عَنِ الرُّبَيِّعِ ، قَالَتْ : " أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا " .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : أنا شَرِيكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ ، قَالَتْ : أَتَانَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ حُكْمَ الْأُذُنَيْنِ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا وَمَا أَدْبَرَ مِنَ الرَّأْسِ , وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَتَوَاتَرْ بِمَا خَالَفَهُ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُحْرِمَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا وَلَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا ، وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ أُذُنَيْهَا ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا , وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الرَّأْسِ فِي الْمَسْحِ لَا حُكْمُ الْوَجْهِ . وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا يُمْسَحُ مَعَ الرَّأْسِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَرَأَيْنَا الْأَعْضَاءَ الَّتِي قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى فَرْضِيَّتِهَا فِي الْوُضُوءِ : الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ . فَكَانَ الْوَجْهُ يُغْسَلُ كُلُّهُ , وَكَذَلِكَ الْيَدَانِ , وَكَذَلِكَ الرِّجْلَانِ , وَلَمْ يَكُنْ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ خِلَافَ حُكْمِ بَقِيَّتِهِ . بَلْ جُعِلَ حُكْمُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا حُكْمًا وَاحِدًا , فَجُعِلَ مَغْسُولًا كُلُّهُ , أَوْ مَمْسُوحًا كُلُّهُ . وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَا أَدْبَرَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَحُكْمُهُ الْمَسْحُ , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا كَذَلِكَ , وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأُذُنَيْنِ كُلُّهُ حُكْمًا وَاحِدًا كَمَا كَانَ حُكْمُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَا . فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ