عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ فَلَمْ يَجْمَعْهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا وَضَرَبَ زَوْجَهَا ، فَقَالَتِ : اتَّقِ اللَّهَ فِيَّ يَا عُمَرُ إنْ كُنْتُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاضْرِبْ عَلَيَّ الْحِجَابَ ، وَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا تُعْطِيهُنَّ قَالَ : " أَمَّا هُنَاكَ فَلَا " قَالَتْ : فَدَعْنِي أَنْكِحُ ، قَالَ : " لَا وَلَا نِعْمَةَ وَلَا أُطْمِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا "
كَمَا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ فَلَمْ يَجْمَعْهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا وَضَرَبَ زَوْجَهَا ، فَقَالَتِ : اتَّقِ اللَّهَ فِيَّ يَا عُمَرُ إنْ كُنْتُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاضْرِبْ عَلَيَّ الْحِجَابَ ، وَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا تُعْطِيهُنَّ قَالَ : أَمَّا هُنَاكَ فَلَا قَالَتْ : فَدَعْنِي أَنْكِحُ ، قَالَ : لَا وَلَا نِعْمَةَ وَلَا أُطْمِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَدْ مَنَعَهَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ أَخْرَجَهَا بِهِ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُوَ ارْتِدَادُهَا عَنَ الْإِسْلَامِ لَا مَا سِوَاهُ مِنَ الدُّخُولِ بِهَا وَالتَّخَيُّرِ لَهَا ؛ لِأَنَّ ارْتِدَادَهَا كَانَ عَنَ الْإِسْلَامِ مِنْ فِعْلِهَا , وَالتَّخَيُّرَ لَهَا وَالدُّخُولَ بِهَا لَمْ يَكُونَا مِنْ فِعْلِهَا ، وَأَنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَهَا بِفِعْلِهَا لَا بِمَا سِوَاهُ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي أَمْرِ عِكْرِمَةَ إلَّا فِي الْقَتْلِ خَاصَّةً لَا فِيمَا سِوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ عَدَّ ذَلِكَ شُبْهَةً دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَعَذَرَهُ بِهَا وَدَفَعَ عَنْهُ الْقَتْلَ مِنْ أَجْلِهَا لَا أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُقِرَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ عِنْدَهُ وَتَكُونَ زَوْجَةً لَهُ ؛ وَلِذَلِكَ وَجْهٌ مِنَ الْعِلْمِ جَلِيلٌ وَهُوَ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ قَدْ كَانَتْ قَبْلَ ارْتِدَادِهَا عَنَ الْإِسْلَامِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْتَحِقَّةً لِلْأَسْبَابِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا أَزْوَاجُهُ فِي حَيَاتِهِ ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى أَخْرَجَتْ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ بِرِدَّتِهَا عَنَ الْإِسْلَامِ إلَى مَا سِوَاهُ فَبَطَلَتْ بِذَلِكَ حُقُوقُهَا فِيمَا حَاجَّتْ بِهِ عُمَرَ وَلَمْ تَبْطُلْ عَنْهَا الْحُقُوقُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ تَرْكِ التَّزْوِيجِ ، لِغَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَهُ ، كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَنْشُزُ مِنْ زَوْجِهَا فَتَبْطُلُ حُقُوقُهَا مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا بِالتَّزْوِيجِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، وَكَذَلِكَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ قَدْ كَانَ لَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا حُقُوقٌ وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا بِهِ حُقُوقٌ ، فَلَمَّا كَانَتْ مِنْهَا الرِّدَّةُ بَطَلَتْ عَنْهُ بِهَا حُقُوقُهَا عَلَيْهِ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حَجْبِهَا عَنَ النَّاسِ ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ، وَبَقِيَتْ حُقُوقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ ، وَمِنْهَا أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى النَّاسِ سِوَاهُ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا النَّاشِزَ إذَا رَجَعَتْ عَنْ نُشُوزِهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ رَجَعَتْ إلَى حُقُوقِهَا قِبَلَ زَوْجِهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا عَلَيْهِ ، وَالْكِنْدِيَّةُ الَّتِي قَدْ ذُكِرَتْ قَدْ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ عِكْرِمَةَ قَدْ كَانَ مُسْلِمًا ، وَلَوْ كَانَتْ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْإِسْلَامِ لَمَا طَلَبَ تَزَوُّجَهَا ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ ، فَلِمَ لَا رَجَعَتْ إلَى اسْتِحْقَاقِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَجْبِهِنَّ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ ، وَعَوْنِهِ أَنَّ النَّاشِزَ إذَا عَادَتْ غَيْرَ نَاشِزٍ اسْتَحَقَّتْ عَلَى زَوْجِهَا مَا ذَكَرْتَ ، وَلَمْ تَكُنِ الْكِنْدِيَّةُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْهَا الِارْتِدَادُ عَنَ الْإِسْلَامِ كَانَتْ فِي حَالِهَا تِلْكَ مِمَّنْ قَدْ مَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى دُخُولَ الْجَنَّةِ ، وَلَمْ يَصْلُحْ لَهَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا ، وَحُقُوقُ الْأُمُومَةِ لَا تَرْجِعُ بَعْدَ زَوَالِهَا ، وَإِذَا لَمْ تَرْجِعْ بَعْدَ زَوَالِهَا لَمْ تَرْجِعِ الْكِنْدِيَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ إلَى أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا ، وَإِذَا لَمْ تَرْجِعْ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا لَمْ تَسْتَحِقَّ فِي أَمْوَالِهِمْ نَفَقَةً كَمَا يَسْتَحِقُّ مِثْلَهَا سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، بِأُمُومَتِهِنَّ إيَّاهُمْ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ