قَالَ : أَوْصَيْتُ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ : " مَا كُنْتُ لِأَقْبَلَ وَصِيَّةَ رَجُلٍ لَهُ وَلَدٌ يُوصِي بِالثُّلُثِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ : ثنا حَمَّادٌ ، قَالَ : أنا حُمَيْدٌ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَوْصَيْتُ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ : مَا كُنْتُ لِأَقْبَلَ وَصِيَّةَ رَجُلٍ لَهُ وَلَدٌ يُوصِي بِالثُّلُثِ فَمِنَ الْحُجَّةِ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ , لَوْ كَانَتْ جَوْرًا إِذًا , لَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ , عَلَى سَعْدٍ , وَلَقَالَ لَهُ : أَقْصِرْ عَنِ الثُّلُثِ , فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ , كَانَ قَدْ أَبَاحَهُ إِيَّاهُ . وَفِي ذَلِكَ ثُبُوتُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّاسُ بَعْدَ هَذَا فِي هِبَاتِ الْمَرِيضِ وَصَدَقَاتِهِ , إِذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ . فَقَالَ قَوْمٌ , وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ : هِيَ مِنَ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا , وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ , كَأَفْعَالِهِ , وَهُوَ صَحِيحٌ , وَهَذَا قَوْلٌ , لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ , قَالَهُ . وَقَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ , مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : نَحَلَنِي أَبُو بَكْرٍ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ , بِالْعَالِيَةِ . فَلَمَّا مَرِضَ , قَالَ لِي : إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكَ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي بِالْعَالِيَةِ , فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَحُزْتِيهِ , كَانَ لَكَ , وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ , فَاقْتَسِمُوهُ بَيْنَكُمْ , عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . فَأَخْبَرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا لَوْ قَبَضَتْ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ تَمَّ لَهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ قَبْضَهُ فِي الْمَرَضِ قَبْضًا تَتِمُّ لَهَا بِهِ مِلْكُهُ , وَجَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ , كَمَا لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهَا , وَلَمْ تُنْكِرْ ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَلَا سَائِرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُمْ جَمِيعًا فِيهِ , كَانَ مِثْلَ مَذْهَبِهِ . فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحُجَّةِ , لِقَوْلِهِمِ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ , إِلَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَرْكِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْإِنْكَارِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَكَانَ فِيهِ أَعْظَمُ الْحُجَّةِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا