• 3231
  • عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا ، حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ ، فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : {{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }} - حَتَّى بَلَغَ - {{ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }} " فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ ، فَقَالَ : " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي " فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ، فَقَالَ : " يَا خَدِيجَةُ ، مَا لِي " وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ ، وَقَالَ : " قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي " فَقَالَتْ لَهُ : كَلَّا ، أَبْشِرْ ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا ، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ ، فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : أَيِ ابْنَ عَمِّ ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ ، فَقَالَ وَرَقَةُ : ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى ؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى ، فَقَالَ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ، أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ " فَقَالَ وَرَقَةُ : نَعَمْ ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا بَلَغَنَا ، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا ، حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ ، فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : {{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }} - حَتَّى بَلَغَ - {{ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }} فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ ، فَقَالَ : زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ، فَقَالَ : يَا خَدِيجَةُ ، مَا لِي وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ ، وَقَالَ : قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ لَهُ : كَلَّا ، أَبْشِرْ ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا ، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ ، فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : أَيِ ابْنَ عَمِّ ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ ، فَقَالَ وَرَقَةُ : ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى ؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى ، فَقَالَ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ، أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ فَقَالَ وَرَقَةُ : نَعَمْ ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا بَلَغَنَا ، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : {{ فَالِقُ الإِصْبَاحِ }} : ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ ، وَضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ

    فلق: فلق الصبح : ضياء الصبح ونوره
    ويتزود: تزود : اتخذ زادا وهو طعام يتخذه المسافر
    فغطني: الغط : العصر الشديد والضم
    بلغ: بلغ : وصل
    الجهد: الجُهْد والجَهْد : بالضم هو الوُسْع والطَّاقة، وبالفَتْح : المَشَقَّة. وقيل المُبَالَغة والْغَايَة. وقيل هُمَا لُغتَان في الوُسْع والطَّاقَة، فأمَّا في المشَقَّة والْغَاية فالفتح لا غير
    ترجف: ترجف : تهتز
    بوادره: البوادر جمع البادرة : وهي اللحمة بين المنكب والعنق
    زملوني: زملوني : غطوني ولفوني
    فزملوه: زمل : لفَّ وغطى
    الروع: الروع : الخوف الشديد والفزع
    يخزيك: الخزي : الذل والعار والهوان والاستحياء من القبيح
    الرحم: الرحم : القرابة وذوو الرحم هم الأقاربُ، ويقعُ على كُلّ من يجمع بَيْنك وبينه نَسَب، ويُطْلق في الفَرائِض على الأقارب من جهة النِّساء، وَهُم من لا يَحلُّ نِكاحُه كالأمّ والبنت والأخت والعمة والخالة
    الكل: الكَل : الثِّقَل مِن كل ما يُتَكلَّف ، وقيل : العيال ومن يحتاج إلى رعاية ونفقة
    وتقري: القِرَى : ما يقدم إلى الضيف
    نوائب: النوائب : جمع نائبة وهي ما ينزل بالإنسان من الكوارث والحوادث المؤلمة
    تنصر: تنصر : اعتنق النصرانية
    الناموس: الناموس : وعاء العلم والمراد به الكتاب المنزل
    جذعا: الجذع : الشاب الفتي القوي الذي يستطيع أن ينصر غيره ويرفع عنه الظلم
    قط: قط : بمعنى أبدا ، وفيما مضى من الزمان
    مؤزرا: مؤزرا : قويا عظيما
    ينشب: ينشب : يلبث
    وفتر: فترة الوحي : احتباسه وعدم تتابعه وتواليه في النزول
    فترة: فترة الوحي : احتباسه وعدم تتابعه وتواليه في النزول
    غدا: الغدو : السير والذهاب والتبكير أول النهار
    يتردى: التردي : السقوط من مكان عال
    شواهق: شواهق الجبال : مرتفعاتها العالية
    بذروة: الذروة : أعلى كل شيء
    تبدى: بدا : وضح وظهر
    جأشه: الجأش : القلب، والنَّفْس، والجَنَان
    أوفى: أوفى : أشرف وأطلع
    مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ،
    حديث رقم: 3 في صحيح البخاري بدء الوحي كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 4690 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {خلق الإنسان من علق} [العلق: 2]
    حديث رقم: 4691 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {خلق الإنسان من علق} [العلق: 2]
    حديث رقم: 4 في صحيح البخاري بدء الوحي كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 3238 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا)، كلمه، {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} [مريم: 53] " يقال للواحد وللاثنين والجميع نجي، ويقال: {خلصوا نجيا} [يوسف: 80] اعتزلوا: نجيا، والجميع أنجية يتناجون "
    حديث رقم: 4692 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {اقرأ وربك الأكرم} [العلق: 3]
    حديث رقم: 257 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 3723 في جامع الترمذي أبواب المناقب باب
    حديث رقم: 25424 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24676 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25331 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 33 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْوَحْيِ
    حديث رقم: 4830 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنْهُمْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى رَضِيَ اللَّهُ
    حديث رقم: 2827 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ كِتَابُ التَّفْسِيرِ
    حديث رقم: 2828 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ كِتَابُ التَّفْسِيرِ
    حديث رقم: 3913 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ تَفْسِيرُ سُورَةِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
    حديث رقم: 3914 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ تَفْسِيرُ سُورَةِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
    حديث رقم: 9416 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَغَازِي بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ زَمْزَمَ ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ
    حديث رقم: 12470 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 16499 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ مُبْتَدَأِ الْبَعْثِ وَالتَّنْزِيلِ
    حديث رقم: 16501 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ مُبْتَدَأِ الْبَعْثِ وَالتَّنْزِيلِ
    حديث رقم: 1559 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ النِّسَاءِ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 1632 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ النِّسَاءِ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 1561 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ النِّسَاءِ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 16 في الأوائل للطبراني الأوائل للطبراني بَابُ أَوَّلِ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْوَحْي
    حديث رقم: 2363 في أخبار مكة للفاكهي أخبار مكة للفاكهي ذِكْرُ حِرَاءٍ وَفَضْلِهْ
    حديث رقم: 4320 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ السِّيرَةِ وَالْمَغَازِي بَابُ الْبَعْثِ
    حديث رقم: 20 في الذرية الطاهرة للدولابي الذرية الطاهرة للدولابي ذِكْرُ إِسْلَامِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 244 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ صِفَةِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ
    حديث رقم: 957 في الشريعة للآجري كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ بَابُ كَيْفَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1631 في الشريعة للآجري كِتَابُ فَضَائِلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَضَائِلُ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْمَحْمُودُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ , وَالْمُصْطَفِى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَسَلَّمَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ خَدِيجَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَضْلُهَا عَظِيمٌ , وَخَطَرُهَا جَزِيلٌ , أَكْرَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى الْعَظِيمُ بِأَنْ زَوَّجَهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , رُزِقَتْ مِنْهُ الْأَوْلَادَ الْكِرَامَ , وَأَوْلَدَهَا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ , مُهْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَظِّمُ قَدْرَ خَدِيجَةَ , وَيُكْثِرُ ذِكْرَهَا , وَيَغْضَبُ لَهَا , وَيُثْنِي عَلَيْهَا , كَرَامَةً مِنْهُ لَهَا , بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ زَوْجَتُهُ , وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النِّسَاءِ , فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهَا بِمَا يُشَاهِدُ مِنَ الْوَحْيِ , فَتُثَبِّتُهُ وَتُعْلِمُهُ : إِنَّكَ نَبِيُّ , وَإِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ كَرِيمٌ , وَيَتَعَبَّدُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي جَبَلِ حِرَاءٍ , فَتُزَوِّدُهُ وَتُعِينُهُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَتَحُوطُهُ بِكُلِّ مَا يُحِبُّ فَبَشَّرَها النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهَا فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْكَرَامَةِ , أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ , وَهُوَ الدُّرُ الْمُجَوَّفُ , وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ , وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ , وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَعَنْ ذُرِّيَّتِهَا الْمُبَارَكَةِ , وَسَأَذْكُرُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا دَلَّ عَلَى مَا قُلْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
    حديث رقم: 1147 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْتِدَاءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ وَفَضَائِلِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ سِيَاقُ مَا رَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ ، وَصِفَتِهِ ، وَأَنَّهُ بُعِثَ وَأُنْزِلَ إِلَيْهِ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً
    حديث رقم: 156 في دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ وَتَقْرِيرِهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ شَقِّ صَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 158 في دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ وَتَقْرِيرِهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ شَقِّ صَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 455 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرُ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 160 في دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ذِكْرِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَكَيْفِيَّةِ تَرَائِي الْمَلَكِ وَإِلْقَائِهِ الْوَحْيَ إِلَيْهِ وَتَقْرِيرِهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ شَقِّ صَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 97 في الأوائل لابن أبي عاصم الأوائل لابن أبي عاصم
    حديث رقم: 98 في الأوائل لابن أبي عاصم الأوائل لابن أبي عاصم
    حديث رقم: 565 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم وَمِنْ ذِكْرِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ
    حديث رقم: 101 في الأوائل لابن أبي عاصم الأوائل لابن أبي عاصم
    حديث رقم: 2658 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 956 في الشريعة للآجري كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ بَابُ كَيْفَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 4321 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ السِّيرَةِ وَالْمَغَازِي بَابُ الْبَعْثِ
    حديث رقم: 547 في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي مَنْ قَالَ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَثَبَّتَنِي فِيهِ فُلَانٌ
    حديث رقم: 969 في أخبار مكة للأزرقي أخبار مكة للأزرقي ذِكْرُ حِرَاءٍ وَمَا جَاءَ فِيهِ
    حديث رقم: 917 في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث كِتَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بَابُ أَوَّلِ أَمْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    [6982] أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلَهُ لَكِنْ فِيهِ وَأَخْبَرَنِي بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ وَهَذِهِ الْفَاءُ مُعَقِّبَةٌ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَكَذَلِكَ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ حَيْثُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مُرْسَلًا فَذَكَرَ قِصَّةَ بَدْءِ الْوَحْيِ مُخْتَصَرَةً وَنُزُولِ اقرا باسم رَبك إِلَى قَوْله خلق الْإِنْسَان من علق.
    وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّفَسَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُطَوَّلًا قَوْلُهُ الصَّالِحَةُ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الصَّادِقَةُ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمُورِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمُورِ الدُّنْيَا فَالصَّالِحَةُ فِي الْأَصْلِ أَخَصُّ فَرُؤْيَا النَّبِيِّ كُلُّهَا صَادِقَةٌ وَقَدْ تَكُونُ صَالِحَةً وَهِيَ الْأَكْثَرُ وَغَيْرَ صَالِحَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا كَمَا وَقَعَ فِي الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ وَأَمَّا رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ إِنْ فَسَّرْنَا الصَّادِقَةَ بِأَنَّهَا الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَأَمَّا إِنْ فَسَّرْنَاهَا بِأَنَّهَا غَيْرُ الْأَضْغَاثِ فَالصَّالِحَةُ أَخَصُّ مُطْلَقًا.
    وَقَالَ الْإِمَامُ نَصْرُ بْنُ يَعْقُوبَ الدَّيْنَوَرِيُّ فِي التَّعْبِيرِ الْقَادِرِيِّ الرُّؤْيَةُ الصَّادِقَةُ مَا يَقَعُ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا يُعَبَّرُ فِي الْمَنَامِ أَوْ يُخْبَرُ بِهِ مَا لَا يَكْذِبُ وَالصَّالِحَةُ مَا يَسُرُّ قَوْلُهُ إِلَّا جَاءَتْهُ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ جَاءَتْ كَرِوَايَةِ عُقَيْلٍ قَالَ بن أبي جَمْرَة إِنَّمَا شَبَّهَهَا بِفَلَقِ الصُّبْحِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ شَمْسَ النُّبُوَّةِ كَانَتِ الرُّؤْيَا مَبَادِيَ أَنْوَارِهَا فَمَا زَالَ ذَلِكَ النُّورُ يَتَّسِعُ حَتَّى أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ فَمَنْ كَانَ بَاطِنُهُ نُورِيًّا كَانَ فِي التَّصْدِيقِ بَكْرِيًّا كَأَبِي بَكْرٍ وَمَنْ كَانَ بَاطِنُهُ مُظْلِمًا كَانَ فِي التَّكْذِيبِ خُفَّاشًا كَأَبِي جَهْلٍ وَبَقِيَّةُ النَّاسِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَنْزِلَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا أُعْطِيَ مِنَ النُّورِ قَوْلُهُ يَأْتِي حِرَاءً قَالَ بن أبي جَمْرَة الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِهِ بِالتَّخَلِّي فِيهِ أَنَّ الْمُقِيمَ فِيهِ كَانَ يُمْكِنُهُ رُؤْيَةَ الْكَعْبَةِ فَيَجْتَمِعُ لِمَنْ يَخْلُو فِيهِ ثَلَاثُ عِبَادَاتٍ الْخَلْوَةُ وَالتَّعَبُّدُ وَالنَّظَرُ إِلَى الْبَيْتِ قُلْتُ وَكَأَنَّهُ مِمَّا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ أُمُورِ الشَّرْعِ عَلَى سُنَنِ الِاعْتِكَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي كَانَ يَخْلُو فِيهِ كَانَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَفْعَلُهُ كَمَا كَانَتْ تَصُومُ عَاشُورَاءَ وَيُزَادُ هُنَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا لَمْ يُنَازِعُوا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ حِرَاءٍ مَعَ مَزِيدِ الْفَضْلِ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ كَانَ يَخْلُو فِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ لِجَلَالَتِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ فَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ كَانَ يَتَأَلَّهُ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْلُو بِمَكَانِ جَدِّهِ وَسَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ أَعْمَامُهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُ حِرَاءٍ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ فِيهِ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ وَحُكِيَ تَثْلِيثُ أَوَّلِهِ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ عِدَّةُ لُغَاتٍ مَعَ قِلَّةِ أَحْرُفِهِ وَنَظِيرُهُ قَبَاءَ لَكِنَّ الْخَطَّابِيَّ جَزَمَ بِأَنَّ فَتْحَ أَوَّلِهِ لَحْنٌ وَكَذَا ضمه وَكَذَا قصره وَكَسْرُ الرَّاءِ وَزَادَ التَّمِيمِيُّ تَرْكَ الصَّرْفِ.
    وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ إِنْ كَانَ الَّذِي كَسَرَ الرَّاءَ أَرَادَ الْإِمَالَةَ فَهُوَ سَائِغٌ قَوْلُهُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتَ الْعَدَدِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ الْكَثْرَةُ إِذِ الْكَثِيرُ يَحْتَاجُ إِلَى الْعَدَدِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ قُلْتُ أَمَّا كَوْنُهُ الْمُنَاسِبَ فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا الْأَوَّلَ فَلَا لِأَنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ فِي الْكَثِيرِ أَنْ يُوزَنَ وَفِي الْقَلِيلِ أَنْ يُعَدَّ وَقَدْ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَثْرَةُ لِأَنَّ الْعَدَدَ عَلَى قِسْمَيْنِ فَإِذَا أُطْلِقَ أُرِيدَ بِهِ مَجْمُوعُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ لَيَالِيَ كَثِيرَةً أَيْ مَجْمُوعُ قِسْمَيِ الْعَدَدِ.
    وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ اخْتُلِفَ فِي تَعَبُّدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاذَا كَانَ يَتَعَبَّدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَل كَانَ متعبدا بشرع سَابق أَولا وَالثَّانِي قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمُسْتَنَدُهُمْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ لَنُقِلَ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَكَانَ فِيهِ تَنْفِيرٌ عَنْهُ وَبِمَاذَا كَانَ يَتَعَبَّدُ قِيلَ بِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ أَنْوَارِ الْمَعْرِفَةِ وَقِيلَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الرُّؤْيَا وَقِيلَ بِالتَّفَكُّرِ وَقِيلَ بِاجْتِنَابِ رُؤْيَةِ مَا كَانَ يَقَعُ مِنْ قَوْمِهِ وَرَجَّحَ الْآمِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ الْأَوَّلَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ آدَمَ أَوْ نُوحٍ أَوْ إِبْرَاهِيمَ أَوْ مُوسَى أَوْ عِيسَى أَوْ أَيِّ شَرِيعَةٍ أَوْ كُلِّ شَرِيعَةٍ أَوِ الْوَقْفِ قَوْلُهُ فَتُزَوِّدُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ وَقَوْلُهُ لِمِثْلِهَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلَّيَالِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَرَّةِ أَوِ الْفَعْلَةِ أَوِ الْخَلْوَةِ أَوِ الْعِبَادَةِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ ان الضَّمِير للسّنة فَذكر من رِوَايَة بن إِسْحَاقَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى حِرَاءٍ فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يَتَنَسَّكُ فِيهِ يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّزَوُّدَ لِمِثْلِهَا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا لَا لِمُدَّةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ وَقَدْ كُنْتُ قَوَّيْتُ هَذَا فِي التَّفْسِيرِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مُدَّةَ الْخَلْوَةِ كَانَتْ شَهْرًا كَانَ يَتَزَوَّدُ لِبَعْضِلَيَالِي الشَّهْرِ فَإِذَا نَفَذَ ذَلِكَ الزَّادُ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَتَزَوَّدَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي سَعَةٍ بَالِغَةٍ مِنَ الْعَيْشِ وَكَانَ غَالِبُ زَادِهِمُ اللَّبَنَ وَاللَّحْمَ وَذَلِكَ لَا يُدَّخَرُ مِنْهُ كِفَايَةُ الشُّهُورِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وُصِفَ بِأَنَّهُ كَانَ يُطْعِمُ مَنْ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ حَتَّى هُنَا عَلَى بَابِهَا مِنِ انْتِهَاءِ الْغَايَةِ أَيِ انْتَهَى تَوَجُّهُهُ لِغَارِ حِرَاءٍ بِمَجِيءِ الْمَلَكِ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَجِئَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ ثُمَّ هَمْزٍ أَيْ جَاءَهُ الْوَحْيُ بَغْتَةً قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقِّعًا لِلْوَحْيِ وَفِي إِطْلَاقِ هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَحْيَ كَانَ جَاءَهُ فِي النَّوْمِ مِرَارًا قَالَهُ شَيْخُنَا البُلْقِينِيّ وأسنده إِلَى مَا ذكره بن إِسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي الْمَنَامِ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الْيَقَظَةِ مِنَ الْغَطِّ وَالْأَمْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَهُ فِي الْيَقَظَةِ حَتَّى يَتَوَقَّعَهُ نَظَرٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْجَزْمِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَمْرُ الْحَقِّ وَهُوَ الْوَحْيُ أَوْ رَسُولُ الْحَقِّ وَهُوَ جِبْرِيلُ.
    وَقَالَ شَيْخُنَا أَيِ الْأَمْرُ الْبَيِّنُ الظَّاهِرُ أَوِ الْمُرَادُ الْمَلَكُ بِالْحَقِّ أَيِ الْأَمْرُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ قَوْلُهُ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ الْكَلَامُ عَلَى الْفَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ وَأَنَّهَا التَّفْسِيرِيَّةُ.
    وَقَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْقِيبِ وَالْمَعْنَى بِمَجِيءِ الْحَقِّ انْكِشَافُ الْحَالِ عَنْ أَمْرٍ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ عَقِبَهُ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ سَبَبِيَّةً أَيْ حَتَّى قُضِيَ بِمَجِيءِ الْوَحْيِ فَبِسَبَبِ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمَلَكُ قُلْتُ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ رَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْمَلَكَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَيْهِ الْغَارَ بَلْ كَلَّمَهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَ الْغَارِ وَالْمَلَكُ عَلَى الْبَابِ وَقَدْ عَزَوْتُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي التَّفْسِيرِ لِدَلَائِلِ الْبَيْهَقِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الْبُلْقِينِيِّ ثُمَّ وَجَدْتُهَا هُنَا فَكَانَ الْعَزْوُ إِلَيْهِ أَوْلَى فَأَلْحَقْتُ ذَلِكَ هُنَاكَ قَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَلَكُ الْمَذْكُورُ هُوَ جِبْرِيلُ كَمَا وَقَعَ شَاهِدُهُ فِي كَلَامِ وَرَقَةَ وَكَمَا مَضَى فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءٍ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْقُطْبِ الْحَلَبِيِّ الْمَلَكُ هُنَا هُوَ جِبْرِيلُ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ شَيْخُنَا.
    وَقَالَ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَلَا يَحْسُنُ عَزْوُهُ لِلسُّهَيْلِيِّ وَحْدَهُ قَالَ وَاللَّامُ فِي الْمَلَكِ لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ لَا لِلْعَهْدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَا عَهِدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمَّا كَلَّمَهُ فِي صِبَاهُ أَوِ اللَّفْظُ لِعَائِشَةَ وَقَصَدَتْ بِهِ مَا تَعَهَّدَهُ مَنْ تُخَاطِبُهُ بِهِ انْتَهَى وَقَدْ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هِيَ عِبَارَةٌ عَمَّا عُرِفَ بَعْدُ أَنَّهُ مَلَكٌ وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الْأَصْلِ فَجَاءَهُ جَاءٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْجَائِي مَلَكًا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ يَوْمَ أَخْبَرَ بِحَقِيقَةِ جِنْسِهِ وَكَأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِهِ انْتَهَى وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ جِبْرِيلُ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ هُوَ وَخَدِيجَةُ فَوَافَقَ ذَلِكَ رَمَضَانَ فَخَرَجَ يَوْمًا فَسَمِعَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ السَّلَامَ خَيْرٌ ثُمَّ رَأَى يَوْمًا آخَرَ جِبْرِيلَ عَلَى الشَّمْسِ لَهُ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ قَالَ فَهِبْتُ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ حَتَّى أَنِسَ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا وَقَعَ لَهُ كَانَ وَهُوَ فِي الْغَارِ لَكِنْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَأَجْلَسَنِي عَلَى دُرْنُوكٍ فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ وَالنُّونِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ نَوْعٌ مِنَ الْبُسُطِ لَهُ خَمْلٌ وَفِي مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ فَأَجْلَسَنِي عَلَى مَجْلِسٍ كَرِيمٍ مُعْجِبٍ وَأَفَادَ شَيْخُنَا أَنَّ سِنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فِي حِرَاءٍ كَانَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ حَكَى أَقْوَالًا أُخْرَى قِيلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقيل عشرَة أَيَّام وَقيل شَهْرَيْن وَقيل وسنتين وَقيل ثَلَاثًا وَقيل خمْسا قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ نَهَارًا قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الشَّهْرِ فَقِيلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي سَابِعِ عَشَرِهِ وَقِيلَ سَابِعِهِ وَقِيلَ رَابِعَ عَشَرِيِّةً قُلْتُ وَرَمَضَانُ هُوَ الرَّاجِحُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فِي حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ سِنُّهُ حِينَئِذٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْأَقْوَال الَّتِيحَكَاهَا شَيْخُنَا ثُمَّ قَالَ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ وَحْيَ الْمَنَامِ كَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَالَ شَيْخُنَا وَقِيلَ فِي سَابِعِ عَشَرِيٍّ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ وَقِيلَ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقِيلَ فِي ثَامِنِهِ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا أَنَّ مَجِيءَ جِبْرِيلَ كَانَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فَهَبَطَ جِبْرِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْحَدِيثَ فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ يُضَافُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَعَلَّهُ أَرْجَحُهَا قَوْلُهُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْ جِبْرِيلَ شَيْءٌ قَبْلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا السَّلَامُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ وَحُذِفَ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ وَقَدْ سَلَّمَ الْمَلَائِكَةُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ حِينَ دَخَلُوا عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ تَفْخِيمُ الْأَمْرِ وَتَهْوِيلُهُ وَقَدْ تَكُونُ مَشْرُوعِيَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ تَتَعَلَّقُ بِالْبَشَرِ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قُلْتُ وَالْحَالَةُ الَّتِي سَلَّمُوا فِيهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَانُوا فِي صُورَةِ الْبَشَرِ فَلَا تَرِدُ هُنَا وَلَا يَرِدُ سَلَامُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ مُغَايِرَةٌ لِأُمُورِ الدُّنْيَا غَالِبًا وَقَدْ ذَكَرْتُ عَنْ رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّ جِبْرِيلَ سَلَّمَ أَوَّلًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ سَلَّمَ عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مُنَاسِبٌ لِسِيَاقِ الْحَدِيثِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى هُنَا بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ بِطَرِيقِ الْإِرْسَالِ وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي التَّفْسِيرِ فِي رِوَايَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ اخْتِلَافٌ هَلْ فِيهِ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ أَوْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ وَجَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُونُسُ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَكُونُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الصَّحَابَةِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَلَ تَرِدُ لِلْتَنْبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا لِطَلَبِ اَلْقِرَاءَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْإِمْكَانَ حَاصِلٌ قَوْلُهُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ دَلَّتِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ مُرَادَ جِبْرِيلَ بِهَذَا أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ مَا قَالَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ اقْرَأْ وَإِنَّمَا لَمْ يقل لَهُ قل اقْرَأْ إِلَى آخِرِهِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ لَفْظَهُ قُلْ أَيْضًا مِنَ الْقُرْآنِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ فِيهِ الِابْتِلَاءَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَتَّى يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مَا وَقع من الغط وَغَيره وَلَو قَالَ لَهُ فِي الأول قل اقْرَأ باسم رَبك الخ لبادر إِلَى ذَلِك وَلم يَقع مَا وَقَعَ ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ اقْرَأْ إِلَى مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّمَطِ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ أَيْ أُمِّيٌّ لَا أُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْكُتُبِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ اقْرَأْ التَّلَفُّظَ بِهَا قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِنَّمَا ذَكَرَهَا عَنْ مَنَامٍ تَقَدَّمَ بِخِلَافِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ ثُمَّ تَكَلَّمَ شَيْخُنَا عَلَى مَا كَانَ مَكْتُوبًا فِي ذَلِكَ النَّمَطِ فَقَالَ اقْرَأْ أَيِ الْقَدْرَ الَّذِي أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ وَهِيَ الْآيَاتُ الْأُولَى مِنِ اقْرَأ باسم رَبك وَيحْتَمل أَن يكون جملَة الْقُرْآن وعَلى هَذَا يَكُونُ الْقُرْآنُ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِاعْتِبَارٍ وَنَزَلَ مُنَجَّمًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ قَالَ وَفِي إِحْضَارِهِ لَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ آخِرَهُ يَكْمُلُ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ ثُمَّ تَكْمُلُ بِاعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ قَوْلُهُ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَنَّهُ رُوِيَ بِنَصْبِ الدَّالِ وَرَفْعِهَا وَتَوْجِيهِهِمَا.
    وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ لَا أَرَى الَّذِي قَالَهُ بِالنَّصْبِ إِلَّا وَهَمٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّهُ غَطَّهُ حَتَّى اسْتَفْرَغَ الْمَلَكُ قُوَّتَهُ فِي ضَغْطِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَزِيدٌ وَهُوَ قَوْلٌ غَيْرُ سَدِيدٍ فَإِنَّ الْبِنْيَةَ الْبَشَرِيَّةَ لَا تُطِيقُ اسْتِيفَاءَ الْقُوَّةِ الْمَلَكِيَّةَ لَا سِيَّمَا فِي مُبْتَدَإِ الْأَمْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ دَاخَلَهُ الرُّعْبُ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ قَوَّاهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مُعْجِزَاتِهِ وَقَدْ أَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ عَلَى صُورَتِهِ الْمَلَكِيَّةِ فَيَكُونُ اسْتِفْرَاغُ جَهْدِهِ بِحَسَبِ صُورَتِهِ الَّتِي جَاءَهُ بِهَا حِينَ غَطَّهُ قَالَ وَإِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ اضْمَحَلَّ الِاسْتِبْعَادُ قلت التَّرْجِيحهُنَا مُتَعَيَّنٌ لِاتِّحَادِ الْقِصَّةِ وَرِوَايَةُ الرَّفْعِ لَا إِشْكَالَ فِيهَا وَهِيَ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ الْأَكْثَرِ فَتَرَجَّحَتْ وَإِنْ كَانَ لِلْأُخْرَى تَوْجِيهٌ وَقَدْ رَجَّحَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فَاعِلَ بَلَغَ هُوَ الْغَطُّ وَالتَّقْدِيرُ بَلَغَ مِنِّي الْغَطُّ جَهْدَهُ أَيْ غَايَتَهُ فَيَرْجِعُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ أَوْلَى قَالَ شَيْخُنَا وَكَانَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ عِنْدَ تَلَقِّي الْوَحْيِ مِنَ الْجَهْدِ مُقَدِّمَةً لِمَا صَارَ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْكَرْبِ عِنْدَ نُزُولِ الْقُرْآن كَمَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَعُمَرَ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ حَالَةٌ يُؤْخَذُ فِيهَا عَنْ حَالِ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَهُوَ مَقَامٌ بَرْزَخِيٌّ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ تَلَقِّي الْوَحْيِ وَلَمَّا كَانَ الْبَرْزَخُ الْعَامُّ يَنْكَشِفُ فِيهِ لِلْمَيِّتِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْوَالِ خَصَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِبَرْزَخٍ فِي الْحَيَاةِ يُلْقِي إِلَيْهِ فِيهِ وَحْيَهُ الْمُشْتَمِلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْرَارِ وَقَدْ يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنَ الصُّلَحَاءِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ بِالنَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ اطِّلَاعٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْرَارِ وَذَلِكَ مُسْتَمَدٌّ مِنَ الْمَقَامِ النَّبَوِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ كَمَا سَيَأْتِي الْإِلْمَامُ بِهِ قَرِيبًا قَالَ السُّهَيْلِيُّ تَأْوِيلُ الغطات الثَّلَاث على مَا فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ سَيَقَعُ لَهُ ثَلَاثُ شَدَائِدَ يُبْتَلَى بِهَا ثُمَّ يَأْتِي الْفَرَجُ وَكَذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُ لَقِيَ وَمَنْ تَبِعَهُ شِدَّةً أُولَى بِالشِّعْبِ لَمَّا حَصَرَتْهُمْ قُرَيْشٌ وَثَانِيَةً لَمَّا خَرَجُوا وَتَوَعَّدُوهُمْ بِالْقَتْلِ حَتَّى فَرُّوا إِلَى الْحَبَشَةِ وَثَالِثَةً لَمَّا هَمُّوا بِمَا هَمُّوا بِهِ مِنَ الْمَكْرِ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِذْ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك الْآيَةَ فَكَانَتْ لَهُ الْعَاقِبَةُ فِي الشَّدَائِدِ الثَّلَاثِ.
    وَقَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ وَهَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ حَسَنَةٌ وَلَا يَتَعَيَّنُ لِلنَّوْمِ بَلْ تَكُونُ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ فِي الْيَقَظَةِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمُنَاسَبَةُ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي جَاءَهُ بِهِ ثَقِيلٌ مِنْ حَيْثُ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ وَالنِّيَّةُ أَوْ مِنْ جِهَة التَّوْحِيد وَالْأَحْكَام والاخبار بِالْغَيْبِ الْمَاضِي والآني وَأَشَارَ بِالْإِرْسَالَاتِ الثَّلَاثِ إِلَى حُصُولِ التَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ وَالتَّخْفِيفِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرْزَخِ وَالْآخِرَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ قَوْلُهُ فَرَجَعَ بِهَا أَيْ رَجَعَ مُصَاحِبًا لِلْآيَاتِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ فُؤَادُهُ قَالَ شَيْخُنَا الْحِكْمَةُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْقَلْبِ إِلَى الْفُؤَادِ أَنَّ الْفُؤَادَ وِعَاءُ الْقَلْبِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ فَإِذَا حَصَلَ لِلْوِعَاءِ الرَّجَفَانُ حَصَلَ لِمَا فِيهِ فَيَكُونُ فِي ذِكْرِهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْأَمْرِ مَا لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَأَمَّا بَوَادِرُهُ فَالْمُرَادُ بِهَا اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهَا تَضْطَرِبُ عِنْدَ الْفَزَعِ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ اللَّحْمَةَ الْمَذْكُورَة سميت بِلَفْظ الْجمع وَتعقبه بن بَرِّيٍّ فَقَالَ الْبَوَادِرُ جَمْعُ بَادِرَةٍ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِعُضْوٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَيِّدٌ فَيَكُونُ إِسْنَادُ الرَّجَفَانِ إِلَى الْقَلْبِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّهُ وَإِلَى الْبَوَادِرِ لِأَنَّهَا مَظْهَرُهُ وَأَمَّا قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ الْبَوَادِرُ وَالْفُؤَادُ وَاحِدٌ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَفَادَهُمَا وَاحِدٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ قَوْلُهُ قَالَ قَدْ خَشِيتُ عَلَيَّ بِالتَّشْدِيدِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَى نَفْسِي قَوْلُهُ فَقَالَتْ لَهُ كَلَّا أَبْشِرْ قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَلَّا كَلِمَةُ نَفْيٍ وَإِبْعَادٍ وَقَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى حَقًّا وَبِمَعْنَى الِاسْتِفْتَاحِ.
    وَقَالَ الْقَزَّازُ هِيَ هُنَا بِمَعْنَى الرَّدِّ لِمَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ لَا خَشْيَةَ عَلَيْكَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ فَقَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ وَمِنَ اللَّطَائِفِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي ابْتَدَأَتْ خَدِيجَةُ النُّطْقَ بِهَا عَقِبَ مَا ذَكَرَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ عَقِبَ الْآيَاتِ الْخَمْسِ مِنْ سُورَةِ اقْرَأْ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ فَجَرَتْ عَلَى لِسَانِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ بَعْدُ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ قِيلَ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إِذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً فَهِيَ عَيْنُ الْأُولَى وَقَدْ أُعِيدَ الْإِنْسَانُ هُنَا كَذَلِكَ فَكَانَ التَّقْدِيرُ كَلَّا لَا يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ خَلَقَهُ وَعَلَّمَهُ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى وَأَمَّا قَوْلُهَا هُنَا أَبْشِرْ فَلَمْ يَقَعْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَعْيِينُالْمُبَشَّرِ بِهِ وَوَقَعَ فِي دَلَائِلِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْسَرَةَ مُرْسَلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَّ عَلَى خَدِيجَةَ مَا رَأَى فِي الْمَنَامِ فَقَالَتْ لَهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَصْنَعَ بِكَ إِلَّا خَيْرًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا وَقَعَ لَهُ مِنْ شَقِّ الْبَطْنِ وَإِعَادَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ أَبْشِرْ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهَا أَرَأَيْتُكِ الَّذِي كُنْتُ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ اسْتَعْلَنَ لِي بِأَنَّ رَبِّي أَرْسَلَهُ إِلَيَّ وَأَخْبَرَهَا بِمَا جَاءَ بِهِ فَقَالَتْ أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِكَ إِلَّا خَيْرًا فَاقْبَلِ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَأَبْشِرْ فَإِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا قُلْتُ هَذَا أَصْرَحُ مَا وَرَدَ فِي أَنَّهَا أَوَّلُ الْآدَمِيِّينَ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يُحْزِنُكَ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ قَوْلُهُ وَهُوَ بن عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا كَذَا وَقَعَ هُنَا وَأَخُو صِفَةٌ لِلْعَمِّ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ مجرورا وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ أَخِي أَبِيهَا وَتَوْجِيهُ رِوَايَةِ الرَّفْعِ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ قَوْلُهُ تَنَصَّرَ أَيْ دَخَلَ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ قَوْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ قَبْلَ الْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَقَدْ تُطْلَقُ الْجَاهِلِيَّةُ وَيُرَادُ بِهَا مَا قَبْلَ دُخُولِ الْمَحْكِيِّ عَنْهُ فِي الْإِسْلَام وَله أَمْثِلَة كَثِيرَة قَوْله أَو مخرجى هُمْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَتَمَامُهُ فِي التَّفْسِيرِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ شِدَّةُ مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ قَوْلَ وَرَقَةَ أَنَّهُمْ يُؤْذُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ انْزِعَاجٌ لِذَلِكَ فَلَمَّا ذَكَرَ لَهُ الْإِخْرَاجَ تَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ لِذَلِكَ لِحُبِّ الوطن وإلفه فَقَالَ أَو مخرجي هُمْ قَالَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إِدْخَالُ الْوَاوِ بَعْدَ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ مَعَ اخْتِصَاصِ الْإِخْرَاجِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ أَوِ التَّفَجُّعِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَطَنَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ حَرَمُ اللَّهِ وَجِوَارُ بَيْتِهِ وَبَلْدَةُ الْآبَاءِ مِنْ عَهْدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ انْزِعَاجُهُ كَانَ مِنْ جِهَةِ خَشْيَةِ فَوَاتِ مَا أَمَلَهُ مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِ بِاللَّهِ وَإِنْقَاذِهِمْ بِهِ مِنْ وَضَرِ الشِّرْكِ وَأَدْنَاسِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَلِيَتِمَّ لَهُ الْمُرَادُ مِنْ إِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ انْزَعَجَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا قَوْلُهُ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ وَكَذَا لِلْبَاقِينَ قَوْلُهُ نَصْرًا مُؤَزَّرًا بِالْهَمْزِ لِلْأَكْثَرِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ بَعْدَهَا رَاءٌ مِنَ التَّأْزِيرِ أَيِ التَّقْوِيَةِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَزْرِ وَهُوَ الْقُوَّةُ.
    وَقَالَ الْقَزَّازُ الصَّوَابُ مُوزَرًا بِغَيْرِ هَمْزٍ مِنْ وَازَرْتُهُ مُوَازَرَةً إِذَا عَاوَنْتُهُ وَمِنْهُ أُخِذَ وُزَرَاءُ الْمَلِكِ وَيَجُوزُ حَذْفُ الْأَلِفِ فَتَقُولُ نَصْرًا مُوزَرًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ آزَرْتُ فُلَانًا عَاوَنْتُهُ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وَازَرْتُهُ قَوْلُهُ وَفَتَرَ الْوَحْيُ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مُدَّةِ هَذِهِ الْفَتْرَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ هُنَا فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَةِ مَعْمَرٍ عَلَى رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَيُونُسَ وَصَنِيعُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَقَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ فَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ وَفَتَرَ الْوَحْيُ ثُمَّ قَالَ انْتَهَى حَدِيث عقيل الْمُفْرد عَن بن شِهَابٍ إِلَى حَيْثُ ذَكَرْنَا وَزَادَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِهِ الْمُقْتَرِنِ بِمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ فَسَاقَهُ إِلَى آخِرِهِ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ خَاصَّةٌ بِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَقَدْ أَخْرَجَ طَرِيقَ عُقَيْلٍ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ بِدُونِهَا وَأَخْرَجَهُ مَقْرُونًا هُنَا بِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَبَيَّنَ أَنَّ اللَّفْظَ لِمَعْمَرٍ وَكَذَلِكَ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَأَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ بِدُونِهَا ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ فِيمَا بَلَغَنَا هُوَ الزُّهْرِيُّ وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ فِي جُمْلَةِ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه الْقِصَّة وَهُوَ مِنْ بَلَاغَاتِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ مَوْصُولًا.
    وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَلَغَهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَوَقع عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْمَعْمَرٍ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ فِيمَا بَلَغَنَا وَلَفْظُهُ فَتْرَةً حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ إِلَى آخِرِهِ فَصَارَ كُلُّهُ مدرجا على رِوَايَة الزُّهْرِيّ وَعَن عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ فِيهَا فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يُصَحِّحُ مُرْسَلَ الشَّعْبِيِّ فِي أَنَّ مُدَّةَ الْفَتْرَةِ كَانَتْ سَنَتَيْنِ وَنِصْفًا كَمَا نَقَلْتُهُ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَلَكِنْ يُعَارِضُهُ مَا أخرجه بن سعد من حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِنَحْوِ هَذَا الْبَلَاغِ الَّذِي ذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ وَقَوْلُهُ مَكَثَ أَيَّامًا بَعْدَ مَجِيءِ الْوَحْيِ لَا يَرَى جِبْرِيلَ فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا حَتَّى كَادَ يَغْدُو إِلَى ثَبِيرٍ مَرَّةً وَإِلَى حِرَاءٍ أُخْرَى يُرِيدُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَامِدًا ليعض تِلْكَ الْجِبَالِ إِذْ سَمِعَ صَوْتًا فَوَقَفَ فَزِعًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مُتَرَبِّعًا يَقُولُ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَا جِبْرِيلُ فَانْصَرَفَ وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وَانْبَسَطَ جَأْشُهُ ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَسْمِيَةُ بَعْضِ الْجِبَالِ الَّتِي أُبْهِمَتْ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَتَقْلِيلُ مُدَّةِ الْفَتْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ وَالضُّحَى شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِفَتْرَةِ الْوَحْيِ قَوْلُهُ فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ بِجِيمٍ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُسَهَّلُ وَبَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ قَالَ الْخَلِيلُ الْجَأْشُ النَّفْسُ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَتَقَرُّ نَفْسُهُ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ قَوْلُهُ عَدَا بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مِنَ الْعَدْوِ وَهُوَ الذَّهَابُ بِسُرْعَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْجَمَهَا مِنَ الذَّهَابِ غُدْوَةً قَوْلُهُ بِذِرْوَةِ جَبَلٍ قَالَ بن التِّينِ رُوِّينَاهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَهُوَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ قُلْتُ بَلْ حُكِيَ تَثْلِيثُهُ وَهُوَ أَعْلَى الْجَبَلِ وَكَذَا الْجَمَلُ قَوْلُهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَدَا لَهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الظُّهُورِ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ حَتَّى كَثُرَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مَوَّهَ بَعْضُ الطَّاعِنِينَ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ كَيْفَ يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَرْتَابَ فِي نُبُوَّتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى وَرَقَةَ وَيَشْكُو لِخَدِيجَةَ مَا يَخْشَاهُ وَحَتَّى يُوفِيَ بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِيُلْقِيَ مِنْهَا نَفْسَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ وَلَئِنْ جَازَ أَنْ يَرْتَابَ مَعَ مُعَايَنَةِ النَّازِلِ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فَكَيْفَ يُنْكَرُ عَلَى مَنِ ارْتَابَ فِيمَا جَاءَهُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَايَنَةِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ جَرَتْ بِأَنَّ الْأَمْرَ الْجَلِيلَ إِذَا قُضِيَ بِإِيصَالِهِ إِلَى الْخَلْقِ أَنْ يَقْدَمَهُ تَرْشِيحٌ وَتَأْسِيسٌ فَكَانَ مَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ وَمَحَبَّةِ الْخَلْوَةِ وَالتَّعَبُّدِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا فَجِئَهُ الْمَلَكُ فَجِئَهُ بَغْتَةً أَمْرٌ خَالَفَ الْعَادَةَ وَالْمَأْلُوفَ فَنَفَرَ طَبْعُهُ الْبَشَرِيُّ مِنْهُ وَهَالَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ التَّأَمُّلِ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ لَا تُزِيلُ طِبَاعَ الْبَشَرِيَّةِ كُلَّهَا فَلَا يُتَعَجَّبُ أَنْ يَجْزَعَ مِمَّا لَمْ يَأْلَفْهُ وَيَنْفِرَ طَبْعُهُ مِنْهُ حَتَّى إِذَا تَدَرَّجَ عَلَيْهِ وَأَلِفَهُ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ الَّتِي أَلِفَ تَأْنِيسَهَا لَهُ فَأَعْلَمَهَا بِمَا وَقَعَ لَهُ فَهَوَّنَتْ عَلَيْهِ خَشْيَتَهُ بِمَا عَرَفَتْهُ مِنْ أَخْلَاقِهِ الْكَرِيمَةِ وَطَرِيقَتِهِ الْحَسَنَةِ فَأَرَادَتِ الِاسْتِظْهَارَ بِمَسِيرِهَا بِهِ إِلَى وَرَقَةَ لِمَعْرِفَتِهَا بِصِدْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَقِرَاءَتِهِ الْكُتُبَ الْقَدِيمَةَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُ أَيْقَنَ بِالْحَقِّ وَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ كَانَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ تَأْسِيسِ النُّبُوَّةِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ لِيَتَدَرَّجَ فِيهِ وَيَمْرُنَ عَلَيْهِ فَشَقَّ عَلَيْهِ فُتُورُهُ إِذْ لَمْ يَكُنْ خُوطِبَ عَنِ اللَّهِ بَعْدُ أَنَّكَ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ وَمَبْعُوثٌ إِلَى عِبَادِهِ فَأَشْفَقَ أَنْ يَكُونَ ذَلِك أَمر بُدِئَ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَرِدِ اسْتِفْهَامُهُ فَحَزِنَ لِذَلِكَ حَتَّى تَدَرَّجَ عَلَى احْتِمَالِ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَى ثِقَلِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ بِمَا فَتَحَ قَالَ وَمِثَالُ مَا وَقَعَ لَهُ فِي أَوَّلِ مَا خُوطِبَ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْحَالُ عَلَى جَلِيَّتِهَا مَثَلُ رَجُلٍ سَمِعَ آخَرَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ يَقْرَأُ حَتَّى إِذَا وَصَلَهَا بِمَا بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَقْرَأُ وَكَذَا لَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ خَلَتِ الدِّيَارُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ يُنْشِدُ شِعْرًا حَتَّى يَقُولَ مَحَلُّهَا وَمُقَامُهَا انْتَهَى مُلَخَّصًا ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اتَّفَقَ لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا فِي انْتِشَارِ خَبَرِهِ فِي بِطَانَتِهِ وَمَنْ يَسْتَمِعُ لِقَوْلِهِ وَيُصْغِي إِلَيْهِ وَطَرِيقًا فِي مَعْرِفَتِهِمْ مُبَايَنَةَ مَنْ سِوَاهُ فِي أَحْوَالِهِ لِيُنَبِّهُوا عَلَى مَحَلِّهِ قَالَ وَأَمَّا إِرَادَتُهُ إِلْقَاءَ نَفْسِهِ من رُؤُوسالْجبَال بعد مَا نُبِّئَ فَلِضَعْفِ قُوَّتِهِ عَنْ تَحَمُّلِ مَا حَمَلَهُ مِنْ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَخَوْفًا مِمَّا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِهَا مِنْ مُبَايَنَةِ الْخَلْقِ جَمِيعًا كَمَا يَطْلُبُ الرَّجُلُ الرَّاحَةَ مِنْ غَمٍّ يَنَالُهُ فِي الْعَاجِلِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ زَوَالُهُ عَنْهُ وَلَوْ أَفْضَى إِلَى إِهْلَاكِ نَفْسِهِ عَاجِلًا حَتَّى إِذَا تَفَكَّرَ فِيمَا فِيهِ صَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْعُقْبَى الْمَحْمُودَةِ صَبَرَ وَاسْتَقَرَّتْ نَفْسُهُ قُلْتُ أَمَّا الْإِرَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى فَفِي صَرِيحِ الْخَبَرِ أَنَّهَا كَانَتْ حُزْنًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي بَشَّرَهُ بِهِ وَرَقَةُ وَأَمَّا الْإِرَادَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ أَنْ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ.
    وَقَالَ لَهُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَيَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَوَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ مَجِيءِ جِبْرِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِمَّا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق النُّعْمَان بن رَاشد عَن بن شِهَابٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَقَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا قَالَ فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَطْرَحَ نَفْسِي مِنْ حَالِقِ جَبَلٍ أَيْ مِنْ عُلُوِّهِ قَوْلُهُ.
    وَقَالَ بن عَبَّاسٍ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ وَضَوْءُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَكَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَلِأَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس فِي قَوْله فالق الاصباح يَعْنِي بِالْإِصْبَاحِ ضَوْءَ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ وَضَوْءَ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ وَتَعَقَّبَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى الْبُخَارِيِّ فَقَالَ انما فسر بن عَبَّاسٍ الْإِصْبَاحَ وَلَفْظُ فَالِقُ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ فَلِإِيرَادِ الْبُخَارِيِّ وَجْهٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ التَّفْسِيرِ قَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله قل أعوذ بِرَبّ الفلق إِنَّ الْفَلَقَ الصُّبْحُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هُنَا عَنهُ فِي قَوْله فالق الاصباح قَالَ إِضَاءَةُ الصُّبْحِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِفَلَقِ الصُّبْحِ إِضَاءَتُهُ وَالْفَالِقُ اسْمُ فَاعِلِ ذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ الْإِصْبَاحُ خَالِقُ النُّورِ نُورِ النَّهَارِ.
    وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْفَلْقُ شَقُّ الشَّيْءِ وَقَيَّدَهُ الرَّاغِبُ بِإِبَانَةِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ وَمِنْهُ فَلَقَ مُوسَى الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ وَنَقَلَ الْفَرَّاءُ أَنَّ فَطَرَ وَخَلَقَ وَفَلَقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَالِقُ الْحبّ والنوى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّقُّ الَّذِي فِي الْحَبَّةِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَفِي النَّوَاةِ وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى تَقْيِيدِ الرَّاغِبِ وَالْإِصْبَاحُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَصْبَحَ إِذَا دَخَلَ فِي الصُّبْحِ سُمِّيَ بِهِ الصُّبْحُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي بِصُبْحٍ وَمَا الْإِصْبَاحُ فِيكَ بِأَمْثَلِ (قَوْلُهُ بَابُ رُؤْيَا الصَّالِحِينَ) الْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْفَاعِلِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصَّالِحِ وَكَأَنَّهُ جَمَعَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ الْجِنْسُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ فَتْحًا قَرِيبًا سَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَةَ كُلَّهَا وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حميدوالطبري من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُحَلِّقِينَ قَالَ فَلَمَّا نَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ أَصْحَابُهُ أَيْنَ رُؤْيَاكَ فَنَزَلَتْ وَقَوْلُهُ فَجَعَلَ من دون ذَلِك فتحا قَرِيبا قَالَ النَّحْرُ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَرَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ أَيِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ النَّحْرُ وَالْمُرَادُ بِالْفَتْحِ فَتْحُ خَيْبَرَ قَالَ ثُمَّ اعْتَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ بن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير بِسَنَد ضَعِيف عَن بن عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ تَأْوِيلُ رُؤْيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ هِيَ حِكَايَةٌ لِمَا قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ وَقِيلَ هِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مُسْتَقْبَلًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَقِيلَ هِيَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ عُمُومِ الْمُخَاطَبِينَ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ قُتِلَ

    كتاب التعبير

    ثبتت البسملة هنا للجميع.

    باب أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ(كتاب التعبير) أي تفسير الرؤيا وهو العبور من ظاهرها إلى باطنها قاله الراغب. وقال في المدارك: حقيقة عبرت الرؤيا ذكرت عاقبتها وآخر أمرها كما تقول: عبرت النهر إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه وهو عبره ونحوه أوّلت الرؤيا إذا ذكرت مآلها وهو مرجعها، وقال البيضاوي: عبارة الرؤيا الانتقال من الصور الخيالية إلى المعاني النفسانية التي هي مثالها من العبور وهو المجاوزة اهـ.وعبرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الإثبات وأنكروا التشديد، لكن قال الزمخشري عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل لبعض الأعراب:رأيت رؤيا ثم عبرتها ... وكنت للأحلام عباراوقال غيره: يقال عبر الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها وعبرتها. بالتشديد للمبالغة في ذلك، ولأبي ذر كتاب التعبير (وأول ما بدئ به رسول الله) ولأبي ذر عن المستملي باب بالتنوين أوّل ما بدئ به رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الوحي) إليه (الرؤيا الصالحة) أي الحسنة أو الصادقة والمراد بها صحتها والرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في النوم ففرق بينهما بتاء التأنيث كالقربة والقربى، وقال الراغب: بالهاء إدراك المرئي بحاسة البصر ويطلق على ما يدرك بالتخيل نحو: أرى أن زيدًا سافر، وعلى التفكر النظري نحو: إني أرى ما لا ترون، وعلى الرأي وهو اعتقاد أحد النقيضين من غلبة الظن. وقال ابن الأثير: الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في النوم من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشروالقبيح، ومنه قوله تعالى: {{أضغاث أحلام}} [يوسف: 44] وتضم لام الحلم وتسكن، وفي الحديث: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان.قال التوربشتي: الحلم عند العرب مستعمل استعمال الرؤيا والتفريق بينهما إنما كان من الاصطلاحات الشرعية التي لم يضعها حليم ولم يهتد إليها حكيم بل سنّها صاحب الشرع للفصل بين الحق والباطل كأنه كره أن يسمي ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد فجعل الرؤيا عبارة عما كان من الله والحلم عما كان من الشيطان لأن الكلمة لم تستعمل إلا فيما يخيل للحاكم في منامه من قضاء الشهوة مما لا حقيقة له. قال صاحب فتوح الغيب: ولعل التوربشتي أراد بقوله ولم يهتد إليها حكيم ما عرفتها الفلاسفة على ما نقله القاضي البيضاوي في تفسيره الرؤيا انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك، والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما
    من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها ما يليق بها من المعاني الحاصلة هناك، ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة، ثم وإن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بأدنى شيء استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجت إليه. انتهى.وقال من ينتمي إلى الطب أن جميع الرؤيا تنسب إلى الاخلاط فيقول من غلبت عليه البلغم رأى أنه يسبح في الماء ونحو ذلك لمناسبة الماء طبيعة البلغم ومن غلبت عليه الصفراء رأى النيران والصعود في الجوّ وهكذا إلى آخره.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6617 ... ورقمه عند البغا: 6982 ]
    - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِى النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِى حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهْوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِى غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ: «اقْرَأْ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ: {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ}} --حَتَّى بَلَغَ- {{مَا لَمْ يَعْلَمْ}} [العلق: 1 - 5]» فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ: «يَا خَدِيجَةُ مَا لِى» وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ: «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى» فَقَالَتْ لَهُ: كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُوأَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ؟» فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِىَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَالِقُ الإِصْبَاحِ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ وَضَوْءُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ.وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله المخزومي المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتع القاف ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم. قال المؤلّف: (وحدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (معمر) هو ابن راشد ولفظ الحديث له لا لعقيل (قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (فأخبرني) بالإفراد (عروة) بن الزبير بن العوّام والفاء في فأخبرني للعطف على مقدر أي أنه روى له حديثًا وهو عند البيهقي في دلائله من وجه آخر عن الزهري عن محمد بن النعمان بن بشير مرسلاً فذكر قصة بدء الوحي مختصرة ونزول: {{اقرأ باسم ربك}} إلى قوله: {{خلق الإنسان من علق}} [العلق: 1، 2] قال محمد بن النعمان: فرجع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك. قال الزهري: فسمعت عروة بن الزبير يقول قالت عائشة فذكر الحديث مطوّلاً ثم عقبه بهذا الحديث (عن عائشة -رضي الله عنها- أنه قالت: أوّل ما بدئ) بضم الموحدة وكسر المهملة بعدها همزة (به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الوحي الرؤيا الصادقة) التي ليس فيها ضغث، أو التي لا تحتاج إلى تعبير. وفي التعبير للقادري الرؤيا الصادقة ما يقع بعينه أو ما يعبر في المنام أو يخبر به من لا يكذب، وفي باب كيف بدء الوحي الصالحة بدل الصادقة وهما بمعنى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء، وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة في الأصل أخص فرؤيا الأنبياء كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أحد، وقال (في النوم) بعد الرؤيا المخصوصة به لزيادة الإيضاح أو لدفع وهم من يتوهم أن الرؤيا تطلق على رؤية العين فهي صفة موضحة (فكان) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لا يرى رؤيا إلا جاءت) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي إلا جاءته (مثل فلق الصبح) قال القاضي البيضاوي: شبه ما جاءهفي اليقظة ووجده في الخارج طبقًا لما رآه في المنام بالصبح في إنارته ووضوحه والفلق الصبح لكنه لما كان مستعملاً في هذا المعنى وفي غيره أضيف إليه للتخصيص والبيان إضافة العام إلى الخاص، وقال في شرح المشكاة: للفلق شأن عظيم ولذا جاء وصفًا لله تعالى في قوله: {{فالق الإصباح}} [الأنعام: 96] وأمر بالاستعاذة برب الفلق لأنه ينبئ عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة وطلوع تباشير الصبح بظهور سلطان الشمس وإشراقها الآفاق، كما أن الرؤيا الصالحة مبشرة تنبئ عن وفور أنوار عالم الغيب وإنارة مطالع الهدايات بسبب الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء النبوة (فكان) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يأتي حراء) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء ممدودة مذكر منصرف على الصحيح وقيل مؤنث غير منصرف (فيتحنث) بالحاء المهملة آخره مثلثة في غار (فيه وهو) أي التحنث (التعبد) بالخلوة ومشاهدة الكعبة منه والتفكر أو بما كان يلقى إليه من المعرفة (الليالي ذوات العدد) مع أيامهن والوصف بذوات العدد يفيد التقليل كدراهم معدودة، وقال الكرماني: يحتمل الكثرة إذ الكثير يحتاج إلى العدد وهو المناسب للمقام وإنما كان يخلو عليه الصلاة والسلام بحراء دون غيره لأن جده عبد المطلب أول من كان يخلو فيه من قريش، وكانوا يعظمونه لجلالته وكبر سنّه فتبعه على ذلك فكان يخلو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكان جدّه وكان الزمن
    الذي يخلو فيه شهر رمضان فإن قريشًا كانت تفعله كما كان تصوم يوم عاشوراء (ويتزوّد لذلك) التعبد (ثم يرجع) إذا نفد ذلك الزاد (إلى خديجة) -رضي الله عنها- (فتزوّده) ولأبي ذر عن الكشميهني فتزوّد بحذف الضمير (لمثلها) لمثل الليالي (حتى فجئه الحق) بفتح الفاء وكسر الجيم بعدها همزة أي جاءه الوحي بغتة وكأنه لم يكن متوقعًا للوحي قاله النووي، وتعقبه البلقيني سمي به لأن الله خصصه بالوحي (وهو) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في غار حراء فجاءه الملك) جبريل عليه السلام وفاء فجاءه تفسيرية أو تعقيبية أو سببية وحتى لانتهاء الغاية أي انتهى توجهه لغار حراء بمجيء جبريل (فيه) في الغار (فقال: اقرأ) وهل سلم قبل قوله اقرأ أم لا؟ الظاهر لا لأن المقصود إذ ذاك تفخيم الأمر وتهويله أو ابتداء السلام متعلق بالبشر لا الملائكة ووقوعه منهم على إبراهيم لأنهم كانوا في صورة البشر فلا يرد هنا ولا سلامهم على أهل الجنة لأن أمور الآخرة مغايرة لأمور الدنيا غالبًا، نعم في رواية الطيالسي إن جبريل سلم أولاً، لكن لم يرد أنه سلم عند الأمر بالقراءة قاله في الفتح (فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):(ما أنا بقارئ) ولغير أبي ذر فقلت: ما أنا بقارئ أي ما أحسن أن أقرأ (فأخذني) جبريل (فغطّني) ضمني وعصرني (حتى بلغ مني الجهد) بفتح الجيم ونصب الدال مفعول حذف فاعله أي بلغ الغط مني الجهد وبضم الجيم ورفع الدال أي بلغ مني الجهد مبلغه فاعل بلغ (ثم أرسلني) أطلقني (فقال: اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخدني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فغطني) ولأبي ذر عن الكشميهني فأخذني فغطني (الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني) قال في شرح المشكاة قوله ما أنا بقارئ أي حكمي كسائر الناس من أن حصول القراءة إنما هو بالتعلم وعدمه بعدمه فلذلك أخذه وغطّه مرارًا ليخرجه عن حكم سائر الناس ويستفرغ منه البشرية ويفرغ فيه من صفات الملكية (فقال) له حينئذ لما علم المعنى ({{اقرأباسم ربك الذي خلق}}) كل شيء وموضع باسم ربك النصب على الحال أي اقرأ مفتتحًا باسم ربك قل باسم الله ثم اقرأ (حتى بلغ {{ما لم يعلم}}) [العلق: 1 - 5] ولأبي ذر حتى بلغ: {{علّم الإنسان ما لم يعلم}} وفيه كما قال الطيبي إشارة إلى رد ما تصوّره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أن القراءة إنما تتيسر بطريق التعليم فقط بل إنها كما تحصل بواسطة المعلم قد تحصل بتعليم الله بلا واسطة فقوله: علم بالقلم إشارة إلى العلم التعليمي وقول: علم الإنسان ما لم يعلم إشارة إلى العلم اللدني ومصداقه قوله تعالى: {{إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى}} [النجم: 5] (فرجع بها) بالآيات المذكورة حال كونه (ترجف) تضطرب (بوادره) جمع بادرة وهي اللحمة بين العنق والمنكب، وقال ابن بري هي ما بين المنكب والعنق يعني أنها لا تختص بعضو واحد وإنما رجفت بوادره لما فجئه من الأمر المخالف للعادة لأن النبوة لا تزيل طباع البشرية كلها (حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني) مرتين أي غطّوني بالثياب ولفوني بها (فزملوه) بفتح الميم (حتى ذهب عنه الروع) بفتح الراء الفزع (فقال: يا خديجة ما لي وأخبرها) ولأبي ذر عن الكشميهني وأخبر (الخبر وقال: قد خشيت على نفسي) أن لا أقوى على مقاومة هذا الأمر ولا أقدر على حمل أعباء الوحي فتزهق نفسي ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عليٌّ بتشديد الياء (فقالت له) خديجة: (كلا) نفي وإبعاد أي لا خوف عليك (أبشر) بخير أو بأنك رسول الله حقًّا (فوالله لا يخزيك الله أبدًا) بضم التحتية وسكون الخاء المعجمة من الخزي ولأبي ذر عن الكشميهني لا يحزنك بالحاء المهملة والنون بدل المعجمة والياء من الحزن (إنك لتصل الرحم) أي القرابة (وتصدق الحديث وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الثقل ويدخل فيه الإنفاق
    على الضيف واليتيم والعيال وغير ذلك (وتقري الضيف) بفتح الفوقية من غير همز أي تهيئ له طعامه ونزله (وتعين على نوائب الحق) حوادثه أرادت أنك لست ممن يصيبه مكروه لما جمع الله فيك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل.وفيه دلالة على أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء وفيه مدح الإنسان في وجهه في بعض الأحوال لمصلحة تطرأ، وفيه تأنيس من حصلت له مخافة من أمر، وفي دلائل النبوة للبيهقي من طريق أبي ميسرة مرسلاً أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قصّ على خديجة ما رأى في المنام فقالت له: أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيرًا ثم أخبرها بما وقع له من شق البطن وإعادته فقالت له: أبشر إن هذا والله خير ثم استعلن له جبريل فذكر القصة فقال لها: أرأيتك الذي رأيت في المنام فإنه جبريل استعلن لي بأن ربي أرسله إليّ وأخبرها بما جاء به فقالت: أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلاّ خيرًا فأقبل الذي جاءك من الله فإنه حق وأبشر فإنك رسول الله.(ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به) مصاحبة له (ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو) أي ورقة (ابن عم خديجة) وهو (أخو أبيها) ولابن عساكر فيما ذكره في الفتح أخي أبيها بالجر في أخي صفة للعم ووجه الرفع أنه خبر مبتدأ محذوف وفائدته رفع المجاز في إطلاق العم فيه (وكان) ورقة (امرأً تنصّر) دخل في دين النصرانية (في الجاهلية) قبل البعثة المحمدية (وكان يكتب الكتاب العربي) وفي باب بدء الوحي العبراني (فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاءالله أن يكتب) أي الذي شاء الله كتابته (وكان شيخًا كبيرًا قد عمي فقالت له) لورقة (خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك) محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال) له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ورقة ابن أخي) بنصب ابن منادى مضاف (ماذا ترى؟ فأخبره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما رأى) وفي بدء الوحي خبر ما رأى (فقال) له (ورقة هذا الناموس) جبريل صاحب سر الخير (الذي أنزل) بضم الهمزة (على موسى) بن عمران -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يقل عيسى مع كونه نصرانيًا لأن نزول جبريل عليه السلام متفق عليه عند أهل الكتابين بخلاف عيسى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يا ليتني فيها) في أيام النبوة ومدّتها (جذعًا) يعني شابًّا قويًا والجذع في الأصل للدواب فهو هنا استعارة وهو بالجيم المعجمة المفتوحتين وبالنصب بكان مقدّرة عند الكوفيين أو على الحال من الضمير في فيها وخبر ليت قوله فيها أي ليتني كائن فيها حال الشبيبة والقوّة لأنصرك وأبالغ في نصرتك (أكون) وفي بدء الوحي ليتني أكون (حيًّا حين يخرجك قومك) من مكة (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):(أ) معاديّ (ومخرجيّ هم) بتشديد الياء المفتوحة وقال ذلك استبعادًا للإخراج وتعجبًا منه فيؤخذ منه كما قال السهيلي إن مفارقة الوطن على النفس شديدة لإظهاره عليه الصلاة والسلام الإنزعاج لذلك بخلاف ما سمعه من ورقة من إيذائهم وتكذيبهم له (فقال ورقة) له: (نعم) مخرجوك (لم يأت رجل قط بما) ولأبي ذر عن الكشميهني بمثل ما (جئت به) من الوحي (إلاَّ عودي) لأن الإخراج عن المألوف سبب لذلك (وإن يدركني يومك) بجزم يدركني بأن الشرطية ورفع يومك فاعل يدركني أي يوم انتشار نبوتك (أنصرك) بالجزم جواب الشرط (نصرًا) بالنصب على المصدرية (مؤزرًا) من الإزر وهو القوة (ثم لم ينشب) بالشين المعجمة لم يلبث (ورقة أن توفي) بدل اشتمال من ورقة أي لم تلبث وفاته (وفتر الوحي) احتبس ثلاث سنين أو سنتين ونصفًا (فترة حتى حزن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر زاي حزن (فيما بلغنا) معترض بين الفعل ومصدره وهو (حزنًا) والقائل هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري من بلاغاته وليس موصولاً، ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور، والمعنى أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع في هذه القصة وهو عند ابن مردويه في التفسير بإسقاط قوله: فيما بلغنا ولفظه: فترة حزن النبي -صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها حزنًا (غدا) بغين معجمة في الفرع من الذهاب غدوة، وفي نسخة عدا بالعين المهملة من العدو وهو الذهاب بسرعة (منه) من الحزن (مرارًا كي يتردّى) يسقط (من رؤوس شواهق الجبال) العالية (فكلما أوفى بذروة جبل) بكسر الذال المعجمة وتفتح وتضم أعلاه (لكي يلقي منه) من الجبل (نفسه) المقدسة إشفاقًا أن تكون الفترة لأمر أو سبب منه فتكون عقوبة من ربه ففعل ذلك بنفسه ولم يرد شرع بالنهي عن ذلك فيعترض به أو حزن على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة، ولم يكن خوطب عن الله أنك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومبعوث إلى عباده. وعند ابن سعد من حديث ابن عباس بنحو هذا البلاغ الذي ذكره الزهري، وقوله: مكث أيامًا بعد مجيء الوحي لا يرى جبريل فحزن حزنًا شديدًا حتى كان يغدو إلى ثبير مرة وإلى حراء أخرى يريد أن يلقي نفسه (تبدى) ظهر الله جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا). وفي حديث ابن سعد المذكور: فبينا هو عامد لبعض تلك الجبال إذ سمعصوتًا فوقف فزعًا ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعًا يقول: يا محمد أنت رسول الله حقًّا وأنا جبريل (فيسكن لذلك جأشه) بالجيم ثم الهمزة الساكنة ثم الشين المعجمة اضطراب قلبه (وتقرّ) بكسر القاف في الفرع وفي غيره بفتحها (نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل) لكي يلقي منه نفسه (تبدى) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بدا أي ظهر (له جبريل فقال له مثل ذلك) يا محمد إنك رسول الله حقًّا.تنبيه:قال في فتح الباري: قوله هنا فترة حتى حزن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغنا هذا وما بعده من زيادة معمر على رواية عقيل ويونس وصنيع المؤلّف يوهم أنه داخل في رواية عقيل، وقد جرى على ذلك الحمري في جمعه فساق الحديث إلى قوله وفتر الوحي، ثم قال: انتهى حديث عقيل المفرد عن ابن شهاب إلى حيث ذكرنا، وزاد عند البخاري في حديثه المقترن بمعمر عن الزهري فقال وفتر الوحي فترة حتى حزن فساقه إلى آخره.قال الحافظ ابن حجر والذي عندي أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر فقد أخرج طريق عقيل أبو نعيم في مستخرجه من طريق أبي زرعة الرازي عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه في أول الكتاب بدونه، وأخرجه مقرونًا هنا برواية معمر وبين أن اللفظ لمعمر وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر، وأخرجه أحمد ومسلم والإسماعيلي وغيرهم وأبو نعيم أيضًا من طريق جمع من أصحاب الليث عن الليث بدونها اهـ.وقال عياض: إن قول معمر في فترة الوحي فحزن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغنا حزنًا غدًا منه مرارًا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال لا يقدح في هذا الأصل أي ما قرره من عدم طريان الشك عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقول معمر عنه فيما بلغنا ولم يسنده ولا ذكر رواته ولا من حدث به ولا أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله، ولا يعرف مثل هذا إلا من جهته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أنه قد يحمل على أنه كان أوّل الأمر أو أنه فعل ذلك لما أحرجه من تكذيب من بلغه كما قال تعالى: {{فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يومنوا بهذا الحديث أسفًا}} [الكهف: 6] اهـ.وحاصله أنه ذكر أنه غير قادح من وجهين أحدهما: فيما يتعلق بالمتن من جهة قوله: فيما بلغنا حيث لم يسنده وأنه لا يعلم ذلك إلا من جهة المنقول عنه، والثاني: أنه أوّل الأمر أو أنه فعل ذلك لما أحرجه من تكذيب قومه وفيه بحث إذ عدم إسناده لا يوجب قدحًا في الصحة بل الغالب على الظن أنه بلغه من الثقات لأنه ثقة، لا سيما ولم ينفرد معمر بذلك كما بأن في إطلاق هذا النفي نظرًا فعند ابن إسحاق عن عبيد بن عمير أنه وقع في المنام نظير ما وقع له في اليقظة من الغط والأمر بالقراءة وغير ذلك. قال في الفتح: وفي كون ذلك يستلزم وقوعه في اليقظة حتى يتوقعه نظر فالأولى ترك الجزم بأحد الأمرين.قال الهروي: سبق وروينا أيضًا من طريق الدولابي مما في سيرة ابن سعيد الناس عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة الحديث وفيه: ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي حتى حزن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغنا حزنًا الخ. فاعتضدت كل رواية الأخرى، وكل من الزهري ومعمر ثقة وعلى تقدير الصحة لا يكون قادحًا كما ذكره عياض، لكن لا بالنسبة إلى أنه في أول الأمر لاستقرار الحال فيه مدة بل
    بالنسبة إلى ما أحرجه من التكذيب إذ لا شيء فيه قطعًا بدليل قوله تعالى: {{فلعلك باخع نفسك على آثارهم}} [الكهف: 6] أي قاتل نفسك أسفًا وكان التعبير بقوله حصل له ذلك لما أحرجه أحسن من قوله فعل لأن الحزن حالة تحصل للإنسان يجدها من نفسه بسبب لا أنه من أفعاله الاختيارية.وحديث الباب أخرجه المؤلّف في باب بدء الوحي.(قال) ولأبي ذر وقال (ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الطبري من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {{فالق الإصباح}} [الأنعام: 96] الإصباح (ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل) واعترض على المؤلّف بأن ابن عباس فسر الإصباح لا لفظ فالق الذي هو المراد هنا، لأن المؤلّف ذكره عقب هذا الحديث لما وقع فيه فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، والإصباح مصدر سمي به الصبح أي شاق عمود الصبح عن سواد الليل أو فالق نور النهار. نعم قال مجاهد كما سبق في تفسير {{قل أعوذ برب الفلق}} [الفلق: 1] الفلق: الصبح. وأخرج الطبري عنه أيضًا في قوله فالق الإصباح. قال: إضاءة الصبح، وعلى هذا فالمراد بفلق الصبح إضاءته فالله سبحانه وتعالى يفلق ظلام الليل عن غرّة الصباح فيضيء الوجود ويستنير الأفق ويضمحل الظلام ويذهب الليل، وقول ابن عباس هذا ثابت في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني وكذا النسفيّ، ولأبي زيد المروزي عن الفربري.

    (كِتابُ التَّعْبِيرِ)
    أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان التَّعْبِير. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالُوا الفصيح الْعبارَة لَا التَّعْبِير وَهِي التَّفْسِير والإخبار بِمَا يؤول إِلَيْهِ أَمر الرُّؤْيَا، وَالتَّعْبِير خَاص بتفسير الرُّؤْيَا وَهِي العبور من ظَاهرهَا إِلَى بَاطِنهَا، وَقيل: هُوَ النّظر فِي الشَّيْء فتعبير بعضه بِبَعْض حَتَّى يحصل على فهمه، وَأَصله من العبر، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء وَهُوَ التجاوز من حَال إِلَى حَال وَالِاعْتِبَار وَالْعبْرَة الْحَالة الَّتِي يتَوَصَّل بهَا من معرفَة الْمشَاهد إِلَى مَا لَيْسَ بمشاهد، وَيُقَال: عبرت الرُّؤْيَا بِالتَّخْفِيفِ إِذا فسرتها، وعبرتها بِالتَّشْدِيدِ لأجل الْمُبَالغَة فِي ذَلِك.
    (بابٌُ أوَّلُ مَا بُدِىءَ بِهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الوَحْيِ الرُّؤُيا الصَّالِحَةُ)أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ أول مَا بدىء بِهِ، وَهَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ والقابسي، وَكَذَا وَقع لأبي ذَر مثله إلاَّ أَنه سقط لَهُ عَن غير الْمُسْتَمْلِي لفظ: بابُُ. وَوَقع لغَيرهم، بابُُ التَّعْبِير وَأول مَا بدىء بِهِ ... الخ. والرؤيا مَا يرَاهُ الشَّخْص فِي مَنَامه، وَهِي على وزن فعلى وَقد تسهل الْهمزَة، وَقَالَ الواحدي: هُوَ فِي الأَصْل مصدر كالبشري فَلَمَّا جعلت اسْما لما يتخيله النَّائِم أجريت مجْرى الْأَسْمَاء. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: الرُّؤْيَا إدراكات يخلقها الله عز وَجل فِي قلب العَبْد على يَدي ملك أَو شَيْطَان إِمَّا بأسمائها أَي: حَقِيقَتهَا وَإِمَّا بكناها أَي: بعبارتها، وَإِمَّا تَخْلِيط، ونظيرها فِي الْيَقَظَة: الخواطر، فَإِنَّهَا قد تَأتي على نسق فِي قصد وَقد تَأتي مسترسلة غير محصلة.وروى الْحَاكِم والعقيلي من رِوَايَة مُحَمَّد بن عجلَان عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: لَقِي عمر عليّاً، رَضِي الله عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحسن الرجل يرى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يصدق وَمِنْهَا مَا يكذب؟ قَالَ: نعم. سَمِعت رَسُول الله يَقُول: مَا من عبد وَلَا أمة ينَام فيمتلىء نوماً إِلَّا يخرج بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْش. فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظ دون الْعَرْش فَتلك الرُّؤْيَا الَّتِي تصدق وَالَّذِي يَسْتَيْقِظ دون الْعَرْش فَتلك الَّتِي تكذب قَالَ الذَّهَبِيّ فِي تلخيصه هَذَا حَدِيث مُنكر وَلم يُصَحِّحهُ الْمُؤلف، وَلَعَلَّ الآفة من
    الرَّاوِي عَن ابْن عجلَان. انْتهى. الرَّاوِي عَن ابْن عجلَان هُوَ أَزْهَر بن عبد الله الْأَزْدِيّ الخرساني، ذكره الْعقيلِيّ فِي تَرْجَمته، وَقَالَ: إِنَّه غير مَحْفُوظ. قَوْله: الرُّؤْيَا الصادقة، قد ذكرنَا أَن الرُّؤْيَا فِي الْمَنَام، والرؤية هِيَ النّظر بِالْعينِ والرأي بِالْقَلْبِ، والصادقة هِيَ رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمن تَبِعَهُمْ من الصَّالِحين، وَقد تقع لغَيرهم بندور والأحلام الملتبسة أضغاث وَهِي لَا تندر بِشَيْء.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6617 ... ورقمه عند البغا:6982 ]
    - حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ. ح وحدّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، حدّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدّثنا مَعْمَرٌ قَالَ، الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبرنِي عُرْوَةُ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، أنَّها قالَتْ: أوَّلُ مَا بُدِىءَ بِهِ رسولُ الله مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكانَ لَا يَرى رُؤْيا إلاَّ جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فكانَ يَأتِي حِراءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وهْوَ التَّعَبُّدُ اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ ويَتَزَوَّدُ لِذالِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَة فَتُزَوِّدُ لِمِثْلِها حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهْوَ فِي غارِ حِراءِ، فَجاءَهُ المَلَكُ فِيهِ فَقَالَ: فَقَالَ لهُ النبيُّ فَقُلْتُ مَا أَنا بِقارِىءٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّني حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهُدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: ع فَقُلْتُ مَا أَنا بِقَارِىءٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: ع فَقُلْتُ مَا أَنا بِقارِىءٍ، فَغَطَنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ}} حتَّى بَلَغَ: {{عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}} فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حتّى دَخَلَ عَلى خَدِيجَةَ فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمُلُونِي فَزَمَّلُوه حتّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ: يَا خَدِيجَةُ مَا لِي وأخْبَرَها الخَبَرَ، وَقَالَ: قَدْ خَشِيتُ على نَفْسِي فقالَتْ لهُ كَلاّ أبْشِرْ فَوالله لَا يخْزِيكَ الله أبَداً إنِّكَ لَتَصلُ الرَّحِمَ وتَصْدُقُ الحَديثَ وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ عَلى نَوائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بنَ نَوْفَل بن أسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيَ، وهْوَ ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أخُو أبِيها. وَكَانَ امْرأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ مَا شاءَ الله أنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً قَدْ عَمِيَ. فقالَتْ لهُ خَدِيجَةُ: أَي ابنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابنِ أخِيكَ. فَقَالَ ورَقَةُ: ابنَ أخي مَاذَا تَراى؟ فأخْبَرَهُ النبيُّ مَا رأى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هاذا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلى مُوساى يَا لَيْتَنِي فِيها جَذَعاً، أكُونُ حَيّاً حينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رسولُ الله أوْ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِما جِئْتَ بِهِ إلاّ عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْني يَوْمُكَ أنْصُرْك نَصْراً مُؤزَّراً، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أَن تُوفِّيَ وفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حتَّى حَزِنَ النبيُّ فِيما بَلَغَنا حُزْناً غَدا مِنْهُ مِراراً كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَواهِقِ الجِبالِ، فَكُلَّما أوْفاى بِذرْوَةِ جبلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّكَ رسولُ الله حَقّاً فَيَسْكُنُ لِذالِكَ جَأْشُهُ وتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ فَإِذا طالَتْ عَليْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدا لِمِثْلِ ذالِكَ، فَإِذا أوْفاى بِذِرْوَةِ جَبَلِ تَبَدَّى لهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لهُ مِثْلَ ذالِكَ.وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فالِقُ
    الإصْباحِ: ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهارِ وضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ.فهَذَا الحَدِيث قد مر فِي أول الْكتاب وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.وَعَائِشَة لم تدْرك هَذَا الْوَقْت فإمَّا أَنَّهَا سمعته من النَّبِي أَو من صَحَابِيّ آخر.وَأخرجه هُنَا من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ عَن عقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ وَالْآخر عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَكتب بَين الْإِسْنَاد حرف ح إِشَارَة إِلَى التَّحْوِيل من إِسْنَاد قبل ذكر الحَدِيث إِلَى إِسْنَاد آخر. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو الْإِشَارَة إِلَى صَحَّ أَو إِلَى الْحَائِل أَو إِلَى الحَدِيث.قَوْله فَأَخْبرنِي عُرْوَة ذكر حرف الْفَاء إشعاراً بِأَنَّهُ روى لَهُ حَدِيثا ثمَّ عقبه بِهَذَا الحَدِيث، فَهُوَ عطف على مُقَدّر، وَوَقع عِنْد مُسلم: عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن عبد الرَّزَّاق مثله، لَكِن فِيهِ: وَأَخْبرنِي، بِالْوَاو لَا بِالْفَاءِ. قَوْله: الصادقة وَفِي رِوَايَة: الصَّالِحَة، وهما بِمَعْنى وَاحِد بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمُور الْآخِرَة فِي حق الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام. وَأما بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمُور الدُّنْيَا فالصالحة أخص فرؤيا النَّبِي صَادِقَة وَقد تكون صَالِحَة وَهِي الْأَكْثَر وَغير صَالِحَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا وَقع فِي الرُّؤْيَا يَوْم أحد، وَأما رُؤْيا غير الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فبينهما عُمُوم وخصوص إِن فسرنا الصادقة بِأَنَّهَا الَّتِي لَا تحْتَاج إِلَى تَعْبِير، وَإِن فسرناها بِأَنَّهَا غير الأضغاث فالصالحة أخص مُطلقًا. وَقيل: الرُّؤْيَا الصادقة مَا يَقع بِعَيْنِه أَو مَا يعبر فِي الْمَنَام أَو يخبر بِهِ من لَا يكذب، والصالحة مَا يسر. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الصَّالِحَة مَا صلح صورتهَا أَو مَا صلح تعبيرها، والصادقة الْمُطَابقَة للْوَاقِع. قَوْله: جَاءَت هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: جَاءَتْهُ قَوْله: فلق الصُّبْح بِفَتْح الْفَاء: ضوء الصُّبْح وَشقه من الظلمَة وافتراقها مِنْهُ. وَجه التَّشْبِيه بفلق الصُّبْح دون غَيره هُوَ أَن شمس النُّبُوَّة كَانَت الرُّؤْيَا مبادىء أنوارها فَمَا زَالَ ذَلِك النُّور يَتَّسِع حَتَّى أشرقت الشَّمْس، فَمن كَانَ بَاطِنه نورياً كَانَ فِي التَّصْدِيق بكرياً كَأبي بكر، وَمن كَانَ بَاطِنه مظلماً كَانَ فِي التَّكْذِيب خفاشاً كَأبي جهل، وَبَقِيَّة النَّاس بَين هَاتين المنزلتين كل مِنْهُم بِقدر مَا أعطي من النُّور. قَوْله: جراء بِكَسْر الْحَاء وبالمد وَهُوَ الْأَفْصَح وَحكى بِتَثْلِيث أَوله مَعَ الْمَدّ وَالْقصر وَالصرْف وَعَدَمه، فتجتمع فِيهِ عدَّة لُغَات مَعَ قلَّة أحرفه وَنَظِيره: قبَاء، والخطابي جزم بِأَن فتح أَوله لحن وَكَذَا ضمه وَكَذَا قصره، قيل: الْحِكْمَة فِي تَخْصِيصه بالتخلي فِيهِ أَن الْمُقِيم فِيهِ كَانَت تمكنه فِيهِ رُؤْيَة الْكَعْبَة فتجتمع فِيهِ لمن يَخْلُو فِيهِ ثَلَاث عبادات: الْخلْوَة والتعبد وَالنَّظَر إِلَى الْبَيْت. وَقيل: إِن قُريْشًا كَانَت تَفْعَلهُ، وَأول من فعل ذَلِك من قُرَيْش عبد الْمطلب وَكَانُوا يعظمونه لجلالته وَكبر سنه، فَتَبِعَهُ على ذَلِك من كَانَ يتأله وَكَانَ يَخْلُو بمَكَان جده وَسلم لَهُ ذَلِك أَعْمَامه لكرامته عَلَيْهِم. قَوْله: وَهُوَ التَّعَبُّد تَفْسِير للتحنث الَّذِي فِي ضمن: يَتَحَنَّث، وَهُوَ إدراج من الرَّاوِي. قَوْله: اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد قَالَ الْكرْمَانِي: اللَّيَالِي مفعول يَتَحَنَّث وَذَوَات بِالْكَسْرِ أَي كَثِيرَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد، يحْتَمل الْكَثْرَة إِذْ الْكثير يحْتَاج إِلَى الْعدَد، وَقَالَ غَيره: المُرَاد بِهِ الْكَثْرَة لِأَن الْعدَد على قسمَيْنِ فَإِذا أطلق أُرِيد بِهِ مَجْمُوع الْقلَّة وَالْكَثْرَة فَكَأَنَّهَا قَالَت ليَالِي كَثِيرَة، أَي: مَجْمُوع قسم الْعدَد. قَوْله: فتزود لمثلهاكذا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فتزوده، بالضمير. وَقَوله: لمثلهَا أَي: لمثل اللَّيَالِي، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون للمرة أَو الفعلة أَو الْخلْوَة أَو الْعِبَادَة، وَقَالَ بعض من عاصرناه: إِن الضَّمِير للسّنة فَذكر من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: كَانَ يخرج إِلَى غَار حراء فِي كل عَام شهرا من السّنة يتنسك فِيهِ يطعم من جَاءَهُ من الْمَسَاكِين. قَالَ: وَظَاهره التزود لمثلهَا كَانَ فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا لَا لمرة أُخْرَى من تِلْكَ السّنة، وَاعْترض عَلَيْهِ بعض تلامذته بِأَن مُدَّة الْخلْوَة كَانَت شهرا كَانَ يتزود لبَعض ليَالِي الشَّهْر، فَإِذا نفد ذَلِك الزَّاد رَجَعَ إِلَى أَهله فيتزود قدر ذَلِك من جِهَة أَنهم لم يَكُونُوا فِي سَعَة بَالِغَة من الْعَيْش، وَكَانَ غَالب زادهم اللَّبن وَاللَّحم، وَذَلِكَ لَا يدّخر مِنْهُ كِفَايَة الشَّهْر لِئَلَّا يسْرع إِلَيْهِ الْفساد، وَلَا سِيمَا وَقد وصف بِأَنَّهُ كَانَ يطعم من يرد عَلَيْهِ. قَوْله: حَتَّى فجئه الْحق كلمة: حَتَّى، هُنَا على أَصْلهَا لانْتِهَاء الْغَايَة، وَالْمعْنَى: انْتهى توجهه لغَار حراء بمجيء الْملك وَترك ذَلِك، وفجئه بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْجِيم وبهمزة فعل مَاض أَي: جَاءَهُ الْوَحْي بَغْتَة، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْحق أَي: أَمر الْحق وَهُوَ الْوَحْي أَو: رَسُول الْحق وَهُوَ جِبْرِيل،
    عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: الْحق الْأَمر الْبَين الظَّاهِر أَو المُرَاد: الْملك بِالْحَقِّ، أَي: الْأَمر الَّذِي بعث بِهِ. قَوْله: فَجَاءَهُ الْفَاء فَاء التفسيرية، وَقيل: يحْتَمل أَن تكون للتعقيب، وَقيل: يحْتَمل أَن تكون سَبَبِيَّة. قَوْله: فِيهِ أَي: فِي الْغَار، وَهَذَا يرد قَول من قَالَ: إِن الْملك لم يدْخل إِلَيْهِ الْغَار بل كَلمه وَالنَّبِيّ دَاخل الْغَار وَالْملك على الْبابُُ، وَالْملك هُنَا جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: اللَّام فِيهِ لتعريف الْمَاهِيّة لَا للْعهد إلاَّ أَن يكون المُرَاد بِهِ مَا عَهده، عَلَيْهِ السَّلَام، قبل ذَلِك لما كَلمه فِي صباه وَكَانَ سنّ النَّبِي حِين جَاءَهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي غَار حراء أَرْبَعِينَ سنة على الْمَشْهُور، وَكَانَ ذَلِك يَوْم الِاثْنَيْنِ نَهَارا فِي شهر رَمَضَان فِي سَابِع عشرَة، وَقيل: فِي سابعه، وَقيل فِي: رَابِع عشْرين، وَقيل: كَانَ فِي سَابِع عشْرين شهر رَجَب، وَقيل: فِي أول شهر ربيع الأول، وَقيل: فِي ثامنه. قَوْله: فَقَالَ اقْرَأ ظَاهره أَنه لم يتَقَدَّم من جِبْرِيل شَيْء قبل هَذِه الْكَلِمَة وَلَا السَّلَام، وَقيل: يحْتَمل أَنه سلم وَحذف ذكره، وروى الطَّيَالِسِيّ أَن جِبْرِيل سلم أَولا وَلم ينْقل أَنه سلم عِنْد الْأَمر بِالْقِرَاءَةِ. قَوْله: فَقَالَ اقْرَأ قيل: دلّت الْقِصَّة على أَن مُرَاد جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام أَن يَقُول النَّبِي نَص مَا قَالَه، وَهُوَ قَوْله: اقْرَأ وَإِنَّمَا لم يقل لَهُ: قل: اقْرَأ لِئَلَّا يظنّ أَن لَفْظَة: قل، أَيْضا من الْقُرْآن. فَإِن قلت: مَا الَّذِي أَرَادَ باقرأ. قلت: هُوَ الْمَكْتُوب الَّذِي فِي النمط، كَذَا فِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، فَلذَلِك قَالَ: مَا أَنا بقارىء يَعْنِي: أَنا أُمي لَا أحسن قِرَاءَة الْكتب، فَإِن قلت: مَا كَانَ الْمَكْتُوب فِي ذَلِك النمط؟ . قلت: الْآيَات الأول من {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ}} وَقيل: وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك جملَة الْقُرْآن نزل بِاعْتِبَار ثمَّ نزل منجماً بِاعْتِبَار آخر، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن أمره تكمل بِاعْتِبَار الْجُمْلَة ثمَّ تكمل بِاعْتِبَار التَّفْصِيل. فغطني من الغط بالغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْعَصْر الشَّديد والكبس، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: قيل: إِنَّمَا غطه ليختبره، هَل يَقُول من تِلْقَاء نَفسه شَيْئا وَقيل: لتنبيهه واستحضاره وَنفي منافيات الْقِرَاءَة عَنهُ. وَقَالَ السُّهيْلي: تَأْوِيل الغطات الثَّلَاث أَنَّهَا كَانَت فِي النّوم أَنه ستقع لَهُ ثَلَاث شَدَائِد يبتلى بهَا ثمَّ يَأْتِي الْوَحْي، وَكَذَا كَانَت: الأولى: فِي الشّعب لما حصرتهم قُرَيْش فَإِنَّهُ لَقِي وَمن تبعه شدَّة عَظِيمَة. الثَّانِيَة: لما خَرجُوا توعدوهم بِالْقَتْلِ حَتَّى فروا إِلَى الْحَبَشَة. وَالثَّالِثَة: لما هموا بِهِ مَا هموا من الْمَكْر بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}} الْآيَة، فَكَانَت لَهُ الْعَاقِبَة فِي الشدائد الثَّلَاث، وَقَالَ من عاصرنا من الْمَشَايِخ مَا ملخصه: إِن هَذِه الْمُنَاسبَة حَسَنَة وَلَا يتَعَيَّن للنوم بل يكون بطرِيق الْإِشَارَة فِي الْيَقَظَة وَقَالَ: وَيُمكن أَن تكون الْمُنَاسبَة أَن الْأَمر الَّذِي جَاءَ بِهِ ثقيل من حَيْثُ القَوْل وَالْعَمَل وَالنِّيَّة، أَو من جِهَة التَّوْحِيد وَالْأَحْكَام والإخبار بِالْغَيْبِ الْمَاضِي والآتي، وَأَشَارَ بالإرسالات الثَّلَاث إِلَى حُصُول التَّيْسِير والتسهيل والخفيف فِي الدُّنْيَا والبرزخ وَالْآخِرَة عَلَيْهِ وعَلى أمته قَوْله: حَتَّى بلغ مني الْجهد؟ بِضَم الْجِيم الطَّاقَة وَبِفَتْحِهَا الْغَايَة، وَيجوز فِيهِ رفع الدَّال ونصبها، أما الرّفْع فعلى أَنه فَاعل بلغ، وَهِي الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُونَ وَهِي المرجحة، وَأما النصب فعلى أَن فَاعل: بلغ، هُوَ الغط الَّذِي دلّ عَلَيْهِ قَوْله: غطني وَالتَّقْدِير: بلغ مني الغط جهده أَي: غَايَته، وَقَالَ الشَّيْخ التوربشتي: لَا أرى الَّذِي قَالَه بِالنّصب إلاَّ وهما فَإِنَّهُ يصير الْمَعْنى أَنه غطه حَتَّى استفرغ الْملك قوته فِي ضغطه بِحَيْثُ لم يبْق فِيهِ مزِيد، وَهُوَ قَول غير سديد، فَإِن البنية البشرية لَا تطِيق استنفاد الْقُوَّة الملكية لَا سِيمَا فِي مُبْتَدأ الْأَمر، وَقد صرح فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ دخله الرعب من ذَلِك. انْتهى. وَقيل: لَا مَانع أَن يكون الله قوَّاه على ذَلِك وَيكون من جملَة معجزاته، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي جَوَابه، بِأَن جِبْرِيل لم يكن حينئذٍ على صورته الملكية فَيكون استفراغ جهده بِحَسب صورته الَّتِي جَاءَ بهَا حِين غطه، وَقَالَ: وَإِذا صحت الرِّوَايَة اضمحل الاستبعاد. انْتهى، وَفِيه تَأمل. قَوْله: فَرجع بهَا أَي: مصاحباً بِالْآيَاتِ الْمَذْكُورَة الْخمس. قَوْله: ترجف بوادره جملَة حَالية والبوادر جمع البادرة وَهِي اللحمة بَين الْعُنُق والمنكب، وَقد تقدم فِي بَدْء الْوَحْي بِلَفْظ: فُؤَاده قيل: الْحِكْمَة فِي الْعُدُول عَن الْقلب إِلَى الْفُؤَاد أَن الْفُؤَاد وعَاء الْقلب فَإِذا حصل الرجفان للفؤاد حصل لما فِيهِ. قَوْله: الروع بِفَتْح الرَّاء الْفَزع. قَوْله: مَالِي أَي: مَا كَانَ الَّذِي حصل لي؟ قَوْله: قد خشيت على نَفسِي هَكَذَا رِوَايَة الكشمهيني: وَفِي رِوَايَة غَيره: خشيت عَليّ، بِالتَّشْدِيدِ يَعْنِي: من أَن يكون مَرضا أَو عارضاً من الْجِنّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالُوا: الأولى: خشيت أَنِّي لَا أقوى على تحمل أعباء الرسَالَة ومقاومة الْوَحْي. قَوْله: فَقَالَت لَهُ كلا أَي: فَقَالَت خَدِيجَة للنَّبِي كلا، أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا زعمت بل لَا خشيَة عَلَيْك،
    وأصل كلمة: كلا، للردع والإبعاد وَقد يَجِيء بِمَعْنى: حَقًا. قَوْله: أبشر خطاب من خَدِيجَة للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَهُوَ أَمر من الْبشَارَة بِكَسْر الْبَاء وَضمّهَا وَهُوَ اسْم والمصدر بشر وبشور من بشرت الرجل أُبَشِّرهُ بِالضَّمِّ أَي: أدخلت لَهُ سُرُورًا وفرحاً وَلم يعين فِيهِ المبشر بِهِ وَوَقع فِي دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي من طَرِيق أبي ميسرَة مُرْسلا مطولا، وَفِي آخر: فأبشر فَإنَّك رَسُول الله حَقًا، وَفِيه: لَا يفعل الله بك إلاَّ خيرا. قَوْله: لَا يخزيك الله أبدا من الخزي بالمعجمتين وَهُوَ الذل والهوان، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا يحزنك الله، من الْحزن بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون. قَوْله: الْكل أَي: ثقل من النَّاس. قَوْله: على نَوَائِب الْحق جمع نائبة وَهِي مَا يَنُوب الْإِنْسَان أَي: ينزل بِهِ من الْمُهِمَّات والحوادث. قَوْله: وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَخُو أَبِيهَا كَذَا وَقع هُنَا، وأخو صفة للعم فَكَانَ حَقه أَن يذكر مجروراً. وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: أخي أَبِيهَا، وَوجه رِوَايَة الرّفْع أَنه مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ أَخُو أَبِيهَا، فَائِدَته دفع الْمجَاز فِي إِطْلَاق الْعم عَلَيْهِ. قَوْله: تنصر أَي: دخل فِي دين النَّصْرَانِيَّة. قَوْله: فِي الْجَاهِلِيَّة أَي: قبل الْبعْثَة المحمدية. قَوْله: بالعبرانية بِكَسْر الْعين وَكَذَلِكَ العبري، قَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ لُغَة الْيَهُود وَقد ذكرنَا فِي أول الْكتاب فِي هَذَا الحَدِيث أَن العبراني نِسْبَة إِلَى العبر، وزيدت فِيهِ الْألف وَالنُّون فِي النِّسْبَة على غير الْقيَاس، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: مَا أَخذ على غربي الْفُرَات فِي قَرْيَة الْعَرَب يُسمى العبر وَإِلَيْهِ ينْسب العبريون من الْيَهُود لأَنهم لم يَكُونُوا عبروا الْفُرَات. قَوْله: اسْمَع من ابْن أَخِيك إِنَّمَا قالته تَعْظِيمًا وإظهاراً للشفقة لِأَنَّهُ لم يكن ابْن أخي ورقة. قَوْله: هَذَا الناموس هُوَ صَاحب السِّرّ يَعْنِي جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مطولا. قَوْله: جذعاً بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَهُوَ الشَّاب الْقوي، وانتصابه على تَقْدِير: لَيْتَني أكون جذعاً، أَو هُوَ مَنْصُوب على مَذْهَب من ينصب: بليت، الجزأين، أَو: حَال، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لَا يكون حَالا إلاَّ بالتأويل. قَوْله: أَو مخرجي هم؟ الْهمزَة للاستفهام، وَالْوَاو للْعَطْف على مُقَدّر بعْدهَا، وهم مُبْتَدأ، ومخرجي مقدما خَبره وَأَصله: مخرجين، فَلَمَّا أضيف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم سَقَطت النُّون. قَوْله: بِمَا جِئْت بِهِ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بِمثل مَا جِئْت بِهِ. قَوْله: إلاَّ عودي على صِيغَة الْمَجْهُول من المعاداة. قَوْله: نصرا مؤزراً بِالْهَمْزَةِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين من التأزير وَهُوَ التقوية وَأَصله من الأزر وَهُوَ الْقُوَّة، وَقَالَ الْقَزاز: الصَّوَاب موازراً بِغَيْر همز من وازرته إِذا عاونته، وَمِنْه أَخذ: وَزِير الْملك، وَيجوز حذف الْألف فَتَقول نصرا موزراً وَيرد عَلَيْهِ قَول الْجَوْهَرِي: أزرت فلَانا عاونته والعامة تَقول: وازرته. قَوْله: ثمَّ لم ينشب بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة أَي: لم يلبث. قَوْله: حزن النَّبِي من الْحزن بِضَم الْحَاء وَسُكُون الزَّاي وَبِفَتْحِهَا. قَوْله: عدا بِالْعينِ الْمُهْملَة من الْعَدو وَهُوَ الذّهاب بِسُرْعَة. وَمِنْهُم من أعجمها فَيكون من الذّهاب: غدْوَة. قَوْله: يتردى أَي: يسْقط. قَوْله: شَوَاهِق الْجبَال الشواهق جمع شَاهِق وَهُوَ الْمُرْتَفع العالي من الْجَبَل. قَوْله: فَلَمَّا أوفى بِذرْوَةِ جبل أَي: فَلَمَّا أشرف بِذرْوَةِ جبل بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَبِفَتْحِهَا وَضمّهَا وَالضَّم أَعلَى، وذروة كل شَيْء أَعْلَاهُ. قَوْله: تبدَّى لَهُ أَي: ظهر لَهُ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، بدا لَهُ، وَهُوَ بِمَعْنى ظهر أَيْضا. قَوْله: جاشه بِالْجِيم والشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ النَّفس وَالِاضْطِرَاب.قَوْله: وَقَالَ ابْن عَبَّاس. . الخ ذكره هَذَا الْمُعَلق عَن ابْن عَبَّاس لأجل مَا وَقع فِي حَدِيث الْبابُُ إلاَّ جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثَبت هَذَا للنسفي وَلأبي زيد الْمروزِي وَلأبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني، وَوَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: فالق الإصباح يَعْنِي بالإصباح ضوء الشَّمْس بِالنَّهَارِ وضوء الْقَمَر بِاللَّيْلِ وَاعْترض على البُخَارِيّ بِأَن ابْن عَبَّاس فسر: الإصباح، لَا لفظ: فالق، الَّذِي هُوَ المُرَاد هُنَا. وَأجِيب عَنهُ: بِأَن مُجَاهدًا فسر قَوْله: {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ}} بِأَن الفلق الصُّبْح، فلعى هَذَا فَالْمُرَاد بفلق الصُّبْح إضاءته، والفالق اسْم فَاعل من ذَلِك.

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ـ وَهْوَ التَّعَبُّدُ ـ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ‏.‏ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي‏.‏ فَقَالَ اقْرَأْ‏.‏ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ‏.‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ‏.‏ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ‏.‏ فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ‏"‏‏.‏ حَتَّى بَلَغَ ‏{‏مَا لَمْ يَعْلَمْ‏}‏ فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ ‏"‏ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ‏"‏‏.‏ فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ ‏"‏ يَا خَدِيجَةُ مَا لِي ‏"‏‏.‏ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ ‏"‏ قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ‏"‏‏.‏ فَقَالَتْ لَهُ كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ‏.‏ ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ ـ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ـ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ‏.‏ فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا‏.‏ ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ ﷺ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا‏.‏ فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏{‏فَالِقُ الإِصْبَاحِ‏}‏ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ‏.‏

    Narrated `Aisha:The commencement of the Divine Inspiration to Allah's Messenger (ﷺ) was in the form of good righteous (true) dreams in his sleep. He never had a dream but that it came true like bright day light. He used to go in seclusion (the cave of) Hira where he used to worship(Allah Alone) continuously for many (days) nights. He used to take with him the journey food for that (stay) and then come back to (his wife) Khadija to take his food like-wise again for another period to stay, till suddenly the Truth descended upon him while he was in the cave of Hira. The angel came to him in it and asked him to read. The Prophet (ﷺ) replied, "I do not know how to read." (The Prophet (ﷺ) added), "The angel caught me (forcefully) and pressed me so hard that I could not bear it anymore. He then released me and again asked me to read, and I replied, "I do not know how to read," whereupon he caught me again and pressed me a second time till I could not bear it anymore. He then released me and asked me again to read, but again I replied, "I do not know how to read (or, what shall I read?)." Thereupon he caught me for the third time and pressed me and then released me and said, "Read: In the Name of your Lord, Who has created (all that exists). Has created man from a clot. Read and Your Lord is Most Generous...up to..... ..that which he knew not." (96.15) Then Allah's Messenger (ﷺ) returned with the Inspiration, his neck muscles twitching with terror till he entered upon Khadija and said, "Cover me! Cover me!" They covered him till his fear was over and then he said, "O Khadija, what is wrong with me?" Then he told her everything that had happened and said, 'I fear that something may happen to me." Khadija said, 'Never! But have the glad tidings, for by Allah, Allah will never disgrace you as you keep good reactions with your Kith and kin, speak the truth, help the poor and the destitute, serve your guest generously and assist the deserving, calamityafflicted ones." Khadija then accompanied him to (her cousin) Waraqa bin Naufal bin Asad bin `Abdul `Uzza bin Qusai. Waraqa was the son of her paternal uncle, i.e., her father's brother, who during the Pre-Islamic Period became a Christian and used to write the Arabic writing and used to write of the Gospels in Arabic as much as Allah wished him to write. He was an old man and had lost his eyesight. Khadija said to him, "O my cousin! Listen to the story of your nephew." Waraqa asked, "O my nephew! What have you seen?" The Prophet (ﷺ) described whatever he had seen. Waraqa said, "This is the same Namus (i.e., Gabriel, the Angel who keeps the secrets) whom Allah had sent to Moses. I wish I were young and could live up to the time when your people would turn you out." Allah's Messenger (ﷺ) asked, "Will they turn me out?" Waraqa replied in the affirmative and said: "Never did a man come with something similar to what you have brought but was treated with hostility. If I should remain alive till the day when you will be turned out then I would support you strongly." But after a few days Waraqa died and the Divine Inspiration was also paused for a while and the Prophet (ﷺ) became so sad as we have heard that he intended several times to throw himself from the tops of high mountains and every time he went up the top of a mountain in order to throw himself down, Gabriel would appear before him and say, "O Muhammad! You are indeed Allah's Messenger (ﷺ) in truth" whereupon his heart would become quiet and he would calm down and would return home. And whenever the period of the coming of the inspiration used to become long, he would do as before, but when he used to reach the top of a mountain, Gabriel would appear before him and say to him what he had said before. (Ibn `Abbas said regarding the meaning of: 'He it is that Cleaves the daybreak (from the darkness)' (6.96) that Al-Asbah. means the light of the sun during the day and the light of the moon at night

    Telah menceritakan kepada kami [Yahya bin Bukair] telah menceritakan kepada kami [Al Laits] dari [Uqail] dari Ibnu Syihab -lewat jalur periwayatan lain-Dan Telah menceritakan kepadaku ['Abdullah bin Muhammad] telah menceritakan kepada kami ['Abdurrazaq] telah menceritakan kepada kami [Ma'mar], [Az Zuhri] mengatakan, telah menceritakan kepadaku [Urwah] dari [Aisyah] radliallahu 'anha, ia menceritakan; wahyu pertama-tama yang diturunkan kepada Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam adalah berupa mimpi yang baik ketika tidur, beliau tidak bermimpi selain datang seperti fajar subuh, dan beliau selalu pergi ke goa Hira bertahannus di sana, yaitu beribadah beberapa malam, dan beliau untuk hal tersebut berbekal, kemudian kembali kepada Khadijah agar dia dapat membekali beliau untuk keperluan seperti itu, sampai akhirnya beliau di kejutkan dengan al haq ketika beliau sedang berada di dalam goa Hira`, malaikat datang kepada beliau dan berujar; 'bacalah! ' Nabi shallallahu 'alaihi wasallam berkata kepadanya; "maka aku menjawab; 'Saya tidak bisa membaca! ' Lalu dia mendekapku dan menutupiku hingga aku kepayahan. kemudian melepasku dan berkata; 'Bacalah! ' aku menjawab; 'Saya tidak bisa membaca! ' Ia mendekapku lagi dan menutupiku untuk kedua kalinya hingga aku kepayahan, kemudian melepasku lagi seraya mengatakan; 'Bacalah! ' saya menjawab; 'Saya tidak bisa membaca.' Maka ia mendekapku dan menutupiku untuk kali ketiganya hingga aku kepayahan, kemudian melepasku lagi dan mengatakan; 'IQRO' BISMI ROBBIKAL LADZII KHOLAQO sampai ayat 'ALLAMAL INSAANA MAA LAM YA'LAM, '" kemudian beliau pulang dengan menggigil hingga menemui Khadijah dan berkata; "Selimutilah aku, selimutilah aku!" maka keluarganya pun menyelimuti beliau, sampai rasa ketakutan beliau menghilang, kemudian beliau berkata: "ya Khadijah, apa yang terjadi pada diriku?" beliau menceritakan peristiwa tersebut kepadanya dan berkata; "Aku mengkhawatirkan diriku" Maka Khadijah menjawab: 'Sekali-kali tidak, bergembiralah, demi Allah, Allah tidak akan menghinakanmu selama-lamanya, sebab engkau suka menyambung silaturrahim, berkata jujur, menghilangkan kesusahan serta menjamu tamu, serta membela kebenaran! ' Maka Khadijah pergi bersama beliau menemui Waraqah bin naufal bin Asad bin Abdul Uzza bin Qushshay, anak paman Khadijah, atau saudara ayahnya, ia adalah semasa jahiliyah beragama nashrani dan suka menulis kitab suci arabi, ia menulis injil arabi dengan kehendak Allah, dan dia seorang kakek yang cukup umur dan buta. Maka Khadijah berkata kepadanya; 'Wahai anak paman, dengarlah (apa yang dituturkan) anak saudaramu! ' Waraqah bertanya; 'Hai anak saudaraku, apa yang telah kau lihat? ' Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam mengabarkan apa yang telah beliau lihat, spontan Waraqah mengatakan; 'Ini adalah Namus yang pernah diturunkan kepada Musa, duhai sekiranya ketika itu aku masih gagah perkasa dan masih hidup, ketika kaummu mengusirmu! ' "Adakah kaumku akan mengusirku?" Tanya Nabi shallallahu 'alaihi wasallam. Waraqah menjawab; 'Iya, tidak ada seorang pun yang membawa seperti yang kau bawa, melainkan ia akan dimusuhi. Jikalau aku temui hari-harimu, niscaya aku membelamu dengan gigih.' kemudian tak berselang lama Waraqah meninggal dan wahyu berhenti beberapa lama hingga Nabi shallallahu 'alaihi wasallam sedih. Berita yang sampai kepada kami, kesedihan yang beliau alami sedemikian rupa, hingga beliau beberapa kali ingin bunuh diri dengan cara menerjukan diri dari puncak gunung, setiap kali beliau naik puncak gunung untuk menerjunkan dirinya, Jibril menampakkan diri dan mengatakan; 'hai Muhammad, sesungguhnya engkau betul-betul Rasulullah! ' nasehat ini menjadikan hatinya lega dan jiwannya tenang dan pulang. Namun jika sekian lama wahyu tidak turun, jiwanya kembali terguncang, dan setiap kali ia naik puncak gunung untuk bunuh diri, Jibril menampakkan diri dan menasehati semisalnya. Ibnu Abbas mengatakan tentang ayat; 'Faaliqul ishbah' yaitu cahaya matahari ketika siang, dan cahaya bulan ketika malam

    Aişe r.anha şöyle demiştir: Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e ilk vahiy başlangıcı uykuda saliha rüya görmekle olmuştur. Resulullh'ın gördüğü her biri rüya mutlaka sabah aydınlığı gibi apaçık olurdu. Kendisi Hira dağına gider ve orada birçok geceler ibadete çekilirdi. Bunun için önceden azık hazırlardı. Sonra Hatice'ye döner ve bir o kadar zaman için yine azık hazırlardı. Nihayet bir gün kendisi Hira mağarasında iken hiç ummadığı bir anda hakla karşılaştı. Şöyle ki: Mağarada iken melek ona geldi ve "İkra (oku)!" dedi. Nebi de ona "Ben okuma bilmem!" diye cevap verdi. Resulullah olayın devamını şöyle anlattı: "O zaman melek beni tuttu ve takatim kesilinceye kadar sıkıştırd!. Sonra bıraktı ve yine 'İkra (oku)!' dedi. Ben de ona 'Ben okuma bilmem' dedim. Yine beni aldı ve ikinci defa takatim kesilinceye kadar sıkıştırd!. Sonra yine salıverdi ve 'İkra!' dedi. Ben 'Ben okuma bilmem!' dedim. Yine beni üçüncü defa takatim kesilinçeye kadar sıkıştırd!. Sonra bıraktı ve 'Yaratan Rabbinin adıyla oku! 0, insanı bir aşılanmış yumurtadan yaratt!. Oku! İnsana bilmediklerini belleten, kalemle (yazmayı) öğreten Rabbin, en büyük kerem sahibidir"(Alak 1-5) ayetine kadar okudu. Bu olay üzerine Resulullah bu ayetlerle korkudan omuz başları (bir rivayette kalbi) titreyerek döndü. Nihayet Hatice'nin yanına girdi ve "Beni sarıp, örtünüz! Beni sarıp örtünüz" dedi. Korkusu gidinceye kadar kendisini sarıp örttüler. "Ya Hatice! Bana ne oluyor?" dedi. Ve ona olanları haber verdi. Sonra da "kendimden korktum" dedi. Hz. Hatice ona "Öyle deme! Müjdeler olsun! Allah'a yemin ederim ki Allah seni hiçbir zaman utandırmaz. Çünkü sen akrabalarına bakarsın, sözü dosdoğru söylersin, işini görmekten aciz olanların ağırlığını yüklenirsin, zayıflam yemek yedirirsin, hak yolunda meydana gelen ha.diselerde insanlara yardım edersin" dedi. Bundan sonra Hatice onu yanına alıp, babasının kardeşinin (amca) oğlu olan Varaka b. Nevfel İbn Esed b. AbduluzzEl b. Kusayy'a götürdü. Bu zat cahiliye döneminde Hıristiyanlığa girmiş bir kimse olup, İbranice yazı bilir ve İncil' den Allah'ın dilediği miktarda bazı şeyleri İbranice yazardı. Varaka, gözleri kör olmuş, yaşlı bir ihtiyardı. Hatice ona "Eyamcaoğlu! Dinle de bak! Kardeşinin oğlu ne söylüyor!" dedi. Varaka "Ey kardeşimin oğlu! Ne görüyorsun?" diye sorunca, Resulullah ona gördüğü şeyleri haber verdi. Bunun üzerine Varaka dedi ki: "Bu gördüğün Musa üzerine indirilmiş olan namustur (Cebrail'dir). Keşke davet günlerinde genç olsaydım, kavmin seni çıkaracağı zaman keşke hayatta olsaydım!" Bunun üzerine Resulullah "On/ar beni çıkaracak/ar mı?" diye sordu. Varaka şöyle cevap verdi: "Evet, senin getirdiğin bu davetin benzerini getirip de düşmanlığa uğramamış olan hiçbir kimse yoktur. Şayet davet günlerine yetişirsem, sana var gücümle yardım edeceğim." Varaka bunun ardından çok geçmeden vefat etti. O esnada vahiy bir müddet için kesildi. Hatta bundan dolayı Hz. Nebi çok üzüldü ve bu yüzden birkaç defa kendini yüksek dağların başlarından aşağıya atmak için gitti. Kendini aşağı atmak için bir dağın zirvesine çıktığında Cebrail ona görünüp "Ya Muhammed! Şüphesiz sen gerçekten Allah'ın Resulüsün!" demişti. Bununla ızdırabı sükunete ermiş ve gönlü sevinç içinde geri dönmüştü. Vahyin kesilme süresi uzayınca yine böyle kendini dağdan aşağı atmak için gitmişti. Dağın zirvesine yükseldiğinde yine kendisine Cebrail görünmüş, ona yine aynı sözleri söylemişti. İbn Abbas "ci J.llt"(En'am 96) ifadesinin tefsirinde "Bu, gündüzün güneşin, geceleyin ayın ışığıdır" demiştir. Fethu'l-Bari Açıklaması: "ResuluIlah'a "ilk vahyin salih rüya görerek başladığı." İsmalll'nin Kitabu'tTabir adında bir eseri vard1r. Tabir, rüya yorumlamaya mahsus bir kelimedir. Tabir, rüyanın zahirinden batınına geçmek demektir. Kurtubi, e/-Müfhim'de şöyle der: Bazıları Arapçada "ru'yet" "rü'ya" manasına gelir. Nitekim ".......... ve ma cealne'r-rü'ya=sana gösterdiğimiz o rüyayı ve Kur'an'da /anetlenen ağacı ancak insan/an sınamak için meydana getirdik"(İsra 60) ayeti buna örnektir demiş ve ayette geçen "rü'ya" kelimesinden maksat, ResuluIlah'ın İsra gecesinde görmüş olduğu birtakım acayip şeyler olduğunu iddia etmiştir. Oysa İsra olayında ResuluIlah baştan sonra uyanık haldeydi. Biz de şunu ekleyelim: Bazıları ise bunun tam aksini söylemiş ve ayetin İsra'nın uykuda gerçekleştiğini söyleyenlere delil olduğunu ileri sürmüştür. Ancak itimat edilmesi gereken, birinci görüştür. İsra'nın tefsiri yapılırken İbn Abbas'ın sözkonusu rüyanın gözün rüyası (gördüğü şey) olduğu yolundaki ifadesi geçmişti. Buna "rüya" denilmesinin hikmeti, gaybı şeylerin şehade tarzındaki görmeden farklı olmasından kaynaklanabilir. Böylece gaybı meselelerin görülmesi, rüyada görülen rüyaya benzemiş olabilir. Kadı Ebu Bekir b. el-Arabı şöyle demiştir: Rüya, Allahu Teala'ın bir melek veya şeytanın eliyle kulun kalbine bağlamış olduğu birtakım idraklardır. Bu da onların isimleriyle yani hakikatleriyle veya künyeleriyle yani ibareleriyle ya da karıştırmak şeklinde olur. Rüyanın uyanık haldeki benzeri, hatırdan geçen şeylerdir. Çünkü bunlar bir kıssa tarzında gelebildiği gibi, bölük pörçük bir şekilde düzenlenmemiş bir biçimde de gelebilir. Üstad Ebu İshak'ın görüşünün özeti budur. Mazerl şöyle der: Rüyanın hakikati konusunda bilginler çok söz söylemişlerdir. Sahih olanı, ehl-i sünnetin görüşüdür. Ehl-i sünnete göre Allahu Teala uyuyan kimsenin kalbinde tıpkı uyanık kişinin kalbinde yarattığı gibi birtakım inançlar yaratır. Bunları yarattığı vakit, sanki onları ilerde yaratacağı başka şeylere bir sembol kılmış olur. Bunlardan söz konusu inancın aksine gerçekleşen şeyler, uyanık kimsenin karşısında gerçekleşenler gibidir. Bunu bir buluta benzetebiliriz. Allahu Teala bulutu yağmurun alameti olarak yaratmıştır. Ancak bazen bulut olduğu halde yağmur yağmaz. Sözünü ettiğimiz inançlar, bazen bir meleğin huzurunda gerçekleşir ve bundan sonra insanı sevindiren şeyler meydana gelir. Bazen de şeytanın bulunduğu yerde gerçekleşir ve bundan sonra zarar veren şeyler meydana gelir. Bunun bilgisi Allahu Teala'ın katındadır. İbn Meymun'un Hamza b. ez-ZUbeyr vasıtasıyla Ubade'den nakline göre el-Hakim şöyle demiştir: Bazı müfessirler "Allah bir insanla ancak vahiy yoluyla veya perde arkasından konuşur yahut bir elçi gönderip, izniyle ona dilediğini vahyeder"(Şura 51) ayetinin tefsirini yaparken "perde arkasından" ifadesini "rüyada" şeklinde tefsir etmişlerdir. Nebilerin rüyalarının vahiy olduğu noktasında başka bilginlerin ihtilafı yoktur. Vahye dışarıdan herhangi bir şey karışmaz. Çünkü o korunmuştur. Nebilerin dışındakilerin rüyaları ise böyle değildir. Çünkü onların rüyalarına şeytan girebilir. Hakim bir de şunu söylemiştir: Allahu Teala, rüyada bir melek gönderir. Bu melek Adem oğlunun levh-i mahfuz' daki ahvaline bakar ve bundan bir kopya yapar ve herkes için kendi kıssasına göre bir misal getirir. Kul uyuduğunda bu şeyler ona hikmet yoluyla canlandırılır. Böylece onun kendisine bir müjde veya uyarı ya da azarlama olması hedeflenir. Adem oğluna aralarındaki düşmanlığın şiddetinden dolayı bazen şeytan musallat olur ve onu her yönden tuzağa düşürür, işlerini her yola başvurarak ifsad etmek ister. Rüyasını karıştırır, bunu ya rüyasında karışıklığa yol açarak ya da ondan gafil düşürerek yapar. Öte yandan görülen bütün rüyalar, iki kısma ayrılır. Bunlardan birincisi, sadık rüyadır ki Nebilerin ve onların ardından giden salih kimselerin rüyaları böyledir. Başkaları böyle rüyaları nadiren görür. Bunlar rüyada görülene uygun olarak uyanıkken gerçekleşen rüyalardır. Diğeri ise karışık rüyalardır (adğas). Bunlar herhangi bir uyarı niteliği olmayan rüyalardır. Karışık rüyalar da çeşit çeşittir: Birincisi, rüyayı gören kimseyi üzmek için şeytan ın oyunundan ibarettir. Mesela kişi rüyasında kendi başını kestiğini görür ve kendisi kesik başının ardından gitmektedir ya da korkunç bir duruma düşer ve imdadına koşacak hiç kimseyi bulamaz ya da buna benzer başka şeyler görür. İkincisi, kişi rüyasında meleklerden birisinin kendisine mesela haram bir şeyi veya aklen imkansız olan bir fiili yapmasını emrettiğini görür. Üçüncüsüne gelince, kişi rüyasında uyanıkken aklından geçen veya temenni ettiği bir şeyi görür. Aynı şekilde uyanıkken adeti olan bir şeyi rüyada görmek veya mizacına baskın olan bir şeyi görmek de böyledir. Bunlar galibiyetle geleceğe, çoğunlukla şu ana ve çok az olarak da geçmişe dair şeylerdir. Müellif bundan sonra vahyin başlangıcı hakkındaki Hz. Aişe hadisine yer vermiştir. Buhari, bu hadisi Sahih'in başında zikretmiş biz de orada açıklamıştık. Sonra açıklamasından eksik bıraktığımız noktaları "......." ayetinin tefsirinde tamamlamıştık. Burada her iki yerde daha önce büyük bir ihtimaııe geçmeyen ve açıklamasından yarar olacak şeylerden söz edeceğiz. "Resuliıllah'ın gördüğü her bir rüya mutlaka sabah aydınlığı gibi apaçık meydana çıkardı." İbn Ebi Hamza şöyle demiştir: Bunun başka bir şey değil de sabah aydınlığına benzetilmesi şundan kaynaklanmaktadır. Nebilik güneşi doğarken "rüya", onun ilk ışıklarını görmek şeklinde olmuştur. Bu aydınlık, genişleye genişleye sonunda güneş doğmuştur. Kimin batını nuranı olursa, o kimse tasdikte Ebu Bekir gibi Bekri olur. Kimin batını karanlıkolursa yalanlamada Ebu Cehil gibi yarasa olur. Diğer insanlar bu iki nokta arasında yer alırlar. Her bir kişi kendisine verilen nur oranında tasdik eder. "Orada birçok geceler ibadete çekilirdi." Kirmani şöyle demiştir: Hz. Nebi'in neye göre ibadet ettiği noktasında ihtilaf edilmiştir. Bu ihtilaf, o daha önceki bir şeriata göre ibadet ederdi veya etmezdi şeklindeki yaklaşıma dayanmaktadır. Çoğunluk ikinci görüşü benimsemiştir. Onların dayanağı, böyle bir şey olsaydı, Resulullah naklederdi şeklindeki akıl yürütmedir. Bazıları, Resulullah'ın o andaki ibadetinin tefekkür tarzında olduğunu söylerken, bazıları kavminin yaptıklarını görmekten kaçınma şeklindeydi demişlerdir. Amidı ve bir grup bilgin, bu ihtimaııerden birincisini tercih etmişlerdir. "On/ar beni çıkaracak/ar mı?" Süheyli şöyle demiştir: Efendimizin bu ifadesinden insanın vatandan ayrılmasının ne kadar ağır olduğu anlaşılmaktadır. Çünkü Resulullah (s.a.v) Varaka'nın kavminin kendisine eziyet edip, onu yalanlayacağı şeklindeki sözlerini duyunca herhangi bir can sıkıntısı belirtisi görülmemişti. Memleketten çıkarılacağından söz edince vatan sevgisi ve alışkanlığı dolayısıyla ruhu harekete geçti ve "On/ar beni çıkaracak/ar mı?" dedi. Süheyli şöyle devam eder: Bu yaklaşımı istifham elifinden sonra vav harfinin getirilmesi de teyit etmektedir. Halbuki çıkarma, o konuda bir soru üzerine idi. Bu da gösteriyor ki Nebi'in sorusu inkar veya acı duyma tarzında idi. Bunu teyit eden şeylerden birisi de işaret edilen vatanın, Allah'ın haremi, beytinin civarı ve Hz. İsmail'den aleyhisselfun bu yana babalarının beldesi olduğudur. Hz. Nebi'in canının sıkılması, umut ettiği şeyleri elden kaçırma korkusu da olabilir. Çünkü o kavminin Allah'a iman edeceğini ve onları şirkin pisliğinden, cahiliyenin kirlerinden ve ahiretin azabından kurtaracağını umuyordu. Böylece onlara gönderilmesindeki maksada erişmiş olacaktı. Resulullah'ın canının sıkılması her iki sebepten de kaynaklanmış olabilir. "Ona yine aynı sözleri söylemişti." İsmam şöyle der: Muhaddislere dil uzatanıardan birisi gerçekleri çarpıtarak şöyle demiştir: Hz. Nebi nasılolur da Nebiliği hakkında şüpheye düşer ve Varaka'ya başvurur, Hatice'ye korktuğundan şikayet eder ve bu yüzden kendisini aşağı atmak için bir dağın zirvesine çıkar? O kişi sözlerine şöyle devam eder: Hz. Nebi s.a.v.'in -Rabbinden kendisine ineni gördüğü halde- şüphe duyması caiz olursa o zaman -ona ineni gözüyle görmediği halde- kendisine gelen hususunda şüphe duyan kimseye nasıl tepki gösterecektir? İsmam şöyle der: Bunun cevabı şudur: Allahu Teala'ın adeti, ağır bir görevi yarattıklarından birisine ulaştırmaya hükmettiğinde bundan önce bir adaylık ve hazırlama (tesis) dönemi geçirtmesi şeklinde tecelli etmiştir. Resulullah'ın görmüş olduğu sadık rüyalar, yalnız başına kalma sevgisi ve ibadete çekilmesi, işte bu hazırlama ve adaylıklardandır. Melek, kendisine gelince ansızın karşısına çıktı. Bu, normal ve alışılmış duruma benzemeyen bir haldi. Bundan dolayı onun beşer tabiatı bundan kaçtı ve bu durum onu korkuttu. Dolayısıyla içinde bulunduğu hal üzerinde düşünme fırsatı bulamadı. Çünkü Nebilik, insanın beşer olma karakterini tamamen ortadan kaldırmaz. Dolayısıyla onun alışmadığı bir şeyden kaygı duyması ve tabiatının ondan kaçınması, şaşılacak bir şey değildir. Nebi, karşılaştığı bu yeni duruma alişıp, ülfet ettiğinde yoluna devam etmiştir. Bundan dolayı Resulullah sıcaklığına alıştığı ailesine dönmüş, ona karşılaştığı durumu bildirmiş, eşi de onu üstün ahlakı ve güzel yaşantısından tanıdığı için korkusunun yersiz olduğunu belirtmiş, kendisini Varaka'ya götürerek onun desteğini almak istemiştir. Çünkü onun doğruluğunu, bilgisini ve eski kitapları okuduğunu bilmekte idi. Resulullah, Varaka'nın açıklamasını dinleyince, hakka kesin olarak inanmış ve bunu itiraf etmiştir. Öte yandan Nebiliğe hazırlama (tesis) öncesinde meydana gelen olaylardan birisi de Nebiin yavaş yavaş alışması ve ünsiyet peydah etmesi için vahye bir süreliğine ara vermektir. Vahyin kesilmesi ona ağır geldi. Çünkü kendisine Allah adına henüz "Sen Allah'ın Resulüsün ve kullarına gönderilmiş bir Nebisin" diye hitap edilmemişti. Bundan dolayı karşılaştığı şeyin ilk defa gerçekleşen bir olayolmasından ve Cebrail'.in sorduğu soruya cevap vermemiş olmaktan korku duydu ve qüntüye kapıldı. Nebilik yüklerini taşımaya alışıp, kendisine gelen görevin ağırlığına tahammül edince Allahu Teala ona verdiği görevi bilindiği şekliyle açıverdi

    ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ‘ ان سے عقیل بن خالد نے بیان کیا ‘ اور ان سے ابن شہاب نے بیان کیا (دوسری سند امام بخاری رحمہ اللہ نے کہا) کہ مجھ سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا مجھ سے عبدالرزاق نے بیان کیا ‘ ان سے معمر نے بیان کیا ‘ ان سے زہری نے کہا کہ مجھے عروہ نے خبر دی اور ان سے عائشہ رضی اللہ عنہا عنہما نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم پر وحی کی ابتداء سونے کی حالت میں سچے خواب کے ذریعہ ہوئی۔ چنانچہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم جو خواب بھی دیکھتے تو وہ صبح کی روشنی کی طرح سامنے آ جاتا اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم غار حرا میں چلے جاتے اور اس میں تنہا اللہ کی یاد کرتے تھے چند مقررہ دنوں کے لیے ( یہاں آتے ) اور ان دنوں کا توشہ بھی ساتھ لاتے۔ پھر خدیجہ رضی اللہ عنہا کے پاس واپس تشریف لے جاتے اور وہ پھر اتنا ہی توشہ آپ کے ساتھ کر دیتیں یہاں تک کہ حق آپ کے پاس اچانک آ گیا اور آپ غار حرا ہی میں تھے۔ چنانچہ اس میں فرشتہ آپ کے پاس آیا اور کہا کہ پڑھیے۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے اس سے فرمایا کہ میں پڑھا ہوا نہیں ہوں۔ آخر اس نے مجھے پکڑ لیا اور زور سے دابا اور خوب دابا جس کی وجہ سے مجھ کو بہت تکلیف ہوئی۔ پھر اس نے مجھے چھوڑ دیا اور کہا کہ پڑھیے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پھر وہی جواب دیا کہ میں پڑھا ہوا نہیں ہوں۔ اس نے مجھے ایسا دابا کہ میں بے قابو ہو گیا یا انہوں نے اپنا زور ختم کر دیا اور پھر چھوڑ کر اس نے مجھ سے کہا کہ پڑھیے اپنے رب کے نام سے جس نے پیدا کیا ہے۔ الفاظ «ما لم يعلم‏» تک۔ پھر جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم خدیجہ رضی اللہ عنہا کے پاس آئے تو آپ کے مونڈھوں کے گوشت ( ڈر کے مارے ) پھڑک رہے تھے۔ جب گھر میں آپ صلی اللہ علیہ وسلم داخل ہوئے تو فرمایا کہ مجھے چادر اڑھا دو ‘ مجھے چادر اڑھا دو، چنانچہ آپ کو چادر اڑھا دی گئی اور جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم کا خوف دور ہو گیا تو فرمایا کہ خدیجہ میرا حال کیا ہو گیا ہے؟ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اپنا سارا حال بیان کیا اور فرمایا کہ مجھے اپنی جان کا ڈر ہے۔ لیکن خدیجہ رضی اللہ عنہا نے کہا اللہ کی قسم ایسا ہرگز نہیں ہو سکتا، آپ خوش رہئیے اللہ تعالیٰ آپ کو کبھی رسوا نہیں کرے گا۔ آپ تو صلہ رحمی کرتے ہیں، بات سچی بولتے ہیں، ناداروں کا بوجھ اٹھاتے ہیں، مہمان نوازی کرتے ہیں اور حق کی وجہ سے پیش آنے والی مصیبتوں پر لوگوں کی مدد کرتے ہیں۔ پھر آپ کو خدیجہ رضی اللہ عنہا ورقہ بن نوفل بن اسد بن عبدالعزیٰ بن قصی کے پاس لائیں جو خدیجہ رضی اللہ عنہا کے والد خویلد کے بھائی کے بیٹے تھے۔ جو زمانہ جاہلیت میں عیسائی ہو گئے تھے اور عربی لکھ لیتے تھے اور وہ جتنا اللہ تعالیٰ چاہتا عربی میں انجیل کا ترجمہ لکھا کرتے تھے، وہ اس وقت بہت بوڑھے ہو گئے تھے اور بینائی بھی جاتی رہی تھی۔ ان سے خدیجہ رضی اللہ عنہا نے کہا: بھائی! اپنے بھتیجے کی بات سنو۔ ورقہ نے پوچھا: بھتیجے تم کیا دیکھتے ہو؟ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے جو دیکھا تھا وہ سنایا تو ورقہ نے کہا کہ یہ تو وہی فرشتہ ( جبرائیل علیہ السلام ) ہے جو موسیٰ علیہ السلام پر آیا تھا۔ کاش میں اس وقت جوان ہوتا جب تمہیں تمہاری قوم نکال دے گی اور زندہ رہتا نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا: کیا یہ مجھے نکالیں گے؟ ورقہ نے کہا کہ ہاں۔ جب بھی کوئی نبی و رسول وہ پیغام لے کر آیا جسے لے کر آپ آئے ہیں تو اس کے ساتھ دشمنی کی گئی اور اگر میں نے تمہارے وہ دن پا لیے تو میں تمہاری بھرپور مدد کروں گا لیکن کچھ ہی دنوں بعد ورقہ کا انتقال ہو گیا اور وحی کا سلسلہ کٹ گیا اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو اس کی وجہ سے اتنا غم تھا کہ آپ نے کئی مرتبہ پہاڑ کی بلند چوٹی سے اپنے آپ کو گرا دینا چاہا لیکن جب بھی آپ کسی پہاڑ کی چوٹی پر چڑھے تاکہ اس پر سے اپنے آپ کو گرا دیں تو جبرائیل علیہ السلام آپ کے سامنے آ گئے اور کہا کہ یا محمد! آپ یقیناً اللہ کے رسول ہیں۔ اس سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو سکون ہوتا اور آپ واپس آ جاتے لیکن جب وحی زیادہ دنوں تک رکی رہی تو آپ نے ایک مرتبہ اور ایسا ارادہ کیا لیکن جب پہاڑ کی چوٹی پر چڑھے تو جبرائیل علیہ السلام سامنے آئے اور اسی طرح کی بات پھر کہی۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہا ( سورۃ الانعام ) میں لفظ «‏‏‏‏فالق الإصباح‏» سے مراد دن میں سورج کی روشنی اور رات میں چاند کی روشنی ہے۔

    ‘আয়িশাহ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর ওয়াহীর শুরু হয় ঘুমের ঘোরে ভালো স্বপ্নের মাধ্যমে। তিনি যে স্বপ্নই দেখতেন তা ভোরের আলোর মত উদ্ভাসিত হতো। তিনি হেরা গুহায় গিয়ে সেখানে বেশ কয়েক রাত ‘ইবাদাতে কাটিয়ে দিতেন এবং এজন্য খাদ্য দ্রব্যও সঙ্গে নিয়ে যেতেন। এরপর খাদীজাহ (রাঃ)-এর কাছে ফিরে আসতেন এবং তিনি তাকে এরূপ খাদ্য দ্রব্য তৈরি করে দিতেন। শেষে তাঁর কাছে সত্যের বাণী (ওয়াহী) আসল। আর এ সময় তিনি হেরা গুহায় ছিলেন। সেখানে ফেরেশতা এসে তাঁকে বলল, আপনি পড়ুন, রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেন, আমি বললামঃ আমি তো পাঠক নই। তখন তিনি আমাকে জড়িয়ে ধরে শক্ত করে চেপে ধরলেন। এমনকি এতে আমার খুব কষ্ট হল। তারপর তিনি আমাকে ছেড়ে দিলেন এবং বললেন, আপনি পড়ুন। আমি বললাম, আমি পাঠক নই। তিনি দ্বিতীয়বার আমাকে শক্ত করে চেপে ধরলেন। এবারেও এতে আমার খুব কষ্ট হল। অতঃপর তিনি আমাকে ছেড়ে দিয়ে বললেন, আপনি পড়ুন। আমি বললাম, আমি তো পাঠক নই। এরপর তিনি তৃতীয়বার আমাকে শক্ত করে এমন চেপে ধরলেন যে, এবারেও এতে আমার খুব কষ্ট হল। তারপর তিনি আমাকে ছেড়ে দিয়ে বললেন, পাঠ করুন, আপনার প্রতিপালকের নামে যিনি সৃষ্টি করেছেন......যা সে জানত না (সূরাহ আল-আলাক ৯৬/১-৫) এ আয়াত পর্যন্ত। এরপর তিনি তা নিয়ে খাদীজাহ (রাঃ)-এর কাছে কম্পিত হৃদয়ে ফিরে এলেন। আর বললেন, আমাকে কম্বল দিয়ে ঢেকে দাও। আমাকে কম্বল দিয়ে ঢেকে দাও। ফলে তাঁরা তাঁকে কম্বল দিয়ে ঢেকে দিলেন। অবশেষে তাঁর থেকে ভীতি দূর হয়ে গেল। এরপর তিনি বললেন, হে খাদীজাহ! আমার কী হল? এবং তাকে সমস্ত ঘটনা জানালেন। আর বললেনঃ আমি আমার জীবন সম্পর্কে শঙ্কাবোধ করছি। খাদীজাহ (রাঃ) তাকে বললেন, কক্ষনো না। আপনি সুসংবাদ গ্রহণ করুন। আল্লাহর কসম, আল্লাহ্ আপনাকে কখনই লাঞ্ছিত করবেন না। কেননা, আপনি তো আত্মীয়তার বন্ধন জুড়ে রাখেন, সত্যকথা বলেন, অনাথ অক্ষমদের বোঝা বহন করেন, মেহমানদের মেহমানদারী করেন এবং হকের পথে আগত যাবতীয় বিপদে সাহায্য করেন। অতপর খাদীজাহ (রাঃ) তাঁকে নিয়ে চললেন। অতঃপর তাঁকে নিয়ে ওরাকা ইবনু নাওফল ইবনু আসাদ ইবনু ‘আবদুল উযযা ইবনু কুসাই-এর কাছে এলেন। আর তিনি, খাজীদাহ (রাঃ)-এর চাচার পুত্র (চাচাত ভাই) এবং তার পিতার পক্ষ থেকে চাচাও ছিলেন। তিনি জাহিলীয়াতের যুগে খৃষ্ট ধর্ম গ্রহণ করেছিলেন। তিনি আরবী কিতাব লিখতেন। তাই সে ইন্জীল আরবীতে অনুবাদ করতেন- যতখানি লেখা আল্লাহর মনযুর হত। তিনি ছিলেন অতি বৃদ্ধ, দৃষ্টিশক্তিহীন লোক। খাদীজাহ (রাঃ) তাকে বললেন, হে আমার চাচাতো ভাই! তোমার ভাতিজার কথা শুন। তখন ওরাকা বললেন, হে ভাতিজা! তুমি কী দেখেছ? নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম যা কিছু দেখেছিলেন তা তাকে জানালেন। তখন ওরাকা বললেন, এতো আল্লাহর সেই নামুস (দূত) যাঁকে মূসা (আঃ)-এর কাছে প্রেরণ করা হয়েছিল। হায় আফসোস! যদি সেদিন আমি জীবিত থাকতাম যেদিন তোমার কাওম তোমাকে বের করে দেবে। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন ঃ তারা কি আমাকে বের করে দেবে? ওরাকা বললেন, হ্যাঁ তুমি যা নিয়ে এসেছ, এমন বস্তু নিয়ে কোনদিনই কেউ আসেনি যার সঙ্গে শত্রুতা করা হয়নি। যদি তোমার জীবনকাল আমাকে পায়, তাহলে আমি সর্বতোভাবে তোমাকে সাহায্য করব। এরপর কিছু দিনের মধ্যেই ওরাকার মৃত্যু হয়। আর কিছু দিনের জন্য ওয়াহীও বন্ধ থাকে। এমনকি নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এ অবস্থার কারণে অত্যন্ত চিন্তিত হয়ে পড়লেন। এমনকি আমরা এ সম্পর্কে তার থেকে জানতে পেরেছি যে, তিনি পর্বতের চূড়া থেকে নিচে পড়ে যাবার জন্য একাধিকবার দ্রুত সেখানে চলে গেছেন। যখনই নিজেকে ফেলে দেয়ার জন্য পর্বতের চূড়ায় পৌঁছতেন, তখনই জিবরীল (আঃ) তাঁর সামনে আত্মপ্রকাশ করে বলতেন, হে মুহাম্মাদ! নিঃসন্দেহে আপনি আল্লাহর রাসূল। এতে তাঁর অস্থিরতা দূর হত এবং নিজ মনে শান্তিবোধ করতেন। তাই সেখান থেকে ফিরে আসতেন। ওয়াহী বন্ধ অবস্থা যখন তাঁর উপর দীর্ঘ হত তখনই তিনি ঐরূপ উদ্দেশে দ্রুত চলে যেতেন। যখনই তিনি পর্বতের চূড়ায় পৌঁছতেন, তখনই জিবরীল (আঃ) তাঁর সামনে আত্মপ্রকাশ করে আগের মত বলতেন। [৩] ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) বলেন, فَالِقُ الإِصْبَاحِ অর্থ দিনের বেলায় সূর্যের আলো ও রাতের বেলায় চাঁদের আলো। (আধুনিক প্রকাশনী- ৬৪৯৮, ইসলামিক ফাউন্ডেশন)

    ஆயிஷா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுக்கு ஆரம்பமாக வந்த இறை அறிவிப்பானது தூக்கத்தில் கண்ட உண்மைக் கனவாகவே இருந்தது. அப்போது அவர்கள் எந்தக் கனவு கண்டாலும் அது அதிகாலைப் பொழுதின் விடியலைப் போன்று (தெளிவானதாகவே) இருந்தது. பிறகு அவர்கள் ஹிரா (மலைக்) குகைக்குச் சென்று அங்கே பல நாட்கள் (தனிமையில் தங்கியிருந்து) வணக்க வழிபாடுகளில் ஈடுபடலானார்கள். அந்த நாட்களுக்கான உணவைத் தம்முடன் எடுத்துச் செல்வார்கள். பிறகு (அந்த உணவு தீர்ந்ததும் தம் துணைவியாரான) கதீஜாவிடம் திரும்பி வருவார்கள். அதைப் போன்றே பல நாட்களுக்குரிய உணவை கதீஜா அவர்கள் தயார் செய்து கொடுப்பார்கள். இந்த நிலை ஹிரா குகையில் அவர்களுக்குச் சத்திய (வேத)ம் திடீரென்று (ஒருநாள்) வரும்வரை நீடித்தது. (அன்று) வானவர் (ஜிப்ரீல்) அவர்கள் அந்தக் குகைக்கு வந்து நபி (ஸல்) அவர்களிடம், ‘ஓதுவீராக’ என்று சொன்னார்கள். அதற்கு நபி (ஸல்) அவர்கள், “நான் ஓதத் தெரிந்தவனில்லையே” என்று அவருக்குப் பதிலளித்தார்கள். அப்போது நடந்த சம்பவத்தை அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் பின்வருமாறு விளக்கினார்கள்: அவர் என்னைப் பிடித்து என்னால் தாங்கிக்கொள்ள முடியாத அளவிற்கு இறுகக் கட்டியணைத்தார். பிறகு என்னை விட்டுவிட்டு “ஓதுவீராக” என்று சொன்னார். அப்போதும் “நான் ஓதத் தெரிந்தவன் இல்லையே” என்றேன். இரண்டாவது முறையும் அவர் என்னைப் பிடித்து என்னால் தாங்க முடியாத அளவிற்கு இறுகக் கட்டி அணைத்து பின்னர் என்னை விட்டுவிட்டு, “ஓதுவீராக” என்றார். அப்போதும், “நான் ஓதத் தெரிந்தவனில்லையே” என்றேன். அவர் என்னை மூன்றாவது முறையும் என்னால் தாங்க இயலாத அளவிற்கு இறுகக் கட்டி அணைத்து பின்னர் என்னை விட்டுவிட்டு “படைத்த உம்முடைய இறைவனின் (திருப்)பெயரால் ஓதுவீராக...” என்று தொடங்கும் (96ஆவது அத்தியாயத்தின்) வசனங்களை “மனிதன் அறியாதவற்றையெல்லாம் அவனுக்குக் கற்பித்தான்” என்பதுவரை (96:1-5) ஓதினார். (தொடர்ந்து ஆயிஷா (ரலி) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்:) பிறகு கழுத்தின் தசைகள் (அச்சத்தால்) படபடக்க அந்த வசனங்களுடன் (தம் துணைவியார்) கதீஜாவிடம் திரும்பி வந்து, “எனக்குப் போர்த்திவிடுங்கள்; எனக்குப் போர்த்திவிடுங்கள்” என்று நபியவர்கள் சொன்னார்கள். அவ்வாறே அவர்களும் போர்த்திவிட அச்சம் அவர்களைவிட்டு அகன்றது. அப்போது, “கதீஜா! எனக்கு என்ன நேர்ந்தது?” என்று கேட்டுவிட்டு, நடந்தவற்றை கதீஜா அவர்களிடம் தெரிவித்தபடி தமக்கு ஏதும் நேர்ந்து விடுமோ என்று தாம் அஞ்சுவதாகவும் கூறினார்கள். அப்போது கதீஜா (ரலி) அவர்கள், “அப்படியொன்றும் ஆகாது. நீங்கள் (அதை) நற்செய்தியாகக் கருதுங்கள். அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! உங்களை ஒருபோதும் அல்லாஹ் இழிவுபடுத்தமாட்டான். (ஏனெனில்) தாங்கள் உறவுகளைப் பேணி நடந்துகொள்கிறீர்கள்; உண்மையே பேசுகிறீர்கள்; (சிரமப்படுவோரின்) பாரத்தைச் சுமக்கிறீர்கள்; விருந்தினர்களை உபசரிக்கிறீர்கள்; சத்திய சோதனைகளில் (ஆட்பட்டோருக்கு) உதவி செய்கிறீர்கள்” என்று சொன்னார்கள். பிறகு நபி (ஸல்) அவர்களை அழைத்துக்கொண்டு தம் தந்தையின் சகோதரரான நவ்ஃபல் என்பாரின் புதல்வர் ‘வரக்கா’விடம் கதீஜா சென்றார்கள். நவ்ஃபல், அசத் என்பவரின் புதல்வரும் அசத், அப்துல் உஸ்ஸாவின் புதல்வரும் அப்துல் உஸ்ஸா, குஸை என்பவரின் புதல்வரும் ஆவர். ‘வரக்கா’ அறியாமைக் காலத்திலேயே கிறித்தவ சமயத்தைத் தழுவியவராக இருந்தார். மேலும் அவர் அரபி மொழியில் எழுதத் தெரிந்தவராகவும் இன்ஜீல் வேதத்தை (ஹீப்ரு மொழியிலிருந்து) அரபி மொழியில் அல்லாஹ் நாடிய அளவுக்கு எழுதுபவராகவும் கண்பார்வை இழந்த முதியவராகவும் இருந்தார். அவரிடம் கதீஜா அவர்கள், “என் தந்தையின் சகோதரர் புதல்வரே! உங்களுடைய சகோதரரின் புதல்வர் (முஹம்மத்) கூறுவதைக் கேளுங்கள்” என்று சொன்னார்கள். அப்போது வரக்கா நபி (ஸல்) அவர்களிடம் “என் சகோதரர் புதல்வரே! நீர் என்ன கண்டீர்?” என்று கேட்டார். நபி (ஸல்) அவர்கள் தாம் பார்த்தவற்றை அவரிடம் தெரிவித்தார்கள். (அதைக் கேட்ட) வரக்கா நபி (ஸல்) அவர்களிடம், “(நீர் கண்ட) இவர்தான் (இறைத்தூதர்) மூசாவிடம் (இறைவனால்) அனுப்பப்பெற்ற வானவர் (ஜிப்ரீல்) ஆவார்” என்று கூறிவிட்டு, “உம்முடைய சமூகத்தார் உம்மை உமது நாட்டிலிருந்து வெளியேற்றும் சமயத்தில் நான் உயிரு டன் திடகாத்திரமான இளைஞனாக இருந்தால் நன்றாயிருக்குமே!” என்றார். இதைக் கேட்ட அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், “மக்கள் என்னை வெளியேற்றவா செய்வார்கள்?” என்று (வியப்புடன்) கேட்டார்கள். அதற்கு வரக்கா அவர்கள், “ஆம். நீங்கள் பெற்றுள்ள (உண்மையான வேதம் போன்ற)தைப் பெற்ற எவரும் மக்களால் பகைத்துக்கொள்ளப்படாமல் இருந்த தில்லை. உமது (பிரசாரம் பரவுகின்ற) நாளில் நான் (உயிருடன்) இருந்தால் உமக்குப் பலமான உதவி புரிவேன்” என்று பதிலளித்தார். அதன் பின்னர் வரக்கா நீண்ட நாள் வாழாமல் இறந்துவிட்டார். (இந்த முதலாவது வேதஅறிவிப்போடு) சிறிது காலம் வேதஅறிவிப்பு தடைபட்டது. அதனால் நபி (ஸல்) அவர்கள் கவலையடைந்தார்கள். நமக்குக் கிடைத்த தகவலின்படி எந்த அளவுக்கு அவர்கள் மனம் உடைந்துபோனார்கள் என்றால், மலைச் சிகரங்களிலிருந்து கீழே விழ பலமுறை முனைந்தார்கள். அவ்வாறு கீழே விழுந்துவிடலாமென்று ஏதாவது மலை உச்சிக்குச் செல்லும்போதெல்லாம் அவர்களுக்கு முன்னால் (வானவர்) ஜிப்ரீல் (அலை) அவர்கள் தோன்றி, “முஹம்மதே! நீங்கள் உண்மையாகவே, அல்லாஹ்வின் தூதர்தான்” என்று கூறுவார்கள். இதைக் கேட்கும்போது நபி (ஸல்) அவர்களின் மனப்பதற்றம் அடங்கிவிடும். அவர்களது உள்ளம் அமைதியாகிவிடும். உடனே (மலை உச்சியிலிருந்து) திரும்பி வந்துவிடுவார்கள். வேதஅறிவிப்பு தடைபடுவது தொடர்ந்து நீண்டுசெல்லும்போது மறுபடியும் அவ்வாறே சிகரங்களை நோக்கிச் செல்வார்கள். அப்போதும் அவர்கள் முன்னிலையில் (வானவர்) ஜிப்ரீல் தோன்றி முன்போலவே கூறுவார்கள்.2 (இந்த ஹதீஸின் ஆரம்பத்தில் இடம் பெற்றுள்ள ‘ஃபலகுஸ் ஸுப்ஹ்’ -அதி காலைப் பொழுதின் விடியல்- என்ப தைப் போன்றே குர்ஆனில் 6:96ஆவது வசனத்தில் இடம்பெற்றுள்ள) ‘ஃபாலிகுல் இஸ்பாஹ்’ (என்பதிலுள்ள ‘இஸ் பாஹ்’) எனும் சொல்லுக்கு ‘பகலில் சூரிய வெளிச்சம்; இரவில் நிலா வெளிச் சம்’ என்பது பொருளாகும் என இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறினார்கள். இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர் தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :