خَرَجْنَا أُنَاسٌ نَشِي بِسَعْدٍ ، الْأَشْعَثُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ - حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِهَا نَطْلُبُ مَنْزِلًا ، إِذْ مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نَاحِيَةِ الطَّرِيقِ مَعَهُ دِرَّةٌ فِي يَدِهِ فَقَالَ بَعْضُنَا : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ بَعْضُنَا : مَا هُوَ بِهِ ، فَالْقَوْمُ يَخْتَصِمُونَ إِذْ رَأَى مَكَانَنَا فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا ، فَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَثُ وَأَصْحَابُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا قَدْ جِئْنَا نَذْكُرُ لَكَ مَا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ عَامِلِنَا سَعْدٍ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ نَقُومَ مَعَكَ قُمْنَا مَعَكَ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَجْلِسَ إِلَيْنَا فَعَلْتَ ، قَالَ " لَا ، بَلْ أَجْلِسُ إِلَيْكُمْ ، هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ " ، قُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ظَلَمَنَا وَاعْتَدَى عَلَيْنَا ، وَمَنَعَنَا حُقُوقَنَا فَلَمْ نَجِئْ فِي غِيبَةٍ ، نَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تَعْزِلَهُ عَنَّا وَتَسْتَعْمِلَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ، فَقَامَ ، وَقَالَ : لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ، فَلَمَّا وَلَّى قُلْنَا : وَاللَّهِ مَا صَنَعْنَا شَيْئًا وَمَا أَدْرَكْنَا حَاجَتَنَا وَلَا كُفِينَا أَنْفُسَنَا ، وَهُوَ مُخْبِرٌ سَعْدًا الْآنَ بِمَا قُلْنَا ، فَيَكُونُ أَخْبَثَ مَا كَانَ لَنَا صُحْبَةً ، يَا عُفَيِّفُ أَدْرِكْهُ ، فَسَمِعَ حِسًّا خَلْفَهُ فَوَقَفَ فَقَالَ : أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا حَاجَتُكَ ؟ قَالَ : أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ أَصْحَابُنَا قَالُوا : إِذَا لَمْ تَسْمَعْ فِيهِ مَا قُلْنَا فَنَحْنُ نُحِبُّ أَلَّا تَذْكُرَهُ لَهُ ، قَالَ : لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ، قَالَ : ثُمَّ تَبَوَّأْنَا مَنْزِلَنَا ، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَسَعْدٌ عِنْدَهُ فِي الْمَنْزِلِ فَمَكَثْنَا طَوِيلًا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا سَعْدٌ وَهُوَ يَذُمُّ أَهْلَ الْحِيرَةِ وَأَهْلَ الْمُخَالَفَةِ ، قَالَ قُلْنَا : إِنَّا لِلَّهِ ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا وَيَكُونُ شَرَّ مَا كَانَ لَنَا صُحْبَةً ، فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا وَاللَّهِ غَضَبُ رَجُلٍ قَدْ عُزِلَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَأَدْخَلَنَا عَلَيْهِ فَقَالَ : " يَا أَشْعَثُ ، إِنِّي قَدْ عَزَلْتُ عَنْكُمْ سَعْدًا ، وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي عَمَّا أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ ، إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَيْكُمْ فَجَارَ عَلَيْكُمْ وَمَنَعَكُمْ حُقُوقَكُمْ وَأَسَاءَ صُحْبَتَكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِهِ ؟ قُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا نَصْنَعُ بِهِ ، إِنْ رَأَيْنَا خَيْرًا حَمِدْنَا اللَّهَ وَقَبِلْنَا ، وَإِنْ رَأَيْنَا جَوْرًا وَظُلْمًا صَبَرْنَا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ مِنْهُ ، قَالَ : " أَمَا هُوَ إِلَّا مَا أَسْمَعُ ؟ " قَالُوا : لَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا قُلْنَا لَكَ ، قَالَ : " فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ " , ثُمَّ قَالَ : " لَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا تَكُونُونَ شُهَدَاءَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَأْخُذُوهُمْ كَأَخْذِهِمْ إِيَّاكُمْ ، وَتَضْرِبُوهُمْ فِي الْحَقِّ كَضَرْبِهِمْ إِيَّاكُمْ وَإِلَّا فَلَا "
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْفَسِيلِ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ عُفَيِّفِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : خَرَجْنَا أُنَاسٌ نَشِي بِسَعْدٍ ، الْأَشْعَثُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ - حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِهَا نَطْلُبُ مَنْزِلًا ، إِذْ مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نَاحِيَةِ الطَّرِيقِ مَعَهُ دِرَّةٌ فِي يَدِهِ فَقَالَ بَعْضُنَا : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ بَعْضُنَا : مَا هُوَ بِهِ ، فَالْقَوْمُ يَخْتَصِمُونَ إِذْ رَأَى مَكَانَنَا فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا ، فَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَثُ وَأَصْحَابُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا قَدْ جِئْنَا نَذْكُرُ لَكَ مَا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ عَامِلِنَا سَعْدٍ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ نَقُومَ مَعَكَ قُمْنَا مَعَكَ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَجْلِسَ إِلَيْنَا فَعَلْتَ ، قَالَ لَا ، بَلْ أَجْلِسُ إِلَيْكُمْ ، هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ ، قُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ظَلَمَنَا وَاعْتَدَى عَلَيْنَا ، وَمَنَعَنَا حُقُوقَنَا فَلَمْ نَجِئْ فِي غِيبَةٍ ، نَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تَعْزِلَهُ عَنَّا وَتَسْتَعْمِلَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ، فَقَامَ ، وَقَالَ : لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ، فَلَمَّا وَلَّى قُلْنَا : وَاللَّهِ مَا صَنَعْنَا شَيْئًا وَمَا أَدْرَكْنَا حَاجَتَنَا وَلَا كُفِينَا أَنْفُسَنَا ، وَهُوَ مُخْبِرٌ سَعْدًا الْآنَ بِمَا قُلْنَا ، فَيَكُونُ أَخْبَثَ مَا كَانَ لَنَا صُحْبَةً ، يَا عُفَيِّفُ أَدْرِكْهُ ، فَسَمِعَ حِسًّا خَلْفَهُ فَوَقَفَ فَقَالَ : أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا حَاجَتُكَ ؟ قَالَ : أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ أَصْحَابُنَا قَالُوا : إِذَا لَمْ تَسْمَعْ فِيهِ مَا قُلْنَا فَنَحْنُ نُحِبُّ أَلَّا تَذْكُرَهُ لَهُ ، قَالَ : لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ، قَالَ : ثُمَّ تَبَوَّأْنَا مَنْزِلَنَا ، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَسَعْدٌ عِنْدَهُ فِي الْمَنْزِلِ فَمَكَثْنَا طَوِيلًا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا سَعْدٌ وَهُوَ يَذُمُّ أَهْلَ الْحِيرَةِ وَأَهْلَ الْمُخَالَفَةِ ، قَالَ قُلْنَا : إِنَّا لِلَّهِ ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا وَيَكُونُ شَرَّ مَا كَانَ لَنَا صُحْبَةً ، فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا وَاللَّهِ غَضَبُ رَجُلٍ قَدْ عُزِلَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَأَدْخَلَنَا عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا أَشْعَثُ ، إِنِّي قَدْ عَزَلْتُ عَنْكُمْ سَعْدًا ، وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي عَمَّا أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ ، إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَيْكُمْ فَجَارَ عَلَيْكُمْ وَمَنَعَكُمْ حُقُوقَكُمْ وَأَسَاءَ صُحْبَتَكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِهِ ؟ قُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا نَصْنَعُ بِهِ ، إِنْ رَأَيْنَا خَيْرًا حَمِدْنَا اللَّهَ وَقَبِلْنَا ، وَإِنْ رَأَيْنَا جَوْرًا وَظُلْمًا صَبَرْنَا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ مِنْهُ ، قَالَ : أَمَا هُوَ إِلَّا مَا أَسْمَعُ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا قُلْنَا لَكَ ، قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : لَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا تَكُونُونَ شُهَدَاءَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَأْخُذُوهُمْ كَأَخْذِهِمْ إِيَّاكُمْ ، وَتَضْرِبُوهُمْ فِي الْحَقِّ كَضَرْبِهِمْ إِيَّاكُمْ وَإِلَّا فَلَا