• 1324
  • حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ قَالَ سُفْيَانُ : تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ "

    يتغنى: يتغنى بالقرآن : يلهج بتلاوته كما يلهج سائر الناس بالغناء والطرب ، وقيل يُحَسِّنُ صوته بتلاوته
    مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ
    لا توجد بيانات

    [5024] قَوْلُهُ أَنْ يَتَغَنَّى كَذَا لَهُمْ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِدُونِ أَن وَزعم بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ أَنْ وَأَنَّ إِثْبَاتَهَا وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْوُونَ بِالْمَعْنَى فَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُهُمُ الْمُسَاوَاةَ فَوَقَعَ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ بِلَفْظِ أَنْ لَكَانَ مِنَ الْإِذْنِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِالذَّالِ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَالْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ وَقَوْلُهُ أَذِنَ أَيِ اسْتَمَعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ أَذِنَ بِفَتْحَةٍ ثُمَّ كَسْرَةٍ فِي الْمَاضِي وَكَذَا فِي الْمُضَارِعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِمَاعِ تَقُولُ أَذِنْتُ آذَنُ بِالْمَدِّ فَإِنْ أَرَدْتَ الْإِطْلَاقَ فَالْمَصْدَرُ بِكَسْرَةٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَإِنْ أَرَدْتَ الِاسْتِمَاعَ فَالْمَصْدَرُ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَيُّهَا الْقَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ إِنَّ هَمِّي فِي سَمَاعٍ وَأَذَنْ أَيْ فِي سَمَاعٍ وَاسْتِمَاعٍ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَصْلُ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ أَنَّ الْمُسْتَمِعَ يَمِيلُ بِأُذُنِهِ إِلَى جِهَةِ مَنْ يَسْمَعُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ اللَّهِ لَا يُرَادُ بِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ عَلَى مَا جَرَى بِهِ عُرْفُ الْمُخَاطَبِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِكْرَامُ الْقَارِئِ وَإِجْزَالُ ثَوَابِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَرَةَ الْإِصْغَاءِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَذِنَ لِشَيْءٍ كأذنه بِفتْحَتَيْنِ وَمثله عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي سَلمَة وَعند أَحْمد وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ قُلْتُ وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَيْسَ مَا أَنْكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ بِمُنْكَرٍ بَلْ هُوَ مُوَجَّهٌ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى كَذَلِكَ وَوَجَّهَهَا عِيَاضٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْحَثُّ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَمْرُ بِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يَجْهَرُ بِهِ الضَّمِيرُ فِي لَهُ لِأَبِي سَلَمَةَ وَالصَّاحِبُ الْمَذْكُورُ هُوَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ الْخَطَّابِ بَينه الزبيدِيّ عَن بن شهَاب فِي هَذَا الحَدِيث أخرجه بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ قَالَ بن شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ فَكَأَن هَذَا التَّفْسِير لم يسمعهُ بن شِهَابٍ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْهُ فَكَانَ تَارَةً يُسَمِّيهِ وَتَارَةً يُبْهِمُهُ وَقَدْ أَدْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ قَالَ الذُّهْلِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قُلْتُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ وَكَذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَوْله عَن سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة قَوْله عَن الزُّهْرِيّ هُوَ بن شهَاب الْمَذْكُور فِي الطَّرِيق الأولى وَنقل بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَالَ لَمْ يَقُلْ لَنَا سُفْيَانُ قطّ فِي هَذَا الحَدِيث حَدثنَا بن شِهَابٍ قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالْحُمَيْدِيُّ مِنْ أعرف النَّاس بِحَدِيث سُفْيَان وَأَكْثَرهم تثبتا عته لِلسَّمَاعِ مِنْ شُيُوخِهِمْ قَوْلُهُ قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يُسْتَغْنَى بِهِ كَذَا فَسَّرَهُ سُفْيَانُ وَيُمْكِنُ أَنْ يسْتَأْنس بِمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وبن الضريس وَصَححهُ أَبُو عوَانَة عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ لَقِيَنِي سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَنَا فِي السُّوقِ فَقَالَ تُجَّارٌ كَسَبَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَقَدِ ارتضى أَبُو عبيد تَفْسِير يتَغَنَّى يَسْتَغْنِي وَقَالَ إِنَّهُ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَنْشَدَ الْأَعْشَى وَكُنْتُ امْرَءًا زَمَنًا بِالْعِرَاقِ خَفِيفَ الْمُنَاخِ طَوِيل التَّغَنِّيأَيْ كَثِيرَ الِاسْتِغْنَاءِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ كِلَانَا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيهِ حَيَاتَهُ وَنَحْنُ إِذَا مِتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيًا قَالَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنِ الْإِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَاحْتج أَبُو عبيد أَيْضا بقول بن مَسْعُودٍ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَهُوَ غنى وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ يَتَغَنَّى عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَالثَّانِي الِاسْتِغْنَاءُ وَالثَّالِثُ التَّحَزُّنُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالرَّابِعُ التَّشَاغُلُ بِهِ تَقُولُ الْعَرَبُ تَغَنَّى بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ قُلْتُ وَفِيه قَول آخر حَكَاهُ بن الْأَنْبَارِيِّ فِي الزَّاهِرِ قَالَ الْمُرَادُ بِهِ التَّلَذُّذُ الاستحلاء لَهُ كَمَا يَسْتَلِذُّ أَهْلُ الطَّرَبِ بِالْغِنَاءِ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ تَغَنِّيًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُفْعَلُ عِنْدَهُ مَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْغِنَاءِ وَهُوَ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ بُكَاءُ حَمَامَةٍ تَدْعُو هَدِيلًا مُفَجَّعَةً عَلَى فَنَنٍ تُغَنِّي أَطْلَقَ عَلَى صَوْتِهَا غِنَاءً لِأَنَّهُ يُطْرِبُ كَمَا يُطْرِبُ الْغِنَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غِنَاءً حَقِيقَةً وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ الْعَمَائِمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ لِكَوْنِهَا تَقُومُ مَقَامَ التِّيجَانِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ حَسَنٌ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَهُ هِجِّيرَاهُ كَمَا يَجْعَلُ الْمُسَافِرُ والفارغ هجيراه الْغناء قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا رَكِبَتِ الْإِبِلَ تَتَغَنَّى وَإِذَا جَلَسَتْ فِي أَفْنِيَتِهَا وَفِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَحَبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ هِجِّيرَاهُمُ الْقِرَاءَةَ مَكَانَ التَّغَنِّي وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الرَّابِعَ بَيْتُ الْأَعْشَى الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ طَوِيلُ التَّغَنِّي طُولَ الْإِقَامَةِ لَا الِاسْتِغْنَاءَ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِوَصْفِ الطُّولِ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ مُلَازِمًا لِوَطَنِهِ بَيْنَ أَهله كَانُوا يتمدحون بذلك كَمَا قَالَ حَسَّانُ أَوْلَادُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمُ قبر بن مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفَضَّلِ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الِانْتِجَاعِ وَلَا يَبْرَحُونَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحَثَّ عَلَى مُلَازَمَةِ الْقُرْآنِ وَأَنْ لَا يُتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ يَئُولُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إِلَى مَا اخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَخْصِيصِ الِاسْتِغْنَاءِ وَأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُغْنِهِ الْقُرْآنُ وَيَنْفَعْهُ فِي إِيمَانِهِ وَيُصَدِّقْ بِمَا فِيهِ مِنْ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَرْتَحْ لِقِرَاءَتِهِ وَسَمَاعِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ يُحَصِّلُ بِهِ الْغِنَى دُونَ الْفَقْرِ لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ غَيْرُ مَدْفُوعٍ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْغِنَى الْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ غِنَى النَّفْسِ وَهُوَ الْقَنَاعَةُ لَا الْغِنَى الْمَحْسُوسُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ مُلَازَمَةِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْخَاصِّيَّةِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَأْبَى الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى الْحَثِّ عَلَى تَكَلُّفِ ذَلِكَ وَفِي تَوْجِيهِهِ تَكَلُّفٌ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَطَلَّبِ الْغِنَى بِمُلَازَمَةِ تِلَاوَتِهِ وَأَمَّا الَّذِي نَقَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَلَمْ أره صَرِيحًا عَنهُ ي تَفْسِيرِ الْخَبَرِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ وَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ حَدْرًا وَتَحْزِينًا انْتَهَى قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ حَدَرْتُ الْقِرَاءَةَ أَدْرَجْتُهَا وَلَمْ أَمْطُطْهَا وَقَرَأَ فُلَانٌ تَحْزِينًا إِذَا رَقَّقَ صَوْتَهُ وَصَيَّرَهُ كصوت الحزين وَقد روى بن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنه قرأسورة فَحَزَّنَهَا شِبْهَ الرَّثْيِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ يَتَغَنَّى بِهِ يَتَحَزَّنُ بِهِ وَيُرَقِّقُ بِهِ قَلْبَهُ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنِ الشَّافِعِي أَنه سُئِلَ عَن تَأْوِيل بن عُيَيْنَة التَّغَنِّي بِالِاسْتِغْنَاءِ فَلَمْ يَرْتَضِهِ وَقَالَ لَوْ أَرَادَ الِاسْتِغْنَاءَ لَقَالَ لَمْ يَسْتَغْنِ وَإِنَّمَا أَرَادَ تَحْسِينَ الصَّوْتِ قَالَ بن بطال وَبِذَلِك فسره بن أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَيُؤَيِّدُهُرِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن معمر عَن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَا أُذِنَ لِنَبِيٍّ فِي التَّرَنُّمِ فِي الْقُرْآنِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَا أُذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعند بن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالتَّرَنُّمُ لَا يكون إِلَّا بالصوت إِذا حسنه القاريء وَطَرِبَ بِهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الِاسْتِغْنَاءَ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الصَّوْتِ وَلَا لِذِكْرِ الْجَهْرِ معنى وَأخرج بن ماجة والكجي وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَرْفُوعًا اللَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا أَيِ اسْتِمَاعًا لِلرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَته والقينة الْمُغنيَة وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَغَنُّوا بِهِ وَأَفْشُوهُ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ غَيْرِهِ فِي الْحَدِيثِ وَتَغَنُّوا بِهِ وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ التَّغَنِّيَ التَّرْجِيعُ بِالصَّوْتِ كَمَا قَالَ حَسَّانُ تَغَنَّ بِالشِّعْرِ إِمَّا أَنْتَ قَائِلُهُ إِنَّ الْغِنَاءَ بِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمَارٌ قَالَ وَلَا نَعْلَمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى وَلَا فِي أَشْعَارِهِمْ وَبَيْتُ الْأَعْشَى لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ طُولَ الْإِقَامَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى كَأَنْ لَمْ يغنوا فِيهَا وَقَالَ بَيْتُ الْمُغِيرَةِ أَيْضًا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّغَانِيَ تَفَاعُلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى تَغَنَّى قَالَ وَإِنَّمَا يَأْتِي تَغَنَّى مِنَ الْغِنَى الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ بِمَعْنَى تَفَعَّلَ أَيْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا عِنْدَهُ وَهَذَا فَاسِدُ الْمَعْنَى قُلْتُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى تَكَلَّفَهُ أَيْ تَطَلَّبَهُ وَحَمَلَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا وَهُوَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَمَّا إِنْكَارُهُ أَنْ يَكُونَ تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَمَرْدُودٌ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ فِي حَدِيثِ الْخَيْلِ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَعَفُّفًا وَتَغَنِّيًا وَهَذَا مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ بِلَا رَيْبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ يَطْلُبُ الْغِنَى بِهَا عَنِ النَّاسِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَعَفُّفًا وَمِمَّنْ أَنْكَرَ تَفْسِيرَ يَتَغَنَّى بِيَسْتَغْنِي أَيْضًا الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِمَاعٍ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ أَمْرٌ خَاصٌّ زَائِدٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَأَيْضًا فَالِاكْتِفَاءُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ أَمْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ ثُمَّ سَاقَ مِنْ وَجه آخر عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ يَقُولُونَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَدْ تَغَنَّى قُلْتُ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ بِمَعْنَى يُسْتَغْنَى أَتْقَنُ لِحَدِيثِهِ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ مِثْلَهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَفْسِيرَ يَسْتَغْنِي مِنْ جِهَتِهِ وَيَرْفَعُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ذَكَرْتُ لِأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ تَفْسِير بن عُيَيْنَة فَقَالَ لم يصنع شَيْئا حَدثنِي بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَغَنَّى يَعْنِي حِين يقْرَأ ويبكي ويبكي وَعَن بن عَبَّاس أَن دَاوُد كَانَ يقرأالزبور بِسَبْعِينَ لَحْنًا وَيَقْرَأُ قِرَاءَةً يَطْرَبُ مِنْهَا الْمَحْمُومُ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْكِيَ نَفْسَهُ لَمْ تَبْقَ دَابَّةٌ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا أَنْصَتَتْ لَهُ وَاسْتَمَعَتْ وَبَكَتْ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ إِنَّ أَبَا مُوسَى أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ فِي بَابِ حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَفِي الْجُمْلَةِ مَا فسر بِهِ بن عُيَيْنَةَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ وَإِنْ كَانَتْ ظَوَاهِرُ الْأَخْبَارِ تُرَجِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ يَجْهَرُ بِهِ فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً قَامَتِ الْحُجَّةُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْفُوعَةٍ فَالرَّاوِي أَعْرَفُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فقها وَقَدْ جَزَمَ الْحَلِيمِيُّ بِأَنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ سَمِعْتُ فُلَانًا يَتَغَنَّى بِكَذَا أَيْ يَجْهَرُ بِهِ وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخَذَ بيَدي بن جريج فأوقفني علىأشعب فَقَالَ غن بن أَخِي مَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ فَذَكَرَ قِصَّةً فَقَوْلُهُ غَنِّ أَيْ أَخْبِرْنِي جَهْرًا صَرِيحًا وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ أُحِبُّ الْمَكَانَ الْقَفْرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنِي بِهِ أَتَغَنَّى بِاسْمِهَا غَيْرَ مُعْجِمٍ أَيْ أَجْهَرُ وَلَا أُكَنِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرِ التَّأْوِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يُحَسِّنُ بِهِ صَوْتَهُ جَاهِرًا بِهِ مُتَرَنِّمًا عَلَى طَرِيقِ التَّحَزُّنِ مُسْتَغْنِيًا بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ طَالِبًا بِهِ غِنَى النَّفْسِ رَاجِيًا بِهِ غِنَى الْيَدِ وَقَدْ نَظَمْتُ ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ تَغَنَّ بِالْقُرْآنِ حَسِّنْ بِهِ الصَّوْتَ حَزِينًا جَاهِرًا رَنِّمِ وَاسْتَغْنِ عَنْ كُتْبِ الْأُلَى طَالِبًا غِنَى يَدٍ وَالنَّفْسِ ثُمَّ الْزَمِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِحُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ فِي تَرْجَمَةٍ مُفْرَدَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ النُّفُوسَ تَمِيلُ إِلَى سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَرَ مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّمُ لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّةِ الْقَلْبِ وَإِجْرَاءِ الدَّمْعِ وَكَانَ بَيْنَ السَّلَفِ اخْتِلَافٌ فِي جَوَازِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ أَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَتَقْدِيمُ حُسْنِ الصَّوْتِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ فَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ عَنْ مَالِكٍ تَحْرِيمَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَحَكَاهُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وبن حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحكى بن بَطَّالٍ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْكَرَاهَة وَاخْتَارَهُ أَبُو يعلى وبن عقيل من الْحَنَابِلَة وَحكى بن بَطَّالٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الْجَوَازَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَ الفوراني من الشَّافِعِيَّة فِي الْإِبَاحَة يَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَمَحَلُّ هَذَا الِاخْتِلَافِ إِذَا لَمْ يَخْتَلَّ شَيْءٌ مِنَ الْحُرُوفِ عَنْ مَخْرَجِهِ فَلَوْ تَغَيَّرَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَفْظُهُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ فَإِنْ خَرَجَ حَتَّى زَادَ حَرْفًا أَوْ أَخْفَاهُ حَرُمَ قَالَ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ بَلْ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِالْأَلْحَانِ عَلَى الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ إِذَا انْتَهَتْ إِلَى إِخْرَاجِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ عَنْ مخارجها حرم وَكَذَا حكى بن حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ لَمْ يُفْرِطْ فِي التَّمْطِيطِ الَّذِي يُشَوِّشُ النَّظْمَ اسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا وَأَغْرَبَ الرَّافِعِيُّ فَحَكَى عَنْ أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ أَنه لَا يضر التمطيط مُطلقًا وَحَكَاهُ بن حَمْدَانَ رِوَايَةً عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَهَذَا شُذُوذٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَطْلُوبٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حسنا فليحسنه مَا اسْتَطَاعَ كَمَا قَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمِنْ جُمْلَةِ تَحْسِينِهِ أَنْ يُرَاعِيَ فِيهِ قَوَانِينَ النَّغَمِ فَإِنَّ الْحَسَنَ الصَّوْتِ يَزْدَادُ حُسْنًا بِذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي حُسْنِهِ وَغَيْرُ الْحَسَنِ رُبَّمَا انْجَبَرَ بِمُرَاعَاتِهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ شَرْطِ الْأَدَاءِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْقِرَاءَاتِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يَفِ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقُبْحِ الْأَدَاءِ وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ بِالْأَنْغَامِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ رَاعَى الْأَنْغَامَ أَنْ لَا يُرَاعِيَ الْأَدَاءَ فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُرَاعِيهِمَا مَعًا فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْمَطْلُوبِ مِنْ تَحْسِينِ الصَّوْتِ وَيَجْتَنِبُ الْمَمْنُوعَ مِنْ حُرْمَةِ الْأَدَاءِ وَالله أعلمالذَّالِ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَالْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ وَقَوْلُهُ أَذِنَ أَيِ اسْتَمَعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ أَذِنَ بِفَتْحَةٍ ثُمَّ كَسْرَةٍ فِي الْمَاضِي وَكَذَا فِي الْمُضَارِعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِمَاعِ تَقُولُ أَذِنْتُ آذَنُ بِالْمَدِّ فَإِنْ أَرَدْتَ الْإِطْلَاقَ فَالْمَصْدَرُ بِكَسْرَةٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَإِنْ أَرَدْتَ الِاسْتِمَاعَ فَالْمَصْدَرُ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَيُّهَا الْقَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ إِنَّ هَمِّي فِي سَمَاعٍ وَأَذَنْ أَيْ فِي سَمَاعٍ وَاسْتِمَاعٍ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَصْلُ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ أَنَّ الْمُسْتَمِعَ يَمِيلُ بِأُذُنِهِ إِلَى جِهَةِ مَنْ يَسْمَعُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ اللَّهِ لَا يُرَادُ بِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ عَلَى مَا جَرَى بِهِ عُرْفُ الْمُخَاطَبِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِكْرَامُ الْقَارِئِ وَإِجْزَالُ ثَوَابِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَرَةَ الْإِصْغَاءِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَذِنَ لِشَيْءٍ كأذنه بِفتْحَتَيْنِ وَمثله عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي سَلمَة وَعند أَحْمد وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ قُلْتُ وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَيْسَ مَا أَنْكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ بِمُنْكَرٍ بَلْ هُوَ مُوَجَّهٌ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى كَذَلِكَ وَوَجَّهَهَا عِيَاضٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْحَثُّ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَمْرُ بِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يَجْهَرُ بِهِ الضَّمِيرُ فِي لَهُ لِأَبِي سَلَمَةَ وَالصَّاحِبُ الْمَذْكُورُ هُوَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ الْخَطَّابِ بَينه الزبيدِيّ عَن بن شهَاب فِي هَذَا الحَدِيث أخرجه بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ قَالَ بن شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ فَكَأَن هَذَا التَّفْسِير لم يسمعهُ بن شِهَابٍ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْهُ فَكَانَ تَارَةً يُسَمِّيهِ وَتَارَةً يُبْهِمُهُ وَقَدْ أَدْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ قَالَ الذُّهْلِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قُلْتُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ وَكَذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَوْله عَن سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة قَوْله عَن الزُّهْرِيّ هُوَ بن شهَاب الْمَذْكُور فِي الطَّرِيق الأولى وَنقل بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَالَ لَمْ يَقُلْ لَنَا سُفْيَانُ قطّ فِي هَذَا الحَدِيث حَدثنَا بن شِهَابٍ قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالْحُمَيْدِيُّ مِنْ أعرف النَّاس بِحَدِيث سُفْيَان وَأَكْثَرهم تثبتا عته لِلسَّمَاعِ مِنْ شُيُوخِهِمْ قَوْلُهُ قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يُسْتَغْنَى بِهِ كَذَا فَسَّرَهُ سُفْيَانُ وَيُمْكِنُ أَنْ يسْتَأْنس بِمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وبن الضريس وَصَححهُ أَبُو عوَانَة عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ لَقِيَنِي سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَنَا فِي السُّوقِ فَقَالَ تُجَّارٌ كَسَبَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَقَدِ ارتضى أَبُو عبيد تَفْسِير يتَغَنَّى يَسْتَغْنِي وَقَالَ إِنَّهُ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَنْشَدَ الْأَعْشَى وَكُنْتُ امْرَءًا زَمَنًا بِالْعِرَاقِ خَفِيفَ الْمُنَاخِ طَوِيل التَّغَنِّيأَيْ كَثِيرَ الِاسْتِغْنَاءِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ كِلَانَا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيهِ حَيَاتَهُ وَنَحْنُ إِذَا مِتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيًا قَالَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنِ الْإِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَاحْتج أَبُو عبيد أَيْضا بقول بن مَسْعُودٍ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَهُوَ غنى وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ يَتَغَنَّى عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَالثَّانِي الِاسْتِغْنَاءُ وَالثَّالِثُ التَّحَزُّنُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالرَّابِعُ التَّشَاغُلُ بِهِ تَقُولُ الْعَرَبُ تَغَنَّى بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ قُلْتُ وَفِيه قَول آخر حَكَاهُ بن الْأَنْبَارِيِّ فِي الزَّاهِرِ قَالَ الْمُرَادُ بِهِ التَّلَذُّذُ الاستحلاء لَهُ كَمَا يَسْتَلِذُّ أَهْلُ الطَّرَبِ بِالْغِنَاءِ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ تَغَنِّيًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُفْعَلُ عِنْدَهُ مَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْغِنَاءِ وَهُوَ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ بُكَاءُ حَمَامَةٍ تَدْعُو هَدِيلًا مُفَجَّعَةً عَلَى فَنَنٍ تُغَنِّي أَطْلَقَ عَلَى صَوْتِهَا غِنَاءً لِأَنَّهُ يُطْرِبُ كَمَا يُطْرِبُ الْغِنَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غِنَاءً حَقِيقَةً وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ الْعَمَائِمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ لِكَوْنِهَا تَقُومُ مَقَامَ التِّيجَانِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ حَسَنٌ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَهُ هِجِّيرَاهُ كَمَا يَجْعَلُ الْمُسَافِرُ والفارغ هجيراه الْغناء قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا رَكِبَتِ الْإِبِلَ تَتَغَنَّى وَإِذَا جَلَسَتْ فِي أَفْنِيَتِهَا وَفِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَحَبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ هِجِّيرَاهُمُ الْقِرَاءَةَ مَكَانَ التَّغَنِّي وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الرَّابِعَ بَيْتُ الْأَعْشَى الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ طَوِيلُ التَّغَنِّي طُولَ الْإِقَامَةِ لَا الِاسْتِغْنَاءَ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِوَصْفِ الطُّولِ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ مُلَازِمًا لِوَطَنِهِ بَيْنَ أَهله كَانُوا يتمدحون بذلك كَمَا قَالَ حَسَّانُ أَوْلَادُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمُ قبر بن مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفَضَّلِ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الِانْتِجَاعِ وَلَا يَبْرَحُونَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحَثَّ عَلَى مُلَازَمَةِ الْقُرْآنِ وَأَنْ لَا يُتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ يَئُولُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إِلَى مَا اخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَخْصِيصِ الِاسْتِغْنَاءِ وَأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُغْنِهِ الْقُرْآنُ وَيَنْفَعْهُ فِي إِيمَانِهِ وَيُصَدِّقْ بِمَا فِيهِ مِنْ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَرْتَحْ لِقِرَاءَتِهِ وَسَمَاعِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ يُحَصِّلُ بِهِ الْغِنَى دُونَ الْفَقْرِ لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ غَيْرُ مَدْفُوعٍ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْغِنَى الْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ غِنَى النَّفْسِ وَهُوَ الْقَنَاعَةُ لَا الْغِنَى الْمَحْسُوسُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ مُلَازَمَةِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْخَاصِّيَّةِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَأْبَى الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى الْحَثِّ عَلَى تَكَلُّفِ ذَلِكَ وَفِي تَوْجِيهِهِ تَكَلُّفٌ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَطَلَّبِ الْغِنَى بِمُلَازَمَةِ تِلَاوَتِهِ وَأَمَّا الَّذِي نَقَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَلَمْ أره صَرِيحًا عَنهُ ي تَفْسِيرِ الْخَبَرِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ وَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ حَدْرًا وَتَحْزِينًا انْتَهَى قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ حَدَرْتُ الْقِرَاءَةَ أَدْرَجْتُهَا وَلَمْ أَمْطُطْهَا وَقَرَأَ فُلَانٌ تَحْزِينًا إِذَا رَقَّقَ صَوْتَهُ وَصَيَّرَهُ كصوت الحزين وَقد روى بن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنه قرأسورة فَحَزَّنَهَا شِبْهَ الرَّثْيِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ يَتَغَنَّى بِهِ يَتَحَزَّنُ بِهِ وَيُرَقِّقُ بِهِ قَلْبَهُ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنِ الشَّافِعِي أَنه سُئِلَ عَن تَأْوِيل بن عُيَيْنَة التَّغَنِّي بِالِاسْتِغْنَاءِ فَلَمْ يَرْتَضِهِ وَقَالَ لَوْ أَرَادَ الِاسْتِغْنَاءَ لَقَالَ لَمْ يَسْتَغْنِ وَإِنَّمَا أَرَادَ تَحْسِينَ الصَّوْتِ قَالَ بن بطال وَبِذَلِك فسره بن أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَيُؤَيِّدُهُرِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن معمر عَن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَا أُذِنَ لِنَبِيٍّ فِي التَّرَنُّمِ فِي الْقُرْآنِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَا أُذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعند بن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالتَّرَنُّمُ لَا يكون إِلَّا بالصوت إِذا حسنه القاريء وَطَرِبَ بِهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الِاسْتِغْنَاءَ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الصَّوْتِ وَلَا لِذِكْرِ الْجَهْرِ معنى وَأخرج بن ماجة والكجي وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَرْفُوعًا اللَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا أَيِ اسْتِمَاعًا لِلرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَته والقينة الْمُغنيَة وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَغَنُّوا بِهِ وَأَفْشُوهُ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ غَيْرِهِ فِي الْحَدِيثِ وَتَغَنُّوا بِهِ وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ التَّغَنِّيَ التَّرْجِيعُ بِالصَّوْتِ كَمَا قَالَ حَسَّانُ تَغَنَّ بِالشِّعْرِ إِمَّا أَنْتَ قَائِلُهُ إِنَّ الْغِنَاءَ بِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمَارٌ قَالَ وَلَا نَعْلَمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى وَلَا فِي أَشْعَارِهِمْ وَبَيْتُ الْأَعْشَى لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ طُولَ الْإِقَامَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى كَأَنْ لَمْ يغنوا فِيهَا وَقَالَ بَيْتُ الْمُغِيرَةِ أَيْضًا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّغَانِيَ تَفَاعُلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى تَغَنَّى قَالَ وَإِنَّمَا يَأْتِي تَغَنَّى مِنَ الْغِنَى الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ بِمَعْنَى تَفَعَّلَ أَيْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا عِنْدَهُ وَهَذَا فَاسِدُ الْمَعْنَى قُلْتُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى تَكَلَّفَهُ أَيْ تَطَلَّبَهُ وَحَمَلَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا وَهُوَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَمَّا إِنْكَارُهُ أَنْ يَكُونَ تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَمَرْدُودٌ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ فِي حَدِيثِ الْخَيْلِ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَعَفُّفًا وَتَغَنِّيًا وَهَذَا مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ بِلَا رَيْبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ يَطْلُبُ الْغِنَى بِهَا عَنِ النَّاسِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَعَفُّفًا وَمِمَّنْ أَنْكَرَ تَفْسِيرَ يَتَغَنَّى بِيَسْتَغْنِي أَيْضًا الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِمَاعٍ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ أَمْرٌ خَاصٌّ زَائِدٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَأَيْضًا فَالِاكْتِفَاءُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ أَمْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ ثُمَّ سَاقَ مِنْ وَجه آخر عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ يَقُولُونَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَدْ تَغَنَّى قُلْتُ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ بِمَعْنَى يُسْتَغْنَى أَتْقَنُ لِحَدِيثِهِ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ مِثْلَهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَفْسِيرَ يَسْتَغْنِي مِنْ جِهَتِهِ وَيَرْفَعُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ذَكَرْتُ لِأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ تَفْسِير بن عُيَيْنَة فَقَالَ لم يصنع شَيْئا حَدثنِي بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَغَنَّى يَعْنِي حِين يقْرَأ ويبكي ويبكي وَعَن بن عَبَّاس أَن دَاوُد كَانَ يقرأالزبور بِسَبْعِينَ لَحْنًا وَيَقْرَأُ قِرَاءَةً يَطْرَبُ مِنْهَا الْمَحْمُومُ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْكِيَ نَفْسَهُ لَمْ تَبْقَ دَابَّةٌ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا أَنْصَتَتْ لَهُ وَاسْتَمَعَتْ وَبَكَتْ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ إِنَّ أَبَا مُوسَى أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ فِي بَابِ حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَفِي الْجُمْلَةِ مَا فسر بِهِ بن عُيَيْنَةَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ وَإِنْ كَانَتْ ظَوَاهِرُ الْأَخْبَارِ تُرَجِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ يَجْهَرُ بِهِ فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً قَامَتِ الْحُجَّةُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْفُوعَةٍ فَالرَّاوِي أَعْرَفُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فقها وَقَدْ جَزَمَ الْحَلِيمِيُّ بِأَنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ سَمِعْتُ فُلَانًا يَتَغَنَّى بِكَذَا أَيْ يَجْهَرُ بِهِ وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخَذَ بيَدي بن جريج فأوقفني علىأشعب فَقَالَ غن بن أَخِي مَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ فَذَكَرَ قِصَّةً فَقَوْلُهُ غَنِّ أَيْ أَخْبِرْنِي جَهْرًا صَرِيحًا وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ أُحِبُّ الْمَكَانَ الْقَفْرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنِي بِهِ أَتَغَنَّى بِاسْمِهَا غَيْرَ مُعْجِمٍ أَيْ أَجْهَرُ وَلَا أُكَنِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرِ التَّأْوِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يُحَسِّنُ بِهِ صَوْتَهُ جَاهِرًا بِهِ مُتَرَنِّمًا عَلَى طَرِيقِ التَّحَزُّنِ مُسْتَغْنِيًا بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ طَالِبًا بِهِ غِنَى النَّفْسِ رَاجِيًا بِهِ غِنَى الْيَدِ وَقَدْ نَظَمْتُ ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ تَغَنَّ بِالْقُرْآنِ حَسِّنْ بِهِ الصَّوْتَ حَزِينًا جَاهِرًا رَنِّمِ وَاسْتَغْنِ عَنْ كُتْبِ الْأُلَى طَالِبًا غِنَى يَدٍ وَالنَّفْسِ ثُمَّ الْزَمِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِحُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ فِي تَرْجَمَةٍ مُفْرَدَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ النُّفُوسَ تَمِيلُ إِلَى سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَرَ مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّمُ لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّةِ الْقَلْبِ وَإِجْرَاءِ الدَّمْعِ وَكَانَ بَيْنَ السَّلَفِ اخْتِلَافٌ فِي جَوَازِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ أَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَتَقْدِيمُ حُسْنِ الصَّوْتِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ فَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ عَنْ مَالِكٍ تَحْرِيمَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَحَكَاهُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وبن حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحكى بن بَطَّالٍ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْكَرَاهَة وَاخْتَارَهُ أَبُو يعلى وبن عقيل من الْحَنَابِلَة وَحكى بن بَطَّالٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الْجَوَازَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَ الفوراني من الشَّافِعِيَّة فِي الْإِبَاحَة يَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَمَحَلُّ هَذَا الِاخْتِلَافِ إِذَا لَمْ يَخْتَلَّ شَيْءٌ مِنَ الْحُرُوفِ عَنْ مَخْرَجِهِ فَلَوْ تَغَيَّرَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَفْظُهُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ فَإِنْ خَرَجَ حَتَّى زَادَ حَرْفًا أَوْ أَخْفَاهُ حَرُمَ قَالَ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ بَلْ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِالْأَلْحَانِ عَلَى الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ إِذَا انْتَهَتْ إِلَى إِخْرَاجِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ عَنْ مخارجها حرم وَكَذَا حكى بن حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ لَمْ يُفْرِطْ فِي التَّمْطِيطِ الَّذِي يُشَوِّشُ النَّظْمَ اسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا وَأَغْرَبَ الرَّافِعِيُّ فَحَكَى عَنْ أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ أَنه لَا يضر التمطيط مُطلقًا وَحَكَاهُ بن حَمْدَانَ رِوَايَةً عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَهَذَا شُذُوذٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَطْلُوبٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حسنا فليحسنه مَا اسْتَطَاعَ كَمَا قَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمِنْ جُمْلَةِ تَحْسِينِهِ أَنْ يُرَاعِيَ فِيهِ قَوَانِينَ النَّغَمِ فَإِنَّ الْحَسَنَ الصَّوْتِ يَزْدَادُ حُسْنًا بِذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي حُسْنِهِ وَغَيْرُ الْحَسَنِ رُبَّمَا انْجَبَرَ بِمُرَاعَاتِهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ شَرْطِ الْأَدَاءِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْقِرَاءَاتِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يَفِ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقُبْحِ الْأَدَاءِ وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ بِالْأَنْغَامِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ رَاعَى الْأَنْغَامَ أَنْ لَا يُرَاعِيَ الْأَدَاءَ فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُرَاعِيهِمَا مَعًا فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْمَطْلُوبِ مِنْ تَحْسِينِ الصَّوْتِ وَيَجْتَنِبُ الْمَمْنُوعَ مِنْ حُرْمَةِ الْأَدَاءِ وَالله أعلم(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَحْكَامِ من طَرِيق بن جريج عَن بن شِهَابٍ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا وَهُوَ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم أَشَارَ بِهَذِهِ الْآيَة إِلَى تَرْجِيح تَفْسِير بن عُيَيْنَة يتَغَنَّى يَسْتَغْنِي كَمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابُ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ بن عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٍ جَمِيعًا وَقَدْ بَيَّنَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه عَن بن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ اسْتِغْنَاءٌ خَاصٌّ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِكُتُبٍ وَقَدْ كَتَبُوا فِيهَا بَعْضَ مَا سَمِعُوهُ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِقَوْمٍ ضَلَالَةً أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُمْ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ غَيْرُهُ إِلَى غَيْرِهِمْ فَنَزَلَ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم وَقَدْ خَفِيَ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ هُنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَابْنِ كَثِيرٍ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِهَا وَجْهٌ عَلَى أَنَّ بن بَطَّالٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ قَدْ أَشَارَ إِلَى الْمُنَاسَبَةِ فَقَالَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَذكر أثر يحيى بن جَعْدَةَ مُخْتَصَرًا قَالَ فَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْنَاءَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ قَالَ وَإِتْبَاعُ الْبُخَارِيِّ التَّرْجَمَةَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ بن التِّينِ يُفْهَمُ مِنَ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاء لكَونه أتبعه الْآيَة الَّتِي تضمن لانكار عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنْ غَيْرِهِ فَحَمَلَهُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَعَدَمِ الِافْتِقَارِ إِلَى غَيْرِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى ضِدِّ الْفَقْرِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِك


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4755 ... ورقمه عند البغا: 5024 ]
    - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ.وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) سقط لفظ ابن عبد الرحمن لغير أبي ذر (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال: ما أذِنَ الله لشيء) بالمعجمة وبعد التحتية الساكنة همزة ولأبي ذر عن الكشميهني لنبي (ما أذن للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بزيادة لام ولأبي ذر عن الكشميهني لنبي بإسقاطها وقول الحافظ ابن حجر إن كانت رواية زيادة اللام محفوظة فهي للجنس ووهم مَن ظنها للعهد وتوهم أن المراد نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشرحه على ذلك تعقبه العيني فقال هذا الذي ذكره عين الوهموالأصل في الألف واللام أن تكون للعهد خصوصًا في الفرد وعى ما ذكره يفسد المعنى لأنه يكون على هذه الصورة لم يأذن الله لنبي من الأنبياء ما أذن لجنس النبي وهذا فاسد. اهـ.وأجاب في انتقاض الاعتراض بأنه إنما شرحه على رواية الأكثر وهي ما أذن لشيء بشين معجمة وياء مهموزة ولا فساد فيه. اهـ.وثبتت التصلية لأبي الوقت وقوله أذن بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة في الماضي وكذا في المضارع مشترك بين الإطلاق والاستماع تقول أذنت آذن بالمد فإن أردت الإطلاق فالمصدر بكسر ثم سكون وإن أردت الاستماع فالمصدر بفتحتين أي ما استمع كاستماعه لصوت نبي (أن يتغنى بالقرآن) وسقط لفظ أن عند أبي نعيم من وجه آخر وصوّبه ابن الجوزي، وقال إن إثباتها وهم من بعض الرواة لروايتهم بالمعنى، فظن المثبت المساواة فوقع في الخطأ لأن الحديث لو كان بإثبات أن لكان من الإِذن بكسر الهمزة وسكون الذال بمعنى الإباحة والإطلاق، وليس مرادًا هنا وإنما هو من الأُذن بفتحتين وهو الاستماع والمراد به هنا إجزال مثوبة القارئ وإكرامه لا حقيقته التي هي أن يميل المستمع بأُذنه إلى جهة مَن يسمعه إذ هو محُال في حقه تعالى فالمراد ثمرة ذلك على ما لا يخفى (قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق (تفسيره) أي قوله يتغنى (يستغني به) عن غيره من الكتب السالفة أو من الإكثار من الدنيا وارتضى ذلك أبو عبيد في تفسيره وقال إنه جائز في كلام العرب واحتج بقول ابن مسعود من قرأ آل عمران فهو غني وقيل المراد به الغنى المعنوي وهو غنى النفس وهو القناعة لا المحسوس الذي هو ضد الفقر فإن ذلك لا يحصل بمجرد ملازمة القرآن وقال النووي معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء تحسين الصوت به اهـ.ويؤيده قوله في الرواية السابقة. وقال صاحب له يجهر به قال الطيبي: لأنها جملة مبنية لقوله يتغنى بالقرآن فلم يكن المبين على خلاف البيان كذلك يتغنى بالقرآن في الرواية الأولى بيان لقوله ما أذن لنبي أي صوته فكيف يحمل على غير حسن الصوت على أن الاستماع ينبو عن الاستغناء وينصره الحديث المروي بلفظ ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به قال الشافعي: ولو كان معنى يتغنى بالقرآن على الاستغناء لقال يستغني وتحسين الصوت هو يتغنى وتعقبه بعضهم فقال: إن في صدق الملازمة نظرًا إذا ثبت أن تغنى بمعنى استغنى وصرّح بعضهم بصحته كما مرّ، واستشهد بقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الخيل ورجل ربطها تغنيًّا وتعفّفًا ولا خلاف في هذا أنه مصدر تغنى بمعنى استغنى وتعفف ونقل ابن الجوزي عن الشافعي أن المراد به التحزن قال في الفتح: ولم أره صريحًا إنما قال في مختصر المزني وأحب أن يقرأ حدرًا وتحزينًا. اهـ.والحدر الإدراج من غير تمطيط والتحزين رقة الصوت وتصييره كصوت الحزين، وقال ابن الأنباري في الزاهر المراد بالتغني التلذّذ به كما يستلذ أهل الطرب بالغناء فأطلق عليه تغنيًا من حيث إنه يفعل عنده كما يفعل عند الغناء، وقيل المراد الترنم به لحديث ابن أبي داود والطحاوي عن أبي هريرة حسن الترنم
    بالقرآن. قال الطبري: والترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القارئوطرّب به قال ولو كان معناه الاستغناء لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى. اهـ.ويمكن كما في الفتح الجمع بين أكثر التأويلات المذكورة وهو أنه يحسن به صوته جاهرًا به مترنمًا على طريق التحزّن مستغنيًا به عن غيره طالبًا به غنى النفس راجيًا به غنى اليد.ومباحث تحسين الصوت وحكم القراءة بالألحان تأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4755 ... ورقمه عند البغا:5024 ]
    - حدَّثنا علِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أبي سلَمَةَ بن عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا أذنَ الله لشَيْء مَا أذِن لِلنبيِّ أنْ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ. قَالَ سُفْيانُ: تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ.هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور أخرجه عَن عَليّ بن أبي عبد الله بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره. قَوْله: (قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ ابْن عُيَيْنَة الرَّاوِي تَفْسِيره أَي تَفْسِير قَوْله: (يتَغَنَّى يسْتَغْنى بِهِ) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.

    حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ‏ "‏ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ‏"‏‏.‏ قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ‏.‏

    Narrated Abu Huraira:The Prophet (ﷺ) I said, "Allah does not listen to a prophet as He listens to a prophet who recites the Qur'an in a loud and pleasant tone." Sufyan said, "This saying means: a prophet who regards the Qur'an as something that makes him dispense with many worldly pleasures

    Telah menceritakan kepada kami [Ali bin Abdullah] Telah menceritakan kepada kami [Sufyan] dari [Az Zuhri] dari [Abu Salamah bin Abdurrahman] dari [Abu Hurairah] dari Nabi shallallahu 'alaihi wasallam, beliau bersabda: "Allah tidak mengizinkan pada sesuatu pun, sebagaimana Allah mengizinkan kepada Nabi untuk melagukan Al Qur`an." Sufyan berkata, "Tafsirnya adalah, bahwa ia melagu-lagu dengannya

    Ebu Hureyre r.a.'den rivayet edildiğine göre Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurmuştur: "Allah Teala Nebi'in Kur'an'ı yüksek sesle güzel okuması konusunda izin verdiği gibi başka hiçbir konuda böyle teğanni ile okumaya müsaade etmemiştir." Fethu'l-Bari Açıklaması: "Kendilerine okunmakta olan Kitab'ı sana indirmemiz onlara yetmemiş mil?" İmam Buharı bu ayeti burada zikretmekle, İbn Uyeyne'nin jyeteganna fiilini I/istağna şeklinde yaptığı tefsiri tercih ettiğini göstermiştir. Bu ayetle, önceki milletlerin kıssaları ile yetinmek kastedilmiştir. Yoksa fakirliğin zıddı olan ve zenginlik manasına gelen istiğna ........el-istiğna kastedilmemiştir. Nitekim İmam Buharl'nin de, bu başlıktan sonra bu ayeti zikretmesi bu görüşü benimsediğini gösterir. Kurtubi şöyle demiştir: "Asıl itibariyle ..... kelimesi, kişinin dinlediği kimseye kulak vermesi anlamına gelir. Bu mana Allah Teala hakkında düşünülemez. Bu kullanım, muhatapların örflerinde yaygın olan bir esasa dayanarak mecaz ifade eder. Bu kavram Allah Teala hakkında kullanılınca, O'nun, Kur'an okuyana lütufta bulunması ve ona bolca sevap vermesi anlamına gelir. Çünkü bunlar, kulak vermenin neticeleridir. Bu durumda hadis, Kur'an okumayı teşvik eder ve Kur'an'ı bırakıp başka bir kelama meyletmemeyi öğütler." Kurtubı, bu hadisi mana bakımından Buharı'nin tercih ettiği istiğnanın tahsisine göre te'vll etmektedir. Çünkü Kur'an varken başka kitapıara ihtiyaç kalmaz. .........Lem yeteganne ifadesi ile Kur'an'ın kendisine bir fayda sağlamadığı, bu kitabın imanına bir yararı dokunmadığı, Kur'an'da var olan va 'd ile vaıdi tasdik etmeye yardımcı olmadığı kimselerin kastedildiği de söylenmiştir. Bu başlık ile "Kur'an okuyup onu dinlemekle rahata kavuşmayan" manasının kast edildiği de ileri sürülmüştür. Ancak bu lafız ile Ebu Ubeyd'in tercih ettiği fakirliğin zıddı olan zenginlik kastedilmemiştir. Yine de Ebu Ubeyd'in görüşü yabana atılamaz. Bununla, fakirliğin zıddı olan ve gözle görülebilen zenginliğin değil de, kanaat olan ve nefis zenginliği anlamına gelen manevi temizlik kastediImiş olabilir. Çünkü malum olan zenginlik başka bir özellik olmazsa sırf Kur'an okumakla elde edilemez. Hadisin akışı da böyle bir özelliğin bulunmadığını gösterir. Bu hadiste Kur'an'ı güzelokumak için gayret sarfedilmesine teşvik söz konusudur. Ayrıca gayret sarfetmenin nedeni de açıklanmıştır. Buna göre sanki Hz. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurmuştur: Kur'an okurken teğanni ile okumayı arzu etmeyenler bizden değildir. İmam Taberl'nin naklettiğine göre İmam Şafii'ye İbn Uyeyne'nin teğanni kelimesini istiğna ile tefsir etmesi hakkında ne düşündüğü sorulunca, bu tevili kabul etmeyip şöyle demiştir: "Eğer Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem bu lafız ile zengin olmayı kast etseydi, r-!/lem yesteğni lafzını kullanırdı. Şüphesiz Rasulullah güzel sesle Kur'an okumayı kastetmiştir." İbn Battal şöyle demiştir: "İbn Ebi Müleyke, Abdullah İbn Mübarek ve Nadr İbn Şümeyl de bunu bu şekilde tefsir etmiştir. Nitekim, Abdula'la'nın, Ma'mer kanalıyla İbn Şihab'dan bu konuda zikredilen hadise ilişkin naklettiği şu sözler de bunu destekler: "Allah Teala Kur'an'ı makamlı biçimde okumaya müsaade ettği gibi başka bir şeyi teğanni ile söylemeye müsaade etmemiştir." Bu rivayeti Taberi tahriç etmiştir. Yine Taberi, Abdurrezzak kanalıyla Ma'mer'den şu rivayeti nakletmektedir: "Allah Teala güzel sesli başka bir Nebie böyle bir şey için izin vermemiştir." Bu lafız, İmam Müslim tarafından Muhammed İbn İbrahim et-Teymi kanalıyla Ebu Seleme'den, İbn Ebi Davı1d ve Tahavi tarafından Amr İbn Dinar ve Ebu Seleme kanalıyla Ebu Hureyre'den "Allah Teala Kur'an'ı güzel terennüm etmekten dolayı başka bir Nebie böyle bir teğanni izni vermemiştir, " şeklinde nakledilmiştir. Bu konuda Taberi şöyle demiştir: "Terennüm, ancak okuyucunun sesini güzelleştirip kulağa hoş hale getirmesiyle mümkün olur. Eğer teğanninin anlamı istiğna olsaydı, burada sesin zikredilmesine gerek kalmazdı. Aynı şekilde yüksek sesle okumaya da temas edilmezdi." Sonuç olarak bu konuya ilişkin yukarıda zikredilen bütün görüşleri şu şekilde uzlaştırmak mümkündür: Okuyucu, Kur'an okurken sesini yükselterek, içli içli okuyarak, onunla yetinip diğer sözlere yönelmeyerek, onunla gönül zenginliğini ve maddi bolluğu yakalamayı umarak Kur'an'la sesini güzelleştirmiş olur. Bu mesele ile ilgili düşüncelerimi şu beyitlere döktüm: Kur'an'ı oku nameli güzel sesle İçli içli, terennüm ederek yükses sesle Diğer kitapları terk eyle umarak Günül zenginliğini, hakiki zenginlği Hiç kuşkusuz, nefisler makamlı okuyuşlara makamsız okuyuşlardan daha fazla meyleder. Çünkü name, kalbin hislenmesinde ve gözyaşının akmasında son derece etkilidir. Selef alimleri, Kur'an'ın makamla okunup okunmayacağı hususunda ihtilaf etmişlerdir. Ancak güzel sesle Kur'an okumak ile güzel sesli birinin Kur'an okumasını başkalarına önceleme hususunda aralarında hiç ihtilaf yoktur. İmam Nevevi "et-TibyCin" adlı eserinde şöyle demiştir: "Alimler Kur'an okurken sesin güzelleştirilmesi hakkında icma' etmişlerdir. Ancak sesi güzelleştirmek için aşırı derecede uzata uzata okumaya meyletmemek gerektiğini vurgulamışlardır. Eğer okunurken bir harf ilave edilmesi veya bir harfin gizlenmesi haramdır. Makam yaparak okuma hakkında ise .İmam Şafii bir yerde bunun mekruh olduğunu, başka bir yerde ise bunda bir sakınca bulunmadığını söylemiştir. Onun bu durumunu öğrencileri ve ona tabi olan ilim adamları şu şekilde izah etmiştir: İmam Şafii iki zıt görüş beyan etmemiştir. Çünkü o, farklı hallere göre farklı konuşmuştur. Eğer Kur'an okuyan doğru dürüst okur ve makam yaparsa, bu caizdir. Aksi takdirde haramdır. Bu konudaki delillerden şu sonuç ortaya çıkmıştır: Kur'an'ı güzel sesle okumak güzel bir davranıştır. Eğer kişinin sesi güzel değilse, gücü ye ttiği kadar güzel okumaya gayret etsin. Nitekim İbn Ebi Müleyke hadis ravilerinden birine böyle demiştir. Bu rivayeti, Ebu Davııd sahih bir senede nakletmiştir. Kur'an okuyanın sesini güzelleştirmesinin bir yolu da, makamların kurallarına dikkat etmektir. Çünkü güzel ses, makam ile daha da güzelleşir. Kişinin makamdan uzak durması sesinin güzelliğini etkiler. Sesi güzelolmayan kimse belki de kıraat ehli nezdinde muteber olan kuralların dışına çıkmamak kaydıyla bu makamlara rivayet etmek zorunda kalır. Buna riayet etmezse, kuralına uygun okumadığı için sesini güzelleştiremez. Belki de bu görüş, makamla Kur'an okumayı mekruh görenlere aittir. Çünkü genellikle makamlara riayet edenler Kur'an'ı düzgün okumaya özen göstermezler. Eğer bir kimse, hem Kur'an okuma kurallarına hem de makama riayet ederse, onun kıraatı başkasınınkine tercih edilir. Çünkü o, hem dinin arzuladığı gibi sesini güzelleştirmiş, hem de haram olan okuma hatalarından korunmuştur." Doğrusunu en iyi Allah bilir

    ہم سے علی بن عبداللہ مدینی نے بیان کیا، کہا ہم سے سفیان بن عیینہ نے بیان کیا، ان سے زہری نے، ان سے ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن نے اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اللہ تعالیٰ نے کوئی چیز توجہ سے نہیں سنی جتنی توجہ سے اپنے نبی ( صلی اللہ علیہ وسلم ) کو بہترین آواز کے ساتھ قرآن مجید پڑھتے سنا ہے۔ سفیان بن عیینہ نے کہا «يتغنى بالقرآن» سے مراد ہے کہ قرآن پر قناعت کرے۔

    আবূ হুরাইরাহ (রাঃ) হতে বর্ণিত। রাসূল সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেন, আল্লাহ্ তা‘আলা কোন বিষয়ের প্রতি এরূপ কান লাগিয়ে শুনেন না যেরূপ তিনি নবীর সুমধুর তিলাওয়াত শুনেন। সুফ্ইয়ান (রহ.) বলেন, কুরআনই তার জন্য যথেষ্ট। [৫০২৩] (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৪৬৫০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள், ‘‘நான் (முழு ஈடுபாட்டுடன்) இனிய குரலில் குர்ஆனை ஓதும்போது அல்லாஹ் செவி கொடுத்துக் கேட்டதைப் போன்று வேறெதையும் அவன் செவி கொடுத்துக் கேட்டதில்லை” என்று கூறினார்கள். ‘‘இந்த ஹதீஸின் மூலத்திலுள்ள, ‘யத ஃகன்னா’ என்பதற்கு ‘குர்ஆனைக் கொண்டு தன்னிறைவு பெற்றார்’ என்பது பொருள்” என சுஃப்யான் பின் உயைனா (ரஹ்) அவர்கள் கூறினார்கள். அத்தியாயம் :