عَنِ الْحَسَنِ , فِي قَوْلِهِ {{ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }} قَالَ : التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ , عَنْ هُشَيْمٍ , عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ , عَنِ الْحَسَنِ , فِي قَوْلِهِ {{ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }} قَالَ : التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ قُرَيْشًا مِنْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَّ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى أَيْضًا مَنْ مَسَّهُ بِرَحِمٍ مِنْ قِبَلِ أُمَّهَاتِهِ إِلَى أَقْصَى كُلِّ أَبٍ , لِكُلِّ أُمٍّ مِنْ أُمَّهَاتِهِ مِنَ الْعَشِيرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا , فَإِنَّهُ احْتَجَّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ , وَقَالَ : رَأَيْتُ الرَّجُلَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ أُمِّهِ مُخْتَلِفًا , وَلَمْ يَمْنَعْهُ اخْتِلَافُ نَسَبِهِ مِنْهُمَا إِنْ كَانَ ابْنًا لَهُمَا , ثُمَّ رَأَيْنَاهُ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَيَكُونُ بِمَوْضِعِهِ مِنْ أَبِيهِ قَرَابَةٌ لِذِي قَرَابَةِ أَبِيهِ , وَيَكُونُ بِمَوْضِعِهِ مِنْ أُمِّهِ قَرَابَةٌ لِذِي قُرْبَى أُمِّهِ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرِثُ إِخْوَتَهُ لِأَبِيهِ وَإِخْوَتَهُ لِأُمِّهِ , وَتَرِثُهُ إِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ , وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُ فَرِيقٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا , مُخَالِفًا لِمِيرَاثِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ , وَلَيْسَ اخْتِلَافُ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْهُ الْقَرَابَةَ , فَلَمَّا كَانَ ذَوُو قُرْبَى أُمِّهِ قَدْ صَارُوا لَهُ قَرَابَةً , كَمَا أَنَّ ذَوِي قُرْبَى أَبِيهِ قَدْ صَارُوا لَهُ قَرَابَةً , كَانَ مَا يَسْتَحِقُّهُ ذَوُو قُرْبَى أَبِيهِ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ , يَسْتَحِقُّ ذَوُو قُرْبَى أُمِّهِ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ مِثْلُهُ , وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِثْلِ هَذَا , فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِذِي قَرَابَةِ فُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِهِ , فَقَالُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا سَنُبَيِّنُهَا , وَنُبَيِّنُ مَذْهَبَ صَاحِبِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا , الَّذِي أَدَّاهُ إِلَى قَوْلِهِ الَّذِي قَالَهُ مِنْهَا , فِي كِتَابِنَا هَذَا , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : هِيَ كُلُّ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْ فُلَانِ الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ , بِمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , وَمِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , غَيْرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ فِي ذَلِكَ بِمَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , عَلَى مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَمٌّ وَخَالٌ , فَقَرَابَةُ عَمِّهِ مِنْهُ , مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , كَقَرَابَةِ خَالِهِ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , فَيَبْدَأُ فِي ذَلِكَ عَمَّهُ , عَلَى خَالِهِ , فَيَجْعَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ , وَكَانَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ يَقُولُ : الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , دُونَ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ مِنْهُمْ , وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَا رَحِمٍ لِلْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ ذَا رَحِمٍ , وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا : الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا أَبٌ وَاحِدٌ , مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , وَسَوَّيَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ , وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مَحْرَمَةً مِنْهُمْ , وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَحْرَمَةٍ , وَلَمْ يُفَضِّلَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ , عَلَى مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ , وَكَانَ آخَرُونَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا وَصَفْنَا , لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَالْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ أَبُوهُ الثَّالِثُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ , وَكَانَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ أَبُوهُ الرَّابِعُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ , وَكَانَ آخَرُونَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا , لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ , أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ يَرْجِعُ بِآبَائِهِ أَوْ بِأُمَّهَاتِهِ إِلَيْهِ , إِمَّا عَنْ أَبٍ , وَإِمَّا عَنْ أُمٍّ إِلَى أَنْ يَلْقَاهُ يَثْبُتُ بِهِ الْمَوَارِيثُ وَيَقُومُ بِهِ الشَّهَادَاتُ , فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ , مِمَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَفَاسِدٌ , عِنْدَنَا , لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى , أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ , وَأَكْثَرُهُمْ غَيْرُ ذَوِي أَرْحَامٍ مَحْرَمَةٍ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ , قَدْ جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ , فَجَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَلِحِسَانِ بْنِ ثَابِتٍ , فَأَمَّا حَسَّانٌ فَيَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الثَّالِثِ , وَأَمَّا أُبَيٌّ , فَيَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ , وَلَيْسَا بِذَوِي أَرْحَامٍ مِنْهُ مَحْرَمَةٍ , وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ , فَمِنْهَا مَا