سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : اخْتَصَمَ قَوْمٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا , فَأَسْرَعَ الْفَرِيقَانِ فِي الْيَمِينِ فَأَمَرَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : اخْتَصَمَ قَوْمٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا , فَأَسْرَعَ الْفَرِيقَانِ فِي الْيَمِينِ فَأَمَرَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ , فَكَانَ الَّذِي بَانَ لَنَا مِنْ وَجْهِهِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَيْنِكَ الْخَصْمَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مُدَّعِيًا عَلَى صَاحِبِهِ تُوجِبُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فِيهَا فَتَكَافَآ فِي ذَلِكَ , فَلَمْ يُقَدِّمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي أَخْذِ الْيَمِينِ لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ عَلَى صَاحِبِهِ كَرَاهَةَ الْمَيْلِ إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ; لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ التَّعْدِيلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَتَرْكَ الْمَيْلِ إِلَى أَحَدِهِمَا بِمَعْنَى لَا يَمِيلُ بِهِ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا فَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى الْإِقْرَاعِ بَيْنَهُمَا ; لِتَكُونَ أُمُورُهُمَا تَجْرِي عَلَى مَا يَكُونُ عَنْ تِلْكَ الْقُرْعَةِ مِمَّا يُوجِبُ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي أَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ كَمِثْلِ مَا كَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ فِي أَزْوَاجِهِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا فِي الْإِقْرَاعِ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ , وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَمَرَ بِهِ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَمَرَهُمَا بِالْقِسْمَةِ بِالِاسْتِهَامِ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا , وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْحُكَّامِ فِيمَا يَسْتَعْمِلُونَهُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فِي تَقَدُّمِهِمْ إِلَيْهِمْ فِي خُصُومَاتِهِمْ عِنْدَهُمْ إِذَا احْتَاجُوا إِلَى أَنْ يُقَدِّمُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِمْ مَعًا أَنْ يُقْرِعُوا بَيْنَهُمْ فِيهِ , ثُمَّ يُقَدِّمُونَ مَنْ قَرَعَ عَلَى سِوَاهُ مِنْهُمْ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الْقُلُوبِ مَيْلُهُمْ إِلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَاللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ