" رَأَيْتُ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ بِالْأَهْوَازِ , صَلَّى الْعَصْرَ , قُلْتُ : فَكَمْ صَلَّى ؟ قَالَ : رَكْعَتَيْنِ "
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا شُعْبَةُ ، قَالَ : ثنا الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ بِالْأَهْوَازِ , صَلَّى الْعَصْرَ , قُلْتُ : فَكَمْ صَلَّى ؟ قَالَ : رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانُوا يَقْصُرُونَ فِي السَّفَرِ , وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَتَمَّ . أَلَا تَرَى أَنَّ سَعْدًا لَمَّا قِيلَ لَهُ . إِنَّ الْمِسْوَرَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ يُتِمَّانِ قَالَ : نَحْنُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَعْذُرْهُمَا فِي إِتْمَامِهِمَا . وَأَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَدَّمَهُ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَصَلَّى أَرْبَعًا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا لَنَا وَلِلْمُرَبَّعَةِ إِنَّمَا يَكْفِينَا نِصْفُ الْمُرَبَّعَةِ , وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ , لَمْ تَكُنْ إِبَاحَةَ الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلُ : فَقَدْ أَتَمَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدَّمَهُ سَلْمَانُ وَالْمِسْوَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَهُمَا صَحَابِيَّانِ , فَقَدْ ضَادَّ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى تَرْكِ الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ . قِيلَ لَهُ : مَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ , لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمِسْوَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَذَلِكَ الرَّجُلُ أَتَمَّا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا يَرَيَانِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ قَصْرًا , لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنْ لَا تُقْصَرَ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ , أَوْ عَمْرَةٍ , أَوْ غَزَاةٍ , فَإِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَيْضًا غَيْرُهُمَا . فَلَمَّا احْتَمَلَ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا مَا ذَكَرْنَا , وَقَدْ ثَبَتَ التَّقْصِيرُ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ مُضَادًّا لَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ . إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ , أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ , وَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَدْ صَلَّى بِ مِنًى أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَنْكَرَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَإِنْ كَانَ عُثْمَانُ إِنَّمَا فَعَلَهُ لِمَعْنًى رَأَى بِهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ , مِمَّا سَنَصِفُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَلَمَّا كَانَ الَّذِي ثَبَتَ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَعَنْ أَصْحَابِهِ , هُوَ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ لَا إِتْمَامُهَا , لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُخَالِفَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا يَدُلُّكُمْ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ , فَيَكُونُ ذَلِكَ قَاطِعًا لَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُكُمْ ؟ . قُلْنَا : نَعَمْ