سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَائِمٍ الطَّائِيَّ , يَقُولُ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ , وَوَاللَّهِ مَا جِئْتُ حَتَّى أَتْعَبْتُ نَفْسِي وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي , وَمَا تَرَكْتُ جَبَلًا مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ , فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ , صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ , وَقَدْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا , فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ , وَقَضَى تَفَثَهُ "
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَابْنِ أَبِي زَائِدَةَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَزَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَائِمٍ الطَّائِيَّ , يَقُولُ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ , وَوَاللَّهِ مَا جِئْتُ حَتَّى أَتْعَبْتُ نَفْسِي وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي , وَمَا تَرَكْتُ جَبَلًا مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ , فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ , صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ , وَقَدْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا , فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ , وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ سُفْيَانُ , وَزَادَ زَكَرِيَّا فِيهِ , وَكَانَ أَحْفَظَ الثَّلَاثَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ , قَالَ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُ هَذِهِ السَّاعَةَ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ , قَدْ أَكَلَلْتُ رَاحِلَتِي , وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي , فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ : مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ , وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نُفِيضَ , وَقَدْ كَانَ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ , مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ , وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ سُفْيَانُ : وَزَادَ دَاوُدَ بْنُ أَبِي هِنْدَ , قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ , ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَرْضٌ , لَا يَجُوزُ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ }} وَبِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ . وَقَالُوا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ , كَمَا ذَكَرَ عَرَفَاتٍ , وَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ , فَحُكْمُهَا وَاحِدٌ , لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهَا . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : أَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ , فَهُوَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ , وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ , فَلَيْسَ كَذَلِكَ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ }} لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا ذَكَرَ الذِّكْرَ , وَلَمْ يَذْكُرِ الْوُقُوفَ , وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ بِمُزْدَلِفَةَ , وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ . فَإِذَا كَانَ الذِّكْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ , لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ , فَالْمَوْطِنُ الَّذِي يَكُونُ ذَلِكَ الذِّكْرُ فِيهِ , الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ , أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ فَرْضًا . وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَشْيَاءَ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْحَجِّ , وَلَمْ يُرِدْ بِذِكْرِهَا إِيجَابَهَا , حَتَّى لَا يُجْزِئَ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا }} وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , أَنَّ حَجَّهُ قَدْ تَمَّ , وَعَلَيْهِ دَمٌ مَكَانَ مَا نَزَلَ مِنْ ذَلِكَ . فَكَذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِي كِتَابِهِ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إِيجَابِهِ حَتَّى لَا يُجْزِئَ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ . وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ , فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرُوا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ : مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاتَنَا هَذِهِ , وَقَدْ كَانَ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ , وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاتَ بِهَا , وَوَقَفَ وَنَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى فَاتَتْهُ , أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ . فَلَمَّا كَانَ حُضُورُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ , كَانَ الْمَوْطِنُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ , الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ , أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ . فَلَمْ يَتَحَقَّقْ بِهَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْفَرْضِ إِلَّا لِعَرَفَةَ خَاصَّةً . وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْمُرَ الدِّيلِيُّ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ