عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، أَنَّهُ وَعَظَ فَقَالَ فِي مَوْعِظَتِهِ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، تَقَوَّوْا بِهَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَصْبَحْتُمْ فِيهَا عَلَى الْهَرَبِ مِنْ نَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، فَإِنَّكُمْ فِي دَارٍ الثِّوَاءُ فِيهَا قَلِيلٌ ، وَأَنْتُمْ تُؤَجَّلُونَ خَلَائِفَ بَعْدَ الَّذِينَ اسْتَقْبَلُوا مِنَ الدُّنْيَا أُنُفَهَا وَزَهْرَتَهَا ، فَهُمْ كَانُوا أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَارًا ، وَأَمَدَّ أَجْسَامًا ، وَأَعْظَمَ آثَارًا ، فَجَرَّدُوا الْجِبَالَ ، وَجَابُوا الصُّخُورَ ، وَنَقَّبُوا الْبِلَادَ ، مُؤْثِرِينَ بِبَطْشٍ شَدِيدٍ ، وَأَجْسَامٍ كَالْعِمَادِ ، فَمَا لَبِثَتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي أَنْ طَوَتْ مُدُنَهُمْ ، وَعَفَتْ آثَارَهُمْ ، وَأَخْوَتْ مَنَازِلَهُمْ ، وَأَنْسَتْ ذِكْرَاهُمْ ، فَمَا تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ، كَانُوا بِلَهْوِ الْأَمَلِ آمِنَيْنِ ، لِبَيَاتِ قَوْمٍ غَافِلِينَ ، وَلِصَبَاحِ قَوْمٍ نَادِمِينَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ بَيَاتًا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ ، فَأَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ، وَأَصْبَحَ الْبَاقُونَ يَنْظُرُونَ فِي آثَارِ نِعْمَةٍ ، وَزَوَالِ نِعْمَةٍ ، وَمَسَاكِنَ خَاوِيَةٍ ، فِيهَا آيَةٌ لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ، وَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى ، وَأَصْبَحْتُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي أَجَلٍ مَنْقُوصٍ ، وَدُنْيَا مَنْقُوصَةٍ ، فِي زَمَانٍ قَدْ وَلَّى عَفْوُهُ ، وَذَهَبَ رَجَاؤُهُ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا حَمَّةُ شَرٍّ ، وَصُبَابَةُ كَدَرٍ ، وَأَهَاوِيلُ عَبْدٍ ، وَعُقُوبَاتُ عَبْدٍ ، وَإِرْسَالُ فِتَنٍ ، وَتَتَابُعُ زَلَازِلَ ، وَرُذَالَةُ خَلَفٍ ، بِهِمْ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَلَا تَكُونُوا أَشَبَاهًا لِمَنْ خَدَعَهُ الْأَمَلُ ، وَغَرَّهُ طُولُ الْأَجَلِ ، وَتَبَلَّغَ بِالْأَمَانِيِّ ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ وَعَى نَفْسَهُ فَانْتَهَى ، وَعَقَلَ مَسْرَاهُ فَمَهَّدَ لِنَفْسِهِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ كَاتَبَ اللَّيْثِ يَذْكُرُ عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، أَنَّهُ وَعَظَ فَقَالَ فِي مَوْعِظَتِهِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، تَقَوَّوْا بِهَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَصْبَحْتُمْ فِيهَا عَلَى الْهَرَبِ مِنْ نَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، فَإِنَّكُمْ فِي دَارٍ الثِّوَاءُ فِيهَا قَلِيلٌ ، وَأَنْتُمْ تُؤَجَّلُونَ خَلَائِفَ بَعْدَ الَّذِينَ اسْتَقْبَلُوا مِنَ الدُّنْيَا أُنُفَهَا وَزَهْرَتَهَا ، فَهُمْ كَانُوا أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَارًا ، وَأَمَدَّ أَجْسَامًا ، وَأَعْظَمَ آثَارًا ، فَجَرَّدُوا الْجِبَالَ ، وَجَابُوا الصُّخُورَ ، وَنَقَّبُوا الْبِلَادَ ، مُؤْثِرِينَ بِبَطْشٍ شَدِيدٍ ، وَأَجْسَامٍ كَالْعِمَادِ ، فَمَا لَبِثَتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي أَنْ طَوَتْ مُدُنَهُمْ ، وَعَفَتْ آثَارَهُمْ ، وَأَخْوَتْ مَنَازِلَهُمْ ، وَأَنْسَتْ ذِكْرَاهُمْ ، فَمَا تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ، كَانُوا بِلَهْوِ الْأَمَلِ آمِنَيْنِ ، لِبَيَاتِ قَوْمٍ غَافِلِينَ ، وَلِصَبَاحِ قَوْمٍ نَادِمِينَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ بَيَاتًا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ ، فَأَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ، وَأَصْبَحَ الْبَاقُونَ يَنْظُرُونَ فِي آثَارِ نِعْمَةٍ ، وَزَوَالِ نِعْمَةٍ ، وَمَسَاكِنَ خَاوِيَةٍ ، فِيهَا آيَةٌ لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ، وَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى ، وَأَصْبَحْتُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي أَجَلٍ مَنْقُوصٍ ، وَدُنْيَا مَنْقُوصَةٍ ، فِي زَمَانٍ قَدْ وَلَّى عَفْوُهُ ، وَذَهَبَ رَجَاؤُهُ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا حَمَّةُ شَرٍّ ، وَصُبَابَةُ كَدَرٍ ، وَأَهَاوِيلُ عَبْدٍ ، وَعُقُوبَاتُ عَبْدٍ ، وَإِرْسَالُ فِتَنٍ ، وَتَتَابُعُ زَلَازِلَ ، وَرُذَالَةُ خَلَفٍ ، بِهِمْ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَلَا تَكُونُوا أَشَبَاهًا لِمَنْ خَدَعَهُ الْأَمَلُ ، وَغَرَّهُ طُولُ الْأَجَلِ ، وَتَبَلَّغَ بِالْأَمَانِيِّ ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ وَعَى نَفْسَهُ فَانْتَهَى ، وَعَقَلَ مَسْرَاهُ فَمَهَّدَ لِنَفْسِهِ