عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ , فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ , وَمِنَّا مِنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ , وَمِنَّا مِنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ , وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ "
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : ثنا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ , فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ , وَمِنَّا مِنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ , وَمِنَّا مِنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ , وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ , فَحَلَّ , وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ , أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ , فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ . فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَهَا كَمَا كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَطَافَ لَهَا وَسَعَى , أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَيَحِلَّ , هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ سَاقَ هَدْيًا . وَرَأَيْنَاهُ إِذَا كَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيًا لِمُتْعَةٍ فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى , لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ , حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ , فَيَحِلُّ مِنْهَا وَمِنْ حَجَّتِهِ إِحْلَالًا وَاحِدًا , وَبِذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَوَابًا لِحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا قَالَتْ لَهُ مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ . قَالَ : إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي , وَقَلَّدْتُ هَدْيِي , فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ فَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ لِمُتْعَتِهِ الَّتِي لَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِيهَا هَدْيٌ إِلَّا بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا , يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَحِلَّ بِالطَّوَافِ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ , لِأَنَّ عَقْدَ إِحْرَامِهِ هَكَذَا كَانَ , أَنْ يَدْخُلَ فِي عُمْرَةٍ فَيُتِمَّهَا , فَلَا يَحِلَّ مِنْهَا حَتَّى يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ ثُمَّ يَحِلَّ مِنْهَا وَمِنَ الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا قَبْلَهَا مَعًا . وَكَانَتِ الْعُمْرَةُ لَوْ أَمَرَهُمْ بِهَا مُنْفَرِدَةً , حَلَّ مِنْهَا بِفَرَاغِهِ مِنْهَا إِذَا حَلَقَ , وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ . وَكَانَ إِذَا سَاقَ الْهَدْيَ لِحَجَّةٍ , يُحْرِمُ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ , بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ . فَلَمَّا كَانَ الْهَدْيُ الَّذِي هُوَ مِنْ سَبَبِ الْحَجِّ , يَمْنَعُهُ الْإِحْلَالَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ , كَانَ دُخُولُهُ فِي الْحَجِّ أَحْرَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ أَيْضًا عِنْدَنَا , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى