• 1619
  • سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ ، يَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ ، فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي : وَكَانُوا مُحْرِمِينَ : نَاوِلُونِي السَّوْطَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ ، لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ ، ثُمَّ رَكِبْتُ ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كُلُوهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تَأْكُلُوهُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ : " هُوَ حَلَالٌ ، فَكُلُوهُ "

    وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ ، يَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ ، فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي : وَكَانُوا مُحْرِمِينَ : نَاوِلُونِي السَّوْطَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ ، لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ ، ثُمَّ رَكِبْتُ ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كُلُوهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تَأْكُلُوهُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ : هُوَ حَلَالٌ ، فَكُلُوهُ

    يتراءون: تراءى : نظر ورأى
    فأسرجت: أسرج الدابة : شد عليها السرج
    السوط: السوط : أداة جِلْدية تستخدم في الجَلْد والضرب
    أكمة: الأكمة : ما ارتفع من الأرض دون الجبل
    فعقرته: العقر : الذبح والقتل والهلاك
    هُوَ حَلَالٌ ، فَكُلُوهُ
    حديث رقم: 1740 في صحيح البخاري كتاب جزاء الصيد باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا، ففطن الحلال
    حديث رقم: 1741 في صحيح البخاري كتاب جزاء الصيد باب: لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد
    حديث رقم: 1742 في صحيح البخاري كتاب جزاء الصيد باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال
    حديث رقم: 2458 في صحيح البخاري كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها باب من استوهب من أصحابه شيئا
    حديث رقم: 2726 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب اسم الفرس والحمار
    حديث رقم: 3945 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية
    حديث رقم: 2786 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في الرماح
    حديث رقم: 5114 في صحيح البخاري كتاب الأطعمة باب تعرق العضد
    حديث رقم: 5196 في صحيح البخاري كتاب الذبائح والصيد باب ما جاء في التصيد
    حديث رقم: 5197 في صحيح البخاري كتاب الذبائح والصيد باب التصيد على الجبال
    حديث رقم: 2140 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
    حديث رقم: 2138 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
    حديث رقم: 2141 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
    حديث رقم: 1615 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
    حديث رقم: 833 في جامع الترمذي أبواب الحج باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم
    حديث رقم: 2808 في السنن الصغرى للنسائي كتاب مناسك الحج إذا ضحك المحرم ففطن الحلال للصيد فقتله أيأكله أم لا؟
    حديث رقم: 2798 في السنن الصغرى للنسائي كتاب مناسك الحج ما يجوز للمحرم أكله من الصيد
    حديث رقم: 2807 في السنن الصغرى للنسائي كتاب مناسك الحج إذا ضحك المحرم ففطن الحلال للصيد فقتله أيأكله أم لا؟
    حديث رقم: 2809 في السنن الصغرى للنسائي كتاب مناسك الحج إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال
    حديث رقم: 4314 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الصيد والذبائح باب إباحة أكل لحوم حمر الوحش
    حديث رقم: 3090 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ ، إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ
    حديث رقم: 786 في موطأ مالك كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 788 في موطأ مالك كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 2432 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَشَارَ لِلْحَلَالِ الصَّيْدَ فَاصْطَادَهُ
    حديث رقم: 2431 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الزَّجْرِ عَنْ مَعُونَةِ الْمُحْرِمِ لِلْحَلَالِ عَلَى الِاصْطِيَادِ بِالْإِشَارَةِ وَمُنَاوَلَةِ السِّلَاحِ
    حديث رقم: 2439 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ
    حديث رقم: 2440 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ
    حديث رقم: 21962 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22039 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 21999 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22000 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22004 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22050 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22019 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 22032 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
    حديث رقم: 4051 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ ، مَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ ، وَمَا لَا يُبَاحُ
    حديث رقم: 4053 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ ، مَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ ، وَمَا لَا يُبَاحُ
    حديث رقم: 3680 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ المناسك إِشْعَارُ الْهَدْيِ
    حديث رقم: 3681 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ المناسك إِشْعَارُ الْهَدْيِ
    حديث رقم: 4720 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الصَّيْدِ إِبَاحَةُ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْوَحْشِ
    حديث رقم: 1622 في سنن الدارمي مِنْ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ بَابٌ فِي أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَصِدْ هُوَ
    حديث رقم: 8074 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْمُحْرِمِ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 8075 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْمُحْرِمِ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9316 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9257 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ دُخُولِ مَكَّةَ
    حديث رقم: 9315 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9317 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9318 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9319 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9328 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9329 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 9330 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 18075 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الضَّحَايَا جِمَاعُ أَبْوَابِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ
    حديث رقم: 423 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الْمَنَاسِكِ
    حديث رقم: 2405 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ الْمَوَاقِيتِ
    حديث رقم: 3093 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ بَابٌ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ
    حديث رقم: 414 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 624 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثُ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 625 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثُ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2435 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا ؟
    حديث رقم: 2433 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا ؟
    حديث رقم: 2434 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا ؟
    حديث رقم: 3 في جزء فيه مجلس من فوائد الليث بن سعد جزء من فوائد الليث بن سعد جُزْءٌ مِنْ فَوَائِدِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
    حديث رقم: 79 في بيان خطأ من أخطأ على الشافعي للبيهقي بيان خطأ من أخطأ على الشافعي للبيهقي حَدِيثٌ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 502 في الآثار لأبي يوسف القاضي الآثار لأبي يوسف القاضي بَابُ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 836 في مسند الشافعي مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ مِنَ الْأَصْلِ الْعَتِيقِ
    حديث رقم: 175 في اختلاف الحديث للشافعي اختلاف الحديث بَابُ مَا يَأْكُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 69 في حديث أبي محمد الفاكهي حديث أبي محمد الفاكهي
    حديث رقم: 2929 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2930 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2931 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2933 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2934 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2939 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِمَنْ صِيدَ
    حديث رقم: 2932 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2936 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2937 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ آمِنٌ
    حديث رقم: 2938 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِمَنْ صِيدَ
    حديث رقم: 2940 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِمَنْ صِيدَ
    حديث رقم: 413 في أمالي المحاملي أمالي المحاملي مَجْلِسُ إِمْلَاءِ الْمَحَامِلِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

    [1196].
    قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) إِلَى آخِرِهِ الْقَاحَةِ بِالْقَافِ وبالحاء المهملةالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهالْمُخَفَّفَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا قَيَّدَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْقَافُ وَهُوَ وَادٍ عَلَى نَحْوِ مِيلٍ مِنَ السُّقْيَا وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَالسُّقْيَا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتَ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ والأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع أيضا (وَتِعْهِنَ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَ وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ قَالَ وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْقَاضِي وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا (غَيْقَةَ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍمَفْتُوحَةٍ وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ.
    قَوْلُهُ (فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ هَذَا قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى المدينةوَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ.
    قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِالرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مجازا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا مَعَنَا رِجْلُهُ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا إِنَّمَا أَخَذَهَا وَأَكَلَهَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ فِي إِبَاحَتِهِ وَمُبَالَغَةً فِي إِزَالَةِ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ عَنْهُمْ بِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
    قَوْلُهُ (فَقَالَ انما هي طعمة) هي الطَّاءِ أَيْ طَعَامٌ.
    قَوْلُهُ (أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وأسير شأوا) هو بالشين المعجمة مهموز والشأو الطَّلْقُ وَالْغَايَةُ وَمَعْنَاهُ أَرْكُضُهُ شَدِيدًا وَقْتًا وَأَسُوقُهُ بِسُهُولَةٍ وَقْتًا.
    قَوْلُهُ (فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا) أَمَّا غَيْقَةُ وَالسُّقْيَا وَتِعْهِنُ فَسَبَقَ ضَبْطُهُنَّ وَبَيَانُهُنَّ وَقَوْلُهُ قَائِلٌ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا قَائِلٌ بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَمَعْنَاهُ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا وَمَعْنَى قَائِلٌ سَيَقِيلُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَالْجُمْهُورُ غَيْرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَغَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ تِعْهِنُ مَوْضِعٌ مقابل لِلسُّقْيَا.
    قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أصحابك يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ إِرْسَالِ السَّلَامِ إِلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَمَنْ دُونَهُ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ تَبْلِيغُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ رَدُّ الْجَوَابِ حِينَ يَبْلُغُهُ عَلَى الْفَوْرِ.
    قَوْلُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُخَفَّفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ أَصَدْتُ وَيُقَالُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِدْتُ وَفِي بَعْضِهَا اصْطَدْتُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ) رُوِيَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا وَرُوِيَ صِدْتُمْ قَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِالتَّخْفِيفِ فِي أَصَدْتُمْ وَمَعْنَاهُ أَمَرْتُمْ بِالصَّيْدِ أَوْ جَعَلْتُمْ مَنْ يَصِيدُهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَثَرْتُمُ الصَّيْدَ مِنْ مَوْضِعِهِ يُقَالُ أَصَدْتُ الصَّيْدَ مُخَفَّفٌ أَيْ أَثَرْتُهُ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ صِدْتُمْ أَوْ أَصَّدْتُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيدُوا وَإِنَّمَا سألوهعَمَّا صَادَ غَيْرُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

    [1196] بالقاحة بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة المخففة وَاد على ثَلَاث مراحل من الْمَدِينَة وصحف من قَالَه بِالْفَاءِ وَهُوَ غير محرم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ جَاوز الْمِيقَات وَهُوَ غير محرم فَالْجَوَاب أَن الْمَوَاقِيت لم تكن وقتت بعد وَقيل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه ورفقته لكشف عَدو بِجِهَة السَّاحِل وَقيل بل بَعثه أهل الْمَدِينَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد خُرُوجه ليعلمه أَن بعض الْأَعْرَاب يقصدون الإغارة على الْمَدِينَة طعمة بِضَم الطَّاء أَي طَعَام يضْحك بَعضهم إِلَيّ قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا وَقع فِي جَمِيع نسخ بِلَادنَا إِلَيّ بتَشْديد الْيَاء قَالَ القَاضِي وَهُوَ خطأ وَوَقع فِي رِوَايَة بعض الروَاة عَن مُسلم إِلَى بعض فأسقط لَفْظَة بعض وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا بغيقة بغين مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة تحتية سَاكِنة ثمَّ قَاف مَفْتُوحَة مَوضِع فِي بِلَاد بني غفار بَين مَكَّة وَالْمَدينَة أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا بالشين الْمُعْجَمَة مَهْمُوز أَي طلقا وَالْمعْنَى أركضه شَدِيدا وقتا وأسوقه بسهولة وقتا بتعهن بمثناة فَوق مَكْسُورَة ومفتوحة ثمَّ عين مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ هَاء مُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ نون مَاء هُنَاكَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من السقيا وَهُوَ قَائِل بِهَمْزَة من القيلولة أَي فِي عزمه أَن يقيل بالسقيا وَرُوِيَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ تَصْحِيف السقيا بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف ثمَّ مثناة تَحت مَقْصُور قَرْيَة جَامِعَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِنِّي اصطدت وَفِي رِوَايَة أصدت بتَشْديد الصَّاد بِمَعْنى اصطدت وَفِي أُخْرَى أصدت بتخفيفها أَي أثرت الصَّيْد من مَوْضِعه وَفِي أُخْرَى صدت وَمَعِي مِنْهُ أَي من الصَّيْد الَّذِي دلّ عَلَيْهِ اصطدت أَو أصدتم رُوِيَ بتَشْديد الصَّاد أَي اصطدتم وبتخفيفها أَي أمرْتُم بالصيد أَو أثرتم الصَّيْد من مَوْضِعه وَرُوِيَ صدتم

    عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا كنا بالقاحة. فمنا المحرم ومنا غير المحرم. إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئاً. فنظرت فإذا حمار وحش. فأسرجت فرسي وأخذت رمحي. ثم ركبت. فسقط مني سوطي. فقلت لأصحابي، وكانوا محرمين: ناولوني السوط. فقالوا والله! لا نعينك عليه بشيء. فنزلت فتناولته. ثم ركبت. فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة. فطعنته برمحي، فعقرته، فأتيت به أصحابي. فقال بعضهم: كلوه. وقال بعضهم: لا تأكلوه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا. فحركت فرسي فأدركته. فقال هو حلال. فكلوه.
    المعنى العام:
    شاءت حكمة الله أن يجعل بيته الحرام أمناً، أمناً حتى على الحيوان، فحرم صيده، بل حرم تنفير صيده، بل شاءت حكمة الله أن يجعل قاصد بيته مصدر أمن، وصورة للسلم والمسالمة حتى مع الصيد، فحرم جل شأنه على المحرم صيد البر، فقال: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة: 96]. وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 95]. وقرر عقاباً وجزاء لمن يرتكب هذه الجريرة مع الوعيد الشديد، فقال: {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} [المائدة: 95]. والجريمة إذا عظمت أحيطت بسياج من الممنوعات، فحرمت السنة مساعدة المحرم للصائد، حرمت على المحرم أن يعين الصائد محرماً أو حلالاً بأي نوع من أنواع العون حتى الإشارة، وحرمت على المحرم أن يأكل من لحم صيد صاده محرم، أو صاده محل من أجله، وهذه الأحاديث تصور لنا هذا الإطار الحكيم. الصعب بن جثامة -وهو حل- يصطاد حماراً وحشياً، فيهديه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلا يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الهدية، ويردها لمهديها، فيظهر الأسف والخجل والكسوف في وجه الصعب، فيقول له صلى الله عليه وسلم: لم نردها عليك استهانة بها أو بك أو غضباً عليك ولكن لأننا جميعاً محرمون لا نأكل لحم صيد لنا، لولا أننا محرمون لقبلناه منك وأكلناه. وهذا أبو قتادة يخرج في جيش المسلمين لغزوة الحديبية، وفي الطريق يرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه لمهمة استطلاعية، أحرم أصحابه الذين معه بعمرة، ولم يحرم، وبقي حلالاً. ونزلوا يستريحون، وجلس أبو قتادة يخصف نعله. لاحت منه التفاتة إلى أصحابه فوجدهم ينظرون بعيداً، ثم ينظر بعضهم إلى بعض يبتسمون، إنهم يرون حمار وحش سهل الصيد، لكنهم ممنوعون من الصيد، إن أبا قتادة بينهم حلال، يمكنه أن يصطاده، لكنهم ممنوعون من الإشارة عليه بالصيد، وأدرك أبو قتادة الأمر، فوضع السرج على فرسه وأخذ سوطه ورمحه وركب، فسقط السوط والرمح، فطلب من أصحابه أن يناولوه، فرفضوا لأنهم ممنوعون من إعانته على الصيد بأي وجه من وجوه العون، فنزل فأخذ سوطه ورمحه، وركض بفرسه حتى أدرك الحمار الوحشي فطعنه برمحه فعقره، ثم جاء به إلى أصحابه فمنهم من اعتقد حل الأكل فشوى وأكل، ومنهم من امتنع ثم قالوا: وما لنا نتشكك ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمامنا؟ قريب منا فأسرعوا إليه وسبقهم إليه أبو قتادة، فسأله. فقال صلى الله عليه وسلم لهم: هل منكم أحد أشار أو أعان أبا قتادة؟ قالوا: لا. قال: هل معكم من لحمه شيء؟ قالوا: نعم. رجله. فأخذها فأكلها. وقال: هو حلال. هو طعمة أطعمكم الله إياها. إذا حصلتم على مثلها فكلوه. صلى الله وسلم وبارك عليه، ورضي عن صحابته أجمعين. المباحث العربية (عن الصعب بن جثامة) الصعب بفتح الصاد وسكون العين، وأبوه جثامة بفتح الجيم وتشديد الثاء، وهو من بني ليث، وكان ابن أخت أبي سفيان بن حرب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عوف بن مالك. (حماراً وحشياً) بنصب وحشياً على الوصف، وفي الرواية الثانية حمار وحش على الإضافة، وفي الرواية الثالثة رجل حمار وحش وفي ملحقها عجز حمار وحش يقطر دماً وفي ملحقها الثاني شق حمار وحش وفي الرواية الرابعة عضو من لحم صيد. وقد مال النووي إلى أن المهدى جزء حمار، وأن رواية حماراً من إطلاق الكل وإرادة الجزء، وحمل على البخاري إذ ترجم للحديث بباب: إذا أهدي للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل. وقال: ليس في سياق الحديث تصريح بذلك، وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك، وهو باطل، لأن الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح. اهـ ويحاول القرطبي الدفاع عن البخاري فيقول: يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحاً، ثم قطع منه عضواً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقدمه له، فمن قال: أهدى حماراً أراد بتمامه، مذبوحاً، أو حيا، ومن قال: لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم. قال: ويحتمل أنه أهداه له حياً، فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه، ظاناً أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته، فأعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل. قال: والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات. اهـ ويؤيد الحافظ ابن حجر هذا الاتجاه، فيقول: إذا تأملت ما تقدم لم يحسن إطلاقه [أي إطلاق النووي] لبطلان التأويل المذكور، ولا سيما في رواية الزهري [وفيها حماراً وحشياً] التي هي عمدة هذا الباب، وقد قال الشافعي في الأم: حديث مالك أن الصعب أهدى حماراً أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار، وقال الترمذي: روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب لحم حمار وحش وهو غير محفوظ. اهـ والتحقيق: أن الدفاع عن استنباط البخاري ضعيف، واحتمال أن الصعب أهدى حماراً كاملاً حياً أو مذبوحاًَ فرد فأهدى جزءاً منه بعيد جداً، والتأويل بإطلاق الكل وإرادة الجزء جيد، وفيه الجمع بين الروايات وليس فيه توهيم لرواية الزهري التي هي عمدة الباب. والله أعلم. (وهو بالأبواء أو بودان) الأبواء بهمزة مفتوحة وباء ساكنة جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بين مكة والمدينة، قيل سمي بذلك لأن السيول تتبوؤه أي تحمله (أو بودان) الشك من الراوي. وودان بفتح الواو وتشديد الدال موضع بقرب الجحفة، وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن القادم من المدينة إلى مكة يصل الأبواء فيكون بينه وبين الجحفة ثلاثة وعشرون ميلاً، ثم يصل ودان فيكون بينه وبين الجحفة ثمانية أميال. (فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال) في رواية فلما عرف في وجهي وفي رواية فلما رأى ما في وجهي من الكراهية وفي رواية فلما عرف في وجهي رده هديتي أي أثر رده هديتي قال...إلخ. (إنا لم نرده عليك) وفي رواية ليس بنا رد عليك. وفي رواية إنا لم نرده عليك كراهية له، ولكنا حرم قال الحافظ ابن حجر: قال عياض: ضبطناه في الروايات لم نرده بفتح الدال، وأبى ذلك المحققون من أهل العربية، وقالوا: الصواب أنه بضم الدال، لأن المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها، وليس الفتح بغلط وأجازوا أيضاً الكسر وهو أضعف الأوجه، وقد وقع في رواية لم نردده بفك الإدغام، ولا إشكال فيه. وقال العيني بعد أن نقل مضمون ما سبق: هذا في المضاعف إذا دخله الهاء أن يضم ما قبلها، وهذا في المذكر، وأما في المؤنث مثل: لم نردها، فمفتوح الدال مراعاة للألف، وفي مثل هذه الصيغة قبل دخول الهاء عليها أربعة أوجه: الفتح لأنه أخف الحركات، والضم إتباعاً لضمة عين الفعل، والكسر لأنه الأصل في تحريك الساكن، والفك. (إلا أنا حرم) أنا بتشديد النون وفتح الهمزة، على التعليل. قال الكرماني: لام التعليل محذوفة، والمستثنى منه مقدر [عموم العلل] أي لا نرده لعلة من العلل إلا لأننا حرم وحرم بضمتين جمع حرام، أي محرمون، وفي رواية النسائي إلا أنا حرم لا نأكل الصيد وفي روايتنا الثانية لولا أنا محرمون لقبلناه منك وفي روايتنا الرابعة إنا لا نأكله. إنا حرم. (عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية السابعة عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية على الإرسال، وفي الرواية الثامنة عن أبي قتادة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً وخرجنا معه وفي الرواية التاسعة عن أبي قتادة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحديبية والقصة في غزوة الحديبية والإشكال في روايتنا الثامنة خرج حاجاً قال الإسماعيلي: هذا غلط ولعل الراوي أراد خرج محرماً، فعبر عن الإحرام بالحج غلطاً، وقيل: لعله أراد من الحج قصد البيت، فكأنه قال: خرج قاصداً للبيت، ولهذا يقال للعمرة: الحج الأصغر. (حتى إذا كنا بالقاحة) بالقاف والحاء كذا قيدها الناس كلهم، ورواه بعضهم عن البخاري بالفاء وهو وهم، والصواب القاف، وهو واد على نحو ميل من السقيا وعلى ثلاث مراحل من المدينة. (فمنا المحرم ومنا غير المحرم) لعله يقصد بغير المحرم نفسه ففي الرواية السادسة مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم وفي الرواية السابعة فأحرم أصحابه ولم يحرم وفي الرواية الثامنة أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فإنه لم يحرم وفي الرواية التاسعة فأهلوا بعمرة غيري. (إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئاًَ، فنظرت فإذا حمار وحش) في الرواية السادسة فرأى حمارًا وحشيًّا وفي الرواية السابعة فبينما أنا مع أصحابه [أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] يضحك بعضهم إلى بعض إذ نظرت فإذا أنا بحمار وحش وفي الرواية الثامنة فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش. قال النووي: في بعض الروايات يضحك بعضهم إلي بياء المتكلم مجرورة بحرف الجر. قال القاضي: هذا خطأ وتصحيف، والصواب يضحك بعضهم إلى بعض فأسقط لفظ بعض والصواب إثباتها، لأنهم لو ضحكوا إليه لكانت إشارة منهم، وقد قالوا إنهم لم يشيروا إليه. قال النووي: قلت لا يمكن رد هذه الرواية فقد صحت هي والرواية الأخرى وليس في واحدة منها دلالة ولا إشارة إلى الصيد، فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة. قال العلماء: وإنما ضحكوا تعجباً من عروض الصيد، ولا قدرة لهم عليه، لمنعهم منه. اهـ وانتصر الحافظ ابن حجر للقاضي عياض، فقال إن رواية يضحك بعضهم إلي لو صحت كان فيها مزيد أمر على مجرد الضحك، لأنهم اشتركوا في رؤيته فاستووا في ضحك بعضهم إلى بعض وأبو قتادة لم يكن رآه فيكون ضحك بعضهم إليه بغير سبب باعثاً له على التفطن إلى رؤيته، ويؤيد ما قاله القاضي ما وقع في رواية بلفظ رأيت الناس متشوقين لشيء، فذهبت أنظر، فإذا هو حمار وحش فقلت: ما هذا؟ فقالوا: ما ندري فقلت هو حمار وحش فقالوا هو ما رأيت، وفي رواية وجاء أبو قتادة وهو حل، فنكسوا رءوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم له فيفطن فيراه قال الحافظ: فكيف يظن بهم مع ذلك أنهم ضحكوا إليه؟ فتبين أن الصواب ما قاله القاضي. ثم ناقش الحافظ ابن حجر الإمام النووي في صحة الرواية. (فسقط مني سوطي) في الرواية السادسة فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه، فسألهم رمحه فأبوا عليه فالظاهر أن رمحه سقط منه فاستعان بهم بعد أن سقط السوط فامتنعوا عن إعانته. ففي الرواية الخامسة طي والأصل: فأسرجت فرسي، وأخذت رمحي وسوطي، ثم ركبت فسقط مني سوطي فقلت لأصحابي ناولوني السوط، فأبوا، فنزل فأخذه وركب، فسقط منه الرمح، فسألهم أن يناولوه، فأبوا عليه وقالوا: والله لا نعينك عليه بشيء فنزل فتناوله. وفي الرواية السابعة تقديم وتأخير، وأصلها: فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني فحملت عليه فطعنته. (فأدركت الحمار من خلفه، وهو وراء أكمة، فطعنته برمحي فعقرته) في الرواية السادسة ثم شد على الحمار فقتله وفي الرواية السابعة فحملت عليه فطعنته فأثبته وفي الرواية الثامنة فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا الأكمة بفتحات ثلاث، هي التل من حجر واحد، ومعنى فأثبته أي جعلته ثابتاً في مكانه، لا حراك به، والأتان أنثى الحمار فإطلاق لفظ الحمار في الروايات مجاز. وكأنه رأى مجموعة من حمر الوحش ينفرد عنها حمار، فتبعه حتى أدركه مستتراً بتل من حجر. (فقال بعضهم: كلوه، وقال بعضهم: لا تأكلوه) في الرواية السادسة فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم وفي الرواية الثامنة فأكلوا من لحمها أي بعضهم، وفي الرواية التاسعة فأطعمت أصحابي أي بعضهم وفي رواية ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون وفي رواية فجعلوا يشوون منه، ثم قالوا: رسول الله بين أظهرنا نلحق به ونسأله -وكان تقدمهم- فلحقوه فسألوه، فالظاهر أن بعضهم أكل أول ما أتاهم، ثم طرأ عليهم الشك. (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا) بفتح الهمزة، أي في الطريق يسبقنا ويتقدمنا. (فحركت فرسي فأدركته) في الرواية السادسة فأدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك وفي الرواية السابعة فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم....ثم سأله وفي الرواية الثامنة فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا..... وفي الرواية التاسعة ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته... ولا تعارض، فقد سبقهم أبو قتادة فسأل، ثم جاءوا من بعده فسألوا. (فقال: هو حلال فكلوه) في الرواية السادسة إنما هي طعمة أطعمكموها الله أي إنما هي طعام، وفي الرواية السابعة فقال للقوم: كلوا وفي الرواية الثامنة قال: فكلوا ما بقي من لحمها فالأمر بالأكل أمر بأكل ما بقي، فإن كان الأمر قد صدر لمن ليس معه شيء منه فمعناه كلوا أمثاله حين تجدون أمثاله. (تخلف مع أصحاب له) أي تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينت الرواية الثامنة سر هذا التخلف، وأنه كان بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم كطليعة استكشاف للمنطقة، وتحسس عن الأعداء. (محرمين) هذا الوصف باعتبار ما آل إليه أمرهم، فقد بينت الرواية الثامنة أنهم أحرموا بعد أن صرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ساحل البحر، وبعد أن أخذوا الساحل ولم يجدوا عدواً، واتجهوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدواً بغيقة فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما أنا مع أصحابه) الغيقة بفتح الغين وسكون الياء موضع من بلاد بني غفار، بين مكة والمدينة، وقيل هي بئر ماء لبني ثعلبة. وفي الكلام طي، وضحه الحافظ ابن حجر بقوله: وحاصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية فبلغ الروحاء أخبروه بأن عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم أن يقصدوه على غرة، فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم، فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا إلا هو فاستمر حلالاً. اهـ فمعنى فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي استمر في طريقه منطلقاً، وأرسل بعض أصحابه. (وخشينا أن نقتطع) أي نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، منفصلين عنه، إما بالاسترخاء عن اللحاق به، فيسبقهم، وإما بأن يقطعهم العدو عنه ويحوذهم. (أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا) أرفع بضم الهمزة وفتح الراء وتشديد الفاء المكسورة، وبفتح الهمزة وسكون الراء، والمعنى: أرفع درجة جريه شأوا أي تارة حرصاً على الإسراع، وأسير به بيسر وهدوء دون ركض تارة أخرى حرصاً على راحة الفرس. (تركته بتعهن) في ضبطها خلاف كثير شمل كل حركات حروفها، وهي عين ماء قبل السقيا بثلاثة أميال للقادم من المدينة. (وهو قائل السقيا) السقيا قرية جامعة بين مكة والمدينة، وقائل إما من القول والسقيا مفعول لفعل محذوف، أي وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا وإما من القيلولة والسقيا ظرف، أي تركته ليلاً بتعهن وهو يقصد ويعزم القيلولة غداً في السقيا. (انتظرهم فانتظرهم) الأولى بصيغة الأمر، والثانية بصيغة الماضي. (إني أصدت ومعي منه فاضلة) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ بفتح الصاد المخففة، والضمير في منه يعود على الصيد المحذوف الذي دل عليه أصدت ويقال بتشديد الصاد، وفي بعض النسخ صدت بكسر الصاد وفي بعضها اصطدت وكله صحيح. اهـ وفي البخاري أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة أي فضلة أي قطعة باقية. (فصرف من أصحابه) من تبعيضية، أي صرف بعض أصحابه. (خذوا ساحل البحر حتى تلقوني) أي اتجهوا إلى طريق ساحل البحر إلى غيقة ثم اتجهوا نحوي للقائي. (فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) قبل بكسر القاف وفتح الباء أي جهة. (أحرموا كلهم إلا أبا قتادة) في بعض رواة البخاري: إلا أبو قتادة قال الحافظ: ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب وقد أغفلوا وروده مرفوعاً بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر إلا أبو قتادة لم يحرم فإلا بمعنى لكن، وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ومن أمثلة المحذوف الخبر {فشربوا منه إلا قليلاً منهم} [البقرة: 249]. في قراءة رفع (قليلاً) وقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرون. (فنزلوا فأكلوا من لحمها) يقال: نزل المسافر، أي توقف عن السير وحط الرحال للراحة ونحوها، وضمير أكلوا غير ضمير نزلوا لأنهم نزلوا جميعاً وأكل بعضهم وأبى الأكل بعضهم كما أوضحنا، والقائل أكلنا لحماً هم الآكلون بعض النازلين، ومرادهم لحم صيد لا مطلق لحم، يوضح ذلك قولهم بعد نأكل لحم صيد ونحن محرمون؟. (هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء) أي هل منكم أحد أمر أبا قتادة بأن يصيده، أو أشار إليه بصيده؟ وفي ملحق الرواية الثامنة أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها وفي الملحق الثاني أشرتم أو أعنتم أو أصدتم؟. (وفق من أكله) أي صوب من أكله. فقه الحديث قال النووي: أجمعت الأمة على تحريم الصيد على المحرم، وإن اختلفوا في فروع منه ودليله نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة. قال أصحابنا: يحرم عليه كل صيد بري مأكول أو في أصله مأكول، وحشياًَ كان أو في أصله وحشي. هذا ضابطه، فأما ما ليس بصيد كالبقر والغنم والإبل والخيل وغيرها من الحيوان الإنسي، فليس بحرام بالإجماع. لأنه ليس بصيد وإنما حرم الشرع الصيد، وأما ما ليس بمأكول، ولا هو متولد من مأكول وغير مأكول فليس بحرام بلا خلاف عندنا. وأما صيد البحر فحلال بالنص والإجماع. قال الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة} [أي لكم معشر المقيمين وزاداً للمسافرين] {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة: 96]. وقال الشافعي والأصحاب: يحرم على المحرم أكل صيد صاده هو أو أعان على اصطياده، أو أعان على قتله بدلالة، أو إعارة آلة، سواء دل عليه دلالة ظاهرة أو خفية ويحرم عليه أكل ما صاده الحلال له، سواء علم به المحرم وأمره بذلك أم لا، أما إذا صاد الحلال شيئاً، ولم يقصد اصطياده للمحرم ولا كان من المحرم فيه إعانة ولا دلالة فيحل للمحرم أكله بلا خلاف. ثم قال: هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة: لا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه، وفيه مذهب ثالث أنه يحرم على المحرم أكل الصيد مطلقاً، فكان علي بن أبي طالب وابن عمر لا يريان للمحرم أكل الصيد، واحتج لهما بعموم قوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} قالوا: والمراد بالصيد المصيد كما استدلوا بحديث الصعب بن جثامة [روايتنا الأولى والثانية والثالثة والرابعة] واحتج أصحابنا عليهم بأحاديث أبي قتادة، وهي ظاهرة في الدلالة للشافعي وموافقيه، وفي رد ما قاله أهل المذهبين الآخرين، ويحمل حديث أبي قتادة على أنه لم يقصدهم باصطياده وحديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده، ويحمل قوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} على الاصطياد، وعلى لحم ما صيد للمحرم، للأحاديث المبينة للمراد من الآية فإن قيل: فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصعب حين رده بأنه محرم، ولم يقل لأنك صدته لنا؟ فالجواب: أنه ليس في هذه العبارة ما يمنع أنه صاده له صلى الله عليه وسلم لأنه إنما يحرم الصيد على الإنسان إذا صيد له بشرط أنه محرم، فبين الشرط الذي يحرم به ودليلنا على أبي حنيفة وموافقيه حديث أبي قتادة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم هل منكم أحد أمره.... قال: وأما حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي روايتنا العاشرة فهو محمول على ما لم يصد للمحرم، ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأدلة. والله أعلم. انتهى بتصرف. وقد صرحت آية المائدة بعقوبة المحرم إذا اصطاد، فقالت: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المراد من أحرم بحج أو عمرة وإن كان في الحل وفي حكمه من كان في الحرم وإن كان حلالاً] {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} قال ابن بطال: اتفق أئمة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أن المحرم إذا قتل الصيد عمداً أو خطأ فعليه الجزاء، وخالف أهل الظاهر وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية في الخطأ، وتمسكوا بقوله تعالى: {متعمداً} فإن مفهومه أن المخطئ بخلافه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والجمهور على أن القرآن صرح بالعمد وأن السنة جاءت بالخطأ، وعن الحسن ومجاهد يجب الجزاء في الخطأ دون العمد فللعمد النقمة، وعنهما يجب الجزاء على العامد أول مرة، فإن عاد كان أعظم لائمة، وعليه النقمة، لا الجزاء. واختلفوا في جزاء الصيد أهو على الترتيب؟ أم على التخيير؟ الجمهور على الثاني على معنى أنه يجب في الظبي شاة، وفي الضبع شاة، وفي الوحش بقرة وللجاني أن يختار الإطعام، فيقوم الصيد من حيث إنه صيد، لا من حيث ما زاد عليه بالصنع، في المكان الذي أصابه المحرم فيه، أو في أقرب الأماكن إليه مما يباع فيه ويشترى، وكذا يعتبر الزمان الذي أصابه فيه لاختلاف القيم باختلاف الأمكنة والأزمنة، فإن بلغت قيمته قيمة هدي يخير الجاني بين أن يشتري بهذه القيمة هدياً، وبين أن يشتري بها طعاماً، وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً، ويحكم بالقيمة والمماثلة عدلان مسلمان. هذا جزاء المحرم إذا صاد، فهل الجزاء نفسه على المحرم الذي أكل من صيد غيره المحرم أو المحل؟ خلاف بين العلماء والظاهر أن عليه الحرمة لا الجزاء، لئلا يكون هناك بدلان لشيء واحد. والله أعلم. ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

    1- من الرواية الأولى جواز رد الهدية لعلة.

    2- والاعتذار للمهدي عن هديته ليطيب خاطره.

    3- أن الهدية لا تدخل في الملك إلا بالقبول.
    4- من قوله فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال... جواز الحكم بناء على العلامة والقرينة.
    5- جواز صيد الحمار الوحشي، وجواز أكله.
    6- وأن عقر الصيد ذكاته.
    7- من الرواية الخامسة، وقول بعضهم: كلوه، وقول بعضهم: لا تأكلوه جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي: وهو اجتهاد بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، لا في حضرته.
    8- وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد، ولو تضاد المجتهدان، ولا يعاب واحد منهما على ذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعب أحدهما.
    9- الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة، فقد رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون. 10- من عدم إحرام أبي قتادة جواز دخول الحرم بغير إحرام إذا كان الدخول لمهمة، فقد ورد أن أبا قتادة كان مبعوثاً من النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فلم يخرج محرماً كما خرج القوم. قال القشيري: يحتمل أنه لم يكن مريداً النسك، أو أن ذلك قبل توقيت المواقيت. اهـ وهذا الجواب الثاني بعيد لإحرام الجميع سواه، وزعم المنذري: أن أهل المدينة كانوا قد أرسلوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمونه أن بعض العرب ينوي غزو المدينة، وقال ابن التين: يحتمل أنه لم ينو دخول مكة وإنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليكثر جمعه. 1

    1- تحريم الإشارة والإعانة من المحرم في قتل الصيد، وقيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها. 1

    2- من قوله في ملحق الرواية السادسة هل معكم من لحمه شيء جواز الاستيهاب من الأصدقاء. 1

    3- ومن أخذه وأكله صلى الله عليه وسلم في الرواية التاسعة قبول الهدية من الصديق. 1
    4- وتطييب النبي صلى الله عليه وسلم لقلوب أصحابه. قال عياض: عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبي قتادة ذلك تطييباً لقلب من أكل، وبياناً للجواز بالقول والفعل لإزالة الشبهة التي حصلت لهم. 1
    5- ومن الرواية السابعة من ضحك بعضهم إلى بعض أن تمني المحرم أن يقع من الحلال الصيد ليأكل المحرم منه لا يقدح في إحرامه. 1
    6- واستعمال الكناية في الفعل، كما تستعمل في القول، لأنهم استعملوا الضحك في موضع الإشارة لما اعتقدوه من أن الإشارة لا تحل. 1
    7- ومن إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة وأصحابه إلى الغيقة جواز بعث الطليعة في الغزو. 1
    8- وجواز تفريق الإمام أصحابه للمصلحة. 1
    9- ومن ركض الفرس جواز سوق الفرس ورفع درجة سرعته للحاجة مع الرفق به. 20- ومن تبليغ أبي قتادة السلام استحباب إرسال السلام إلى الغائب عن قرب وعن بعد، سواء كان أفضل من المرسل أولاً، لأنه إذا أرسله إلى من هو أفضل منه فمن دونه أولى. قال النووي: قال أصحابنا: ويجب على الرسول تبليغه، ويجب على المرسل إليه رد الجواب حين يبلغه على الفور. 2

    1- ومن حملهم ما بقي من الأتان في الرواية الثامنة جواز حمل الزاد في السفر. 2

    2- ومن إعطاء أبي قتادة اللحم لأصحابه استحباب الرفق ومساعدة الأصحاب والرفقاء في السفر.

    وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي، عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ ‏.‏ فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوِلُونِي السَّوْطَ ‏.‏ فَقَالُوا وَاللَّهِ لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ ‏.‏ فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ ‏.‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ تَأْكُلُوهُ ‏.‏ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ ‏ "‏ هُوَ حَلاَلٌ فَكُلُوهُ ‏"‏ ‏.‏

    Abu Qatada reported:We went with the Messenger of Allah (ﷺ) till we reached al-Qaha (a place three stages away from Medina). Some of us were in the state of Ihram and some of us were not. I saw my companions looking towards something, and as I saw I found It to be a wild ass. I saddled my horse and took up my spear and then mounted upon (the horse) and my whip, fell down. I said to my companions as they were in the state of Ihram to pick up the whip for me but they said: By Allah, we cannot help you in any (such) thing (i. e. hunting). So i dismounted (the horse) and picked it (whip) up and mounted again and caught the wild ass after chasing it. It was behind a hillock and I attacked it with my spear and killed it. Then I brought it to my companions. Some of them said: Eat it, while others said: Do not eat it. The Apostle of Allah (ﷺ) was in front of us. I moved my horse and came to him (and asked him), whereupon he said: It is permissible, so eat it

    Abou Qatâda (que Dieu l'agrée) a dit : Quand nous atteignîmes Al-Qâha avec le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui), certains d'entre nous étaient en état d'ihrâm et d'autres ne l'étaient pas. Je remarquai que mes compagnons se montraient quelque chose l'un à l'autre. J'aperçus alors un âne sauvage. Je harnachai mon cheval et je pris ma lance. Mon fouet étant tombé alors que je montai à cheval, je demandai à mes compagnons, qui étaient en ihrâm, de me le ramasser. Mais, ils me répliquèrent : "Par Dieu! Nous ne t'aiderons aucunement à le chasser". Sur ce, je descendis et ramassai mon fouet, puis pus attraper l'âne par derrière alors qu'il était caché derrière un tertre, je le frappai de ma lance et lui coupai les jarrets. Ensuite, je l'apportai à mes compagnons. Les uns dirent : "Mangez-en"; et des autres dirent : "N'en mangez pas". J'allai donc joindre le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) qui nous avait devancé et lui posai la question : "Mangez-en, répondit-il, c'est licite". Animaux à tuer en état de sacralisation et de non-sacralisation

    Dan Telah menceritakan kepada kami [Qutaibah bin Sa'id] telah menceritakan kepada kami [Sufyan] dari [Shalih bin Kaisan] -dalam riwayat lain- Dan Telah menceritakan kepada kami [Ibnu Abu Umar] -lafazh juga miliknya- Telah menceritakan kepada kami [Sufyan] telah menceritakan kepada kami [Shalih bin Kaisan] ia berkata, saya mendengar [Abu Muhammad] Maula Abu Qatadah, berkata, saya mendengar [Abu Qatadah] berkata; Pada suatu ketika, kami bepergian bersama-sama Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam. Setelah sampai di Qahah, sebagian kami ada yang ihram dan ada pula yang tidak ihram. Sementara itu, aku melihat kawan-kawanku sedang memperhatikan sesuatu, lalu aku ikut pula melihatnya bersama-sama dengan mereka. Kiranya seekor himar liar. Aku segera memasang pelana kudaku dan kuambil lembingku, lalu kukendarai kudaku. Tetapi sayang, cemetiku terjatuh. Aku meminta tolong kepada kawan-kawanku untuk mengambilkannya, sedangkan mereka adalah orang-orang yang ihram. Mereka pun menjawab, "Kami tidak bisa menolongmu sedikit pun jua." Lalu aku turun untuk mengambilnya sendiri. Sesudah itu, kukendarai kudaku kembali dan kukejar himar itu. kudapati ia sedang berada di belakang gundukan pasir, lalu kutusuk lambungnya dengan lembingku, dan dagingnya kubawakan untuk kawan-kawanku. Sebagian mereka mengatakan boleh memakan daging itu dan sebagian yang lain tidak boleh. Sedangkan Nabi shallallahu 'alaihi wasallam telah berlalu terlebih dahulu daripada kami. Lalu kupacu kudaku sehingga beliau tersusul olehku. Beliau bersabda: "Daging itu halal, makanlah

    Bize Kuteybetü'bnü Saîd rivayet etti. (Dediki): Bize Süfyân, Salih b. Keysan'dan rivayet etti. H. Bize îbni Ebi Ömer de rivayet etti. Bu lâfız onundur. (Dediki): Bize Süfyan rivayet etti. (Dediki): Bize Salih b. Keysân rivayet etti. (Dediki): Ben, Ebû Katade'nin azatlısı Ebû Muhammed'i şöyle derken işittim: Ben, Ebû Katade'yi şunu söylerken dinledim: «Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) ile birlikte yola çıktık. Kaaha denilen yere vardığımızda kimimiz ihrâmlı kimimiz ihrâmsız idik. Bir ara baktım ki arkadaşlarım bir şey görmeye çalışıyorlar, ben de baktım. Bir de ne göreyim, bir yaban eşeği... Derhal atımı eğerliyerek mızrağımı aldım. Sonra hayvana bindim. Kırbacım düştü de ihrâmlı bulunan arkadaşlarıma : — Şu kırbacı bana verin. Dedim. Onlar: — Vallahi bu hususta sana hiç bir yardım yapamayız, dediler. Bunun üzerine hayvandan inerek kırbacı aldım. Sonra tekrar bindim ve yaban eşeği bir tepenin arkasındayken ardından yetişerek onu mızrağımla yaraladım ve öldürdüm. Müteakiben onu arkadaşlarıma getirdim. Arkadaşlarımdan bâzıları: — Onu yeyin! Bâzıları da: — Yemeyin, dediler. Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) Önümüzde bulunuyordu. Hemen atımı sürerek ona yetiştim: — O helâldır, yeyin buyurdular

    صالح بن کیسان نے کہا : میں نے ابو قتادہ رضی اللہ تعالیٰ عنہ کے مولیٰ ابو محمد سے سنا ، وہ کہہ رہے تھے کہ میں ابو قتادہ رضی اللہ تعالیٰ عنہ کو کہتے ہو ئے سنا ، ہم رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ نکلے حتی کہ جب ہم ( مدینہ سے تین منزل دو ر وادی ) قاحہ میں تھے تو ہم میں سے بعض احرا م کی حا لت میں تھے اور کوئی بغیر احرام کے تھا ۔ اچا نک میری نگا ہ اپنے ساتھیوں پر پڑی تو وہ ایک دوسرے کو کچھ دکھا رہے تھے میں نے دیکھا تو ایک زیبرا تھا میں نے ( فوراً ) اپنے گھوڑے پر زین کسی اپنا نیز ہ تھا مااور سوار ہو گیا ۔ ( جلدی میں ) مجھ سے میرا کو ڑا گر گیا میں نے اپنے ساتھیوں سے جو احرا م باند ھے ہو ئے تھے کہا : مجھے کو ڑا پکڑا دو انھوں نے کہا : اللہ کی قسم !ہم اس ( شکار ) میں تمھاری کوئی مدد نہیں کریں گے ۔ بالآخر میں اترا اسے پکڑا ۔ پھر سوار ہوا اور زیبرے کو اس کے پیچھے سے جا لیا اور وہ ایک ٹیلے کے پیچھے تھا ۔ میں نے اسے اپنے نیزے کا نشانہ بنا یا اور اسے گرا لیا ۔ پھر میں اسے ساتھیوں کے پاس لے آیا ۔ ان میں سے کچھ نے کہا : اسے کھا لو اور کچھ نے کہا : اسے مت کھانا نبی صلی اللہ علیہ وسلم ( کچھ فاصلے پر ) ہم سے آگے تھے ۔ میں نے اپنے گھوڑے کو حرکت دی اور آپ کے پاس پہنچ گیا ( اور اس کے بارے میں پوچھا ) آپ نے فر ما یا : "" وہ حلال ہے اسے کھا لو ۔

    কুতায়বাহ ইবনু সাঈদ ও ইবনু আবূ উমার (রহঃ) ..... আবূ কাতাদাহ (রাযিঃ) থেকে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমরা রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর সঙ্গে রওনা হলাম, এমনকি 'ক্বাহাহ্' নামক স্থানে গিয়ে পৌছলাম। আমাদের কতক ইহরাম অবস্থায় এবং কতক ইহরামবিহীন অবস্থায় ছিল। আমি লক্ষ্য করলাম, আমার সঙ্গীরা একটা কিছুর দিকে তাকাচ্ছে। আমি তাকিয়ে দেখলাম, তা একটি বন্য গাধা। অতএব আমি আমার ঘোড়ার জীন বাঁধলাম এবং বল্লম তুলে নিলাম। এরপর ঘোড়ার পিঠে চেপে বসলাম। এ অবস্থায় আমার চাবুক নিচে পড়ে গেল। আমি আমার সঙ্গীদের তা তুলে দিতে বললাম, তারা ইহরাম অবস্থায় ছিল। তাই তারা আল্লাহর শপথ করে বলল, আমরা তোমাকে এ ব্যাপারে কিছুমাত্র সাহায্য করতে পারব না। অতঃপর আমি নিচে নেমে এসে তা তুললাম। অতঃপর ঘোড়ায় চড়ে গাধার পশ্চাদ্ধাবন করলাম। তা ছিল একটি টিলার আড়ালে। আমি বল্লমের আঘাতে এটাকে হত্যা করলাম। অতঃপর আমার সঙ্গীদের কাছে নিয়ে এলাম। তাদের কতক বলল, তা খাও, আর কতক বলল, খেও না। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আমাদের সম্মুখভাগে ছিলেন। আমি ঘোড়া হাকিয়ে তার নিকট উপস্থিত হলাম এবং তাকে জিজ্ঞেস করলাম। তিনি বললেন, তা হালাল, অতএব তোমরা তা খাও। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ২৭১৮, ইসলামীক সেন্টার)

    அபூகத்தாதா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நாங்கள் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுடன் (ஹஜ்ஜுக்காகப்) புறப்பட்டுச் சென்றோம். எங்களில் "இஹ்ராம்" கட்டியவர்களும் இருந்தனர்; "இஹ்ராம்" கட்டாதவர்களும் இருந்தனர். (நான் "இஹ்ராம்" கட்டியிருக்கவில்லை.) நாங்கள் (மதீனாவிற்கு அருகிலுள்ள) "அல்காஹா" எனுமிடத்தில் இருந்தபோது, என் தோழர்கள் எதையோ உன்னிப்பாகப் பார்த்துக்கொண்டிருப்பதைக் கண்டேன். நான் கூர்ந்து பார்த்தபோது ஒரு காட்டுக் கழுதை தென்பட்டது. உடனே நான் என் குதிரையின் சேணத்தைப் பூட்டி, எனது ஈட்டியை எடுத்துக்கொண்டு (குதிரையில்) ஏறினேன். அப்போது என் (கையிலிருந்து) சாட்டை கீழே விழுந்துவிட்டது. அதை எடுத்துத் தருமாறு என் தோழர்களிடம் நான் கேட்டேன். அவர்கள் "இஹ்ராம்" கட்டியிருப்பதால் "அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! இந்த விஷயத்தில் உமக்கு எந்த உதவியும் செய்யமாட்டோம்" என்று கூறிவிட்டார்கள். எனவே, நானே இறங்கி அதை எடுத்துக்கொண்டு (குதிரையில்) ஏறி, மணல் மேட்டுக்கு அப்பாலிருந்த அந்தக் கழுதைக்குப் பின்னால் (மறைந்து) சென்று, அதை நோக்கி என் ஈட்டியை எறிந்தேன். பிறகு அதை அறுத்து என் தோழர்களிடம் கொண்டுவந்தேன். அப்போது அவர்களில் சிலர் "உண்ணுங்கள்" என்றனர். வேறு சிலர் "உண்ணாதீர்கள்" என்றனர். அப்போது நபி (ஸல்) அவர்கள் எங்களுக்கு முன்னால் (சென்று ஓரிடத்தில் தங்கி) இருந்தார்கள். ஆகவே, நான் எனது குதிரையை முடுக்கி,அவர்களிடம் போ(ய் அதை "இஹ்ராம்" கட்டியவர்கள் உண்பதைப் பற்றி வினவி)னேன். அதற்கு நபி (ஸல்) அவர்கள், "அது அனுமதிக்கப்பெற்றதுதான். எனவே, அதை உண்ணுங்கள்" என்று விடையளித்தார்கள். இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :