أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ وَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَفِرُوا فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يَقْسِمُوا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ , وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُطَارِدٍ : أَيُّهَا الْأَجْدَعُ , تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا ؟ فَقَالَ : أُذُنَيَّ سَبَبْتَ , قَالَ : فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ : " إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ , أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ وَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَفِرُوا فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يَقْسِمُوا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ , وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُطَارِدٍ : أَيُّهَا الْأَجْدَعُ , تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا ؟ فَقَالَ : أُذُنَيَّ سَبَبْتَ , قَالَ : فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ : إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ قَالُوا : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ ذَهَبَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , فَقَدْ وَافَقَ هَذَا قَوْلُنَا قِيلَ لَهُمْ : قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَهَاوَنْدُ فُتِحَتْ وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ , وَأُحْرِزَتِ الْغَنَائِمُ , وَقُسِمَتْ قَبْلَ وُرُودِ أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَإِنَّا نَحْنُ نَقُولُ أَيْضًا إِنَّ الْغَنِيمَةَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , وَإِنْ كَانَ جَوَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ , لَمَّا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ , إِنَّمَا هُوَ لِهَذَا السُّؤَالِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ , بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْقِتَالِ , فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ كَانُوا طَلَبُوا أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ , وَفِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُهُ , مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهُمْ مِمَّنْ يُكَافَأُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ , إِمَّا مِنْ كِتَابٍ , أَوْ مِنْ سُنَّةٍ , وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا السَّرَايَا الْمَبْعُوثَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ مَا غَنِمُوا , فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ أَصْحَابِهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَرَجَ فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ , وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ , لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا بَذَلُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ , مَا بَذَلَ الَّذِينَ أُسِرُوا فَلَمْ يُفَضَّلْ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مَا لَقُوا مِنَ الْقِتَالِ مُخْتَلِفًا , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ بِمِثْلِ مَا بَذَلَ بِهِ نَفْسَهُ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ , فَهُوَ فِي ذَلِكَ كَمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ , إِذَا كَانَ عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ