سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَ بِقَتْلِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ بِمَكَّةَ يَقُولُ : " لَا تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ أَبَدًا , وَلَا يُقْتَلُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا بَعْدَ الْعَامِ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنِي شُعْبَةُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ , عَنْ أَبِيهِ , وَكَانَ اسْمُهُ الْعَاصِيَ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُطِيعًا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ أَمَرَ بِقَتْلِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ بِمَكَّةَ يَقُولُ : لَا تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ أَبَدًا , وَلَا يُقْتَلُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا بَعْدَ الْعَامِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا لَمْ يَذْكُرْ لَنَا فِيهِ مَنْ رَوَى لَنَا هَذَا الْحَدِيثَ لَفْظَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِ مُعْرَبًا ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الْإِشْكَالُ ; لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ بِالْحَرَمِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْأَمْرِ ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ لِأَحْكَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ; لِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الْقُرَشِيَّ يُقْتَلُ قَوَدًا إذَا قَتَلَ عَمْدًا ، وَأَنَّهُ يُرْجَمُ إذَا زَنَى مُحْصَنًا وَحَاشَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ الْحَرْفِ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا يُقْتَلُ مَرْفُوعًا فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْخَبَرِ كَمِثْلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُلْدَغُ مُؤْمِنٌ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَأَتَيْنَا فِي ذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ أَنَّهُ عَلَى الْخَبَرِ لَا عَلَى الْأَمْرِ فَغَنِينَا بِذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ قُتِلُوا فِي الْإِسْلَامِ صَبْرًا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا خُلْفَ لِقَوْلِهِ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مُرَادَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَ الْعَامِ صَبْرًا إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ قُرَشِيٌّ صَبْرًا عَلَى مَا أَبَاحَ مِنْ قَتْلِ الْأَرْبَعَةِ الْقُرَشِيِّينَ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ عَلَيْهِ عَامَئِذٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَتْلًا عَلَى مُحَارَبَةٍ , قُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فِيهَا عَلَى الْكُفْرِ ، وَذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَامَئِذٍ فِي قُرَشِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ عَادَ كَافِرًا مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي دَارِ كُفْرٍ إلَى يَوْمِنَا هَذَا , وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ رُسُلَهُ وَمِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَكَّةَ