أَقْبَلْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ , اسْتُصْرِخَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ , فَرَاحَ مُسْرِعًا , حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ , فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَمْ يَنْزِلْ , حَتَّى إِذَا أَمْسَى فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ , فَقُلْتُ : الصَّلَاةُ , فَسَكَتَ , حَتَّى إِذَا كَادَ الشَّفَقُ أَنْ يَغِيبَ , نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ , وَغَابَ الشَّفَقُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ وَقَالَ : " هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَدَّ بِنَا السَّيْرُ "
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، قَالَ : ثنا الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ , اسْتُصْرِخَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ , فَرَاحَ مُسْرِعًا , حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ , فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَمْ يَنْزِلْ , حَتَّى إِذَا أَمْسَى فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ , فَقُلْتُ : الصَّلَاةُ , فَسَكَتَ , حَتَّى إِذَا كَادَ الشَّفَقُ أَنْ يَغِيبَ , نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ , وَغَابَ الشَّفَقُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ وَقَالَ : هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا جَدَّ بِنَا السَّيْرُ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ أَنَّ نُزُولَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ . وَقَدْ ذَكَرْنَا احْتِمَالَ قَوْلِ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ حَتَّى إِذَا غَابَ الشَّفَقُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ قُرْبَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَلَى الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى التَّضَادِّ . فَنَجْعَلُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ نُزُولَهُ لِلْمَغْرِبِ , كَانَ بَعْدَمَا غَابَ الشَّفَقُ , أَنَّهُ عَلَى قُرْبِ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إِذَا كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ نُزُولَهُ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ . وَلَوْ تَضَادَّ ذَلِكَ لَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ جَابِرٍ أَوْلَاهُمَا , لِأَنَّ حَدِيثَ أَيُّوبَ أَيْضًا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ , ثُمَّ ذَكَرَ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ . وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جَابِرٍ صِفَةُ جَمْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَيْفَ كَانَ , فَهُوَ أَوْلَى . فَإِنْ قَالُوا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مَا قَدْ فَسَّرَ الْجَمْعَ كَيْفَ كَانَ فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ يَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ يَوْمًا , جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ لَيْلَةً , جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ , فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ , حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ قَالُوا : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ , وَأَنَّ جَمْعَهُ بَيْنَهُمَا كَانَ كَذَلِكَ . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا . وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةُ الْجَمْعِ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ هَذَا , يَصِلُ الْحَدِيثَ بِكَلَامِهِ , حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ . وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُ : إِلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى أَقْرَبِ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ . فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ بَعْضُ مَا صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَجِبُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ , فَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهُ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ , فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ جَمْعُهُ بَيْنَهُمَا , فَإِنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ , عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَخَالَفَتْهُ فِي ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْضًا