• 186
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ "

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

    الكبائر: الكبائر : واحدتُها : كبيرة، وهي الفَعْلَة القبيحة من الذنوب المَنْهيِّ عنها شرعا العظِيم أمْرُها
    مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ
    حديث رقم: 5652 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب: لا يسب الرجل والديه
    حديث رقم: 4540 في سنن أبي داوود كِتَاب الْأَدَبِ أَبْوَابُ النَّوْمِ
    حديث رقم: 1907 في جامع الترمذي أبواب البر والصلة باب ما جاء في عقوق الوالدين
    حديث رقم: 6359 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6677 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6844 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6870 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 412 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بَابُ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ
    حديث رقم: 413 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بَابُ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ
    حديث رقم: 26033 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْأَدَبِ مَنْ قَالَ : لَا تَسُبَّ أَحَدًا وَلَا تَلْعَنْهُ
    حديث رقم: 19645 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الشَّهَادَاتِ بَابُ : شَهَادَةُ أَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ
    حديث رقم: 2371 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْأَفْرَادُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
    حديث رقم: 134 في الجامع لعبد الله بن وهب بَابُ الْأَسْمَاءِ
    حديث رقم: 141 في الجامع لعبد الله بن وهب الْبِرُّ
    حديث رقم: 1258 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
    حديث رقم: 94 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابٌ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ
    حديث رقم: 95 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابٌ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ
    حديث رقم: 96 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابٌ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ
    حديث رقم: 327 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 28 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ لَا يَسُبُّ وَالِدَيْهِ
    حديث رقم: 28 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ النَّمَّامِ
    حديث رقم: 29 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ لَا يَسُبُّ وَالِدَيْهِ
    حديث رقم: 29 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ النَّمَّامِ
    حديث رقم: 116 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ
    حديث رقم: 65 في الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق
    حديث رقم: 66 في الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق
    حديث رقم: 72 في مساؤئ الأخلاق للخرائطي مساؤئ الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبِّ الرَّجُلِ أَبَاهُ ، وَلَعْنِهِ مِنَ التَّغْلِيظِ
    حديث رقم: 73 في مساؤئ الأخلاق للخرائطي مساؤئ الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبِّ الرَّجُلِ أَبَاهُ ، وَلَعْنِهِ مِنَ التَّغْلِيظِ
    حديث رقم: 1549 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ الْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذُّنُوبِ الَّتِي عَدَّهُنَّ فِي الْكَبَائِرِ مِثْلَ : الشِّرْكِ بِاللَّهِ ، والْقَتْلِ وَالزِّنَا ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ ، وَأَكْلِ الرِّبَا ، وَالسِّحْرِ ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ ، والسَّرِقَةِ ، وَاسْتِحْلَالِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وانْقِلَابٍ إِلَى الْأَعْرَابِ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَبَائِرِ ، أَسَبْعَةٌ هِيَ ؟ قَالَ : هِيَ إِلَى سَبْعِينَ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى سَبْعَةٍ . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : الْقُنُوطُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ ، وَالْكَذِبُ . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِرِ
    حديث رقم: 3753 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ
    حديث رقم: 262 في الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي بَابُ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ مِنْ
    حديث رقم: 751 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْكَبَائِرِ الَّتِي
    حديث رقم: 4631 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 4632 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


    [ رقم الحديث عند آل سلمان:159 ... ورقمه عند عبد الباقي:90]
    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ


    وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ .

    أَمَّا ( أَبُو بَكْرَةَ ) فَاسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَأَمَّا الْإِسْنَادَانِ الَّلذِانِ ذَكَرَهُمَا فَهُمْا بَصْرِيُّونَ كُلُّهُمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ . إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ وَاسِطِيٌّ بَصْرِيٌّ فَلَا يَقْدَحُ هَذَا فِي كَوْنِهِمْ بَصْرِيِّينَ وَهَذَا مِنَ الطُّرَفِ الْمُسْتَحْسَنَةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا نَظِيرُهُمْا فِي الْكُوفِيِّينَ .

    وَقَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ) قَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ فَائِدَةِ قَوْلِهِ ( وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ) وَلَمْ يَقُلْ : ( خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ) ; وَهُوَ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمِعَ فِي الرِّوَايَةِ خَالِدَ وَلِخَالِدٍ مُشَارِكُونَ فَأَرَادَ تَمْيِيزَهُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَاذِبًا عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِلَّا خَالِدًا فَعَدَلَ إِلَى لَفْظَةِ : ( وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ) لِتَحْصُلَ الْفَائِدَةُ بِالتَّمْيِيزِ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْكَذِبِ .

    قَوْلُهُ : ( عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ) هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَعُبَيْدُ اللَّهِ يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ .

    وَقَوْلُهُ : ( وَأَكْبَرُ ظَنِّي ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .

    وَأَبُو الْغَيْثِ اسْمُهُ سَالِمٌ . وَقَوْلُهُ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرِيرِيِّ هُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ مَنْسُوبٌ إِلَى جُرَيْرٍ مُصَغَّرٌ وَهُوَ جُرَيْرُ بْنُ عُبَادٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ بَطْنٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَصْرِيُّ .

    وَأَمَّا ( الْمُوبِقَاتُ ) فَهِيَ الْمُهْلِكَاتُ يُقَالُ : ( وَبَقَ الرَّجُلُ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ ( وَيَبِقَ ) بِكَسْرِهَا ، وَ ( وُبِقَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْبَاءِ ( يُوبِقُ ) : إِذَا هَلَكَ . وَ ( أَوْبَقَ ) غَيْرَهُ أَيْ أَهْلَكَهُ .

    وأَمَّا الزُّورُ فَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ الْمُفَسِّرُ ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ، وَغَيْرُهُ : أَصْلُهُ تَحْسِينُ الشَّيْءِ وَوَصْفُهُ بِخِلَافِ صِفَتِهِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَى مَنْ سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِهِ فَهُوَ تَمْوِيهُ الْبَاطِلِ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهُ حَقٌّ .

    وَأَمَّا ( الْمُحْصَنَاتُ الْغَافِلَاتُ ) فَبِكَسْرِ الصَّادِ وَفَتْحِهَا قِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ : قَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالْكَسْرِ ، وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْعَفَائِفُ ، وَبِالْغَافِلَاتِ الْغَافِلَاتُ عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَمَا قُذِفْنَ بِهِ . وَقَدْ وَرَدَ الْإِحْصَانُ فِي الشَّرْعِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ : الْعِفَّةِ ، وَالْإِسْلَامِ ، وَالنِّكَاحِ ، وَالتَّزْوِيجِ ، وَالْحُرِّيَّةِ . وَقَدْ بَيَّنْتُ مَوَاطِنَهُ وَشَرَائِطَهُ وَشَوَاهِدَهُ فِي كِتَابِ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَأَمَّا مَعَانِي الْأَحَادِيثِ وَفِقْهُهَا فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِ الْكَبَائِرِ . وَقَالَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : وَلَا انْحِصَارَ لِلْكَبَائِرِ فِي عَدَدٍ مَذْكُورٍ . وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ أَسَبْعٌ هِيَ ؟ فَقَالَ : هِيَ إِلَى سَبْعِينَ ، وَيُرْوَى إِلَى سَبْعمِائَةٍ أَقْرَبُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَبَائِرُ سَبْعٌ فَالْمُرَادُ بِهِ : مِنَ الْكَبَائِرِ سَبْعٌ . فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ فَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِلَا شَكٍّ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ السَّبْعِ . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ثَلَاثٌ ، وَفِي الْأُخْرَى أَرْبَعٌ لِكَوْنِهَا مِنْ أَفْحَشِ الْكَبَائِرِ مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهَا لَا سِيَّمَا فِيمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ . وَلَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِهَا مَا ذَكَرَ فِي الْأُخْرَى ، وَهَذَا مُصَرَّحٌ بِمَا ذَكَرَتُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَعْضُ . وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدِيهِ ، وَجَاءَ فِي النَّمِيمَةِ ، وَعَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ ، أَنَّهُمَا مِنَ الْكَبَائِرِ . وَجَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ مِنَ الْكَبَائِرِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ ، وَاسْتِحْلَالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ وَتَمْيِيزِهَا مِنَ الصَّغِيرَةِ فَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : كُلُّ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَةٌ . وَبِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ ، وَغَيْرُهُ . وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْمَذْهَبَ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ . وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا بِأَنَّ كُلَّ مُخَالَفَةٍ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى كَبِيرَةٌ . وَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ إِلَى انْقِسَامِ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - . وَقَدْ تَظَاهَرَ عَلَى ذَلِكَ دَلَائِلُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاسْتِعْمَالُ سَلَفِ الْأَمَّةِ وَخَلَفِهَا . قَالَ الْإِمَامُأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْبَسِيطُ فِي الْمَذْهَبِ " : إِنْكَارُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يَلِيقُ بِالْفِقْهِ وَقَدْ فُهِمَا مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ قَالَهُ غَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ . وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ الْمُخَالَفَةِ قَبِيحَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى ; وَلَكِنَّ بَعْضَهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ . وَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ أَوْ صَوْمُ رَمَضَانَ ، أَوِ الْحَجُّ ، أَوِ الْعُمْرَةُ ، أَوِ الْوُضُوءُ أَوْ صَوْمُ عَرَفَةَ ، أَوْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ ، أَوْ فِعْلُ الْحَسَنَةِ ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ ، وَإِلَى مَا لَا يُكَفِّرهُ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ ، " مَا لَمْ يَغْشَ كَبِيرَةً " ; فَسَمَّى الشَّرْعُ مَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ وَنَحْوُهَا صَغَائِرَ ، وَمَا لَا تُكَفِّرُهُ كَبَائِرَ . وَلَا شَكَّ فِي حُسْنِ هَذَا ، وَلَا يُخْرِجُهَا هَذَا عَنْ كَوْنِهَا قَبِيحَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى ; فَإِنَّهَا صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقَهَا لِكَوْنِهَا أَقَلَّ قُبْحًا ، وَلِكَوْنِهَا مُتَيَسِّرَةَ التَّكْفِيرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَإِذَا ثَبَتَ انْقِسَامُ الْمَعَاصِي إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُنْتَشِرًا جِدًّا ; فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ : الْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَارٍ ، أَوْ غَضَبٍ ، أَوْ لَعْنَةٍ ، أَوْ عَذَابٍ ، وَنَحْوِ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مَا أَوْعَدَ عَلَيْهِ بِنَارٍ ، أَوْ حَدٍّ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي ( الْبَسِيطِ ) : وَالضَّابِطُ الشَّامِلُ الْمَعْنَوِيُّ فِي ضَبْطِ الْكَبِيرَةِ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ يُقْدِمُ الْمَرْءُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِشْعَارِ خَوْفٍ وَحَذَارِ نَدَمٍ كَالْمُتَهَاوِنِ بِارْتِكَابِهَا وَالْمُتَجَرِّئِ عَلَيْهِ اعْتِيَادًا ; فَمَا أَشْعَرَ بِهَذَا الِاسْتِخْفَافِ وَالتَّهَاوُنِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ ، وَمَا يُحْمَلُ عَلَى فَلَتَاتِ النَّفْسِ أَوِ اللِّسَانِ وَفَتْرَةِ مُرَاقَبَةِ التَّقْوَى وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ تَنَدُّمٍ يَمْتَزِجُ بِهِ تَنْغِيصُ التَّلَذُّذِ بِالْمَعْصِيَةِ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ الْعَدَالَةَ وَلَيْسَ هُوَ بِكَبِيرَةٍ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ( فَتَاوِيهِ الْكَبِيرَةِ ) كُلُّ ذَنْبٍ كَبُرَ وَعَظُمُ عِظَمًا يَصِحُّ مَعَهُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَبِيرِ ، وَوُصِفَ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ . قَالَ : فَهَذَا حَدُّ الْكَبِيرَةِ . ثُمَّ لَهَا أَمَارَاتٌ مِنْهَا : إِيجَابُ الْحَدِّ ، وَمِنْهَا الْإِيعَادُ عَلَيْهَا بِالْعَذَابِ بِالنَّارِ وَنَحْوِهَا فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ ، وَمِنْهَا وَصْفُ فَاعِلِهَا بِالْفِسْقِ نَصًّا ، وَمِنْهَا اللَّعْنُ كَلَعْنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ ( الْقَوَاعِدُ ) : ( إِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فَاعْرِضْ مَفْسَدَةَ الذَّنْبِ عَلَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا ; فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ أَقَلِّ مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ فَهِيَ مِنَ الصَّغَائِرِ ، وَإِنْ سَاوَتْ أَدْنَى مَفَاسِدِ الْكَبَائِرِ أَوْ رَبَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَمَنْ شَتَمَ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوِ اسْتَهَانَ بِالرُّسُلِ ، أَوْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ ، أَوْ ضَمَّخَ الْكَعْبَةَ بِالْعَذِرَةِ ، أَوْ أَلْقَى الْمُصْحَفَ فِي الْقَاذُورَاتِ فَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ . وَلَمْ يُصَرِّحِ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ . وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ امْرَأَةً مُحْصَنَةً لِمَنْ يَزْنِي بِهَا ، أَوْ أَمْسَكَ مُسْلِمًا لِمَنْ يَقْتُلَهُ ، فَلَا شَكَّ أَنَّ مَفْسَدَةَ ذَلِكَ أَعْظَمُ عَنْ مَفْسَدَةِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ . وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّارَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَأْصَلُونَ بِدَلَالَتِهِ ، وَيَسْبُونَ حَرَمَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ ، وَيَغْنَمُونَ أَمْوَالَهُمْ ، فَإِنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَعْظَمُ مِنْ تَوَلِّيهِ يَوْمَ الزَّحْفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ . وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَبَ عَلَى إِنْسَانٍ كَذِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِسَبَبِهِ ; أَمَّا إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ كَذِبًا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِسَبَبِهِ تَمْرَةً فَلَيْسَ كَذِبُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ ، قَالَ : وَقَدْ نَصَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ ، وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِرِ . فَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ خَطِيرٍ فَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَإِنْ وَقَعَا فِي مَالٍ حَقِيرٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَا مِنَ الْكَبَائِرِ فِطَامًا عَنْ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ ، كَمَا جُعِلَ شُرْبُ قَطْرَةٍ مِنْ خَمْرٍ مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمَفْسَدَةُ . وَيَجُوزُ أَنْ يُضْبَطَ ذَلِكَ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ . قَالَ : وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَبِيرَةٌ ; فَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ مُتَسَبِّبٌ ، وَالْحَاكِمُ مُبَاشِرٌ ، فَإِذَا جُعِلَ السَّبَبُ كَبِيرَةٌ فَالْمُبَاشَرَةُ أَوْلَى قَالَ : وَقَدْ ضَبَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكَبَائِرَ بِأَنَّهَا كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ فَعَلَى هَذَا كُلُّ ذَنْبٍ عُلِمَ أَنَّ مَفْسَدَتَهُ كَمَفْسَدَةِ مَا قُرِنَ بِهِ الْوَعِيدُ أَوِ الْحَدُّ أَوِ اللَّعْنُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَتِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ . ثُمَّ قَالَ : وَالْأَوْلَى أَنْ تُضْبَطَ الْكَبِيرَةُ بِمَا يُشْعِرُ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا فِي دِينِهِ إِشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - . قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ وَغَيْرُهُ : الصَّحِيحُ أَنَّ حَدَّ الْكَبِيرَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ ، بَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِوَصْفِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَعَاصِي بِأَنَّهَا كَبَائِرُ ، وَأَنْوَاعٍ بِأَنَّهَا صَغَائِرَ ، وَأَنْوَاعٌ لَمْ تُوصَفْ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ ، وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ بَيَانِهَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُمْتَنِعًا مِنْ جَمِيعِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ . قَالُوا : وَهَذَا شَبِيهٌ بِإِخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَسَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَسَاعَةِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ مِنَ اللَّيْلِ ، وَاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أُخْفِيَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَالَ الْعُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - : وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يَجْعَلُهَا كَبِيرَةً . وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - : لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ تُمْحَى بِالِاسْتِغْفَارِ ، وَالصَّغِيرَةَ تَصِيرُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي حَدِّ الْإِصْرَارِ : هُوَ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إِشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ . قَالَ : وَكَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَتْ صَغَائِرُ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَصْغَرُ الْكَبَائِرِ . وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : الْمُصِرُّ مَنْ تَلَبَّسَ مِنْ أَضْدَادِ التَّوْبَةِ بِاسْمِ الْعَزْمِ عَلَى الْمُعَاوَدَةِ أَوْ بِاسْتِدَامَةِ الْفِعْلِ بِحَيْثُ يَدْخُلُ بِهِ ذَنْبُهُ فِي حَيِّزِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِصَيْرُورَتِهِ كَبِيرًا عَظِيمًا . وَلَيْسَ لِزَمَانِ ذَلِكَ وَعَدَدِهِ حَصْرٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    هَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِضَبْطِ الْكَبِيرَةِ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( قَالَ أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا )
    فَمَعْنَاهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . وَأَمَّا عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ ( الْعَقِّ ) وَهُوَ الْقَطْعُ . وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ : ( عَقَّ ) وَالِدَهُ يَعُقُّهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَقًّا وَعُقُوقًا إِذَا قَطَعَهُ ، وَلَمْ يَصِلُ رَحِمَهُ . وَجَمْعُ ( الْعَاقِّ ) عَقَقَةٌ بِفَتْحِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا ، وَ ( عُقُقٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْقَافِ . وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ : رَجُلٌ عُقُقٌ وَعَقَقٌ وَعَقٌّ وَعَاقٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ الَّذِي شَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ لِوَالِدِهِ . هَذَا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ .

    وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْعُقُوقِ الْمُحَرَّمِ شَرْعًا فَقَلَّ مَنْ ضَبَطَهُ . وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : لَمْ أَقِفْ فِي عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَفِيمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى ضَابِطٍ أَعْتَمِدهُ ; فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ طَاعَتهُمَا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرَانِ بِهِ ، وَيَنْهَيَانِ عَنْهُ ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَقَدْ حَرُمَ عَلَى الْوَلَدِ الْجِهَادُ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا لِمَا شَقَّ عَلَيْهِمَا مِنْ تَوَقُّعِ قَتْلِهِ ، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ ، وَلِشِدَّةِ تَفَجُّعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ . وَقَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ سَفَرٍ يَخَافَانِ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ : الْعُقُوقُ الْمُحَرَّمُ كُلُّ فِعْلٍ يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ أَوْ نَحْوُهُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَةِ . قَالَ : وَرُبَّمَا قِيلَ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ . وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِمَا فِي ذَلِكَ عُقُوقٌ . وَقَدْ أَوْجَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ طَاعَتُهُمَا فِي الشُّبُهَاتِ . قَالَ : وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَائِنَا : يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ، وَفِي التِّجَارَةِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْتُهُ ، فَإِنَّ هَذَا كَلَامٌ مُطْلَقٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْتُهُ بَيَانٌ لِتَقْيِيدِ ذَلِكَ الْمُطْلَقِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَوْلُ الزُّورِ أَوْ شَهَادَةُ الزُّورِ ) فَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُتَبَادَرِ إِلَى الْأَفْهَامِ مِنْهُ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِلَا شَكٍّ ، وَكَذَا الْقَتْلُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ . وَفِي تَأْوِيلِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكُفْرِ ; فَإِنَّ الْكَافِرَ شَاهِدٌ بِالزُّورِ وَعَامِلٌ بِهِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ كَافِرًا . وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي نَظَائِرِهِ . وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الظَّاهِرُ أَوِ الصَّوَابُ . فَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْكُفْرِ فَضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْحُقُوقِ . وَأَمَّا قُبْحُ الْكُفْرِ وَكَوْنُهُ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ فَكَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ وَلَا يَتَشَكَّكُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي ذَلِكَ فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ يُخْرِجُهُ عَنِ الْفَائِدَةِ . ثُمَّ الظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ عُمُومُ الْحَدِيثِ وَإِطْلَاقُهُ وَالْقَوَاعِدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِ شَهَادَةِ الزُّورِ بِالْحُقُوقِ كَبِيرَةً بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِحَقٍّ عَظِيمٍ أَوْ حَقِيرٍ . وَقَدْ يُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ فِيهِ الِاحْتِمَالُ الَّذِي قَدَّمْتُهُ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَكْلِ تَمْرَةٍ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَأَمَّا عَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِرِ فَدَلِيلٌ صَرِيحٌ لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً فِي كَوْنِهِ كَبِيرَةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ هُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ . قَالَ : وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً . وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ أَنَّهُ عَامٌّ بَاقٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( فَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ ) فَجُلُوسُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاهْتِمَامِهِ بِهَذَا الْأَمْرِ ، وَهُوَ يُفِيدُ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِهِ ، وَعِظَمَ قُبْحِهِ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : ( لَيْتَهُ سَكَتَ ) فَإِنَّمَا قَالُوهُ وَتَمَنَّوْهُ شَفَقَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَرَاهَةً لِمَا يُزْعِجُهُ وَيُغْضِبُهُ .

    وَأَمَّا عَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّحْرَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِنَا الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ . وَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ أَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ مِنَ الْكَبَائِرِ فِعْلُهُ وَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : إِنَّ تَعَلُّمَهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ ، بَلْ يَجُوزُ لِيُعْرَفَ وَيُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ وَيُمَيَّزَ عَنِ الْكَرَامَةِ لِلْأَوْلِيَاءِ : وَهَذَا الْقَائِلُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْمِلَ الْحَدِيثَ عَلَى فِعْلِ السِّحْرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ ) إِلَى آخِرِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَسَبَّبَ فِي شَيْءٍ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ هَذَا عُقُوقًا لِكَوْنِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الْعُقُوقِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَفِيهِ قَطْعُ الذَّرَائِعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ الْخَمْرَ ، وَالسِّلَاحَ مِمَّنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .



    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم. يسب أبا الرجل، فيسب أباه. ويسب أمه، فيسب أمه.
    المعنى العام:
    إعظاما لحق الأبوين، وتقديرا لهما، وصيانة لمقامهما، يحذر صلى الله عليه وسلم من إيذائهما بأي نوع من أنواع الإيذاء، قل أو كثر، قصد أو لم يقصد، ووجها به أو لم يواجها به، باشره الابن أو تسبب فيه، فيقول صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الذنوب أن يشتم الرجل والديه أو أحدهما، ويستعظم الصحابة هذا الفعل القبيح، ويستبعدون وقوعه، لأن الطبع السليم يأباه ولا يقربه، فيقول قائلهم: أو يحدث ذلك يا رسول الله؟ وكيف يحدث أن يشتم الرجل أباه؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: ليس شرطا أن يتعاطى الابن سب والديه مباشرة، فقد يتسبب فيه فيسب أبا رجل آخر، فيسب هذا الآخر أباه ويزيد المسبوب شتم أم الساب، أو يسب الرجل أم رجل آخر فيسب هذا الآخر أمه، فمن فعل ذلك فكأنما سب والديه. فما أرفع آداب الإسلام. وما أبعد المسلمين عنها في هذا العصر الذي تسمع فيه عن ضرب الأبناء للأمهات، وقتل الآباء من أجل عرض الدنيا الحقير. المباحث العربية (من الكبائر) في رواية البخاري إن من أكبر الكبائر. (شتم الرجل والديه) التعبير بالرجل جرى على الغالب، فالحكم كذلك بالنسبة للمرأة، والتعبير بالوالدين من قبيل الشأن والكثير أيضا، إذ الحكم شامل لمن يؤدي فعله إلى شتم أحد الوالدين فقط. وقد جاء في رواية البخاري أن يلعن الرجل والديه والمراد من اللعن فيها الشتم، وفي رواية أخرى من الكبائر عند الله أن يسب الرجل والده . (قالوا: يا رسول الله) القائل واحد: ونسب القول للمجموع لرضاهم به وموافقتهم عليه، فأحدهم قائل فعلا، والآخرون قائلون حكما، وفي رواية البخاري قيل: يا رسول الله بالبناء للمجهول. (وهل يشتم الرجل والديه؟) يشتم -بكسر التاء- والاستفهام استبعادي، والمعنى: نستبعد أن يشتم الرجل والديه، وفي رواية البخاري وكيف يلعن الرجل والديه ففيها استبعاد وتعجب وسؤال عن كيفية وقوع هذا الأمر العجيب. (يسب أبا الرجل) في هذه الرواية إضمار الفاعل، وفي رواية البخاري بإظهاره، ولفظها يسب الرجل أبا الرجل والاستفهام عن الشتم والجواب بالسب والمراد منهما واحد هنا. (ويسب أمه فيسب أمه) ظاهر هذه الرواية أن سب الأب يؤدي إلى سب الأب، وسب الأم يؤدي إلى سب الأم، وهو واضح وكثير، وراوية البخاري يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه وظاهرها أن سب الأب يؤدي إلى سب الأب والأم زيادة من المسبوب، وهو كثير الوقوع أيضا. فقه الحديث لا خلاف في أن سب الوالدين والتسبب في سبهما من أفراد عقوق الوالدين، ولا خلاف في أن العقوق من الكبائر، ولكن المشكل رواية البخاري التي تصرح بأن من أكبر الكبائر التسبب في شتم الوالدين، فإذا كان التسبب في شتمهما من أكبر الكبائر، فكيف يكون حكم مباشرة شتمهما؟ لهذا كانت رواية مسلم أقرب إلى الحكم الصحيح فالتسبب في شتمهما من الكبائر، ومباشرة شتمهما من أكبر الكبائر، إذ ليس فعل السبب كفعل المسبب على كل حال، وهو لم يقصد شتم أبيه، فلا يأخذ حكم من شتمه قاصدا، ويمكن توجيه رواية البخاري بأن لفظ أكبر نسبي، فما هو من أكبر الكبائر قد يوجد ما هو أكبر منه، فالتسبب من أكبر الكبائر ومباشرة الشتم أكبر منه. وإنما كان شتم الوالدين من أكبر الكبائر، لأن شتم الأجنبي كبيرة وشتم الوالدين أقبح منه فيكون من أكبر الكبائر. ويؤخذ من الحديث 1 - سد الذرائع. 2 - وأن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل، وإن لم يقصد إلى ما يحرم، والأصل في ذلك قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} [الأنعام: 108]. 3 - وأن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء . 4 - وفيه جعل فعل السبب كفعل المسبب فيمنع بيع العنب لمن يتخذه خمرا، والحرير لمن يلبسه، والسلاح لمن يقطع به الطريق. 5 - وفيه العمل بالغالب، لأن الذي يسب أبا الرجل يجوز أن يسب الآخر أباه، ويجوز ألا يفعل، لكن الغالب أن يجيبه بمثل قوله. 6 - وفيه مراجعة التلميذ لشيخه فيما يقوله مما يشكل عليه. 7 - وفيه ما كان عليه الصحابة من حميد الأخلاق، إذ استبعدوا حصول هذا الفعل القبيح، وإلا فهو بعدهم كثير. 8 - وفيه إثبات الكبائر. 9 - وفيه دليل على عظم حق الأبوين. والله أعلم

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ‏"‏ مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ ‏"‏ ‏.‏ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ ‏"‏ ‏.‏

    It is narrated on the authority of 'Abdullah b. Amr b. al-'As that the Messenger of Allah (ﷺ) observed:Abusing one's parents is one of the major sins. They (the hearers) said: Messenger of Allah, does a man abuse his parents too? He (the Holy Prophet) replied: Yes, one abuses the father of another man, who in turn abuses his father. One abuses his mother and he in turn abuses his (the former's) mother

    D'après 'Abdoullâh Ibn 'Amr Ibn Al-'As (رضي الله عنهما), l'Envoyé de Dieu (paix et bénédiction de Dieu sur lui) a dit : "Parmi les péchés capitaux figure le fait qu'un homme injure ses parents". - "Arrive-t-il, ô Envoyé de Dieu, qu'un homme insulte ses parents?", s'exclama-t-on. - "Oui, c'est quand on injure le père d'un autre qui à son tour répond en insultant le père de l'injurier et quand on injure la mère de quelqu'un qui se venge en insultant celle de l'injurier". Celui qui meurt sans ne rien associer à Dieu entrera au Paradis, et celui qui meurt polythéiste ira en Enfer

    Telah menceritakan kepada kami [Qutaibah bin Sa'id] telah menceritakan kepada kami [al-Laits] dari [Ibnu al-Had] dari [Sa'ad bin Ibrahim] dari [Humaid bin Abdurrahman] dari [Abdullah bin Amru bin al-Ash] bahwa Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Di antara dosa besar adalah seorang laki-laki mencela kedua orang tuanya." Para sahabat bertanya, "Wahai Rasulullah, 'Apakah (mungkin) seorang laki-laki mencela orang tuanya? ' Beliau menjawab: "Ya. Dia mencela bapak seseorang lalu orang tersebut (membalas) mencela bapaknya, lalu dia mencela ibunya, lalu orang tersebut (membalas) mencela ibunya." Dan telah menceritakan kepada kami [Abu Bakar bin Abu Syaibah] dan [Muhammad bin al-Mutsanna] serta [Ibnu Basysyar] semuanya dari [Muhammad bin Ja'far] dari [Syu'bah]. (dalam riwayat lain disebutkan) Dan telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Hatim] telah menceritakan kepada kami [Yahya bin Sa'id] telah menceritakan kepada kami [Sufyan] keduanya dari [Sa'ad bin Ibrahim] dengan sanad ini seperti hadits tersebut

    Bize Kuteybetü'bnü Said rivayet etti. (Dediki) Bize Leys İbnü'l-Hâd'dan, o da Sa'd b. İbrahim'den, o da Humeyd b. Abdirrahnıan'dan, o da Abdullah b. Amr b. As'dan rivayetine göre Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem) şöyle buyurdu: "Kişinin anne babasına sövmesi büyük günahlardandır. " Ashab: Ey Allah'ın Resulü, hiç kimse anne babasına söver mi, dediler. O: "Evet, başka bir adamın babasına söver, o da onun babasına söver. Annesine söver, o da onun annesine söver" buyurdu. Diğer tahric: Buhari, 5628; Ebu Davud, 5142 -benzeri-; Tirmizi, 1902; Tuhfetu'l-Eşraf

    (یزید بن عبد اللہ ) ابن ہاد نے سعد بن ابراہیم سے ، انہوں نے حمید بن عبد الرحمان سے اور انہوں نے حضرت عبداللہ بن عمرو بن عاص ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ سے روایت کی کہ رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’ آدمی کا اپنےوالدین کو گالی دینا کبیرہ گناہوں میں سے ہے ۔ ‘ ‘ ( صحابہ ) کہنے لگے : اے اللہ کے رسول ! کیا کوئی آدمی اپنے والدین کو گالی دیتا ہے ؟ فرمایا : ’’ہاں! انسان کسی کے باپ کوگالی دیتا ہے تو وہ ا س کے باپ کو گالی دیتا ہے ۔ جب یہ کسی کی ماں کو گالی دیتا ہے تو وہ اس کی ماں کو گالی دیتاہے ۔ ‘ ‘

    কুতাইবাহ ইবনু সাঈদ (রহঃ) ..... 'আবদুল্লাহ ইবনু আমর ইবনুল আস (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়া সাল্লাম বলেছেনঃ পিতা-মাতাকে গালি দেয়া কাবীরাহ গুনাহ। সাহাবা কিরাম প্রশ্ন করলেন, হে আল্লাহর রাসূল! কেউ কি তার পিতা-মাতাকে গালি দিতে পারে? তিনি বললেন, হ্যাঁ। কোন ব্যক্তি অন্যের পিতাকে গালি দেয় প্রত্যুত্তরে সেও তার পিতাকে গালি দেয়। কেউ বা অন্যের মাকে গালি দেয় জবাবে সেও তার মাকে গালি দেয়। (ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ১৬৫, ইসলামিক সেন্টারঃ)

    அப்துல்லாஹ் பின் அம்ர் பின் அல்ஆஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: "ஒரு மனிதர் தம் தாய் தந்தையரை ஏசுவது பெரும் பாவங்களில் உள்ளதாகும்" என அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள். அப்போது "அல்லாஹ்வின் தூதரே! ஒரு மனிதர் தம் தாய் தந்தையரையே ஏசுவாரா?" என்று கேட்கப்பட்டது. அதற்கு அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், "ஆம். ஒருவர் இன்னொருவரின் தந்தையை ஏசுவார். உடனே (பதிலுக்கு) அவர் இவருடைய தந்தையை ஏசுவார். ஒருவர் இன்னொருவரின் தாயை ஏசுவார். உடனே (பதிலுக்கு) அவர் இவருடைய தாயை ஏசுவார். (ஆக, தம் பெற்றோர் ஏசப்படுவதற்கு இவரே காரணமாகிவிடுகிறார்)" என்று கூறினார்கள். - மேற்கண்ட ஹதீஸ் மேலும் நான்கு அறிவிப்பாளர்தொடர்கள் வழியாகவும் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :