عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي , فَلَا يَكْتَنِ بِكُنْيَتِي , وَمَنِ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي , فَلَا يَتَسَمَّ بِاسْمِي "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي , فَلَا يَكْتَنِ بِكُنْيَتِي , وَمَنِ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي , فَلَا يَتَسَمَّ بِاسْمِي قَالُوا : فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ كُنْيَتِهِ مَعَ اسْمِهِ . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ إِبَاحَةُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ , إِذَا لَمْ يَتَسَمَّ مَعَهَا بِاسْمِهِ . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَصَدَ بِنَهْيِهِ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْكُنْيَةِ وَالِاسْمِ , وَأَبَاحَ إِفْرَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , ثُمَّ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ , فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِيمَا كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ فِي ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا جَعَلَ مَا قُلْتَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ نَهَى عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ , ثُمَّ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ , وَكَانَ ذَلِكَ إِبَاحَةً لِبَعْضِ مَا كَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ نَهْيُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ؟ . قِيلَ لَهُ لِأَنَّ نَهْيَهُ عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا ذَكَرْنَا مَعَهُ مِنَ الْآثَارِ , لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ . إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا لِلْمَقْصُودِ فِيهِ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْ ذَلِكَ . فَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ , فَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ , غَيْرُ نَاسِخٍ لَهُ , وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا لَهُ , فَقَدْ كَانَ ثَابِتًا ثُمَّ رُوِيَ هَذَا بَعْدَهُ فَنَسَخَهُ . فَلَمَّا احْتَمَلَ مَا قُصِدَ فِيهِ إِلَى النَّهْيِ عَنِ الْكُنْيَةِ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا , بَعْدَ عِلْمِنَا بِثُبُوتِهِ كَانَ عِنْدَنَا عَلَى أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ , وَعَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ , حَتَّى نَعْلَمَ يَقِينًا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ , مِنْ طَرِيقِ مَعَانِي الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَقَدْ رَأَيْنَا الْمَلَائِكَةَ , لَا بَأْسَ أَنْ يَتَسَمَّوْا بِأَسْمَائِهِمْ , وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ , غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَسَمَّى بِأَسْمَائِهِمْ , وَيُكْنَى بِكُنَاهُمْ , وَيُجْمَعَ بَيْنَ اسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكُنْيَتِهِ . فَهَذَا نَبِيُّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا بَأْسَ أَنْ يُتَسَمَّى بِاسْمِهِ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُتَكَنَّى بِكُنْيَتِهِ , وَأَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , غَيْرَ أَنَّ اتِّبَاعَ مَا قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوْلَى . فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا