَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ فِيهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ رُدَّ فِي هَذِهِ الْآثَارِ إِلَى مَعْنَى الْبِرِّ مِنَ الْأَوْلَادِ لِآبَائِهِمْ ، وَالَّذِي يُرَادُ مِنْ إِنَاثِهِمْ فِي ذَلِكَ ، كَالَّذِي يُرَادُ مِنْ ذُكْرَانِهِمْ ، وَلَمْ يَبِنْ لَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ لِلْوَالِدِ إِذَا وَهْبَ لِوَلَدِهِ هِبَةً تَمَّتْ مِنْهُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَالَفَ فِيهَا مَا أُمِرَ بِهِ فِي أَوْلَادِهِ ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا ، وَلَا أَنْ يُبْطِلَهَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ