• 2143
  • أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا ، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، غَدَا عَلَيْهِمْ - أَوْ رَاحَ - فَقِيلَ لَهُ : حَلَفْتَ ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا ، قَالَ : " إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا "

    حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا ، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، غَدَا عَلَيْهِمْ - أَوْ رَاحَ - فَقِيلَ لَهُ : حَلَفْتَ ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا ، قَالَ : إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ يَعْنِي أَبَا عَاصِمٍ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

    غدا: الغدو : السير والذهاب والتبكير أول النهار
    الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،
    حديث رقم: 1828 في صحيح البخاري كتاب الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»
    حديث رقم: 4926 في صحيح البخاري كتاب النكاح باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في غير بيوتهن
    حديث رقم: 2056 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ الْإِيلَاءِ
    حديث رقم: 26128 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 8879 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ اعْتِزَالُ الرَّجُلِ نِسَاءَهُ
    حديث رقم: 19547 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19546 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 3078 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ بَابٌ : الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا شَهْرًا , كَمْ عَدَدُ ذَلِكَ الشَّهْرِ مِنَ الْأَيَّامِ ؟
    حديث رقم: 55 في جزء ابن جريج جزء ابن جريج
    حديث رقم: 6832 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2194 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الصِّيَامِ بَابُ بَيَانِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ آخِرِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، وَبَيَانِ
    حديث رقم: 3711 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الطَّلَاقِ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ

    عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يدخل على بعض أهله شهراً. فلما مضى تسعة وعشرون يوماً غدا عليهم (أو راح). فقيل له: حلفت يا نبي الله أن لا تدخل علينا شهراً. قال إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوماً.
    المعنى العام:
    ربط الإسلام بين العبد وربه بالعبادات الواجبة في أوقات مختلفة من أزمنة عمره، فأوجب عبادة واحدة في العمر كله، وهي الحج، وجعل لها أشهراً معلومات، وأوجب عبادة شهر من كل عام، وهي صوم رمضان، وأوجب صلاة خاصة مرة في كل أسبوع، وهي صلاة الجمعة، وأوجب خمس صلوات كل يوم وليلة. وحين ترتبط العبادة بالزمن يحدد المشرع بدايتها ونهايتها. ومما هو معلوم أن الزمن في دنيانا يرتبط بحركة الشمس والقمر والنجوم في أفلاكها فقد خلقها الله خلقاً محكماً في نظام دقيق، لا يختل، ولا يتذبذب تحركه صعوداً أو هبوطاً، لا بمرور الدهور، ولا بزيادة الدافع أو نقصه. إن قوة الدفع التي يصنعها المخلوق تتأثر بعوامل كثيرة ليست من صنعه، أما صنعة الله جل جلاله فلا تتأثر إلا بما شاء. {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون} [يونس: 5]. {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً} [الإسراء: 12]. وحين يعلم العبد البداية والنهاية يستخدم ما يشعره بهذه البداية من الوسائل، فاستخدمت الساعات، ومن قبلها المزاول لتحديد أوقات الصلوات، واستخدمت وسائل العلم المختلفة المتطورة التحديد الزمني الدقيق، واستخدمت الآلات الحديثة للحساب بحيث تحسب في لحظة ما كان حسبه الإنسان في أيام أو سنوات. وشهر رمضان شرع الله صومه، وتحديد بدايته ونهايته يتطلب وسيلة من الوسائل التي يتمكن منها المسلم. و {لا تكلف نفس إلا وسعها} [البقرة: 233] فحين كانت أمة الإسلام لا تقرأ ولا تكتب ولا تحسب. ولا تدرس منازل القمر وعلم الفلك ربطت هذه العبادة برؤية هلال الشهر، فصدر التشريع الإلهي على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً. الشهر -العربي- هكذا - مشيراً بأصابع كفيه- وهكذا- مشيراً بها مرة أخرى. تلك عشرون -وهكذا، وفي الثالثة أخفى إبهامه لتصير تسعاً. هذه إشارة لشهر، وإشارة أخرى لشهر آخر، يصفق بأصابع يديه العشر ثلاث مرات، فالشهر تسع وعشرون ليلة أحياناً، وثلاثون ليلة أحياناً. وعلى هذا التوجيه الكريم صام المسلمون بحكم قاضيهم بدخول الشهر إذا شهد عنده من يكتفي بشهادته أنه رأى الهلال، وبحكم بانتهاء الشهر إذا شهد عنده بأن قدر رؤي هلال الشهر الآخر. وبعد أن صارت أمة الإسلام أمة قارئة كاتبة حاسبة، من أبنائها متخصصون في علم الفلك وحركات الكواكب وعلوم الفضاء تحركت الأسئلة الجادة عن مقصود الشرع بالرؤية، وهل هي وسيلة لعبادة؟ أو مقصودة بالعبادة؟. هل نبقى معتمدين عليها كوسيلة العلم الوحيدة؟ أو نعتمد عليها وعلى غيرها من وسائل العلم القطعية، باعتبارها كثيراً ما يعتورها النقص والخلل؟. وفي كل عصر نجد المتمسكين بالقديم، المعتزين به، المتهمين لكل جديد بالقصور، المتوجسين منه خيفة، المتشككين في كفاءته وقدرته، كما نجد المسارعين إلى الجديد، الداعين إلى التطور والتخلص من الجمود، والفريق الأول بالنسبة للأمور الشرعية لا يذم، فدافعه ديني وحرص على سلامة العبادة، وتمسك بالنصوص، والفريق الثاني ينفذ إلى حكمة التشريع، وإلى روح العبادة ومقاصدها، وكل مجتهد إن أخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران، ونحيل بعد ذلك ما تحتاج من معاني أحاديث الباب إلى المباحث العربية وفقه الحديث ففيهما غناء عن التطويل إن شاء الله. المباحث العربية (لا تصوموا حتى تروا الهلال) أي لا تصوموا رمضان حتى تروا هلاله، والخطاب لأمته، لكن يكفي رؤية واحد منها أو اثنين على ما سيأتي. (ولا تفطروا حتى تروه) أي لا تفطروا في نهاية رمضان حتى تروا هلال شوال. وفي الرواية الثالثة فلا تصوموا حتى تروه وفي الرواية الرابعة فإذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا. (فإن أغمي عليكم) في الرواية الثالثة فإن غم عليكم وفي الرواية الرابعة عشرة فإن غمي عليكم غم بضم الغين وتشديد الميم، يقال: غممت الشيء إذا غطيته، وغم الهلال أي ستر على الناس، ومنه الغم، لأنه يستر القلب بالحزن، وسمي السحاب غيماً لأنه يستر السماء، وأغمي بضم الهمزة وسكون الغين وكسر الميم، وغمي بضم الغين وكسر الميم مخففة ومشددة. قال الحافظ ابن حجر: الكل بمعنى. وقال النووي: يقال: غامت السماء وغيمت وأغامت وتغيمت وأغمت. وفي رواية غبي بفتح الغين وكسر الباء مخففة من الغباوة، وهي عدم الفطنة، وهي استعارة لخفاء الهلال، وروى عمي بالعين، وهو بمعناه. (فاقدروا له) بضم الدال وكسرها، يقال: قدرت الشيء أقدره بضم الدال، وأقدره بكسرها، وقدرته بتشديد الدال، وأقدرته بمعنى واحد، وهو من التقدير، ومنه قوله تعالى: {فقدرنا فنعم القادرون} [المرسلات: 23]. قاله الخطابي. وفي المعنى المراد قالت طائفة: معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب، أي ظنوا أنه تحت السحاب، وأوجب هؤلاء صيام ليلة الغيم. وقال آخرون: معناه قدروه بحساب المنازل، يعني منازل القمر. ومعناه عند الجمهور قدروا له تمام العدد ثلاثين يوماً، عملاً بالرواية الثانية وفيها فاقدروا له ثلاثين والثالثة عشرة، وفيها فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً والرابعة عشرة وفيها فأكملوا العدد والخامسة عشرة والسادسة عشرة فعدوا ثلاثين وللبحث تتمة في فقه الحديث. (فضرب بيديه) في الرواية التاسعة وصفق بيديه وفي الرواية المتممة للعشرين ثم طبق بيديه والمعنى أنه نشر أصابع يديه العشرة واضعاً كفاً على كف، والسبابة على السبابة والوسطى على الوسطى ثم باعد بين الكفين ناشراً الأصابع في مواجهة المخاطبين. (وقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا) أي صفق بيديه ونشرهما مرة ومرة ومرة، وعقد إبهامه في المرة الثالثة، وفي الرواية السابعة الشهر هكذا وهكذا وهكذا، قبض إبهامه في الثالثة وفي الرواية الثامنة الشهر هكذا وهكذا وهكذا، عشرا وعشراً وتسعاً وفي الرواية التاسعة الشهر كذا وكذا وكذا، وصفق بيديه مرتين بكل أصابعهما، ونقص في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى أو اليسرى وفي الرواية العاشرة الشهر تسع وعشرون وطبق الراوي يديه ثلاث مرار، وكسر الإبهام في الثالثة وفي الرواية الثانية عشرة الشهر هكذا وهكذا -وأشار بأصابعه العشر مرتين- وهكذا في الثالثة -وأشار بأصابعه كلها، وحبس أو خنس إبهامه وفي الرواية التاسعة عشرة إنما الشهر -وصفق بيديه ثلاث مرات وحبس إصبعاً واحدة في الأخرة وفي الرواية المتممة للعشرين الشهر يكون تسعاً وعشرين -ثم طبق النبي صلى الله عليه وسلم بيديه ثلاثاً مرتين بأصابع يديه كلها، والثالثة بتسع منها وفي الرواية الثانية والعشرين ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيديه على الأخرى، فقال: الشهر هكذا وهكذا، ثم نقص في الثالثة إصبعاً وفي ملحقها الشهر هكذا وهكذا وهكذا، عشراً وعشراً وتسعاً مرة. وهذه التعبيرات المختلفة لإشاراته صلى الله عليه وسلم لا تناقض بينها، وكلها تحكي حالة واحدة، وقصة واحدة، حاصلها أنه صلى الله عليه وسلم أشار أولاً بأصابع يديه العشر جميعاً مرتين. وقبض الإبهام في المرة الثالثة، وهذا المعبر عنه في بعض الروايات بقوله: تسع وعشرون وأشار مرة أخرى بأصابع يديه العشر ثلاث مرات، وهو المعبر عنه في ملحق الرواية العاشرة الشهر ثلاثون -وطبق كفيه ثلاث مرار لكن أكثر الرواة اقتصر على ذكر حالة قبض الإبهام في الثالثة. (الشهر تسع وعشرون) في الرواية الثالثة إنما الشهر تسع وعشرون وفي الرواية السادسة الشهر تسع وعشرون ليلة وفي الرواية الثانية عشرة إن الشهر تسع وعشرون وفي الرواية المتممة للعشرين إن الشهر يكون تسعاً وعشرين وفي الرواية الحادية والعشرين إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوماً ومن المعلوم أن العدد من الثلاث إلى التسع يذكر مع المؤنث ويؤنث مع المذكر فإن حذف المعدود جاز تذكير العدد على تقدير معدود مؤنث، وتأنيث العدد على تقدير معدود مذكر وأكثر الروايات على تذكير العدد تسع بدون التاء، فتمييزه ليلة. وقد جاءت الرواية الثالثة بطريق الحصر إنما والروايات الأخرى بتعريف الشهر مما ظاهره الحصر أيضاً، مع أن الحصر غير مراد قطعاً، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: والجواب أن المعنى أن الشهر يكون تسعة وعشرين -وهذا الجواب لا يصلح مع رواية إنما لو صح لفظها أو اللام للعهد، والمراد شهر بعينه- كأنه قال: هذا الشهر، أو إنما هذا الشهر- أو هو محمول على الأكثر الأغلب، لقول ابن مسعود: ما صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين. أخرجه أبو داود والترمذي، ومثله عن عائشة عند أحمد بإسناد جيد [واستدلال الحافظ ابن حجر بهذا الحديث على أكثرية التسع والعشرين غير مسلم، فكما حمل ما في ما صمنا على أنها موصول يمكن لآخرين أن يحملوها على النفي] لكن إرادة الكثرة -لا الأكثرية- من الحديث صحيحة، فالمعنى الشهر كثيراً- تسع وعشرون أو إنما الشهر -كثيراً- تسع وعشرون وأشار ابن العربي إلى أن في الأسلوب اكتفاء، فقد جاء بالحصر من جهة أحد طرفيه، وحذف الطرف الآخر، وهو مراد، والمعنى: إنما الشهر تسع وعشرون وثلاثون، أي يكون تسعاً وعشرين، وهو أقل عدد أيامه، ويكون ثلاثين وهو أكثر عدد أيامه، فلا تأخذوا أنفسكم بصوم الأكثر احتياطاً، ولا تقتصروا على الأقل تخفيفاً، ولكن اجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداء وانتهاء باستهلال الهلال. وليس معنى ذلك التناسق بين الشهور، شهر تسع وعشرون وشهر ثلاثون، وإنما المعنى أنه أحياناً يكون كذا وأحياناً يكون كذا، وقد يتوالى شهران وأكثر بحالة واحدة، قال النووي: قالوا: وقد يقع النقص في شهرين وثلاثة وأربعة، ولا يقع في أكثر من أربعة. اهـ. (فلا تصوموا حتى تروه) أي الهلال، لدلالة السياق عليه. (إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب) إنا أي العرب، والأولى ما قاله الطيبي: إنه كناية عن جيل العرب الذين قيل فيهم هذا القول. وقيل: أراد نفسه صلى الله عليه وسلم. فإن قصد من هذا القول أنه أراد نفسه ومن يشبهه من الأمة في عدم الكتابة والحساب فحسن، وإن قصد منه أنه أراد نفسه فقط معظماً فهو بعيد، لأن الحكم المبني على هذا موجه إلى المكلفين. والأمة بضم الهمزة، وكسرها لغة، وهي في الأصل الجماعة، ومنه قوله تعالى: {وجد عليه أمة من الناس يسقون} [القصص: 23] وكل جنس من الحيوان أمة، قال تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} [الأنعام: 38] وتطلق على الطريقة والدين والنحلة، فيقال: فلان لا أمة له، أي لا دين له. وتطلق على الرجل المنفرد بدين، ومنه قوله تعالى: {إن إبراهيم كان أمة} [النحل: 120]. قاله ابن الأثير. وأمية منسوبة إلى الأم وتفسيرها لا نكتب ولا نحسب لأن الأم والمرأة شأنها ذلك غالباً، أو معناه باقون على ما ولدتنا عليه أمهاتنا. وقال الداودي: أمة أمية لم تأخذ عن كتب الأمم قبلها، إنما أخذت عما جاء به الوحي. اهـ وهذا القول بعيد جداً، إذ لو أريد ذلك لقيل: غير أمية، أي غير آخذة عن الأمم، ثم إن إتباعها بقوله: لا نكتب ولا نحسب يزيد هذا القول بعداً. وقيل: منسوبون إلى أم القرى، وهو أشد بعداً. والمراد من الحساب هنا حساب النجوم، وحساب سيرها في أفلاكها، قال تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} [يونس: 5] فإن قيل: إن أمة العرب حينذاك كان فيهم من يكتب ويحسب؟ أجيب بأن الكتابة كانت فيهم عزيزة نادرة، قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} [الجمعة: 2] ولم يكونوا يعرفون من ذلك الحساب إلا النزر اليسير المبني على الظن والتخمين، لا على العلم واليقين. (الليلة ليلة النصف) أي من رمضان. (ما يدريك أن الليلة النصف) بالرفع خبر أن ومعناه أنك لا تدري أن الليلة نصف ليالي الشهر أم لا؟ لأن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين، فلا تكون الليلة ليلة اليوم الذي بتمامه يتم النصف. (وإذا رأيتموه فأفطروا) أي إذا رأيتموه في نهاية رمضان فأفطروا. (فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً) فإن غم عليكم في نهاية رمضان فصوموا اليوم المتمم للثلاثين. وهو معنى {ولتكملوا العدة} [البقرة: 185] الآتي في الرواية الآتية، أي عدة شهر رمضان. (صوموا لرؤيته) اللام فيها للتأقيت، لا للتعليل، وفيه مجاز المشارفة، لأن وقت الرؤية وهو الليل لا يكون محلاً للصوم، وحتى من قال: إن المراد من الصوم نيته، والليل كله ظرف للنية، أي انووا الصيام، يلزمه كذلك مجاز المشارفة، لأن الناوي ليس صائماً حقيقة، بل مشرف ومقارب للصوم بدليل أنه يجوز له الأكل والشرب بعد النية إلى طلوع الفجر. (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين) لا تقدموا بفتح التاء والقاف، أي لا تتقدموا، أي لا تستقبلوه بصوم يوم ولا يومين، قيل: ولا بأكثر حتى نصف الشهر، وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث. (فخرج إلينا صباح تسع وعشرين) قال النووي: أي صباح الليلة بعد تسعة وعشرين يوماً، وهي صبيحة ثلاثين. اهـ أي صبيحة اليوم المتمم للثلاثين. وتوضيح الحادثة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه صبيحة يوم، صلى الفجر، ثم دخل المشربة، وأخذ يصلي بالناس كل يوم وكل وقت ثم يصعد، لا يكاد يكلم أحداً، وأنهى الاعتزال، فلم يصعد بعد صلاة فجر اليوم المتمم للثلاثين، فتكون مدة اعتزاله تسعاً وعشرين ليلة وتسعة وعشرين يوماً، ويكون بذلك قد بر بيمينه، فلفظ الشهر يطلق على تسع وعشرين؛ وليس شرطاً أن يكون الاعتزال قد بدأ بليلة أول الشهر، فلم يثبت ذلك في أي من الروايات، ولا مانع من أن يكون الشهر الذي شغل الاعتزال أكثره لا مانع أنه كان تسعة وعشرين يوماً، يشهد لذلك قول عائشة: أعدهن ولم تقل: أشاهد الهلال مثلاً، أو لم ينته شهر كذا مثلاً. والروايات كلها تستقيم على هذا، فقول جابر في الرواية التاسعة عشرة: فخرج إلينا في تسع وعشرين، معناه في نهاية تسع وعشرين ليلة، وقولهم في الرواية نفسها: إنما اليوم تسع وعشرون معناه نهاية تسع وعشرين ليلة، وقولهم في الرواية المتممة للعشرين فخرج إلينا صباح تسع وعشرين، أي صباح الليلة التاسعة والعشرين، وقولهم: إنما أصبحنا لتسع وعشرين أي لتسع وعشرين ليلة، وقول أم سلمة في الرواية الحادية والعشرين: فلما مضى تسعة وعشرون يوماً أي تسع وعشرون ليلة غدا عليهم أو راح. (عن كريب أن أم الفضل) كريب بضم الكاف وفتح الراء مولى ابن عباس. وأم الفضل زوجة العباس رضي الله عنهم. (واستهل على رمضان وأنا بالشام) استهل بضم التاء وكسر الهاء، ومعناه هل، يقال: هل الهلال هلا. ظهر، وهل الشهر: ظهر هلاله. (فرأيت الهلال ليلة الجمعة) أي ورآه الناس كما رأيته، واستقر رمضان بالشام وأصبح الناس هناك صائمين يوم الجمعة. (في آخر الشهر) أل العهد. أي آخر شهر رمضان. (ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال) بالشام؟ وهذا كله توضيح للسؤال نفسه، والخطاب في رأيتم مقصود به كريب وأهل الشام. فقوله: رأيناه أي أنا وغيري. (أنت رأيته)؟ استفهام حقيقي للتثبت من الرائي. (فلا نزال نصوم) أي سنظل نصوم حسب رؤيتنا. (تراءينا الهلال) أي تكلفنا النظر إلى جهته لنراه، أي قصدنا رؤيته لتقدير عمره. (إن الله مده للرؤية) في الرواية الخامسة والعشرين إن الله قد أمده لرؤيته. قال النووي: هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله مده للرؤية. وجميع النسخ متفقة على مده من غير ألف في الرواية الأولى، وفي الثانية قد أمده بالألف في أوله في جميع النسخ. قال القاضي: قال بعضهم: الوجه أن يكون أمده بالتشديد من الإمداد، ومده من الامتداد. قال القاضي: والصواب عندي بقاء الرواية على وجهها، ومعناه أطال مدته إلى الرؤية، وقد يكون أمده من المدة التي جعلت له، قال صاحب الأفعال: أمددتكها أي أعطيتكها. انتهى. فالمعنى أعطاه الله مدة. (فهو لليلة رأيتموه) هذا من تتمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، أي إن الله أعطاه مدة بقاء في السماء أول ليلة لتتمكنوا من رؤيته، فهو ابن الليلة التي نراه فيها، أي فهو يثبت لليلة التي يرى فيها، وفي الرواية الخامسة والعشرين فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة أي فإن لم تروه في أول ليلة مع مد الله له لحصول غيم أو خلافه فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً. (شهرا عيد) فسرهما فيما بعد بقوله رمضان وذي الحجة أما ذو الحجة فظاهر أن العيد يقع فيه فينسب إليه، وأما رمضان فالعيد يليه ويقع في شوال، فإضافته إليه لقربه منه. (لا ينقصان) قال الحافظ ابن حجر: اختلف العلماء في معناه، فمنهم من حمله على ظاهره، فقال: لا يكون رمضان ولا ذو الحجة أبداً إلا ثلاثين. وهذا قول مردود. معاند للموجود المشاهد، ويكفي في رده قوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة، فإنه لو كان رمضان أبداً ثلاثين لم يحتج إلى هذا. قال: ومنهم من تأول له معنى لائقاً. وذكر أقوالاً تزيد على سبعة: قيل: لا ينقصان معاً، فلا يكونان في عام ثمانية وخمسين يوماً، إن جاء أحدهما تسعاً وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولا بد. نسب هذا إلى أحمد. نقل ذلك الترمذي. قال: قال أحمد: معناه لا ينقصان معاً في سنة واحدة. كما نسب إلى البزار قوله: معناه لا ينقصان جميعاً في سنة واحدة، واستند إلى حديث مرفوع شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوماً. قال الطحاوي: حمل الحديث على هذا يدفعه العيان، لأنا قد وجدناهما ينقصان معاً في أعوام. وقيل: لا ينقصان معاً في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك. قال الحافظ ابن حجر: وهذا أعدل مما تقدم. وقيل: معناه لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة. نقله القرطبي. والمعنى عليه: لا ينقصان معاً هذا العام. وقيل: معناه لا ينقصان في نفس الأمر في أي عام، لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع. أشار إليه ابن حبان. ولا يخفى بعده. وقيل: معناه لا يليق وصفهما بالنقصان وإن حصل فعلاً النقص الحسي باعتبار العدد، فإن نقص العدد فيها ينجبر بأن كلاً منهما شهر عيد عظيم. وقيل: لا ينقصان في الأحكام، على معنى أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين؛ متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين. جزم به البيهقي وقبله الطحاوي. وقيل: لا ينقصان، أي لا ينقص أحدهما في فضل أيامه عن الآخر. وقيل: لا ينقصان في الفضيلة، سواء أكانا تسعاً وعشرين أم ثلاثين، وهذا يقتضي أن التسوية في الثواب بين الشهر الذي يكون تسعة وعشرين وبين الشهر الذي يكون ثلاثين، فالثواب متعلق بالشهر لا بالأيام فيه. وهذا القول أقرب الأقوال وأحراها بالقبول. وإنما خصهما بالذكر لتعلق حكم الصوم والحج بهما، وفائدة الحديث رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعة وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة إذا لم يحصل تقصير في ابتغاء الهلال. انتهى من فتح الباري بتصرف. فقه الحديث يجمع هذه الأحاديث تعلقها بالهلال، وإن تشعبت مسائلها إلى شعب نجملها في أربع: الأولى: بم يثبت هلال الشهر؟. الثانية: اختلاف المطالع. الثالثة: صوم يوم الشك. الرابعة: ما يؤخذ من الأحاديث من الأحكام المتفرقة.

    1- أما عن الشعبة الأولى فظاهر الأحاديث توقف ثبوت الهلال على رؤية العين المجردة. وتوقف وجوب الصوم عليها، بل تفيد النهي عن الصوم بدونها، ففي الرواية الأولى والثالثة والسادسة لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه وفي الروايات الرابعة والخامسة والثالثة عشرة والسادسة عشرة إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا وفي الرواية الثانية والرابعة عشرة صوموا لرؤيته. ولا خلاف في أن الخطاب في صوموا ولا تصوموا للأمة، ولكن الخطاب في تروا لا يقصد به جميع أفرادها قطعاً، وإنما المراد حتى يثبت برؤية عدل منكم، أو برؤية عدلين منكم، أو برؤية جمع منكم، خلاف بين الفقهاء على أقوال كثيرة. القول الأول: يقبل ويثبت هلال رمضان بعدل ذكر حر واحد، لما رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح على شرط مسلم عن ابن عمر قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بالصيام. ولأنه إيجاب عبادة، فقبل من واحد احتياطاً للفرض، ولم يقبل من العبد والمرأة لأنه شهادة كسائر الشهادات، ويشترط لفظ الشهادة، ويختص بمجلس القاضي. أما هلال شوال فلا يقبل فيه إلا شاهدان عدلان، لأنه إسقاط فرض فاعتبر فيه العدد. وهذا القول هو الأصح عند الشافعية، قال النووي: ولا يجوز الفطر بشهادة عدل رأى هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور، فجوزه بعدل. القول الثاني: هو كالقول الأول، إلا أنه يقبل قول العبد والمرأة، على أساس أنه رواية، كرواية الأحاديث. وهذا رأي عند الشافعية. القول الثالث: لا يثبت هلال رمضان إلا بشهادة عدلين، ولا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة، ويشترط لفظ الشهادة، ويختص بمجلس القاضي كذا قال بعض الشافعية. القول الرابع: يشترط لثبوت هلال رمضان رجلان أو رجل وامرأتان. حكاه ابن المنذر عن الثوري. ولا خلاف في كل هذا عند الشافعية بين أن تكون السماء مصحية أو مغيمة. القول الخامس: قال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيمة، ثبت بشهادة واحد، ولا يثبت غير رمضان إلا باثنين. قال: وإن كانت مصحية، لم يثبت رمضان بواحد ولا باثنين، ولا يثبت إلا بعدد الاستفاضة، واحتج له بأنه يبعد أن ينظر الجماعة الكبيرة إلى مطلع الهلال، وأبصارهم صحيحة، ولا مانع من الرؤية، ويراه واحد أو اثنان منهم. وأجاب النووي عن هذا الاحتجاج بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة، فلا يعرج عليه، ثم إنه يجوز أن يراه بعضهم دون جمهورهم لحسن نظره أو غير ذلك، وليس هذا ممتنعاً، ولهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد وحكم به حاكم لم ينقض بالإجماع، ووجب الصوم بالإجماع. اهـ. القول السادس: قال أحمد: عند عدم الغيم يصوم بواحد، ويفطر بخبر حر أو حرتين، أما إذا كان بالسماء علة فجمع عظيم يقع العلم بخبرهم. قيل: خمسون، وقيل: مائة، وقيل: أكثر. والصحيح أن خبر الصغير المميز لا يكفي. اللهم إلا عند من يرى أنها رواية ويكتفي بخبر الواحد، أما الكافر والفاسق والمغفل فلا يقبل قولهم بالإجماع بلا خلاف، ولا خلاف في اشتراط العدالة الظاهرة، والخلاف في اشتراط العدالة الباطنة، والأصح قبول رواية المستور. (مسألة) قال النووي: إذا قبلنا في هلال رمضان عدلاً، وصمنا ثلاثين يوماً فلم نر الهلال بعد الثلاثين فهل نفطر؟ قولان. أصحهما نفطر. اهـ. ومع أن ظاهر الأحاديث كما ذكرنا -يرتب ثبوت الهلال على الرؤية، ويرتب الصوم على ثبوت الهلال، وينهى عن الصوم عند عدم الرؤية، ومع أن جمهور العلماء أخذوا بهذا الظاهر، وقالوا: لا نتعبد إلا بالرؤية، بحجة أن الحساب والتنجيم تخمين وظن، يحسن بنا أن نستعرض أقوالهم في ذلك ثم نناقشها لعلنا نصل -بعون الله- إلى ما هو أصلح وأصح بالنظر لحكمة مشروعية الصوم، والله المستعان على ما نقول. قال النووي: إذا غم الهلال وعرف رجل بالحساب أنه من رمضان فوجهان، قال ابن سريج: يلزمه الصوم، لأنه عرف الشهر بدليل، فأشبه من عرفه بالبينة. وقال غيره: لا يصوم، لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية. وقال الدارمي: لا يصوم بقول منجم. وقال قوم: يلزم الصوم. وقال صاحب البيان: إذا عرف بحساب المنازل أن غداً من رمضان، أو أخبره عارف بذلك فصدقه، فنوى وصام بقوله فوجهان: أحدهما يجزئه، قاله ابن سريج، واختاره القاضي أبو الطيب؛ لأنه سبب حصل له به غلبة ظن، فأشبه ما لو أخبره ثقة عن مشاهدة، والثاني لا يجزئه، لأن النجوم والحساب لا مدخل لها في العبادات. قال: وهل يلزمه الصوم بذلك؟ قال ابن الصباغ: أما الحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا، وذكر صاحب المهذب أن الوجهين في الوجوب. هذا كلام صاحب البيان. وقطع صاحب العدة بأن الحاسب والمنجم لا يعمل غيرهما بقولهما. وقال المتولي: لا يعمل غير الحاسب بقوله، وهل يلزمه هو الصوم بمعرفة نفسه الحساب؟ فيه وجهان. قال الروياني: من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على الأصح. وقال البغوي لا يجوز تقليد المنجم في حسابه، لا في الصوم ولا في الفطر. قال النووي: فحصل في المسألة خمسة أوجه: أصحها: لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك، لكن يجوز لهما دون غيرهما، ولا يجزئهما عن فرضهما. الثاني: يجوز لهما ويجزئهما. الثالث: يجوز للحاسب ولا يجوز للمنجم. الرابع: يجوز لهما، ويجوز لغيرهما تقليدهما. الخامس: يجوز لهما، ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم. اهـ. وقال العيني عند شرح حديث: فاقدروا له: المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر، ولا يجوز أن يكون المراد حساب النجوم، لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا الأفراد، والشارع إنما يأمر الناس بما يعرفه جماهيرهم. وقال عند شرح حديث: فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين. ظاهره ينفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً، إذ لو كان الحكم بعلم من ذلك لقال: فاسألوا أهل الحساب. ثم قال: قال ابن بزيزة: نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم، لأنه حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق الأمر، إذ لا يعرفها إلا القليل. وقال ابن بطال وغيره: إننا لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم. اهـ. هذه خلاصة ما قيل في عدم الاعتماد على الفلك والحساب عند تقدير الشهور، وهي تعتمد على نقاط، نوردها ثم نناقشها. النقطة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب. وهذه قضية حالة، انتهت، فلم تعد أمة الإسلام أمة أمية، بل أصبحت أمة تكتب وتحسب، فلا يستصحب الحكم المبني عليها لما بعدها. وظاهر الحديث تعليل الاعتماد على رؤية الهلال عليها، والمعلول يدور وراء علته وجوداً وعدماً، فقول العيني: علق الشارع الصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عن أمته في معاناة حساب التيسير، واستمر ذلك بينهم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك هذا القول غير مقبول، إذ يشبه قول من يقول: إن حكم المعلل بعلة يستمر وإن زالت علته. النقطة الثانية: قولهم: [لا نتعبد إلا بالرؤية] وهذه قضية لم يلتزم بها أصحاب هذا القول ولا غيرهم، فقد تعبد جميع المسلمين ويتعبدون بالتقويم الحسابي في أوقات الصلاة، ولم يعودوا يعتمدون على رؤية الفجر الصادق والكاذب حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ولا على رؤية غياب الشفق، ولا أن يصير ظل كل شيء مثله...إلخ. النقطة الثالثة: حملهم قوله صلى الله عليه وسلم: فإن غم عليكم فاقدروا له روايتنا الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة على أن المراد بها إكمال العدة ثلاثين يوماً كما جاء في بعض الروايات، فاعتمدوها، وقال العيني: إنها تنفي تعلق الحكم بالحساب أصلاً، إذ لو كان الحكم يعلم من ذلك لقال فاسألوا أهل الحساب. اهـ. وهذا تحكم، فللروايات الأولى معنى مستقل فاقدروا له يختلف تماماً عن معنى فأكملوا العدة إذ إكمال العدة لا يحتاج إلى تقدير، فلم لا نجعل الروايتين لحالتين، حالة يمكن معها التقدير الحسابي لوجود علمائه وحالة يصعب معها التقدير الحسابي فتكمل العدة، ويصبح المعنى فاقدروا له بالحساب إن أمكن، وأكملوا العدة ثلاثين يوماً إن لم تتمكنوا من التقدير، فتعمل الروايتين على مقامين مختلفين، على أن الإمام أحمد وغيره فسروا فاقدروا له على أن المراد: فاقدروا له بالحساب. النقطة الرابعة: قول ابن بزيزة: نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم، لأنه حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب. وهذه قضية حالة انتهت أيضاً، وأصبح الفلك والحساب علماً دقيقاً، له قواعده وأصوله التي تنتج نتائج قطعية، فهي تخبر عن موعد الخسوف والكسوف قبل أن يحصل بعام، أو أكثر، ولا يخطئ هذا التحديد جزءاً من الثانية، وهو معتمد على سير الكواكب في أفلاكها، والله تعالى يقول: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} [يونس: 5]. النقطة الخامسة: قول ابن بطال وغيره: إننا لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، وقولهم: إن الناس لو كلفوا بالحساب ضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا أفراد والشارع إنما يأمر الناس بما يعرفه جماهيرهم. وهذه قضية مردودة عليهم، لأن الناس أيضاً لم يكلفوا جميعاً بالرؤية، بل لم يكلف جماهيرهم بالرؤية، ولو كلفوا بها لضاق عليهم، لأنه لا يتمكن منها إلا أفراد، واكتفى الشارع بواحد أو اثنين من الأمة، مع أن علماء الحساب مئات. وإذا سلمنا أننا لم نكلف في عبادتنا مشقة لقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] لكن إذا وجدنا بين أيدينا حساباً دقيقاً دون مشقة نتركه ونتكلف المشقة في ترائي الهلال؟ وهل إذا وجدنا بين أيدينا [بوصلة] تحدد جهة القبلة نتركها وننظر إلى الشرق والغرب والشمال والجنوب، ونجتهد في موقعنا من الكعبة لنتجه إليها؟ أيهما أيسر؟ بل أيهما أدق؟. بل أيهما أكثر احتمالاً للخطأ؟ مائة من العدول يقولون: لم نر الهلال؟ أم قول أهل الحساب أنه لم يولد؟. هناك مسألة أساسية ينبغي أولاً أن نضعها في الاعتبار، هي أنه لو وافق الحساب الرؤية إثباتاً فلا إشكال، أعني إذا قال الحساب: القمر في السماء، وقال الراءون: رأينا القمر في السماء فلا إشكال ولزم الصوم سواء قلنا: اعتمدنا الحساب، أو قلنا اعتمدنا الرؤية، أو قلنا اعتمدنا الحساب والرؤية معاً، ولو وافق الحساب المترائين نفياً، بأن قالوا: لم نر الهلال، وقال الحساب: إنه لا يوجد الليلة في سمائنا فلا إشكال أيضاً، ولا يثبت الشهر. لكن إذا اختلف الحساب والراءون إثباتاً أو نفياً، فمن نعتمد؟. هذا الفرض هو الجدير بالبحث. وأولاً وأخيراً الناس ملزمون بحكم الحاكم، والحاكم مسئول أمام الله عن اجتهاده وحكمه، فإن استقر عنده صحة شهادة الشاهد المثبت حكم بثبوت الهلال، وإن نفاه أهل الحساب، وإن استقر عنده صحة إثبات الحساب لوجود الهلال حكم بثبوته وإن نفاه المتراءون، والأمر في استقرار النفي عنده كذلك. وحكم الحاكم واجب الطاعة في حق غير الرائي وفي حق غير الحاسب باتفاق العلماء، أما الرائي والحاسب فيلزمان بالعمل بعلمهما. والله أعلم. الشعبة الثانية -اختلاف المطالع: والرواية الثالثة والعشرون صريحة في أن الصحابة اعتمدوا وعملوا باختلاف المطالع، وأن لكل إقليم مطلعه ورؤيته، فهي إذ تحكي أن معاوية وأهل الشام صاموا يوم الجمعة على أنه أول رمضان، بناء على رؤيتهم الهلال، وأن أهل المدينة صاموا يوم السبت على أنه أول رمضان، بناء على رؤيتهم، وأن ابن عباس قرر أن لأهل المدينة رؤيتهم، وحين قيل له: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ رد الكلام على رؤية أهل المدينة، وقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وللعلماء في هذه المسألة وجوه: الأول: إذا رأوا هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل كل بلد يوافق الرؤيا في المطلع أو يسبقه، دون البلاد التي تتأخر عنه في المطلع، وإنما لزم من سبقه لأن خفاءه عنهم كان بعارض حتما، وإلى هذا ذهب جمهور الشافعية. قال النووي: وهذا أصح الآراء، ووجهه الماوردي بقوله: إن الطوالع والغروب قد تختلف لاختلاف البلدان، وإنما خوطب كل قوم بمطلعهم ومغربهم، ألا ترى الفجر قد يتقدم طلوعه في بلد ويتأخر في بلد آخر؟ وكذلك الشمس قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في بلد آخر، ثم كل بلد يعتبر طلوع فجره وغروب شمسه في حق أهله، فكذلك الهلال. اهـ. الوجه الثاني: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل إقليم بلد الرؤية، دون غيرهم، لأن اللزوم يكون بحكم القاضي بناء على شهادة عدل أو عدلين. الوجه الثالث: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل البلاد التي تقع منها دون مسافة القصر. قاله جماعة من الشافعية منهم الفوراني وإمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون من الخارسانيين، ووجهوه بأن اعتبار المطالع يحوج إلى حساب وإلى تحكيم المنجمين، وقواعد الشرع تأبى ذلك، فوجب اعتبار مسافة القصر التي علق بها الشرع كثيراً من الأحكام. قال النووي: وهذا ضعيف، لأن أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر فالصحيح اعتبار المطالع. الوجه الرابع: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لا يلزم الصوم غير أهل بلد الرؤية، نقله ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحق بن راهويه. الوجه الخامس: إذا رؤي هلال رمضان في بلد من بلاد المسلمين لزم الصوم جميع المسلمين في الأرض، لأن فرض الصوم في رمضان لا يختلف باختلاف البلاد، وقد ثبت رمضان. حكاه ابن المنذر عن الليث والشافعي وأحمد، وقال: ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي يقصد بهما مالكاً وأبا حنيفة (انظر المجموع للنووي). ومن هذا العرض يتضح أن في الأمر اتساعاً؛ بل في العمل بالحساب متسع أيضاً، وبالأخذ بأي قول من أقوال العلماء قبول إن شاء الله. لكن الذي نحب أن ننبه عليه أن لا ترتبط الفتوى بالسياسة، نرضى عن سياسة دولة فنأخذ برؤيتها ونحكم بالصوم، ونختلف معها فلا نأخذ برؤيتها، ونرجئ الصوم فنتبع آخرتنا لهوانا، ونحول ديننا إلى نوازعنا، ونربط شريعتنا بزوابع هي غنية عنها وبريئة منها. والله المستعان. الشعبة الثالثة: صوم يوم الشك، وهو اليوم الذي يعقب التاسع والعشرين من شعبان ويسمى يوم الشك حين لا نجزم أنه من شعبان، أو من رمضان، أما حين الجزم أنه من رمضان فالأمر ظاهر. وصيامه واجب، وحين الجزم بأنه من شعبان فظاهر الرواية السابعة عشرة يمنع صيامه، إذ لفظها: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه. قال النووي: في هذا الحديث التصريح بالنهي عن استقبال رمضان بصوم يوم ويومين، لمن لم يصادف عادة له، أو يصله بما قبله، فإن لم يصله ولا صادف عادة له فهو حرام. هذا هو الصحيح في مذهبنا، لهذا الحديث وللحديث الآخر في سنن أبي داود وغيره: إذا انتصف شعبان فلا صيام حتى يكون رمضان فإن وصله بما قبله أو صادف عادة له، كمن كانت عادته صوم يوم الاثنين مثلاً، فصادفه فصامه تطوعاً بنية ذلك جاز، لهذا الحديث، وسواء في النهي عندنا لمن لم يصادف عادته ولا وصله يوم الشك وغيره، فيوم الشك داخل في النهي. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: ويلتحق بالوصل والعادة القضاء والنذر، لوجوب الوفاء بهما بالأدلة القطعية، ولا يبطل القطعي بالظن، ثم عرض للحكمة في منع الصوم قبل رمضان، فقال: والحكمة فيه التقوى بالفطر لرمضان، ليدخل فيه بقوة ونشاط، وقيل: الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض، وفيه نظر، لأنه يجوز لمن له عادة. وقيل: لأن الحكم علق بالرؤية، فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم، وهذا هو المعتمد. اهـ. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان، قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان. اهـ وهذا الذي قاله إنما يصح لو أن النهي عن التقدم بيوم فقط، أما التقدم بيومين فلا يتأتى فيه قصد الاحتياط. والذي تستريح إليه النفس أن النهي عن استقبال رمضان بصوم إنما أريد به استقباله بما يليق به من قدسية وفضل وميزة عن بقية الشهور، يضعف وصله بغيره من بهجتها ورونقها وانشراح النفس واستعدادها لاستقبال ما تفتح له الجنان، وتغلق له النيران، وتصفد له مردة الشياطين وتضاعف فيه الحسنات إلخ. وأما الاحتياط فيتصور في يوم الشك نفسه، ولمعنى الشك في كونه من رمضان، وفيه خلاف بين الفقهاء، وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى والثالثة والسادسة: لا تصوموا حتى تروا الهلال منع صوم يوم الشك، واستدل البخاري على ذلك أيضاً بقول: عمار: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم. قال الحافظ ابن حجر: استدل به على تحريم صوم يوم الشك، لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه، فيكون من قبل المرفوع حكماً ثم قال: ويدخل في يوم الشك صورة الغيم وغيرها. اهـ وعلى هذا جمهور الشافعية. قال العيني: وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم كراهة صوم يوم الشك على أنه من رمضان، وجاء ما يدل على الجواز عن جماعة من الصحابة. قال أبو هريرة: لأن أتعجل صوم يوم أحب إلي من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني، ومثله عن عمرو بن العاص. وعن معاوية قال: لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان. وروى مثله عن عائشة وأسماء بنتي أبي بكر. اهـ. وباعث الشك قد يكون غيماً في السماء أو قترة تحول دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، وهذه الحالة لا يسميها الإمام أحمد شكا، ويوجب صوم اليوم على أنه من رمضان، وقال الشافعي: لا يجوز صوم هذا اليوم فرضاً ولا نفلاً مطلقاً، ويصح قضاء وكفارة ونذراً، ونفلاً يوافق عادة. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز صوم هذا اليوم عن فرض رمضان. ويجوز عما سوى ذلك. وللإمام أحمد قول كقول الشافعي، وثالث يقول: المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر. وقد يكون باعث الشك تقاعد الناس عن رؤية الهلال، أو شهادة بالرؤية لم يقبلها الحاكم، وهذه الحالة هي التي يخص أحمد يوم الشك بها، ويذهب فيها ما يذهب فيها وفي سابقتها الجمهور، ويستدل أحمد بما أخرجه بسنده عن نافع قال: كان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رأى فذاك، وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال أصبح صائماً. ونقل ابن المنذر الإجماع على أن صوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة. قال: وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: وخالف الشيعة الإجماع، فأوجبوه مطلقاً. اهـ. ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم

    1- من الرواية الثانية وغيرها من تصفيقه صلى الله عليه وسلم بأصابع يديه جواز اعتماد الإشارة المفهمة، وجواز استخدامها ولو لغير الخرس والعجم ومن لا يفهم المنطق.

    2- ومن ربط مواقيت العبادات بالرؤية تيسير التكاليف الشرعية، وأن الدين يسر، {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78].

    3- واستدل بالأحاديث على أن الثواب ليس مرتبطاً بكمية المشقة دائماً بل لله أن يتفضل بإلحاق الناقص بالتام في الثواب، وأن كل ما ورد من وعد الثواب على صيام رمضان وقيامه حاصل سواء كان ثلاثين يوماًَ أو تسعة وعشرين.
    4- واستدل به الإمام مالك في اكتفائه لرمضان بنية واحدة، لأنه جعل الشهر بجملته عبادة واحدة فاكتفى له بالنية.
    5- ومن الرواية الثامنة عشرة وما بعدها جواز حلف الرجل أن لا يدخل على زوجته، وأن يعتزلها إذا حصل منها ما يستدعي ذلك، إذ يقول تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} [النساء: 34].
    6- وأن اعتزال الرجل لزوجته يمكن أن يكون بترك البيت ولا يكتفي بترك الفراش.
    7- وأن الإنسان إذا أقسم على شيء وبر يمينه أخذ بأخف الأمور، لا بأشدها. (محلوظة): فرع الإمام النووي في المجموع على موضوع هذه الأحاديث بعدة فروع، نذكر منها: (أ) لو رأى هلال رمضان وحده، ولم يؤخذ بقوله وشهادته لزمه الصوم وإن أفطر الناس. (ب) لو رأى هلال شوال وحده، ولم يؤخذ بشهادته أفطر سراً، لئلا يعرض نفسه للتهمة. (جـ) لو شرع في الصوم في بلد ثبتت فيه الرؤية، فسافر إلى بلد لم تثبت فيه الرؤية لا يجوز له الفطر، فإن أقام به حتى استكمل ثلاثين يوماً من حين صام أفطر سراً إن صاموا هم يوم الثلاثين. (د) ولو بدأ السفر مفطراً من بلد لم يثبت فيه رمضان إلى بلد ثبت فيه لزمه الإمساك، فإن أقام رمضان كاملاً حتى العيد أفطر معهم ولزمه بعد العيد قضاء يوم، سواء صاموا ثلاثين أو تسعة وعشرين، وإن رجع إلى بلده الأول في رمضان كان حكمه حكم أهل بلده. (هـ) إذا أخبره من يثق به أنه رأى الهلال، فإن اعتقد صدقه لزمه الصوم، كما إذا رأى الهلال بنفسه. والله أعلم

    حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَلَفَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِمْ - أَوْ رَاحَ - فَقِيلَ لَهُ حَلَفْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا ‏.‏ قَالَ ‏ "‏ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ‏"‏ ‏.‏

    Umm Salama (Allah be pleased with him) reported that the Messenger of Allah (ﷺ) took an oath that he would not go to some of his wives for the whole of the month. When twenty-nine days bad passed he (the Holy Prophet) went to them in the morning or in the evening. Upon this it was said to him:Apostle of Allah, you took an oath that you would not come to us for a month, whereupon he said: The month may also consist of twenty-nine days

    telah menceritakan Kepadaku [Harun bin Abdullah] telah menceritakan kepada kami [Hajjaj bin Muhammad] ia berkata, [Ibnu Juraij] berkata, telah mengabarkan kepadaku [Yahya bin Abdullah bin Muhammad Shaifi] bahwa [Ikrimah bin Abdurrahman bin Harits] telah mengabarkan kepadanya bahwa [Ummu Salamah] radliallahu 'anha telah mengabarkan kepadanya; Bahwa Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pernah bersumpah untuk tidak memasuki kamar isteri-isterinya selama satu bulan. Setelah berlalu dua puluh sembilan hari, beliau pun pergi menemui mereka di pagi atau sore harinya. Kemudian dikatakanlah pada beliau, "Wahai Nabiyullah, Anda telah bersumpah untuk tidak memasuji kami selama satu bulan penuh." Maka beliau pun bersabda: "Sesungguhnya jumlah hari dalam satu bulan itu adalah dua puluh sembilan hari." Telah menceritakan kepada kami [Ishaq bin Ibrahim] telah mengabarkan kepada kami [Rauh] -dalam jalur lain- Dan Telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Al Mutsanna] telah menceritakan kepada kami [Adl Dlahak] yakni Abu Ashim, semuanya dari [Ibnu Juraij] dengan isnad ini, hadits semisalnya

    Bana Hârûn b. Abdillâh rivayet etti. (Dediki) Bize Haccâcü'bnü Muhammed rivayet etti, (Dediki) İbni Cüreyc şunu söyledi: Bana Yahya b. Abdillâh b Muhammed b. Sayfî haber verdi. Ona da İkrimetü'bnü Abdirrahmân b. Haris haber vermiş; ona da Ümmü Seleme (Radiyallahû amha) haber vermiş ki: Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) bir ay zevcelerinden bâzılarının yanına girmemeye yemin etmiş. Yirmidokuz gün geçince sabahleyin —yahut akşam üzeri— yanlarına girmiş. Kendisine: — «Yâ Nebiyyallah! Sen, bizim yanımıza bir ay girmemeye yemin etmiştin.» demişler. Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) : — «Bir ay yirmidokuz gün olur.» buyurmuşlar

    حجاج بن محمد ، ابن جریج ، یحییٰ بن عبداللہ بن محمد بن صیفی ، عکرمہ بن عبدالرحمٰن بن حارث ، حضرت ام سلمہ رضی اللہ تعالیٰ عنہا خبر دیتی ہیں کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے قسم اٹھائی کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم اپنی کچھ ازواج مطہرات کے پاس ایک مہینہ تک نہیں جائیں گے ۔ تو جب انتیس دن گزر گئے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم صبح یا شام ان کی طرف تشریف لے گئے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے عرض کیا گیا کہ اے اللہ کے نبی صلی اللہ علیہ وسلم !آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے تو قسم اٹھائی تھی کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم ایک مہینہ تک ہماری طرف تشریف نہیں لائیں گے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایاکہ مہینہ انتیس دنوں کا بھی ہوتا ہے

    হারূন ইবনু আবদুল্লাহ (রহঃ) ..... উম্মু সালামাহ্ (রাযিঃ) থেকে বর্ণিত। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম একবার তার স্ত্রীদের সান্নিধ্য থেকে একমাস দূরে থাকার শপথ করলেন। অতঃপর উনত্রিশ দিন অতিবাহিত হলে তিনি সকালে অথবা বিকালে তাদের কাছে আসলেন। তাকে বলা হলো, হে আল্লাহর নবী! আপনি এক মাস আমাদের কাছে না আসার শপথ করেছেন। তিনি (সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম) বললেন, উনত্রিশ দিনেও মাস হয়। (ইসলামী ফাউন্ডেশন ২৩৯০, ইসলামীক সেন্টার)

    உம்மு சலமா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் தம் துணைவியரில் சிலரிடம் ஒரு மாதகாலம் செல்லப்போவதில்லை எனச் சத்தியம் செய்து (விலகி) இருந்தார்கள். பின்னர் இருபத்தொன்பது நாட்கள் முடிந்ததும் அன்று "காலையில்" அல்லது "மாலையில்" அவர்களிடம் சென்றார்கள். அப்போது, "இறைவனின் தூதரே! எங்களிடம் ஒரு மாதகாலம் வரமாட்டீர்கள் எனச் சத்தியம் செய்திருந்தீர்களே?" என்று கேட்கப்பட்டது. அதற்கு நபியவர்கள், "மாதம் என்பது இருபத்தொன்பது நாட்களாகவும் இருக்கும்" என்று சொன்னார்கள். - மேற்கண்ட ஹதீஸ் மேலும் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்கள் வழியாகவும் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :