عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِفِنْحَاصَ , وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَأَحْبَارِهِمْ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَسْلِمْ , فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , جَاءَكُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ , تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عَنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , فَقَالَ فِنْحَاصُ : يَا أَبَا بَكْرٍ , وَاللَّهِ مَا بِنَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَقْرٍ , وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَيَفْتَقِرُ , وَمَا نَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّعُ إِلَيْنَا , وَإِنَّا عَنْهُ لَأَغْنِيَاءُ , وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا لَمَا اسْتَقْرَضَنَا أَمْوَالَنَا كَمَا يَزْعُمُ صَاحِبُكُمْ , يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعْطِينَاهُ , وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا , فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصَ , فَأَخْبَرَ فِنْحَاصُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : " مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ " فَأَخْبَرَهُ , فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ وَقَالَ : مَا قُلْتُ ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ }} الْآيَةَ , إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ عَذَابَ الْحَرِيقِ }} , وَأَنْزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا بَلَغَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغَضَبِ : {{ وَلَتَسْمَعُنْ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }} وَقَالَ فِي مَا قَالَ فِنْحَاصُ وَأَحْبَارٌ مِنَ الْيَهُودِ مَعَهُ : {{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ }} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ عَذَابٌ أَلِيمٌ }} , يَعْنِي فِنْحَاصَ , وَأَشْبَعَ وَأَشْبَاهَهُمَا مِنَ الْأَحْبَارِ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا يُصِيبُونَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَا زَيَّنُوا لِلنَّاسِ مِنَ الضَّلَالَةِ , وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا , وَلِيَقُولَ النَّاسُ : لَهُمْ عِلْمٌ , وَلَيْسُوا بِأَهْلِ عِلْمٍ , لَمْ يَحْمِلُوهُمْ عَلَى هُدًى وَلَا عَلَى خَيْرٍ , وَيُحِبُّونَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ : قَدْ فَعَلُوا , وَلَمْ يَفْعَلُوا
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ , مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِفِنْحَاصَ , وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَأَحْبَارِهِمْ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَسْلِمْ , فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , جَاءَكُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ , تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عَنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , فَقَالَ فِنْحَاصُ : يَا أَبَا بَكْرٍ , وَاللَّهِ مَا بِنَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَقْرٍ , وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَيَفْتَقِرُ , وَمَا نَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّعُ إِلَيْنَا , وَإِنَّا عَنْهُ لَأَغْنِيَاءُ , وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا لَمَا اسْتَقْرَضَنَا أَمْوَالَنَا كَمَا يَزْعُمُ صَاحِبُكُمْ , يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعْطِينَاهُ , وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا , فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصَ , فَأَخْبَرَ فِنْحَاصُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ فَأَخْبَرَهُ , فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ وَقَالَ : مَا قُلْتُ ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ }} الْآيَةَ , إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ عَذَابَ الْحَرِيقِ }} , وَأَنْزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا بَلَغَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغَضَبِ : {{ وَلَتَسْمَعُنْ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }} وَقَالَ فِي مَا قَالَ فِنْحَاصُ وَأَحْبَارٌ مِنَ الْيَهُودِ مَعَهُ : {{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ }} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ عَذَابٌ أَلِيمٌ }} , يَعْنِي فِنْحَاصَ , وَأَشْبَعَ وَأَشْبَاهَهُمَا مِنَ الْأَحْبَارِ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا يُصِيبُونَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَا زَيَّنُوا لِلنَّاسِ مِنَ الضَّلَالَةِ , وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا , وَلِيَقُولَ النَّاسُ : لَهُمْ عِلْمٌ , وَلَيْسُوا بِأَهْلِ عِلْمٍ , لَمْ يَحْمِلُوهُمْ عَلَى هُدًى وَلَا عَلَى خَيْرٍ , وَيُحِبُّونَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ : قَدْ فَعَلُوا , وَلَمْ يَفْعَلُوا فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَضَادٌّ شَدِيدٌ ؛ لِأَنَّ فِيهَا عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَزْوِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُخَلِّفْهُمْ عَنْهُ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُ فِي غَزْوِهِ إِلَّا السَّقَمُ وَالشُّغْلُ ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ , وَأَنَّ الْمُرَادِينَ بِهَا أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخِلَافِ مَا فِي كِتَابِهِمْ حِينَ سَأَلَهُمْ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِخِلَافِهِ , وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنْ لَا تَضَادَّ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا قَدْ كَانَا , فَكَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا ذَكَرَهُ رَافِعٌ وَأَبُو سَعِيدٍ , وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي مَا كَانَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا , فَعَلِمَ رَافِعٌ وَأَبُو سَعِيدٍ مَا نَزَلَتْ فِيهِ مِمَّا كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ , وَعَلِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا نَزَلَتْ فِيهِ مِمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ , وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَا عَلِمَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ مَا نَزَلَتْ فِيهِ , فَحَدَّثَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِمَا عَلِمَ بِهِ مِمَّا كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ مِنَ السَّبَبَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ نُزُولُهَا فِيهِمَا , وَكَانَ نُزُولُهَا فِي الْحَقِيقَةِ فِي السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا لَا فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ , فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِنْ لَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَضَادٌّ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ