سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لِيَسْتَأْذِنِ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيهِ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ "
أَنَّ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيِّ , عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , قَالَ : جِئْتُ بَابَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ ؟ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ أَبُو مُوسَى ؟ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ ؟ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ فَانْتَبَهَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : عَلَيَّ أَبَا مُوسَى فَأَتَى ، فَقَالَ : أَنَّى ذَهَبْتَ ؟ فَقُلْتُ : اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لِيَسْتَأْذِنِ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيهِ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ قَالَ : لِتَجِئْنِي عَلَى مَا قُلْتَ بِشَاهِدٍ أَوْ لَيَنَالَنَّكَ مِنِّي عُقُوبَةٌ , قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَجَاءَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا أَبَا الطُّفَيْلِ سَمِعْتَ مَا قَالَ أَبُو مُوسَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَكُونَ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَبَا مُوسَى قَدْ كَانَ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ وَنَحْنُ نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ رَأْيًا وَلَا اسْتِنْبَاطًا وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ تَوْقِيفًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إيَّاهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلَا اسْتِنْبَاطًا ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ , وَالتَّوْقِيفُ فَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُوجَدُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا }} وَالِاسْتِئْنَاسُ هَاهُنَا هُوَ الِاسْتِئْذَانُ كَذَلِكَ هُوَ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ مَوْجُودٌ فِيهَا إلَى الْآنَ ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ فَقَالَ : تَقُولُ الْعَرَبُ : اسْتَأْنِسْ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى فِي الدَّارِ أَحَدًا بِمَعْنَى اسْتَأْذِنْ هَلْ تَرَى فِي الدَّارِ أَحَدًا فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا تَقْدِيمُ الِاسْتِئْنَاسِ عَلَى السَّلَامِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى تَقْدِيمُ السَّلَامِ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عِنْدَهُمْ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمِثْلِ مَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ }} عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَكَمِثْلِ مَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكَ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }} عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ فِي الصَّلَوَاتِ قَبْلَ السُّجُودِ فِيهَا وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ كَلَدَةَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَيْرِ إذْنٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اخْرُجْ أَوِ ارْجِعْ ثُمَّ قُلِ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الِاسْتِئْنَاسِ