• 365
  • " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا "

    مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ ، قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ الْأَنْمَاطِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ وَكَانَ النَّوْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَوْمًا كَانَ مِنْ نَائِمِهِ تَضْيِيعُهُ فَرْضَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعِشَاءِ ، ثُمَّ خِلَافُهُ لِمَا كَرِهَهُ لَهُ نَبِيُّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَهَا الَّذِي كَانَ سَبَبًا لِتَضْيِيعِهَا ، وَلِتَرْكِ أَدَاءِ فَرْضِهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَدَاءَهُ فِيهِ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مُطِيعًا لِلشَّيْطَانِ فِيمَا يُرِيدُهُ مِنْهُ ، فَضَرَبَ عَلَى أُذُنَيْهِ بِذَلِكَ النَّوْمِ ، وَهُوَ مَا أُلْقِيَ فِيهِمَا مِنْ ثِقَلِ النَّوْمِ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مِثْلَ ذَلِكَ ضَرْبًا عَلَى الْأُذُنِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ الْكَهْفِ : {{ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا }} ، وَأُضِيفَ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِهِ إِلَى الشَّيْطَانِ ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَرْضَاهُ الشَّيْطَانُ مِنْهُ ، وَذَكَرَ فِيهِ بَوْلَ الشَّيْطَانِ فِي أُذُنِهِ ، أَيْ : فَعَلَ بِهِ أَقْبَحَ مَا يُفْعَلُ بِالنُّوَّامِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَوْلِ مِنْهُ فِي أُذُنِهِ ، وَلَكِنْ عَلَى الْمَثَلِ وَالِاسْتِعَارَةِ فِي الْمَعْنَى كَمَثَلِ مَا قَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ عَقْدِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَأْسِ مَنْ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ ثَلَاثَ عُقَدٍ مِنَ الْعُقَدِ الَّتِي يَعْقِدُ بِهَا بَنُو آدَمَ ، وَلَكِنْ مَثَلًا لَهَا وَاسْتِعَارَةً لِمَعْنَاهَا ، لِأَنَّ الْعُقَدَ الَّتِي يَعْقِدُهَا بَنُو آدَمَ تَمْنَعُ مَنْ يَعْقِدُونَهُ بِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ لِمَا يُحَاوِلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ ، فَكَانَ مِثْلُهُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِلنَّائِمِ الَّذِي لَا يَقُومُ مِنْ نَوْمِهِ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ النُّوَّامُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنَ الصَّلَاةِ لَهُ ، فَهَذَا أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا مِمَّا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْحَدِيثُ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ رَسُولُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ