عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " .
قَالَ الْشَّافِعِيُّ : وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلَا يُجْزِئُ مُتَوَضِّئًا إِلَّا أَنْ يَغْسِلَ ظُهُورَ قَدَمَيْهِ وَبُطُونَهُمَا وَأَعْقَابَهُمَا ، وَكَعْبَيْهِ مَعًا ، قَالَ : وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَسَحَ عَلَى ظُهُورِ قَدَمَيْهِ ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَشَّ عَلَى ظُهُورِهِمَا . وَأَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ وَجْهٍ صَالِحِ الْإِسْنَادِ . قَالَ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ رَشُّهُمَا ، وَلَا يَكُونُ مُضَادًّا لِحَدِيثِ : إِنَّ النَّبِيَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ ، كَمَا أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَلَمْ يَكُنْ مُضَادًّا لِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ ؟ قِيلَ لَهُ : الْخُفَّانِ حَائِلَانِ دُونَ الْقَدَمَيْنِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا يُضَادُّ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ ، وَهُوَ غَيْرُهُمَا ، وَالَّذِي قَالَ : مَسْحُ أَوْ رَشُّ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ ، فَقَدْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ غَسْلُ بَطْنِ الْقَدَمَيْنِ ، وَلَا تَخْلِيلٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا ، وَلَا غَسْلُ أَصَابِعِهِمَا ، وَلَا غَسْلُ عَقِبَيْهِ ، وَلَا كَعْبَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ، وَقَالَ : وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ ، وَلَا يُقَالُ : وَيْلٌ لَهُمَا مِنَ النَّارِ إِلَّا وَغَسْلُهُمَا وَاجِبٌ ؛ لِأَنَّ الْعَذَابَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَعْمَى يَتَوَضَّأُ : بَطْنَ الْقَدَمِ ، بَطْنَ الْقَدَمِ ، فَجَعَلَ الْأَعْمَى يَغْسِلُ بَطْنَ الْقَدَمِ وَلَا يَسْمَعُ النَّبِيَّ ، فَسُمِّيَ : الْبَصِيرَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ مَسْحِ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ وَرَشِّهِمَا ؟ قِيلَ : أَمَّا أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ فَلَيْسَ مِمَّا يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَوِ انْفَرَدَ ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فَحَسَنُ الْإِسْنَادِ ، وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا ثَبَتَ ، وَالَّذِي يُخَالِفُهُ أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ مِنْهُ ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ أَوْلَى ، وَمَعَ الَّذِي خَالَفَهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ كَمَا وَصَفْتُ ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْعَامَّةِ