عَنِ الْحَسَنِ , فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ أَمَتَهُ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ : " عَلَيْهَا أَنْ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ , عَنْ أَشْعَثَ , عَنِ الْحَسَنِ , فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ أَمَتَهُ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَالَ : عَلَيْهَا أَنْ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي هَذَا عَلَى أَبِي يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ , أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ السِّعَايَةِ عَلَيْهَا , إِذَا أَبَتْ فِي قِيمَتِهَا , قَدْ قَالَ هُوَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَمَا لَزِمَهُمَا مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهَا إِذَا أَجَابَتْ إِلَى التَّزْوِيجِ , فَهُوَ لَازِمٌ لَهُمَا . وَأَمَّا زُفَرُ فَكَانَ يَقُولُ : لَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا إِذَا أَبَتْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ فِي أَصْلِ الْعَتَاقِ , فَإِنَّمَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِبَدَلٍ شَرَطَهُ لَهَا عَلَى نَفْسِهِ , وَهُوَ الصَّدَاقُ الَّذِي يَجِبُ لَهَا فِي قَوْلِهِ إِذَا أَجَابَتْ , فَكَانَ الْعَتَاقُ وَاقِعًا عَلَيْهَا لَا بِبَدَلٍ , وَالنِّكَاحُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهَا لَهُ بَدَلٌ , غَيْرُ الْعَتَاقِ . فَصَارَ ذَلِكَ , كَرَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ سَنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ , فَقَبِلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَبَى أَنْ يَخْدُمَهُ , فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ , لِأَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ , لَكَانَ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ بِاسْتِخْدَامِهِ إِيَّاهُ أَجْرًا , بَدَلًا مِنَ الْخِدْمَةِ . فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِ زُفَرَ فِي الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّزْوِيجِ , أَنَّهَا إِذَا أَجَابَتْ إِلَى التَّزْوِيجِ , وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ بَدَلًا مِنْ بُضْعِهَا , فَإِذَا أَبَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا بَدَلٌ مِنْ رَقَبَتِهَا , لِأَنَّ رَقَبَتَهَا عَتَقَتْ لَا بِبَدَلٍ , وَاشْتُرِطَ عَلَيْهَا نِكَاحٌ بِبَدَلٍ . وَلَا يَثْبُتُ الْبَدَلُ مِنَ النِّكَاحِ , إِلَّا بِثُبُوتِ النِّكَاحِ , كَمَا لَا يَثْبُتُ الْبَدَلُ عَلَى الْخِدْمَةِ إِلَّا بِثُبُوتِ الْخِدْمَةِ . فَلَيْسَ بُطْلَانُهُمَا , وَلَا بُطْلَانُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , بِمُوجِبٍ فِي الْعَتَاقِ الَّذِي وَقَعَ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ بَدَلًا . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , كَمَا قَالَ زُفَرُ , لَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَدْ كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ , يَذْهَبُ فِي تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ عَلَى عِتْقِهَا , إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ , وَزُفَرُ , وَمُحَمَّدٌ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَيْضًا