أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ ، فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ ، فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْبَغْيِ وَالْفَخْرِ "
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ تَيْمِ قُرَيْشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ مِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ ، فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ ، فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْبَغْيِ وَالْفَخْرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ أَنَّ الْخُيَلَاءَ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ ، فَكَانَ اخْتِيَالُهُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ مَعْقُولًا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ ، وَأَنَّهُ مِمَّا يُرْعِبُ بِهِ عَدُوَّهُ الَّذِي حَضَرَ لِقِتَالِهِ ، وَمِمَّا يَزِيدُ مِنَ اقْتِدَارِهِ عَلَيْهِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِهِ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْخُيَلَاءِ عِنْدَ الْقِتَالِ كَانَ مِثْلَهُ الْخُيَلَاءُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يُعَارِضُهُ الشَّيْطَانُ ، فَيُلْقِي فِي قَلْبِهِ نَقْصَ مَالِهِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي يُحَاوِلُهَا ، وَيُخَوِّفُهُ الْفَقْرَ إِذَا كَانَتْ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا }} ، وَكَانَ إِذَا اخْتَالَ عِنْدَ صَدَقَتِهِ لِيُرِيَ بِذَلِكَ شَيْطَانَهُ قِلَّةَ اكْتِرَاثِهِ فِيمَا يُلْقِيهِ فِي قَلْبِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ بِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُصَغِّرُ شَيْطَانَهُ فِي نَفْسِهِ ، وَمِمَّا يَهِمُّ صَاحِبُ ذَلِكَ الْمَالِ بِمَا يَفْعَلُهُ فِيهِ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَاهِرًا لَهُ فِيهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ نَظِيرَ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُقَاتِلِ فِي الِاخْتِيَالِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عِنْدَهُ ، وَيَكُونُ حَمْدُهُ عَلَى ذَلِكَ كَحَمْدِ الْمُخْتَالِ عِنْدَ الْقِتَالِ فِي اخْتِيَالِهِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .