عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : {{ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكِمْ }} ، قَالَ : " مِنْ غَيْرِ أَهْلِ قِبْلَتِكُمْ ، كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ : {{ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ }} ؟ "
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، أَخْبَرَنَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : {{ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكِمْ }} ، قَالَ : مِنْ غَيْرِ أَهْلِ قِبْلَتِكُمْ ، كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ : {{ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ }} ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّا لَا نَدْفَعَ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، وَكَيْفَ نَدْفَعُ أَنْ يَكُونُوا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَصْحَابِهِ ، وَمَالِكٌ فِي أَصْحَابِهِ ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصْحَابِهِ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّهَا بِخِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَا ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ : {{ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ }} ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الْمُخَالِفِ بِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِالنَّسْخِ لِمَا قَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، وَعَمِلَ بِهِ رَسُولُهُ ، وَعَمِلَ بِهِ مَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ مَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَى ثُبُوتِهِ إِلَّا لَقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ فِيهِ ، فَأَمَّا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْحَسَنُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ : {{ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ }} مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَلِيلَ عِنْدَنَا فِيهِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ جَمِيعًا وَهُوَ مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَيَتَوَقَّوْنَهُ وَيَخَافُونَ نُزُولَ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : رَجُلٌ حَلَفَ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى سِلْعَةٍ أَنَّهُ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا كَاذِبًا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، فَإِذَا كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا ، بَقِيَ حُكْمُ الْآيَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مِثْلُهُ مِمَّا يُوجِبُ نَسْخَهَا ، وَقَدْ كَانَ الزُّهْرِيُّ ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّهَا مِمَّا قَدْ نُسِخَ الْعَمَلُ بِهِ .