• 1978
  • عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا ، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ "

    حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الجُعَيْدِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا ، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ

    وإمرة: الإمرة : الإمارة
    وصدرا: صدرا : فترة من بداية زمن معين
    وأرديتنا: الأردية : جمع رداء وهو ما يلبس فوق الثياب كالجُبَّة والعباءة ، أو ما يستر الجزء الأعلى من الجسم
    عتوا: العتو : النبو عن الطاعة
    فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا ، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ
    حديث رقم: 15439 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْمَكِّيِّينَ حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ
    حديث رقم: 5134 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 5135 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 8240 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْحُدُودِ وَأَمَّا حَدِيثُ شُرَحْبِيلَ بْنِ أَوْسٍ
    حديث رقم: 6526 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ السَّائِبُ مَا أَسْنَدَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ
    حديث رقم: 16332 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْحَدُّ فِيهَا بَابُ مَا جَاءَ فِي عَدَدِ حَدِّ الْخَمْرِ
    حديث رقم: 1127 في تاريخ المدينة لابن شبة تاريخ المدينة لابن شبة ضَرْبُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ

    [6779] قَوْلُهُ عَنِ الْجُعَيْدِ بِالْجِيمِ وَالتَّصْغِيرِ وَيُقَالُ الْجَعْدُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ هُنَا بِوَاسِطَةٍ وَهَذَا السَّنَدُ لِلْبُخَارِيِّ فِي غَايَةِ الْعُلُوِّ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّابِعِيِّ فِيهِ وَاحِدًا فَكَانَ فِي حُكْمِ الثُّلَاثِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ التَّابِعِيُّ رَوَاهُ عَنْ تَابِعِيٍّ آخَرَ وَلَهُ عِنْدَهُ نَظَائِرُ وَمِثْلُهُ مَا أَخْرَجَهُ فِي الْعِلْمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ فَإِنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ صَحَابِيٌّ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الثُّلَاثِيَّاتِ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحَابِيِّ فِيهِ اثْنَيْنِ وَإِنْ كَانَ صَحَابِيُّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ فَعَلَى هَذَا فَإِدْخَالُ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ بَيْنَهُمَا إِمَّا مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْجُعَيْدُ سَمِعَهُ مِنَ السَّائِبِ وَثَبَّتَهُ فِيهِ يَزِيدُ ثُمَّ ظَهَرَ لِيَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ رِوَايَةَ الْجُعَيْدِ الْمَذْكُورَةَ عَنِ السَّائِبِ مُخْتَصَرَةٌ فَكَأَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ تَامًّا مِنْ يَزِيدَ عَنِ السَّائِبِ فَحَدَّثَ بِمَا سَمِعَهُ مِنَ السَّائِبِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ يَزِيدَ وَحَدَّثَ أَيْضًا بِالتَّامِّ فَذَكَرَ الْوَاسِطَةَ وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ الْمَذْكُورُ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُصَيْفَةَ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَقِيلَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ فَيَكُونُ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وخصيفة هُوَ بن يَزِيدَ بْنِ ثُمَامَةَ أَخُو السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ صَحَابِيُّ هَذَا الْحَدِيثِ فَتَكُونُ رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ أَوْ عَمِّ جَدِّهِ قَوْلُهُ كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِيهِ إِسْنَادُ الْقَائِلِ الْفِعْلَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ الَّتِي يَدْخُلُ هُوَ فِيهَا مَجَازًا لِكَوْنِهِ مُسْتَوِيًا مَعَهُمْ فِي أَمْرٍ مَا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ هُوَ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْخَاصَّ لِأَنَّ السَّائِبَ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ بن سِتِّ سِنِينَ فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ شَارَكَ مَنْ كَانَ يُجَالِسُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ ضَرْبِ الشَّارِبِ فَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ كُنَّا أَيِالصَّحَابَةُ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ فَيُشَارِكَهُمْ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ الْإِسْنَادُ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَوْلُهُ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ خِلَافَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَبَعْضِ زَمَانِ عُمَرَ قَوْلُهُ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ أَيْ جَانِبًا أَوَّلِيًّا قَوْلُهُ فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا أَيْ فَنَضْرِبُهُ بِهَا قَوْلُهُ حَتَّى كَانَ آخِرَ إِمْرَةِ عُمَرَ فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِأَرْبَعِينَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي قِصَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَكِتَابَتِهِ إِلَى عُمَرَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ عُمَرَ بِجَلْدِ ثَمَانِينَ كَانَ فِي وَسَطِ إِمَارَتِهِ لِأَنَّ خَالِدًا مَاتَ فِي وَسَطِ خِلَافَةِ عُمَرَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا اسْتِمْرَارُ الْأَرْبَعِينَ فَلَيْسَتِ الْفَاءُ مُعَقِّبَةً لِآخِرِ الْإِمْرَةِ بَلْ لِزَمَانِ أَبِي بَكْرٍ وَبَيَانِ مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَالتَّقْدِيرُ فَاسْتَمَرَّ جَلْدُ أَرْبَعِينَ وَالْمُرَادُ بِالْغَايَةِ الْأُخْرَى فِي قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا عَتَوْا تَأْكِيدًا لِغَايَةِ الْأُولَى وَبَيَانُ مَا صَنَعَ عُمَرُ بَعْدَ الْغَايَةِ الْأُولَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْجُعَيْدِ بِلَفْظِ حَتَّى كَانَ وَسَطَ إِمَارَةِ عُمَرَ فَجَلَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَهَذِهِ لَا إِشْكَالَ فِيهَا قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا عَتَوْا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مِنَ الْعُتُوِّ وَهُوَ التَّجَبُّرُ وَالْمُرَادُ هُنَا انْهِمَاكُهُمْ فِي الطُّغْيَانِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْفَسَادِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ الْفَسَادُ قَوْلُهُ وَفَسَقُوا أَيْ خَرَجُوا عَنِ الطَّاعَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ فَلَمْ يَنْكُلُوا أَيْ يَدَعُوا قَوْلُهُ جَلَدَ ثَمَانِينَ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ نَحْوَ حَدِيثِ السَّائِبِ وَفِيهِ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يَتَنَاهَوْنَ جَعَلَهُ سِتِّينَ سَوْطًا فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يَتَنَاهَوْنَ جَعَلَهُ ثَمَانِينَ سَوْطًا وَقَالَ هَذَا أَدْنَى الْحُدُودِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فِي أَنَّ الثَّمَانِينَ أَدْنَى الْحُدُودِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْحُدُودَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ حَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ السَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَهُوَ أَخَفُّهَا عُقُوبَةً وَأَدْنَاهَا عَدَدًا وَقَدْ مَضَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ سَبَبُ ذَلِكَ وَكَلَامُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهِ حَيْثُ قَالَ أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ عَن ثَوْر بن يزِيد أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ وَهَذَا مُعْضِلٌ وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ فُلَيْحٍ عَنْ ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ مُطَوَّلًا وَلَفْظُهُ أَنَّ الشُّرَّابَ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَالْعَصَا حَتَّى تُوُفِّيَ فَكَانُوا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَوْ فَرَضْنَا لَهُمْ حَدًّا فَتَوَخَّى نَحْوَ مَا كَانُوا يُضْرَبُونَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَدَهُمْ أَرْبَعِينَ حَتَّى تُوُفِّيَ ثُمَّ كَانَ عُمَرُ فَجَلَدَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى أُتِيَ بِرَجُلٍ فَذَكَرَ قِصَّةً وَأَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طعموا وَأَن بن عَبَّاسٍ نَاظَرَهُ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بِبَقِيَّةِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى إِذا مَا اتَّقوا وَالَّذِي يَرْتَكِبُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِمُتَّقٍ فَقَالَ عُمَرُ مَا تَرَوْنَ فَقَالَ عَلِيٌّ فَذَكَرَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ وَلِهَذَا الْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ طُرُقٌ أُخْرَى مِنْهَا مَا أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بني كلب يُقَال لَهُ بن دَبْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْلِدُ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ وَكَانَ عُمَرُ يَجْلِدُ فِيهَا أَرْبَعِينَ قَالَ فَبَعَثَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى عُمَرَ فَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ وَاسْتَخَفُّوا الْعُقُوبَةَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ حَوْلَهُ مَا تَرَوْنَ قَالَ وَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فِي الْمَسْجِدِفَقَالَ عَلِيٌّ فَذَكَرَ مِثْلَ رِوَايَةِ ثَوْرٍ الْمَوْصُولَةِ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ النَّاسَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّ السَّكْرَانَ إِذَا سَكِرَ هَذَى الْحَدِيثَ وَمِنْهَا مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ شَرِبَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْخَمْرَ وَتَأَوَّلُوا الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فِيهِمْ فَقُلْتُ أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ فَإِنْ تَابُوا ضَرَبْتَهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ وَإِلَّا ضَرَبْتَ أَعْنَاقَهُمْ لِأَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا فَضَرَبَهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ فِي قِصَّةِ الشَّارِبِ الَّذِي ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الشُّرْبِ وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ قَالَ وَعِنْدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَسَأَلَهُمْ وَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ ثَمَانِينَ وَقَالَ عَلِيٌّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج وَمعمر عَن بن شِهَابٍ قَالَ فَرَضَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَفَرَضَ فِيهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ مُتَوَاتِرَةً عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّ فِي الْخمر شَيْئا وَيُؤَيِّدهُ فَذكر الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَقْيِيدٌ بِعَدَدٍ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ لِلنَّاسِ اضْرِبُوهُ فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالْجَرِيدِ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرَابًا فَرَمَى بِهِ فِي وَجْهِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَهُوَ مَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ بِسَكْرَانَ فَتَوَخَّى الَّذِي كَانَ مِنْ ضَرْبِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ ثُمَّ أُتِيَ عُمَرُ بِسَكْرَانَ فَضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ تَنْصِيصٌ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَفِيمَا اعْتَمَدَهُ أَبُو بَكْرٍ حُجَّةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حُضَيْرٍ بِمُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرٌ بن الْمُنْذِرِ أَنَّ عُثْمَانَ أَمْرَ عَلِيًّا بِجَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ اجْلِدْهُ فَجَلَدَهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ قَالَ أَمْسِكْ جَلَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ فَإِنَّ فِيهِ الْجَزْمَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ أَرْبَعِينَ وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ لَيْسَ فِيهَا عَدَدٌ إِلَّا بَعْضَ الرِّوَايَاتِ الْمَاضِيَةِ عَنْ أَنَسٍ فَفِيهَا نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا أَنَّ عَلِيًّا أَطْلَقَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا بِلَفْظِ التَّقْرِيبِ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي سَاسَانَ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْآثَارَ الْمَذْكُورَةَ وَلِأَنَّ رَاوِيَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ الْمَعْرُوفُ بِالدَّانَاجِ بِنُونٍ وَجِيمٍ ضَعِيفٌ وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُخَرَّجٌ فِي الْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ وَأَنَّ التِّرْمِذِيَّ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَقَوَّاهُ وَقَدْ صَححهُ مُسلم وتلقاه النَّاس بِالْقبُولِ وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَصِحَّةُ الْحَدِيثِ إِنَّمَا تُعْرَفُ بِثِقَةِ رِجَالِهِ وَقَدْ عَرَفَهُمْ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ وَقَبِلُوهُمْ وَتَضْعِيفُهُ الدَّانَاجَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْجَرْحَ بَعْدَ ثُبُوتِ التَّعْدِيلِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مُفَسَّرًا وَمُخَالَفَةُ الرَّاوِي غَيْرَهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ لَا تَقْتَضِي تَضْعِيفَهُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ الْجَمْعِ قُلْتُ وَثَّقَ الدَّانَاجَ الْمَذْكُورَ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ وَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَالَ فِيهِ إِنَّهُ جَلَدَ ثَمَانِينَ وَذَكَرْتُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ هُنَاكَ وَطَعَنَ الطَّحَاوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَاسَانَ أَيْضًا بِأَنَّ عَلِيًّا قَالَ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ أَيْ جَلْدُ أَرْبَعِينَ مَعَ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ النَّجَاشِيّ الشَّاعِر فِي خِلَافَته ثَمَانِينَ وَبِأَن بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ حَدَّ النَّبِيذِ ثَمَانُونَ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ أَسَانِيد شَيْء من ذَلِك عَن عَليّ وَالثَّانِي علىتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفَ بِحَالِ الشَّارِبِ وَأَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ لَا يُنْقَصُ عَنِ الْأَرْبَعِينَ وَلَا يُزَادُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَالْحُجَّةُ إِنَّمَا هِيَ فِي جَزْمِهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ أَرْبَعِينَ وَقَدْ جَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْنَهُمَا بِمَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ لَهُ ذَنَبَانِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً فِي الْخَمْرِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَهُ ثَمَانِينَ لِأَنَّ كُلَّ سَوْطٍ سَوْطَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ السَّنَدَ الْأَوَّلَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَبِأَنَّ الثَّانِيَ فِي سَنَده بن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعُرْوَةُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ مُمَيِّزًا وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَيْسَ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ أَصَابَاهُ فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَهُ بِالطَّرَفَيْنِ عِشْرِينَ فَأَرَادَ بِالْأَرْبَعِينَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ عِشْرِينَ وَعِشْرِينَ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْخَبَرِ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَالتَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَلَدَ ثَمَانِينَ فَلَا يَبْقَى هُنَاكَ عَدَدٌ يَقَعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَأَمَّا دَعْوَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا الْإِشَارَةُ إِلَى الثَّمَانِينَ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ رَجَّحَ مَا فَعَلَ عُمَرُ عَلَى مَا فَعَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهَذَا لَا يُظَنُّ بِهِ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ لِضَعْفِ حَدِيثِ أَبِي سَاسَانَ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ إِنَّهُ إِذَا سَكِرَ هَذَى إِلَخْ قَالَ فَلَمَّا اعْتَمَدَ عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ عَلَى ضَرْبِ الْمَثَلِ وَاسْتَخْرَجَ الْحَدَّ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيفَ عِنْدَهُ مِنَ الشَّارِعِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ جَزْمُهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ أَرْبَعِينَ غَلَطًا مِنَ الرَّاوِي إِذْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ إِلَى الْقِيَاسِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَسَائِرِ مَنْ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ لَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُتَّجَهُ الْإِنْكَارُ لَوْ كَانَ الْمَنْزَعُ وَاحِدًا فَأَمَّا مَعَ الِاخْتِلَافِ فَلَا يُتَّجَهُ الْإِنْكَارُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْحَدَّ أَرْبَعُونَ وَإِنَّمَا تَشَاوَرُوا فِي أَمْرٍ يَحْصُلُ بِهِ الِارْتِدَاعُ يَزِيدُ عَلَى مَا كَانَ مُقَرَّرًا وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنَ التَّصْرِيحِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُمُ احْتَقَرُوا الْعُقُوبَةَ وَانْهَمَكُوا فَاقْتَضَى رَأْيُهُمْ أَنْ يُضِيفُوا إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ قَدْرُهُ إِمَّا اجْتِهَادًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ فَيَكُونُ الْكُلُّ حَدًّا أَوِ اسْتَنْبَطُوا مِنَ النَّصِّ مَعْنًى يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فِي الْحَدِّ لَا النُّقْصَانَ مِنْهُ أَوِ الْقَدْرُ الَّذِي زَادُوهُ كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْزِيرِ تَحْذِيرًا وَتَخْوِيفًا لِأَنَّ مَنِ احْتَقَرَ الْعُقُوبَةَ إِذَا عَرَفَ أَنَّهَا غُلِّظَتْ فِي حَقِّهِ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى ارْتِدَاعِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا ارْتَدَعُوا بِذَلِكَ وَرَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَرَأَى عَلِيٌّ الرُّجُوعَ إِلَى الْحَدِّ الْمَنْصُوصِ وَأَعْرَضَ عَنِ الزِّيَادَةِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ كَانَ عِنْدَهُمْ خَاصًّا بِمَنْ تَمَرَّدَ وَظَهَرَتْ مِنْهُ أَمَارَاتُ الِاشْتِهَارِ بِالْفُجُورِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ فَكَانَ عُمَرُ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ تَكُونُ مِنْهُ الزَّلَّةُ جَلَدَهُ أَرْبَعِينَ قَالَ وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ جَلَدَ أَرْبَعِينَ وَثَمَانِينَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لَوْ فَهِمَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ فِي الْخَمْرِ حَدًّا مُعَيَّنًا لَمَا قَالُوا فِيهِ بِالرَّأْيِ كَمَا لَمْ يَقُولُوا بِالرَّأْيِ فِي غَيْرِهِ فَلَعَلَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ ضَرَبَ فِيهِ بِاجْتِهَادِهِ فِي حَقِّ مَنْ ضَرَبَهُ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْحَدِّ الْمَعْلُومِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَرُجِّحَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الَّذِي اجْتَهَدُوا فِيهِ زِيَادَةً عَلَى الْحَدِّ إِنَّمَا هُوَ التَّعْزِيرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِي الْحَدِّ الْمُعَيَّنِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي ذكرهَا كَمَا سبق تَقْرِيره وَقد أخرج عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ أَنْبَأَنَا عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُول كَانَ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ يَضْرِبُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ وَنِعَالِهِمْ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ فَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى خَشِيَ فَجَعَلَهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يَتَنَاهَوْنَ جَعَلَهُ ثَمَانِينَ سَوْطًا وَقَالَ هَذَا أَخَفُّ الْحُدُودِ وَالْجَمْعُبَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ أَرْبَعِينَ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ وَبَيْنَ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّفْيُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ الثَّمَانِينَ أَيْ لَمْ يَسُنَّ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعين وَيُؤَيِّدهُ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ نَحْنُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَشَارَ بِهِ عَلَى عُمَرَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ لَوْ مَاتَ لَوَدَيْتُهُ أَيْ فِي الْأَرْبَعين الزَّائِدَة وَبِذَلِك جزم الْبَيْهَقِيّ وبن حَزْمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَمْ يَسُنَّهُ أَيِ الثَّمَانِينَ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ فَكَأَنَّهُ خَافَ مِنَ الَّذِي صَنَعُوهُ بِاجْتِهَادِهِمْ أَنْ لَا يَكُونَ مُطَابِقًا وَاخْتُصَّ هُوَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ الَّذِي كَانَ أَشَارَ بِذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْلَى فَرَجَعَ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ فَمَاتَ الْمَضْرُوبُ وَدَاهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَسُنَّهُ لِصِفَةِ الضَّرْبِ وَكَوْنِهَا بِسَوْطِ الْجَلْدِ أَيْ لَمْ يَسُنَّ الْجَلْدَ بِالسَّوْطِ وَإِنَّمَا كَانَ يَضْرِبُ فِيهِ بِالنِّعَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ بن حَزْمٍ أَيْضًا لَوْ جَاءَ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ مَسْنُونٌ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْنُونٍ لَوَجَبَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى غَيْرِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَضْلًا عَنْ عَلِيٍّ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ وَقُوَّةِ فَهْمِهِ وَإِذَا تعَارض خبر عُمَيْر بْنِ سَعِيدٍ وَخَبَرُ أَبِي سَاسَانَ فَخَبَرُ أَبِي سَاسَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ مُصَرِّحٌ فِيهِ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ وَخَبَرُ عُمَيْرٍ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَرْفُوعُ وَالْمَوْقُوفُ قُدِّمَ الْمَرْفُوعُ وَأَمَّا دَعْوَى ضَعْفِ سَنَدِ أَبِي سَاسَانَ فَمَرْدُودَةٌ وَالْجَمْعُ أَوْلَى مَهْمَا أَمْكَنَ مِنْ تَوْهِينِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهْمًا فَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْي وَقَدْ سَاعَدَتْهَا رِوَايَةُ أَنَسٍ عَلَى اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّقَلَةِ عَنْ قَتَادَةَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَمَامُ التَّعَارُضِ فَحَدِيثُ أَنَسٍ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِصَنِيعِ عُمَرَ فِي جَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ وهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ أَرْبَعُونَ قُلْت جَاءَ عَنْ أَحْمَدَ كَالْمَذْهَبَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الثَّمَانِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ أَرْبَعِينَ وَتَبِعَهُ على نقل الْإِجْمَاع بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالنَّوَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّبَرِيّ وبن الْمُنْذِرِ وَغَيْرَهُمَا حَكَوْا عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْخَمْرَ لَا حَدَّ فِيهَا وَإِنَّمَا فِيهَا التَّعْزِيرُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهَا سَاكِتَةٌ عَنْ تَعْيِينِ عَدَدِ الضَّرْبِ وَأَصْرَحُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَلَمْ يَجْزِمْ فِيهِ بِالْأَرْبَعِينَ فِي أَرْجَحِ الطُّرُقِ عَنهُ وَقد قَالَ عبد الرَّزَّاق أَنبأَنَا بن جريج وَمعمر سُئِلَ بن شِهَابٍ كَمْ جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ فِيهَا حَدًّا كَانَ يَأْمُرُ مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وَنِعَالِهِمْ حَتَّى يَقُولَ لَهُمُ ارْفَعُوا وَوَرَدَ أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ أَصْلًا وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْخَمْرِ حَدًّا قَالَ بن عَبَّاسٍ وَشَرِبَ رَجُلٌ فَسَكِرَ فَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا حَاذَى دَارَ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَالْتَزَمَهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من وَجه أخر عَن بن عَبَّاسٍ مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ إِلَّا أَخِيرًا وَلَقَدْ غَزَا تَبُوكَ فَغَشِيَ حُجْرَتَهُ مِنَ اللَّيْلِ سَكْرَانُ فَقَالَ لِيَقُمْ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَيَأْخُذْ بِيَدِهِ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى رَحْلِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَحَرَّى مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ السَّكْرَانَ فَصَيَّرَهُ حَدًّا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَكَذَا اسْتَمَرَّ مَنْ بَعْدَهُ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ وَجَمَعَ الْقُرْطُبِيُّ بَيْنَ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ حَدٌّ وعَلى ذَلِك يحمل حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الَّذِي اسْتَجَارَ بِالْعَبَّاسِ ثُمَّ شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِير عَلَى مَا فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ فِيهَا ثُمَّ شُرِعَ الْحَدُّوَلَمْ يَطَّلِعْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ صَرِيحًا مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ فِيهِ الْحَدَّ الْمُعَيَّنَ وَمِنْ ثَمَّ تَوَخَّى أَبُو بَكْرٍ مَا فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ ثمَّ رأى عمر وَمن رافقه الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ إِمَّا حَدًّا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ وَإِمَّا تَعْزِيرًا قُلْتُ وَبَقِيَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِنْ شَرِبَ فَحُدَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ شَرِبَ قُتِلَ فِي الرَّابِعَةِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْخَامِسَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي السُّنَنِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا قَوِيَّةٌ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْقَتْلِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبَالَغَ النَّوَوِيّ فَقَالَ هُوَ قَوْلٍ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ والْحَدِيث أَو أرد فِيهِ مَنْسُوخٌ إِمَّا بِحَدِيثِ لَا يَحِلُّ دَمِ امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث وَأما بِأَن الْإِجْمَاعَ دَلَّ عَلَى نَسْخِهِ قُلْتُ بَلْ دَلِيلُ النَّسْخِ مَنْصُوصٌ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ فَرَفَعَ الْقَتْلَ وَكَانَتْ رُخْصَةً وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّ حَدَّهُ ثَمَانُونَ بِالْإِجْمَاعِ فِي عَهْدِ عُمَرَ حَيْثُ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ كِبَارُ الصَّحَابَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ عَنْ ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهَا الْقدر الَّذِي اتَّفقُوا عَلَيْهِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ مُسْتَنِدِينَ إِلَى تَقْدِيرِ مَا فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الَّذِي أَشَارَ بِهِ فَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ سِيَاقِ قِصَّتِهِ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ رَدْعًا لِلَّذِينَ انْهَمَكُوا لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْقِصَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمُ احْتَقَرُوا الْعُقُوبَةَ وَبِهَذَا تَمَسَّكَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا أَقَلُّ مَا فِي حَدِّ الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ إِلَى الثَّمَانِينَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْزِيرِ وَلَا يُجَاوِزُ الثَّمَانِينَ وَاسْتَنَدُوا إِلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَرَأَى عُمَرُ فِعْلَهُ بِمُوَافَقَةِ عَلِيٍّ ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ وَوَقَفَ عِنْدَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَوَافَقَهُ عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ وَكُلٌّ سُنَّةٌ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَالْوُصُولُ إِلَى الثَّمَانِينَ سُنَّةُ عُمَرَ رَدْعًا لِلشَّارِبِينَ الَّذِينَ احْتَقَرُوا الْعُقُوبَةَ الْأُولَى وَوَافَقَهُ مَنْ ذُكِرَ فِي زَمَانِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ وَسَوَّغَ لَهُمْ ذَلِكَ إِمَّا اعْتِقَادُهُمْ جَوَازَ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَجْعَلُ الْجَمِيعَ حَدًّا وَإِمَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا الزِّيَادَةَ تَعْزِيرًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ أَنْ يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ قَدْرَ الْحَدِّ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْخَبَرُ الْآتِي فِي بَابِ التَّعْزِيرِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ وَادَّعَى إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَهِيَ دَعْوَى ضَعِيفَةٌ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ وَقد شنع بن حَزْمٍ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْقِيَاسَ لَا يَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ مَعَ جَزْمِ الطَّحَاوِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمْ بِأَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ وَقَعَ بِالْقِيَاسِ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُدُودَ وَالْكَفَّارَاتِ شُرِعَتْ بِحَسَبِ الْمَصَالِحِ وَقَدْ تَشْتَرِكُ أَشْيَاءُ مُخْتَلِفَةٌ وَتَخْتَلِفُ أَشْيَاءُ مُتَسَاوِيَةٌ فَلَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ إِلَّا بِالنَّصِّ وَأَجَابُوا عَمَّا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ جَلَدَ قَدْرَ حَدِّ الْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ الْجَمِيعَ حَدًّا بَلِ الَّذِي فَعَلُوهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ فِيهِ أَرْبَعِينَ إِذْ لَوْ بَلَغَهُمْ لَمَا جَاوَزُوهُ كَمَا لَمْ يُجَاوِزُوا غَيْرَهُ مِنَ الْحُدُودِ الْمَنْصُوصَةِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنَ النَّصِّ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ فَرُجِّحَ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ تَعْزِيرًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الحَدِيث بِسَنَد صَحِيح عَن أبي رَافع عَن عُمَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَقَالَ لِمُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ إِذَا أَصْبَحْتَ غَدًا فَاضْرِبْهُ فَجَاءَ عُمَرُ فَوَجَدَهُ يَضْرِبهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ كَمْ ضَرَبْتَهُ قَالَ سِتِّينَ قَالَ اقْتَصَّ عَنْهُ بِعِشْرِينَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي اجْعَلْ شِدَّةَ ضَرْبِكَ لَهُ قِصَاصًا بِالْعِشْرِينَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنَ الثَّمَانِينَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ضَرْبَ الشَّارِبِ لَا يَكُونُ شَدِيدًا وَأَنْ لَا يُضْرَبَ فِي حَالِ السُّكْرِ لِقَوْلِهِ إِذَاأَصْبَحْتَ فَاضْرِبْهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَيْسَتْ بِحَدٍّ إِذْ لَوْ كَانَتْ حَدًّا لَمَا جَازَ النَّقْصُ مِنْهُ بِشِدَّةِ الضَّرْبِ إِذْ لَا قَائِلَ بِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمُ مَا مُلَخَّصُهُ بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْأَحَادِيثَ الْمَاضِيَةَ هَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَدَبًا وَتَعْزِيرًا وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ فَلِذَلِكَ سَاغَ لِلصَّحَابَةِ الِاجْتِهَادُ فِيهِ فَأَلْحَقُوهُ بِأَخَفِّ الْحُدُودِ وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ عُلَمَائِنَا وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُ عَلِيٍّ جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَكَذَا وُقُوعُ الْأَرْبَعِينَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي خِلَافَةِ عُمَرَ أَوَّلًا أَيْضًا ثُمَّ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَلَوْلَا أَنَّهُ حَدٌّ لَاخْتَلَفَ التَّقْدِيرُ وَيُؤَيِّدُهُ قِيَامُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ فِي الْخَمْرِ الْحَدَّ وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّقْلَ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتَلَفَ فِي التَّحْدِيدِ وَالتَّقْدِيرِ وَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ أَقْوَالِهِمْ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَدَبًا مِنْ أَصْلِ مَا شَاهَدُوهُ مِنِ اخْتِلَافِ الْحَالِ فَلَمَّا كَثُرَ الْإِقْدَامُ عَلَى الشُّرْبِ أَلْحَقُوهُ بِأَخَفِّ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَقَوَّى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وُجُودُ الِافْتِرَاءِ مِنَ السُّكْرِ فَأَثْبَتُوهَا حَدًّا وَلِهَذَا أَطْلَقَ عَلِيٌّ أَنَّ عُمَرَ جَلَدَ ثَمَانِينَ وَهِيَ سُنَّةٌ ثُمَّ ظَهَرَ لِعَلِيٍّ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْلَى مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ فَتَجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الثَّمَانُونَ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِهِ لَمْ يَسُنَّهُ وَبَيْنَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ أَرْبَعِينَ قَالَ وَغَايَةُ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْخَمْرِ تَعْزِيرٌ يُمْنَعُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى غَايَتِهِ وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا السُّكْرَ مَقَامَ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا فَأَعْطَوْهُ حُكْمَهُ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ فَقَدِ اشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَلَمْ يُنْكِرْهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مُنْكِرٌ قَالَ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ بِأَنَّهُ إِنْ سَاغَ إِلْحَاقُ حَدِّ السُّكْرِ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلْيُحْكَمْ لَهُ بِحُكْمِ الزِّنَا وَالْقَتْلِ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّتُهُ وَلْيَقْتَصِرُوا فِي الثَّمَانِينَ عَلَى مَنْ سَكِرَ لَا عَلَى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الشُّرْبِ وَلَمْ يَسْكَرْ قَالَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَظِنَّةَ مَوْجُودَةٌ غَالِبًا فِي الْقَذْفِ نَادِرَةٌ فِي الزِّنَا وَالْقَتْلِ وَالْوُجُودُ يُحَقِّقُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَقَامُوا الْحَدَّ عَلَى الشَّارِبِ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ مُبَالَغَةً فِي الرَّدْعِ لِأَنَّ الْقَلِيلَ يَدْعُو إِلَى الْكَثِيرِ وَالْكَثِيرُ يُسْكِرُ غَالِبًا وَهُوَ الْمَظِنَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الزِّنَا بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ وَلَا أَنْزَلَ وَلَا أَكْمَلَ قُلْت وَالَّذِي تَحَصَّلَ لَنَا مِنَ الْآرَاءِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا حَدًّا مَعْلُومًا بَلْ كَانَ يَقْتَصِرُ فِي ضَرْبِ الشَّارِبِ عَلَى مَا يَلِيق بِهِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ فَأَمَرَهُمْ بِضَرْبِهِ وَتَبْكِيتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ فِي السُّكْرِ بَلْ فِيهِ التَّنْكِيلُ وَالتَّبْكِيتُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحَدِّ لَبَيَّنَهُ بَيَانًا وَاضِحًا قَالَ فَلَمَّا كَثُرَ الشُّرَّابُ فِي عَهْدِ عُمَرَ اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ مَحْدُودٌ لَمَا تَجَاوَزُوهُ كَمَا لَمْ يَتَجَاوَزُوا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَوْ كَثُرَ الْقَاذِفُونَ وَبَالَغُوا فِي الْفُحْشِ فَلَمَّا اقْتَضَى رَأْيُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَاسْتَدَلَّ عَلِيٌّ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ فِي تَعَاطِيهِ مَا يُؤَدِّي إِلَى وُجُودِ الْقَذْفِ غَالِبًا أَوْ إِلَى مَا يُشْبِهُ الْقَذْفَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ تَقْدِيرِ مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ فِي التَّحْدِيدِ بِأَرْبَعِينَ اخْتَلَفَتْ عَنْ أَنَسٍ وَكَذَا عَنْ عَلِيٍّ فَالْأَوْلَى أَن لَا يتَجَاوَز أَقَلَّ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَهُ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا الثَّانِي أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ أَرْبَعُونَ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا الثَّالِثُ مِثْلُهُ لَكِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ثَمَانِينَ وَهَلْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ أَوْ تَعْزِيرًا قَوْلَانِ الرَّابِعُ أَنَّهُ ثَمَانُونَ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا الْخَامِسُ كَذَلِكَ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ تَعْزِيرًا وَعَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا هَلْ يَتَعَيَّنُ الْجَلْدُ بِالسَّوْطِ أَوْ يَتَعَيَّنُ بِمَا عَدَاهُ أَوْ يَجُوزُ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ أَقْوَالٌ السَّادِسُ إِنْ شَرِبَ فَجُلِدَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَعَادَ الرَّابِعَةَ وَجَبَ قَتْلُهُ وَقِيلَ إِنْ شَرِبَ أَرْبَعًا فَعَادَ الْخَامِسَةَ وَجَبَ قَتْلُهُ وَهَذَا السَّادِسُ فِي الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكِلَاهُمَا شَاذٌّ وَأَظُنُّ الْأَوَّلَ رَأْيَ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَرْجِمْ بِالْعَدَدِ أَصْلًا وَلَا أَخْرَجَ هُنَا فِي الْعَدَدِ الصَّرِيحِ شَيْئًا مَرْفُوعًا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَحَرَّى مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُ أَرْبَعِينَ فَعَمِلَ بِهِ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ فِي زَمَنِهِ مُخَالِفٌ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ إِجْمَاعًا فَهَذَا الْإِجْمَاعُ سَابِقٌ عَلَى مَا وَقَعَ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَالتَّمَسُّكُ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ ثَمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَفَعَلَهُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بِحَضْرَتِهِ وَبِحَضْرَةِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الَّذِي بَاشَرَ ذَلِكَ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ إِجْمَاعًا فَهَذَا هُوَ الْأَخِيرُ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الزِّيَادَةِ بِمَا صُنِعَ فِي عَهْدِ عُمَرَ مِنَ الزِّيَادَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ عَنِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنَّ الْمَضْرُوبَ كَانَ عَبْدًا وَهُوَ بَعِيدٌ فَاحْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِينَ تَعْزِيرًا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ أَنَّ عُمَرَ حَدَّ الشَّارِبَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ نَفَاهُ إِلَى الشَّام وَبِمَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ النَّجَاشِيَّ الشَّاعِرَ ثَمَانِينَ ثُمَّ أَصْبَحَ فَجَلَدَهُ عِشْرِينَ بِجَرَاءَتِهِ بِالشُّرْبِ فِي رَمَضَانَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَغْرِيبِ الزَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ يُقْتَلُ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ بِمَا سَأَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى ثُبُوتِ حَدِّ الْخَمْرِ وَأَنْ لَا قَتْلَ فِيهِ وَاسْتَمَرَّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا يُحَدُّ فِيهِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةُ أَنَّهُ يُحَدُّ وَعَنْهُ إِنْ سَكِرَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ كَالْجُمْهُورِ وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي الرِّقِّ فَهُوَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالُوا الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَا يُنْقَصُ عَن الْأَرْبَعين نَقله بن عبد الْبر وَغَيره عَنْهُم وَخَالفهُم بن حزم فَوَافَقَ الْجُمْهُور (قَوْلُهُ بَابٌ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ) وَأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْمِلَّةِ يُشِيرُ إِلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِهِ وَمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ الْأَوَّلِ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُكَمَالِ الْإِيمَانِ لَا أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنِ الْإِيمَانِ جُمْلَةً وَعَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ فِي حَقِّ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ إِذَا قَصَدَ بِهِ اللَّاعِنُ مَحْضَ السَّبِّ لَا إِذَا قَصَدَ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ وَهُوَ الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَأَمَّا إِذَا قَصَدَهُ فَيَحْرُمُ وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ كَهَذَا الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بَلْ يُنْدَبُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَبِسَبَبِ هَذَا التَّفْصِيلِ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ كَرَاهِيَةَ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ إِلَى قَوْلِهِ مَا يُكْرَهُ مِنْ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى التَّفْصِيلِ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْعِ لَعْنِ الْفَاسِقِ الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إِنَّ الْمَنْعَ خَاصٌّ بِمَا يَقَعُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الشَّارِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْكَارِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ فَرُبَّمَا أَوْقَعَ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ فَتْنِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ وَقِيلَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ كَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ وَقِيلَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ ذِي الزَّلَّةِ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ الْمُجَاهِرِينَ وَصَوَّبَ بن الْمُنِيرِ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ وَالْجَوَازَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ زَجْرٌ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَفِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ أَذًى لَهُ وَسَبٌّ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ أَذَى الْمُسْلِمِ وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا لَعَنَ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ فَيَسْتَوِي الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ بِوَصْفِ الْإِبْهَامِ وَلَوْ كَانَ لَعْنُهُ قَبْلَ الْحَدِّ جَائِزًا لَاسْتَمَرَّ بَعْدَ الْحَدِّ كَمَا لَا يَسْقُطُ التَّغْرِيبُ بِالْجَلْدِ وَأَيْضًا فَنَصِيبُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ ذَلِكَ يَسِيرٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَأَمَّا الدُّعَاءُ عَلَى إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ مِمَّنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إِلَى تَحْرِيمِهِ وَقَالَ فِي بَابِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّلَمَةِ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً فِي الْجَوَازِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي مَعْنَى اللَّعْنِ الدُّعَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالسُّوءِ حَتَّى عَلَى الظَّالِمِ مِثْلَ لَا أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ انْتَهَى وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَتَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي قَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ لَا اسْتَطَعْتَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ خَالَفَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَمَالَ هُنَا إِلَى الْجَوَازِ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَالْمَنْعِ بَعْدَ إِقَامَتِهِ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِي لَعْنَ الْمُتَّصِفِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيَّنَ بِاسْمِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ لِأَنَّ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ وَالدُّعَاءَ عَلَيْهِ قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى التَّمَادِي أَوْ يُقَنِّطُهُ مِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِ فَإِنَّ فِيهِ زَجْرًا وَرَدْعًا عَنِ ارْتِكَابِ ذَلِكَ وَبَاعِثًا لِفَاعِلِهِ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْهُ ويقويه النَّهْي عَن التئزيب عَلَى الْأَمَةِ إِذَا جُلِدَتْ عَلَى الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا دَعَاهَا زَوْجُهَا إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ بِأَنَّ اللَّاعِنَ لَهَا الْمَلَائِكَةُ فَيَتَوَقَّفُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّأَسِّي بِهِمْ وَعَلَى التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ تَسْمِيَتُهَا وَالَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا أَقْوَى فَإِنَّ الْمَلَكَ مَعْصُومٌ وَالتَّأَسِّي بِالْمَعْصُومِ مَشْرُوعٌ وَالْبَحْثُ فِي جَوَازِ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6426 ... ورقمه عند البغا: 6779 ]
    - حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْجُعَيْدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِمْرَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ.وبه قال:
    (حدّثنا مكي بن إبراهيم) البلخي (عن الجعيد) بضم الجيم وفتح العين المهملة ابن عبد الرَّحمن التابعي الصغير (عن يزيد بن خصيفة) بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة بعدها تحتية ساكنة ثم فاء الكوفي وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة (عن السائب) بالهمزة بعد الألف (ابن يزيد) من الزيادة الكندي -رضي الله عنه- أنه (قال: كنا نؤتى) بضم النون وفتح الفوقية (بالشارب) الخمر (على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وقد كان السائب صغيرًا جدًّا في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه كان ابن ست سنين فبعد أن يشارك من كان يجالس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما ذكر من ضرب الشارب فمراده بقوله كنا أي الصحابة -رضي الله عنهم- ويحتمل أن يحضر مع أبيه أو غيره فيشاركهم في ذلك فيكون الإسناد على حقيقته (وإمرة أبي بكر) بكسر الهمزة وسكون الميم أي خلافته رضي اللهعنه (وصدرًا من خلافة عمر) -رضي الله عنه- أوائل خلافته (فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا) فنضربه بها (حتى كان آخر إمرة عمر) بنصب آخر لأبي ذر وبالرفع لغيره (فجلد أربعين حتى إذا عتوا) بفتح العين المهملة والفوقية تجبروا وانهمكوا في الطغيان وبالغوا في الفساد في شرب الخمر (وفسقوا) أي خرجوا عن الطاعة (جلد ثمانين) سوطًا زاد عبد الرَّزاق. وقال: هذا أدنى الحدود.واستشكل قوله: حتى كان آخر إمرة عمر الخ هذا بما في سنن أبي داود والنسائي من حديث عبد الرَّحمن بن أزهر في قصة الشارب الذي ضربه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحنين وفيه: فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد أن الناس قد انهكموا في الشرب وتحاقروا العقوبة قال: وعنده المهاجرون والأنصار فسألهم واجتمعوا على أن يضربه ثمانين فإنه يدل على أن أمر عمر بجلد ثمانين كان في وسط إمارته فإن خالدًا مات في وسط خلافة عمر وظاهر قوله حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين أن التحديد بها إنما وقع في آخر خلافة عمر وليس كذلك لما في قصة خالد المذكورة. وأجيب: بأن المراد بالغاية المذكورة استمرار الأربعين.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6426 ... ورقمه عند البغا:6779 ]
    - حدّثنا مَكْيٌّ بنُ إبْراهِيمَ عنِ الجُعَيْدِ عنْ يَزِيدَ بنِ خُصَيْفَةَ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإمْرَةِ أبي بَكْرٍ وصَدْراً مِنْ خِلاَفَةِ عُمَر، فَنَقُومُ إلَيْهِ بأيْدِينا ونعالِنا وأرْدِيَتِنا حتَّى كانَ آخِرُ إمْرَةِ عُمَرَ فَجلَدَ أرْبَعِينَ، حتَّى إذَا عَتَوْا وفَسَقُوا جَلَدَ ثَمانِينَ.مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والجعيد بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مصغر جعد بن عبد الرَّحْمَن التَّابِعِيّ من صغَار التَّابِعين وَسَنَد البُخَارِيّ هَذَا فِي غَايَة الْعُلُوّ لِأَن بَينه وَبَين التَّابِعِيّ فِيهِ وَاحِد فَهُوَ فِي حكم الثلاثيات، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن خصيفَة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء الْكُوفِي، والسائب بِالْهَمْزَةِ بعد
    الْألف ابْن يزِيد من الزِّيَادَة الْكِنْدِيّ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.قَوْله: (كُنَّا نؤتى) على صِيغَة الْمَجْهُول. فَإِن قلت: كَانَ السَّائِب صَغِيرا جدا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ابْن سِتّ سِنِين فَكيف أَدخل نَفسه فِي جمَاعَة الْحَاضِرين وَقت إتْيَان الشَّارِب فِي زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ .قلت: الظَّاهِر أَن مُرَاده من قَوْله: كُنَّا الصَّحَابَة، وَلَكِن يحْتَمل أَن يكون قد حضر هُنَاكَ مَعَ أَبِيه أَو غَيره فشاركهم فِيهِ فَيكون الْإِسْنَاد على الْحَقِيقَة. قَوْله: (وإمرة أبي بكر) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْمِيم أَي: إمارته. قَوْله: (وصدراً) من خلَافَة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَي: أَوَائِل خِلَافَته. قَوْله: (وأرديتنا) جَمِيع رِدَاء. قَوْله: (حَتَّى كَانَ آخر إمرة عمر) أَي آخر خِلَافَته. قَوْله: (حَتَّى إِذا عتوا) أَي: إِذا انهمكوا فِي الطغيان وبالغوا فِي الْفساد. قَوْله: (وفسقوا) أَي: خَرجُوا عَن الطَّاعَة فَلم يرتدعوا جلدهمْ ثَمَانِينَ جلدَة، وَلَو أدْرك هَذَا الزَّمَان لجلدهم أَضْعَاف ذَلِك، وروى عبد الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح عَن عبيد بن عُمَيْر، أحد كبار التَّابِعين، نَحْو حَدِيث السَّائِب وَفِيه: أَن عمر جعله أَرْبَعِينَ سَوْطًا، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يتناهون جعله سِتِّينَ سَوْطًا، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يتناهون جعله ثَمَانِينَ سَوْطًا. وَقَالَ: هَذَا أدنى الْحُدُود.

    حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْجُعَيْدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ‏.‏

    Narrated As-Sa'ib bin Yazid:We used to strike the drunks with our hands, shoes, clothes (by twisting it into the shape of lashes) during the lifetime of the Prophet, Abu Bakr and the early part of `Umar's caliphate. But during the last period of `Umar's caliphate, he used to give the drunk forty lashes; and when drunks became mischievous and disobedient, he used to scourge them eighty lashes

    Telah menceritakan kepada kami [Makki bin Ibrahim] dari [Al Ju'aid] dari [Yazid bin Hushaifah] dari [As Sa`ib bin Yazid] mengatakan; Pernah kami diserahi pemabok dimasa Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam, dimasa pemerintahan Abu bakar dan diawal-awal pemerintahan Umar, lantas kami mencambukinya dengan tangan, sandal, dan pakaian kami, hingga ketika diakhir-akhir kepemerintahan Umar, dia mencambuknya sebanyak empat puluh kali cambukan hingga jika ia masih membangkang dan fasiq, Umar mencambuknya delapan puluh kali

    Saib b. Yezid şöyle demiştir: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in zamanında, Ebu Bekir'in halifeliğinde ve Ömer'in halifeliğinin ilk zamanlarında bize şarap içmiş olan sarhoş bir kişi getirildi de ona doğru kalkıp ellerimizle, ayakkabılarımızla ve ridalarımızla vurduk. Hz. Ömer, halifeliğinin son yıllarında o sarhoşa kırk değnek vurdu. Nihayet insanlar içki içmek ve fesad çıkarmakta ileri gittiklerinde Ömer içki içenlere seksen değnek vurdu. Fethu'l-Bari Açıklaması: İmam Buhari, attığı bu başlıkla değnekle vurmanın şart olmadığına işaret etmiştir. Bu konuda bilginler üç görüşe ayrılmışlardır. Bunlar Şafi mezhebinde tercihe değer üç görüştür. Bunların içinde en sahih olanı içki içen kimseye kamçıyla vurmanın caiz olduğudur. Ellerle, ayakkabılarla ve elbiselerle vurmakla yetinmek caizdir. İkinci yaklaşıma göre tek çıkar yol sopayla vurmaktır. Üçüncüsüne göre ise tek seçenek vurmaktır. Tercihe değer olan görüşün yaklaşımı şudur: Bu Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in zamanında uygulanmıştır. Nesh edildiği sabit değildir. Sapa vurma ise sahabe döneminde uygulanmıştır. Dolayısıyla bu uygulama sopanın caiz olduğunu gösterir. Diğer görüşün delili ise İmam Şafii'nin elÜmm' deki şu ifadesidir: İçki içene kamçıyla ceza uygulansaydı öldüğü takdirde diyetin i vermek gerekirdi. Buna göre İmam Şafii sopayla vurmayla, ondan daha ağırını vurmayı eşit görmüştür. Bu da bize vurmada asıl aracın kamçıdan başka bir şeyolduğunu göstermektedir. Ebü't-Tayyib ve ona tabi olan bilginler içki içme suçunda kamçıyla vurmanın caiz olmadığını açıkça belirtmişlerdir. Kadı Hüseyin ise kamçıyla vurmanın gerekli olduğunu belirtmiş ve bu konuda sahabenin icmaını delil olarak göstermiştir. Kadı Hüseyin nasstan kendi görüşüne uygun ifadeler nakletmiştir. Fakat sahabe iemaını delil olarak gösterme, bizce tartışılır. İmam Nevevi, Müslim şerhinde şöyle demiştir: Bilginler hurma dalı, ayakkabı ve elbiselerin ucuyla vurmakla yetinileceği noktasında görüş birliği etmişlerdir. Nevevi' şöyle devam etmiştir: En sahih olanı, kamçıyla vurmanın caizliğidir. Bunun şart olduğunu söyleyen bilgin ise bilginlerin genelinden ayrı düşmüştür. Bu hatadır ve sahih hadislerle reddedilmiştir. Bizim kanaatimize gelince, bazı müteahhirun bilginleri orta bir yol bulmuşlar ve kamçıyı içki içmekte inat edenlere, elbiselerin ucuyla ve ayakkabıyla vurmayı zayıflara özel kabul ederken, bunların dışındakiler için ise durumlarına uygun hareket edilmesi gerektiğini ifade etmişlerdir. Bu görüş de isabetlidir. "(Hayır) böyle söylemeyiniz! Bu adamın aleyhine şeytana yardım etmeyiniz!" Onların böyle davranarak şeytana yardım etmeleri şu nedenledir: Şeytan, o kişiye günahı süslü göstermek suretiyle onun rezil ve rusvay olmasını istemektedir. Müslümanlar ona rezil ve rüsvay olması için beddua ettikleri takdirde sanki şeytanın hedefini gerçekleştirmiş olmaktadırlar. Bu hadisten Allah'a isyan eden kimseye -lanet okuma örneğinde olduğu gibi- Allah'ın rahmetinden uzaklaşması bedduasında bulunmanın yasaklı ğı anlaşılmaktadır. "Fe yemlite fe ecide", "ecide" kelimesinin çeşitli manaları vardır. Bunlardan buraya en uygun olanı üzüntü duymaktır. "İçki içen kimse uygulanan had sonunda dolayı ölseydi, onun diyetini verirdim. " Yani onun diyetini, bunu almaya hak sahibi olanlara verirdim demektir. "Lem yesunne" yani Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem bu konuda bize sabit bir adet kanunlaştırmamıştır. (Kısaca Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem, içki içenin cezası hakkında bize, sabit bir sayı ile sarhoşa vurarak had uygulamamız konusunda kesin bir hüküm bildirmemiştir.) (Önemli bilgi:) Fıkıh bilginleri içki içme cezası hariç şer'i' cezalar uygulanırken aldığı darbelerden dolayı ölen kimsenin katilinin herhangi bir tazminat ödemekle yükümlü olmayacağı konusunda ittifak etmişlerdir. Hz. AIi'den az önce belirttiğimiz şekilde bir görüş nakledilmiştir. İmam Şafil şöyle demiştir: Kamçı dışında bir şeyle vurmak durumunda herhangi bir tazminat gerekmez. Ancak kamçıyla vurduğu takdirde bazı bilginlere göre diyet öderken, bazılarına göre kamçıyla vurmayla başka bir nesneyle vurma arasındaki farkı öder. Bu konudaki diyet, devlet başkanının akilesine aittir. Suçlu kırk sopadan daha fazla vurulduğu takdirde öldüğünde de hüküm böyledir. "Ona doğru kalkar, ellerimizle, ayakkabılarımzia ve ridalarımızla vururduk." Yani bu sayılan şeylerle ona vururduk demektir. "Hz. Ömer'in halifeliğinin son yıllarında o sarhoşa kırk değnek vurdu." Bu ifadenin zahirinden anlaşılan kırk sopa belirlenmesi, Hz. Ömer'in halifeliğinin son yıllarında olmuştur. Oysa gerçek böyle değildir. Çünkü Halid b. Velid kıssası ile onun Hz. Ömer' e yazı yazması olayı bize Hz. Ömer'in içki içene seksen sapa vurulması emrini halifeliğinin ortalarında verdiğini göstermektedir. Zira Halid b. Velid, Hz. Ömer'in halifeliğinin ortalarına doğru vefat etmiştir. "lyLJ" yani Allah'a itaatin dışına çıktılar. "Seksen sapa vurdu." İmam Malik'in Muvatta'ında Sevr b. Yezid'den nakline göre Hz. Ömer içki içme cezası konusunda sahabelerle danıştı. Hz. Ali ona "Bizim görüşümüze göre bu cezayı seksen sopa olarak belirlemelisin. Zira içki içen kimse sarhoş olur. Sarhoş olan kimse abuk sabuk konuşur. Böyle konuştuğunda da iftira eder" dedi. (Muvatta, Eşribe) Bunun üzerine Hz. Ömer içki içme cezasını seksen sapa olarak belirledi. Bu rivayet mu'daldır. Nesai ve Tahavı aynı rivayeti Yahya b. Fuleyh, Sevr, İkrime ve İbn Abbas isnadıyla daha uzun bir olarak nakletmişlerdir. Bu rivayet şöyledir: "İçki içenlere Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in döneminde el, ayakkabı ve sopa ile usanıncaya kadar vuruluyordu. Hz. Ebu Bekir'in halifeliğinde içki içenler daha da çoğaldılar. Ebu Bekir, 'Onlar için bir ceza belirlesek'dedi ve Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in döneminde yapılan uygulamayı benimsedi ve içki içenlere kırk sopa vuruldu. Bu uygulama Hz. Ebu Bekir vefat edinceye kadar sürdü. Sonra Hz. Ömer'in dönemi geldi. O da aynı şekilde içki içenleri dövdürdü. Nihayet bir gün içki içmiş bir adam getirildi. "(Nesai, Sünenu'l-Kübra, III, 252) İbn Abbas bu hadisin devamında sarhoş olarak yakalanan kimsenin hikayesine yer vermekte ve "İman eden ve iyi işler yapanlara ... (haram kılınmadan önce) tattıklarından dolayı günah yoktur"(Maide 93) ayetini kendi lehine delil olarak gösterdiğini, İbn Abbas'ın bu konuda onunla tartıştığını ve ayetin kalan kısmı olan "hakkıyla sakındıkları" ifadesini delil olarak gösterdiğini ve Allahu Teala'ın haram kıldığı bir şeyi işleyen kimsenin takva sahibi olamayacağını söylediğini ifade etmektedir. Bunun üzerine Hz. Ömer "Görüşünüz nedir?" diye sorunca, Hz. Ali söz almış ve yukarıdaki yaklaşımını ifade etmiştir. O görüşünün sonunda "Abuk sabuk konuştuğunda iftira atar, iftira atana ise seksen sopa vurulur" deyince, Hz. Ömer bunu emretmiş ve içki içene seksen sopa vurulmaya başlanmıştır. Hz. Ömer'in içki içene seksen sapa vurma uygulaması içki içme cezasının seksen olduğuna delil gösterilmiştir. Uç mezhep imamının görüşü bu doğrultudadır. Bu görüş İmam Şafii'nin iki görüşünden biridir. İbnü'l-Münzir de bunu tercih etmiştir. İmam Şafil'nin sahih olan diğer görüşü ise içki içme cezasının kırk sopa olduğu yolundadır. Burada bir hususu belirtelim: Ahmed b. Hanbel'den de yukarıda zikredilen iki görüş doğrultusunda görüş naklediimiştir. Kadı lyaz şöyle demiştir: Fıkıh bilginleri içki içme de ceza verileceği noktasında görüş birliği etmişler, ancak bunun miktarı konusunda ihtilaf etmişlerdir. Çoğunluk, içki içme cezasının seksen sopa olduğu görüşünü benimsemiştir. Kendisinden meşhur olarak nakledilen bir rivayette İmam Şafiı, bir rivayete göre Ahmed b. Hanbel, Ebu Sevr ve Davud içki içme cezasının kırk sopa olduğunu söylemişlerdir. İcmanın nakli konusunda İbn Dakik el-lyd, Nevevi ve onların paralelinde düşünen fıkıh bilginleri Kadı lyaz'a tabi olmuşlardır. Taberi, İbnü'l-Münzir ve başka bilginlerin bir grup bilginden naklettikleri görüş nedeniyle icma görüşü tenkit edilmiştir. Buna göre içki içmede herhangi bir had (şer'ı ceza) yoktur. Ancak tazir vardır. Bu bilginler yukarıda zikredilen hadisleri delil olarak göstermişlerdir. Çünkü bu hadisler içki içme konusunda belli bir sayıdan söz etmemektedir. Sözkonusu hadislerin en açık olanı Enes hadisidir ve bu hadis herhangi bir sayıdan söz etmemektedir. İçki içme cezası Enes'ten gelen hadis yollarının tercihe en değer olanına göre kırktır. Abdurrezzak'ın Musannef'inde şöyle bir rivayet yer almaktadır: İbn Cüreyc ve Ma'mer'in nakline göre İbn Şihab'a "Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem içki içme suçunda kaç sopa uyguladı? diye sorulmuş, o da "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem bu konuda herhangi bir sınır belirlemedi. Yanında bulunanlara içki içen kimseye elleriyle ve ayakkabılarıyla vurmalarını emrediyordu ve sonunda da onlara 'tamam yeter' diyordu"(Abdurrezzak, Musannef, VII, 377) Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in içki içene hiç vurmadığı şeklinde bir rivayet de vardır. Bu rivayet Ebu Davud ve Nesal'de güçlü bir senedie şu şekilde yer almaktadır: İbn Abbas'ın nakline göre Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem içki içme suçunda herhangi bir sınır belirlemedi. İbn Abbas şöyle devam etmiştir: Adamın biri içki içti ve sarhoş oldu. Yakalanıp, Nebi s.a.v.'e getirilmek üzere yola çıkıldı. Adam Abbas'ın evinin hizasına gelince, onların elinden kurtuldu ve Abbas'ın evine girdi ve oraya sığındı. Bu durum Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem' e arzedilince Efendimiz sallalliihu aleyhi ve selleın güldü ve o adam hakkında herhangi bir şeyi emretmedi.(Ebu Davud, Hudud; Nesai, Sünenu'l-kübra, III, 254) Taberl'nin bir başka yolla İbn Abbas'tan nakline göre Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem içki içmeye ancak son zamanlarda vurma cezası uyguladı. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem Tebuk gazvesine çıkmıştı. Geceleyin odasına bir sarhoş getirildi. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem "Bu adamın koluna birisi girsin, elinden tutup onu evine götürsün" buyurdu. Bu rivayetıere verilecek cevap şudur: Bundan sonra içki içmeye had cezası uygulanacağı noktasında icma oluşmuştur. Çünkü Hz. Ebu Bekir, Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in sarhoşa uyguladığı vurmayı araştırmış ve onu şer'ı cezc. olarak belirlemiştir ve bu uygulamaya devam etmiştir. Kendisinden sonra gelenler de -sayısında ihtilaf etmiş olsalar bile- bu uygulamaya devam ettiler. Kurtubi bu haberleri şu şekilde yorumlayarak cem ve telif etmiştir: İlk başlarda içki içme konusunda herhangi bir şer'ı ceza yoktu. İbn Abbas'ın, Abbas'a sığınan kişi hakkındaki hadisi bu manada yorumlanır. Sonra içki içme cezası konusunda herhangi bir miktar belirtmeyen diğer hadislerde yer aldığı üzere tazir cezasına başlandı. Bunun ardından içki içmenin şer'i cezası (had) uygulandı. Sahabilerin ekserisi içki içmenin muayyen bir cezası olduğuna inandıkları halde açık ve net olarak bunun belirlendiğine muttali olmadılar. Buradan hareketle Hz. Ebu Bekir, Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in huzurunda yapılan uygulamayı esas aldı ve uygulama bu doğrultuda yerleşti. Sonra Hz. Ömer ve onun görüşüne katılanlar kırk sapanın arttırılması kanaatine vardılar. Bu ya hüküm çıkarma yoluyla şer'i ceza olarak ya da tazir cezası olarak arttırıldı. Burada bir hususa daha değinmek gerekir: Geriye hadiste bir kimse içki içtiğinde üç kez had cezası uygulanır. Dördüncü kez içtiğinde öldürülür, bir rivayete göre ise beşinci kez içtiğinde öldürülür şeklindeki hüküm kalmaktadır. Bu, Sünen'lerde isnadları güçlü olan birçok yoldan rivayet edilmiş olan bir hadistir. Tirmizi, içki içen kimseye öldürme cezasının uygulanmayacağı şeklinde bir icma nakletmiştir. içki içenin öldürüleceğinden söz eden haber, -Ahmed b. Hanbel, Hasan-ı Basri ve bazı zahiri müçtehidlerinin rivayet ettikleri üzere- Abdullah b. Amr gibi başkasının ondan buna dair sözünü nakletmesinden uzak olan kimsenin naklidir şeklinde yorumlanmıştır. Nevevi bu konuda daha da ileri gitmiş ve şöyle demiştir: Bu görüş batııdır ve sahabi ve ondan sonra gelenlerin iemaına muhalifiir. Bu konuda varid olan hadis mensuhtur. Hadis ya "Üç sebepten biri olmadıkça bir Müslümanın kanı helalolmaz. " hadisiyle ya da onun nesh edildiğine dair icma ile nesh edilmiştir. Bizce nesih delili açıkça nasslarda vardır. Bu Ebu Davud'un, Zühri vasıtasıyla Kubaysa'dan bu konuda naklettiği şu haberdir: içki içmiş birisi getirildi ve ResuluIlah Sallallahu Aleyhi ve Sellem ona sapa cezası uyguladı. Sonra aynı kişi içmiş olarak yine getirildi yine sapa cezası uyguladı. Ardından bir kez daha getirildi, yine sapa cezası uygulandı. Sonra bir kez daha getirildi, yine sapa cezası uygulandı. Böylece öldürme hükmü kaldırılmış oldu. Öldürme cezası bir ruhsattı."(Ebu Davud, HudCld) içki içme cezasının sabit olduğu ve bu konuda öldürme cezası bulunmadığı yolundaki icma yerleşik bir kuralalarak kalmıştır. Kırk ve seksen sapa şeklindeki ihtilaf ise sürüp gitmiştir. Bu, Müslüman ve hür olan bir kimseye mahsustur. Zimmiye gelince, ona had cezası uygulanmaz. Ahmed b. Hanbel'den zimmiye de had uygulanacağına dair bir rivayet vardır. Yine ondan gelen bir başka rivayete göre sarhoş olduğu takdirde bu ceza uygulanır. Hanbelilerde sahih olan görüş çoğunluğun görüşü gibidir

    ہم سے مکی بن ابراہیم نے بیان کیا، ان سے جعید نے، ان سے یزید بن خصیفہ نے، ان سے سائب بن یزید نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم اور ابوبکر رضی اللہ عنہ اور پھر عمر رضی اللہ عنہ کے ابتدائی دور خلافت میں شراب پینے والا ہمارے پاس لایا جاتا تو ہم اپنے ہاتھ، جوتے اور چادریں لے کر کھڑے ہو جاتے ( اور اسے مارتے ) آخر عمر رضی اللہ عنہ نے اپنے آخری دور خلافت میں شراب پینے والوں کو چالیس کوڑے مارے اور جب ان لوگوں نے مزید سرکشی کی اور فسق و فجور کیا تو ( 80 ) اسی کوڑے مارے۔

    সাইব ইবনু ইয়াযীদ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর যুগে ও আবূ বাকর (রাঃ)-এর খিলাফাত কালে এবং ‘উমার (রাঃ)-এর খিলাফাতের প্রথম দিকে আমাদের কাছে যখন কোন মদ্যপায়ীকে আনা হত তখন আমরা তাকে হাত দিয়ে, জুতা দিয়ে এবং আমাদের চাদর দিয়ে মারতাম। অতঃপর ‘উমার (রাঃ)-তাঁর খিলাফাতের শেষ সময়ে চল্লিশটি ক’রে চাবুক মেরেছেন। আর এ সব মদ্যপায়ী যখন বাড়াবাড়ি করেছে এবং পাপে লিপ্ত হয়েছে তখন আশিটি করে চাবুক লাগিয়েছেন। (আধুনিক প্রকাশনী- ৬৩১০, ইসলামিক ফাউন্ডেশন)

    சாயிப் பின் யஸீத் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களது காலத்திலும், அபூபக்ர் (ரலி) அவர்களது ஆட்சியிலும், உமர் (ரலி) அவர்களது ஆட்சியின் தொடக்கத்திலும் எங்களிடம் மது அருந்தியவர் கொண்டுவரப்பட்டால் அவரை நாங்கள் கையாலும் காலணியாலும் மேலங்கியாலும் அடிப்போம். உமர் (ரலி) அவர்களது ஆட்சிக் காலத்தின் இறுதியில் (குடிகாரருக்கு) நாற்பது சாட்டையடி வழங்கிடுமாறு அன்னார் உத்தரவிட்டார்கள். (மது அருந் தும் விஷயத்தில்) மக்கள் எல்லைமீறி நடந்துகொண்டு கட்டுப்பட மறுத்தபோது, (குடிகாரருக்கு) அன்னார் எண்பது சாட்டையடி வழங்கினார்கள். அத்தியாயம் :