• 1945
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ ، يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا شَأْنُ هَذَا ؟ " قَالَ ابْنَاهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ ، وَعَنْ نَذْرِكَ "

    وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَقُتَيْبَةُ ، وَابْنُ حُجْرٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَدْرَكَ شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ ، يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا شَأْنُ هَذَا ؟ قَالَ ابْنَاهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ ، وَعَنْ نَذْرِكَ ، وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ ، وَابْنِ حُجْرٍ ، وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

    يتوكأ: الاتكاء : الاستناد على شيء والميل عليه
    نذرك: النذر : إذا أوجبتَ على نفسِك شيئا تبرُّعا؛ من عبادة، أو صدقة، أو غير ذلك.
    اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ ، وَعَنْ نَذْرِكَ " ، وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ ،

    [1643] وَهُوَ مَعْنَى يُهَادَى وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ حَافِيَةً فَأَمَرَتْنِي

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك شيخًا يمشي بين ابنيه يتوكأ عليهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما شأن هذا؟ قال ابناه: يا رسول الله كان عليه نذر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اركب. أيها الشيخ! فإن الله غني عنك وعن نذرك.
    المعنى العام:
    النذر عهد يقطعه الإنسان على نفسه، ويلتزمه، ولم يكن من قبل لازمًا، وكانت العرب قبل الإسلام تنذر القرابين لأصنامها، وكانت تعتبر الوفاء بالنذر نوعًا من المروءة والشهامة والنجدة والأصالة والمعالي والمفاخر، فلما جاء الإسلام محض النذر لله، وجعله عهدًا لله وحده بشيء من الأشياء، لما مدح القرآن الكريم الوفاء بالنذر، وجعله من صفات الأبرار، أكثر المسلمون من النذر، حتى خيل لبعضهم أن الله يعطي من أجل النذر، وأن المقدور يتغير من شر إلى خير بسبب النذر، وأصبح المنذور في مخيلتهم كبدل ومقابل للفضل والعطاء، وأصبحت الطاعات التي تنذر ليست متمحضة للقربة والعبادة، بل كالعوض على أمر ومصلحة، بحيث لو لم تحصل للناذر هذه المصلحة لا يؤدي هذه الطاعة، فمن قال: إن شفى الله مريضي تصدقت بشاة، لم يتصدق بها إن لم يشف الله مريضه. ولما كان الإسلام حريصًا على خلوص الطاعات من الشوائب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال لأصحابه: لا تنذروا، فإن النذر لا يغير مما قدر لكم شيئًا، إن النذر يجعل العبادة ثقيلة على صاحبها، إنه أشبه بإلزام البخيل بإخراج شيء لم يكن يريد أن يخرجه من تلقاء نفسه، أطيعوا الله ابتداء وطواعية، ولا تطلبوا للطاعة مقابلاً. ومع ذلك. من نذر منكم أن يطيع الله وجب أن يوفي بنذره، وأن يطيعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، من نذر منكم طاعة فمات قبل أن يوفي نذره المالي قضى عنه ورثته نذره، فإن نفسه ستكون مرهونة بوفاء نذره. وعلم صلى الله عليه وسلم أن امرأة نذرت أن تذبح الناقة التي أسعفتها بالنجاة من أعدائها، فقال: بئس هذا الصنيع. بئست هذه المجازاة، هل جزاء الإحسان الإساءة، إن إيذاء المحسن معصية، ولا نذر في معصية، ثم إن هذه الناقة ليست ملكها، ولا نذر فيما لا يملكه الإنسان. ورأى صلى الله عليه وسلم رجلا عجوزًا حطامًا، يمشي بين ولديه، تجر رجلاه في الأرض، يتمايل ذات اليمين ، وذات الشمال، يتحامل على ابنه هذا مرة، وعلى ابنه الثاني أخرى، فقال: ما هذا؟ ما شأنه؟ قال ولداه: نذر أن يزور الكعبة ماشيًا، ولا يستطيع الوفاء إلا هكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه. مروه فليركب. وسئل صلى الله عليه وسلم عن امرأة نذرت أن تحج ماشية حافية، فأمر أن تلبس نعلها وأن تركب. وصدق الله العظيم إذ يقول: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128]. المباحث العربية (استفتى سعد بن عبادة في نذر كان على أمه) قيل: كان نذرًا بطاعة مطلقًا، وقيل: كان صومًا، وقيل: كان عتقًا، وقيل: كان صدقة، والنذر مصدر نذر ينذر بكسر الذال وضمها في المضارع، لغتان. وفي رواية قال سعد: إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ فيحتمل أن يكون سأل عن النذر وعن الصدقة عنها، وبين النسائي جهة الصدقة، وفيه فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء وفي الموطأ، خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض مغازيه، وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي. فقالت: فيم أوصي؟ المال مال سعد. فتوفيت قبل أن يقدم سعد. (فاقضه عنها) في رواية أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك. (أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا ينهانا عن النذر) في الرواية الخامسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنذروا. (ويقول: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من الشحيح) في الرواية الخامسة: فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل وفي ملحقها إنه لا يرد من القدر وفي الرواية الثالثة النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره وفي الرواية السادسة إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا، لم يكن الله قدره، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج وفي رواية لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له وفي هذه الألفاظ تعليل للنهي عن النذر، وليس المراد بالنهي الزجر عنه والتحذير من فعله، إذ لو كان كذلك لبطل حكمه، ولما لزم الوفاء به، لأنه بالنهي يصير معصية، فلا يلزم، كيف وقد مدح الله تعالى فاعله ووفاءه به؟ وإنما المراد من النهي تعظيم أمر النذر، وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه، وعدم التفريط في الوفاء به، فليس هناك نهي عن النذر في الحقيقة. وقيل: المراد النهي عن النذر حقيقة نهي تنزيه، من حيث إن الناذر يأتي بالقربة - عند الوفاء - مستثقلاً لها، لما صارت عليه ضربة لازم، وكل ملزوم لا ينشط للفعل نشاط مطلق الاختيار. وقيل: المراد النهي عن النذر، لأن الناذر لما لم ينذر القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب. وقيل: المراد النهي عن عقيدة تصاحب النذر غالبًا، وليس عن النذر مطلقًا، وكأنه قال: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدره الله لكم، أو على أنكم تصرفون به عنكم ما قدره الله عليكم، قال القاضي عياض: ويحتمل أن النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن النذر يرد القدر، ويمنع من حصول المقدر، فنهى عنه خوفًا من جاهل يعتقد ذلك. وفي الرواية الثانية، يستخرج به من الشحيح وفي الثالثة من البخيل وفي رواية من اللئيم والمعاني متقاربة، لأن الشح أخص، واللؤم أعم، قال الراغب: البخل إمساك ما يقتضي عمن يستحق، والشح بخل مع حرص. واللؤم فعل ما يلام عليه. قال البيضاوي: والمعنى أن عادة الناس تعليق النذر على تحصيل منفعة، أو دفع مضرة، فنهي عنه لأنه فعل البخلاء، إذ السخي إذا أراد أن يتقرب بادر إليه، والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفيه أولا، فيلتزمه في مقابلة ما يحصل له، وذلك لا يغني من القدر شيئًا، فلا يسوق إليه خيرًا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرًا قضي عليه، لكن النذر قد يوافق القدر، فيخرج من البخيل ما لولاه لم يكن ليخرجه. ومعنى أنه لا يأتي بخير، كما جاء في الرواية الرابعة، أن عقباه لا تحمد، وقد يتعذر الوفاء به، وإن كان يترتب عليه خير، وهو فعل الطاعة التي نذرها، وقال النووي: معناه أنه لا يرد شيئًا من القدر، كما بينته الروايات الأخرى. (كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل) ثقيف علم على قبيلة، ممنوع من الصرف، وعقيل مصغر، والحلف بكسر الحاء التعاهد على النصرة والنصيحة والتعاون والحماية. (وأصابوا معه العضباء) أي واستولوا على الناقة التي كانت معه، والتي سميت العضباء، وفي أحمد وأبي داود، كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل، وأخذت العضباء معه وكانت ناقة سباقة، لا تكاد تسبق، فأطلق عليها عند الرجل: سابقة الحاج. (فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية أحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، عليه قطيفة. (فقال -إعظامًا لذلك-: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف) أي بجريمتهم، أي أجابه على سؤاله إعظامًا أن يكون قد أخذه بغير جريرة، أي إعظامًا للأخذ بدون جريمة. (لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح) أي لو قلت كلمة الإسلام قبل الأسر، حين كنت مالك أمرك، أفلحت كل الفلاح، لأنه لا يجوز أسرك لو أسلمت قبل الأسر، فكنت فزت بالإسلام، وبالسلامة من الأسر، ومن أخذ مالك وناقتك غنيمة، وأما إذ أسلمت بعد الأسر، فيسقط الخيار في قتلك، ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء، قاله النووي. (هذه حاجتك) أي خذ طعامًا وماء. (ففدي بالرجلين) أي فك إساره على سبيل المفاداة بالرجلين اللذين أسرا من المسلمين، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله، فكانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وأسرت امرأة من الأنصار) قال النووي: هي امرأة أبي ذر رضي الله عنه. (وأصيبت العضباء) في رواية لأحمد ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة، فذهبوا به، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين ولعلها كانت قريبة من السرح، فأخذوها مع السرح. (وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم) في رواية أحمد فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم. (فانفلتت ذات ليلة من الوثاق) أي فتخلصت من وثاقها، واتجهت نحو الإبل، لتركب وتهرب. (فجعلت إذا دنت من البعير رغا) أي كلما قربت من بعير، وحاولت أن تركب عليه صوت وضج. (حتى تنتهي إلى العضباء فلم ترغ)، أي حتى انتهت إلى العضباء، ففيه التعبير عن الماضي بالمضارع لاستحضار الصورة، وفي رواية لأحمد حتى أتت العضباء، فلم ترغ يقال: رغا يرغو رغوًا، أي صارت له رغوة، ورغا البعير رغوًا ورغاء. (وناقة منوقة) أي والعضباء ناقة منوقة، بضم الميم وفتح النون وتشديد الواو المفتوحة، أي مذللة، وفي ملحق الرواية فأتت على ناقة ذلول مجرسة بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الراء المفتوحة، يقال: جرسته الأمور، أي حنكته، وناقة مجرسة، أي مدربة على السير والركوب. (فقعدت في عجزها) التعبير بفي للإشارة إلى صغر حجم المرأة، وانكماشها وتخفيها، والأصل قعدت على عجزها. (ثم زجرتها، فانطلقت) كانت الناقة باركة، فركبت، وحركتها للقيام، ووجهتها جهة المدينة، فانطلقت بها وأسرعت. (ونذروا بها، فطلبوها، فأعجزتهم) ونذروا فتح النون وكسر الذال، أي علموا بها، يقال: نذر بالشيء، ينذر بفتح الذال في المضارع، علمه فحذره، وأنذره الشيء أعلمه به، وطلبوها أي التمسوها وأرادوها، وسعوا وراءها فسبقتهم، فلم يدركوها. (رأى شيخًا يهادى بين ابنيه) في الرواية التاسعة أدرك شيخًا يمشي بين ابنيه، يتوكأ عليهما وهو معنى يهادى بضم الياء وفتح الدال، مبني للمجهول، يقال: هادى فلان فلانًا، أي جعله يتمايل في مشيته، كما يقال: جاء يتهادى بين اثنين، أي يعتمد عليهما من ضعف، وفي رواية الترمذي يتهادى. (قالوا: نذر أن يمشي) في الرواية التاسعة أن الذي أجاب عن السؤال ولدا الرجل، والمراد المشي إلى بيت الله. (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية) عند أحمد وأصحاب السنن حافية غير مختمرة زاد الطبري وهي امرأة ثقيلة والمشي يشق عليها. (لتمش ولتركب) في رواية مرها فلتختمر، ولتصم ثلاثة أيام وفي رواية قال: فلتركب، ولتهد بدنة. فقه الحديث النذر أنواع 1) نذر التبرر المحض، كأن يقول: لله علي حجة، أو صوم ثلاثة أيام مثلاً ويسمى نذر الطاعة المطلق. 2) ونذر اللجاج، كأن يقول: إن كلمت زيدًا مثلاً فلله علي حجة، وهو يريد الامتناع من كلام زيد، فيكلمه. 3) ونذر الطاعة المعلق على فعل طاعة، كأن يقول: إن حججت فلله علي أن أذبح هناك عشرًا. 4) ونذر الطاعة المعلق على معصية، كأن يقول: إن شربت خمرًا فلله علي أن أصوم شهرًا. 5) ونذر المعصية المطلق، كأن يقول: لله علي أن أقتل فلانًا -وهو لا يحل قتله. 6) ونذر المعصية المعلق على مباح أو على معصية، كأن يقول: إن أكلت عندك فلله علي أن أشرب خمرًا، أو يقول: إن قتلت زيدًا فلله علي أن أشرب دمه. والنوعان الأخيران نذر معصية، يجب عدم الوفاء به، وهل يجب فيه كفارة يمين؟ أو هو لاغ لا ينعقد، ولا شيء عليه؟ يرى أحمد وبعض الشافعية أن عليه كفارة يمين، واحتجوا برواية عن عمران بن حصين، وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين وحديث عمران أخرجه النسائي وضعفه، وحديث عائشة أخرجه أصحاب السنن، ورواته ثقات، لكنه معلول، كما قال الحافظ ابن حجر، كما احتجوا بعموم حديث عقبة بن عامر، روايتنا الحادية عشرة، ولفظها كفارة النذر كفارة اليمين واحتج لهم بأن الشارع نهى عن المعصية، وأمر بالكفارة، فتعينت. قال النووي: وقوله صلى الله عليه وسلم لا وفاء لنذر في معصية ولا نذر في معصية الله كما هو في روايتنا السابعة وملحقها -قال: في هذا دليل على أن من نذر معصية، كشرب الخمر ونحو ذلك، فنذره باطل، لا ينعقد، ولا تلزمه كفارة يمين، ولا غيرها، وبهذا قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وداود وجمهور العلماء. والأنواع الأربعة الأول نذر طاعة، وهناك نوع سابع، وهو نذر المباح، وفي انعقاده خلاف فمن صححه استدل بقوله صلى الله عليه وسلم لا نذر في معصية فنفي النذر في المعصية يبقي ما عداها ثابتًا، كما استدلوا بما أخرجه أحمد والترمذي من حديث بريدة أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف؟ فقال: أوف بنذرك كان ذلك وقت خروجه صلى الله عليه وسلم في غزوة، فنذرت: إن رده الله سالمًا. كما أخذ من الحديث جواز الضرب بالدف في غير النكاح والختان. قال الحافظ ابن حجر: والحديث حجة في ذلك، اهـ وفيه خلاف طويل، لا يتسع له المقام. وذهب جماعة إلى أن النذر لا ينعقد في المباح، واستدلوا بما أخرجه أحمد إنما النذر ما يبتغي به وجه الله وأجابوا عن قصة المرأة التي نذرت الضرب بالدف بأن من قسم المباح ما قد يصير بالقصد مندوبًا. هذا من حيث الوفاء بالنذر، أما من حيث حكم النذر نفسه فقد ذكر أكثر الشافعية، ونقل عن نص الشافعي: أن النذر مكروه، لثبوت النهي عنه، وكذا نقل عن المالكية، واحتجوا بأنه ليس طاعة محضة، لأنه لم يقصد به خالص القربة، وإنما قصد أن ينفع نفسه، أو يدفع عنها ضررًا، بما التزمه، وجزم الحنابلة بالكراهة وعندهم رواية في أنها كراهة تحريم، و توقف بعضهم في صحتها. قال الترمذي -بعد أن ترجم: كراهة النذر - والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، كرهوا النذر. وقال ابن المبارك: معنى الكراهة في النذر في الطاعة أنه إن وفى به فله فيه أجر، ويكره له النذر، قال ابن دقيق العيد: وفيه إشكال على القواعد، فإنها تقتضي أن الوسيلة إلى الطاعة طاعة، كما أن الوسيلة إلى المعصية معصية، والنذر وسيلة إلى التزام القربة، فيلزم أن يكون قربة، إلا أن الحديث دل على الكراهة، ثم أشار إلى التفرقة بين نذر المجازاة، فحمل النهي عليه، وبين نذر الابتداء، فهو قربة محضة، وقال ابن أبي الدم: القياس استحبابه، والمختار أنه خلاف الأولى، وليس بمكروه. قال الحافظ ابن حجر: ونوزع بأن خلاف الأولى ما اندرج في عموم نهي، والمكروه ما نهي عنه بخصوصه، وقد ثبت النهي عن النذر بخصوصه، فيكون مكروهًا، وأقل درجاته أن يكون مكروهًا كراهة تنزيه. وذهب بعض الشافعية إلى أن نذر الطاعة مستحب، لأن الله أثنى على من وفى به، ولأنه وسيلة إلى القربة، فيكون قربة. وتوسط بعضهم، فقال: الذي دل الخبر على كراهته نذر المجازاة، وأما نذر التبرر فهو قربة محضة، ووجه الكراهة في نذر المجازاة أنه لما وقف فعل القربة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحص له نية التقرب إلى الله تعالى، بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ويوضحه أنه لو لم يحصل له المعلق عليه لم يفعل المعلق، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج شيئًا من ماله إلا بعوض عاجل، يزيد على ما أخرج غالبًا. وقد حمل بعضهم النهي على من علم من حاله عدم القيام بما التزمه. وهو بعيد. والله أعلم. ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم (1) من الرواية الأولى، من قوله فاقضه عنها دليل لقضاء الحقوق الواجبة على الميت. أما الحقوق المالية فمجمع عليها، وأما البدنية ففيها خلاف، قدمناه قريبًا في كتاب الوصية. قال النووي: ثم إن مذهب الشافعي وطائفة أن الحقوق المالية الواجبة على الميت، من زكاة وكفارة ونذر، يجب قضاؤها، من تركته، سواء أوصى بها أم لا، كديون الآدمي، وقال أبو حنيفة ومالك وأصحابهما: لا يجب قضاء شيء من ذلك إلا أن يوصى به، ولأصحاب مالك خلاف في الزكاة إذا لم يوص بها. ثم قال: واعلم أن مذهبنا ومذهب الجمهور أن الوارث لا يلزمه قضاء النذر الواجب على الميت، إذا كان غير مالي، ولا إذا كان ماليًا ولم يخلف تركة، لكن يستحب له ذلك، وقال أهل الظاهر: يلزمه ذلك، لحديث سعد هذا. اهـ ولكن يمكن أن يكون سعد قضاه من تركتها، أو تبرع به. قاله الحافظ ابن حجر. (2) وفيه استفتاء الأعلم. (3) وفيه بر الوالدين بعد موتهما، والحث على براءة ما في ذمتهما. (4) ومن روايات النهي عن النذر، رواياتنا الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، عمم بعض العلماء النهي على جميع أنواع النذر، وقد سبق اختلافهم في حكمه، وقال القاضي عياض -عن نذر الطاعة - ومحصل مذهب مالك أنه مباح، إلا إذا كان مؤبدًا، لتكرره عليه في أوقات، فقد يثقل عليه فعله، فيفعله بالتكلف، من غير طيب نفس، وهو غير خالص النية، فحينئذ يكره. (5) قال ابن العربي: في قوله: يستخرج به من البخيل حجة على وجوب الوفاء بما التزمه الناذر -أي من الطاعات - لأن الحديث نص على ذلك بقوله: يستخرج به فإنه لو لم يلزمه إخراجه لما تم المراد من وصفه بالبخل من صدور النذر عنه، إذ لو كان مخيرًا في الوفاء لاستمر لبخله على عدم الإخراج. (6) وفي الحديث الرد على القدرية، الذين ينفون أن الله قدر الأشياء أزلاً. (7) وفيه أن كل شيء من وجوه البر يبتدئه المكلف، أفضل مما يلتزمه بالنذر. (8) وفيه الحث على الإخلاص في عمل الخير، وذم البخل، وأن من فعل المأمورات واجتنب المنهيات لا يعد بخيلاً. (9) ومن الرواية السابعة جواز المفاداة. (10) وأن إسلام الأسير لا يسقط حق الغانمين منه، بخلاف ما لو أسلم قبل الأسر. قال النووي: وليس في هذا الحديث أنه حين أٍسلم، وفادى به، رجع إلى دار الكفر، ولو ثبت رجوعه إلى دارهم، وهو قادر على إظهار دينه، لقوة شوكة عشيرته، أو نحو ذلك، لم يحرم ذلك، فلا إشكال في الحديث، وقد استشكله المازري، وقال: كيف يرد المسلم إلى دار الكفر؟ وهذا الإشكال باطل مردود بما ذكرته. (11) وفي هذا الحديث جواز سفر المرأة وحدها، بلا زوج ولا محرم ولا غيرهما، إذا كان سفر ضرورة، كالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكالهرب ممن يريد منها فاحشة ونحو ذلك، والنهي عن سفرها وحجها محمول على غير الضرورة. (12) قال النووي: وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن الكفار إذا غنموا مالاً للمسلم لا يملكونه، وقال أبو حنيفة وآخرون: يملكونه إذا حازوه إلى دار الحرب وحجة الشافعي وموافقيه هذا الحديث، وموضع الدلالة منه ظاهر. اهـ فالعضباء عادت إلى ملك المسلمين بدون عوض ولا مقابل، فدل على أنها لم تخرج عن ملكهم، ولم تدخل ملك الكفار. (13) واستدل بقوله ولا فيما لا يملك العبد أن النذر فيما لا يملك لا ينعقد، ولا تجب فيه كفارة يمين، والمقصود به ما إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه، كأن يقول: إذا شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبد فلان، أو أن أتصدق بثوب فلان أو دار فلان، أو نحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئًا لا يملكه، فيصح نذره، مثاله: أن يقول: إن شفى الله مريضي فلله علي عتق رقبة، وهو في هذه الحالة لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره، وإن شفى الله المريض ثبت العتق في ذمته، قاله النووي. أما الحنابلة فقالوا: عليه كفارة يمين لأن النذر يمين، لأنه عقد لله بالتزام شيء، والحالف عقد يمينه بالله ملتزمًا بشيء. (14) استدل بقوله كفارة النذر كفارة اليمين أن جميع النذور يخير صاحبها بين الوفاء بما التزمه، وبين كفارة اليمين، كذا قال جماعة من فقهاء المحدثين، وحمله جمهور الشافعية على نذر اللجاج، وحمله مالك وكثيرون على النذر المطلق، كقوله: علي نذر، وحمله أحمد وبعض الشافعية على النذر في المعصية. والله أعلم

    وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ، حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عَمْرٍو، - وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَدْرَكَ شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ مَا شَأْنُ هَذَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ابْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ ‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ ‏"‏ ‏.‏ وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ وَابْنِ حُجْرٍ ‏.‏

    Abu Huraira reported:Allah's Apostle (ﷺ) found an old man walking between his two sons supported by them, whereupon Allah's Apostle (ﷺ) said: What is the matter with him? He (the narrator) said: Allah's Messenger, they are his sons and there is upon him the (fulfilment) of the vow, whereupon Allah's Apostle (ﷺ) said: Ride, old man, for Allah is not in need of you and your vow

    Telah menceritakan kepada kami [Yahya bin Ayyub] dan [Qutaibah] dan [Ibnu Hujr] mereka berkata; telah menceritakan kepada kami [Isma'il] -yaitu Ibnu Ja'far- dari ['Amru] -yaitu Ibnu Abu 'Amru- dari [Abdurrahman Al A'raj] dari [Abu Hurairah], bahwa Nabi shallallahu 'alaihi wasallam melihat seorang laki-laki tua berjalan dengan diapit oleh kedua putranya, maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Kenapa orang ini?" kedua putaranya menjawab, "Wahai Rasulullah, dia sedang menunaikan nadzarnya." Lantas Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Naiklah kendaraan wahai bapak tua, sesungguhnya Allah Mahakaya (tidak butuh) nadzarmu yang seperti itu." Dan ini adalah lafaz Qutaibah dan Ibnu Hujr." Dan telah mengabarkan kepada kami [Qutaibah bin Sa'id] telah menceritakan kepada kami [Abdul Aziz] -yaitu Ad Darawardi- dari ['Amru bin Abu 'Amru] dengan isnad seperti ini

    Bize Yahya b. Eyyûb ile Kuteyhe ve İbni Hucr rivayet ettiler. (Dedilerki): Bize îsmâîl yâni îbni Ca'fer, Amr'dan —ki İbni Ebî Amr'dır— o da Abdurrahmân EI-A'rac'dan, o da Ebû Hureyre'den naklen rivayette bulunduki, Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) iki oğlunun arasında onlara dayanarak giden bir ihtiyara yetişerek: «Buna ne oldu?» diye sormuş. Oğulları: — Yâ Resûlâllah, nezri vardı, cevabını vermişler. Bunun üzerine Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem): «Bin ey ihtiyar! Zira Allah senden ve nezrinden ganîdir.» buyurmuş. Lâfız Kuteybe ile İbni Hucr'undur

    یحییٰ بن ایوب ، قتیبہ اور ابن حجر نے ہمیں حدیث بیان کی ، انہوں نے کہا : ہمیں اسماعیل بن جعفر نے عمرو بن ابی عمرو سے حدیث بیان کی ، انہوں نے عبدالرحمان اعرج سے اور انہوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے روایت کی کہ نبی صلی اللہ علیہ وسلم ایک بوڑھے آدمی کو ملے جو اپنے دو بیٹوں کے درمیان ، ان کا سہارا لیے چل رہا تھا تو نبی صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا : " اس کا معاملہ کیا ہے؟ " اس کے دونوں بیٹوں نے کہا : اللہ کے رسول! اس کے ذمے نذر تھی ۔ تو نبی صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا : " اے بزرگ! سوار ہو جاؤ ، اللہ تعالیٰ تم سے اور تمہاری نذر سے بے نیاز ہے ( اسے اس کی ضرورت نہیں ۔ ) ۔ ۔ الفاظ قتیبہ اور ابن حجر کے ہیں

    ইয়াহইয়া ইবনু আইয়্যুব, কুতাইবাহ ও ইবনু হুজুর (রহঃ) ..... আবূ হুরাইরাহ্ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত যে, একবার নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এক বৃদ্ধকে তার দু'পুত্রের মাঝে তাদের উপর ভর দিয়ে চলতে দেখেন। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন, এ ব্যক্তির কী হলো? তার দু'পুত্র বললেন, হে আল্লাহর রসূল! তার উপর (হেঁটে যাওয়ার) মানত ছিল। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ ওহে বৃদ্ধ! তুমি বাহনে উঠ। কেননা আল্লাহ তোমার ও তোমার মানতের ব্যাপারে অমুখাপেক্ষী! এ শব্দ হল কুতাইবাহ ও ইবনু হুজুর (রহঃ) এর। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৪১০২, ইসলামিক সেন্টার)