عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " " إنَّ لِلْقُرَشِيِّ مِثْلَيْ قُوَّةِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ " "
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْأَزْدِيُّ الْجِيزِيُّ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إنَّ لِلْقُرَشِيِّ مِثْلَيْ قُوَّةِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ . قَالَ : ابْنُ شِهَابٍ : مَا يُرَادُ بِذَلِكَ إِلَّا نُبْلُ الرَّأْيِ . قَالَ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا فَكَانَ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ عَلَى الْقُرَشِيِّ ذِي الرَّأْيِ لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الرَّأْيِ , وَإِنْ كَانَ قُرَشِيًّا ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا وُصِفَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمٍ ذَوِي عَدَدٍ جَازَ أَنْ تُضَافَ الصِّفَةُ إلَى أُولَئِكَ الْقَوْمِ جَمِيعًا , وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ خَاصًّا مِنْهُمْ . وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ }} . يُرِيدُ بِهِ قَوْمَهُ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ ، الْمُؤْمِنِينَ لَهُ ، دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمُخَالِفِينَ لَهُ , الْكَافِرِينَ بِهِ . وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْضًا لِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ }} . يُرِيدُ بِهِ قَوْمَهُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُ , الْمُخَالِفِينَ عَلَيْهِ دُونَ قَوْمِهِ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ , الْمُؤْمِنِينَ بِهِ . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قُنُوتِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ دُعَائِهِ عَلَى مُضَرَ : وَاشْدُدْ وَطْأَتَكَ يُرِيدُ مُضَرَ الْمُخَالِفَةَ عَلَيْهِ ، لَا مُضَرَ الْمُتَّبِعَةَ لَهُ ، وَهَذَا وَاسِعٌ فِي الْكَلَامِ . وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَوْضِعٌ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَاتِهِمْ إيَّاهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ }} فَقِرَاءَةُ عَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ فِيمَا أَجَازَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ {{ أَنْصَارَ اللَّهِ }} ، وَقِرَاءَةُ أَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ وَنَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو ( أَنْصَارًا لِلَّهِ ) بِالتَّنْوِينِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ : وَهُوَ عِنْدَنَا {{ أَنْصَارَ اللَّهِ }} بِالْإِضَافَةِ ، لَا بِالتَّنْوِينِ ، لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ , وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ }} وَلَمْ يَقُلْ : أَنْصَارًا لِلَّهِ . وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : اخْتَلَفَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَا قَدْ حَكَيْنَا عَنْهُ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيٌّ عَنْهُ ، وَقَالَ الْمَكِّيُّ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَنَافِعٍ فِيهَا . قَالَ : ثُمَّ احْتَجَّ الْمَكِّيُّ فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ : إذَا قَرَأْنَاهَا {{ أَنْصَارَ اللَّهِ }} بِالْإِضَافَةِ نَفَيْنَا بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْصَارٌ سِوَاهُمْ ، فَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : إنَّهُ جَائِزٌ فِي الشَّيْءِ إذَا كَثُرَ أَنْ يُضَافَ إلَى كُلِّهِ مَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِ فَجَازَ بِذَلِكَ إنْ قِيلَ لِبَعْضِ النَّاصِرِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إنَّهُمْ نَاصِرُو اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ بَعْضُ نَاصِرِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ عَنْ إعَادَتِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَيَثْبُتَ بِمَا ذَكَرْنَا الِاخْتِيَارَ لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ