• 683
  • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعبَّاسٍ : " يَا عَبَّاسُ ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ رَاجَعْتِهِ " قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : " إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ " قَالَتْ : لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعبَّاسٍ : يَا عَبَّاسُ ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ قَالَتْ : لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ

    بغض: البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
    أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا
    حديث رقم: 4995 في صحيح البخاري كتاب الطلاق باب خيار الأمة تحت العبد
    حديث رقم: 4996 في صحيح البخاري كتاب الطلاق باب خيار الأمة تحت العبد
    حديث رقم: 4997 في صحيح البخاري كتاب الطلاق باب خيار الأمة تحت العبد
    حديث رقم: 1942 في سنن أبي داوود كِتَاب الطَّلَاقِ أَبْوَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ
    حديث رقم: 1943 في سنن أبي داوود كِتَاب الطَّلَاقِ أَبْوَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ
    حديث رقم: 1138 في جامع الترمذي أبواب الرضاع باب ما جاء في المرأة تعتق ولها زوج
    حديث رقم: 5368 في السنن الصغرى للنسائي كتاب آداب القضاة شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم
    حديث رقم: 2070 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ
    حديث رقم: 1792 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2464 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 3303 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 4345 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّلَاقِ ذِكْرُ مَا يَجِبُ لِلْجَارِيَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ أَنْ تَخْتَارَ
    حديث رقم: 4348 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّلَاقِ ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا لَا حُرًّا
    حديث رقم: 5211 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْهِبَةِ ذِكْرُ جَوَازِ قَبُولِ الْمَرْءِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْهَدِيَّةِ
    حديث رقم: 5794 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْقَضَاءِ هَلْ يَشْفَعُ الْحَاكِمُ لِلْخُصُومِ قَبْلَ فَصْلِ الْحُكْمِ ؟
    حديث رقم: 13570 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ النِّكَاحِ مَا قَالُوا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ؟
    حديث رقم: 13571 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ النِّكَاحِ مَا قَالُوا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ؟
    حديث رقم: 13572 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ النِّكَاحِ مَا قَالُوا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ؟
    حديث رقم: 20034 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالْأَقْضِيَةِ فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ
    حديث رقم: 28522 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ أَقْضِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 30974 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفَرَائِضِ فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ ، مَنْ كَرِهَهُ
    حديث رقم: 35615 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ
    حديث رقم: 340 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ بَابُ : بَيْعِ الْوَلَاءِ
    حديث رقم: 335 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ بَابُ : بَيْعِ الْوَلَاءِ
    حديث رقم: 1185 في سنن الدارمي
    حديث رقم: 613 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 10667 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11457 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11458 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11617 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 3974 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ عَلِيٌّ
    حديث رقم: 11536 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11618 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11642 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11675 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 11751 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 12591 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابٌ الْأَمَةُ تُعْتَقُ عِنْدَ الْعَبْدِ
    حديث رقم: 15611 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْوَلَاءِ بَابُ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ
    حديث رقم: 15612 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْوَلَاءِ بَابُ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ
    حديث رقم: 1198 في سنن سعيد بن منصور كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ مَا جَاءَ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ
    حديث رقم: 1197 في سنن سعيد بن منصور كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ مَا جَاءَ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ
    حديث رقم: 13356 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ
    حديث رقم: 13357 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ
    حديث رقم: 13358 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ
    حديث رقم: 13359 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ
    حديث رقم: 13360 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ
    حديث رقم: 19959 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَلَاءِ بَابُ : مَنْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ
    حديث رقم: 14549 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْعِدَدِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ عِدَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا
    حديث رقم: 722 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالتِّجَارَاتِ كِتَابُ الطَّلَاقِ
    حديث رقم: 1875 في سنن الدارقطني كِتَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَابٌ فِي أُوَامِرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 3301 في سنن الدارقطني كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ الْمَهْرِ
    حديث رقم: 3302 في سنن الدارقطني كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ الْمَهْرِ
    حديث رقم: 3303 في سنن الدارقطني كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ الْمَهْرِ
    حديث رقم: 3307 في سنن الدارقطني كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ الْمَهْرِ
    حديث رقم: 1975 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ الْأَمَةِ تُعْتَقُ ، وَزَوْجُهَا عَبْدٌ
    حديث رقم: 2259 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْإِيلَاءِ بَابُ عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ ، وَالْمُعْتَقَةِ
    حديث رقم: 2964 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ الْأَمَةِ تَعْتِقُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ , هَلْ لَهَا خِيَارٌ أَمْ لَا ؟
    حديث رقم: 1924 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 2963 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابُ الْأَمَةِ تَعْتِقُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ , هَلْ لَهَا خِيَارٌ أَمْ لَا ؟
    حديث رقم: 1202 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ
    حديث رقم: 9033 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
    حديث رقم: 9023 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
    حديث رقم: 9034 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
    حديث رقم: 9035 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
    حديث رقم: 9036 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
    حديث رقم: 229 في حديث أبي محمد الفاكهي حديث أبي محمد الفاكهي
    حديث رقم: 523 في اعتلال القلوب للخرائطي اعتلال القلوب للخرائطي بَابُ الرَّحْمَةِ لِأَهْلِ الْهَوَى وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمْ
    حديث رقم: 553 في اعتلال القلوب للخرائطي اعتلال القلوب للخرائطي بَابُ إِعْرَاضِ الْمَحْبُوبِ عَنْ حُبِّهِ وَصَبْرِهِ عَنِ الْأَمْرِ جَهْدَهُ
    حديث رقم: 636 في مكارم الأخلاق للخرائطي مكارم الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الشَّفَاعَةِ لِذِي الْحَاجَةِ
    حديث رقم: 5661 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء مُغِيثٌ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ زَوْجُ بَرِيرَةَ ، ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَائِشَةَ
    حديث رقم: 3739 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 3738 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [5283] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ هُوَ بن سَلَّامٍ عَلَى مَا بَيَّنْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَقَدْ أخرجه النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن بشاروبن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيِّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وبن بشار وبن الْمُثَنَّى مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَدَهُمَا قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَخَالِدٌ شَيْخُهُ هُوَ الْحَذَّاءُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الثَّقَفِيُّ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ فَكَأَنَّ لَهُ فِيهِ شَيْخَيْنِ لَكِنَّ رِوَايَةَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَتَمُّ سِيَاقًا كَمَا تَرَى وَطَرِيقُ أَيُّوبَ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ وَطَرِيقُ خَالِدٍ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ عَنِ الثَّقَفِيِّ أَيْضًا وَسَاقَهُ عَنْهُمَا نَحْوَ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ يَبْكِي عَلَيْهَا وَالسِّكَكُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ سِكَّةٍ وَهِيَ الطُّرُقُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا وَأَنَّ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَرَضَّاهَا لتختاره فَلَمْ تَفْعَلْ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ سُؤَالَهُ لَهَا كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَظَاهِرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ لَوْ راجعته أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَبِهِ جَزَمَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَقَالَ لَوِ اخْتَرْتِهِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةِ سَعِيدٍ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْفَوْرَ فِي الْخِيَارِ هُنَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدُ قَوْلُهُ يَا عَبَّاس هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِدُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَفِي رِوَايَة بن مَاجَهْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ بِسَنَدِهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ أَوِ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا سَكَنَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سنة ثَمَان وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ وَهُوَ إِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَيُؤَيِّدُ تَأَخُّرَ قِصَّتِهَا أَيْضًا بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِفْكِ أَنَّ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَتْ صَغِيرَةً فَيَبْعُدُ وُقُوعُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَالْمُرَاجَعَةُ وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الشِّرَاءِ وَالْعِتْقُ مِنْهَا يَوْمَئِذٍ وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ شَاءَ مَوَالِيكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي غَايَةِ الضِّيقِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُمُ التَّوَسُّعُ بَعْدَ الْفَتْحِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِصَّتَهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً قَبْلَ قِصَّةِ الْإِفْكِ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ وُقُوعُ ذِكْرِهَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ السُّبْكِيَّ اسْتَشْكَلَ الْقِصَّةَ ثُمَّ جَوَّزَ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَتْهَا وَأَخَّرَتْ عِتْقَهَا إِلَى بَعْدِ الْفَتْحِ أَوْ دَامَ حُزْنُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ كَانَ حَصَلَ الْفَسْخُ وَطَلَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ كَانَتْ لِعَائِشَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثُمَّ اسْتَعَادَتْهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ اه وَأَقْوَى الِاحْتِمَالَاتِ الْأَوَّلُ كَمَا تَرَى قَوْلُهُ لَوْ رَاجَعْتِهِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بمثناة وَاحِدَة وَوَقع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ لَوْ رَاجَعْتِيهِ بِإِثْبَاتِ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاة وَهِي لُغَة ضَعِيفَة وَزَاد بن مَاجَهْ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ قَوْلُهُ تَأْمُرُنِي زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ لَا وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَنْحَصِرُ فِي صِيغَةِ افْعَلْ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِقَوْلِهِ لَو راجعته فَقَالَتْ أَتَأْمُرُنِي أَيْ تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْأَمْرَ فَيجب عَليّ وَعند بن مَسْعُود من مُرْسل بن سِيرِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَيْءٌ وَاجِبٌ عَلَيَّ قَالَ لَا قَوْلُهُ قَالَ إِنَّمَا أَنا أشفع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ إِنَّمَا أَشْفَعُ أَيْ أَقُولُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَاعَةِ لَهُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ عَلَيْكِ قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ أَيْ فَإِذا لم تلزمني بذلك لَا اخْتِيَار الْعَوْدَ إِلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ عِنْده(قَوْلُهُ بَابُ كَذَا) لَهُمْ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ مَا قَبْلَهُ وَأَوْرَدَ فِيهِ قِصَّةَ بَرِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ شُعْبَة عَن الحكم وَهُوَ بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخعِيّ عَن الْأسود وَهُوَ بن يَزِيدَ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَسَاقَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ لَكِنْ أَوْرَدَهُ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ مُخْتَصَرًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي الْفَرَائِضِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ثُمَّ أَوْرَدَهُ بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ فَسَاقَ نَحْوَ سِيَاقِ الْبَابِ وَزَادَ فِيهِ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ قَالَ الْأَسْوَدُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا قَالَ البُخَارِيّ قَول الْأسود مُنْقَطع وَقَول بن عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا أَصَحُّ وَقَالَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فِي قَوْلِ الْحَكَمِ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ عَقِبَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ هَذِهِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ لَكِنْ قَالَ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الزَّكَاةِ عَنْ آدَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ آدَمَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَجَعَلَ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ وَحَذَفَهَا فِي الزَّكَاةِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا هُنَا مُشِيرًا إِلَى أَنَّ أَصْلَ التَّخْيِيرِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ ثَابِتٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا قَالَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ وَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فِيهِ غَلَطٌ فَأَخْرَجَ قَاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه وبن حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلَّمُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ مُوسَى أَوْ مِنْ أَحْمَدَ فَإِنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ وَمِنْ أَصْحَابِ جَرِيرٍ قَالُوا كَانَ عبدا مِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَحَدِيثه عِنْد النَّسَائِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قُلْتُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ كَانَ حُرًّا ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ مَا أَدْرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا وَهُوَ وَهْمٌ قُلْتُ فِي شَيْئَيْنِ فِي قَوْلُهُ حُرٌّ وَفِي قَوْله عَائِشَةُ وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَلم يخْتَلف عَليّ بن عَبَّاسٍ فِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا جَزَمَ بِهِ التِّرْمِذِيّ عَن بن عُمَرَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًاوَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ عبدا وَلَو كَانَ حرا لم يخبرها فَأَخْبَرَتْ وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ بِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا ثُمَّ عَلَّلَتْ بِقَوْلِهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَهِيَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ نَعَمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زيد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ بَرِيرَةُ مُكَاتَبَةً لِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْحَدِيثَ أخرجه أَحْمد وبن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأُسَامَةُ فِيهِ مَقَالٌ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ فَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالًا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا تَوْجِيهُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَيْضًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا قُلْتُ وَأَصْرَحُ مَا رَأَيْتُهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا فَلَمَّا عُتِقَتْ خُيِّرَتْ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمد عَنهُ وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ فَدَلَّتِ الرِّوَايَاتُ الْمُفَصَّلَةُ الَّتِي قَدَّمْتُهَا آنِفًا عَلَى أَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الْأَسْوَدِ أَوْ مَنْ دُونَهُ فَيَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا أُدْرِجَ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ وَهُوَ نَادِرٌ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِهِ وَدُونَهُ أَنْ يَقَعَ فِي وَسَطِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا فَتُرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا بِالْكَثْرَةِ وَأَيْضًا فَآلُ الْمَرْءِ أَعْرَفُ بحَديثه فَإِن الْقَاسِم بن أخي عَائِشَة وَعُرْوَة بن أُخْتِهَا وَتَابَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَرِوَايَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهُمَا أَقْعَدُ بِعَائِشَةَ وَأَعْلَمُ بِحَدِيثِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْحُرِّ لَا خِيَارَ لَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا رَوَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْهَا فَكَانَ يَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِهَا وَيَدَعُوا مَا رُوِيَ عَنْهَا لَا سِيَّمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهَا فِيهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا عَلَى اعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُعْتِقَ فَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا وَيَرُدُّ هَذَا الْجَمْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ تُخَيَّرْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يَوْمَ أُعْتِقَتْ فَهَذَا يُعَارِضُ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ وَيُعَارِضُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا أَرَادَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَإِذَا تَعَارَضَا إِسْنَادًا وَاحْتِمَالًا احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيحِ وَرِوَايَةُ الْأَكْثَرِ يُرَجَّحُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْأَحْفَظُ وَكَذَلِكَ الْأَلْزَمُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي جَانِبِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا وَفِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالْكَثِيرِ مِنْهَا فِي الْعِتْقِ جَوَازُ الْمُكَاتَبَةِ بِالسُّنَّةِ تَقْرِيرًا لِحُكْمِ الْكِتَابِ وَقَدْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْأَوَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا أَوَّلُ كِتَابَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ سَلْمَانَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ أَوَّلِيَّتَهُ فِي الرِّجَالِ وَأَوَّلِيَّةَ بَرِيرَةَ فِي النِّسَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مُكَاتَبٍ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ عُمَرَ وَادَّعَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخُولِفَ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِيهِ إِلْحَاقُ الْإِمَاءِ بِالْعَبِيدِ لِأَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الذُّكُورِ وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ وَيُلْحَقُ بِهِ جَوَازُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَوَازُ كِتَابَةِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا حِرْفَةَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهَا مِنْ عَائِشَةَ الْإِعَانَةُ عَلَى حَالِهَا أَنْ يَكُونَ لَا مَالَ لَهَا وَلَا حِرْفَةَ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ وَلَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ إِذَا وَقَعَ التَّرَاضِي بِذَلِكَ وَحَمَلَهُ مَنْ مَنَعَ عَلَى أَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ إِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهُوَبَعِيدٌ جِدًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيَتَفَرَّعُ مِنْهُ إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرَّقِيقِ كُلِّهَا فِي النِّكَاحِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَكْثَرَ بِسَرْدِهَا مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَدَّى أَكْثَرَ نُجُومِهِ لَا يَعْتِقُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَكْثَرِ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى مِنَ النُّجُومِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ يُعْتَقُ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى بَعْضَ نُجُومِهِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي شِرَاءِ بَرِيرَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ وَالرَّقِيقِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ طَلَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَرِيبًا وَأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا فَسْخًا لِثُبُوتِ التَّخْيِيرِ فَلَوْ طَلُقَتْ بِذَلِكَ وَاحِدَةً لَكَانَ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إِذْنِهَا أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقُلْ لَهَا لَو راجعته لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَأَنَّ بَيْعَهَا لَا يُبِيحُ لِمُشْتَرِيهَا وَطَأْهَا لِأَنَّ تَخْيِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ عُلْقَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاكْتِسَابِ وَأَنَّ اكْتِسَابَهُ مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ لَهُ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُكَاتَبِ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى بَعْضِ نُجُومِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ وَجَوَازُ سُؤَالِ مَا لَا يُضْطَرُّ السَّائِلُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ وَجَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَجَوَازُ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَبَذْلِ الْمَالِ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ حَتَّى فِي الشِّرَاءِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بِالْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ السِّلْعَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ بَذَلَتْ نَقْدًا مَا جَعَلُوهُ نَسِيئَةً فِي تِسْعِ سِنِينَ لِحُصُولِ الرَّغْبَةِ فِي النَّقْدِ أَكْثَرَ مِنَ النَّسِيئَةِ وَجَوَازُ السُّؤَالِ فِي الْجُمْلَة لمن يتَوَقَّع الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فيتحمل الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّجْرِ عَنِ السُّؤَالِ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ جَوَازُ سَعْيِ الْمَرْقُوقِ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ بِسُؤَالِ مَنْ يَشْتَرِي لِيَعْتِقَ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِسَيِّدِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ وَفِيهِ بُطْلَانُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَصِحَّةُ الشُّرُوطِ الْمَشْرُوعَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الشُّرُوطِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنِ اسْتَثْنَى خِدْمَةَ الْمَرْقُوقِ عِنْدَ بَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ وَأَنَّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ إِلَّا إِنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ السَّعْي فِي تَحْصِيلِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ ثَابِتًا وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ من الصَّدَقَة لم يردهَا السَّيِّد وَإِذَا أَدَّى نُجُومَهُ قَبْلَ حُلُولِهَا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مَوَالِي بَرِيرَةَ إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي قَبُولِ تَعْجِيلِ مَا اتَّفَقُوا عَلَى تَأْجِيلِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ تَبَرَّعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوَضْعِ عَنِ الْمُكَاتَبِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ أَعُدُّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُنْكَرْ وَأُجِيبَ بِجَوَازِ قَصْدِ دَفْعِهِمْ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِيهِ جَوَازُ إِبْطَالِ الْكِتَابَةِ وَفَسْخِ عَقْدِهَا إِذَا تَرَاضَى السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِبْطَالُ التَّحْرِيرِ لِتَقْرِيرِ بَرِيرَةَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ عَائِشَةَ وَمَوَالِيهَا فِي فَسْخِ كِتَابَتِهَا لِتَشْتَرِيَهَا عَائِشَةُ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ كَعِتْقِ السَّائِبَةِ وَاللَّقِيطِ وَالْحَلِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَثُرَ بِهَا الْعَدَدُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَالْقِيَامُ فِيهَا وَتَقْدِمَةُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ فِي الْحَاجَةِ وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا يُنْكَرُ اسْتُحِبَّ عَدَمُ تَعْيِينِهِ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ لَا يُكْرَهُ إِلَّا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ وَوَقَعَ مُتَكَلَّفًا وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ الشَّيْء وَأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَشْتَرِطَ ثُمَّ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِطِي وَلَمْ يَنْقُلْ كَفَّارَةً وَفِيهِ مُنَاجَاةُ الِاثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ الثَّالِثِ فِي الْأَمْرِ يَسْتَحِي مِنْهُ الْمُنَاجِي وَيَعْلَمُ أَنَّ مَنْ نَاجَاهُ يُعْلِمُ الثَّالِثَ بِهِ وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الثَّالِثِ عَنِ الْمُنَاجَاةِ الْمَذْكُورَةِ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِهِ وَجَوَازُإِظْهَارِ السِّرِّ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُنَاجِي وَفِيهِ جَوَازُ الْمُسَاوَمَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهَا وَلَوْ لِلرَّقِيقِ وَاسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَوَالِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتِقَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْوَلَاءِ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَفِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ وَلَاءَ عَتِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ وَأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فِي الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعْطَى الْمَالِكُ لَا مَنْ بَاشَرَ الْإِعْطَاءَ مُطْلَقًا فَلَا يَدْخُلُ الْوَكِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ خِيَارَهَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنَّهَا عَتَقَتْ فَدَعَاهَا فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَعَنْهُ يَمْتَدُّ خِيَارُهَا ثَلَاثًا وَقِيلَ بِقِيَامِهَا مِنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ مِنْ مَجْلِسِهَا وَهُمَا عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَقِيلَ يَمْتَدُّ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِهِ بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَرَوَى مَالِكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور عَن بن عمر مثله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا فَرْقَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنْ وَطِئَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا عَيْبًا ثُمَّ مَكَّنَتْهُ مِنَ الْوَطْءِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَفِيهِ أَنَّ الْخِيَارَ فَسْخٌ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَهُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لَو راجعته وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لَهَا اخْتِيَارٌ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمُرَاجَعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إِلَى عِصْمَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا مَعَ أَنَّهَا فِي الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَفِيهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ اسْتِحَالَةَ أَنْ يُحِبَّ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْآخَرَ وَالْآخَرُ يُبْغِضُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ وَجَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِمَالَةِ مُغِيثٍ لَهَا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الِاسْتِمَالَاتِ كَإِظْهَارِهِ حُبَّهَا وَتَرَدُّدِهِ خَلْفَهَا وَبُكَائِهِ عَلَيْهَا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِمَالَتِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْوَعْدِ الْجَمِيلِ وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَمِيلَ الْقَلْبُ وَلَوْ كَانَ نَافِرًا فَلَمَّا خَالَفَتِ الْعَادَةَ وَقَعَ التَّعَجُّبُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ فَآثَرَ مَا يَنْفَعُهُ لَمْ يُلَمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِرَفِيقِهِ وَفِيهِ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ سُقُوطُ الْكَفَاءَةِ بِرِضَا الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا وَأَنَّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَقَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَنَّهَا لَوِ اخْتَارَتِ الْبَقَاءَ مَعَهُ لَمْ يَنْقُصْ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَكَثُرَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ هُنَا فِي سَرْدِ تَفَارِيعِ التَّخْيِيرِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْفِرَاقِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفِرَاقَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا بِهَذَا الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بَيْتَ الرَّجُلِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا يَلْحَقُهَا فِي الْعِتْقِ وَلَدُهَا وَلَا زَوْجُهَا وَفِيهِ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطْلَقًا وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ مِنْهَا عَلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ صَدَقَةِ الْفَرْضِ كَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِيهِ وَأَنَّ مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَى الْأَزْوَاجِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْغَنِيِّ مَا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إِذَا أَهْدَاهُ لَهُ وَبِالْبَيْعِ أَوْلَى وَجَوَازُ قَبُولِ الْغَنِيِّ هَدِيَّةَ الْفَقِيرِ وَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ نُصْحُ أَهْلِ الرَّجُلِ لَهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَجَوَازُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ طَعَامِ مَنْ يُسَرُّ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَبِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِنَفْسِهَا فِي أُمُورِهَا وَلَا حَجْرَ لِمُعْتِقِهَا عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِي كَسْبِهَا دُونَ إِذْنِ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَفِيهِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَمُونُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَمُونُ بَرِيرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَبُولَهَا الصَّدَقَةَ وَأَنَّ لِمَنْ أُهْدِيَ لِأَهْلِهِ شَيْءٌ أَنْ يُشْرِكَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ لَنَا هدِيَّةٌ وَأَنَّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ جَازَ لَهُ أَكْلُ عَيْنِهَا إِذَا تَغَيَّرَ حُكْمُهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُدْخِلَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَأَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِهِ بِالطَّبْخِ وَغَيْرِهِ بَآلَاتِهِ وَوُقُودِهِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْمَرْءِ مَا يَجِدُهُ فِي بَيْتِهِ إِذَا غَلَبَ الْحِلُّ فِي الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَعْرِيفُهُ بِمَا يَخْشَى تَوَقُّفَهُ عَنْهُ وَاسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَمَّا يُسْتَفَادُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ أَدَبٌ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ أَوْ رَفْعُ شُبْهَةٍ وَقَدْ يَجِبُ وَسُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدَهُ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ هَدِيَّةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ مُطْلَقًا وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ نَزَرَ قَدْرُهَا جَبْرٌ لِلْمُهْدِي وَأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُمْلَكُ بِوَضْعِهَا فِي بَيْتِ الْمُهْدِي لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ وَأَنَّ لِمَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا شَاءَ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا عَنِ الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ مَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ قَلِيلٌ لَا يَتَسَخَّطُهُ وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَسُؤَالُ الْعَالِمِ عَنِ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَإِعْلَامُ الْعَالِمِ بِالْحُكْمِ لِمَنْ رَآهُ يَتَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ وَمُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ التَّخْيِيرِ فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا أَوِ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ وَأَنَّ عَلَى الَّذِي يُشَاوِرُ بَذْلَ النَّصِيحَةِ وَفِيهِ جَوَازُ مُخَالَفَةِ الْمُشِيرِ فِيمَا يُشِيرُ بِهِ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَاسْتِحْبَابُ شَفَاعَةِ الْحَاكِمِ فِي الرِّفْقِ بِالْخَصْمِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَلَا إِلْزَامَ وَلَا لَوْمَ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَلَا غَضَبَ وَلَوْ عَظُمَ قَدْرُ الشَّافِعِ وَتَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ شَفَاعَةُ الْحَاكِمِ فِي الْخُصُومِ قَبْلَ فَصْلِ الْحُكْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ الْقَبُولُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّصْمِيمَ فِي الشَّفَاعَةِ لَا يَسُوغُ فِيمَا تَشُقُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ عَلَى الْمَسْئُولِ بَلْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْعَرْضِ وَالتَّرْغِيبِ وَفِيهِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهَا الْمَشْفُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ مُغِيثًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ كَذَا قِيلَ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُغِيثٌ سَأَلَ الْعَبَّاسَ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَبَّاسُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى مُغِيثٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ أَنَّ الشَّافِعَ يُؤْجَرُ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ إِجَابَتُهُ وَأَنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ دُونَ قَدْرِ الشَّافِعِ لَمْ تَمْتَنِعِ الشَّفَاعَةُ قَالَ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الصَّاحِبِ صَاحِبَهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ لِتَعْجِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلُّهُ بِحُضُورٍ وَفِكْرٍ وَأَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الْعَادَةَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَيُعْتَبَرُ بِهِ وَفِيهِ حُسْنُ أَدَبِ بَرِيرَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْصِحْ بِرَدِّ الشَّفَاعَةِ وَإِنَّمَا قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ فَرْطَ الْحُبِّ يُذْهِبُ الْحَيَاءَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حَالِ مُغِيثٍ وَغَلَبَةِ الْوَجْدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ كِتْمَانَ حُبِّهَا وَفِي تَرْكِ النَّكِيرِ عَلَيْهِ بَيَانُ جَوَازِ قَبُولِ عُذْرِ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا مَعْذِرَةُ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ إِذَا حَصَلَ لَهُمُ الْوَجْدُ من سَماع مَا يفهمون مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى أَحْوَالهم حَيْثُيَظْهَرُ مِنْهُمْ مَا لَا يَصْدُرُ عَنِ اخْتِيَارٍ مِنَ الرَّقْصِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَنَافِرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا زَوْجَيْنِ أَمْ لَا وَتَأْكِيدُ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّافِعَ يَذْكُرُ لِلْمَشْفُوعِ عِنْده مَا يبْعَث على قَبُولِهِ مِنْ مُقْتَضَى الشَّفَاعَةِ وَالْحَامِلِ عَلَيْهَا وَفِيهِ جَوَازُ شِرَاءِ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَأَنَّ الْوَلَدَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ وَالْحُكْمُ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ بَرِيرَةَ وَالْكَلَامُ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَبُو وَلَدِهَا بِالْقُوَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ جَوَازُ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَى أُمِّهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ لَا إِجْبَارَ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ مَعْتُوقَةً وَجَوَازُ خِطْبَةِ الْكَبِيرِ وَالشَّرِيفِ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْمُخَاطَبَةِ حَتَّى مِنَ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى وَحُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْطُبَ مطلقته بِغَيْر إِذن سَيّده وَأَنَّ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إِذَا خَطَبَهَا لِمُطَلَّقِهَا وَأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ لَا رَجْعَةَ فِيهِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَأَنَّ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَا لَوْمَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَجَوَازُ بُكَاءِ الْمُحِبِّ عَلَى فِرَاقِ حَبِيبِهِ وَعَلَى مَا يَفُوتُهُ مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمِنَ الدِّينِيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَى الرَّجُلِ فِي إِظْهَارِ حُبِّهِ لِزَوْجَتِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَبْغَضَتِ الزَّوْجَ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا إِكْرَاهُهَا عَلَى عِشْرَتِهِ وَإِذَا أَحَبَّتْهُ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَجَوَازُ مَيْلِ الرَّجُلِ إِلَى امْرَأَةٍ يَطْمَعُ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ رَجَعْتِهَا وَجَوَازُ كَلَامِ الرَّجُلِ لِمُطَلَّقَتِهِ فِي الطُّرُقِ وَاسْتِعْطَافِهِ لَهَا وَاتِّبَاعِهَا أَيْنَ سَلَكَتْ كَذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَجَوَازُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَظْهَرُ مِنْ حَالِ الْمَرْءِ وَإِنْ لَمْ تُفْصِحْ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ مَا قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ رَدِّ الشَّافِعِ الْمِنَّةَ عَلَى الْمَشْفُوعِ إِلَيْهِ بِقَبُولِ شَفَاعَتِهِ لِأَنَّ قَوْلَ بَرِيرَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْمُرُنِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَقَبِلَتْ شَفَاعَتَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهَا مَا فُهِمَ مِنَ الْمِنَّةِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُتَكَلَّفٌ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ عَلِمَتْ أَنَّ أَمْرَهُ وَاجِبُ الِامْتِثَالِ فَلَمَّا عَرَضَ عَلَيْهَا مَا عَرَضَ اسْتَفْصَلَتْ هَلْ هُوَ أَمْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا امْتِثَالُهُ أَوْ مَشُورَةٌ فَتَتَخَيَّرُ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْحَاكِمِ بَيْنَ الْخُصُومِ فِي مَشُورَةٍ وَشَفَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ حُكْمًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سُئِلَ قَضَاءَ حَاجَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الطَّالِبِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ شَرَطَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْوَلَاءُ إِذَا أَدَّتِ الثَّمَنَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَفِيهِ جَوَازُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ وَأَنَّهُ يَبْرَأُ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنهُ وافتاء الرجل زَوجته فِيمَا لَهَا فِيهِ حَظٌّ وَغَرَضٌ إِذَا كَانَ حَقًّا وَجَوَازُ حُكْمِ الْحَاكِمِ لِزَوْجَتِهِ بِالْحَقِّ وَجَوَازُ قَوْلِ مُشْتَرِي الرَّقِيقِ اشْتَرَيْتُهُ لِأُعْتِقَهُ تَرْغِيبًا لِلْبَائِعِ فِي تَسْهِيلِ الْبَيْعِ وَجَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَدَدًا إِذَا كَانَ قَدْرُهَا بِالْكِتَابَةِ مَعْلُومًا لِقَوْلِهَا أَعُدُّهَا وَلِقَوْلِهَا تِسْعُ أَوَاقٍ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ عَقْدِ الْبَيْعِ بِالْكِتَابَةِ لِقَوْلِهِ خُذِيهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ وَفِيهِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لِقَوْلِهِ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى وَفِيهِ جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الرَّقِيقِ لِتَكَرُّرِ ذِكْرِ أَهْلِ بَرِيرَةَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي رِوَايَةٍ كَانَتْ لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيَحْتَمِلُ مَعَ ذَلِكَ الْوَحْدَةُ وَإِطْلَاقُ مَا فِي الْخَبَرِ عَلَى الْمَجَازِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَيْدِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ لَا يُسْأَلُ عَنْ أَصْلِهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِظْهَارِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ لِلْعَالِمِ بِهَا إِذَا كَانَ الْعَاقِدُ يَجْهَلُهَا وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا عَكْسَهُ وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ وَخَبَرِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَرِوَايَتَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِذَا اقْتَضَتْ بَيَانَ حُكْمٍ عَامٍّ وَجَبَ إِعْلَانُهُ أَوْ نُدِبَ بِحَسَبِ الْحَالِ وَفِيهِ جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَالِاخْتِصَارِ من الحَدِيثوَالِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ رُوِيَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَزَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِك فِي صِحَّته عِنْد أحد من الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَ بِالرِّجَالِ لَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِعِدَّةِ الْإِمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ أَصْلَهُ تَعْتَدُّ بِحَيْضٍ فَيكون المُرَاد جنس مَا تستبريء بِهِ رَحِمَهَا لَا الْوَحْدَةُ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْأَحْكَامِ سُنَنًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا وَاجِبًا وَأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا دُونَ الْوَاجِبِ سُنَّةً اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَفِيهِ جَوَازُ جَبْرِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ عَلَى تَزْوِيجِ مَنْ لَا تَخْتَارُهُ إِمَّا لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ وَهِيَ بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ جَمِيلَةً غَيْرَ سَوْدَاءَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا وَقَدْ زُوِّجَتْ مِنْهُ وَظَهَرَ عَدَمُ اخْتِيَارِهَا لِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يُبْغِضُ الْآخَرَ وَلَا يُظْهِرُ لَهُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَرِيرَةُ مَعَ بُغْضِهَا مُغِيثًا كَانَتْ تصبر عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا تعامله بِمَا يَقْتَضِيهِ الْبُغْضُ إِلَى أَنْ فَرَّجَ اللَّهِ عَنْهَا وَفِيهِ تَنْبِيهُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ إِذَا جَهِلَهُ وَاسْتِقْلَالُ الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى السَّادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعَبِيدِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ وَجَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعَبْدِ مُغِيثًا وَأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَنَّ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ مُعْتِقِهِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ وَجَوَازُ الْهَدِيَّةِ لِأَهْلِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ وَقَبُولُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَفِيهِ سُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدْهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ حَيْثُ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَقُولُ لِأَهْلِهِ أَيْنَ ذَهَبَ وَهُنَا سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ وَعَايَنَهُ ثُمَّ أُحْضِرَ لَهُ غَيْرُهُ فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بَلْ لِتَوَهُّمِ تَحْرِيمِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الْجَوَاز وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ دلَالَة على تبسط الْإِنْسَانِ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْزِلِهِ وَمَا عَهِدَهُ فِيهِ قَبْلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعِنْدِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي اللَّحْمِ وَأَنَّهُ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَالثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ أَيْنَ هُوَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أُهْدِيَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَعْضِ إِلْزَامِهَا كَأَقَارِبِهَا مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْأَوَّلُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يُظَنَّ تَحْرِيمُهُ أَوْ تَظْهَرُ فِيهِ شُبْهَةٌ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ وَلَا عَنْ حَالِهِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَة بِالصَّدَقَةِ فَلم يتم هَذَا (قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا تَنْكِحُوا المشركات) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْله وَلَو اعجبتكم وَلَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ عِنْدَهُ فِي تَأْوِيلِهَا فَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّهَا خصتوبن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيِّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وبن بشار وبن الْمُثَنَّى مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَدَهُمَا قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَخَالِدٌ شَيْخُهُ هُوَ الْحَذَّاءُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الثَّقَفِيُّ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ فَكَأَنَّ لَهُ فِيهِ شَيْخَيْنِ لَكِنَّ رِوَايَةَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَتَمُّ سِيَاقًا كَمَا تَرَى وَطَرِيقُ أَيُّوبَ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ وَطَرِيقُ خَالِدٍ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ عَنِ الثَّقَفِيِّ أَيْضًا وَسَاقَهُ عَنْهُمَا نَحْوَ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ يَبْكِي عَلَيْهَا وَالسِّكَكُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ سِكَّةٍ وَهِيَ الطُّرُقُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا وَأَنَّ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَرَضَّاهَا لتختاره فَلَمْ تَفْعَلْ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ سُؤَالَهُ لَهَا كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَظَاهِرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ لَوْ راجعته أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَبِهِ جَزَمَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَقَالَ لَوِ اخْتَرْتِهِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةِ سَعِيدٍ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْفَوْرَ فِي الْخِيَارِ هُنَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدُ قَوْلُهُ يَا عَبَّاس هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِدُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَفِي رِوَايَة بن مَاجَهْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ بِسَنَدِهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ أَوِ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا سَكَنَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سنة ثَمَان وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ وَهُوَ إِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَيُؤَيِّدُ تَأَخُّرَ قِصَّتِهَا أَيْضًا بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِفْكِ أَنَّ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَتْ صَغِيرَةً فَيَبْعُدُ وُقُوعُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَالْمُرَاجَعَةُ وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الشِّرَاءِ وَالْعِتْقُ مِنْهَا يَوْمَئِذٍ وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ شَاءَ مَوَالِيكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي غَايَةِ الضِّيقِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُمُ التَّوَسُّعُ بَعْدَ الْفَتْحِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِصَّتَهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً قَبْلَ قِصَّةِ الْإِفْكِ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ وُقُوعُ ذِكْرِهَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ السُّبْكِيَّ اسْتَشْكَلَ الْقِصَّةَ ثُمَّ جَوَّزَ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَتْهَا وَأَخَّرَتْ عِتْقَهَا إِلَى بَعْدِ الْفَتْحِ أَوْ دَامَ حُزْنُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ كَانَ حَصَلَ الْفَسْخُ وَطَلَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ كَانَتْ لِعَائِشَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثُمَّ اسْتَعَادَتْهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ اه وَأَقْوَى الِاحْتِمَالَاتِ الْأَوَّلُ كَمَا تَرَى قَوْلُهُ لَوْ رَاجَعْتِهِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بمثناة وَاحِدَة وَوَقع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ لَوْ رَاجَعْتِيهِ بِإِثْبَاتِ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاة وَهِي لُغَة ضَعِيفَة وَزَاد بن مَاجَهْ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ قَوْلُهُ تَأْمُرُنِي زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ لَا وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَنْحَصِرُ فِي صِيغَةِ افْعَلْ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِقَوْلِهِ لَو راجعته فَقَالَتْ أَتَأْمُرُنِي أَيْ تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْأَمْرَ فَيجب عَليّ وَعند بن مَسْعُود من مُرْسل بن سِيرِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَيْءٌ وَاجِبٌ عَلَيَّ قَالَ لَا قَوْلُهُ قَالَ إِنَّمَا أَنا أشفع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ إِنَّمَا أَشْفَعُ أَيْ أَقُولُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَاعَةِ لَهُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ عَلَيْكِ قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ أَيْ فَإِذا لم تلزمني بذلك لَا اخْتِيَار الْعَوْدَ إِلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ عِنْده(قَوْلُهُ بَابُ كَذَا) لَهُمْ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ مَا قَبْلَهُ وَأَوْرَدَ فِيهِ قِصَّةَ بَرِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ شُعْبَة عَن الحكم وَهُوَ بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخعِيّ عَن الْأسود وَهُوَ بن يَزِيدَ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَسَاقَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ لَكِنْ أَوْرَدَهُ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ مُخْتَصَرًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي الْفَرَائِضِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ثُمَّ أَوْرَدَهُ بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ فَسَاقَ نَحْوَ سِيَاقِ الْبَابِ وَزَادَ فِيهِ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ قَالَ الْأَسْوَدُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا قَالَ البُخَارِيّ قَول الْأسود مُنْقَطع وَقَول بن عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا أَصَحُّ وَقَالَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فِي قَوْلِ الْحَكَمِ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ عَقِبَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ هَذِهِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ لَكِنْ قَالَ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الزَّكَاةِ عَنْ آدَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ آدَمَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَجَعَلَ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ وَحَذَفَهَا فِي الزَّكَاةِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا هُنَا مُشِيرًا إِلَى أَنَّ أَصْلَ التَّخْيِيرِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ ثَابِتٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا قَالَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ وَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فِيهِ غَلَطٌ فَأَخْرَجَ قَاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه وبن حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلَّمُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ مُوسَى أَوْ مِنْ أَحْمَدَ فَإِنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ وَمِنْ أَصْحَابِ جَرِيرٍ قَالُوا كَانَ عبدا مِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَحَدِيثه عِنْد النَّسَائِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قُلْتُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ كَانَ حُرًّا ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ مَا أَدْرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا وَهُوَ وَهْمٌ قُلْتُ فِي شَيْئَيْنِ فِي قَوْلُهُ حُرٌّ وَفِي قَوْله عَائِشَةُ وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَلم يخْتَلف عَليّ بن عَبَّاسٍ فِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا جَزَمَ بِهِ التِّرْمِذِيّ عَن بن عُمَرَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًاوَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ عبدا وَلَو كَانَ حرا لم يخبرها فَأَخْبَرَتْ وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ بِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا ثُمَّ عَلَّلَتْ بِقَوْلِهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَهِيَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ نَعَمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زيد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ بَرِيرَةُ مُكَاتَبَةً لِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْحَدِيثَ أخرجه أَحْمد وبن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأُسَامَةُ فِيهِ مَقَالٌ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ فَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالًا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا تَوْجِيهُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَيْضًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا قُلْتُ وَأَصْرَحُ مَا رَأَيْتُهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا فَلَمَّا عُتِقَتْ خُيِّرَتْ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمد عَنهُ وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ فَدَلَّتِ الرِّوَايَاتُ الْمُفَصَّلَةُ الَّتِي قَدَّمْتُهَا آنِفًا عَلَى أَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الْأَسْوَدِ أَوْ مَنْ دُونَهُ فَيَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا أُدْرِجَ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ وَهُوَ نَادِرٌ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِهِ وَدُونَهُ أَنْ يَقَعَ فِي وَسَطِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا فَتُرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا بِالْكَثْرَةِ وَأَيْضًا فَآلُ الْمَرْءِ أَعْرَفُ بحَديثه فَإِن الْقَاسِم بن أخي عَائِشَة وَعُرْوَة بن أُخْتِهَا وَتَابَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَرِوَايَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهُمَا أَقْعَدُ بِعَائِشَةَ وَأَعْلَمُ بِحَدِيثِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْحُرِّ لَا خِيَارَ لَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا رَوَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْهَا فَكَانَ يَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِهَا وَيَدَعُوا مَا رُوِيَ عَنْهَا لَا سِيَّمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهَا فِيهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا عَلَى اعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُعْتِقَ فَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا وَيَرُدُّ هَذَا الْجَمْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ تُخَيَّرْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يَوْمَ أُعْتِقَتْ فَهَذَا يُعَارِضُ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ وَيُعَارِضُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا أَرَادَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَإِذَا تَعَارَضَا إِسْنَادًا وَاحْتِمَالًا احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيحِ وَرِوَايَةُ الْأَكْثَرِ يُرَجَّحُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْأَحْفَظُ وَكَذَلِكَ الْأَلْزَمُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي جَانِبِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا وَفِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالْكَثِيرِ مِنْهَا فِي الْعِتْقِ جَوَازُ الْمُكَاتَبَةِ بِالسُّنَّةِ تَقْرِيرًا لِحُكْمِ الْكِتَابِ وَقَدْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْأَوَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا أَوَّلُ كِتَابَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ سَلْمَانَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ أَوَّلِيَّتَهُ فِي الرِّجَالِ وَأَوَّلِيَّةَ بَرِيرَةَ فِي النِّسَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مُكَاتَبٍ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ عُمَرَ وَادَّعَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخُولِفَ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِيهِ إِلْحَاقُ الْإِمَاءِ بِالْعَبِيدِ لِأَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الذُّكُورِ وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ وَيُلْحَقُ بِهِ جَوَازُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَوَازُ كِتَابَةِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا حِرْفَةَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهَا مِنْ عَائِشَةَ الْإِعَانَةُ عَلَى حَالِهَا أَنْ يَكُونَ لَا مَالَ لَهَا وَلَا حِرْفَةَ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ وَلَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ إِذَا وَقَعَ التَّرَاضِي بِذَلِكَ وَحَمَلَهُ مَنْ مَنَعَ عَلَى أَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ إِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهُوَبَعِيدٌ جِدًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيَتَفَرَّعُ مِنْهُ إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرَّقِيقِ كُلِّهَا فِي النِّكَاحِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَكْثَرَ بِسَرْدِهَا مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَدَّى أَكْثَرَ نُجُومِهِ لَا يَعْتِقُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَكْثَرِ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى مِنَ النُّجُومِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ يُعْتَقُ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى بَعْضَ نُجُومِهِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي شِرَاءِ بَرِيرَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ وَالرَّقِيقِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ طَلَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَرِيبًا وَأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا فَسْخًا لِثُبُوتِ التَّخْيِيرِ فَلَوْ طَلُقَتْ بِذَلِكَ وَاحِدَةً لَكَانَ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إِذْنِهَا أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقُلْ لَهَا لَو راجعته لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَأَنَّ بَيْعَهَا لَا يُبِيحُ لِمُشْتَرِيهَا وَطَأْهَا لِأَنَّ تَخْيِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ عُلْقَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاكْتِسَابِ وَأَنَّ اكْتِسَابَهُ مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ لَهُ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُكَاتَبِ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى بَعْضِ نُجُومِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ وَجَوَازُ سُؤَالِ مَا لَا يُضْطَرُّ السَّائِلُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ وَجَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَجَوَازُ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَبَذْلِ الْمَالِ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ حَتَّى فِي الشِّرَاءِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بِالْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ السِّلْعَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ بَذَلَتْ نَقْدًا مَا جَعَلُوهُ نَسِيئَةً فِي تِسْعِ سِنِينَ لِحُصُولِ الرَّغْبَةِ فِي النَّقْدِ أَكْثَرَ مِنَ النَّسِيئَةِ وَجَوَازُ السُّؤَالِ فِي الْجُمْلَة لمن يتَوَقَّع الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فيتحمل الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّجْرِ عَنِ السُّؤَالِ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ جَوَازُ سَعْيِ الْمَرْقُوقِ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ بِسُؤَالِ مَنْ يَشْتَرِي لِيَعْتِقَ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِسَيِّدِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ وَفِيهِ بُطْلَانُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَصِحَّةُ الشُّرُوطِ الْمَشْرُوعَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الشُّرُوطِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنِ اسْتَثْنَى خِدْمَةَ الْمَرْقُوقِ عِنْدَ بَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ وَأَنَّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ إِلَّا إِنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ السَّعْي فِي تَحْصِيلِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ ثَابِتًا وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ من الصَّدَقَة لم يردهَا السَّيِّد وَإِذَا أَدَّى نُجُومَهُ قَبْلَ حُلُولِهَا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مَوَالِي بَرِيرَةَ إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي قَبُولِ تَعْجِيلِ مَا اتَّفَقُوا عَلَى تَأْجِيلِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ تَبَرَّعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوَضْعِ عَنِ الْمُكَاتَبِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ أَعُدُّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُنْكَرْ وَأُجِيبَ بِجَوَازِ قَصْدِ دَفْعِهِمْ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِيهِ جَوَازُ إِبْطَالِ الْكِتَابَةِ وَفَسْخِ عَقْدِهَا إِذَا تَرَاضَى السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِبْطَالُ التَّحْرِيرِ لِتَقْرِيرِ بَرِيرَةَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ عَائِشَةَ وَمَوَالِيهَا فِي فَسْخِ كِتَابَتِهَا لِتَشْتَرِيَهَا عَائِشَةُ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ كَعِتْقِ السَّائِبَةِ وَاللَّقِيطِ وَالْحَلِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَثُرَ بِهَا الْعَدَدُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَالْقِيَامُ فِيهَا وَتَقْدِمَةُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ فِي الْحَاجَةِ وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا يُنْكَرُ اسْتُحِبَّ عَدَمُ تَعْيِينِهِ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ لَا يُكْرَهُ إِلَّا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ وَوَقَعَ مُتَكَلَّفًا وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ الشَّيْء وَأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَشْتَرِطَ ثُمَّ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِطِي وَلَمْ يَنْقُلْ كَفَّارَةً وَفِيهِ مُنَاجَاةُ الِاثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ الثَّالِثِ فِي الْأَمْرِ يَسْتَحِي مِنْهُ الْمُنَاجِي وَيَعْلَمُ أَنَّ مَنْ نَاجَاهُ يُعْلِمُ الثَّالِثَ بِهِ وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الثَّالِثِ عَنِ الْمُنَاجَاةِ الْمَذْكُورَةِ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِهِ وَجَوَازُإِظْهَارِ السِّرِّ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُنَاجِي وَفِيهِ جَوَازُ الْمُسَاوَمَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهَا وَلَوْ لِلرَّقِيقِ وَاسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَوَالِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتِقَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْوَلَاءِ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَفِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ وَلَاءَ عَتِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ وَأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فِي الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعْطَى الْمَالِكُ لَا مَنْ بَاشَرَ الْإِعْطَاءَ مُطْلَقًا فَلَا يَدْخُلُ الْوَكِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ خِيَارَهَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنَّهَا عَتَقَتْ فَدَعَاهَا فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَعَنْهُ يَمْتَدُّ خِيَارُهَا ثَلَاثًا وَقِيلَ بِقِيَامِهَا مِنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ مِنْ مَجْلِسِهَا وَهُمَا عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَقِيلَ يَمْتَدُّ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِهِ بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَرَوَى مَالِكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور عَن بن عمر مثله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا فَرْقَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنْ وَطِئَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا عَيْبًا ثُمَّ مَكَّنَتْهُ مِنَ الْوَطْءِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَفِيهِ أَنَّ الْخِيَارَ فَسْخٌ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَهُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لَو راجعته وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لَهَا اخْتِيَارٌ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمُرَاجَعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إِلَى عِصْمَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا مَعَ أَنَّهَا فِي الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَفِيهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ اسْتِحَالَةَ أَنْ يُحِبَّ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْآخَرَ وَالْآخَرُ يُبْغِضُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ وَجَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِمَالَةِ مُغِيثٍ لَهَا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الِاسْتِمَالَاتِ كَإِظْهَارِهِ حُبَّهَا وَتَرَدُّدِهِ خَلْفَهَا وَبُكَائِهِ عَلَيْهَا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِمَالَتِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْوَعْدِ الْجَمِيلِ وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَمِيلَ الْقَلْبُ وَلَوْ كَانَ نَافِرًا فَلَمَّا خَالَفَتِ الْعَادَةَ وَقَعَ التَّعَجُّبُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ فَآثَرَ مَا يَنْفَعُهُ لَمْ يُلَمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِرَفِيقِهِ وَفِيهِ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ سُقُوطُ الْكَفَاءَةِ بِرِضَا الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا وَأَنَّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَقَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَنَّهَا لَوِ اخْتَارَتِ الْبَقَاءَ مَعَهُ لَمْ يَنْقُصْ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَكَثُرَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ هُنَا فِي سَرْدِ تَفَارِيعِ التَّخْيِيرِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْفِرَاقِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفِرَاقَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا بِهَذَا الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بَيْتَ الرَّجُلِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا يَلْحَقُهَا فِي الْعِتْقِ وَلَدُهَا وَلَا زَوْجُهَا وَفِيهِ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطْلَقًا وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ مِنْهَا عَلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ صَدَقَةِ الْفَرْضِ كَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِيهِ وَأَنَّ مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَى الْأَزْوَاجِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْغَنِيِّ مَا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إِذَا أَهْدَاهُ لَهُ وَبِالْبَيْعِ أَوْلَى وَجَوَازُ قَبُولِ الْغَنِيِّ هَدِيَّةَ الْفَقِيرِ وَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ نُصْحُ أَهْلِ الرَّجُلِ لَهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَجَوَازُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ طَعَامِ مَنْ يُسَرُّ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَبِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِنَفْسِهَا فِي أُمُورِهَا وَلَا حَجْرَ لِمُعْتِقِهَا عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِي كَسْبِهَا دُونَ إِذْنِ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَفِيهِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَمُونُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَمُونُ بَرِيرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَبُولَهَا الصَّدَقَةَ وَأَنَّ لِمَنْ أُهْدِيَ لِأَهْلِهِ شَيْءٌ أَنْ يُشْرِكَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ لَنَا هدِيَّةٌ وَأَنَّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ جَازَ لَهُ أَكْلُ عَيْنِهَا إِذَا تَغَيَّرَ حُكْمُهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُدْخِلَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَأَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِهِ بِالطَّبْخِ وَغَيْرِهِ بَآلَاتِهِ وَوُقُودِهِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْمَرْءِ مَا يَجِدُهُ فِي بَيْتِهِ إِذَا غَلَبَ الْحِلُّ فِي الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَعْرِيفُهُ بِمَا يَخْشَى تَوَقُّفَهُ عَنْهُ وَاسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَمَّا يُسْتَفَادُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ أَدَبٌ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ أَوْ رَفْعُ شُبْهَةٍ وَقَدْ يَجِبُ وَسُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدَهُ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ هَدِيَّةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ مُطْلَقًا وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ نَزَرَ قَدْرُهَا جَبْرٌ لِلْمُهْدِي وَأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُمْلَكُ بِوَضْعِهَا فِي بَيْتِ الْمُهْدِي لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ وَأَنَّ لِمَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا شَاءَ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا عَنِ الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ مَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ قَلِيلٌ لَا يَتَسَخَّطُهُ وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَسُؤَالُ الْعَالِمِ عَنِ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَإِعْلَامُ الْعَالِمِ بِالْحُكْمِ لِمَنْ رَآهُ يَتَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ وَمُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ التَّخْيِيرِ فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا أَوِ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ وَأَنَّ عَلَى الَّذِي يُشَاوِرُ بَذْلَ النَّصِيحَةِ وَفِيهِ جَوَازُ مُخَالَفَةِ الْمُشِيرِ فِيمَا يُشِيرُ بِهِ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَاسْتِحْبَابُ شَفَاعَةِ الْحَاكِمِ فِي الرِّفْقِ بِالْخَصْمِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَلَا إِلْزَامَ وَلَا لَوْمَ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَلَا غَضَبَ وَلَوْ عَظُمَ قَدْرُ الشَّافِعِ وَتَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ شَفَاعَةُ الْحَاكِمِ فِي الْخُصُومِ قَبْلَ فَصْلِ الْحُكْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ الْقَبُولُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّصْمِيمَ فِي الشَّفَاعَةِ لَا يَسُوغُ فِيمَا تَشُقُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ عَلَى الْمَسْئُولِ بَلْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْعَرْضِ وَالتَّرْغِيبِ وَفِيهِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهَا الْمَشْفُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ مُغِيثًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ كَذَا قِيلَ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُغِيثٌ سَأَلَ الْعَبَّاسَ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَبَّاسُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى مُغِيثٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ أَنَّ الشَّافِعَ يُؤْجَرُ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ إِجَابَتُهُ وَأَنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ دُونَ قَدْرِ الشَّافِعِ لَمْ تَمْتَنِعِ الشَّفَاعَةُ قَالَ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الصَّاحِبِ صَاحِبَهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ لِتَعْجِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلُّهُ بِحُضُورٍ وَفِكْرٍ وَأَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الْعَادَةَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَيُعْتَبَرُ بِهِ وَفِيهِ حُسْنُ أَدَبِ بَرِيرَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْصِحْ بِرَدِّ الشَّفَاعَةِ وَإِنَّمَا قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ فَرْطَ الْحُبِّ يُذْهِبُ الْحَيَاءَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حَالِ مُغِيثٍ وَغَلَبَةِ الْوَجْدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ كِتْمَانَ حُبِّهَا وَفِي تَرْكِ النَّكِيرِ عَلَيْهِ بَيَانُ جَوَازِ قَبُولِ عُذْرِ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا مَعْذِرَةُ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ إِذَا حَصَلَ لَهُمُ الْوَجْدُ من سَماع مَا يفهمون مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى أَحْوَالهم حَيْثُيَظْهَرُ مِنْهُمْ مَا لَا يَصْدُرُ عَنِ اخْتِيَارٍ مِنَ الرَّقْصِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَنَافِرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا زَوْجَيْنِ أَمْ لَا وَتَأْكِيدُ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّافِعَ يَذْكُرُ لِلْمَشْفُوعِ عِنْده مَا يبْعَث على قَبُولِهِ مِنْ مُقْتَضَى الشَّفَاعَةِ وَالْحَامِلِ عَلَيْهَا وَفِيهِ جَوَازُ شِرَاءِ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَأَنَّ الْوَلَدَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ وَالْحُكْمُ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ بَرِيرَةَ وَالْكَلَامُ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَبُو وَلَدِهَا بِالْقُوَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ جَوَازُ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَى أُمِّهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ لَا إِجْبَارَ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ مَعْتُوقَةً وَجَوَازُ خِطْبَةِ الْكَبِيرِ وَالشَّرِيفِ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْمُخَاطَبَةِ حَتَّى مِنَ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى وَحُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْطُبَ مطلقته بِغَيْر إِذن سَيّده وَأَنَّ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إِذَا خَطَبَهَا لِمُطَلَّقِهَا وَأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ لَا رَجْعَةَ فِيهِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَأَنَّ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَا لَوْمَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَجَوَازُ بُكَاءِ الْمُحِبِّ عَلَى فِرَاقِ حَبِيبِهِ وَعَلَى مَا يَفُوتُهُ مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمِنَ الدِّينِيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَى الرَّجُلِ فِي إِظْهَارِ حُبِّهِ لِزَوْجَتِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَبْغَضَتِ الزَّوْجَ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا إِكْرَاهُهَا عَلَى عِشْرَتِهِ وَإِذَا أَحَبَّتْهُ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَجَوَازُ مَيْلِ الرَّجُلِ إِلَى امْرَأَةٍ يَطْمَعُ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ رَجَعْتِهَا وَجَوَازُ كَلَامِ الرَّجُلِ لِمُطَلَّقَتِهِ فِي الطُّرُقِ وَاسْتِعْطَافِهِ لَهَا وَاتِّبَاعِهَا أَيْنَ سَلَكَتْ كَذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَجَوَازُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَظْهَرُ مِنْ حَالِ الْمَرْءِ وَإِنْ لَمْ تُفْصِحْ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ مَا قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ رَدِّ الشَّافِعِ الْمِنَّةَ عَلَى الْمَشْفُوعِ إِلَيْهِ بِقَبُولِ شَفَاعَتِهِ لِأَنَّ قَوْلَ بَرِيرَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْمُرُنِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَقَبِلَتْ شَفَاعَتَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهَا مَا فُهِمَ مِنَ الْمِنَّةِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُتَكَلَّفٌ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ عَلِمَتْ أَنَّ أَمْرَهُ وَاجِبُ الِامْتِثَالِ فَلَمَّا عَرَضَ عَلَيْهَا مَا عَرَضَ اسْتَفْصَلَتْ هَلْ هُوَ أَمْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا امْتِثَالُهُ أَوْ مَشُورَةٌ فَتَتَخَيَّرُ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْحَاكِمِ بَيْنَ الْخُصُومِ فِي مَشُورَةٍ وَشَفَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ حُكْمًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سُئِلَ قَضَاءَ حَاجَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الطَّالِبِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ شَرَطَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْوَلَاءُ إِذَا أَدَّتِ الثَّمَنَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَفِيهِ جَوَازُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ وَأَنَّهُ يَبْرَأُ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنهُ وافتاء الرجل زَوجته فِيمَا لَهَا فِيهِ حَظٌّ وَغَرَضٌ إِذَا كَانَ حَقًّا وَجَوَازُ حُكْمِ الْحَاكِمِ لِزَوْجَتِهِ بِالْحَقِّ وَجَوَازُ قَوْلِ مُشْتَرِي الرَّقِيقِ اشْتَرَيْتُهُ لِأُعْتِقَهُ تَرْغِيبًا لِلْبَائِعِ فِي تَسْهِيلِ الْبَيْعِ وَجَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَدَدًا إِذَا كَانَ قَدْرُهَا بِالْكِتَابَةِ مَعْلُومًا لِقَوْلِهَا أَعُدُّهَا وَلِقَوْلِهَا تِسْعُ أَوَاقٍ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ عَقْدِ الْبَيْعِ بِالْكِتَابَةِ لِقَوْلِهِ خُذِيهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ وَفِيهِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لِقَوْلِهِ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى وَفِيهِ جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الرَّقِيقِ لِتَكَرُّرِ ذِكْرِ أَهْلِ بَرِيرَةَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي رِوَايَةٍ كَانَتْ لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيَحْتَمِلُ مَعَ ذَلِكَ الْوَحْدَةُ وَإِطْلَاقُ مَا فِي الْخَبَرِ عَلَى الْمَجَازِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَيْدِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ لَا يُسْأَلُ عَنْ أَصْلِهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِظْهَارِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ لِلْعَالِمِ بِهَا إِذَا كَانَ الْعَاقِدُ يَجْهَلُهَا وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا عَكْسَهُ وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ وَخَبَرِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَرِوَايَتَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِذَا اقْتَضَتْ بَيَانَ حُكْمٍ عَامٍّ وَجَبَ إِعْلَانُهُ أَوْ نُدِبَ بِحَسَبِ الْحَالِ وَفِيهِ جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَالِاخْتِصَارِ من الحَدِيثوَالِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ رُوِيَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَزَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِك فِي صِحَّته عِنْد أحد من الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَ بِالرِّجَالِ لَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِعِدَّةِ الْإِمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ أَصْلَهُ تَعْتَدُّ بِحَيْضٍ فَيكون المُرَاد جنس مَا تستبريء بِهِ رَحِمَهَا لَا الْوَحْدَةُ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْأَحْكَامِ سُنَنًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا وَاجِبًا وَأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا دُونَ الْوَاجِبِ سُنَّةً اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَفِيهِ جَوَازُ جَبْرِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ عَلَى تَزْوِيجِ مَنْ لَا تَخْتَارُهُ إِمَّا لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ وَهِيَ بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ جَمِيلَةً غَيْرَ سَوْدَاءَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا وَقَدْ زُوِّجَتْ مِنْهُ وَظَهَرَ عَدَمُ اخْتِيَارِهَا لِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يُبْغِضُ الْآخَرَ وَلَا يُظْهِرُ لَهُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَرِيرَةُ مَعَ بُغْضِهَا مُغِيثًا كَانَتْ تصبر عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا تعامله بِمَا يَقْتَضِيهِ الْبُغْضُ إِلَى أَنْ فَرَّجَ اللَّهِ عَنْهَا وَفِيهِ تَنْبِيهُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ إِذَا جَهِلَهُ وَاسْتِقْلَالُ الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى السَّادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعَبِيدِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ وَجَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعَبْدِ مُغِيثًا وَأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَنَّ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ مُعْتِقِهِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ وَجَوَازُ الْهَدِيَّةِ لِأَهْلِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ وَقَبُولُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَفِيهِ سُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدْهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ حَيْثُ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَقُولُ لِأَهْلِهِ أَيْنَ ذَهَبَ وَهُنَا سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ وَعَايَنَهُ ثُمَّ أُحْضِرَ لَهُ غَيْرُهُ فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بَلْ لِتَوَهُّمِ تَحْرِيمِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الْجَوَاز وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ دلَالَة على تبسط الْإِنْسَانِ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْزِلِهِ وَمَا عَهِدَهُ فِيهِ قَبْلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعِنْدِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي اللَّحْمِ وَأَنَّهُ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَالثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ أَيْنَ هُوَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أُهْدِيَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَعْضِ إِلْزَامِهَا كَأَقَارِبِهَا مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْأَوَّلُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يُظَنَّ تَحْرِيمُهُ أَوْ تَظْهَرُ فِيهِ شُبْهَةٌ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ وَلَا عَنْ حَالِهِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَة بِالصَّدَقَةِ فَلم يتم هَذَا (قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا تَنْكِحُوا المشركات) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْله وَلَو اعجبتكم وَلَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ عِنْدَهُ فِي تَأْوِيلِهَا فَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّهَا خصتوبن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيِّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وبن بشار وبن الْمُثَنَّى مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَدَهُمَا قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَخَالِدٌ شَيْخُهُ هُوَ الْحَذَّاءُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الثَّقَفِيُّ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ فَكَأَنَّ لَهُ فِيهِ شَيْخَيْنِ لَكِنَّ رِوَايَةَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَتَمُّ سِيَاقًا كَمَا تَرَى وَطَرِيقُ أَيُّوبَ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ وَطَرِيقُ خَالِدٍ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ عَنِ الثَّقَفِيِّ أَيْضًا وَسَاقَهُ عَنْهُمَا نَحْوَ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ يَبْكِي عَلَيْهَا وَالسِّكَكُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ سِكَّةٍ وَهِيَ الطُّرُقُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا وَأَنَّ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَرَضَّاهَا لتختاره فَلَمْ تَفْعَلْ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ سُؤَالَهُ لَهَا كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَظَاهِرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ لَوْ راجعته أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَبِهِ جَزَمَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَقَالَ لَوِ اخْتَرْتِهِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةِ سَعِيدٍ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْفَوْرَ فِي الْخِيَارِ هُنَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدُ قَوْلُهُ يَا عَبَّاس هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِدُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَفِي رِوَايَة بن مَاجَهْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ بِسَنَدِهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ أَوِ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا سَكَنَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سنة ثَمَان وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ وَهُوَ إِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَيُؤَيِّدُ تَأَخُّرَ قِصَّتِهَا أَيْضًا بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِفْكِ أَنَّ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَتْ صَغِيرَةً فَيَبْعُدُ وُقُوعُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَالْمُرَاجَعَةُ وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الشِّرَاءِ وَالْعِتْقُ مِنْهَا يَوْمَئِذٍ وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ شَاءَ مَوَالِيكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي غَايَةِ الضِّيقِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُمُ التَّوَسُّعُ بَعْدَ الْفَتْحِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِصَّتَهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً قَبْلَ قِصَّةِ الْإِفْكِ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ وُقُوعُ ذِكْرِهَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ السُّبْكِيَّ اسْتَشْكَلَ الْقِصَّةَ ثُمَّ جَوَّزَ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَتْهَا وَأَخَّرَتْ عِتْقَهَا إِلَى بَعْدِ الْفَتْحِ أَوْ دَامَ حُزْنُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ كَانَ حَصَلَ الْفَسْخُ وَطَلَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ كَانَتْ لِعَائِشَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثُمَّ اسْتَعَادَتْهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ اه وَأَقْوَى الِاحْتِمَالَاتِ الْأَوَّلُ كَمَا تَرَى قَوْلُهُ لَوْ رَاجَعْتِهِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بمثناة وَاحِدَة وَوَقع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ لَوْ رَاجَعْتِيهِ بِإِثْبَاتِ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاة وَهِي لُغَة ضَعِيفَة وَزَاد بن مَاجَهْ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ قَوْلُهُ تَأْمُرُنِي زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ لَا وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَنْحَصِرُ فِي صِيغَةِ افْعَلْ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِقَوْلِهِ لَو راجعته فَقَالَتْ أَتَأْمُرُنِي أَيْ تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْأَمْرَ فَيجب عَليّ وَعند بن مَسْعُود من مُرْسل بن سِيرِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَيْءٌ وَاجِبٌ عَلَيَّ قَالَ لَا قَوْلُهُ قَالَ إِنَّمَا أَنا أشفع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ إِنَّمَا أَشْفَعُ أَيْ أَقُولُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَاعَةِ لَهُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ عَلَيْكِ قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ أَيْ فَإِذا لم تلزمني بذلك لَا اخْتِيَار الْعَوْدَ إِلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ عِنْده(قَوْلُهُ بَابُ كَذَا) لَهُمْ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ مَا قَبْلَهُ وَأَوْرَدَ فِيهِ قِصَّةَ بَرِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ شُعْبَة عَن الحكم وَهُوَ بن عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخعِيّ عَن الْأسود وَهُوَ بن يَزِيدَ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَسَاقَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ لَكِنْ أَوْرَدَهُ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ مُخْتَصَرًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي الْفَرَائِضِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ثُمَّ أَوْرَدَهُ بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ فَسَاقَ نَحْوَ سِيَاقِ الْبَابِ وَزَادَ فِيهِ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ قَالَ الْأَسْوَدُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا قَالَ البُخَارِيّ قَول الْأسود مُنْقَطع وَقَول بن عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا أَصَحُّ وَقَالَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فِي قَوْلِ الْحَكَمِ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ عَقِبَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ هَذِهِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ لَكِنْ قَالَ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الزَّكَاةِ عَنْ آدَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ آدَمَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَجَعَلَ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِهِ قَالَ الْحَكَمُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ وَحَذَفَهَا فِي الزَّكَاةِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا هُنَا مُشِيرًا إِلَى أَنَّ أَصْلَ التَّخْيِيرِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ ثَابِتٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا قَالَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ وَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فِيهِ غَلَطٌ فَأَخْرَجَ قَاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه وبن حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلَّمُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ مُوسَى أَوْ مِنْ أَحْمَدَ فَإِنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ وَمِنْ أَصْحَابِ جَرِيرٍ قَالُوا كَانَ عبدا مِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَحَدِيثه عِنْد النَّسَائِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قُلْتُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ كَانَ حُرًّا ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ مَا أَدْرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا وَهُوَ وَهْمٌ قُلْتُ فِي شَيْئَيْنِ فِي قَوْلُهُ حُرٌّ وَفِي قَوْله عَائِشَةُ وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَلم يخْتَلف عَليّ بن عَبَّاسٍ فِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَكَذَا جَزَمَ بِهِ التِّرْمِذِيّ عَن بن عُمَرَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًاوَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ عبدا وَلَو كَانَ حرا لم يخبرها فَأَخْبَرَتْ وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ بِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا ثُمَّ عَلَّلَتْ بِقَوْلِهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَهِيَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ نَعَمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زيد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ بَرِيرَةُ مُكَاتَبَةً لِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْحَدِيثَ أخرجه أَحْمد وبن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأُسَامَةُ فِيهِ مَقَالٌ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ فَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالًا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا تَوْجِيهُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَيْضًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حُرًّا قُلْتُ وَأَصْرَحُ مَا رَأَيْتُهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا فَلَمَّا عُتِقَتْ خُيِّرَتْ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمد عَنهُ وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ فَدَلَّتِ الرِّوَايَاتُ الْمُفَصَّلَةُ الَّتِي قَدَّمْتُهَا آنِفًا عَلَى أَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الْأَسْوَدِ أَوْ مَنْ دُونَهُ فَيَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا أُدْرِجَ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ وَهُوَ نَادِرٌ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِهِ وَدُونَهُ أَنْ يَقَعَ فِي وَسَطِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا فَتُرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا بِالْكَثْرَةِ وَأَيْضًا فَآلُ الْمَرْءِ أَعْرَفُ بحَديثه فَإِن الْقَاسِم بن أخي عَائِشَة وَعُرْوَة بن أُخْتِهَا وَتَابَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَرِوَايَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهُمَا أَقْعَدُ بِعَائِشَةَ وَأَعْلَمُ بِحَدِيثِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْحُرِّ لَا خِيَارَ لَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا رَوَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْهَا فَكَانَ يَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِهَا وَيَدَعُوا مَا رُوِيَ عَنْهَا لَا سِيَّمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهَا فِيهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا عَلَى اعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُعْتِقَ فَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا وَيَرُدُّ هَذَا الْجَمْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ تُخَيَّرْ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يَوْمَ أُعْتِقَتْ فَهَذَا يُعَارِضُ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ وَيُعَارِضُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا أَرَادَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَإِذَا تَعَارَضَا إِسْنَادًا وَاحْتِمَالًا احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيحِ وَرِوَايَةُ الْأَكْثَرِ يُرَجَّحُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْأَحْفَظُ وَكَذَلِكَ الْأَلْزَمُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي جَانِبِ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا وَفِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالْكَثِيرِ مِنْهَا فِي الْعِتْقِ جَوَازُ الْمُكَاتَبَةِ بِالسُّنَّةِ تَقْرِيرًا لِحُكْمِ الْكِتَابِ وَقَدْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْأَوَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا أَوَّلُ كِتَابَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ سَلْمَانَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ أَوَّلِيَّتَهُ فِي الرِّجَالِ وَأَوَّلِيَّةَ بَرِيرَةَ فِي النِّسَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مُكَاتَبٍ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ عُمَرَ وَادَّعَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخُولِفَ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِيهِ إِلْحَاقُ الْإِمَاءِ بِالْعَبِيدِ لِأَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الذُّكُورِ وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ وَيُلْحَقُ بِهِ جَوَازُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَوَازُ كِتَابَةِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا حِرْفَةَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهَا مِنْ عَائِشَةَ الْإِعَانَةُ عَلَى حَالِهَا أَنْ يَكُونَ لَا مَالَ لَهَا وَلَا حِرْفَةَ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ وَلَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ إِذَا وَقَعَ التَّرَاضِي بِذَلِكَ وَحَمَلَهُ مَنْ مَنَعَ عَلَى أَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ إِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهُوَبَعِيدٌ جِدًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيَتَفَرَّعُ مِنْهُ إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرَّقِيقِ كُلِّهَا فِي النِّكَاحِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَكْثَرَ بِسَرْدِهَا مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَدَّى أَكْثَرَ نُجُومِهِ لَا يَعْتِقُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَكْثَرِ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى مِنَ النُّجُومِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ يُعْتَقُ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى بَعْضَ نُجُومِهِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي شِرَاءِ بَرِيرَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ وَالرَّقِيقِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ طَلَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَرِيبًا وَأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا فَسْخًا لِثُبُوتِ التَّخْيِيرِ فَلَوْ طَلُقَتْ بِذَلِكَ وَاحِدَةً لَكَانَ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إِذْنِهَا أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقُلْ لَهَا لَو راجعته لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَأَنَّ بَيْعَهَا لَا يُبِيحُ لِمُشْتَرِيهَا وَطَأْهَا لِأَنَّ تَخْيِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ عُلْقَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاكْتِسَابِ وَأَنَّ اكْتِسَابَهُ مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ لَهُ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُكَاتَبِ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى بَعْضِ نُجُومِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ وَجَوَازُ سُؤَالِ مَا لَا يُضْطَرُّ السَّائِلُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ وَجَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَجَوَازُ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَبَذْلِ الْمَالِ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ حَتَّى فِي الشِّرَاءِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بِالْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ السِّلْعَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ بَذَلَتْ نَقْدًا مَا جَعَلُوهُ نَسِيئَةً فِي تِسْعِ سِنِينَ لِحُصُولِ الرَّغْبَةِ فِي النَّقْدِ أَكْثَرَ مِنَ النَّسِيئَةِ وَجَوَازُ السُّؤَالِ فِي الْجُمْلَة لمن يتَوَقَّع الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فيتحمل الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّجْرِ عَنِ السُّؤَالِ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ جَوَازُ سَعْيِ الْمَرْقُوقِ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ بِسُؤَالِ مَنْ يَشْتَرِي لِيَعْتِقَ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِسَيِّدِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ وَفِيهِ بُطْلَانُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَصِحَّةُ الشُّرُوطِ الْمَشْرُوعَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الشُّرُوطِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنِ اسْتَثْنَى خِدْمَةَ الْمَرْقُوقِ عِنْدَ بَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ وَأَنَّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ إِلَّا إِنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ السَّعْي فِي تَحْصِيلِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ ثَابِتًا وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ من الصَّدَقَة لم يردهَا السَّيِّد وَإِذَا أَدَّى نُجُومَهُ قَبْلَ حُلُولِهَا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مَوَالِي بَرِيرَةَ إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي قَبُولِ تَعْجِيلِ مَا اتَّفَقُوا عَلَى تَأْجِيلِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ تَبَرَّعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوَضْعِ عَنِ الْمُكَاتَبِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ أَعُدُّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُنْكَرْ وَأُجِيبَ بِجَوَازِ قَصْدِ دَفْعِهِمْ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِيهِ جَوَازُ إِبْطَالِ الْكِتَابَةِ وَفَسْخِ عَقْدِهَا إِذَا تَرَاضَى السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِبْطَالُ التَّحْرِيرِ لِتَقْرِيرِ بَرِيرَةَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ عَائِشَةَ وَمَوَالِيهَا فِي فَسْخِ كِتَابَتِهَا لِتَشْتَرِيَهَا عَائِشَةُ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ كَعِتْقِ السَّائِبَةِ وَاللَّقِيطِ وَالْحَلِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَثُرَ بِهَا الْعَدَدُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَالْقِيَامُ فِيهَا وَتَقْدِمَةُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ فِي الْحَاجَةِ وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا يُنْكَرُ اسْتُحِبَّ عَدَمُ تَعْيِينِهِ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ لَا يُكْرَهُ إِلَّا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ وَوَقَعَ مُتَكَلَّفًا وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ الشَّيْء وَأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَشْتَرِطَ ثُمَّ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِطِي وَلَمْ يَنْقُلْ كَفَّارَةً وَفِيهِ مُنَاجَاةُ الِاثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ الثَّالِثِ فِي الْأَمْرِ يَسْتَحِي مِنْهُ الْمُنَاجِي وَيَعْلَمُ أَنَّ مَنْ نَاجَاهُ يُعْلِمُ الثَّالِثَ بِهِ وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الثَّالِثِ عَنِ الْمُنَاجَاةِ الْمَذْكُورَةِ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِهِ وَجَوَازُإِظْهَارِ السِّرِّ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُنَاجِي وَفِيهِ جَوَازُ الْمُسَاوَمَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهَا وَلَوْ لِلرَّقِيقِ وَاسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَوَالِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتِقَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْوَلَاءِ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَفِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ وَلَاءَ عَتِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ وَأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فِي الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعْطَى الْمَالِكُ لَا مَنْ بَاشَرَ الْإِعْطَاءَ مُطْلَقًا فَلَا يَدْخُلُ الْوَكِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ خِيَارَهَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنَّهَا عَتَقَتْ فَدَعَاهَا فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَعَنْهُ يَمْتَدُّ خِيَارُهَا ثَلَاثًا وَقِيلَ بِقِيَامِهَا مِنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ مِنْ مَجْلِسِهَا وَهُمَا عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَقِيلَ يَمْتَدُّ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِهِ بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَرَوَى مَالِكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور عَن بن عمر مثله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا فَرْقَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنْ وَطِئَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا عَيْبًا ثُمَّ مَكَّنَتْهُ مِنَ الْوَطْءِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَفِيهِ أَنَّ الْخِيَارَ فَسْخٌ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَهُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لَو راجعته وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لَهَا اخْتِيَارٌ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمُرَاجَعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إِلَى عِصْمَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا مَعَ أَنَّهَا فِي الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَفِيهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ اسْتِحَالَةَ أَنْ يُحِبَّ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْآخَرَ وَالْآخَرُ يُبْغِضُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ وَجَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِمَالَةِ مُغِيثٍ لَهَا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الِاسْتِمَالَاتِ كَإِظْهَارِهِ حُبَّهَا وَتَرَدُّدِهِ خَلْفَهَا وَبُكَائِهِ عَلَيْهَا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِمَالَتِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْوَعْدِ الْجَمِيلِ وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَمِيلَ الْقَلْبُ وَلَوْ كَانَ نَافِرًا فَلَمَّا خَالَفَتِ الْعَادَةَ وَقَعَ التَّعَجُّبُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ فَآثَرَ مَا يَنْفَعُهُ لَمْ يُلَمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِرَفِيقِهِ وَفِيهِ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ سُقُوطُ الْكَفَاءَةِ بِرِضَا الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا وَأَنَّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَقَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَنَّهَا لَوِ اخْتَارَتِ الْبَقَاءَ مَعَهُ لَمْ يَنْقُصْ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَكَثُرَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ هُنَا فِي سَرْدِ تَفَارِيعِ التَّخْيِيرِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْفِرَاقِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفِرَاقَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا بِهَذَا الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بَيْتَ الرَّجُلِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا يَلْحَقُهَا فِي الْعِتْقِ وَلَدُهَا وَلَا زَوْجُهَا وَفِيهِ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطْلَقًا وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ مِنْهَا عَلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ صَدَقَةِ الْفَرْضِ كَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِيهِ وَأَنَّ مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَى الْأَزْوَاجِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْغَنِيِّ مَا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إِذَا أَهْدَاهُ لَهُ وَبِالْبَيْعِ أَوْلَى وَجَوَازُ قَبُولِ الْغَنِيِّ هَدِيَّةَ الْفَقِيرِ وَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَفِيهِ نُصْحُ أَهْلِ الرَّجُلِ لَهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَجَوَازُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ طَعَامِ مَنْ يُسَرُّ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَبِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِنَفْسِهَا فِي أُمُورِهَا وَلَا حَجْرَ لِمُعْتِقِهَا عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِي كَسْبِهَا دُونَ إِذْنِ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَفِيهِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَمُونُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَمُونُ بَرِيرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَبُولَهَا الصَّدَقَةَ وَأَنَّ لِمَنْ أُهْدِيَ لِأَهْلِهِ شَيْءٌ أَنْ يُشْرِكَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ لَنَا هدِيَّةٌ وَأَنَّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ جَازَ لَهُ أَكْلُ عَيْنِهَا إِذَا تَغَيَّرَ حُكْمُهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُدْخِلَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَأَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِهِ بِالطَّبْخِ وَغَيْرِهِ بَآلَاتِهِ وَوُقُودِهِ وَجَوَازُ أَكْلِ الْمَرْءِ مَا يَجِدُهُ فِي بَيْتِهِ إِذَا غَلَبَ الْحِلُّ فِي الْعَادَةِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَعْرِيفُهُ بِمَا يَخْشَى تَوَقُّفَهُ عَنْهُ وَاسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَمَّا يُسْتَفَادُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ أَدَبٌ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ أَوْ رَفْعُ شُبْهَةٍ وَقَدْ يَجِبُ وَسُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدَهُ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ هَدِيَّةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ مُطْلَقًا وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ نَزَرَ قَدْرُهَا جَبْرٌ لِلْمُهْدِي وَأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُمْلَكُ بِوَضْعِهَا فِي بَيْتِ الْمُهْدِي لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ وَأَنَّ لِمَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا شَاءَ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا عَنِ الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ مَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ قَلِيلٌ لَا يَتَسَخَّطُهُ وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَسُؤَالُ الْعَالِمِ عَنِ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَإِعْلَامُ الْعَالِمِ بِالْحُكْمِ لِمَنْ رَآهُ يَتَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ وَمُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ التَّخْيِيرِ فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا أَوِ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ وَأَنَّ عَلَى الَّذِي يُشَاوِرُ بَذْلَ النَّصِيحَةِ وَفِيهِ جَوَازُ مُخَالَفَةِ الْمُشِيرِ فِيمَا يُشِيرُ بِهِ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَاسْتِحْبَابُ شَفَاعَةِ الْحَاكِمِ فِي الرِّفْقِ بِالْخَصْمِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَلَا إِلْزَامَ وَلَا لَوْمَ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَلَا غَضَبَ وَلَوْ عَظُمَ قَدْرُ الشَّافِعِ وَتَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ شَفَاعَةُ الْحَاكِمِ فِي الْخُصُومِ قَبْلَ فَصْلِ الْحُكْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ الْقَبُولُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّصْمِيمَ فِي الشَّفَاعَةِ لَا يَسُوغُ فِيمَا تَشُقُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ عَلَى الْمَسْئُولِ بَلْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْعَرْضِ وَالتَّرْغِيبِ وَفِيهِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهَا الْمَشْفُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ مُغِيثًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ كَذَا قِيلَ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُغِيثٌ سَأَلَ الْعَبَّاسَ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَبَّاسُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى مُغِيثٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ أَنَّ الشَّافِعَ يُؤْجَرُ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ إِجَابَتُهُ وَأَنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ دُونَ قَدْرِ الشَّافِعِ لَمْ تَمْتَنِعِ الشَّفَاعَةُ قَالَ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الصَّاحِبِ صَاحِبَهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ لِتَعْجِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلُّهُ بِحُضُورٍ وَفِكْرٍ وَأَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الْعَادَةَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَيُعْتَبَرُ بِهِ وَفِيهِ حُسْنُ أَدَبِ بَرِيرَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْصِحْ بِرَدِّ الشَّفَاعَةِ وَإِنَّمَا قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ فَرْطَ الْحُبِّ يُذْهِبُ الْحَيَاءَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حَالِ مُغِيثٍ وَغَلَبَةِ الْوَجْدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ كِتْمَانَ حُبِّهَا وَفِي تَرْكِ النَّكِيرِ عَلَيْهِ بَيَانُ جَوَازِ قَبُولِ عُذْرِ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا مَعْذِرَةُ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ إِذَا حَصَلَ لَهُمُ الْوَجْدُ من سَماع مَا يفهمون مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى أَحْوَالهم حَيْثُيَظْهَرُ مِنْهُمْ مَا لَا يَصْدُرُ عَنِ اخْتِيَارٍ مِنَ الرَّقْصِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَنَافِرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا زَوْجَيْنِ أَمْ لَا وَتَأْكِيدُ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّافِعَ يَذْكُرُ لِلْمَشْفُوعِ عِنْده مَا يبْعَث على قَبُولِهِ مِنْ مُقْتَضَى الشَّفَاعَةِ وَالْحَامِلِ عَلَيْهَا وَفِيهِ جَوَازُ شِرَاءِ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَأَنَّ الْوَلَدَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ وَالْحُكْمُ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ بَرِيرَةَ وَالْكَلَامُ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَبُو وَلَدِهَا بِالْقُوَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ جَوَازُ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَى أُمِّهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ لَا إِجْبَارَ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ مَعْتُوقَةً وَجَوَازُ خِطْبَةِ الْكَبِيرِ وَالشَّرِيفِ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْمُخَاطَبَةِ حَتَّى مِنَ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى وَحُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْطُبَ مطلقته بِغَيْر إِذن سَيّده وَأَنَّ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إِذَا خَطَبَهَا لِمُطَلَّقِهَا وَأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ لَا رَجْعَةَ فِيهِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَأَنَّ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَا لَوْمَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَجَوَازُ بُكَاءِ الْمُحِبِّ عَلَى فِرَاقِ حَبِيبِهِ وَعَلَى مَا يَفُوتُهُ مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمِنَ الدِّينِيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَى الرَّجُلِ فِي إِظْهَارِ حُبِّهِ لِزَوْجَتِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَبْغَضَتِ الزَّوْجَ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا إِكْرَاهُهَا عَلَى عِشْرَتِهِ وَإِذَا أَحَبَّتْهُ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَجَوَازُ مَيْلِ الرَّجُلِ إِلَى امْرَأَةٍ يَطْمَعُ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ رَجَعْتِهَا وَجَوَازُ كَلَامِ الرَّجُلِ لِمُطَلَّقَتِهِ فِي الطُّرُقِ وَاسْتِعْطَافِهِ لَهَا وَاتِّبَاعِهَا أَيْنَ سَلَكَتْ كَذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَجَوَازُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَظْهَرُ مِنْ حَالِ الْمَرْءِ وَإِنْ لَمْ تُفْصِحْ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ مَا قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ رَدِّ الشَّافِعِ الْمِنَّةَ عَلَى الْمَشْفُوعِ إِلَيْهِ بِقَبُولِ شَفَاعَتِهِ لِأَنَّ قَوْلَ بَرِيرَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْمُرُنِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَقَبِلَتْ شَفَاعَتَهُ فَلَمَّا قَالَ لَا عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهَا مَا فُهِمَ مِنَ الْمِنَّةِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُتَكَلَّفٌ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ عَلِمَتْ أَنَّ أَمْرَهُ وَاجِبُ الِامْتِثَالِ فَلَمَّا عَرَضَ عَلَيْهَا مَا عَرَضَ اسْتَفْصَلَتْ هَلْ هُوَ أَمْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا امْتِثَالُهُ أَوْ مَشُورَةٌ فَتَتَخَيَّرُ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْحَاكِمِ بَيْنَ الْخُصُومِ فِي مَشُورَةٍ وَشَفَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ حُكْمًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ سُئِلَ قَضَاءَ حَاجَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الطَّالِبِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ شَرَطَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْوَلَاءُ إِذَا أَدَّتِ الثَّمَنَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَفِيهِ جَوَازُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ وَأَنَّهُ يَبْرَأُ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنهُ وافتاء الرجل زَوجته فِيمَا لَهَا فِيهِ حَظٌّ وَغَرَضٌ إِذَا كَانَ حَقًّا وَجَوَازُ حُكْمِ الْحَاكِمِ لِزَوْجَتِهِ بِالْحَقِّ وَجَوَازُ قَوْلِ مُشْتَرِي الرَّقِيقِ اشْتَرَيْتُهُ لِأُعْتِقَهُ تَرْغِيبًا لِلْبَائِعِ فِي تَسْهِيلِ الْبَيْعِ وَجَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَدَدًا إِذَا كَانَ قَدْرُهَا بِالْكِتَابَةِ مَعْلُومًا لِقَوْلِهَا أَعُدُّهَا وَلِقَوْلِهَا تِسْعُ أَوَاقٍ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ عَقْدِ الْبَيْعِ بِالْكِتَابَةِ لِقَوْلِهِ خُذِيهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ وَفِيهِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لِقَوْلِهِ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى وَفِيهِ جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الرَّقِيقِ لِتَكَرُّرِ ذِكْرِ أَهْلِ بَرِيرَةَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي رِوَايَةٍ كَانَتْ لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيَحْتَمِلُ مَعَ ذَلِكَ الْوَحْدَةُ وَإِطْلَاقُ مَا فِي الْخَبَرِ عَلَى الْمَجَازِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَيْدِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ لَا يُسْأَلُ عَنْ أَصْلِهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِظْهَارِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ لِلْعَالِمِ بِهَا إِذَا كَانَ الْعَاقِدُ يَجْهَلُهَا وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا عَكْسَهُ وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ وَخَبَرِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَرِوَايَتَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِذَا اقْتَضَتْ بَيَانَ حُكْمٍ عَامٍّ وَجَبَ إِعْلَانُهُ أَوْ نُدِبَ بِحَسَبِ الْحَالِ وَفِيهِ جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَالِاخْتِصَارِ من الحَدِيثوَالِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ رُوِيَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَزَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِك فِي صِحَّته عِنْد أحد من الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَ بِالرِّجَالِ لَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِعِدَّةِ الْإِمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ أَصْلَهُ تَعْتَدُّ بِحَيْضٍ فَيكون المُرَاد جنس مَا تستبريء بِهِ رَحِمَهَا لَا الْوَحْدَةُ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْأَحْكَامِ سُنَنًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا وَاجِبًا وَأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا دُونَ الْوَاجِبِ سُنَّةً اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَفِيهِ جَوَازُ جَبْرِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ عَلَى تَزْوِيجِ مَنْ لَا تَخْتَارُهُ إِمَّا لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ وَهِيَ بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ جَمِيلَةً غَيْرَ سَوْدَاءَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا وَقَدْ زُوِّجَتْ مِنْهُ وَظَهَرَ عَدَمُ اخْتِيَارِهَا لِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يُبْغِضُ الْآخَرَ وَلَا يُظْهِرُ لَهُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَرِيرَةُ مَعَ بُغْضِهَا مُغِيثًا كَانَتْ تصبر عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا تعامله بِمَا يَقْتَضِيهِ الْبُغْضُ إِلَى أَنْ فَرَّجَ اللَّهِ عَنْهَا وَفِيهِ تَنْبِيهُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ إِذَا جَهِلَهُ وَاسْتِقْلَالُ الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى السَّادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعَبِيدِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ وَجَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعَبْدِ مُغِيثًا وَأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَنَّ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ مُعْتِقِهِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ وَجَوَازُ الْهَدِيَّةِ لِأَهْلِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ وَقَبُولُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَفِيهِ سُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدْهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ حَيْثُ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَقُولُ لِأَهْلِهِ أَيْنَ ذَهَبَ وَهُنَا سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ وَعَايَنَهُ ثُمَّ أُحْضِرَ لَهُ غَيْرُهُ فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بَلْ لِتَوَهُّمِ تَحْرِيمِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الْجَوَاز وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ دلَالَة على تبسط الْإِنْسَانِ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْزِلِهِ وَمَا عَهِدَهُ فِيهِ قَبْلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعِنْدِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي اللَّحْمِ وَأَنَّهُ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَالثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ أَيْنَ هُوَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أُهْدِيَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَعْضِ إِلْزَامِهَا كَأَقَارِبِهَا مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْأَوَّلُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يُظَنَّ تَحْرِيمُهُ أَوْ تَظْهَرُ فِيهِ شُبْهَةٌ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ وَلَا عَنْ حَالِهِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَة بِالصَّدَقَةِ فَلم يتم هَذَا (قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا تَنْكِحُوا المشركات) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْله وَلَو اعجبتكم وَلَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ عِنْدَهُ فِي تَأْوِيلِهَا فَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّهَا خصتالْحُرِّ فَكَانَتْ كَالْكِتَابِيَّةِ تُسْلِمُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّتِي تَخْتَارُ الْفِرَاقَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ فَسْخًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ تَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً وَثَبَتَ مِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ وبن سِيرِين أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَقَالَ الْبَاقُونَ يَكُونُ فَسْخًا لَا طَلَاقا

    باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ(باب شفاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في زوج بريرة) لترجع إلى عصمته.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4998 ... ورقمه عند البغا: 5283 ]
    - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ،فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا». فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ». قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ.وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد) هو ابن سلام البيكندي قال: (أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته) يترضاها لتختاره (فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعباس) عمه:(يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا) لأن الغالب أن المحب لا يكون إلا حبيبًا. وعند سعيد بن منصور أن العباس كان كلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطلب إليها في ذلك، وفي مسند الإمام أحمد أن مغيثًا توسل بالعباس في سؤال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك، وظاهره أن قصة بريرة كانت متأخرة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من غزوة الطائف وذلك أواخر سنة ثمان، ويدل له أيضًا قول ابن عباس أنه شاهد ذلك وهو إنما قدم المدينة مع أبويه وهذا يردّ قول من قال إنها كانت قبل الإفك، وجوّز الشيخ تقي الدين السبكي أن بريرة كانت تخدم عائشة قبل شرائها أو اشترتها وأخّرت عتقها إلى ما بعد الفتح أو دام حزن زوجها عليها مدة طويلة أو حصل لها الفسخ وطلب أن تردّه بعقد جديد (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لها (لو راجعتيه) بمثناة تحتية بعد الفوقية في الفرع مصححًا عليها وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني بمثناة واحدة قال: ووقع في رواية ابن ماجة لو راجعتيه بإثبات تحتية ساكنة بعد المثناة وهي لغة ضعيفة، وتعقبه العيني فقال: إن صحّ هذا في الرواية فهي لغة فصيحة لأنها صادرة من أفصح الخلق انتهى. والذي في اليونينية بحذف التحتية مصححًا عليه.(قالت): ولابن عساكر فقالت: (يا رسول الله، تأمرني) بذلك؟ (قال): لا (إنما أنا أشفع) فيه لا على سبيل الحتم فلا يجب عليك وسقط لابن عساكر لفظ أنا (قالت): ولأبي ذر فقالت (لا) ولأبي ذر وابن عساكر: فلا (حاجة لي فيه).وفي هذا الحديث جواز الشفاعة من الحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقه وإشارته عليه بالصلح أو الترك وحب المسلم للمسلمة وإن أفرط فيه ما لم يأت محرمًا وغير ذلك من فرائد الفوائد حتى قيل إنها تزيد على الأربعمائة.

    (بابُُ شَفَاعَةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زَوجِ بَرِيرَةَ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شَفَاعَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِي زوج بَرِيرَة لأجل أَن تعود بَرِيرَة إِلَى عصمته. قيل: مَوضِع هَذِه التَّرْجَمَة من الْفِقْه: تسويغ الشَّفَاعَة للْحَاكِم عِنْد الْخصم فِي خَصمه أَن يحط عَنهُ أَو يسْقط أَو يتْرك دَعْوَاهُ وَنَحْو ذَلِك، وَاعْترض على هَذَا بِأَن قصَّة بَرِيرَة لم يَقع الشَّفَاعَة فِيهَا عِنْد الترافع. قلت: هَذَا الِاعْتِرَاض سَاقِط لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: لَو راجعته، فَلم يكن هَذَا إلاَّ عِنْد الترافع.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4998 ... ورقمه عند البغا:5283 ]
    - حدّثنا مُحَمَّدٌ أخْبَرنا عبْدُ الوَهَّابِ حَدثنَا خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كانَ عبْدا يُقالُ لَهُ مُغِيثٌ، كأنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي ودُمُوعُهُ تَسِيلُ علَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَبَّاسٍ: يَا عَبَّاسُ {{ألاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ ومِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثا؟ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوْ رَاجَعْتِهِ؟ قالَتْ: يَا رسولَ الله}} تأمُرُنِي؟ قَالَ: إنَّما أَنا أشْفَعُ. قالَنْ: لَا حاجَةَ لي فِيهِ.)مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّمَا أشفع) . وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام البيكندي البُخَارِيّ، وَيحْتَمل أَن يكون مُحَمَّد بن بشار أَو مُحَمَّد بن الْمثنى فَإِنَّهُمَا من شُيُوخ البُخَارِيّ، فَإِن النَّسَائِيّ أخرجه عَن مُحَمَّد بن بشار، وَابْن مَاجَه من حَدِيث مُحَمَّد بن مثنى وكلاهمنا رويا عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وخَالِد هوالحذاء.قَوْله: (لعباس) ، هُوَ ابْن عبد الْمطلب عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووالد رَاوِي الحَدِيث، قيل: هَذَا يدل على أَن قصَّة بَرِيرَة كَانَت مُتَأَخِّرَة فِي السّنة التَّاسِعَة أَو الْعَاشِرَة، لِأَن الْعَبَّاس إِنَّمَا سكن الْمَدِينَة بعد رجوعهم من غَزْوَة الطَّائِف. وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان، وَيُؤَيّد هَذَا قَول ابْن عَبَّاس: إِنَّه شَاهد ذَلِك، وَهُوَ إِنَّمَا قدم الْمَدِينَة مَعَ أَبَوَيْهِ، وَهَذَا يرد قَوْله من قَالَ: إِن قصَّة بَرِيرَة قبل الْإِفْك، وَالَّذِي حمل هَذَا الْقَائِل على هَذَا وُقُوع ذكرهَا فِي حَدِيث الْإِفْك. قَوْله: (أَلا تعجب) ؟ مَحل التَّعَجُّب هُنَا هُوَ أَن الْغَالِب فِي الْعَادة أَن الْمُحب لَا يكون إلاَّ محبوبا وَبِالْعَكْسِ. قَوْله: (لَو راجعته) كَذَا فِي الْأُصُول بِكَسْر
    التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعْدهَا ضمير، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: لَو راجعتيه، بِإِثْبَات الْيَاء آخر الْحُرُوف بعد التَّاء، وَهِي لُغَة ضَعِيفَة، قَالَه بَعضهم قلت: إِن صَحَّ هَذَا فِي الرِّوَايَة فَهِيَ لُغَة فصيحة لِأَنَّهَا من أفْصح الْخلق، وَزَاد ابْن مَاجَه فِي رِوَايَته: فَإِنَّهُ أَبُو ولدك. قَوْله: (تَأْمُرنِي؟) وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ بعده. قَالَ: لَا قيل فِيهِ إِشْعَار بِأَن صِيغَة الْأَمر لَا تَنْحَصِر فِي لفظ: افْعَل، وَفِيه نظر، لِأَن الْأَمر هُوَ قَول الْقَائِل إفعل، وَإِنَّمَا معنى قَوْلهَا: أتأمرني؟ أَشَيْء وَاجِب عَليّ؟ كَمَا وَقع هَكَذَا فِي مُرْسل ابْن سِيرِين فَقَالَ: يَا رَسُول الله! أَشَيْء وَاجِب عَليّ؟ قَالَ: لَا.وَيُسْتَفَاد مِنْهُ فَوَائِد الأولى: استشفاع الإِمَام والعالم والخليفة فِي حوائج الرّعية، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اشفعوا تؤجروا وَيَقْضِي الله على لِسَان نبيه مَا شَاءَ) ، والساعي فِيهِ مأجور وَإِن لم تنقض الْحَاجة. الثَّانِيَة: أَنه لَا حرج على الإِمَام وَالْحَاكِم إِذا ثَبت الْحق على أحد الْخَصْمَيْنِ إِذا سَأَلَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق أَن يسْأَل من الَّذِي ثَبت لَهُ تَأْخِير حَقه، أَو وَضعه عَنهُ. الثَّالِثَة: أَن من يسْأَل من الْأُمُور مِمَّا هُوَ غير واحب عَلَيْهِ فعله فَلهُ رد سائله وَترك قَضَاء حَاجته، وَإِن كَانَ الشَّفِيع سُلْطَانا أَو عَالما أَو شريفا، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُنكر على بَرِيرَة ردهَا إِيَّاه فِيمَا شفع فِيهِ. الرَّابِعَة: أَن بغض الرجل للرجل الْمُسلم لَا على وَجه الْعَدَاوَة لَهُ، وَلمن لاختيار الْبعد عَنهُ لسوء خلقه وخبث عشرته، أَو لأجل شَيْء يكرههُ النَّاس جَائِز كَمَا فِي قصَّة امْرَأَة ثَابت بن قيس بن شماس، فَإِنَّهَا بغضته مَعَ مكانته مَعَ الدّين وَالْفضل لغير بَأْس لأجل دمامته وَسُوء خلقه، حَتَّى افتدت مِنْهُ. الْخَامِسَة: أَنه لَا حرج على مُسلم فِي هوى امْرَأَة مسلمة وحبه لَهَا، ظهر ذَلِك أَو خَفِي، لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي ذَلِك؟ وَإِن أفرط مَا لم بَات محرما وَلم يغش إِثْمًا.<

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ، بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَبَّاسٍ ‏"‏ يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا ‏"‏‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ لَوْ رَاجَعْتِهِ ‏"‏‏.‏ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ ‏"‏ إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ ‏"‏‏.‏ قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ‏.‏

    Narrated Ibn `Abbas:Barira's husband was a slave called Mughith, as if I am seeing him now, going behind Barira and weeping with his tears flowing down his beard. The Prophet (ﷺ) said to `Abbas, "O `Abbas ! are you not astonished at the love of Mughith for Barira and the hatred of Barira for Mughith?" The Prophet (ﷺ) then said to Barira, "Why don't you return to him?" She said, "O Allah's Messenger (ﷺ)! Do you order me to do so?" He said, "No, I only intercede for him." She said, "I am not in need of him

    Telah menceritakan kepada kami [Muhammad] Telah mengabarkan kepada kami [Abdul Wahhab] Telah menceritakan kepada kami [Khalid] dari [Ikrimah] dari [Ibnu Abbas] bahwa suami Barirah adalah seorang budak yang bernama Mughits. Sepertinya aku melihat ia berthawaf di belakangnya seraya menangis hingga air matanya membasahi jenggot. Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Wahai Abbas, tidakkah kamu ta'ajub akan kecintaan Mughits terhadap Barirah dan kebencian Barirah terhadap Mughits?" Akhirnya Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pun bersabda: "Seandainya kamu mau meruju'nya kembali." Barirah bertanya, "Wahai Rasulullah, apakah Anda menyuruhku?" beliau menjawab, "Aku hanya menyarankan." Akhirnya Barirah pun berkata, "Sesungguhnya aku tak berhajat sedikit pun padanya

    İbn Abbas'tan rivayete göre "Berire'nin kocası Muğis diye adlandırılan bir köle idi. Ben onun Berire'nin arkasından ağlayarak dolaştığını ve gözyaşlarının sakalları üzerine aktığını görüyor gibiyim. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem, Abbas'a: Ey Abbas, Muğis'in, Berire'ye olan sevgisine rağmen, Berire'nin, 'Muğis'e olan nefretine hayret etmiyor musun, diye buyurdu. Nebi sallallahu a1eyhi ve sellem, Berirelye: Keşke ona dönsen deyince, Berire: Ey Allah'ın Rasulü! Bu bana bir emir midir, diye sordu. Allah Rasulü: Hayır, ben sadece şefaatte (iltimas) bulunuyorum deyince, Berire: Benim ona ihtiyacım yok,dedL" Fethu'l-Bari Açıklaması: "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in, Berire'nin kocası hakkında" tekrar kocasının niki!!hına dönmesi için Beri're nezdinde "şefaatte (iltimasta) bulunması." "Bu bana bir emir mi?" Yerine getirmekle yükümlü olduğum bir emir mi veriyorsun? "Allah Rasulü: Hayır, ben Sadece şefaatte bulunuyorum." Yani ben bunu kesin bir emir olmak üzere söylemiyorum, şefaatte (iltimas) bulunmak üzere söylüyorum, demektir. "Benim ona ihtiyacım yok." Sen bana bunu uymak zorunda olduğum bir emir olarak vermediğine göre, ben de ona dönmeyi tercih etmiyorum. 17. BAB

    ہم سے محمد بن سلام بیکندی نے بیان کیا، کہا ہم کو عبدالوہاب ثقفی نے خبر دی، کہا ہم سے خالد حذاء نے، ان سے عکرمہ نے اور ان سے ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہ بریرہ رضی اللہ عنہا کے شوہر غلام تھے اور ان کا نام مغیث تھا۔ گویا میں اس وقت اس کو دیکھ رہا ہوں جب وہ بریرہ رضی اللہ عنہا کے پیچھے پیچھے روتے ہوئے پھر رہے تھے اور آنسوؤں سے ان کی ڈاڑھی تر ہو رہی تھی۔ اس پر نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے عباس رضی اللہ عنہ سے فرمایا: عباس! کیا تمہیں مغیث کی بریرہ سے محبت اور بریرہ کی مغیث سے نفرت پر حیرت نہیں ہوئی؟ آخر نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے بریرہ رضی اللہ عنہا سے فرمایا کہ کاش! تم اس کے بارے میں اپنا فیصلہ بدل دیتیں۔ انہوں نے عرض کیا: یا رسول اللہ! کیا آپ مجھے اس کا حکم فرما رہے ہیں؟ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں صرف سفارش کر رہا ہوں۔ انہوں نے اس پر کہا کہ مجھے مغیث کے پاس رہنے کی خواہش نہیں ہے۔

    ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) হতে বর্ণিত যে, বারীরার স্বামী ক্রীতদাস ছিল। মুগীস নামে তাকে ডাকা হত। আমি যেন এখনও তাকে দেখছি সে বারীরার পিছে কেঁদে কেঁদে ঘুরছে, আর তার দাড়ি বেয়ে অশ্রু ঝরছে। তখন নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ হে ‘আব্বাস! বারীরার প্রতি মুগীসের ভালবাসা এবং মুগীসের প্রতি বারীরার অনাসক্তি দেখে তুমি কি আশ্চর্যান্বিত হওনা? এরপর নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ বারীরা) তুমি যদি তার কাছে আবার ফিরে যেতে! সে বললঃ হে আল্লাহর রাসূল! আপনি কি আমাকে হুকুম দিচ্ছেন? তিনি বললেনঃ আমি কেবল সুপারিশ করছি। সে বললঃ তাকে দিয়ে আমার কোন প্রয়োজন নেই। [৫২৮০] আধুনিক প্রকাশনী- ৪৮৯৫, ইসলামিক ফাউন্ডেশন

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: பரீராவின் கணவர் அடிமையாக இருந்தார். அவருக்கு முஃகீஸ் என்று (பெயர்) சொல்லப்படும். அவர் (பரீரா தம்மைப் பிரிந்துவிட நினைக்கிறார் என்பதை அறிந்தபோது) தமது தாடியில் கண்ணீர் வழியும் அளவிற்கு அழுதவண்ணம் பரீராவிற்குப் பின்னால் சுற்றிச் சுற்றி வந்துகொண்டிருந்ததை இப்போதும் நான் காண்பதைப் போன்றுள்ளது. அப்போது நபி (ஸல்) அவர்கள் அப்பாஸ் (ரலி) அவர்களிடம் ‘‘அப்பாஸ் அவர்களே! முஃகீஸ் பரீராவின் மீது வைத்துள்ள நேசத்தையும், பரீரா முஃகீஸின் மீது கொண்டுள்ள கோபத்தையும் கண்டு நீங்கள் வியப்படையவில்லையா?” என்று கேட்டார்கள். (முஃகீஸிடமிருந்து பரீரா பிரிந்துவிட்ட போது) நபி (ஸல்) அவர்கள் ‘‘முஃகீஸிடம் நீ திரும்பிச் செல்லக் கூடாதா?” என்று (பரீராவிடம்) கேட்டார்கள். அதற்கு பரீரா ‘‘அல்லாஹ்வின் தூதரே! எனக்குத் தாங்கள் கட்டளையிடுகின்றீர்களா?” என்று கேட்டார். நபி (ஸல்) அவர்கள் ‘‘(இல்லை.) நான் பரிந்துரைக்கவே செய்கின்றேன்” என்றார்கள். அப்போது பரீரா, ‘‘(அப்படி யானால்,) அவர் எனக்குத் தேவையில்லை” என்று கூறிவிட்டார். அத்தியாயம் :