عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : " الظُّهْرُ كَاسْمِهَا يَقُولُ : الظَّهِيرَةَ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : الظُّهْرُ كَاسْمِهَا يَقُولُ : الظَّهِيرَةَ وَاسْتَحَبَّتْ طَائِفَةٌ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : فِي الصَّيْفِ يَجِبُ أَنْ يُؤَخِّرُهَا وَيَبْرِدُ بِهَا . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ : يُعَجِّلُ الْحَاضِرُ الظُّهْرَ إِمَامًا وَمُنْفَرِدًا فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنِ اشْتَدَّ الْحَرُّ أَخَّرَ إِمَامُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تَنْتَابُ مِنَ الْبُعْدِ الظُّهْرَ حَتَّى يُبْرِدَ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَمَّا مَنْ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ وَفِي جَمَاعَةٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ وَلَا يَحْضُرُهَا إِلَّا مَنْ بِحَضْرَتِهِ فَيُصَلِّهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ لَا أَذًى عَلَيْهِمْ فِي حَرِّهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا فِي الشِّتَاءِ بِحَالٍ . وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ تَعْجِيلَهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَفْضَلُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : إِنَّ تَعْجِيلَهَا فِي الشِّتَاءِ أَفْضَلُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْجِيلِهَا فِي الصَّيْفِ كَانَ حُكْمُ الصَّيْفِ حُكْمُ الشِّتَاءِ وَكَانَ الثَّوَابُ فِي تَعْجِيلِهَا فِي الصَّيْفِ أَعْظَمُ إِذْ هُوَ عَلَى الْبَدَنِ أَشُقُّ ، وَقَالَ آخِرُ : لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَجَعْنَا إِلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا فَقُلْنَا بِهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ إِلَّا صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَالْقَائِلُ بِهَذَا الْقَوْلِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ أَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تَنْتَابُ مِنَ الْبُعْدِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ وَلَوْ كَانَ لَهُ مُرَادٌ لَبَيَّنَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ ، وَهَذَا يُلْزِمُ الْقَائِلِينَ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فَإِنَّ دَفْعَ بَعْضِ النَّاسِ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ ، بِخَبَرِ خَبَّابٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا فَقَدْ يَكُونُ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ وَأَمَرَهُمْ بِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَبَرًا مُفَسَّرًا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ