جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : عِنْدِي مِيرَاثُ رَجُلٍ مِنَ الْأَزْدِ ، لَا أَجِدُ أَزْدِيًّا أَدْفَعُهُ إلَيْهِ . قَالَ : " تَرَبَّصْ بِهِ حَوْلًا " . قَالَ : فَفَعَلَ ، ثُمَّ أَتَاهُ ، فَقَالَ : " اذْهَبْ فَادْفَعْهُ إِلَى أَكْبَرِ خُزَاعَةَ "
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : عِنْدِي مِيرَاثُ رَجُلٍ مِنَ الْأَزْدِ ، لَا أَجِدُ أَزْدِيًّا أَدْفَعُهُ إلَيْهِ . قَالَ : تَرَبَّصْ بِهِ حَوْلًا . قَالَ : فَفَعَلَ ، ثُمَّ أَتَاهُ ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَادْفَعْهُ إِلَى أَكْبَرِ خُزَاعَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ الَّذِي سَأَلَهُ عَمَّنْ سَأَلَهُ عَنْهُ فِيهِ مِنَ ابْتِغَاءِ أَزْدِيٍّ حَوْلًا قَدْ أَمَرَ فِي ذَلِكَ كَمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي اللُّقَطَةِ ، وَفِي ابْتِغَاءِ صَاحِبِهَا حَوْلًا ، ثُمَّ تُصْرَفُ فِيمَا يَجِبُ صَرْفُهَا فِيهِ بَعْدَ الْحَوْلِ ، فَجَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا أَمَرَ بِهِ السَّائِلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا مِنْ طَلَبِ أَزْدِيٍّ حَوْلًا ، وَمِنْ رَدِّ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ إِنْ لَمْ يَجِدْهُ حَتَّى يَمْضِيَ الْحَوْلُ إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْ خُزَاعَةَ ؛ لِأَنَّهُمْ مِنَ الْأَزْدِ ، وَإِنَّمَا انْخَزَعُوا مِنْهُمْ لَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْيَمَنِ فَصَارُوا إِلَى مَكَّةَ ، وَهُمْ بَنُو مَازِنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ ، فَحَالَفُوا بِمَكَّةَ مَنْ حَالَفُوهُ بِهَا ، فَصَارُوا بِذَلِكَ حُلَفَاءَ بَنِي هَاشِمٍ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ عَدَمِ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ عِنْدَهُ وُجُودَ أَزْدِيٍّ يَسْتَحِقُّهُ حَتَّى يَطْلُبَهُ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَالْأَنْصَارُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُمْ مِنَ الْأَزْدِ ، وَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى مِنْ خُزَاعَةَ ؛ لِأَنَّ خُزَاعَةَ لَمَّا انْخَزَعَتْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ، وَهِيَ مِنْ بَطْنٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْأَزْدِ ، وَمَنْ سِوَاهَا مِنَ الْأَزْدِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ ، فَنُسِبَتْ هِيَ إِلَى مَا نُسِبَتْ إلَيْهِ ، وَبَانَتْ بِذَلِكَ مِنَ الْأَزْدِ ، وَبَقِيَ مَنْ سِوَاهَا مِنْ بُطُونِ الْأَزْدِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ النِّسْبَةِ إِلَى الْأَزْدِ ، كَمَا قَدْ بَانَتْ أَفْخَاذُ قُرَيْشٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَا هِيَ مِنْ أَفْخَاذِ قُرَيْشٍ ، فَقِيلَ الْهَاشِمِيُّونَ لِلْهَاشِمِيِّينَ ، وَالْعَبْشَمِيُّونَ لِعَبْدِ شَمْسٍ ، حَتَّى قِيلَ فِي بُطُونِ قُرَيْشٍ كَذَلِكَ وَقُرَيْشٌ تَجْمَعُهَا كُلَّهَا ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَقَبْلَ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ ، وَمِمَّا يُقَرِّبُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْقُلُوبِ أَنَّ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُوَ بُرَيْدَةَ بْنُ الْحُصَيْبِ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ ، وَأَسْلَمُ مِنْ خُزَاعَةَ ، إسْلَامُ أَسْلَمَ وَإسْلَامُ خُزَاعَةَ كَانَ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَكَّةَ . فَكَانَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ ، وَجَوَابُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِيهِ ، وَلَا أَنْصَارَ حِينَئِذٍ وَلَا أَحَدَ أَقْعَدُ حِينَئِذٍ بِالْأَزْدِ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى إِلَّا خُزَاعَةُ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّنْ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِيرَاثَهُ إِلَى الْأَقْعَدِ مِنْ مُسْلِمِي خُزَاعَةَ . وَقَدْ رَوَى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ جِبْرِيلَ بْنِ أَحْمَرَ ، فَخَالَفَ فِيهِ مُوسَى بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيَّ ، وَعَبَّادَ بْنَ الْعَوَّامِ