عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا عَلَى مَنْقَلَةٍ أَوْ مَنْقَلَتَيْنِ ، فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : جَهْجَاهُ بْنُ قَيْسٍ الْغِفَارِيُّ ، وَسِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي الْخَزْرَجِ قَالَ : فَظَهَرَ اللَّهُ جَهْجَاهَ عَلَى الْجُهَنِيِّ ، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَسِيفٌ إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ لِفَرَسِهِ ، فَانْطَلَقَ الْعَسِيفُ فَوَجَدَهُمَا يَقْتَتِلَانِ قَالَ : وَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ حَتَّى نَادَوْا : يَا أَبَا الْحُبَابِ ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْحَجِيجِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا عَنْ أَثْمَارِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ : فَرَجَعَ عَسِيفُ عُمَرَ وَلَمْ يُخَنِّسْ لِفَرَسِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا شَأْنُكَ لَمْ تُخَنِّسْ لِفَرَسِي ؟ قَالَ : الْعَجَبُ ، مَرَرْتُ بِجَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ ، فَجَاءَ ابْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْمُخَيَّمِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا مِنْ ثِمَارِهَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ : قَدْ سَمِعْتَ قَالَ : فَانْدَفَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَنْزِلًا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ . قَالَ : فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَتَوَسَّدُ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ادْعُهُ " ، وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي عَسِيفًا أَبْعَثُهُ يُخَنِّسُ لِفَرَسِي إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ ، وَإِنَّهُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ فَوَجَدَ جَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَقَدْ قِيلَتْ ؟ " فَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، فَارْتَحَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ : لَمْ يُرَحِّلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُرْتَحَلِهِ الَّذِي كَانَ يَرْتَحِلُ إِلَّا شَيْءٌ خَافَهُ أَوْ شَيْءٌ أَتَاهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْتَهِزَهُ قَالَ : حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِحَدِيثِهِ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ ، فَقَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ : " إِنَّمَا عَاقَنَا عَنْ مُرْتَحَلِنَا الَّذِي كُنَّا نَرْحَلُ لَهُ قَوْلُ رَجُلٍ مِنْكُمْ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا " قَالَ : فَوَثَبَ وَرَقَةُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَظْعَنَكَ عَنْ مُرْتَحَلِكَ الَّذِي كُنْتَ تَرْتَحِلُ إِلَّا قَوْلُ رَجُلٍ مِنَّا ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَئِنْ شِئْتَ لَآتِيَنَّكَ أَوَّلَهُ مِنْ رَأْسِهِ أَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ قَالَ : وَقَدْ كَانَ وَرَقَةُ ابْنَ عَمٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : فَأَبَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " لَا أُحِلُّ ، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا فَأْتُونِي بِهِ " قَالَ : فَانْدَفَعُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ قَالُوا : يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ عَنْكَ قَوْلٌ فَوَجَدَ عَلَيْكَ فِي نَفْسِهِ ، فَإِذَا أَنْتَ أَتَيْتَهُ فَاعْتَذِرْ إِلَيْهِ مِمَّا قُلْتَ ، وَمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ رَحِيمًا قَالَ : وَمَا بِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَلْوِي رَأْسَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ جَنْبَيْهِ وَيَقُولُ : مَا لِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، أَفَأَنْتَ أَعَزُّ مِنِّي ؟ " قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلْ أَنْتَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ ، مَا رَكِبْنَا حَتَّى رَكِبْتَ ، وَمَا قَاتَلْنَا حَتَّى كُنْتَ أَوَّلَ قَالَ : " فَأَنْتَ الَّذِي تَقُولُ : لَنُمْسِكَنَّ مَا بِأَيْدِينَا مِنْ ثَمَرِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا عَنْ صَاحِبِهِمْ ؟ أَيْ أَنَّكَ تُنْفِقُ عَلَيْنَا " قَالَ : وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ مَا قُلْتُ . وَنَزَلَتْ : {{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }} "
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْزِلًا عَلَى مَنْقَلَةٍ أَوْ مَنْقَلَتَيْنِ ، فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : جَهْجَاهُ بْنُ قَيْسٍ الْغِفَارِيُّ ، وَسِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي الْخَزْرَجِ قَالَ : فَظَهَرَ اللَّهُ جَهْجَاهَ عَلَى الْجُهَنِيِّ ، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَسِيفٌ إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ لِفَرَسِهِ ، فَانْطَلَقَ الْعَسِيفُ فَوَجَدَهُمَا يَقْتَتِلَانِ قَالَ : وَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ حَتَّى نَادَوْا : يَا أَبَا الْحُبَابِ ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْحَجِيجِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا عَنْ أَثْمَارِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ : فَرَجَعَ عَسِيفُ عُمَرَ وَلَمْ يُخَنِّسْ لِفَرَسِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا شَأْنُكَ لَمْ تُخَنِّسْ لِفَرَسِي ؟ قَالَ : الْعَجَبُ ، مَرَرْتُ بِجَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ ، فَجَاءَ ابْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْمُخَيَّمِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا مِنْ ثِمَارِهَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ : قَدْ سَمِعْتَ قَالَ : فَانْدَفَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَنْزِلًا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ . قَالَ : فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَتَوَسَّدُ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ادْعُهُ ، وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي عَسِيفًا أَبْعَثُهُ يُخَنِّسُ لِفَرَسِي إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ ، وَإِنَّهُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ فَوَجَدَ جَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوَقَدْ قِيلَتْ ؟ فَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، فَارْتَحَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ : لَمْ يُرَحِّلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ مُرْتَحَلِهِ الَّذِي كَانَ يَرْتَحِلُ إِلَّا شَيْءٌ خَافَهُ أَوْ شَيْءٌ أَتَاهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْتَهِزَهُ قَالَ : حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِحَدِيثِهِ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ ، فَقَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ : إِنَّمَا عَاقَنَا عَنْ مُرْتَحَلِنَا الَّذِي كُنَّا نَرْحَلُ لَهُ قَوْلُ رَجُلٍ مِنْكُمْ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : فَوَثَبَ وَرَقَةُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَظْعَنَكَ عَنْ مُرْتَحَلِكَ الَّذِي كُنْتَ تَرْتَحِلُ إِلَّا قَوْلُ رَجُلٍ مِنَّا ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَئِنْ شِئْتَ لَآتِيَنَّكَ أَوَّلَهُ مِنْ رَأْسِهِ أَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ قَالَ : وَقَدْ كَانَ وَرَقَةُ ابْنَ عَمٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : فَأَبَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : لَا أُحِلُّ ، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا فَأْتُونِي بِهِ قَالَ : فَانْدَفَعُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ قَالُوا : يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَلَغَهُ عَنْكَ قَوْلٌ فَوَجَدَ عَلَيْكَ فِي نَفْسِهِ ، فَإِذَا أَنْتَ أَتَيْتَهُ فَاعْتَذِرْ إِلَيْهِ مِمَّا قُلْتَ ، وَمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ رَحِيمًا قَالَ : وَمَا بِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَلْوِي رَأْسَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ جَنْبَيْهِ وَيَقُولُ : مَا لِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ، أَفَأَنْتَ أَعَزُّ مِنِّي ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلْ أَنْتَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ ، مَا رَكِبْنَا حَتَّى رَكِبْتَ ، وَمَا قَاتَلْنَا حَتَّى كُنْتَ أَوَّلَ قَالَ : فَأَنْتَ الَّذِي تَقُولُ : لَنُمْسِكَنَّ مَا بِأَيْدِينَا مِنْ ثَمَرِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا عَنْ صَاحِبِهِمْ ؟ أَيْ أَنَّكَ تُنْفِقُ عَلَيْنَا قَالَ : وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ مَا قُلْتُ . وَنَزَلَتْ : {{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }}