حَدَّثَتْنَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ , أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ , كَانَ يَجِيءُ فَيَقُولُ : هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ ؟ فَإِنْ قَالُوا لَا ، قَالَ : إِنِّي صَائِمٌ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ : ثنا رَوْحٌ , قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , قَالَ : أنا أَيُّوبُ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , قَالَ : حَدَّثَتْنَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ , أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ , كَانَ يَجِيءُ فَيَقُولُ : هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ ؟ فَإِنْ قَالُوا لَا ، قَالَ : إِنِّي صَائِمٌ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ , قَالَ : ثنا رَوْحٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ , أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ , كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَلِيٌّ , قَالَ : ثنا رَوْحٌ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , قَالَ : زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَهَذَا الصِّيَامُ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ النِّيَّةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ , الَّذِي ذَكَرْنَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَمِلَ بِهِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ , هُوَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ أَمَرَ النَّاسَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ بَعْدَمَا أَصْبَحُوا أَنْ يَصُومُوا , وَهُوَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ فَرْضٌ , كَمَا صَارَ صَوْمُ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا , وَرُوِيَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ آثَارٌ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ , فِيمَا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ , مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَلَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا , لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ بَعْضُهَا مُخَالِفًا لِبَعْضٍ , فَتَتَنَافَى , وَيَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا , مَا وَجَدْنَا السَّبِيلَ إِلَى تَصْحِيحِهَا , وَتَخْرِيجِ وَجْهِهَا . فَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ , فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ , فَكَذَلِكَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا . وَكَانَ مَا رُوِيَ فِي عَاشُورَاءَ فِي الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بِعَيْنِهِ . فَكَذَلِكَ حُكْمُ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ جَائِزُ أَنْ يُعْقَدَ لَهُ النِّيَّةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ . وَمِنْ ذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضٌ فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا كَيَوْمِ عَاشُورَاءَ إِذَا كَانَ فَرْضًا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ . فَكَمَا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُجْزِئُ مَنْ نَوَى صَوْمَهُ بَعْدَمَا أَصْبَحَ , فَكَذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ يُجْزِئُ مَنْ نَوَى صَوْمَ يَوْمٍ مِنْهُ كَذَلِكَ . وَبَقِيَ بَعْدَ هَذَا مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهُوَ ، عِنْدَنَا ، فِي الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ هَذَيْنِ الصَّوْمَيْنِ , مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ , وَقَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ , حَتَّى لَا يُضَادَّ ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ . وَيَكُونُ حُكْمُ النِّيَّةِ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِي الصَّوْمِ , عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ . فَمَا كَانَ مِنْهُ فَرْضًا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ , كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُجْزِئَةً قَبْلَ دُخُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي اللَّيْلِ , وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْضًا وَمَا كَانَ مِنْهُ فَرْضًا لَا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ , كَانَتِ النِّيَّةُ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ , وَلَمْ تَجُزْ بَعْدَ دُخُولِ الْيَوْمِ . وَمَا كَانَ مِنْهُ تَطَوُّعًا كَانَتِ النِّيَّةُ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِيهِ فِي اللَّيْلِ الَّذِي قَبْلَهُ , وَفِي النَّهَارِ الَّذِي بَعْدَ ذَلِكَ . فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْآثَارُ الَّتِي ذَكَرْنَا , وَلَا تَتَضَادَّ , فَهُوَ أُولَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ . وَإِلَى ذَلِكَ كَانَ يَذْهَبُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَا كَانَ مِنْهُ يُجْزِئُ النِّيَّةُ فِيهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , مِمَّا ذَكَرْنَا , فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ , وَلَا تُجْزِئُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ