عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : " قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ ، فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا ، فَقَدِمَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ ، صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا ، فَأَعْجَبَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَاخْتَرْنَاهُ "
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ ، فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا ، فَقَدِمَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ ، صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا ، فَأَعْجَبَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَاخْتَرْنَاهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ : وَكَانَ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا كَانَ يُصَلِّيهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الْمَسْجِدِ إِذْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْجُمُعَةِ ، وَكَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا عَلَى إِطْلَاقٍ لِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ أَوَّلًا ، ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ أَوَّلًا ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا الْأَرْبَعَ ، فَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا أَنْ نَجْعَلَ مَا كَانَ يُصَلِّيهِ أَوَّلًا مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ الْأَرْبَعَ ، ثُمَّ الرَّكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَ مِنْ شَكْلِ الْجُمُعَةِ ، وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنْ شَكْلِهَا ، وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الرَّكْعَتَيْنِ مُقَدَّمًا فِي الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ الْأَرْبَعِ مَانِعًا أَنْ يَكُونَ رَاوِي ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى الْأَرْبَعَ قَبْلَهُمَا ؛ لِأَنَّهُمْ عَرَبٌ ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَسْتَعْمِلُ هَذَا فِي كَلَامِهَا ، فَتَذْكُرُ الشَّيْئَيْنِ ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا عَلَى ذِكْرِ الْآخَرِ ، وَالْمُؤَخَّرُ مِنْهُمَا فِي الذِّكْرِ قَدْ كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْفِعْلِ عَلَى الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا فِي الذِّكْرِ ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }} ، فَذَكَرَ الرُّكُوعَ مُؤَخَّرًا وَهُوَ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُصَلِّيهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَفِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُصَلُّونَهَا قَبْلَهُمْ مُقَدَّمٌ عَلَى السُّجُودِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيِ الْمَوَارِيثِ : {{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }} ، وَ {{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }} ، وَ {{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ }} فَكَانَ ذِكْرُ الدَّيْنِ فِيهَا مُؤَخَّرًا عَلَى ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ ، وَكَانَ الْمُرَادَ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَمْنَعُ ذِكْرَ الرَّاوِي لِذَلِكَ عَنْهُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ ذِكْرِهِ الْأَرْبَعَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُ مُرَادَاتٍ أَنْ تَكُونَ مُقَدَّمَاتٍ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَهَا حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ الْآثَارُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَلَا يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَمِمَّا قَدْ وَكَّدَ تَقْدِيمَ الْأَرْبَعِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ