فَقَالَ " اشْرَبَا , وَلَا تَشْرَبَا مُسْكِرًا "
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ , قَالَ : أنا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَا وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ . فَقُلْتُ : إِنَّكَ بَعَثْتَنَا إِلَى أَرْضٍ كَثِيرٌ شَرَابُ أَهْلِهَا , فَقَالَ اشْرَبَا , وَلَا تَشْرَبَا مُسْكِرًا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ , حِينَ سَأَلَا عَنِ الْبِتْعِ اشْرَبَا وَلَا تَسْكَرَا وَلَا تَشْرَبَا مُسْكِرًا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا أَنَّ حُكْمَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُسْكِرُ مِنْ ذَلِكَ الشَّرَابِ , خِلَافُ حُكْمِ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْهُ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يُسْكِرُ , لَا عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي كَثِيرُهَا يُسْكِرُ . وَقَدْ رَوَيْنَا حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , فِي جَوَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الْبِتْعِ بِقَوْلِهِ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ , فَهُوَ حَرَامٌ فَإِنْ جَعَلْنَا ذَلِكَ عَلَى قَلِيلِ الشَّرَابِ , الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ , ضَادَّ جَوَابَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ . وَإِنْ جَعَلْنَاهُ عَلَى تَحْرِيمِ السُّكْرِ خَاصَّةً , لَا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّرَابِ , وَافَقَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى . وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا حَمْلُ الْآثَارِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَتَضَادُّ إِذَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا