عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ }} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ , لَهَا النِّصْفُ , وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ }} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ , لَهَا النِّصْفُ , وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : بَلْ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ , وَمَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ , لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الِابْنَةِ غَيْرُ الْأُخْتِ , كَانَ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ , وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرُوا , عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , لَيْسَ مَعْنَاهُ , عِنْدَنَا , عَلَى مَا حَمَلُوهُ عَلَيْهِ . وَلَكِنْ مَعْنَاهُ , عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدَ السِّهَامِ , فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ كَعَمَّةٍ وَعَمٍّ , فَالْبَاقِي لِلْعَمِّ , دُونَ الْعَمَّةِ , ; لِأَنَّهُمَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ , مُتَسَاوِيَانِ فِي النَّسَبِ , وَفَضْلُ الْعَمِّ عَلَى الْعَمَّةِ فِي ذَلِكَ , بِأَنْ كَانَ ذَكَرًا . فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ , فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَلَيْسَ الْأُخْتُ مَعَ أَخِيهَا , بِدَاخِلَيْنِ فِي ذَلِكَ . وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا , مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ , وَابْنِ ابْنٍ , أَنَّ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ , وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ , وَابْنَةِ الِابْنِ , لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ , وَلَمْ يَجْعَلُوا مَا بَقِيَ , بَعْدَ نَصِيبِ الِابْنَةِ , لِابْنِ الِابْنِ خَاصَّةً , دُونَ ابْنَةِ الِابْنِ . وَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ , فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ عَلَى ذَلِكَ , إِنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِهِ . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا خَارِجٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِهِمْ , وَثَبَتَ أَنَّ الْعَمَّ وَالْعَمَّةَ , دَاخِلَانِ فِي ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ , إِذْ جَعَلُوا مَا بَقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الِابْنَةِ لِلْعَمِّ , دُونَ الْعَمَّةِ . ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ , فَقَالَ قَوْمٌ : هُمَا كَالْعَمَّةِ مَعَ الْعَمِّ , وَقَالَ آخَرُونَ : هُمَا كَابْنِ الِابْنِ وَابْنَةِ الِابْنِ . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ; لِنَعْطِفَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ , عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ . فَرَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ , أَنَّ ابْنَ الِابْنِ وَابْنَةَ الِابْنِ , لَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا , كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا , لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . فَإِذَا كَانَ مَعَهُمَا ابْنَةٌ , كَانَ لَهَا النِّصْفُ , وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ النِّصْفِ بَيْنَ ابْنِ الِابْنِ , وَابْنَةِ الِابْنِ , عَلَى مِثْلِ مَا يَكُونُ لَهُمَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ , لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا ابْنَةٌ . وَكَانَ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ , لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا ابْنَةٌ , كَانَ الْمَالُ بِاتِّفَاقِهِمْ , لِلْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ . فَإِذَا كَانَتْ هُنَاكَ ابْنَةٌ , كَانَ لَهَا النِّصْفُ , وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ , فَهُوَ لِلْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ . فَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الِابْنَةِ , لِلَّذِي كَانَ يَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْمَالِ , لَوْ لَمْ يَكُنِ ابْنَةٌ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ , لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا ابْنَةٌ , كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا , لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا كَذَلِكَ , إِذَا كَانَتْ مَعَهُمَا ابْنَةٌ , فَوَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَالِ , لِحَقِّ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا , وَأَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ النِّصْفِ , بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ , كَمَا كَانَ يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعُ الْمَالِ , لَوْ لَمْ يَكُنِ ابْنَةٌ , قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا .