عَنِ الزُّهْرِيِّ , وَالْحَسَنِ , قَالَا : مَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ , فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ , لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا يُوسُفُ , قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , وَالْحَسَنِ , قَالَا : مَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ , فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ , لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَيْنَا عَنْهُمْ هَذِهِ الْآثَارَ , قَدْ ثَبَتَ مِلْكُ الْمُشْرِكِينَ لِمَا أَحْرَزُوا , مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ , فَقَالَ الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ : إِنَّ مَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ , فَلَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ , وَقَدْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ شُرَيْحٌ , وَمُجَاهِدٌ , وَإِبْرَاهِيمُ , وَعَامِرٌ , وَمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , عُمَرُ , وَعَلِيٌّ , وَأَبُو عُبَيْدَةَ , وَابْنُ عُمَرَ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ , وَشَذَّ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ , مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ , فَذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ مُخَالِفًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا , وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْمُسْلِمِينَ يَسْبُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ وَأَمْوَالَهُمْ , فَيَمْلِكُونَ أَمْوَالَهُمْ , كَمَا يَمْلِكُونَ رِقَابَهُمْ , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا أَسَرُوا الْمُسْلِمِينَ , لَمْ يَمْلِكُوا رِقَابَهُمْ , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَمْلِكُوا أَمْوَالَهُمْ , وَيَكُونُ حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ , كَحُكْمِ رِقَابِهِمْ , كَمَا كَانَ حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ , كَحُكْمِ رِقَابِهِمْ , وَلَكِنَّا مُنِعْنَا مِنْ ذَلِكَ , بِمَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَبِمَا حَكَمَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ بَعْدِهِ , فَلَمَّا ثَبَتَ مَا حَكَمُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , فَنَظَرْنَا إِلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ , مِنْ حُكْمِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ , فَأَخَذُوهُ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ , فَجَاءَ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا قُسِمَ , هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ , كَمَا قَالَ بَعْضُ مَنْ رَوَيْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْ لَا يَأْخُذُهُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا , كَمَا قَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ رَوَيْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا ؟ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ حَكَمَ فِي مُشْتَرِي الْبَعِيرِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنَّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ , وَكَانَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ قَدْ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْحَرْبِيِّينَ , كَمَا يَمْلِكُ الَّذِي يَقَعُ فِي سَهْمِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مَا يَقَعُ فِي سَهْمِهِ مِنْهَا , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ إِذَا قَسَمَ الْغَنِيمَةَ , فَوَقَعَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي يَدِ رَجُلٍ , وَقَدْ كَانَ أَسَرَ ذَلِكَ مِنْ يَدِ آخَرَ , أَنْ يَكُونَ الْمَأْسُورُ مِنْ يَدِهِ كَذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ أَخْذُ مَا كَانَ أُسِرَ مِنْ يَدِهِ مِنْ يَدَيِ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِقِيمَتِهِ , كَمَا يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِثَمَنِهِ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ