• 922
  • وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا ، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا إِبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي ، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَتْ : إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : رَبِّ {{ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ }} - حَتَّى بَلَغَ - {{ يَشْكُرُونَ }} وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى ، أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا ، فَقَالَتْ صَهٍ - تُرِيدُ نَفْسَهَا - ، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا ، فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ ، أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ : لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - ، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ : فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ : لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ ، يَبْنِي هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ ، وَكَانَ البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا ، قَالَ : وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ ، فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ ، وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا ، فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ ، قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ : ذَاكِ أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَطَلَّقَهَا ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتِ المَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ . قَالَ : فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ ، قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ، قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالِدِ ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ، قَالَ : فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، قَالَ : وَتُعِينُنِي ؟ قَالَ : وَأُعِينُكَ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا ، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا ، قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ ، وَهُمَا يَقُولاَنِ : {{ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }} ، قَالَ : فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ : {{ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }}

    قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا ، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا إِبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي ، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَتْ : إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : رَبِّ {{ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ }} - حَتَّى بَلَغَ - {{ يَشْكُرُونَ }} " وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى ، أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا " فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا ، فَقَالَتْ صَهٍ - تُرِيدُ نَفْسَهَا - ، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا ، فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ ، أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ : لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - ، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا " قَالَ : فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ : لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ ، يَبْنِي هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ ، وَكَانَ البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا ، قَالَ : وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ ، فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ " فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ ، وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا ، فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ ، قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ : ذَاكِ أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَطَلَّقَهَا ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتِ المَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ " . قَالَ : فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ ، قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ، قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالِدِ ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ، قَالَ : فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، قَالَ : وَتُعِينُنِي ؟ قَالَ : وَأُعِينُكَ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا ، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا ، قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ ، وَهُمَا يَقُولاَنِ : {{ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }} ، قَالَ : فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ : {{ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }}

    المنطق: المنطق والنطاق : كل ما يشد به الوسط من ثوب وغيره وهو ثوب تلبسه المرأة وتشد به وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض، والأسفل ينجر على الأرض وليس له ساقان
    منطقا: المنطق والنطاق : كل ما يشد به الوسط من ثوب وغيره وهو ثوب تلبسه المرأة وتشد به وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض، والأسفل ينجر على الأرض وليس له ساقان
    لتعفي: تعفي : تخفي وتمحو
    أثرها: الأثر : بقية الشيء وعلامته ومواضع الأقدام
    دوحة: الدوحة : الشجرة العظيمة
    جرابا: الجراب : إناء مصنوع من الجلد يحمل فيه الزاد أثناء السفر
    قفى: قفى : ولى قفاه منصرفاً‏
    السقاء: السقاية والسِّقاء : إناء يشرب فيه وهو ظرفُ الماءِ من الجلْدِ، ويُجْمع على أسْقِية
    يتلبط: التلبط : التمرغ
    درعها: الدرع : قميص المرأة
    المجهود: المجهود : المتْعَب الضعيف الذي أضعفه الجهد
    صه: صه : اسكت
    بعقبه: العقب : عظم مؤخر القدم
    تحوضه: تحوضه : تجعله مثل الحوض لئلا يذهب الماء
    سقائها: السقاية والسِّقاء : إناء يشرب فيه وهو ظرفُ الماءِ من الجلْدِ، ويُجْمع على أسْقِية
    يفور: يفور : يتفجر ويخرج ويجري متدفقا
    معينا: معينا : سائلا جاريا على وجه الأرض
    كالرابية: الرُّبْوة بالضم والفتح والرابية : ما ارْتفع من الأرض
    رفقة: الرفقة : الصحبة
    عائفا: العائف : هو الذي يتردد على الماء ويحوم ولا يمضي عنه
    جريا: الجري : الرسول
    فألفى: ألفى : وجد وصادف
    يبتغي: الابتغاء : الاجتهاد في الطلب والمراد طلب ثواب الله وفضله
    عتبة: العتبة : المراد زوجته
    أكمة: الأكمة : ما ارتفع من الأرض دون الجبل
    يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ
    لا توجد بيانات

    [3364] قَوْلُهُ أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوسط وَوَقع فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ النُّطُقُ بِضَمِّ النُّونِ وَالطَّاءِ وَهُوَ جَمْعُ مِنْطَقٍ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ كَانَتْ وَهَبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِإِسْمَاعِيلَ فَلَمَّا وَلَدَتْهُ غَارَتْ مِنْهَا فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ فَاتَّخَذَتْ هَاجَرُ مِنْطَقًا فَشَدَّتْ بِهِ وَسَطَهَا وَهَرَبَتْ وَجَرَّتْ ذَيْلَهَا لِتُخْفِيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ وَيُقَالُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ شَفَعَفِيهَا وَقَالَ لِسَارَةَ حَلِّلِي يَمِينَكِ بِأَنْ تَثْقُبِي أُذُنَيْهَا وَتَخْفِضِيهَا وَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقع فِي رِوَايَة بن علية عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ أول مَا أحدث الْعَرَبُ جَرَّ الذُّيُولِ عَنْ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَيُقَالُ إِنَّ سَارَةَ اشْتَدَّتْ بِهَا الْغَيْرَةُ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ إِلَى مَكَّةَ لِذَلِكَ وروى بن إِسْحَاق عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا بَوَّأَ لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ وَأُمِّهِ قَالَ وَحُمِلُوا فِيمَا حُدِّثْتُ عَلَى الْبُرَاقِ قَوْلُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَوَضَعَهُمَا قَوْلُهُ عِنْدَ دَوْحَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ قَوْلُهُ فَوْقَ الزَّمْزَمِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَوْقَ زَمْزَمَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ أَمْرِهَا فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ قَوْلُهُ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ أَيْ مَكَانَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ بُنِيَ قَوْلُهُ وَسِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ السِّقَاءُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قِرْبَةٌ صَغِيرَةٌ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرٍ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَمَعَهَا شَنَّةٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهِيَ الْقِرْبَةُ الْعَتِيقَةُ قَوْلُهُ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ أَيْ ولي رَاجعا إِلَى الشَّام وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَانْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ بِالشَّامِ وَتَرَكَ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ عِنْدَ الْبَيْتِ قَوْلُهُ فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيل فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَأَدْرَكَتْهُ بِكَدَاءَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهَا نَادَتْهُ ثَلَاثًا فَأَجَابَهَا فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَتْ لَهُ مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ اللَّهُ قَوْلُهُ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَقَالَتْ لَنْ يُضَيِّعَنَا وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقَالَتْ حَسْبِي وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرٍ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ فَقَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ بِفَتْحِ الْكَافِ مَمْدُودٌ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ مِنْهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ الْبَنِيَّةِ بِالْمُوَحَّدَةِ بدل الْمُثَلَّثَة وَهُوَ تَصْحِيف وَضبط بن الْجَوْزِيِّ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَقَالَ هِيَ الَّتِي بِأَسْفَلَ مَكَّةَ عِنْدَ قُعَيْقِعَانَ قَالَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ نَزَلُوا بِأَسْفَلَ مَكَّةَ قُلْتُ وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَانِعٍ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ فَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ قَوْلُهُ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذريتي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتِّلَاوَةِ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ زَادَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَفِي رِوَايَةٍ وَكَانَ إِسْمَاعِيل حِينَئِذٍ بن سَنَتَيْنِ قَوْلُهُ فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَتَلَمَّظُ وَهِيَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ أَيْضًا وَمَعْنَى يَتَلَبَّطُ وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ يَتَمَرَّغُ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ الْأَرْضَ وَيَقْرَبُ مِنْهَا رِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَلَمَّا ظَمِئَ إِسْمَاعِيلُ جَعَلَ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِعَقِبَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ يَشْهَقُ وَيَعْلُو صَوْتُهُ وَيَنْخَفِضُ كَالَّذِي يُنَازِعُ قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ عَمِيقٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ تَسْتَغِيثُ رَبَّهَا وَتَدْعُوهُ قَوْلُهُ ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ أَيِ الَّذِي أَصَابَهُ الْجَهْدُ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُشِقُّ قَوْلُهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا سُعِيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَتَفَقَّدُ إِسْمَاعِيلَ وَتَنْظُرُ مَا حَدَثَ لَهُ بَعْدَهَا وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَنَفْسُهَا بِالرَّفْعِ الْفَاعِلُ أَيْ لَمْ تَتْرُكْهَا نَفْسُهَا مُسْتَقِرَّةً فَتُشَاهِدَهُ فِي حَالِ الْمَوْتِ فَرَجَعَتْ وَهَذَا فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ قَوْلُهُ فَقَالَتْصَهٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةٌ كَأَنَّهَا خَاطَبَتْ نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَهَا اسْكُتِي وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وبن جُرَيْجٍ فَقَالَتْ أَغِثْنِي إِنْ كَانَ عِنْدكَ خَيْرٌ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ لِلْأَكْثَرِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ قِيلَ وَلَيْسَ فِي الْأَصْوَاتِ فَعَالٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ غَيْرُهُ وَحَكَى بن الْأَثِيرِ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا المستغيث وَحكى بن قر قَول كَسْرَهُ أَيْضًا وَالضَّمُّ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَغِثْنِي قَوْلُهُ فَإِذَا هِيَ بِالْملكِ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وبن جُرَيْجٍ فَإِذَا جِبْرِيلُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَنَادَاهَا جِبْرِيلُ فَقَالَ مَنْ أَنْتِ قَالَتْ أَنَا هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فَإِلَى مَنْ وَكَلَكُمَا قَالَتْ إِلَى اللَّهِ قَالَ وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ قَوْلُهُ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ تُعَيِّنُ أَنَّ ذَلِك كَانَ بعقبه وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَرَكَضَ جِبْرِيلُ بِرِجْلِهِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ففحص الأَرْض بِأُصْبُعِهِ فنبعت زَمْزَم وَقَالَ بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ فَزَعَمَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّهَا هَمْزَةُ جِبْرِيلَ قَوْلُهُ حَتَّى ظهر المَاء فِي رِوَايَة بن جريج فَفَاضَ المَاء وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ وَهِيَ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ وقاف أَيْ تَفَجَّرَ قَوْلُهُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ تَجْعَلُهُ مِثْلَ الْحَوْضِ وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِرُ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني من رِوَايَة بن نَافِعٍ تَحْفِنُ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَجَعَلَتْ تَفْحَصُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهَا قَوْلُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا هُوَ حِكَايَةُ فِعْلِهَا وَهَذَا مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَجَعَلَتْ تَحْبِسُ الْمَاءَ فَقَالَ دَعِيهِ فَإِنَّهَا رُوَاءٌ قَوْلُهُ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ زَمْزَم شكّ من الرَّاوِي وَفِي رِوَايَة بن نَافِع لَو تركته وَهَذَا الْقدر صرح بن عَبَّاسٍ بِرَفْعِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيثِ مَرْفُوعٌ قَوْلُهُ عَيْنًا مَعِينًا أَيْ ظَاهِرًا جَارِيًا عَلَى وَجه الأَرْض وَفِي رِوَايَة بن نَافِعٍ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ مَعِينًا صِفَةُ الْمَاءِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ وَمَعِينٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إِنْ كَانَ مِنْ عَانَهُ فَهُوَ بِوَزْنِ مفعل وَأَصله معيون فحذفت الْوَاو وَأَن كَانَ من المعن وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الطَّلَبِ فَهُوَ بِوَزْنِ فَعِيلٍ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ كَانَ ظُهُورُ زَمْزَمَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ مَحْضَةً بِغَيْرِ عَمَلِ عَامِلٍ فَلَمَّا خَالَطَهَا تَحْوِيطُ هَاجَرَ دَاخَلَهَا كَسْبُ الْبَشَرِ فَقَصُرَتْ عَلَى ذَلِكَ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَوْجِيهِ تَذْكِيرِ مَعِينٍ مَعَ أَن الْمَوْصُوف وَهُوَ الْمعِين مؤنث قَوْله لاتخافوا الضَّيْعَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْهَلَاكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ لَا تَخَافِي أَنْ يَنْفَدَ الْمَاءُ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْوَازِعِ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ لَا تَخَافِي عَلَى أَهْلِ هَذَا الْوَادِي ظَمَأً فَإِنَّهَا عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا ضِيفَانُ اللَّهِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَقَالَتْ بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ قَوْلُهُ فَإِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتُ اللَّهِ قَوْلُهُ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يَبْنِيهِ زَاد بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَأَشَارَ لَهَا إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَدَرَةٌ حَمْرَاءُ فَقَالَ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْعَتِيقُ وَاعْلَمِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَرْفَعَانِهِ قَوْلُهُ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ بِالْمُوَحَّدَةِ ثمَّ الْمُثَنَّاة وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الطُّوفَانِ رُفِعَ الْبَيْتُ وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ يَحُجُّونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ مَكَانَهُ حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَأَعْلَمَهُ مَكَانَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى آدَمَ فَأَمَرَهُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ فَبَنَاهُ آدَمُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالطَّوَافِ بِهِ وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ أَوَّلُ النَّاسِ وَهَذَا أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ آدَمَ أَوَّلُ مَنْ بني الْبَيْتوَقِيلَ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَهُ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ شِيثُ بْنُ آدَمَ وَالْأول أثبت وَسَيَأْتِي مزِيد لذَلِك آخِرَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَكَانَتْ أَيْ هَاجَرُ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى الْحَالِ الْمَوْصُوفَةِ وَفِيهِ اشعار بِأَنَّهَا كَانَت تغتذي بِمَاءِ زَمْزَمَ فَيَكْفِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَوْلُهُ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ثُمَّ قَافٌ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَلِطُونَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَمْ لَا قَوْلُهُ مِنْ جرهم هُوَ بن قَحْطَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بن سَام بن نوح وَقيل بن يقطن قَالَ بن إِسْحَاقَ وَكَانَ جُرْهُمٌ وَأَخُوهُ قَطُورَا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ تَبَلْبُلِ الْأَلْسُنِ وَكَانَ رَئِيسُ جُرْهُمٍ مِضَاضُ بْنُ عَمْرٍو وَرَئِيسُ قَطُورَا السَّمَيْدَعُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ جُرْهُمٌ وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَكَانَتْ جُرْهُمٌ يَوْمَئِذٍ بِوَادٍ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ وَقِيلَ إِنَّ أَصْلَهُمْ مِنَ الْعَمَالِقَةِ قَوْلُهُ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَدَاءَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ فِي أَعْلَى مَكَّةَ وَأَمَّا الَّذِي فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَبِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ يَعْنِي فَيَكُونُ الصَّوَابُ هُنَا بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا مَانع أَن يدخلوها من الْجِهَة العلياء وَيَنْزِلُوا مِنَ الْجِهَةِ السُّفْلَى قَوْلُهُ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ هُوَ الَّذِي يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ وَيَتَرَدَّدُ وَلَا يَمْضِي عَنْهُ قَوْلُهُ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ رَسُولًا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْأَجِيرِ قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى مُرْسِلِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ لِأَنَّهُ يَجْرِي مُسْرِعًا فِي حَوَائِجِهِ وَقَوْلُهُ جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي هَلْ أَرْسَلُوا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَأَرْسَلُوا رَسُولًا وَيَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ لِقَوْلِهِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ بِالْإِرْسَالِ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ فَأَلْفَى ذَلِكَ بِالْفَاءِ أَيْ وَجَدَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ضِدَّ الْوَحْشَةِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ أَيْ تُحِبُّ جِنْسَهَا قَوْلُهُ وَشَبَّ الْغُلَامُ أَيْ إِسْمَاعِيلُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَنَشَأَ إِسْمَاعِيلُ بَيْنَ وِلْدَانِهِمْ قَوْلُهُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ لِسَانَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا وَفِيهِ تَضْعِيفٌ لِقَوْلِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ وَبِهَذَا الْقَيْدِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ فَتَكُونُ أَوَّلِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيَانِ لَا الْأَوَّلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ فَيَكُونُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ أَصْلَ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ جُرْهُمٍ أَلْهَمَهُ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ الْفَصِيحَةَ الْمُبِينَةَ فَنَطَقَ بِهَا وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا حَكَاهُ بن هِشَامٍ عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قَطَامِيٍّ إِنَّ عَرَبِيَّةَ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ أَفْصَحُ مِنْ عَرَبِيَّةِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَبَقَايَا حِمْيَرَ وَجُرْهُمٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَوَّلِيَّةُ فِي الْحَدِيثِ مُقَيَّدَةٌ بِإِسْمَاعِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّةِ إِخْوَتِهِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ فَإِسْمَاعِيلُ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ بن دُرَيْدٍ فِي كِتَابِ الْوِشَاحِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ وَهَذَا لَا يُوَافِقُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَرَبَ كُلَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ قَوْلُهُ وَأَنْفَسَهُمْ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِلَفْظِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مِنَ النَّفَاسَةِ أَيْ كَثُرَتْ رَغْبَتُهُمْ فِيهِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَنِسَهُمْ بِغَيْرِ فَاءٍ مِنَ الْأُنْسِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْفَسَهُمْ أَيْ رَغْبَتَهُمْ فِي مُصَاهَرَتِهِ لِنَفَاسَتِهِ عِنْدَهُمْ وَقَالَ بن الْأَثِيرِ أَنْفَسَهُمْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ تَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ رَغَّبَهُمْ فِيهِ إِذْ صَارَ نَفِيسًا عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ حَكَى الْأَزْرَقِيُّ عَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهَا عُمَارَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أُسَامَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍأَنَّهَا بِنْتُ صَدًى وَلَمْ يُسَمِّهَا وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّ اسْمَهَا جُدَّى بِنْتُ سَعْدٍ وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّ اسْمَهَا حُبَّى بِنْتُ أَسْعَدَ بن عملق وَعند الفاكهي عَن بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوَّجَهَا مِنْهُ قَوْلُهُ وَمَاتَتْ هَاجَرُ أَيْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ قَوْله فجَاء إِبْرَاهِيم بعد مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَقَدِمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَدْ مَاتَتْ هَاجَرُ قَوْلُهُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ يَتَفَقَّدُ حَالَ مَا تَرَكَهُ هُنَاكَ وَضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِالسُّكُونِ وَقَالَ التَّرِكَةُ بِالْكَسْرِ بَيْضُ النَّعَامِ وَيُقَالُ لَهَا التَّرِيكَةُ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا حِينَ تَبِيضُ تَتْرُكُ بَيْضَهَا وَتَذْهَبُ ثُمَّ تَعُودُ تَطْلُبُهُ فَتَحْضُنُ مَا وَجَدَتْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَمْ غَيْرُهُ وَفِيهَا ضَرَبَ الشَّاعِرُ الْمَثَلَ بِقَوْلِهِ كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالْعَرَاءِ وَحَاضِنَةٍ بيض أُخْرَى صباحا قَالَ بن التِّينِ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِذَبْحِهِ كَانَ عِنْدَمَا بَلَغَ السَّعْيَ وَقَدْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ تَرَكَ إِسْمَاعِيلَ رَضِيعًا وَعَادَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمَأْمُورُ بِذَبْحِهِ لَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ فِي خِلَالِ ذَلِكَ بَيْنَ زَمَانِ الرَّضَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ نَفْيُ هَذَا الْمَجِيءِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَاءَ وَأُمِرَ بِالذَّبْحِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ مَجِيئِهِ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ فِي خَبَرٍ آخَرَ فَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَزُورُ هَاجَرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى الْبُرَاقِ يَغْدُو غَدْوَةً فَيَأْتِي مَكَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَقِيلُ فِي مَنْزِلِهِ بِالشَّامِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ نَحْوَهُ وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَزُورُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ عَلَى الْبُرَاقِ فَعَلَى هَذَا فَقَوله فجَاء إِبْرَاهِيم بعد مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ أَيْ بَعْدَ مَجِيئِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا أَيْ يَطْلُبَ لَنَا الرِّزْقَ وَفِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ وَكَانَ عَيْشُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْدَ يَخْرُجُ فَيَتَصَيَّدُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ يَرْعَى مَاشِيَتَهُ وَيَخْرُجُ مُتَنَكِّبًا قَوْسَهُ فَيَرْمِي الصَّيْدَ وَفِي حَدِيث بن إِسْحَاقَ وَكَانَتْ مَسَارِحُهُ الَّتِي يَرْعَى فِيهَا السِّدْرَةَ إِلَى السِّرِّ مِنْ نَوَاحِي مَكَّةَ قَوْلُهُ ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَقَالَ هَلْ عِنْدَكِ ضِيَافَةٌ قَوْلُهُ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَقَالَ لَهَا هَل من منزل قَالَت لَا هَا اللَّهِ إِذَنْ قَالَ فَكَيْفَ عَيْشُكُمْ قَالَ فَذَكَرَتْ جَهْدًا فَقَالَتْ أَمَّا الطَّعَامُ فَلَا طَعَامَ وَأَمَّا الشَّاءُ فَلَا تُحْلَبُ إِلَّا الْمَصْرَ أَيِ الشَّخْبَ وَأَمَّا الْمَاءُ فَعَلَى مَا تَرَى مِنَ الْغِلَظِ انْتَهَى وَالشَّخْبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ السَّيَلَانُ قَوْلُهُ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ كَالْمُسْتَخِفَّةِ بِشَأْنِهِ قَوْلُهُ عَتَبَةَ بَابِكَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كِنَايَةً عَنِ الْمَرْأَةِ وَسَمَّاهَا بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الصِّفَاتِ الْمُوَافِقَةِ لَهَا وَهُوَ حِفْظُ الْبَابِ وَصَوْنُ مَا هُوَ دَاخِلَهُ وَكَوْنُهَا مَحَلَّ الْوَطْءِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ تَغْيِيرَ عَتَبَةِ الْبَابِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كَأَنْ يَقُولَ مَثَلًا غَيَّرْتُ عَتَبَةَ بَابِي أَوْ عَتَبَةُ بَابِي مُغَيَّرَةٌ وَيَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَيَقَعُ أُخْبِرْتُ بِذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَتَمَامُهُ التَّفْرِيعُ على شرع من قبلنَا إِذا حَكَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَ مِنْهُمُ امْرَأَةً أُخْرَى ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَتَبِعَهُ الْمَسْعُودِيُّ ثُمَّ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ اسْمَهَا سَامَةُ بِنْتُ مُهَلْهَلِ بْنِ سَعْدٍ وَقِيلَ اسْمُهَا عَاتِكَةُ وَرَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ كِتَابِ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّهَا بَشَامَةُ بِنْتُ مُهَلْهَلِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ وَهِيَ مَضْبُوطَةٌ بَشَامَةُ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ قَالَ وَقِيلَ اسْمُهَا جَدَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ مِضَاضٍ وَحَكَى بن سعد عَن بن إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهَا رِعْلَةُ بِنْتُ مِضَاضِ بْنِ عَمْرو الجرهمية وَعَن بن الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا رِعْلَةُ بِنْتُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ جُرْهُمٍ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُخْتَلِفِ أَنَّ اسْمَهَا السَّيِّدَةُ بِنْتُ مِضَاضٍ وَحَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَنَظَرَ إِسْمَاعِيلإِلَى بِنْتِ مِضَاضِ بْنِ عَمْرٍو فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْجَوَّانِيُّ أَنَّ اسْمَهَا هَالَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَقِيلَ الْحَنْفَاءُ وَقِيلَ سَلْمَى فَحَصَلْنَا مِنَ اسْمِهَا عَلَى ثَمَانِيَة أَقْوَال وَمن اسْم أَبِيهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ قَوْلُهُ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ نَحْنُ فِي خَيْرِ عَيْشٍ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ فِي لَبَنٍ كَثِيرٍ وَلَحْمٍ كَثِيرٍ وَمَاءٍ طَيِّبٍ قَوْلُهُ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ ذَكَرَ اللَّبَنَ مَعَ اللَّحْمِ وَالْمَاءِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فِي طَعَامِ أَهْلِ مَكَّةَ وَشَرَابِهِمْ بَرَكَةٌ قَوْلُهُ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يَخْلُوَانِ بالتثنية قَالَ بن الْقُوطِيَّةِ خَلَوْتُ بِالشَّيْءِ وَاخْتَلَيْتُ إِذَا لَمْ أَخْلِطْ بِهِ غَيْرَهُ وَيُقَالُ أَخْلَى الرَّجُلُ اللَّبَنَ إِذَا لَمْ يَشْرَبْ غَيْرَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ لَيْسَ أَحَدٌ يَخْلُو عَلَى اللَّحْمِ وَالْمَاءِ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا اشْتَكَى بَطْنَهُ وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ نَحْوَهُ فَقَالَتِ انْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَاطْعَمْ وَاشْرَبْ قَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ النُّزُولَ قَالَتْ فَإِنِّي أَرَاكَ أَشْعَثَ أَفَلَا أَغْسِلُ رَأْسَكَ وَأَدْهُنُهُ قَالَ بَلَى إِنْ شِئْتِ فَجَاءَتْهُ بِالْمَقَامِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَبْيَضُ مِثْلُ الْمَهَاةِ وَكَانَ فِي بَيْتِ إِسْمَاعِيلَ مُلْقًى فَوَضَعَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا شِقَّ رَأْسِهِ وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ فَغَسَلَتْ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ فَلَمَّا فَرَغَ حَوَّلَتْ لَهُ الْمَقَامَ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا بِرَأْسِهِ فَغَسَلَتْ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرَ فَالْأَثَرُ الَّذِي فِي الْمَقَامِ مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقِبِ وَالْأُصْبُعِ وَعِنْدَ الفاكهي من وَجه آخر عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاس أَن سارة داخلتها غيرَة فَقَالَ لَهَا إِبْرَاهِيمُ لَا أَنْزِلُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ وَنَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ قَوْلُهُ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَلْ جَاءَكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَيْخٌ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَطْيَبُهُمْ رِيحًا قَوْلُهُ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا صَلَاحُ الْمَنْزِلِ قَوْلُهُ أَنْ أُمْسِكَكِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَلَقَدْ كُنْتِ عَلَيَّ كَرِيمَةً وَقَدِ ازْدَدْتِ عَلَيَّ كَرَامَةً فَوَلَدَتْ لِإِسْمَاعِيلَ عَشَرَةَ ذُكُورٍ زَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَأْتِي عَلَى الْبُرَاقِ يَعْنِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ وَأُعْجِبَ إِبْرَاهِيمُ بِجَدَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ قَوْلُهُ يَبْرِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنَّبْلُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ السَّهْمُ قَبْلَ أَنْ يُرَكَّبَ فِيهِ نَصْلُهُ وَرِيشُهُ وَهُوَ السَّهْمُ الْعَرَبِيُّ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُصْلِحُ بَيْتًا لَهُ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ هُوَ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ دَوْحَةُ هِيَ الَّتِي نَزَلَ إِسْمَاعِيلُ وَأُمُّهُ تَحْتَهَا أَوَّلَ قُدُومِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ قَوْلُهُ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ يَعْنِي مِنَ الِاعْتِنَاقِ وَالْمُصَافَحَةِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ بَكَيَا حَتَّى أَجَابَهُمَا الطَّيْرُ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَبَاعَدَ لِقَاؤُهُمَا قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ أَنَّ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِائَةَ سَنَةٍ وَعُمُرُ إِسْمَاعِيلَ ثَلَاثِينَ سَنَةً قَوْلُهُ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأُعِينُكَ بِالْفَاءِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ قَالَ أنْ أفعل بِنصب اللَّام قَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَبْنِي أَو لَا وَحْدَهُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُعِينَهُ إِسْمَاعِيلُ قَالَ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ الثَّانِي مُتَأَخِّرًا بَعْدَ الْأَوَّلِ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَن يكونأَمَرَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَأَنَّ إِسْمَاعِيلَ يُعِينُهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْمَاعِيلَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ الْبَيْتَ وَتُعِينَنِي وَتَخَلَّلَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَبْنِيَ الْبَيْتَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَتُعِينَنِي قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَوْلُهُ وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلِلْفَاكِهِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ فَبَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُمَا يَعْنِي فِي مُشَارَكَتِهِمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ نَزَلَ الْجُرْهُمِيُّونَ مَعَ إِسْمَاعِيلَ قَوْلُهُ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ الْقَوَاعِدُ الَّتِي رَفَعَهَا إِبْرَاهِيمُ كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ الْقَوَاعِدَ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَفَعَ الْقَوَاعِدَ الَّتِي كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ قَالَ قَالَ آدَمُ يَا رَبِّ إِنِّي لَا أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَة قَالَ بن لِي بَيْتًا ثُمَّ احْفُفْ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ بَيْتِيَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَأَبِي جَهْمٍ فَبَلَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْأَسَاسِ أَسَاسَ آدَمَ وَجَعَلَ طُولَهُ فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضَهُ فِي الْأَرْضِ يَعْنِي دَوْرَهُ ثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَكَانَ ذَلِك بذراعهم زَاد أَبُو جَهْمٍ وَأَدْخَلَ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ زَرْبًا لِغَنَمِ إِسْمَاعِيلَ وَإِنَّمَا بَنَاهُ بِحِجَارَةٍ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ سَقْفًا وَجَعَلَ لَهُ بَابًا وَحَفَرَ لَهُ بِئْرًا عِنْدَ بَابِهِ خِزَانَةً لِلْبَيْتِ يُلْقَى فِيهَا مَا يُهْدَى لِلْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنِ اتَّبِعِ السَّكِينَةَ فَحَلَّقَتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَأَنَّهَا سَحَابَةٌ فَحَفَرَا يُرِيدَانِ أَسَاسَ آدَمَ الْأَوَّلَ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْحَاكِمِ رَأَى عَلَى رَأْسِهِ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْغَمَامَةِ فِيهِ مِثْلَ الرَّأْسِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم بن عَلَى ظِلِّي أَوْ عَلَى قَدْرِي وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ وَإِذْ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت الْآيَةَ قَوْلُهُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ يَعْنِي الْمَقَامَ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ زَادَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُومُ عَلَى الْمَقَامِ يَبْنِي عَلَيْهِ وَيَرْفَعُهُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الرُّكْنُ وَضَعَهُ يَوْمَئِذٍ مَوْضِعَهُ وَأَخَذَ الْمَقَامَ فَجَعَلَهُ لَاصِقًا بِالْبَيْتِ فَلَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ جَاءَ جِبْرِيلُ فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ تِلْكَ الْمَوَاقِفَ وَحَجَّهُ إِسْحَاقُ وَسَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِالشَّامِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْحَجَرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ فَأَجَابَهُ مَنْ آمَنَ وَمَنْ كَانَ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى الْوَادِي يَطْلُبُ حَجَرًا فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَدْ كَانَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حِينَ غَرِقَتِ الْأَرْضُ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ فَرَأَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ قَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا مَنْ جَاءَكَ بِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَنْ لَمْ يَكِلْنِي إِلَيْك وَلَا إِلَى حجرك وَرَوَاهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ وَأَنَّهُ كَانَ بِالْهِنْدِ وَكَانَ يَاقُوتَةً بَيْضَاءَ مِثْلَ الثَّغَامَةِ وَهِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُعْجَمَةِ طَيْرٌ أَبْيَضُ كَبِيرٌ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ وَاللَّهِ مَا بَنَيَاهُ بِقِصَّةٍ وَلَا مَدَرٍ وَلَا كَانَ لَهُمَا مِنَ السَّعَةِ وَالْأَعْوَانِ مَا يَسْقُفَانِهِ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي كُلَّ يَوْمٍ سَافًا وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ كَانَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ حِرَاءَ وَثُبَيْرٍ وَلُبْنَانَ وَجَبَلِ الطُّورِ وجبل الْخمر قَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ جَبَلُ الْخَمْرِ يَعْنِي بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاق عَنمِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ علم وَلِتَنْزِيهِ أَلْسِنَةِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْفُحْشِ إِلَّا أَنْ تدعو إلى ذلك ضرورة لابتدائهم به فيكف أَذَاهُمْ وَنَحْوَهُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (قَدْ آنَ لَكُمْ) أَيْ حَانَ لَكُمْ (أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِذَنَبِهِ هُنَا لسانه فشبهه نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ فِي انْتِقَامِهِ وَبَطْشِهِ إِذَا اغْتَاظَ وَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ جَنْبَيْهِ كَمَا فَعَلَ حَسَّانُ بِلِسَانِهِ حِينَ أَدْلَعَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْأَسَدِ وَلِسَانَهُ بِذَنَبِهِ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنِ الشَّفَتَيْنِ يُقَالُ دَلَعَ لِسَانَهُ وَأَدْلَعَهُ وَدَلَعَ اللِّسَانِ بِنَفْسِهِ قَوْلُهُ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ أَيْ لَأُمَزِّقَنَّ أَعْرَاضَهُمْ تَمْزِيقَ الْجِلْدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى) أَيْ شَفَى الْمُؤمِنِينَ وَاشْتَفَى هُوَ بِمَا نَالَهُ مِنْ أَعْرَاضِ الْكُفَّارِ وَمَزَّقَهَا وَنَافَحَ عن الاسلام والمسلمين قوله (هجوت محمدا برا تَقِيًّا) وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ حَنِيفًا بَدَلُ تَقِيًّا فَالْبَرُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْوَاسِعُ الْخَيْرِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ وَقِيلَ البر هنابِمَعْنَى الْمُتَنَزِّهُ عَنِ الْمَآثِمَ وَأَمَّا الْحَنِيفُ فَقِيلَ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْمَائِلُ إِلَى الْخَيْرِ وَقِيلَ الْحَنِيفُ التَّابِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ) أَيْ خُلُقُهُ قوله (فإن أبي ووالدتي وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ) هَذَا مِمَّا احتج به بن قُتَيْبَةَ لِمَذْهَبِهِ أَنَّ عِرْضَ الْإِنْسَانِ هُوَ نَفْسُهُ لَا أَسْلَافُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عِرْضَهُ وَأَسْلَافَهُ بِالْعَطْفِ وَقَالَ غَيْرُهُ عِرْضُ الرَّجُلِ أُمُورُهُ كُلُّهَا الَّتِي يُحْمَدُ بِهَا وَيُذَمُّ مِنْ نَفْسِهِ وَأَسْلَافِهِ وَكُلُّ مَا لَحِقَهُ نَقْصٌ يَعِيبُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وِقَاءُ فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْمَدِّ وَهُوَ مَا وَقَيْتَ بِهِ الشئ قَوْلُهُ (تُثِيرُ النَّقْعَ) أَيْ تَرْفَعُ الْغُبَارَ وَتُهَيِّجُهُ قَوْلُهُ (مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ جَانِبَيْ كَدَاءِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِالْمَدِّ هِيَ ثَنِيَّةٌ عَلَى بَابِ مَكَّةَ سَبَقَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْبَيْتِ إِقْوَاءٌ مُخَالِفٌ لِبَاقِيهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ غَايَتُهَا كَدَاءِ وَفِي بَعْضِهَا مَوْعِدُهَا كَدَاءِ قَوْلُهُ (يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ) وَيُرْوَى يُبَارِعْنَ الْأَعِنَّةَ قَالَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ هُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لِصَرَامَتِهَا وَقُوَّةِ نُفُوسِهَا تُضَاهِي أَعِنَّتَهَا بِقُوَّةِ جَبْذِهَا لَهَا وَهِيَ مُنَازَعَتُهَا لَهَا أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي وَفِي رواية بن الْحَذَّاءِ يُبَارِينَ الْأَسِنَّةَ وَهِيَ الرِّمَاحُ قَالَ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهَا أَنَّهُنَّ يُضَاهِينَ قَوَامَهَا وَاعْتِدَالَهَا قَوْلُهُ (مُصْعِدَاتٍ) أَيْ مُقْبِلَاتٍ إِلَيْكُمْ وَمُتَوَجِّهَاتٍ يُقَالُ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا ذَهَبَ فِيهَا مُبْتَدِئًا وَلَا يُقَالُ لِلرَّاجِعِ قَوْلُهُ (عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ) أَمَّا أَكْتَافُهَا فَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالْأَسَلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا لَامٌ هَذِهِ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ وَالْأَسَلُ الرِّمَاحُ وَالظِّمَاءُ الرِّقَاقُ فَكَأَنَّهَا لِقِلَّةِ مَائِهَا عِطَاشٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالظِّمَاءِ الْعِطَاشُ لِدِمَاءِ الْأَعْدَاءِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْأُسْدُ الظِّمَاءُ بِالدَّالِ أَيِ الرِّجَالُ الْمُشْبِهُونَ لِلْأُسْدِ الْعِطَاشِ إِلَى دِمَائِكُمْ قَوْلُهُ (تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ) أَيْ تَظَلُّ خُيُولُنَا مُسْرِعَاتٍيَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا قَوْلُهُ (تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ) أَيْ تَمْسَحُهُنَّ النِّسَاءُ بِخُمُرِهِنَّ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ أَيْ يُزِلْنَ عَنْهُنَّ الْغُبَارَ وَهَذَا لِعَزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا عِنْدَهُمْ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ بِالْخَمْرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ خَمْرَةَ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الْأَبْلَغُ فِي إِكْرَامِهَا قَوْلُهُ (وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا) أَيْ هَيَّأْتُهُمْ وَأَرْصَدْتُهُمْ قَوْلُهُ (عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ مَقْصُودُهَا وَمَطْلُوبُهَا قَوْلُهُ (لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ) أَيْ مُمَاثِلٌ وَلَا مُقَاوِمٌ والله اعلمبن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أنَّ آدَمَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ حِرَاءَ وَطُورِ زِيتَا وَطُورِ سَيْنَاءَ وَالْجُودِيِّ وَلُبْنَانَ وَكَانَ رَبَضُهُ مِنْ حِرَاءَ ومِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَّهُ أَسَّسَ الْبَيْتَ مِنْ سِتَّةِ أَجْبُلٍ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ وَمِنَ الطُّورِ وَمِنْ قُدْسٍ وَمِنْ وَرْقَانَ وَمِنْ رَضْوَى وَمِنْ أُحُدٍ الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3210 ... ورقمه عند البغا: 3364 ]
    - حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ. وَهْيَ تُرْضِعُهُ -حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا. فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذَن لاَ يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ. فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَابِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: {{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}} -حَتَّى بَلَغَ- {{يَشْكُرُونَ}}. وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى -أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا؛ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا. فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ: صَهٍ -تُرِيدَ نَفْسَهَا- ثُمَّ تَسَمَّعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ -أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ- حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا. قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ في جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ- مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا -قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ- فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُحِبُّ الإِنْسَ، فَنَزَلُوا، وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ. وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. فَشَكَتْ إِلَيْهِ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَىْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى. فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ،فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا. قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: الْمَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ , قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ - وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ - فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَىْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ. ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ. قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ، وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا -وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا- قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي. حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ: {{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}} قَالَ: فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: {{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}} [البقرة: 127] ". [الحديث 3364 - أطرافه في: 2368، 3362، 3363، 3365].قال المؤلّف بالسند: (وحدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن أيوب السختياني) بفتح السين وكسر الفوقية (وكثير بن كثير المطلب) بتشديد الطاء وكسر اللام (ابن أبي وداعة) بفتح الواو وتخفيف الدال (يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير) سقط ابن جبير لأبي ذر أنه (قال ابن عباس: أول ما اتخذ النساء المنطق) بكسر الميم وفتح الطاء بينهما نون ساكنة ما تشده المرأة على وسطها عند الشغل لئلا تعثر في ذيلها (من قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة من جهة (أم إسماعيل اتخذت منطقًا) وذلك أن سارة وهبتها للخليل عليه السلام فحملت منه بإسماعيل فلما وضعته غارت فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقًا فشدت به وسطها وهربت وجرت ذيلها (لتعفي) بضم الفوقية وفتح العين المهملة وتشديد الفاء المكسورة لتخفي (أثرها) وتمحوه (على سارة). وقال الكرماني: معناه أنها تزيت بزي الخدم إشعارًا بأنها خادمتها لتستميل خاطرها وتصلح ما فسد يقال: عفى على ما كان منه إذا أصلح بعد الفساد اهـ وقيل إن الخليل شفع فيها وقال حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها فكانت أول من فعل ذلك، وعند الإسماعيلي من رواية ابن علية أول ما اتخذت العرب جر الذيول عن أم إسماعيل.(ثم جاء بها) بهاجر (إبراهيم وبابنها إسماعيل) على
    البراق (وهي ترضعه) الواو للحال (حتى وضعهما) ولأبي ذر عن الكشميهني: فوضعهما (عند) موضع (البيت) الحرام قبل أن يبنيه (عند دوحة) بدال وحاء مفتوحتين مهملتين بينهما واو ساكنة شجرة عظيمة (فوق زمزم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فوق الزمزم (في أعلى) مكان (المسجد وليس بمكة يومئذٍ أحد) ولا بناء (وليس بها ماء فوضعهما هنا لك ووضع عندهما جرابًا) بكسر الجيم من جلد (فيه تمر وسقاء فيه ماء) بكسر السين قربة صغيرة (ثم قفى إبراهيم) بفتح القاف والفاء المشددة ولّى راجعًا حال كونه (منطلقًا) إلى أهله بالشام وترك إسماعيل وأمه عند موضع البيت، (فتبعته أم إسماعيل فقالت) له (يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا) ولأبي ذر في هذا (الوادي الذي ليس فيه أنس) بكسر الهمزة ضد الجن ولأبي ذر وابن عساكر أنيس (ولا شيء؟ فقالت: له ذلك مرارًا. وجعل) إبراهيم (لا يلتفت إليها فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا)؟ بمدّ همزة الله وسقط لأبي ذر الذي (قال) إبراهيم: (نعم). وفي رواية عمر بن شبة في كتاب مكة من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أنها نادته ثلاثًا فأجابها في الثالثة فقالت له من أمرك بهذا قال الله (قالت: إذًا لا يضيعنا) وفي رواية ابن جريج فقالت حسبي (ثم رجعت) إلى موضع الكعبة (فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية) بالمثلثة وكسر النون وتشديد التحتية بأعلى مكة حيث دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة (حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت) أي موضعه (ثم دعا بهؤلاء الكلمات) ولأبي ذر بهؤلاء الدعوات (ورفع يديه فقال رب) ولأبي ذر عن الكشميهني: ربنا وهو الموافق للتنزيل (إني أسكنت) ذرية (من ذرّيتي) فالجار: صفة لمفعول محذوف أو من مزيدة عند الأخفش والمراد بالذرية إسماعيل ومن ولد منه فإن إسكانه متضمن لإسكانهم (بوادٍ) أي في واد هو مكة (غير ذي زرع) قال في الكشاف: لا يكون فيه شيء من زرع قط كقوله: قرآنًا عربيًّا غير ذي عوج بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج ما فيه إلا الاستقامة لا غير اهـ.قال الطيبي: هذه المبالغة يفيدها معنى الكناية لأن نفي الزرع يستلزم كون الوادي غير صالح للزرع ولأنه نكرة في سياق النفي. (عند بيتك المحرم) الذي يحرم عنده ما لا يحرم عند غيره أو حرمت التعرض له والتهاون به أو لم يزل معظمًا يهابه كل جبارًا وحرم من الطوفان أي منع منه كما سمي عتيقًا لأنه أعتق من الطوفان أو لأنه موضع البيت حرم يوم خلق السماوات والأرض وحف بسبعة من الملائكة (حتى بلغ يشكرون) أي تلك النعمة.قال في الكشاف: فأجاب الله دعوة خليله فجعله حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقًا من لدنه ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارًا وفي أي بلد من بلاد الشرق والمغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع وهي اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد وليس ذلك من آياته بعجب أعادنا الله إلى حرمه بمنّه وكرمه ووفقنا لشكر نعمه وثبت قوله عند بيتك المحرم في رواية أبي ذر.(وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد) بكسر الفاء أي فرغ (ما في السقاء عطشت وعطش ابنها) إسماعيل بكسر الطاء فيهما، وزاد الفاكهي من حديث أبي جهم فانقطع لبنها، وكان إسماعيل حينئذٍ ابن سنتين (وجعلت) هاجر (تنظر إليه يتلوى) يتقلب ظهرًا لبطن (أو قال يتلبط) بالموحدة المشددة بعد اللام آخره طاء مهملة أي يتمرغ ويضرب بنفسه على الأرض من لبط به إذا صرع. وقال الداودي: يحرك لسانه وشفتيه كأنه يموت، وللكشميهني: يتلمظ بميم وظاء معجمة بدل الموحدة والمهملة. (فانطلقت) هاجر حال كون انطلاقها (كراهية أن تنظر إليه) في هذه الحالة الصعبة (فوجدت الصفا) بالقصر (أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي) حال كونها (تنظر هل ترى أحدًا فلم ترَ فهبطت من الصفا) بفتح الموحدة من هبطت. وعند الفاكهي
    من حديث أبي جهم تستغيث ربها وتدعوه (حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها) بفتح الطاء والراء ودرعها بكسر الدال وسكون الراء أي قميصها لئلا تعثر في ذيله (ثم سعت سعي الإنسان المجهود) أي الذي أصابه الجهد وهو الأمر الشاق (حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت) ولأبي ذر فنظرت بالفاء بدل الواو (هل ترى أحدًا فلم ترَ أحدًا ففعلت ذلك سبع مرات).(قال ابن عباس قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فلذلك سعي الناس) بسكون العين وجر الناس ولأبي ذر وابن عساكر فلذلك سعي الناس (بينهما) بين الصفا والمروة.(فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه) بفتح الصاد وكسر الهاء منونة في الفرع وفي بعض الأصول بسكونها أي اسكتي (تريد نفسها) لتسمع ما فيه فرج لها (ثم تسمعت) أي تكلفت السماع واجتهدت فيه (فسمعت أيضًا فقالت قد أسمعت) بفتح التاء (إن كان عندك غواث) أي فأغثني فجزاء الشرط محذوف. وغواث بكسر الغين المعجمة وفتح الواو مخففة وبعد الألف مثلث كذا في الفرع وأصله وفيه لأبي ذر غواث بضم الغين. وقال الحافظ ابن حجر: غواث بفتحها للأكثر، وقال في المصابيح: وبذلك قيده ابن الخشاب وغيره من أئمة اللغة. وقال في الصحاح: غوّث الرجل إذا قال واغوثاه والاسم الغوث والغواث والغواث. قال الفراء يقال أجاب الله دعاءه وغوائه. قال: ولم يأت في الأصوات شيء بالفتح غيره، وإنما يأتي بالضم مثل البكاء والدعاء وبالكسر مثل النداء والصياح قال الشاعر:بعثتك مائرًا فلبثت حولاً ... متى يأتي غواثك من تغيثوقال في القاموس: والاسم الغوث والغواث بالضم وفتحه شاذ واستغاثني فأغثته إغاثة ومغوثة والاسم الغياث بالكسر، (فإذا هي بالملك) جبريل (عند موضع زمزم فبحث) بالمثلثة (بعقبه) أي حفر بمؤخر رجله. قال السهيلي في تفجيره إياها دون أن يفجرها باليد أو غيرها إشارة إلى أنها لعقب إسماعيل وراثة وهو محمد وأمته كما قال تعالى {{وجعلها كلمة باقية}} [الزخرف: 28] في عقبه أي في أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أو قال بجناحه) شك من الراوي (حتى ظهر الماء فجعلت) هاجر(تحوّضه) بالحاء المهملة المفتوحة والواو المشدّدة المكسورة وبالضاد المعجمة أي تصيره كالحوض لئلا يذهب الماء (وتقول بيدها هكذا) هو حكاية فعلها وهو من إطلاق القول على الفعل (وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف) أي ينبع كقوله تعالى: {{وفار التنور}} [هود: 40].(قال ابن عباس) بالسند السابق (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء) شك من الراوي (لكانت زمزم عينًا معينًا) بفتح الميم جاريًا على وجه الأرض لأنها لما داخلها كسب هاجر قصرت على ذلك (قال: فشربت) هاجر (وأرضعت ولدها فقال لها الملك) جبريل (لا تخافوا الضيعة) بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية الهلاك وعبر بالجمع على القول بأن أقل الجمع اثنان أو هما وذرية إسماعيل أو أعم. وفي حديث أبي جهم لا تخافي أن ينفد الماء وعند الفاكهي من رواية عليّ بن الوازع عن أيوب لا تخافي على أهل هذا الوادي ظمأ فإنها عين يشرب بها ضيفان الله (فإن هاهنا بيت الله) بنصب بيت اسم إن ولأبي ذر عن الحموي والمستملي هذا بيت الله (يبني هذا الغلام وأبوه) بحذف ضمير المفعول وعند الإسماعيلي يبنيه بإثباته (وإن الله لا يضيع أهله) بضم التحتية الأولى وكسر الثانية مشددة بينهما معجمة مفتوحة (وكان البيت) الحرام (مرتفعًا من الأرض كالرابية) بالراء وبعد الألف موحدة ثم تحتية ما ارتفع من الأرض. وعند ابن إسحاق أنه كان مدرة حمراء (تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله فكانت) هاجر (كذلك) تشرب وترضع ولدها، ولعلها كانت تغتذي بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب (حتى مرت بهم رفقة) بضم الراء جماعة مختلطون (من جرهم) بضم الجيم والهاء بينهما راء ساكنة غير منصرف
    حيّ من اليمن وكانت جرهم يومئذٍ قريبًا من مكة (أو أهل بيت من جرهم) حال كونهم (مقبلين) متوجهين (من طريق كداء) بفتح الكاف ممدودًا. قال في الفتح: وهو في جميع الروايات كذلك وهو أعلى مكة. نعم في رواية ابن عساكر كما في اليونينية كدى بضم الكاف والقصر، ولعل الحافظ ابن حجر لم يقف عليها. (فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرًا عائفًا) بالعين المهملة والفاء وهو الذي يتردّد على الماء ويحوم حوله ولا يمضي عنه (فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا) بلام مفتوحة للتأكيد (بهذا الوادي) ظرف مستقر لا لغو (وما فيه ماء) الواو للحال (فأرسلوا جريًّا) بجيم مفتوحة وراء مكسورة فتحتية مشدّدة رسولاً واحدًا لينظر هل هناك ماء أم لا (أو جريين) رسولين اثنين وسمى الرسول جريًّا لأنه يجري مجرى مرسله أو يجري مسرعًا في حاجته والشك من الراوي (فإذا هم) الجريّ أو الجريان ومن تبعهما (بالماء فرجعوا) إلى جرهم (فأخبروهم بالماء فأقبلوا) إلى جهة الماء (قال: وأم إسماعيل) كائنة (عند الماء فقالوا) لها: (أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت): ولأبي ذر قالت (نعم) أذنت لكم في النزول (ولكن لا حق لكم في الماء. فقالوا: نعم). لا حق لنا فيه.(قال ابن عباس) بالسند السابق: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فألفى) بهمزة مفتوحة وسكون اللام وفتح الفاء أي وجد (ذلك) الحي الجرهمي (أم إسماعيل) بنصب أم مفعول الحي كما قرره فيالكواكب. وقال في العمدة فاعل فألفى قوله ذلك وأم إسماعيل مفعوله وذلك إشارة إلى استئذان جرهم، والمعنى فألفى استئذان جرهم بالنزول أم إسماعيل (وهي) أي والحال أنها (تحب الأنس) بضم الهمزة ضدّ الوحشة ويجوز كسرها وهو الذي في الفرع كأصله أي تحب جنسها (فنزلوا) عندها (وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم) بمكة (حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام) إسماعيل بين والدان جرهم (وتعلم العربية منهم) ظاهره يعارض حديث ابن عباس المروي في مستدرك الحاكم أوّل من نطق بالعربية إسماعيل. وأجيب: بأن المعنى أوّل من تكلم بالعربية من ولد إبراهيم إسماعيل، وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن: أوّل من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل. قال في الفتح: وبهذا القيد يجمع بين الخبرين فتكون أوّليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأوّلية المطلقة، فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة فنطق بها قال: ويشهد لهذا ما حكى ابن هشام عن الشرقي بن قطامي أن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم (وأنفسهم) بفتح الفاء والسين عطف على تعلم أي رغبهم فيه وفي مصاهرته. يقال: أنفسني فلان في كذا أي رغبني فيه. وقال في المصابيح: أي صار نفيسًا فيهم رفيعًا يتنافس في الوصول إليه ويرغبون فيه وفي مصاهرته.وقوله في الفتح: وأنفسهم بفتح الفاء بلفظ أفعل التفضيل من النفاسة تعقبه في العمدة فقال إنه غلط وليس هو إلاّ فعلاً ماضيًا من الإنفاس والفاعل فيه إسماعيل. (وأعجبهم حين شب فلما أدرك) الحل (زوّجوه امرأة منهم) اسمها عمارة بنت سعد بن أسامة فيما قاله ابن إسحاق أو هي الجداء بنت سعد فيما قاله السهيلي والمسعودي أو حيي بنت أسعد بن عملق فيما قاله عمر بن شبة (وماتت أم إسماعيل) قيل ولها من العمر تسعون سنة ودفنها بالحجر (فجاء إبراهيم) عليه الصلاة والسلام (بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته) بكسر الراء أي يتفقد حال ما تركه هناك، واستدل بعضهم بهذا على أن الذبيح إسحاق محتجًا بأن إبراهيم ترك إسماعيل رضيعًا وعاد إليه وقد تزوج لأن الذبح كان في الصغر في حياة أمه قبل تزوجه فلو كان إسماعيل الذبيح لذكره بين زمان الرضاع والتزويج. وأجيب: بأنه ليس في الحديث نفي مجيئه بين الزمانين، وفي حديث أبي جهم أن إبراهيم كان يزور هاجر كل شهر على البراق يغدو غدوة فيأتي مكة ثم يرجع فيقيل في منزله بالشأم. (فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا) أي
    يطلب لنا الرزق (ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت) له (نحن بشرّ نحن في ضيق وشدة فشكت إليه قال) إبراهيم عليه السلام لها: (إذا جاء زوجك) إسماعيل (فاقرئي) بفتح الراء (عليه السلام) ولأبي ذر اقرئي بحذف الفاء (وقولي له: يغير بابه) بفتح الغين المهملة والفوقية والموحدة كناية عن المرأة. (فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا) بفتح الهمزة الممدودة والنون وفي رواية فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه (فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا) وفي رواية عطاء بن السائب عند عمر بن شبة كالمستخفة بشأنه (فسألنا عنك) بفتح اللام (فأخبرته) أنك خرجت تبتغي لنا(وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد) بفتح الجيم (وشدة قال) إسماعيل: (فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم. أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك غير عتبة بابك. قال: ذاك) بكسر الكاف (أبي) إبراهيم (وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك) بفتح الحاء المهملة (فطلقها وتزوج منهم) أي من جرهم (أخرى) اسمها أسامة بنت مهلهل فيما قاله المسعودي تبعًا للواقدي أو بشامة بموحدة فمعجمة مخففة بنت مهلهل بن سعد بن عوف أو عاتكة وعن ابن إسحاق فيما حكاه ابن سعد رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمية وقيل غير ذلك (فلبث) بكسر الموحدة (عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده) أي لم يجد إسماعيل (فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا) الرزق (قال: كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة) بفتح المهملة (وأثنت على الله) عز وجل خيرًا بما هو أهله (فقال) لها: (ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال فما شرابكم؟ قالت: الماء) وزاد في حديث أبي الجهم اللبن (قال) إبراهيم: (اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ولم يكن لهم يومئذٍ حب) حنطة أو نحوها (ولو كان لهم دعا لهم فيه قال: فهما) أي اللحم والماء (لا يخلو عليهما) بالخاء المعجمة وللكشميهني كما في الفتح لا يخلوان بالتثنية وقال ابن القطوية: خلوت بالشيء واختليت به إذا لم أخلط به غيره، ويقال خلى الرجل اللبن إذا شرب غيره. وقال الكرماني أي لا يعتمدهما (أحد) ويداوم عليهما (بغير مكة إلا لم يوافقاه) لما ينشأ عنهما من انحراف المزاج إلا في مكة فإنهما يوافقانه وهذا من جملة بركاتها وأثر دعاء الخليل عليه السلام.وفي حديث أبي جهم: ليس أحد يخلو على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى بطنه، وزاد في حديثه فقالت له: انزل رحمك الله فاطعم واشرب. قال: إني لا أستطيع النزول. قالت: فإني أراك شعثًا أفلا أغسل رأسك وأدهنه؟ قال: بلى إن شئت فجاءته بالمقام وهو يومئذٍ أبيض مثل المهاة وكان في بيت إسماعيل ملقى فوضع قدمه اليمنى وقدم إليها شق رأسه وهو على دابته فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حوّلت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى وقدم إليها برأسه فغسلت شق رأسه الأيسر، فالأثر الذي في المقام من ذلك ظاهر فيه موضع العقب والإصبع.(قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه) ثم مضى إبراهيم (فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه) خيرًا (فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير) وسعة (قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم. هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك) زاد أبو جهم في حديثه فإنها صلاح المنزل (قال) إسماعيل لها (ذاك أبي) بكسر الكاف (وأنت العتبة أمرني أن أمسكك) زاد أبو جهم ولقد كنت عليّ كريمة ولقد ازددت عليّ كرامة فولدت لإسماعيل عشرة ذكور (ثم لبث عنهم) إبراهيم (ما شاء الله ثم جاء) إليهم (بعد ذلك وإسماعيل يبري) بفتح التحتية وسكون الموحدة وكسر الراء من غير همز (نبلاً له) بفتح النون وسكون الموحدة أي سهمًا قبل أن يركب فيه نصله وريشه وهو السهم العربي (تحت دوحة) بفتح الدال والحاء المهملتين بينهما واو ساكنة شجرة وهيالتي نزل إسماعيل وأمه تحتها أوّل ما قدما مكة كما مرّ (قريبًا من زمزم
    فلما رآه)
    إسماعيل (قام إليه صنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد) من الاعتناق والمصافحة وتقبيل اليد ونحو ذلك. وفي رواية معمر قال: سمعت رجلاً يقول بكيا حتى أجابهما الطير (ثم قال) إبراهيم عليه السلام (يا إسماعيل إن الله) عز وجل (أمرني بأمر. قال) إسماعيل (فاصنع ما أمرك) به (ربك. قال: وتعينني)؟ عليه (قال: وأعينك) ولأبي ذر عن الكشميهني فأعينك (قال) إبراهيم: (فإن الله أمرني أن ابني هاهنا بيتًا وأشار إلى أكمة) بفتح الهمزة والكاف والميم إلى رابية (مرتفعة على ما حولها قال: فعند ذلك رفعا) إبراهيم وإسماعيل ولأبي ذر رفع بالإفراد أي إبراهيم (القواعد من البيت) جمع قاعدة وهي الأساس صفة غالبة من القعود بمعنى الثبات ورفعها البناء عليها فإنه ينقلها عن هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع (فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء) زاد أبو جهم وجعل طوله في السماء تسعة أذرع وعرضه في الأرض يعني دوره ثلاثين ذراعًاً كان ذلك بذراعهم (جاء) أي إسماعيل (بهذا الحجر) حجر المقام (فوضعه له) للخليل (فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: {{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع}}) لدعائنا ({{العليم}}) ببنائنا (قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: {{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}}) وقد قيل: ليس في العالم بناء أشرف من الكعبة لأن الآمر بمعمارته رب العالمين، والمبلغ والمهندس جبريل الأمين، والباني هو الخليل والتلميذ المعين إسماعيل.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3210 ... ورقمه عند البغا:3364 ]
    - وحدَّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنْ أيُّوبَ السَّخْتِيانيِّ وكَثِيرِ ابنِ كَثِيرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أحَدُهُمَا علَى الآخَرِ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرِ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّساءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقَاً لِتُعَفِّي أثَرَها علَى سارَةَ ثُمَّ جاءَ بِهَا إبْرَاهِيمُ وبابُْنِهَا إسْمَاعِيلَ وهْيَ تُرْضِعُهُ حتَّى وضَعَهُما عِنْدَ البَيْتِ عنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أعْلَى المَسْجِدِ وليْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أحَدٌ وليْسَ بِهَا ماءٌ فوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ ووضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابَاً فِيهِ تَمْرٌ وسِقاءً فيهِ ماءٌ ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقَاً فتَبِعَتْهُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَقالَتْ يَا إبْرَاهِيمُ أيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنا بِهاذَا الوَادِي الَّذِي لَيْسَ فيهِ إنْسٌ ولاَ شَيْءٌ فقالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارَاً وجعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ
    إليْهَا فقالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِي أمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نعَمْ قالتْ إذَنْ لاَ يُضَيِّعَنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فانْطَلَقَ إبْرَاهِيمُ حتَّى إذَا كانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤلاَءِ الكَلِمَاتِ ورَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ أنِّي أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حتَّى بلَغَ يَشْكُرُونَ وجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ ترْضع إِسْمَاعِيل وتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ حتَّى إذَا نَفِذَ مَا فِي السِّقاءِ عَطِشَتْ وعَطِشَ ابْنُهَا وجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ يتَلَوَّى أوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ فوَجَدَتْ الصَّفَا أقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأرْضِ يَلِيهَا فقامَتْ علَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَي أحَدَاً فَلَمْ تَرَ أحَدَاً فهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حتَّى إذَا بلَغَتِ الوَادِيَ رفَعَتْ طرَفَ دِرْعِه ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ الْمَجْهُودِ حتَّى جاوَزَتِ الوَادِي ثُمَّ أتتْ المَرْوَةَ فقامَتْ عَلَيْهَا ونَظَرَتْ هَلْ تَرَى أحَدَاً فلَمْ تَرَ أحَدَاً ففَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فلَمَّا أشْرَفَتْ علَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتَاً فقالَتْ صَهْ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضا فقَالَتْ قَدْ أسْمَعْتَ إنْ كانَ عِنْدَكَ غُوَاثٌ فإذَا هِيَ بالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعٍ زَمْزَمَ فبَحَثَ بِعَقِبِهِ أوْ قَالَ بِجَناحِهِ حتَّى ظَهَرَ المَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وتَقولُ بِيَدِها هَكَذَا وجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وهْوَ يَفورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْحَمُ الله أُمَّ إسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ لَكانَتْ زَمْزَمُ عَيْنَاً مَعِيناً قَالَ فشَرِبَتْ وأرْضَعَتْ ولدَهَا فَقَالَ لَهَا المَلَكُ لاَ تَخافُوا الضَّيْعَةَ فإنَّ هاهُنَا بَيْتَ الله يَبْنِيهِ هاذَا الغُلاَمُ وأبوهُ وإنَّ الله لَا يُضَيِّعُ أهْلَهُ وكانَ البَيْتُ مُرْتَفِعَاً مِنَ الأرْضِ كالرَّابِيَةِ تأتِيهِ السُّيُولُ فتأخُذُ عنْ يَمِينِهِ وشِمَالِهِ فَكانَتْ كَذَلِكَ حتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ منْ جُرْهُمَ أوْ أهْلُ بَيْت مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فنَزَلُوا فِي أسْفَل مَكَّةَ فرَأوْا طائِرَاً عائفَاً فقالُوا إنَّ هذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ علَى ماءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ ماءٌ فأرْسَلُوا جَرِيّاً أوْ جَرِيَّيْنِ فإذَا هُمْ بِالْمَاءِ فرَجَعُوا فأخْبَرُوهُمْ بالمَاءِ فأقْبَلُوا قَالَ وأُمُّ إسْمَاَعِيلَ عِنْدَ الماءِ فقَالُوا أتأذَنِينَ لَنا أنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فقالَتْ نَعَمْ ولَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ قالُوا نَعَمْ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألْفَى ذَلِكَ أُم إسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُحِبُّ الإُنْسَ فَنَزَلُوا وأرْسَلُوا إِلَى أهْلِيهِمْ فنَزَلُوا مَعَهُمْ حتَّى إذَا كانَ بِهَا أهْلُ أبْياتٍ مِنْهُمْ وشَبَّ الغُلاَمُ وتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وأنفَسَهُمْ وأعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فلَمَّا أدْرَكَ زَوَّجُوهُ امرَأةً مِنْهُمْ وماتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَجاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطالِعُ تَرِكَتَهُ فلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ فَسألَ امْرَأتَهُ عَنْهُ فقالَتْ خرجَ يَبْتَغِي لَنا ثُمَّ سألَهَا عنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فقالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وشِدَّةٍ فَشَكَتْ إلَيْهِ قَالَ فإذَا جاءَ زَوْجُكِ فاقْرَئِي علَيْهِ السَّلاَمَ وقُولِي لَهُ يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بابُِهِ فلَمَّا جاءَ إسْمَاعِيلُ كأنَّهُ آنَسَ شَيْئاً فَقَالَ هَلْ جاءَكُمْ مِنْ أحَدٍ قالَتْ نَعَمْ جاءَنَا شَيْخٌ كذَا وكَذَا فسَألَنَا عَنْكَ فأخْبرْتُهُ
    وسألَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فأخْبَرْتُهُ أنَّا فِي جَهْدٍ وشِدَّةٍ قَالَ فَهَلْ أوْصَاكِ بِشَيْءٍ قالَتْ نَعَمْ أمَرَنِي أنْ أقْرَأ علَيْكَ السَّلامَ ويَقولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بابُِكَ قَالَ ذَاكَ أبي وقدْ أمَرَنِي أنْ أُفَارِقَكِ الحَقِي بأهْلِكِ فَطلقَها وتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فلَبِثَ عَنْهُمْ إبْرَاهِيمُ مَا شاءَ الله ثُمَّ أتَاهُمْ بَعْدُ فلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ علَى امْرَأتِهِ فسَألَهَا عَنْهُ فقالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنا قَالَ كَيْفَ أنْتُمْ وسألَهَا عنْ عَيْشِهِمْ وهَيْئَتِهِمْ فقالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وسِعَةٍ وأثْنَتْ علَى الله فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قالَتِ اللَّحْمُ قَالَ فَما شَرَابُكُمْ قالَتِ الْمَاءُ قَالَ أللَّهُمَّ بارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ والماءِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ولَوْ كانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ قَالَ فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فإذَا جاءَ زَوْجُكِ فاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ ومُرِيهِ يُثْبِتْ عَتَبَةَ بابُِهِ فلَمَّا جاءَ إسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أتاكُمْ مِنْ أحَدٍ قالَتْ نَعمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وأثْنَتْ عليْهِ فسَألَنِي عَنْكَ فأخْبَرْتُهُ فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فأخْبَرْتُهُ أنَّا بِخَيْرٍ قَالَ فأوْصَاكِ بِشَيْءٍ قالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ويأمُرُكَ أنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بابُِكَ قَالَ ذَاكِ أبي وأنْتِ الْعَتَبَةُ أمَرَنِي أنْ أُمْسِكَكِ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شاءَ الله ثُمَّ جاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي لَهُ نَبْلاً تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيباً مِنْ زَمْزَمَ فلَمَّا رَآهُ قامِ إلَيْهِ فصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بالوَلَدِ والوَلَدُ بالوَالِدِ ثُمَّ قَالَ يَا إسْمَاعِيلُ إنَّ الله أمَرَنِي بِأمْرَ قَالَ فاصْنَعْ مَا أمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وأُعِينُكَ قَالَ فإنَّ الله أمَرَنِي أنْ أبْنِيَ هاهُنَا بَيْتَاً وأشارَ إلَى أكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ علَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذالِكَ رفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يأتِي بالحِجَارَةِ وإبْرَاهِيمُ يَبْنِي حتَّى إذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ جاءَ بِهاذَا الحَجَرَ فوَضَعَهُ لَهُ فَقامَ عَليْهِ وهْوَ يَبْنِي وإسْمَاعِيلُ يُناوِلُهُ الحِجَارَةَ وهُمَا يَقُولانَ رَبَّنَا تقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وهُمَا يَقولانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. .هَذَا من تَتِمَّة الحَدِيث الأول، لِأَن الحَدِيث الأول جُزْء يسير مِنْهُ، وَهَذَا يُوضح الْقِصَّة كَمَا يَنْبَغِي، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَعبد الرَّزَّاق بن همام، وَمعمر بن رَاشد.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (الْمنطق) ، بِكَسْر الْمِيم مَا يشد بِهِ الْوسط أَي: اتَّخذت أم اسماعيل منطقاً، وَكَانَ أول الإتخاذ من جِهَتهَا، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا تزيت بزِي الخدم إشعاراً بِأَنَّهَا خَادِمهَا، يَعْنِي: خَادِم سارة لتستميل خاطرها وتجبر قَلبهَا، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: النُّطْق، بِضَم النُّون والطاء، وَهُوَ جمع: منطق، وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن سارة كَانَت وهبت هَاجر لإِبْرَاهِيم فَحملت مِنْهُ بِإِسْمَاعِيل، فَلَمَّا وَلدته غارت مِنْهَا، فَحَلَفت لتقطعن مِنْهَا ثَلَاثَة أَعْضَاء، فاتخذت هَاجر منقطقاً فشدت بِهِ وَسطهَا وَجَرت ذيلها لتخفي أَثَرهَا على سارة، وَهُوَ معنى قَوْله: (لتعفي أَثَرهَا) ، أَي: لِأَن تعفي، يُقَال عَفا على مَا كَانَ مِنْهُ: إِذا أصلح بعد الْفساد، وَيُقَال: إِن إِبْرَاهِيم شفع فِيهَا، وَقَالَ لسارة: حللي يَمِينك بِأَن تثقبي أذنيها وتخفضيها، فَكَانَت أول من فعل ذَلِك، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن علية عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: أول مَا أحدث الْعَرَب جر الذيول عَن أم إِسْمَاعِيل. قَوْله: (ثمَّ جَاءَ بهَا إِبْرَاهِيم) قيل: كَانَ على الْبراق، وَقيل: كَانَ تطوى لَهُ الأَرْض. قَوْله: (وَهِي ترْضِعه) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، أَي: هَاجر ترْضع إِسْمَاعِيل، قَوْله: (عِنْد الْبَيْت) أَي: عِنْد مَوضِع البيع، لِأَنَّهُ لم يكن فِي ذَلِك الْوَقْت بَيت وَلَا بِنَاء. قَوْله: (فوضعهما)
    عِنْد الْبَيْت، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: حَتَّى وضعهما. قَوْله: (عِنْد دوحة) ، بِفَتْح الدَّال والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِي الشَّجَرَة الْعَظِيمَة. قَوْله: (فَوق زَمْزَم) ، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَوق الزمزم. قَوْله: (وَفِي أَعلَى الْمَسْجِد) ، أَي: فِي أَعلَى مَكَان الْمَسْجِد، لِأَنَّهُ لم يكن حِينَئِذٍ بنى الْمَسْجِد. قَوْله: (جرابا) ، بِكَسْر الْجِيم، وَهُوَ الَّذِي يتَّخذ من الْجلد يوضع فِيهِ الزوادة. قَوْله: (وسقاء) بِالنّصب، عطف على: جراباً، وَهُوَ بِكَسْر السِّين، وَهُوَ قربَة صَغِيرَة، وَفِي رِوَايَة تَأتي: شنة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون، وَهِي الْقرْبَة العتيقة الْيَابِسَة. قَوْله: (ثمَّ قفى) ، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الْفَاء من التقفية، وَهِي الْأَعْرَاض، والتولي. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: معنى قفَّى ولَّى، يَعْنِي: ولَّى رَاجعا إِلَى الشَّام، وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق: فَانْصَرف إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، إِلَى أَهله بِالشَّام وَترك إِسْمَاعِيل وَأمه عِنْد الْبَيْت. قَوْله: (مُنْطَلقًا) نصب على الْحَال. قَوْله: (فتبعته أم إِسْمَاعِيل) وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: (فاتبعته) ، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: (فَأَدْرَكته بِكَذَا) . قَوْله: (إِذن لَا يضيعنا) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء: (لن يضيعنا) ، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: (حسبي) ، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن كثير، فَقَالَت: (رضيت بِاللَّه) . قَوْله: (عِنْد الثَّنية) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ فِي الْجَبَل كالعقبة، وَقيل: هُوَ الطَّرِيق العالي فِيهِ، وَقيل: أَعلَى المسيل فِي رَأسه. قَوْله: (رب) ، يَعْنِي: يَا رب، ويروى: (رَبِّي) ، بِالْيَاءِ هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني: (رب) ، وَفِي رِوَايَة غَيره: (رَبنَا) ، كَمَا فِي الْقُرْآن، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {{رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوى إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون}} (إِبْرَاهِيم: 73) . قَوْله: (بواد غير ذِي زرع) ، هُوَ مَكَّة. قَوْله: (الْمحرم) ، وصف الْبَيْت بالمحرم لِأَن الله تَعَالَى حرم التَّعَرُّض لَهُ والتهاون بِهِ، وَلِأَنَّهُ حرم على الطوفان، أَي: منع مِنْهُ. قَوْله: (ليقيموا الصَّلَاة عِنْد بَيْتك الْمحرم) يتَعَلَّق بقوله: أسكنت أَي: مَا أسكنتهم بِهَذَا الْوَادي الْخَلَاء البلقع إلاَّ ليقيموا الصَّلَاة عِنْد بَيْتك الْمحرم. قَوْله: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس) أَي: من أَفْئِدَة النَّاس، وَهِي جمع فؤاد، وَهِي الْقُلُوب، وَقد يعبر عَن الْقلب بالفؤاد، وَقيل: جمع: وُفُود من النَّاس وَلَو قَالَ: أَفْئِدَة للنَّاس، لحجت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس، قَالَه سعيد بن جُبَير. قَوْله: (تهوي إِلَيْهِم) ، أَي: تقصدهم وتسكن إِلَيْهِم. قَوْله: (وارزقهم من الثمرات) ، أَي: الَّتِي تكون فِي بِلَاد الرِّيف حَتَّى يُحِبهُمْ النَّاس. فَقبل الله دعاءه، وَأنْبت لَهُم بِالطَّائِف سَائِر الْأَشْجَار لَعَلَّهُم يشكرون النِّعْمَة. قَوْله: (حَتَّى إِذا نفد مَا فِي السقاء) أَي: حَتَّى إِذا فرغ المَاء الَّذِي فِي السقاء. قَوْله: (وعطش ابْنهَا) أَي: إِسْمَاعِيل، بِكَسْر الطَّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ، قيل: كَانَ عمره فِي ذَلِك الْوَقْت سنتَيْن، وَقيل: كَانَ لَبنهَا انْقَطع. قَوْله: (يتلوى) أَي: يتمرغ وينقلب ظهرا لبطن ويميناً وَشمَالًا، واللوى: وجع فِي الْبَطن. قَوْله: (وَقَالَ: يتلبط) بِالْبَاء الْمُوَحدَة قبل الطَّاء الْمُهْملَة أَي: يتمرغ وَيضْرب بِنَفسِهِ الأَرْض، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ أَن يُحَرك لِسَانه وشفتيه كَأَنَّهُ يَمُوت. قَالَ الْخَلِيل: لبط فلَان بفلان الأَرْض إِذا صرعه صرعاً عنيفاً، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللبط بِالْيَدِ والخبط بِالرجلِ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، فَلَمَّا ظمأ إِسْمَاعِيل جعل يضْرب الأَرْض بعقبيه، وَفِي رِوَايَة معمر والكشميهني يتلمظ بِالْمِيم والظاء الْمُعْجَمَة. قَوْله: (ثمَّ اسْتقْبلت الْوَادي) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، والوادي يَوْمئِذٍ عميق. قَوْله: (تنظر) ، جملَة وَقعت حَالا. قَوْله: (فَهَبَطت) بِفَتْح الْبَاء. قَوْله: (ثمَّ سعت سعي الْإِنْسَان المجهود) ، أَي: الَّذِي أَصَابَهُ الْجهد، وَهُوَ الْأَمر الْمشق. قَوْله: (سبع مَرَّات) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: وَكَانَ ذَلِك أول من سعى بَين الصَّفَا والمروة. قَوْله: (فَقَالَت: صه) ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء وبكسرها منونة، وَالْمعْنَى: لما سَمِعت الصَّوْت قَالَت لنَفسهَا: صه، أَي: أسكتي. وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وَابْن جريج: فَقَالَت: أَغِثْنِي إِن كَانَ عنْدك خير. قَوْله: (ثمَّ تسمعت) ، أَي: تكلفت فِي السماع وَاجْتَهَدت فِيهِ، وَهُوَ من بابُُ التفعل وَمَعْنَاهُ التَّكَلُّف. قَوْله: (قد أسمعت) بِفَتْح التَّاء من الإسماع. قَوْله: (غواث) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَتَخْفِيف الْوَاو وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة، قيل: وَلَيْسَ فِي الْأَصْوَات: فعال، بِفَتْح أَوله غَيره، وَحكى ابْن الْأَنْبَارِي ضم أَوله، وَحكى ابْن قرقول كسر أَوله أَيْضا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر الضَّم، وَالْفَتْح للأصيلي، وَضَبطه الدمياطي بِالضَّمِّ، وَضَبطه ابْن التِّين بِالْفَتْح، وعَلى كل حَال هُوَ مُشْتَقّ من الْغَوْث، وَجَزَاء الشَّرْط مَحْذُوف تَقْدِيره: إِن كَانَ عنْدك غواث اغثني. قَوْله: (فَإِذا هِيَ بِالْملكِ) ، كلمة: إِذا، للمفاجأة، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع وَابْن جريج: فَإِذا جِبْرِيل، وَفِي حَدِيث عَليّ عِنْد الطَّبَرِيّ بِإِسْنَاد حسن: فناداها جِبْرِيل، فَقَالَ: من أَنْت؟ قَالَت: أَنا هَاجر أم ولد إِبْرَاهِيم، قَالَ: فَإلَى من وكلكما؟ قَالَت: إِلَى الله.
    قَالَ: وكلكما إِلَى كافٍ. قَوْله: (فبحث بعقبه) ، الْبَحْث طلب الشَّيْء فِي التُّرَاب وَكَأَنَّهُ حفر بِطرف رجله. قَوْله: (أَو قَالَ بجناحه) ، شكّ من الرَّاوِي، قَالَ الْكرْمَانِي: وَمعنى: قَالَ، بجناجه، أَشَارَ بِهِ، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع، فَقَالَ: بعقبه هَكَذَا، وغمز عقبه على الأَرْض، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: فركض جِبْرِيل بِرجلِهِ، وَفِي حَدِيث عَليّ: ففحص الأَرْض بإصبعه فنبعت زَمْزَم. قَوْله: (حَتَّى ظهر المَاء) ، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: فَفَاضَ المَاء، وَفِي رِوَايَة ابْن قَانِع: فانبثق أَي: تفجر. قَوْله: (وَجعلت تحوضه) ، أَي: تَجْعَلهُ كالحوض لِئَلَّا يذهب المَاء، وَفِي رِوَايَة ابْن قَانِع: فدهشت أم إِسْمَاعِيل فَجعلت تحفر، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني من رِوَايَة ابْن نَافِع: تحفن، بالنُّون بدل الرَّاء، وَالْأول أصوب، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: فَجعلت تفحص الأَرْض بِيَدِهَا. قَوْله: (وَتقول بِيَدِهَا) ، هَكَذَا هُوَ حِكَايَة فعلهَا، وَهَذَا من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل. قَوْله: (عينا معينا) ، قد مر تَفْسِيره عَن قريب، وَفِي رِوَايَة ابْن قَانِع: كَانَ المَاء ظَاهرا. قَوْله: (لَا تخافوا الضَّيْعَة) أَي: الْهَلَاك، ويروى: لَا تخافي، وَفِي حَدِيث أبي جهم: لَا تخافي أَن ينْفد المَاء، ويروى: لَا تخافي على أهل هَذَا الْوَادي ظمأً وَأَنَّهَا عين تشرب بهَا ضيفان الله، وَزَاد فِي حَدِيث أبي جهم: فَقَالَت: بشرك الله بِخَير. وَفِيه: أَن الْملك يتَكَلَّم مَعَ غير الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام. قَوْله: (يَبْنِي هَذَا الْغُلَام) ، كَذَا هُوَ بِغَيْر ذكر الْمَفْعُول، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (يبنيه) ، بِإِظْهَار الْمَفْعُول. قَوْله: (كالرابية) ، وَهُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع. قَوْله: (رفْقَة) ، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْفَاء وَفتح الْقَاف، وَهِي: الْجَمَاعَة المختلطون سَوَاء كَانُوا فِي سفرهم أَو لَا. قَوْله: (من جرهم) ، بِضَم الْجِيم وَالْهَاء، حَيّ من الْيمن وَهُوَ ابْن قحطان بن عَابِر بن شالخ بن إرفخشذ بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَ جرهم وَأَخُوهُ قطورا أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ عِنْد تبلبل الألسن، وَكَانَ رَئِيس جرهم مضاض بن عَمْرو، وَرَئِيس قطورا السميدع، وَيُطلق على الْجَمِيع: جرهم، وَقيل: إِن أصلهم من العمالقة، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: وَكَانَت جرهم يَوْمئِذٍ بوادٍ قريب من مَكَّة. قَوْله: (أَو أهل بَيت من جرهم) ، شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (مُقْبِلين) ، حَال من الإقبال، وَهُوَ التَّوَجُّه إِلَى الشَّيْء قَوْله: (من طَرِيق كداء) ، بِفَتْح الْكَاف وبالمد وَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَاعْترض بَعضهم بِأَن كداء بِالْفَتْح وَالْمدّ: مَحل فِي أَعلَى مَكَّة وَأما الَّذِي فِي أَسْفَلهَا بِضَم الْكَاف وَالْقصر، وَالصَّوَاب هُنَا هَذَا: يَعْنِي: بِالضَّمِّ وَالْقصر، ورد بِأَنَّهُ: لَا مَانع من أَن يدخلوها من الْجِهَة الْعليا وينزلوا من الْجِهَة السُّفْلى. قَوْله: (عائفاً) ، بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالفاء، وَهُوَ الَّذِي يتَرَدَّد على المَاء ويحوم حوله وَلَا يمْضِي عَنهُ. قَالَه الْخَلِيل. والعائف: الرجل الَّذِي يعرف مَوَاضِع المَاء من الأَرْض. قَوْله: (لعهدنا) ، اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد. قَوْله: (بِهَذَا الْوَادي) ، ظرف مُسْتَقر لَا لَغْو. قَوْله: (وَمَا فِيهِ مَاء) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فأرسلوا جَريا) ، بِفَتْح الْجِيم وَكسر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ الرَّسُول، وَيُطلق على الْوَكِيل والأجير، وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يجْرِي مجْرى مرسله أَو مُوكله، أَو لِأَنَّهُ يجْرِي مسرعاً فِي حَوَائِجه. قَوْله: (أَو جريين) ، شكّ من الرَّاوِي، هَل أرْسلُوا وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ؟ وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع: (فأرسلوا رَسُولا) . قَوْله: (فَإِذا هم بِالْمَاءِ) ، كلمة إِذا للمفاجأة. فَإِن قلت: الْمَذْكُور: جرى، بِالْإِفْرَادِ أَو جريين بالتثنة، فَمَا وَجه الْجمع؟ قلت: يحْتَمل كَون نَاس آخَرين مَعَ الجري من الخدم والأتباع. قَوْله: (فَأَقْبَلُوا) ، أَي: جرهم أَقبلُوا إِلَى جِهَة المَاء. قَوْله: (وَأم إِسْمَاعِيل عِنْد المَاء) ، جملَة حَالية أَي: كائنة عِنْد المَاء مُسْتَقِرَّة. قَوْله: (فقالو) ، أَي: جرهم قَالُوا بعد حضورهم عِنْد أم إِسْمَاعِيل. قَوْله: (فَقَالَت: نعم) ، أَي: قَالَت أم إِسْمَاعِيل: نعم أَذِنت لكم بالنزول. قَوْله: (فألفى ذَلِك) ، بِالْفَاءِ أَي: وجد. قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: وجد ذَلِك الجرهمي أم إِسْمَاعِيل محبَّة للمؤانسة بِالنَّاسِ، وَقَالَ بَعضهم: فألفى ذَلِك: أَي وجد، وَأم إِسْمَاعِيل، بِالنّصب على المفعولية، وَلم يبين فَاعل: وجد، من هُوَ كَأَنَّهُ خَفِي عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ خَفِي على الْكرْمَانِي حَتَّى جعل فَاعل: ألفى، الجرهمي، وَالْفَاعِل لقَوْله: فألفى هُوَ قَوْله: ذَلِك، وَأم إِسْمَاعِيل مَفْعُوله، وَذَلِكَ إِشَارَة إِلَى اسْتِئْذَان جرهم وَالْمعْنَى: فَأتى اسْتِئْذَان جرهم بالنزول أم إِسْمَاعِيل، وَالْحَال أَنَّهَا تَحت الْأنس لِأَنَّهَا كَانَت وَحدهَا وَإِسْمَاعِيل صَغِير والوحشة متمكنة، وَنَظِير مَا ذكرنَا من هَذَا نَظِير مَا فِي قَول عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَا ألفاه السَّحر عِنْدِي إلاَّ نَائِما، وَفَسرهُ ابْن الْأَثِير وَغَيره: أَي مَا أَتَى عَلَيْهِ السَّحر إلاَّ وَهُوَ نَائِم، يَعْنِي: بعد صَلَاة اللَّيْل، وَالْفِعْل فِيهِ للسحر. قَوْله: (الْأنس) ، بِضَم الْهمزَة وَيجوز بِالْكَسْرِ أَيْضا لِأَن الْأنس بِالْكَسْرِ جِنْسهَا. قَوْله: (وشب الْغُلَام) ، أَي: إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي حَدِيث أبي جهم: وَنَشَأ
    إِسْمَاعِيل بَين ولدانهم، أَي ولدان جرهم. قَوْله: (وَتعلم الْعَرَبيَّة مِنْهُم) أَي: من جرهم، وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه تَضْعِيف لقَوْل من روى: أَنه أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقع ذَلِك عِنْد الْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: (أول من نطق بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيل) . قلت: لَيْسَ فِيهِ تَضْعِيف ذَلِك لِأَن الْمَعْنى: أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ من أَوْلَاد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن إِبْرَاهِيم وَأَهله كلهم لم يَكُونُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ فالأولية أَمر نسبي، فبالنسبة إِلَيْهِم هُوَ أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جرهم. قَوْله: (وأنفسهم) ، قَالَ الْكرْمَانِي: أنفسهم، بِلَفْظ الْمَاضِي أَي: رغبهم فِيهِ وَفِي مصاهرته، يُقَال: أنفسني فلَان فِي كَذَا، أَي: رغبني فِيهِ (وأعجبهم) أَي: أعجبهم فِي نفاسته، وَقَالَ بَعضهم: أنفسهم، بِفَتْح الْفَاء بِلَفْظ أفعل التَّفْضِيل: من النفاسة أَي: كثرت رغبتهم فِيهِ انْتهى. قلت: قَوْله: أفعل التَّفْضِيل، غلط وَمَا هُوَ إلاَّ فعل ماضٍ من الإنفاس، وَالْفَاعِل فِيهِ: إِسْمَاعِيل، وَهُوَ عطف على: تعلم. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (النِّهَايَة) : وَحَدِيث إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنه تعلم الْعَرَبيَّة وأنفسهم أَي: رغبهم وأعجبهم وَصَارَ عِنْدهم نفيساً، يُقَال: أنفسني فِي كَذَا: أَي: رغبني فِيهِ. قَوْله: (زوجوه إمرأة مِنْهُم) ، قَالَ السُّهيْلي: اسْمهَا جداء بنت سعد. وَعَن إِبْنِ إِسْحَاق: أَن اسْمهَا عمَارَة بنت سعد بن أُسَامَة، وَفِي حَدِيث أبي جهم: أَنَّهَا بنت صدي، وَلم يسمهَا، وَقَالَ عمر بن شبة: اسْمهَا حَيَّة بنت أسعد بن عملق، وَعَن ابْن إِسْحَاق: أَن إِسْمَاعِيل خطبهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوجهَا مِنْهُ. قَوْله: (وَمَاتَتْ أم إِسْمَاعِيل) يَعْنِي: فِي خلال ذَلِك، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: فَقدم إِبْرَاهِيم وَقد مَاتَت هَاجر، عَلَيْهَا السَّلَام، وَكَانَ عمرها تسعين سنة، فدفنها إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي الْحجر. قَوْله: (يطالع تركته) ، بِكَسْر الرَّاء أَي: يتفقد حَال مَا تَركه هُنَاكَ، والتركة، بِكَسْر الرَّاء وسكونها: بِمَعْنى المتروكة، وَالْمرَاد بهَا أَهله، والمطالعة النّظر فِي الْأُمُور، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا يشْعر بِأَن الذَّبِيح إِسْحَاق، لِأَن الْمَأْمُور بذَبْحه كَانَ عِنْدَمَا بلغ السَّعْي، وَقد قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث: إِن إِبْرَاهِيم تَركه رضيعاً وَعَاد إِلَيْهِ وَهُوَ متزوج، فَلَو كَانَ هُوَ الْمَأْمُور بذَبْحه لذكر فِي الحَدِيث أَنه عَاد إِلَيْهِ فِي خلال ذَلِك بَين زمَان الرَّضَاع وَالتَّزْوِيج، وَأجَاب الْكرْمَانِي: بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نفي مَجِيئه مرّة أُخْرَى قبل مَوتهَا وتزوجه. قلت: بل لَيْسَ فِيهِ نفي الْمَجِيء أصلا، بل فِيهِ الْمَجِيء مَرَّات، فَإِنَّهُ جَاءَ فيخبر أبي جهم: كَانَ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يزور هَاجر كل شهر على الْبراق، يَغْدُو غدْوَة فَيَأْتِي مَكَّة ثمَّ يرجع فيقيل فِي منزله بِالشَّام. قَوْله: (خرج يَبْتَغِي لنا) ، أَي: يطْلب لنا الرزق، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: وَكَانَ عَيْش إِسْمَاعِيل الصَّيْد، يخرج فيتصيد، وَفِي حَدِيث أبي جهم: وَلَكِن إِسْمَاعِيل يرْعَى مَاشِيَة وَيخرج متنكباً قوسه فَيَرْمِي الصَّيْد. قَوْله: (ثمَّ سَأَلَهَا عَن عيشهم) ، وَزَاد فِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، وَقَالَ: هَل عنْدك من ضِيَافَة؟ قَوْله: (فَقَالَت: نَحن فِي ضيق وَشدَّة) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: فَقَالَ لَهَا: هَل من منزل؟ فَقَالَت: لَاها الله إِذا. قَالَ: فَكيف عيشكم؟ قَالَ: فَذكرت جهداً، فَقَالَت: أما الطَّعَام فَلَا طَعَام، وَأما الشَّاء فَلَا نحلب إلاَّ الْمصر، أَي: الشخب، وَأما المَاء فعلى مَا ترى من الغلظ. الشخب: بِفَتْح الشين وَسُكُون الْخَاء المعجمتين وبباء مُوَحدَة: السيلان. قَوْله: (يُغير عتبَة بابُُه) ، العتبة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة من فَوق وَالْبَاء الْمُوَحدَة: وَهِي أُسْكُفَّة الْبابُُ، وَهِي هَهُنَا كِنَايَة عَن الْمَرْأَة. قَوْله: (جَاءَنَا شيخ كَذَا وَكَذَا) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: كالمستخف بِشَأْنِهِ. قَوْله: (فسألنا عَنْك) ، بِفَتْح اللَّام. قَوْله: (ذَاك أبي) أَي: ذَاك الَّذِي هُوَ أبي إِبْرَاهِيم. قَوْله: (وَتزَوج مِنْهُم أُخْرَى) ، أَي: تزوج من جرهم امْرَأَة أُخْرَى، ذكر الْوَاقِدِيّ: أَن اسْمهَا سامة بنت مهلهل، وَقيل: اسْمهَا عَاتِكَة، وَقيل: بشامة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبشين مُعْجمَة خَفِيفَة: بنت مهلهل بن سعد بن عَوْف، وَقيل: اسْمهَا نجدة بنت الْحَارِث بن مضاض، وَحكى ابْن سعد عَن إِبْنِ إِسْحَاق: أَن اسْمهَا رعلة بنت يشجب بن يعرب بن يوذان بن جرهم، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ: أَن اسْمهَا سيدة بنت مضاض، وَقَالَ الجواني: اسْمهَا هَالة بنت الْحَارِث بن مضاض، وَيُقَال: سلمى، وَيُقَال: الحنفاء. قَوْله: (نَحن بِخَير وسعة) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: نَحن فِي خير عَيْش بِحَمْد الله، وَنحن فِي لبن كثير وَلحم كثير وَمَاء طيب. قَوْله: (أللهم بَارك لَهُم فِي اللَّحْم وَالْمَاء) . وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع: أللهم بَارك لَهُم فِي طعامهم وشرابهم. قَوْله: (فهما لَا يخلوان عَلَيْهِمَا) أَي: فاللحم وَالْمَاء لَا يعْتَمد عَلَيْهِمَا أحد بِغَيْر مَكَّة إلاَّ لم يوافقاه، وَالْغَرَض: أَن المداومة على اللَّحْم وَالْمَاء لَا يُوَافق الأمزجة وينحرف المزاج عَنْهُمَا إلاَّ فِي مَكَّة فَإِنَّهُمَا يوافقانه، وَهَذَا من جملَة بركاتها وَأثر دُعَاء إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا يخلوان، بِصِيغَة التَّثْنِيَة، يُقَال: خلوت بالشَّيْء وأختليت: إِذا لم تخلط بِهِ غَيره، وَيُقَال: أخلى الرجل
    اللَّبن إِذا غَيره، وَفِي حَدِيث أبي جهم: لَيْسَ أحد يَخْلُو على اللَّحْم وَالْمَاء بِغَيْر مَكَّة إلاَّ اشْتَكَى بَطْنه. قَوْله: (هَل أَتَاكُم من أحد؟) وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل وجد ريح أَبِيه، فَقَالَ لامْرَأَته: هَل جَاءَك أحد؟ قَالَت: نعم شيخ أحسن النَّاس وَجها وَأطيب ريحًا. قَوْله: (أَن تثبت عتبَة بابُك) وَفِي حَدِيث أبي جهم: فَإِنَّهَا فلاح الْمنزل. قَوْله: (أَن أمسكك) زَاد فِي حَدِيث أبي جهم: وَلَقَد كنت عَليّ كَرِيمَة، وَلَقَد ازددت عَليّ كَرَامَة، فَولدت لإسماعيل عشرَة ذُكُور، قلت: ولدت اثْنَي عشر رجلا، وهم: نابت وقيدار وإذميل وميشى ومسمع وذوما وماش وآزر وفطور ونافش وظميا وقيدما، وَكَانَت لَهُ ابْنة تسمى: نسمَة. قَوْله: (يبري) ، بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة (والنبل) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: السهْم، قبل أَن يركب فِيهِ نصله وريشه، وَهُوَ السهْم الْعَرَبِيّ. قَوْله: (دوحة) ، وَهِي الَّتِي نزل إِسْمَاعِيل وَأمه تحتهَا أول قدومهما، وَوَقع فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع، من رواء زَمْزَم. قَوْله: (كَمَا يصنع الْوَالِد بِالْوَلَدِ وَالْولد بالوالد) ، يَعْنِي من الاعتناق والمصافحة وتقبيل الْيَد. قَوْله: (إِن الله أَمرنِي بِأَمْر) قيل: كَانَ عمر إِبْرَاهِيم فِي ذَلِك الْوَقْت مائَة سنة، وَعمر إِسْمَاعِيل ثَلَاثِينَ سنة. قَوْله: (وتعينني؟) قَالَ: وأعينك. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فأعينك، بِالْفَاءِ وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع: إِن الله قد أَمرنِي أَن تعينني عَلَيْهِ، قَالَ: إِذن إفعل. بِالنّصب. قَوْله: (أكمة) بفتحين، وَهِي: الرابية. قَوْله: (على مَا حولهَا) ، يتَعَلَّق بقوله: ابْني. قَوْله: (رفعا الْقَوَاعِد) جمع قَاعِدَة، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن أَيُّوب عَن سعيد عَن ابْن عَبَّاس: الْقَوَاعِد الَّتِي رَفعهَا إِبْرَاهِيم كَانَت قَوَاعِد الْبَيْت قبل ذَلِك، وَفِي رِوَايَة مُجَاهِد عِنْد ابْن أبي حَاتِم: أَن الْقَوَاعِد كَانَت فِي الأَرْض السَّابِعَة، وَفِي حَدِيث أبي جهم: فَبلغ إِبْرَاهِيم من الأساس أس آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَجعل طوله فِي السَّمَاء تِسْعَة أَذْرع وَعرضه فِي الأَرْض، يَعْنِي: دوره ثَلَاثِينَ ذِرَاعا، كَانَ ذَلِك بذراعهم، زَاد أَبُو جهم: وَأدْخل الْحجر فِي الْبَيْت، وَكَانَ قبل ذَلِك زرباً لغنم إِسْمَاعِيل، وَإِنَّمَا بناه بحجارة بَعْضهَا على بعض وَلم يَجْعَل لَهُ سقفاً، وَجعل لَهُ بابُُا وحفر لَهُ بِئْرا عِنْد بابُُه خزانَة للبيت يلقِي فِيهَا مَا يهدى للبيت، وَفِي حَدِيثه أَيْضا: أَن الله أوحى إِلَى إِبْرَاهِيم أَن اتبع السكينَة، فحلقت على مَوضِع الْبَيْت كَأَنَّهَا سَحَابَة فحفراه: يُرِيد أَن أساس آدم الأول. وَقَالَ ابْن جرير: حَدثنَا هناد بن السّري حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن سماك عَن خَالِد بن عرْعرة: أَن رجلا قَامَ إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ: أَلا تُخبرنِي عَن الْبَيْت أهوَ أول بَيت وضع فِي الأَرْض؟ فَقَالَ: لَا، وَلكنه أول بَيت وضع للبركة مقَام إِبْرَاهِيم، وَمن دخله كَانَ آمنا، وَإِن شِئْت أَنْبَأتك كَيفَ بني: إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى إِبْرَاهِيم أَن ابنِ لي بَيْتا فِي الأَرْض. قَالَ: فَضَاقَ إِبْرَاهِيم بذلك ذرعاً، فَأرْسل الله السكينَة، وَهِي ريح خجوج وَلها رأسان، فَاتبع أَحدهمَا صَاحبه حَتَّى انْتَهَت إِلَى مَكَّة فتطوت على مَوضِع الْبَيْت كطي الْجحْفَة، وَأمر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن يَبْنِي حَيْثُ تَسْتَقِر السكينَة، فَبنى إِبْرَاهِيم وَبَقِي حجر، فَقَالَ إِبْرَاهِيم لإسماعيل: إئتني حجرا كَمَا أَمرك الله. قَالَ: فَانْطَلق الْغُلَام يلْتَمس لَهُ حجرا، فَأَتَاهُ بِهِ فَوَجَدَهُ قد ركب الْحجر الْأسود فِي مَكَانَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَت، من أَتَاك بِهَذَا الْحجر؟ قَالَ: أَتَانِي بِهِ من لَا يتكل على بنائك، جَاءَ بِهِ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من السَّمَاء فأتماه. وَفِي رِوَايَة السّديّ: لما بنيا الْقَوَاعِد فبلغا مَكَان الرُّكْن، قَالَ إِبْرَاهِيم لإسماعيل: يَا بني أطلب لي حجرا حسنا أَضَعهُ هَهُنَا. قَالَ: يَا أبتِ إِنِّي كسلان. قَالَ: عَليّ ذَلِك، فَانْطَلق يطْلب لَهُ حجرا،، وَجَاء جِبْرِيل بِالْحجرِ الْأسود من الْهِنْد، وَكَانَ أَبيض ياقوتة بَيْضَاء مثل الثغامة، وَكَانَ آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَبَط بِهِ من الْجنَّة فاسودَّ من خَطَايَا النَّاس، فَجَاءَهُ إِسْمَاعِيل بِحجر فَوَجَدَهُ عِنْد الرُّكْن، فَقَالَ: يَا أَبَت! من جَاءَك بِهَذَا؟ قَالَ: جَاءَ بِهِ من هُوَ أنشط مِنْك، فَبَيْنَمَا هما يدعوان الْكَلِمَات الَّتِي ابْتُلِيَ إِبْرَاهِيم ربه فَقَالَ: {{رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم}} (الْبَقَرَة: 721) . وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا عَمْرو بن رَافع حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن مُعَاوِيَة عَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد عَن عليان ابْن أَحْمَر: أَن ذَا القرنين قدم مَكَّة فَوجدَ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل بنيا قَوَاعِد الْبَيْت من خَمْسَة أجبل، فَقَالَ: مَا لَكمَا ولأرضي؟ فَقَالَا: نَحن عَبْدَانِ مأموران، أمرنَا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة، قَالَ: فهاتا الْبَيِّنَة على مَا تدعيان، فَقَامَتْ خَمْسَة أكبش، فَقُلْنَ: نَحن نشْهد أَن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَبْدَانِ مأموران، أمرا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة، فَقَالَ: قد رضيت وسلمت، ثمَّ مضى. وَذكر الْأَزْرَقِيّ فِي (تَارِيخ مَكَّة) : أَن ذَا القرنين طَاف مَعَ إِبْرَاهِيم بِالْبَيْتِ. قلت: ريح خجوج أَي: شَدِيدَة الْمُرُور فِي غير اسْتِوَاء. قَوْله: (فتطوت) ، وَفِي رِوَايَة: (فتطوقت) . قَوْله: (مثل الثغامة) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة والغين الْمُعْجَمَة، وَهِي طير أَبيض كَبِير. قَوْله: (من خَمْسَة
    أجبل)
    ، وَعند ابْن أبي حَاتِم: بناه من خَمْسَة أجبل: حراء وثبير ولبنان وجبل الطّور وجبل الْخمر، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: جبل الْخمر يَعْنِي: بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة هُوَ: جبل بَيت الْمُقَدّس، وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: عَن ابْن جريج عَن عَطاء: أَن آدم بناه من خَمْسَة أجبل: حراء وطور زيتا وطور سينا والجودي ولبنان، وَكَانَ ربضه من حراء، وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن طَلْحَة اليتهمي: قَالَ: سَمِعت أَنه أسس الْبَيْت من سِتَّة أجبل: من أبي قبيس وَمن الطّور وَمن قدس وَمن ورقان وَمن رضوى وَمن أحد. قلت: حراء، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَالْمدّ وَهُوَ جبل من جبال مَكَّة مَعْرُوف، وثبير، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة جبل من جبال مَكَّة، و: لبنان، بِضَم اللاَّم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: جبل بِالشَّام من أعظم الْجبَال وَأَصله ممتد من الْحجاز إِلَى الرّوم، و: جبل الطّور، على مسيرَة سَبْعَة أَيَّام من مصر وَهُوَ الْجَبَل الَّذِي كلم الله تَعَالَى مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَلَيْهِ. و: طور زينا: جبل بالقدس، و: الجودي، جبل مطل على جَزِيرَة ابْن عمر على دجلة فَوق الْموصل، و: طور سينا، اخْتلف فِيهِ، فَقيل: هُوَ جبل بِقرب أَيْلَة، وَقيل: هُوَ جبل بِالشَّام، و: قدس، بِفَتْح الْقَاف إثنان: قدس الْأَبْيَض وَقدس الْأسود، وهما جبلان عِنْد ورقان، وورقان على وزن قطران: جبل أسود بَين العرج والرويثة على يَمِين الْمَار من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة. و: العرج، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَفِي آخِره جِيم: قَرْيَة جَامِعَة من أَعمال الْفَرْع على أَيَّام من الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة. و: الرُّوَيْثَة، بِضَم الرَّاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: وَهِي قَرْيَة جَامِعَة بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة سَبْعَة عشر فرسخاً، و: رضوى، من جبل تهَامَة بَينه وَبَين الْمَدِينَة سبع مراحل وَهُوَ من الينبع على يَوْم. قَوْله: (جَاءَ بِهَذَا الْحجر) ، أَرَادَ بِهِ الْحجر الْمَشْهُور بمقام إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع: حَتَّى ارْتَفع الْبناء وَضعف الشَّيْخ عَن نقل الْحِجَارَة، فَقَامَ على حجر الْمقَام، وَزَاد فِي حَدِيث عُثْمَان: وَنزل عَلَيْهِ الرُّكْن وَالْمقَام، فَكَانَ إِبْرَاهِيم يقوم على الْمقَام يَبْنِي عَلَيْهِ وَيَرْفَعهُ لَهُ إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَمَّا بلغ الْموضع الَّذِي فِيهِ الرُّكْن وَضعه يَوْمئِذٍ مَوْضِعه، وَأخذ الْمقَام فَجعله لاصقاً بِالْبَيْتِ. قَوْله: (حَتَّى يدورا) ، من الدوران، ويروى: (حَتَّى يدورا) ، من التدوير.

    وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ،، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ، وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهْىَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَتْ إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا‏.‏ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ ‏{‏رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ‏}‏ حَتَّى بَلَغَ ‏{‏يَشْكُرُونَ‏}‏‏.‏ وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى ـ أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ ـ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ، الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْىَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ فَذَلِكَ سَعْىُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا ‏"‏‏.‏ ـ فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ‏.‏ تُرِيدَ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ‏.‏ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ، عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ ـ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ ـ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ ـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ ـ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ ـ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا ‏"‏‏.‏ ـ قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الْغُلاَمُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ‏.‏ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ ـ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ ـ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا‏.‏ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا، قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ‏.‏ قَالُوا نَعَمْ‏.‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْىَ تُحِبُّ الإِنْسَ ‏"‏ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ، بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا‏.‏ ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ‏.‏ فَشَكَتْ إِلَيْهِ‏.‏ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ‏.‏ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ‏.‏ قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ‏.‏ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ‏.‏ فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ‏.‏ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا‏.‏ قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ، وَهَيْئَتِهِمْ‏.‏ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ‏.‏ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ‏.‏ فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ‏.‏ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ‏.‏ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ‏.‏ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ ‏"‏‏.‏ قَالَ فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ‏.‏ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ‏.‏ قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ‏.‏ قَالَ ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ‏.‏ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ‏.‏ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ‏.‏ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ‏.‏ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا‏.‏ وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا‏.‏ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ ‏{‏رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏}‏‏.‏ قَالَ فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ، وَهُمَا يَقُولاَنِ ‏{‏رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ‏}‏‏.‏

    Narrated Ibn `Abbas:The first lady to use a girdle was the mother of Ishmael. She used a girdle so that she might hide her tracks from Sarah. Abraham brought her and her son Ishmael while she was suckling him, to a place near the Ka`ba under a tree on the spot of Zamzam, at the highest place in the mosque. During those days there was nobody in Mecca, nor was there any water So he made them sit over there and placed near them a leather bag containing some dates, and a small water-skin containing some water, and set out homeward. Ishmael's mother followed him saying, "O Abraham! Where are you going, leaving us in this valley where there is no person whose company we may enjoy, nor is there anything (to enjoy)?" She repeated that to him many times, but he did not look back at her Then she asked him, "Has Allah ordered you to do so?" He said, "Yes." She said, "Then He will not neglect us," and returned while Abraham proceeded onwards, and on reaching the Thaniya where they could not see him, he faced the Ka`ba, and raising both hands, invoked Allah saying the following prayers: 'O our Lord! I have made some of my offspring dwell in a valley without cultivation, by Your Sacred House (Ka`ba at Mecca) in order, O our Lord, that they may offer prayer perfectly. So fill some hearts among men with love towards them, and (O Allah) provide them with fruits, so that they may give thanks.' (14.37) Ishmael's mother went on suckling Ishmael and drinking from the water (she had). When the water in the water-skin had all been used up, she became thirsty and her child also became thirsty. She started looking at him (i.e. Ishmael) tossing in agony; She left him, for she could not endure looking at him, and found that the mountain of Safa was the nearest mountain to her on that land. She stood on it and started looking at the valley keenly so that she might see somebody, but she could not see anybody. Then she descended from Safa and when she reached the valley, she tucked up her robe and ran in the valley like a person in distress and trouble, till she crossed the valley and reached the Marwa mountain where she stood and started looking, expecting to see somebody, but she could not see anybody. She repeated that (running between Safa and Marwa) seven times." The Prophet (ﷺ) said, "This is the source of the tradition of the walking of people between them (i.e. Safa and Marwa). When she reached the Marwa (for the last time) she heard a voice and she asked herself to be quiet and listened attentively. She heard the voice again and said, 'O, (whoever you may be)! You have made me hear your voice; have you got something to help me?" And behold! She saw an angel at the place of Zamzam, digging the earth with his heel (or his wing), till water flowed from that place. She started to make something like a basin around it, using her hand in this way, and started filling her water-skin with water with her hands, and the water was flowing out after she had scooped some of it." The Prophet (ﷺ) added, "May Allah bestow Mercy on Ishmael's mother! Had she let the Zamzam (flow without trying to control it) (or had she not scooped from that water) (to fill her water-skin), Zamzam would have been a stream flowing on the surface of the earth." The Prophet (ﷺ) further added, "Then she drank (water) and suckled her child. The angel said to her, 'Don't be afraid of being neglected, for this is the House of Allah which will be built by this boy and his father, and Allah never neglects His people.' The House (i.e. Ka`ba) at that time was on a high place resembling a hillock, and when torrents came, they flowed to its right and left. She lived in that way till some people from the tribe of Jurhum or a family from Jurhum passed by her and her child, as they (i.e. the Jurhum people) were coming through the way of Kada'. They landed in the lower part of Mecca where they saw a bird that had the habit of flying around water and not leaving it. They said, 'This bird must be flying around water, though we know that there is no water in this valley.' They sent one or two messengers who discovered the source of water, and returned to inform them of the water. So, they all came (towards the water)." The Prophet (ﷺ) added, "Ishmael's mother was sitting near the water. They asked her, 'Do you allow us to stay with you?" She replied, 'Yes, but you will have no right to possess the water.' They agreed to that." The Prophet (ﷺ) further said, "Ishmael's mother was pleased with the whole situation as she used to love to enjoy the company of the people. So, they settled there, and later on they sent for their families who came and settled with them so that some families became permanent residents there. The child (i.e. Ishmael) grew up and learnt Arabic from them and (his virtues) caused them to love and admire him as he grew up, and when he reached the age of puberty they made him marry a woman from amongst them. After Ishmael's mother had died, Abraham came after Ishmael's marriage in order to see his family that he had left before, but he did not find Ishmael there. When he asked Ishmael's wife about him, she replied, 'He has gone in search of our livelihood.' Then he asked her about their way of living and their condition, and she replied, 'We are living in misery; we are living in hardship and destitution,' complaining to him. He said, 'When your husband returns, convey my salutation to him and tell him to change the threshold of the gate (of his house).' When Ishmael came, he seemed to have felt something unusual, so he asked his wife, 'Has anyone visited you?' She replied, 'Yes, an old man of so-and-so description came and asked me about you and I informed him, and he asked about our state of living, and I told him that we were living in a hardship and poverty.' On that Ishmael said, 'Did he advise you anything?' She replied, 'Yes, he told me to convey his salutation to you and to tell you to change the threshold of your gate.' Ishmael said, 'It was my father, and he has ordered me to divorce you. Go back to your family.' So, Ishmael divorced her and married another woman from amongst them (i.e. Jurhum). Then Abraham stayed away from them for a period as long as Allah wished and called on them again but did not find Ishmael. So he came to Ishmael's wife and asked her about Ishmael. She said, 'He has gone in search of our livelihood.' Abraham asked her, 'How are you getting on?' asking her about their sustenance and living. She replied, 'We are prosperous and well-off (i.e. we have everything in abundance).' Then she thanked Allah' Abraham said, 'What kind of food do you eat?' She said. 'Meat.' He said, 'What do you drink?' She said, 'Water." He said, "O Allah! Bless their meat and water." The Prophet added, "At that time they did not have grain, and if they had grain, he would have also invoked Allah to bless it." The Prophet (ﷺ) added, "If somebody has only these two things as his sustenance, his health and disposition will be badly affected, unless he lives in Mecca." The Prophet (ﷺ) added," Then Abraham said Ishmael's wife, "When your husband comes, give my regards to him and tell him that he should keep firm the threshold of his gate.' When Ishmael came back, he asked his wife, 'Did anyone call on you?' She replied, 'Yes, a good-looking old man came to me,' so she praised him and added. 'He asked about you, and I informed him, and he asked about our livelihood and I told him that we were in a good condition.' Ishmael asked her, 'Did he give you any piece of advice?' She said, 'Yes, he told me to give his regards to you and ordered that you should keep firm the threshold of your gate.' On that Ishmael said, 'It was my father, and you are the threshold (of the gate). He has ordered me to keep you with me.' Then Abraham stayed away from them for a period as long as Allah wished, and called on them afterwards. He saw Ishmael under a tree near Zamzam, sharpening his arrows. When he saw Abraham, he rose up to welcome him (and they greeted each other as a father does with his son or a son does with his father). Abraham said, 'O Ishmael! Allah has given me an order.' Ishmael said, 'Do what your Lord has ordered you to do.' Abraham asked, 'Will you help me?' Ishmael said, 'I will help you.' Abraham said, Allah has ordered me to build a house here,' pointing to a hillock higher than the land surrounding it." The Prophet (ﷺ) added, "Then they raised the foundations of the House (i.e. the Ka`ba). Ishmael brought the stones and Abraham was building, and when the walls became high, Ishmael brought this stone and put it for Abraham who stood over it and carried on building, while Ishmael was handing him the stones, and both of them were saying, 'O our Lord! Accept (this service) from us, Verily, You are the All-Hearing, the All-Knowing.' The Prophet (ﷺ) added, "Then both of them went on building and going round the Ka`ba saying: O our Lord ! Accept (this service) from us, Verily, You are the All-Hearing, the All-Knowing

    Said b. Cubeyr'den rivayete göre İbn Abbas dedi ki: "Kadınlar arasında ilk kuşak bağlayan İsmail'in annesidir. O Sara'ya izini kaybettirmek için bir kuşak edinmişti. Daha sonra İbrahim onu ve süt emzirmekte olduğu oğlu İsmail'i getirip Beytin yanında mescidin yukarılarında Zemzem'in üzerinde büyükçe bir ağacın yanında yerleştirdi. O gün Mekke'de kimse yoktu. Orada su da bulunmuyordu, fakat her ikisini de orada bıraktı. Yanlarında da içinde biraz hurma bulunan bir torba ve içinde bir miktar su bulunan bir kırba bıraktı. Daha sonra İbrahim geri dönüp gitti. İsmail'in annesi arkasından giderek: Ey İbrahim! Hiçbir şeyin bulunmadığı bu vadide bizi bırakıp nereye gidiyorsun, dedi. Ona bu sözlerini birkaç defa söyledi. İbrahim dönüp ona bakmıyordu. Ona: Sana bunu Allah mı emretti, diye sordu. İbrahim: Evet dedi. İsmail'in annesi: O vakit o bizi sahipsiz bırakmayacaktır, deyip, geri döndü. İbrahim yoluna devam etti. Nihayet onu göremeyecekleri tepenin yanına varınca yüzünü Ka'be'ye çevirerek ellerini yukarıya kaldırıp: "Rabbimiz, ben zürriyetimden bir kısmını senin mukaddes Ev'inin yanında ekin bitmez bir vadiye yerleştirdim ... Şükrederler diye."[İbrahim, 37] diye dua etti. İsmail'in annesi İsmail'i emzirmeye ve o sudan içmeye başladı. Nihayet kırbadaki su bitti. Kendisi de susadı, oğlu da susadı. Susuzluktan kıvranan ve kendisini yerden yere atan oğluna bakıp durdu. Onu görmek istemediğinden yanından kalkıp gitti. Bulunduğu yere Safa'nın en yakın bir tepe olduğunu gördü. Onun üzerinde ayağa dikildi, daha sonra vadiye yönelip kimseyi görür mü yüm diye baktı, kimseyi göremedi. Safa'dan indi, vadiye ulaştı. Elbisesinin ucunu eliyle kaldırdı, sonra da oldukça yorgun bir kimsenin koşuşu ile koştu. Nihayet vadiyi geçti. Merve'ye geldi. Merve'nin üstünde ayağa kalktı, kimseyi görür müyüm diye baktı, kimseyi göremedi. Bu işi yedi defa yaptı. İbn Abbas dedi ki: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: İşte insanların bu iki tepe arasındaki sa'yi böyle başladı. Merve'ye çıkınca bir ses duydu. -Kendi kendisine-: Sus, dedi. Sonra da etrafa kulak kabarttı ve dedi ki: Sen sesini duyurmuş oldun, eğer imdadımıza yetişebileceksen (gel). Bir de ne görsün? Melek Zemzem'in bulunduğu yerde duruyor. Topuğu ile yeri eşti -yahut kanadı ile böyle yaptı- ve nihayet su çıktı. O da suyun önünde çukur açmaya başladı ve eliyle şöyle yaparak sudan avuçlayıp, kırbasına doldurmaya koyuldu. O avuçladıkça suda kaynayıp duruyordu. İbn Abbas dedi ki: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: Allah İsmail'in annesine rahmet ihsan buyursun. Eğer Zemzem'i bıraksaydı -ya da: Sudan auuçlamamış olsaydı, diye buyurdu- Zemzem yer üzerinde akan bir pınar olurdu. (Devamla) dedi ki: Kendisi de içti, oğluna da süt emzirdi. Melek ona: Telef olmaktan korkmayınız. Bu çocuk babası ile birlikte burada Allah'ın Ev'ini bina edeceklerdir. Şüphesiz Allah da kendi ehlini telef etmez, dedi. Beyt (Ka'be'nin yeri) bir tepeyi andırır şekilde yerden tümsekçe idi. Akan seller gelip sağından, solundan toprak götürüyordu. İsmail'in annesi bu haliyle kaldı. Nihayet Cürhümlülerden bir arkadaş grubu -yahut da Cürhümlü bir aile halkı- Keda yolundan onlara doğru geldiler. Mekke'nin alt tarafında konakladılar. Suyun bulunduğu yerlerde uçan bir kuş gördüler. Dediler ki: Şüphesiz bu kuş suyun olduğu bir yerde uçar, döner durur. Bizim de bildiğimiz kadarıyla bu vadide su bulunmamaktadır. Bu sebeple bir ya da iki kişiyi görevlendirip gönderdiler. Onlar da gidip arkadaşlarına su bulunduğu haberini verdiler. Arkadaşları da geldiler. (İbn Abbas) dedi ki: İsmail'in annesi de suyun yanında bulunuyordu. Ona: Senin yakınında konaklamamıza izin verir misin, dediler. Onlara: Evet, ama su da bir hakkınız yok, diye cevap verdi. Onlar da kabul dediler. İbn Abbas dedi ki: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: Onların bu izin istemeleri İsmail'in annesinin başkaları ile de teselli bulmayı arzu ettiği bir zamana denk gelmişti. Cürhümlüler gelip konakladılar. Ondan sonra da akrabalarına haber gönderdiler. Akrabaları da gelip onlarla birlikte konakladılar. Sonunda orada Cürhümlülerden bazı aileler buldu., Çocuk gençlik yaşına erişti. Onlardan Arapça'yı öğrendi. Gençlik yaşına erişince bunlar ondan hoşlandılar ve onu beğendiler. Olgunluk yaşına gelince, kendilerinden bir hanımla onu evlendirdiler. İsmail'in annesi vefat etti. İsmail'in evlenmesinden sonra İbrahim gelip, geride bıraktıklarının halini görmek istedi. İsmail'i bulamadı. Hanımına kocasını sordu. Hanımı: Bizim için bir şeyler almak üzere çıktı, diye cevap verdi. Daha sonra hanımına geçimlerini, hallerini sordu. Hanımı: Kötü bir haldeyiz, darlık ve sıkıntı içindeyiz, deyip ona şikayette bulundu. İbrahim dedi ki: Kocan gelirse ona selam söyle ve kendisine kapısının eşiğini değiştirmesini söyle. İsmail gelince bir şeyler hisseder gibi olduğundan: Kimse geldi mi, diye sordu, hanımı evet dedi. Bize şöyle şöyle bir yaşlı geldi. Bize seni sordu. Ben de ona söyledim. Geçimimizin nasıl olduğunu da sordu, ben de kendisine darlık ve sıkıntı içerisinde olduğumuzu bildirdim. İsmail: Sana her hangi bir tavsiyede bulundu mu, diye sordu. Hanımı: Evet dedi. Bana sana selam söylememi söyledi ve kapının eşiğini değiştir, dedi. İsmail dedi ki: O kişi benim babamdır. Bana da senden ayrılmamı emretti. Haydi, ailenin yanına git, deyip onu boşadı. Cürhümlülerden bir başka kadın ile evlendi. İbrahim Allah'ın dilediği kadar bir süre yanlarına geri dönmedi. Sonraları yanlarına geldi. Yine İsmail'i bulamadı. Hanımının yanına gitti, ona İsmail'i sordu. Bizim için bir şeyler aramak üzere çıktı, dedi. Nasılsınız deyip, ona geçimlerini, durumlarını sordu. Hanımı: İyi haldeyiz, bolluk içindeyiz, dedi ve Allah'a hamdetti. Ona ne yersiniz, diye sordu. Et, dedi. Ne içersiniz diye sordu, su dedi. Bunun üzerine İbrahim şu duayı yaptı: Allah'ım, onlar için eti ve suyu bereketli kıl! Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem (devamla) buyurdu ki: O gün için (buğday ve bu gibi) taneli şeyleri yoktu. Eğer bu taneli şeyler olsaydı, onlar hakkında da kendilerine dua ederdi. (Devamla) buyurdu ki: Bu sebeple Mekke dışında herhangi bir kimse sırf onları yiyip içecek olursa onu uygun görmezler. İbrahim dedi ki: Kocan gelirse ona selam söyle ve kendisine evinin eşiğini sağlamlaştırmasını emret. İsmail gelince: Yanınıza kimse geldi mi, diye sordu, hanımı: Evet, bize güzel görünümlü bir yaşlı adam geldi, deyip ondan övgüyle söz etti. Bana seni sordu, ben de ona söyledim. Nasıl yaşadığımızı sordu, ben de iyi ve bolluk içerisinde olduğumuzu söyledim .. İsmail: Sana bir tavsiyesi oldu mu, diye sordu. Hanımı: Evet dedi. Sana selamı var ve sana kapının eşiğini sağlamlaştırmanı istiyor. İsmail, o gelen babamdır, eşikten kastı da sensin. Seni nikahım altında tutmama devam etmemi emretti, dedi. Allah'ın dilediği kadar bir süre daha yanlarına gelmedi. Bundan sonra geldiğinde İsmail, Zemzem'e yakın büyükçe bir ağacın altında oklarını sivriltmekle uğraşıyordu. Babasını görünce, kalktı ve babanın evladına, evladın babasına yaptığı gibi birbirlerini karşıladılar. Daha sonra: Ey İsmail, dedi. Allah bana bir emir vermiş bulunuyor. İsmail: Rabbinin sana emrettiğini yap, dedi. İbrahim: Bana yardım edecek misin, diye sordu. İsmail: Sana yardım edeceğim, dedi. İbrahim dedi ki: Allah bana burada bir ev yapmamı emretti -ve etrafına göre daha yüksekçe bir yere işaret etti.- (Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem devamla) buyurdu ki: İşte o vakit Evin temellerini yükselttiler. İsmail taş getiriyor, İbrahim de bina ediyordu. Nihayet bina yükselince şu taşı getirdi ve onun için yere bıraktı. İbrahim de binayı yükseltmek üzere onun üzerine Çıktı. İsmail de ona taş uzatıyordu. Her ikisi birlikte: "Rabbimiz, bizden kabul buyur. Şüphesiz sen her şeyi işitensin, hakkıyla bilensin. "[Bakara,127] diyorlardı. Onlar binayı yaparlarken Beyt'in etrafında dönüyorlar ve: "Rabbimiz bizden kabul buyur çünkü sen her şeyi işitensin, herşeyi bilensin" diyorlardı

    ہم سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا، کہا ہم سے عبدالرزاق نے بیان کیا، کہا ہم کو معمر نے خبر دی، انہیں ایوب سختیانی اور کثیر بن کثیر بن مطلب بن ابی وداعہ نے۔ یہ دونوں کچھ زیادہ اور کمی کے ساتھ بیان کرتے ہیں، وہ دونوں سعید بن جبیر سے کہ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا، عورتوں میں کمر پٹہ باندھنے کا رواج اسماعیل علیہ السلام کی والدہ ( ہاجرہ علیہا السلام ) سے چلا ہے۔ سب سے پہلے انہوں نے کمر پٹہ اس لیے باندھا تھا تاکہ سارہ علیہا السلام ان کا سراغ نہ پائیں ( وہ جلد بھاگ جائیں ) پھر انہیں اور ان کے بیٹے اسماعیل کو ابراہیم ( علیہما السلام ) ساتھ لے کر مکہ میں آئے، اس وقت ابھی وہ اسماعیل علیہ السلام کو دودھ پلاتی تھیں۔ ابراہیم علیہ السلام نے دونوں کو کعبہ کے پاس ایک بڑے درخت کے پاس بٹھا دیا جو اس جگہ تھا جہاں اب زمزم ہے۔ مسجد کی بلند جانب میں۔ ان دنوں مکہ میں کوئی انسان نہیں تھا۔ اس لیے وہاں پانی نہیں تھا۔ ابراہیم علیہ السلام نے ان دونوں کو وہیں چھوڑ دیا اور ان کے لیے ایک چمڑے کے تھیلے میں کھجور اور ایک مشک میں پانی رکھ دیا۔ پھر ابراہیم علیہ السلام ( اپنے گھر کے لیے ) روانہ ہوئے۔ اس وقت اسماعیل علیہ السلام کی والدہ ان کے پیچھے پیچھے آئیں اور کہا کہ اے ابراہیم! اس خشک جنگل میں جہاں کوئی بھی آدمی اور کوئی بھی چیز موجود نہیں، آپ ہمیں چھوڑ کر کہاں جا رہے ہیں؟ انہوں نے کئی دفعہ اس بات کو دہرایا لیکن ابراہیم علیہ السلام ان کی طرف دیکھتے نہیں تھے۔ آخر ہاجرہ علیہا السلام نے پوچھا کیا اللہ تعالیٰ نے آپ کو اس کا حکم دیا ہے؟ ابراہیم علیہ السلام نے فرمایا کہ ہاں۔ اس پر ہاجرہ علیہا السلام بول اٹھیں کہ پھر اللہ تعالیٰ ہماری حفاظت کرے گا، وہ ہم کو ہلاک نہیں کرے گا۔ چنانچہ وہ واپس آ گئیں اور ابراہیم علیہ السلام روانہ ہو گئے۔ جب وہ ثنیہ پہاڑی پر پہنچے جہاں سے وہ دکھائی نہیں دیتے تھے تو ادھر رخ کیا، جہاں اب کعبہ ہے ( جہاں پر ہاجرہ اور اسماعیل علیہما السلام کو چھوڑ کر آئے تھے ) پھر آپ نے دونوں ہاتھ اٹھا کر یہ دعا کی کہ اے میرے رب! میں نے اپنی اولاد کو اس بےآب و دانہ میدان میں تیری حرمت والے گھر کے پاس ٹھہرایا ہے ( سورۃ ابراہیم ) «يشكرون‏» تک۔ ادھر اسماعیل علیہ السلام کی والدہ ان کو دودھ پلانے لگیں اور خود پانی پینے لگیں۔ آخر جب مشک کا سارا پانی ختم ہو گیا تو وہ پیاسی رہنے لگیں اور ان کے لخت جگر بھی پیاسے رہنے لگے۔ وہ اب دیکھ رہی تھیں کہ سامنے ان کا بیٹا ( پیاس کی شدت سے ) پیچ و تاب کھا رہا ہے یا ( کہا کہ ) زمین پر لوٹ رہا ہے۔ وہ وہاں سے ہٹ گئیں کیونکہ اس حالت میں بچے کو دیکھنے سے ان کا دل بے چین ہوتا تھا۔ صفا پہاڑی وہاں سے نزدیک تر تھی۔ وہ ( پانی کی تلاش میں ) اس پر چڑھ گئیں اور وادی کی طرف رخ کر کے دیکھنے لگیں کہ کہیں کوئی انسان نظر آئے لیکن کوئی انسان نظر نہیں آیا، وہ صفا سے اتر گئیں اور جب وادی میں پہنچیں تو اپنا دامن اٹھا لیا ( تاکہ دوڑتے وقت نہ الجھیں ) اور کسی پریشان حال کی طرح دوڑنے لگیں پھر وادی سے نکل کر مروہ پہاڑی پر آئیں اور اس پر کھڑی ہو کر دیکھنے لگیں کہ کہیں کوئی انسان نظر آئے لیکن کوئی نظر نہیں آیا۔ اس طرح انہوں نے سات چکر لگائے۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ( صفا اور مروہ کے درمیان ) لوگوں کے لیے دوڑنا اسی وجہ سے مشروع ہوا۔ ( ساتویں مرتبہ ) جب وہ مروہ پر چڑھیں تو انہیں ایک آواز سنائی دی، انہوں نے کہا، خاموش! یہ خود اپنے ہی سے وہ کہہ رہی تھیں اور پھر آواز کی طرف انہوں نے کان لگا دئیے۔ آواز اب بھی سنائی دے رہی تھی پھر انہوں نے کہا کہ تمہاری آواز میں نے سنی۔ اگر تم میری کوئی مدد کر سکتے ہو تو کرو۔ کیا دیکھتی ہیں کہ جہاں اب زمزم ( کا کنواں ) ہے، وہیں ایک فرشتہ موجود ہے۔ فرشتے نے اپنی ایڑی سے زمین میں گڑھا کر دیا، یا یہ کہا کہ اپنے بازو سے، جس سے وہاں پانی ابل آیا۔ ہاجرہ نے اسے حوض کی شکل میں بنا دیا اور اپنے ہاتھ سے اس طرح کر دیا ( تاکہ پانی بہنے نہ پائے ) اور چلو سے پانی اپنے مشکیزہ میں ڈالنے لگیں۔ جب وہ بھر چکیں تو وہاں سے چشمہ پھر ابل پڑا۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا: اللہ! ام اسماعیل پر رحم کرے، اگر زمزم کو انہوں نے یوں ہی چھوڑ دیا ہوتا یا آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ چلو سے مشکیزہ نہ بھرا ہوتا تو زمزم ایک بہتے ہوئے چشمے کی صورت میں ہوتا۔ بیان کیا کہ پھر ہاجرہ علیہ السلام نے خود بھی وہ پانی پیا اور اپنے بیٹے کو بھی پلایا۔ اس کے بعد ان سے فرشتے نے کہا کہ اپنے برباد ہونے کا خوف ہرگز نہ کرنا کیونکہ یہیں اللہ کا گھر ہو گا، جسے یہ بچہ اور اس کا باپ تعمیر کریں گے اور اللہ اپنے بندوں کو ضائع نہیں کرتا، اب جہاں بیت اللہ ہے، اس وقت وہاں ٹیلے کی طرح زمین اٹھی ہوئی تھی۔ سیلاب کا دھارا آتا اور اس کے دائیں بائیں سے زمین کاٹ کر لے جاتا۔ اس طرح وہاں کے دن و رات گزرتے رہے اور آخر ایک دن قبیلہ جرہم کے کچھ لوگ وہاں سے گزرے یا ( آپ نے یہ فرمایا کہ ) قبیلہ جرہم کے چند گھرانے مقام کداء ( مکہ کا بالائی حصہ ) کے راستے سے گزر کر مکہ کے نشیبی علاقے میں انہوں نے پڑاؤ کیا ( قریب ہی ) انہوں نے منڈلاتے ہوئے کچھ پرندے دیکھے، ان لوگوں نے کہا کہ یہ پرندہ پانی پر منڈلا رہا ہے۔ حالانکہ اس سے پہلے جب بھی ہم اس میدان سے گزرے ہیں یہاں پانی کا نام و نشان بھی نہ تھا۔ آخر انہوں نے اپنا ایک آدمی یا دو آدمی بھیجے۔ وہاں انہوں نے واقعی پانی پایا چنانچہ انہوں نے واپس آ کر پانی کی اطلاع دی۔ اب یہ سب لوگ یہاں آئے۔ راوی نے بیان کیا کہ اسماعیل علیہ السلام کی والدہ اس وقت پانی پر ہی بیٹھی ہوئی تھیں۔ ان لوگوں نے کہا کہ کیا آپ ہمیں اپنے پڑوس میں پڑاؤ ڈالنے کی اجازت دیں گی۔ ہاجرہ علیہ السلام نے فرمایا کہ ہاں لیکن اس شرط کے ساتھ کہ پانی پر تمہارا کوئی حق نہیں ہو گا۔ انہوں نے اسے تسلیم کر لیا۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا: اب ام اسماعیل کو پڑوسی مل گئے۔ انسانوں کی موجودگی ان کے لیے دلجمعی کا باعث ہوئی۔ ان لوگوں نے خود بھی یہاں قیام کیا اور اپنے قبیلے کے دوسرے لوگوں کو بھی بلوا لیا اور وہ سب لوگ بھی یہیں آ کر ٹھہر گئے۔ اس طرح یہاں ان کے کئی گھرانے آ کر آباد ہو گئے اور بچہ ( اسماعیل علیہ السلام جرہم کے بچوں میں ) جوان ہوا اور ان سے عربی سیکھ لی۔ جوانی میں اسماعیل علیہ السلام ایسے خوبصورت تھے کہ آپ پر سب کی نظریں اٹھتی تھیں اور سب سے زیادہ آپ بھلے لگتے تھے۔ چنانچہ جرہم والوں نے آپ کی اپنے قبیلے کی ایک لڑکی سے شادی کر دی۔ پھر اسماعیل علیہ السلام کی والدہ ( ہاجرہ علیہا السلام ) کا انتقال ہو گیا ) ۔ اسماعیل علیہ السلام کی شادی کے بعد ابراہیم علیہ السلام یہاں اپنے چھوڑے ہوئے خاندان کو دیکھنے آئے۔ اسماعیل علیہ السلام گھر پر نہیں تھے۔ اس لیے آپ نے ان کی بیوی سے اسماعیل علیہ السلام کے متعلق پوچھا۔ انہوں نے بتایا کہ روزی کی تلاش میں کہیں گئے ہیں۔ پھر آپ نے ان سے ان کی معاش وغیرہ کے متعلق پوچھا تو انہوں نے کہا کہ حالت اچھی نہیں ہے، بڑی تنگی سے گزر اوقات ہوتی ہے۔ اس طرح انہوں نے شکایت کی۔ ابراہیم علیہ السلام نے ان سے فرمایا کہ جب تمہارا شوہر آئے تو ان سے میرا سلام کہنا اور یہ بھی کہنا کہ وہ اپنے دروازے کی چوکھٹ بدل ڈالیں۔ پھر جب اسماعیل علیہ السلام واپس تشریف لائے تو جیسے انہوں نے کچھ انسیت سی محسوس کی اور دریافت فرمایا، کیا کوئی صاحب یہاں آئے تھے؟ ان کی بیوی نے بتایا کہ ہاں ایک بزرگ اس اس شکل کے یہاں آئے تھے اور آپ کے بارے میں پوچھ رہے تھے، میں نے انہیں بتایا ( کہ آپ باہر گئے ہوئے ہیں ) پھر انہوں نے پوچھا کہ تمہاری گزر اوقات کا کیا حال ہے؟ تو میں نے ان سے کہا کہ ہماری گزر اوقات بڑی تنگی سے ہوتی ہے۔ اسماعیل علیہ السلام نے دریافت کیا کہ انہوں نے تمہیں کچھ نصیحت بھی کی تھی؟ ان کی بیوی نے بتایا کہ ہاں مجھ سے انہوں نے کہا تھا کہ آپ کو سلام کہہ دوں اور وہ یہ بھی کہہ گئے ہیں کہ آپ اپنے دروازے کی چوکھٹ بدل دیں۔ اسماعیل علیہ السلام نے فرمایا کہ وہ بزرگ میرے والد تھے اور مجھے یہ حکم دے گئے ہیں کہ میں تمہیں جدا کر دوں، اب تم اپنے گھر جا سکتی ہو۔ چنانچہ اسماعیل علیہ السلام نے انہیں طلاق دے دی اور بنی جرہم ہی میں ایک دوسری عورت سے شادی کر لی۔ جب تک اللہ تعالیٰ کو منظور رہا، ابراہیم علیہ السلام ان کے یہاں نہیں آئے۔ پھر جب کچھ دنوں کے بعد وہ تشریف لائے تو اس مرتبہ بھی اسماعیل علیہ السلام اپنے گھر پر موجود نہیں تھے۔ آپ ان کی بیوی کے یہاں گئے اور ان سے اسماعیل علیہ السلام کے بارے میں پوچھا۔ انہوں نے بتایا کہ ہمارے لیے روزی تلاش کرنے گئے ہیں۔ ابراہیم علیہ السلام نے پوچھا تم لوگوں کا حال کیسا ہے؟ آپ نے ان کی گزر بسر اور دوسرے حالات کے متعلق پوچھا، انہوں نے بتایا کہ ہمارا حال بہت اچھا ہے، بڑی فراخی ہے، انہوں نے اس کے لیے اللہ کی تعریف و ثنا کی۔ ابراہیم علیہ السلام نے دریافت فرمایا کہ تم لوگ کھاتے کیا ہو؟ انہوں نے بتایا کہ گوشت! آپ نے دریافت کیا فرمایا کہ پیتے کیا ہو؟ بتایا کہ پانی! ابراہیم علیہ السلام نے ان کے لیے دعا کی، اے اللہ ان کے گوشت اور پانی میں برکت نازل فرما۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ان دنوں انہیں اناج میسر نہیں تھا۔ اگر اناج بھی ان کے کھانے میں شامل ہوتا تو ضرور آپ اس میں بھی برکت کی دعا کرتے۔ صرف گوشت اور پانی کی خوراک میں ہمیشہ گزارہ کرنا مکہ کے سوا اور کسی زمین پر بھی موافق نہیں پڑتا۔ ابراہیم علیہ السلام نے ( جاتے ہوئے ) اس سے فرمایا کہ جب تمہارے شوہر واپس آ جائیں تو ان سے میرا سلام کہنا اور ان سے کہہ دینا کہ وہ اپنے دروازے کی چوکھٹ باقی رکھیں۔ جب اسماعیل علیہ السلام تشریف لائے تو پوچھا کہ کیا یہاں کوئی آیا تھا؟ انہوں نے بتایا کہ جی ہاں ایک بزرگ، بڑی اچھی شکل و صورت کے آئے تھے۔ بیوی نے آنے والے بزرگ کی تعریف کی پھر انہوں نے مجھ سے آپ کے متعلق پوچھا ( کہ کہاں ہیں؟ ) اور میں نے بتا دیا، پھر انہوں نے پوچھا کہ تمہاری گزر بسر کا کیا حال ہے۔ تو میں نے بتایا کہ ہم اچھی حالت میں ہیں۔ اسماعیل علیہ السلام نے دریافت فرمایا کہ کیا انہوں نے تمہیں کوئی وصیت بھی کی تھی؟ انہوں نے کہا جی ہاں، انہوں نے آپ کو سلام کہا تھا اور حکم دیا تھا کہ اپنے دروازے کی چوکھٹ کو باقی رکھیں۔ اسماعیل علیہ السلام نے فرمایا کہ یہ بزرگ میرے والد تھے، چوکھٹ تم ہو اور آپ مجھے حکم دے گئے ہیں کہ میں تمہیں اپنے ساتھ رکھوں۔ پھر جتنے دنوں اللہ تعالیٰ کو منظور رہا، کے بعد ابراہیم علیہ السلام ان کے یہاں تشریف لائے تو دیکھا کہ اسماعیل زمزم کے قریب ایک بڑے درخت کے سائے میں ( جہاں ابراہیم انہیں چھوڑ گئے تھے ) اپنے تیر بنا رہے ہیں۔ جب اسماعیل علیہ السلام نے ابراہیم علیہ السلام کو دیکھا تو ان کی طرف کھڑے ہو گے اور جس طرح ایک باپ اپنے بیٹے کے ساتھ اور بیٹا اپنے باپ کے ساتھ محبت کرتا ہے وہی طرز عمل ان دونوں نے بھی ایک دوسرے کے ساتھ اختیار کیا۔ پھر ابراہیم علیہ السلام نے فرمایا، اسماعیل اللہ نے مجھے ایک حکم دیا ہے۔ اسماعیل علیہ السلام نے عرض کیا، آپ کے رب نے جو حکم آپ کو دیا ہے آپ اسے ضرور پورا کریں۔ انہوں نے فرمایا اور تم بھی میری مدد کر سکو گے؟ عرض کیا کہ میں آپ کی مدد کروں گا۔ فرمایا کہ اللہ تعالیٰ نے مجھے حکم دیا ہے کہ میں اسی مقام پر اللہ کا ایک گھر بناؤں اور آپ نے ایک اور اونچے ٹیلے کی طرف اشارہ کیا کہ اس کے چاروں طرف! کہا کہ اس وقت ان دونوں نے بیت اللہ کی بنیاد پر عمارت کی تعمیر شروع کی۔ اسماعیل علیہ السلام پتھر اٹھا اٹھا کر لاتے اور ابراہیم علیہ السلام تعمیر کرتے جاتے تھے۔ جب دیواریں بلند ہو گئیں تو اسماعیل یہ پتھر لائے اور ابراہیم علیہ السلام کے لیے اسے رکھ دیا۔ اب ابراہیم علیہ السلام اس پتھر پر کھڑے ہو کر تعمیر کرنے لگے۔ اسماعیل علیہ السلام پتھر دیتے جاتے تھے اور یہ دونوں یہ دعا پڑھتے جاتے تھے۔ ہمارے رب! ہماری یہ خدمت تو قبول کر بیشک تو بڑا سننے والا اور جاننے والا ہے۔ فرمایا کہ یہ دونوں تعمیر کرتے رہے اور بیت اللہ کے چاروں طرف گھوم گھوم کر یہ دعا پڑھتے رہے۔ ”اے ہمارے رب! ہماری طرف سے یہ خدمت قبول فرما۔ بیشک تو بڑا سننے والا بہت جاننے والا ہے۔“

    সা‘ঈদ ইবনু জুবাইর (রহ.) হতে বর্ণিত। ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) বলেন, নারী জাতি সর্বপ্রথম কোমরবন্দ বানানো শিখেছে ইসমাঈল (আঃ)-এর মায়ের নিকট থেকে। হাযেরা (আঃ) কোমরবন্দ লাগাতেন সারাহ (আঃ) থেকে নিজের মর্যাদা গোপন রাখার জন্য। অতঃপর ইবরাহীম (আঃ) হাযেরা (আঃ) এবং তাঁর শিশু ছেলে ইসমাঈল (আঃ)-কে সঙ্গে নিয়ে বের হলেন এ অবস্থায় যে, হাযেরা (আঃ) শিশুকে দুধ পান করাতেন। অবশেষে যেখানে কা‘বার ঘর অবস্থিত, ইবরাহীম (আঃ) তাঁদের উভয়কে সেখানে নিয়ে এসে মসজিদের উঁচু অংশে যমযম কূপের উপরে অবস্থিত একটি বিরাট গাছের নীচে তাদেরকে রাখলেন। তখন মক্কা্য় না ছিল কোন মানুষ, না ছিল কোনরূপ পানির ব্যবস্থা। পরে তিনি তাদেরকে সেখানেই রেখে গেলেন। আর এছাড়া তিনি তাদের নিকট রেখে গেলেন একটি থলের মধ্যে কিছু খেজুর আর একটি মশকে কিছু পরিমাণ পানি। অতঃপর ইবরাহীম (আঃ) ফিরে চললেন। তখন ইসমাঈল (আঃ)-এর মা পিছু পিছু আসলেন এবং বলতে লাগলেন, হে ইবরাহীম! আপনি কোথায় চলে যাচ্ছেন? আমাদেরকে এমন এক ময়দানে রেখে যাচ্ছেন, যেখানে না আছে কোন সাহায্যকারী আর না আছে কোন ব্যবস্থা। তিনি এ কথা তাকে বারবার বললেন। কিন্তু ইবরাহীম (আঃ) তাঁর দিকে তাকালেন না। তখন হাযেরা (আঃ) তাঁকে বললেন, এর আদেশ কি আপনাকে আল্লাহ দিয়েছেন? তিনি বললেন, হাঁ। হাযেরা (আঃ) বললেন, তাহলে আল্লাহ আমাদেরকে ধ্বংস করবেন না। অতঃপর তিনি ফিরে আসলেন। আর ইবরাহীম (আঃ)-ও সামনে চললেন। চলতে চলতে যখন তিনি গিরিপথের বাঁকে পৌঁছলেন, যেখানে স্ত্রী ও সন্তান তাঁকে আর দেখতে পাচ্ছে না, তখন তিনি কা‘বা ঘরের দিকে মুখ করে দাঁড়ালেন। অতঃপর তিনি দু’হাত তুলে এ দু‘আ করলেন, আর বললেন, ‘‘হে আমার প্রতিপালক! আমি আমার পরিবারের কতককে আপনার সম্মানিত ঘরের নিকট এক অনুর্বর উপত্যকায় ...... যাতে আপনার কৃতজ্ঞতা প্রকাশ করে- (ইবরাহীম ৩৭)। আর ইসমাঈলের মা ইসমাঈলকে স্বীয় স্তন্যের দুধ পান করাতেন এবং নিজে ঐ মশক থেকে পানি পান করতেন। অবশেষে মশকে যা পানি ছিল তা ফুরিয়ে গেল। তিনি নিজে তৃষ্ণার্ত হলেন এবং তাঁর শিশু পুত্রটিও তৃষ্ণায় কাতর হয়ে পড়ল। তিনি শিশুটির দিকে দেখতে লাগলেন। তৃষ্ণায় তার বুক ধড়ফড় করছে অথবা রাবী বলেন, সে মাটিতে পড়ে ছটফট করছে। শিশু পুত্রের এ করুণ অবস্থার প্রতি তাকানো অসহনীয় হয়ে পড়ায় তিনি সরে গেলেন আর তাঁর অবস্থানের নিকটবর্তী পর্বত ‘সাফা’-কে একমাত্র তাঁর নিকটতম পর্বত হিসাবে পেলেন। অতঃপর তিনি তার উপর উঠে দাঁড়ালেন এবং ময়দানের দিকে তাকালেন। এদিকে সেদিকে তাকিয়ে দেখলেন, কোথায়ও কাউকে দেখা যায় কিনা? কিন্তু তিনি কাউকে দেখতে পেলেন না। তখন ‘সাফা’ পর্বত থেকে নেমে পড়লেন। এমন কি যখন তিনি নিচু ময়দান পর্যন্ত পৌঁছলেন, তখন তিনি তাঁর কামিজের এক প্রান্ত তুলে ধরে একজন ক্লান্ত-শ্রান্ত মানুষের মত ছুটে চললেন। অবশেষে ময়দান অতিক্রম করে ‘মারওয়া’ পাহাড়ের নিকট এসে তার উপর উঠে দাঁড়ালেন। অতঃপর এদিকে সেদিকে তাকালেন, কাউকে দেখতে পান কিনা? কিন্তু কাউকেই দেখতে পেলেন না। এমনিভাবে সাতবার দৌড়াদৌড়ি করলেন। ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) বলেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেন, এজন্যই মানুষ এ পর্বতদ্বয়ের মধ্যে সায়ী করে থাকে। অতঃপর তিনি যখন মারওয়া পাহাড়ে উঠলেন, তখন একটি শব্দ শুনতে পেলেন এবং তিনি নিজেকেই নিজে বললেন, একটু অপেক্ষা কর। তিনি মনোযোগ দিয়ে শুনলেন। তখন তিনি বললেন, তুমি তো তোমার শব্দ শুনিয়েছ। যদি তোমার নিকট কোন সাহায্যকারী থাকে। হঠাৎ যেখানে যমযম কূপ অবস্থিত সেখানে তিনি একজন ফেরেশতা দেখতে পেলেন। সেই ফেরেশতা আপন পায়ের গোড়ালি দ্বারা আঘাত করলেন অথবা তিনি বলেছেন, আপন ডানা দ্বারা আঘাত করলেন। ফলে পানি বের হতে লাগল। তখন হাযেরা (আঃ)-এর চারপাশে নিজ হাতে বাঁধ দিয়ে এক হাউজের মত করে দিলেন এবং হাতের কোষভরে তাঁর মশকটিতে পানি ভরতে লাগলেন। তখনো পানি উপচে উঠছিল। ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) বলেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেন, ইসমাঈলের মাকে আল্লাহ রহম করুন। যদি তিনি বাঁধ না দিয়ে যমযমকে এভাবে ছেড়ে দিতেন কিংবা বলেছেন, যদি কোষে ভরে পানি মশকে জমা না করতেন, তাহলে যমযম একটি কূপ না হয়ে একটি প্রবহমান ঝর্ণায় পরিণত হতো। রাবী বলেন, অতঃপর হাযেরা (আঃ) পানি পান করলেন, আর শিশু পুত্রকেও দুধ পান করালেন, তখন ফেরেশতা তাঁকে বললেন, আপনি ধ্বংসের কোন আশঙ্কা করবেন না। কেননা এখানেই আল্লাহর ঘর রয়েছে। এ শিশুটি এবং তাঁর পিতা দু’জনে মিলে এখানে ঘর নির্মাণ করবে এবং আল্লাহ তাঁর আপনজনকে কখনও ধ্বংস করেন না। ঐ সময় আল্লাহর ঘরের স্থানটি যমীন থেকে টিলার মত উঁচু ছিল। বন্যা আসার ফলে তার ডানে বামে ভেঙ্গে যাচ্ছিল। অতঃপর হাযেরা (আঃ) এভাবেই দিন যাপন করছিলেন। অবশেষে জুরহুম গোত্রের একদল লোক তাদের কাছ দিয়ে অতিক্রম করছিল। অথবা রাবী বলেন, জুরহুম পরিবারের কিছু লোক কাদা নামক উঁচু ভূমির পথ ধরে এদিকে আসছিল। তারা মক্কা্য় নীচু ভূমিতে অবতরণ করল এবং তারা দেখতে পেল একঝাঁক পাখি চক্রাকারে উড়ছে। তখন তারা বলল, নিশ্চয় এ পাখিগুলো পানির উপর উড়ছে। আমরা এ ময়দানের পথ হয়ে বহুবার অতিক্রম করেছি। কিন্তু এখানে কোন পানি ছিল না। তখন তারা একজন কি দু’জন লোক সেখানে পাঠালো। তারা সেখানে গিয়েই পানি দেখতে পেল। তারা সেখান থেকে ফিরে এসে সকলকে পানির সংবাদ দিল। সংবাদ শুনে সবাই সেদিকে অগ্রসর হল। রাবী বলেন, ইসমাঈল (আঃ)-এর মা পানির নিকট ছিলেন। তারা তাঁকে বলল, আমরা আপনার নিকটবর্তী স্থানে বসবাস করতে চাই। আপনি আমাদেরকে অনুমতি দিবেন কি? তিনি জবাব দিলেন, হ্যাঁ। তবে, এ পানির উপর তোমাদের কোন অধিকার থাকবে না। তারা হ্যাঁ, বলে তাদের মত প্রকাশ করল। ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) বলেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেন, এ ঘটনা ইসমাঈলের মাকে একটি সুযোগ এনে দিল। আর তিনিও মানুষের সাহচর্য চেয়েছিলেন। অতঃপর তারা সেখানে বসতি স্থাপন করল এবং তাদের পরিবার-পরিজনের নিকটও সংবাদ পাঠাল। তারপর তারাও এসে তাদেরও সাথে বসবাস করতে লাগল। পরিশেষে সেখানে তাদেরও কয়েকটি পরিবারের বসতি স্থাপিত হল। আর ইসমাঈলও যৌবনে উপনীত হলেন এবং তাদের থেকে আরবী ভাষা শিখলেন। যৌবনে পৌঁছে তিনি তাদের নিকট অধিক আকর্ষণীয় ও প্রিয়পাত্র হয়ে উঠলেন। অতঃপর যখন তিনি পূর্ণ যৌবন লাভ করলেন, তখন তারা তাঁর সঙ্গে তাদেরই একটি মেয়েকে বিবাহ দিল। এরই মধ্যে ইসমাঈলের মা হাযেরা (আঃ) ইন্তিকাল করেন। ইসমাঈলের বিবাহের পর ইবরাহীম (আঃ) তাঁর পরিত্যক্ত পরিজনের অবস্থা দেখার জন্য এখানে আসলেন। কিন্তু তিনি ইসমাঈলকে পেলেন না। তিনি তাঁর স্ত্রীকে তাঁর সম্বন্ধে জিজ্ঞেস করলেন। স্ত্রী বলল, তিনি আমাদের জীবিকার খোঁজে বেরিয়ে গেছেন। অতঃপর তিনি পুত্রবধূকে তাদের জীবন যাত্রা এবং অবস্থা সম্বন্ধে জিজ্ঞেস করলেন। সে বলল, আমরা অতি দূরবস্থায়, অতি টানাটানি ও খুব কষ্টে আছি। সে ইবরাহীম (আঃ)-এর নিকট তাদের দুর্দশার অভিযোগ করল। তিনি বললেন, তোমার স্বামী বাড়ী আসলে, তাকে আমার সালাম জানিয়ে বলবে, সে যেন তার ঘরের দরজার চৌকাঠ বদলিয়ে নেয়। অতঃপর যখন ইসমাঈল বাড়ী আসলেন, তখন তিনি যেন কিছুটা আভাস পেলেন। তখন তিনি তাঁর স্ত্রীকে জিজ্ঞেস করলেন, তোমাদের নিকট কেউ কি এসেছিল? স্ত্রী বলল, হাঁ। এমন এমন আকৃতির একজন বৃদ্ধ লোক এসেছিলেন এবং আমাকে আপনার সম্বন্ধে জিজ্ঞেস করেছিলেন। আমি তাঁকে আপনার সংবাদ দিলাম। তিনি আমাকে আমাদের জীবন যাত্রা সম্পর্কে জিজ্ঞেস করলেন, আমি তাঁকে জানালাম, আমরা খুব কষ্ট ও অভাবে আছি। ইসমাঈল (আঃ) জিজ্ঞেস করলেন, তিনি কি তোমাকে কোন নাসীহাত করেছেন? স্ত্রী বলল, হাঁ। তিনি আমাকে নির্দেশ দিয়েছেন, আমি যেন আপনাকে তাঁর সালাম পৌঁছাই এবং তিনি আরো বলেছেন, আপনি যেন আপনার ঘরের দরজার চৌকাঠ বদলিয়ে ফেলেন। ইসমাঈল (আঃ) বললেন, ইনি আমার পিতা। এ কথা দ্বারা তিনি আমাকে নির্দেশ দিয়ে গেছেন, আমি যেন তোমাকে পৃথক করে দেই। অতএব তুমি তোমার আপন জনদের নিকট চলে যাও। এ কথা বলে, ইসমাঈল (আঃ) তাকে তালাক দিয়ে দিলেন এবং ঐ লোকদের থেকে অন্য একটি মেয়েকে বিবাহ করলেন। অতঃপর ইবরাহীম (আঃ) এদের থেকে দূরে রইলেন, আল্লাহ যতদিন চাইলেন। অতঃপর তিনি আবার এদের দেখতে আসলেন। কিন্তু এবারও তিনি ইসমাঈল (আঃ)-এর দেখা পেলেন না। তিনি পুত্রবধূর নিকট উপস্থিত হলেন এবং তাঁকে ইসমাঈল (আঃ) সম্পর্কে জিজ্ঞেস করলেন। সে বলল, তিনি আমাদের খাবারের খোঁজে বেরিয়ে গেছেন। ইবরাহীম (আঃ) জিজ্ঞেস করলেন, তোমরা কেমন আছ? তিনি তাদের জীবন যাপন ও অবস্থা জানতে চাইলেন। তখন সে বলল, আমরা ভাল এবং স্বচ্ছল অবস্থায় আছি। আর সে আল্লাহর প্রশংসাও করল। ইবরাহীম (আঃ) জিজ্ঞেস করলেন, তোমাদের প্রধান খাদ্য কী? সে বলল, গোশ্ত। তিনি আবার জানতে চাইলেন, তোমাদের পানীয় কী? সে বলল, পানি। ইবরাহীম (আঃ) দু‘আ করলেন, হে আল্লাহ! তাদের গোশ্ত ও পানিতে বরকত দিন। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেন, ঐ সময় তাদের সেখানে খাদ্যশস্য উৎপাদন হতো না। যদি হতো তাহলে ইবরাহীম (আঃ) সে বিষয়েও তাদের জন্য দু‘আ করতেন। বর্ণনাকারী বলেন, মক্কা ছাড়া অন্য কোথাও কেউ শুধু গোশ্ত ও পানি দ্বারা জীবন ধারণ করতে পারে না। কেননা, শুধু গোশ্ত ও পানি জীবন যাপনের অনুকূল হতে পারে না। ইবরাহীম (আঃ) বললেন, যখন তোমার স্বামী ফিরে আসবে, তখন তাঁকে সালাম বলবে, আর তাঁকে আমার পক্ষ থেকে হুকুম করবে যে, সে যেন তার ঘরের দরজার চৌকাঠ ঠিক রাখে। অতঃপর ইসমাঈল (&আ) যখন ফিরে আসলেন, তখন তিনি বললেন, তোমাদের নিকট কেউ এসেছিলেন কি? সে বলল, হাঁ। একজন সুন্দর চেহারার বৃদ্ধ লোক এসেছিলেন এবং সে তাঁর প্রশংসা করল, তিনি আমাকে আপনার ব্যাপারে জিজ্ঞেস করেছেন। আমি তাঁকে আপনার সংবাদ জানিয়েছি। অতঃপর তিনি আমার নিকট আমাদের জীবন যাপন সম্পর্কে জানতে চেয়েছেন। আমি তাঁকে জানিয়েছি যে, আমরা ভাল আছি। ইসমাঈল (&আ) বললেন, তিনি কি তোমাকে আর কোন কিছুর জন্য আদেশ করেছেন? সে বলল, হাঁ। তিনি আপনার প্রতি সালাম জানিয়ে আপনাকে নির্দেশ দিয়েছেন যে, আপনি যেন আপনার ঘরের চৌকাঠ ঠিক রাখেন। ইসমাঈল (আঃ) বললেন, ইনিই আমার পিতা। আর তুমি হলে আমার ঘরের দরজার চৌকাঠ। এ কথার দ্বারা তিনি আমাকে নির্দেশ দিয়েছেন, আমি যেন তোমাকে স্ত্রী হিসাবে বহাল রাখি। অতঃপর ইবরাহীম (আঃ) এদের থেকে দূরে রইলেন, যদ্দিন আল্লাহ চাইলেন। অতঃপর তিনি আবার আসলেন। (দেখতে পেলেন) যমযম কূপের নিকটস্থ একটি বিরাট বৃক্ষের নীচে বসে ইসমাঈল (আঃ) তাঁর একটি তীর মেরামত করছেন। যখন তিনি তাঁর পিতাকে দেখতে পেলেন, তিনি দাঁড়িয়ে তাঁর দিকে এগিয়ে গেলেন। অতঃপর একজন বাপ-বেটার সঙ্গে, একজন বেটা-বাপের সঙ্গে সাক্ষাৎ হলে যেমন করে থাকে তাঁরা উভয়ে তাই করলেন। অতঃপর ইবরাহীম (আঃ) বললেন, হে ইসমাঈল! আল্লাহ আমাকে একটি কাজের নির্দেশ দিয়েছেন। ইসমাঈল (আঃ) বললেন, আপনার রব! আপনাকে যা আদেশ করেছেন, তা করুন। ইবরাহীম (&আ) বললেন, তুমি আমার সাহায্য করবে কি? ইসমাঈল (আঃ) বললেন, আমি আপনার সাহায্য করব। ইবরাহীম (আঃ) বললেন, আল্লাহ আমাকে এখানে একটি ঘর বানাতে নির্দেশ দিয়েছেন। এই বলে তিনি উঁচু টিলাটির দিকে ইশারা করলেন যে, এর চারপাশে ঘেরাও দিয়ে। তখনি তাঁরা উভয়ে কা‘বা ঘরের দেয়াল তুলতে লেগে গেলেন। ইসমাঈল (আঃ) পাথর আনতেন, আর ইবরাহীম (আঃ) নির্মাণ করতেন। পরিশেষে যখন দেয়াল উঁচু হয়ে গেল, তখন ইসমাঈল (আঃ) (মাকামে ইবরাহীম নামে খ্যাত) পাথরটি আনলেন এবং ইবরাহীম (আঃ)-এর জন্য তা যথাস্থানে রাখলেন। ইবরাহীম (আঃ) তার উপর দাঁড়িয়ে নির্মাণ কাজ করতে লাগলেন। আর ইসমাঈল (আঃ) তাঁকে পাথর যোগান দিতে থাকেন। তখন তারা উভয়ে এ দু‘আ করতে থাকলেন, হে আমাদে রব! আমাদের থেকে কবূল করুন। নিশ্চয়ই আপনি সব কিছু শুনেন ও জানেন। তাঁরা উভয়ে আবার কা‘বা ঘর তৈরী করতে থাকেন এবং কা‘বা ঘরের চারদিকে ঘুরে ঘুরে এ দু‘আ করতে থাকেন। ‘‘হে আমাদের রব! আমাদের থেকে কবূল করে নিন। নিশ্চয়ই আপনি সব কিছু শুনেন ও জানেন।’’ (আল-বাকারাহঃ ১২৭) (২৩৬৮) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৩১১৪, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: பெண்கள் முதன் முதலாக இடுப்புக் கச்சை அணிந்தது இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்களின் தாயார் ஹாஜர் (அலை) அவர்களின் தரப்பிலிருந்துதான். சாரா (அலை) அவர்களுக்குத் தம்மால் ஏற்பட்ட பாதிப்பை நீக்குவதற்காக அவர்கள் ஓர் இடுப்புக் கச்சையை அணிந்துகொண் டார்கள்.38 பிறகு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ஹாஜர் (தம் மகன்) இஸ்மாயீலுக்குப் பாலூட்டிக்கொண்டிருக்கும் கால கட்டத்தில் இருவரையும் கொண்டுவந்து அவர்களை கஅபாவின் மேல்பகுதியில் (இப்போதுள்ள) ஸம்ஸம் கிணற்றிற்குமேல் பெரிய மரம் ஒன்றின் அருகே வைத்துவிட்டார்கள். அந்த நாளில் மக்காவில் எவரும் இருக்க வில்லை. அங்கு தண்ணீர்கூடக் கிடையாது. இருந்தும் அவ்விருவரையும் அங்கே இருக்கச் செய்தார்கள். அவர்களுக்கு அருகே பேரீச்சம்பழம் கொண்ட தோல்பை ஒன்றையும் தண்ணீருடன் கூடிய தண்ணீர்பை ஒன்றையும் வைத்தார்கள். பிறகு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் (அவர்களை அங்கேயே விட்டுவிட்டு தமது நாட்டிற்கு) திரும்பிச் சென்றார்கள். அப்போது அவர்களை இஸ்மாயீலின் அன்னை ஹாஜர் (அலை) அவர்கள் பின்தொடர்ந்து வந்து, ‘‘இப்ராஹீமே! மனிதரோ வேறெந்தப் பொருளுமோ இல்லாத இந்தப் பள்ளத்தாக்கில் எங்களை விட்டுவிட்டு நீங்கள் எங்கே போகிறீர்கள்?” என்று கேட்டார்கள். இப்படிப் பலமுறை அவர்களிடம் கேட்டார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் அவரைத் திரும்பிப் பார்க்காமல் நடக்கலானார்கள். ஆகவே, அவர்களிடம் ஹாஜர் (அலை) அவர்கள், ‘‘அல்லாஹ்தான் உங்களுக்கு இப்படிக் கட்டளையிட்டானா?” என்று கேட்க, அவர்கள், யிஆம்’ என்று சொன்னார்கள். அதற்கு ஹாஜர் (அலை) அவர்கள், ‘‘அப்படியென்றால் அவன் எங்களைக் கைவிடமாட்டான்” என்று சொல்லிவிட்டுத் திரும்பிச் சென்றுவிட்டார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் (சிறிது தூரம்) நடந்து சென்று மலைக்குன்றின் அருகே, அவர்களை எவரும் பார்க்காத இடத்திற்கு வந்தபோது, தமது முகத்தை இறையில்லம் கஅபாவின் பக்கம் திருப்பி, தம் இரு கரங்களையும் உயர்த்தி, இந்தச் சொற்களால் பிரார்த்தித்தார்கள்: ‘‘எங்கள் இறைவா! (உன் ஆணைப்படி) நான் என் மக்களில் சிலரை இந்த வேளாண்மையில்லாத பள்ளத்தாக்கில் கண்ணியத்திற்குரிய உன் இல்லத்திற்கு அருகில் குடியமர்த்திவிட்டேன். எங்கள் இறைவா! இவர்கள் (இங்கு) தொழுகையைக் கடைப்பிடிக்க வேண்டும் என்பதற்காக (இவ்வாறு செய்தேன்). எனவே, இவர்கள் மீது அன்பு கொள்ளும்படி மக்களின் உள்ளங்களை ஆக்குவாயாக! மேலும், இவர்களுக்கு உண்பதற்கான பொருள்களை வழங்குவாயாக! இவர்கள் நன்றியுடையவர் களாய் இருப்பார்கள்” என்று இறைஞ்சி னார்கள். (அல்குர்ஆன் 14:37) இஸ்மாயீலின் அன்னை, இஸ்மாயீ லுக்குப் பாலூட்டவும் அந்தத் தண்ணீரிலிருந்து (தாகத்திற்கு நீர்) அருந்தவும் தொடங் கினார்கள். தண்ணீர்பையில் இருந்த தண்ணீர் தீர்ந்துவிட்டபோது அவரும் தாகத்திற்குள்ளானார். அவருடைய மகனும் தாகத்திற்குள்ளானார். தம் மகன் (தாகத்தால்) புரண்டு புரண்டு அழுவதை லிஅல்லது தரையில் காலை அடித்துக்கொண்டு அழுவதைலி அவர்கள் பார்க்கலானார்கள். அதைப் பார்க்கப் பிடிக்காமல் (சிறிது தூரம்) நடந்தார்கள். பூமியில் தமக்கு மிக அண்மையிலுள்ள மலையாக ஸஃபாவைக் கண்டார்கள். அதன் மீது (ஏறி) நின்றுகொண்டு (மனிதர்கள்) யாராவது கண்ணுக்குத் தென்படுகிறார்களா என்று நோட்டமிட்டபடி பள்ளத்தாக்கை நோக்கிப் பார்வையைச் செலுத்தினார்கள். எவரையும் அவர்கள் காணவில்லை. ஆகவே, ஸஃபாவிலிருந்து இறங்கிவிட்டார்கள். இறுதியில் பள்ளத்தாக்கை அவர்கள் அடைந்தபோது தமது மேலங்கியின் ஓரத்தை உயர்த்திக்கொண்டு சிரமப்பட்டு ஓடும் ஒரு மனிதனைப்போன்று ஓடிச்சென்று பள்ளத்தாக்கைக் கடந்தார் கள். பிறகு மர்வா மலைக் குன்றுக்கு வந்து அதன் மீது (ஏறி) நின்று யாராவது தென்படுகிறார்களா என்று நோட்டமிட் டார்கள். எவரையும் காணவில்லை. இவ்வாறே ஏழு முறைகள் செய்தார்கள். லிஇப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்: ‘‘இதுதான் (இன்று ஹஜ்ஜில்) மக்கள் ஸஃபாவுக்கும் மர்வாவுக்குமிடையே செய்கின்ற யிசஃயு’ (தொங்கோட்டம்) ஆகும்” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் சொன்னார்கள்லி பிறகு அவர்கள் மர்வாவின் மீது ஏறி நின்றுகொண்டபோது ஒரு குரலைக் கேட்டார்கள். உடனே, ‘‘சும்மாயிரு” என்று தமக்கே கூறிக்கொண்டார்கள். பிறகு, காதைத் தீட்டிக்கொண்டு கேட்டார்கள். அப்போதும் (அதே போன்ற குரலைச்) செவியுற்றார்கள். உடனே, ‘‘(அல்லாஹ்வின் அடியாரே!) நீங்கள் சொன்னதை நான் செவியுற்றேன். உங்களிடம் உதவியாளர் எவரேனும் இருந்தால் (என்னிடம் அனுப்பி என்னைக் காப்பாற்றுங்கள்)” என்று சொன்னார்கள். அப்போது அங்கே தம்முன் வானவர் ஒருவரை (இப்போதுள்ள) ஸம்ஸம் (கிணற்றின்) அருகே கண்டார்கள். அந்த வானவர் தம் குதிகாலால் (மண்ணில்) தோண்டினார். லிஅல்லது ‘‘தமது இறக்கையால் தோண்டினார்கள்” என்று அறிவிப்பாளர் சொல்லியிருக்கலாம்லி அதன் விளைவாகத் தண்ணீர் வெளிப்பட்டது. உடனே ஹாஜர் (அலை) அவர்கள் அதை ஒரு தடாகம்போல் (கையில்) அமைக்க லானார்கள்; அதைத் தம் கையால் இப்படி (‘‘ஓடிவிடாதே! நில்” என்று சைகை செய்து) சொன்னார்கள். அந்தத் தண்ணீரை அள்ளித் தமது தண்ணீர்பையில் ஊற்றலானார்கள். அவர்கள் அள்ளியெடுக்க எடுக்க அது பொங்கியபடியே இருந்தது. ‘‘நபி (ஸல்) அவர்கள், ‘அல்லாஹ், இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்களின் அன்னைக் குக் கருணைபுரிவானாக! ஸம்ஸம் நீரை அவர் அப்படியே விட்டுவிட்டிருந்தால் லிஅல்லது அந்தத் தண்ணீரிலிருந்து அள்ளியிருக்காவிட்டால்லி ஸம்ஸம் நீர் பூமியில் ஓடும் ஓர் ஊற்றாக மாறிவிட்டி ருக்கும்’ என்று சொன்னார்கள்” என இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் அறிவித் தார்கள். பிறகு, அன்னை ஹாஜர் அவர்கள் (ஸம்ஸம் தண்ணீரை) தாமும் அருந்தி தம் குழந்தைக்கும் ஊட்டினார்கள். அப்போது அந்த வானவர் அவர்களிடம், ‘‘நீங்கள் (கேட்பாரற்று) வீணாக அழிந்துபோய் விடுவீர்கள் என்று அஞ்ச வேண்டாம். ஏனெனில், இங்கு இந்தக் குழந்தையும் இவருடைய தந்தையும் சேர்ந்து (புதுப்பித் துக்) கட்டவிருக்கின்ற அல்லாஹ்வின் இல்லம் உள்ளது. அல்லாஹ் தன்னைச் சார்ந்தோரைக் கைவிடமாட்டான்” என்று சொன்னார். இறையில்லமான கஅபா, மேட்டைப் போன்று பூமியிலிருந்து உயர்ந்திருந்தது. வெள்ளங்கள் வந்து அதன் வலப் பக்கமாகவும் இடப் பக்கமாக வும் (வழிந்து) சென்றுவிடும். இவ்வாறே அன்னை ஹாஜர் (அலை) அவர்கள் (தண்ணீர் குடித்துக்கொண்டும் பாலூட்டிக் கொண்டும்) இருந்தார்கள். இந்நிலையில் (யமன் நாட்டைச் சேர்ந்த) ஜுர்ஹும் குலத்தாரின் ஒரு குழுவினர் லிஅல்லது ஜுர்ஹும் குலத்தாரில் ஒரு வீட்டார்லி அவர்களைக் கடந்து சென்றார்கள். அவர்கள் யிகதா’ எனும் கணவாயின் வழியாக முன்னோக்கி வந்து மக்காவின் கீழ்ப்பகுதியில் தங்கினர். அப்போது தண்ணீரின் மீதே வட்டமடித்துப் பறக்கும் (வழக்கமுடைய) ஒரு வகைப் பறவையைக் கண்டு, ‘‘இந்தப் பறவை தண்ணீரின் மீதுதான் வட்டமடித்துக்கொண்டிருக்க வேண்டும்; நாம் இந்தப் பள்ளத்தாக்கைப் பற்றி முன்பே அறிந்திருக்கிறோம். அப்போது இதில் தண்ணீர் இருந்ததில்லையே” என்று (வியப்புடன்) பேசிக்கொண்டார்கள். பிறகு அவர்கள் ஒரு தூதுவரை அல்லது இரு தூதுவர்களை செய்தி அறிந்து வர அனுப்பினார்கள். அவர்கள் (சென்று பார்த்தபோது) அங்கே தண்ணீர் இருப்பதைக் கண்டார்கள். உடனே அவர்கள் (தம் குலத்தாரிடம்) திரும்பிச் சென்று அங்கே தண்ணீர் இருப்பதைத் தெரிவித்தார்கள். உடனே அக்குலத்தார், இஸ்மாயீ லின் அன்னை தண்ணீரருகே இருக்க முன்னே சென்று, ‘‘நாங்கள் உங்களிடம் தங்கிக்கொள்ள எங்களுக்கு நீங்கள் அனுமதியளிப்பீர்களா?” என்று கேட்க, அவர்கள், ‘‘ஆம் (அனுமதியளிக்கிறேன்); ஆனால், தண்ணீரில் உங்களுக்கு உரிமை ஏதும் இருக்காது” என்று சொன்னார்கள். அவர்கள், ‘‘சரி” என்று சம்மதித்தனர். லி”(ஜுர்ஹும் குலத்தார் தங்கிக் கொள்ள அனுமதிகேட்ட) அந்தச் சந்தர்ப்பம் இஸ்மாயீலின் தாயாருக்கு, அவர்கள் (தனிமையால் துன்பமடைந்து) மக்களுடன் கலந்து வாழ்வதை விரும்பிக் கொண்டிருந்த வேளையில் வாய்த்தது’ என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் சொன்னார் கள்...” என இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்லி ஆகவே, அவர்கள் அங்கே தங்கினார் கள். தங்கள் நெருங்கிய உறவினர்களுக்கும் சொல்லியனுப்ப, அவர்களும் (வந்து) அவர்களுடன் தங்கினார்கள். அதன் விளைவாக அக்குலத்தைச் சேர்ந்த பல வீடுகள் மக்காவில் தோன்றிவிட்டன. குழந்தை இஸ்மாயீல் (வளர்ந்து) வாலிபரானார். ஜுர்ஹும் குலத்தாரிடமிருந்து அவர் அரபு மொழியைக் கற்றுக்கொண்டார். அவர் வாலிபரானபோது அவர்களுக்குப் பிரியமானவராகவும் அவர்களுக்கு மிக விருப்பமானவராகவும் ஆகிவிட்டார். பருவ வயதை அவர் அடைந்தபோது அவருக்கு அவர்கள் தம்மிலிருந்தே ஒரு பெண்ணை மணமுடித்துவைத்தனர். இஸ்மாயீலின் தாயார் (ஹாஜர்) இறந்துவிட்டார். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் மணம் புரிந்துகொண்ட பின்பு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், தாம் விட்டுச்சென்ற (தம் மனைவி, மகன் ஆகிய)வர்களின் நிலையை அறிந்துகொள்வதற்காக (திரும்பி) வந்தார்கள். அப்போது இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்களை (அவர்களது வீட்டில்) காணவில்லை. ஆகவே, இஸ்மாயீலின் மனைவியிடம் இஸ்மாயீலைக் குறித்து விசாரித்தார்கள். அதற்கு அவர், ‘‘எங்களுக்காக உணவு தேடி வெளியே சென்றிருக்கிறார்” என்று சொன்னார். பிறகு அவரிடம் அவர்களுடைய வாழ்க்கை நிலை பற்றியும் பொருளாதாரம் பற்றியும் விசாரித்தார்கள். அதற்கு அவர், ‘‘நாங்கள் மோசமான நிலையில் உள்ளோம். நாங்கள் கடுமையான பொருளாதார நெருக்கடியில் சிக்கித் தவிக்கிறோம்” என்று இப்ராஹீம் (அலை) அவர்களிடம் முறையிட்டார். அப்போது இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘உன் கணவர் வந்தால் அவருக்கு (என் சார்பாக) சலாம் உரைத்து அவரது நிலைப்படியை மாற்றிவிடும்படி சொல்” என்று சொன்னார்கள். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் (வீட்டிற்கு) வந்தபோது, எவரோ வந்து சென்றிருப்பதுபோல் உணர்ந்தார்கள். ஆகவே, ‘‘எவரேனும் உங்களிடம் வந்தார்களா?” என்று கேட்டார்கள். அவ ருடைய மனைவி, ‘‘ஆம்; இப்படிப்பட்ட (அடையாளங்கள்கொண்ட) பெரியவர் ஒருவர் வந்தார்; எங்களிடம் உங்களைப் பற்றி விசாரித்தார். நான் அவருக்கு (விவரம்) தெரிவித்தேன். என்னிடம், யிஉங்கள் வாழ்க்கை நிலை எப்படியுள்ளது?› என்று கேட்டார். நான் அவரிடம், யிநாங்கள் பெரும் சிரமத்திலும் கஷ்டத்திலும் இருக்கிறோம்’ என்று சொன்னேன்” என்று பதிலளித்தார். அதற்கு இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், ‘‘உன்னிடம் தம் விருப்பம் எதையாவது அவர் தெரிவித்தாரா?” என்று கேட்க, அதற்கு அவர், ‘‘ஆம்; உங்களுக்குத் தமது சார்பாக சலாம் உரைக்கும்படி எனக்கு உத்தரவிட்டு, யிஉன் நிலைப்படியை மாற்றிவிடு’ என்று (உங்களிடம் சொல்லச்) சொன்னார்” என்று பதிலளித்தார். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், ‘‘அவர் என் தந்தைதான். உன்னைவிட்டுப் பிரிந்துவிடும்படி எனக்கு உத்தரவிட்டுள்ளார். ஆகவே, நீ உன் (தாய்) வீட்டாருடன் போய்ச் சேர்ந்துகொள்” என்று சொல்லிவிட்டு, உடனே அவரை மணவிலக்குச் செய்துவிட்டார். பின்னர் ஜுர்ஹும் குலத்தாரிலிருந்தே வேறொரு பெண்ணை மணமுடித்துக் கொண்டார். பிறகு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், இறைவன் நாடிய காலம்வரை அவர்களை(ப் பார்க்க வராமல்) விலகி வாழ்ந்தார். அதன் பிறகு அவர்களிடம் சென்றார். ஆனால், இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்களை (இந்த முறையும்) அவர் (அங்கு) காணவில்லை. ஆகவே, இஸ் மாயீல் (அலை) அவர்களுடைய (புதிய) துணைவியாரிடம் சென்று இஸ்மாயீலைப் பற்றி விசாரித்தார். அதற்கு அவர், ‘‘எங்களுக்காக வரு மானம் தேடி வெளியே சென்றிருக்கிறார்” என்று சொன்னார். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘நீங்கள் எப்படியிருக்கிறீர்கள் (நலம்தானா)?” என்று கேட்டார்கள் மேலும், அவர்களுடைய பொருளாதார நிலை குறித்தும் மற்ற நிலைமைகள் குறித்தும் அவரிடம் விசாரித்தார். அதற்கு இஸ்மாயீ லின் துணைவியார், ‘‘நாங்கள் நலத்துடனும் வசதியுடனும் இருக்கிறோம்” என்று சொல்லிவிட்டு வல்லமையும் மாண்பும் மிக்க அல்லாஹ்வைப் புகழ்ந்தார். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘உங்கள் உணவு என்ன?” என்று கேட்க அவர், ‘‘இறைச்சி” என்று பதிலளித்தார். அவர்கள், ‘‘உங்கள் பானம் எது?” என்று கேட்க, ‘‘தண்ணீர்” என்று பதிலளித்தார். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘இறைவா! இவர்களுக்கு இறைச்சியிலும் தண்ணீரிலும் வளத்தை அளிப்பாயாக!” என்று பிரார்த்தனை புரிந்தார்கள். நபி (ஸல்) அவர்கள், ‘‘அந்த நேரத்தில் அவர்களிடம் உணவு தானியம் எதுவும் இருக்கவில்லை. அப்படி எதுவும் இருந்திருந்தால் அதிலும் வளம் வழங்கும்படி இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் பிரார்த்தித்திருப்பார்கள். ஆகவேதான், மக்காவைத் தவிர பிற இடங்களில் அவ்விரண்டையும் (இறைச்சியையும் தண்ணீரையும்) வழக்கமாகப் பயன்படுத்திவருபவர்களுக்கு அவை ஒத்துக்கொள்வதேயில்லை” என்று சொன்னார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘உன் கணவன் வந்தால் அவருக்கு (என் சார்பாக) சலாம் சொல். அவரது (வீட்டு) நிலைப்படியை உறுதிப்படுத்தி வைக்கும்படி சொல்” என்று சொன்னார்கள். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் (வீட்டிற்குத் திரும்பி) வந்தபோது, ‘‘உங்களிடம் யாரேனும் வந்தார்களா?” என்று கேட்க, அவருடைய மனைவி, ‘‘ஆம்; எங்களிடம் அழகிய தோற்றமுடைய முதியவர் ஒருவர் வந்தார்” என்று (சொல்லிவிட்டு) அவரைப் புகழ்ந் தார். (பிறகு தொடர்ந்து) ‘‘என்னிடம் நமது பொருளாதார நிலை எப்படியுள்ளது என்று கேட்டார். நான், யிநாங்கள் நலமுடன் இருக் கிறோம்’ என்று தெரிவித்தேன்” என்று பதில் சொன்னார். ‘‘அவர், உனக்கு அறிவுரை ஏதும் சொன்னாரா?” என்று இஸ்மாயீல் (அலை) கேட்டார்கள். அதற்கு அவர், ‘‘ஆம்; உங்களுக்கு சலாம் உரைக்கிறார்; உங்கள் நிலைப்படியை உறுதிப்படுத்திக்கொள்ளும் படி உங்களுக்குக் கட்டளையிடுகிறார்” என்று சொன்னார். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், ‘‘அவர் என் தந்தை; நீதான் அந்த நிலைப்படி. உன்னை (மணவிலக்குச் செய்யாமல்) அப்படியே (மனைவியாக) வைத்துக்கொள்ளும்படி எனக்கு உத்தரவிட்டுள்ளார்” என்று சொன்னார்கள். பிறகு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் அல்லாஹ் நாடிய காலம்வரை அவர் களை(ப் பார்க்க வராமல்) விலகி வாழ்ந்தார்கள். அதன் பிறகு, (ஒருநாள்) இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் ஸம்ஸம் கிணற்றின் அருகேயிருக்கும் பெரிய மரத்திற்குக் கீழே தனது அம்பு ஒன்றைச் செதுக்கிக்கொண்டிருந்தபோது அவரிடம் இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் வந்தார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்களைக் கண்டதும் இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், அவர்களை நோக்கி எழுந்து சென்றார்கள். (நெடு நாட்கள் பிரிந்து மீண்டும் சந்திக்கும்போது) தந்தை மகனுடனும் மகன் தந்தையுடனும் எப்படி நடந்துகொள்வார்களோ அப்படி நடந்துகொண்டார்கள். (பாசத்தோடும் நெகிழ்வோடும் வரவேற்றார்கள்.) பிறகு இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘இஸ்மாயீலே! அல்லாஹ் எனக்கு ஒரு விஷயத்தை (நிறைவேற்றும்படி) உத்தர விட்டுள்ளான்” என்று சொன்னார்கள். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், ‘‘உங்கள் இறைவன் உங்களுக்குக் கட்டளையிட்டதை நிறைவேற்றுங்கள்” என்று சொன்னார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘நீ எனக்கு அந்த விஷயத்தை நிறைவேற்ற உதவுவாயா?” என்று கேட்க, இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், ‘‘உங்களுக்கு நான் உதவுகிறேன்” என்று பதிலளித்தார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள், ‘‘அப்படி யென்றால், நான் இந்த இடத்தில் ஓர் இறையில்லத்தை (புதுப்பித்துக்) கட்ட வேண்டுமென்று எனக்கு அல்லாஹ் கட்டளையிட்டுள்ளான்” என்று சொல்லிவிட்டு, சுற்றியிருந்த இடங்களைவிட உயரமாக இருந்த ஒரு மேட்டைச் சுட்டிக் காட்டினார்கள். அப்போது இருவரும் இறையில்லம் கஅபாவின் அடித்தளங்களை உயர்த்திக் கட்டினார்கள். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் கற்களைக் கொண்டுவந்து கொடுக்கலானார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் கட்டலானார்கள். கட்டடம் உயர்ந்தபோது இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள், (மகாமு இப்ராஹீம் என்று அழைக் கப்படும்) இந்தக் கல்லைக் கொண்டுவந்து இப்ராஹீம் (அலை) அவர்களுக்காக வைத்தார்கள். இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் அதன்மீது (ஏறி) நின்று கஅபாவைக் கட்டலானார்கள். இஸ்மாயீல் (அலை) அவர்கள் கற்களை எடுத்துத் தரலா னார்கள். அப்போது இருவருமே, ‘‘இறைவா! எங்களிடமிருந்து (இந்தத் புனிதப் பணியை) ஏற்றுக்கொள்வாயாக!. நிச்சயம் நீயே நன்கு செவியுறுபவனும் நன்கறிந்தவனும் ஆவாய்” (அல்குர்ஆன் 2:127) என்று பிரார்த்தித்துக்கொண்டிருந்தார்கள். அறிவிப்பாளர் இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்: இருவரும் அந்த ஆலயத்தைச் சுற்றிலும் வட்டமிட்டு நடந்தபடி, ‘‘இறைவா! எங்களிடமிருந்து (இந்தப் புனிதப் பணியை) ஏற்றுக்கொள்வாயாக! நிச்சயம் நீயே நன்கு செவியுறுபவனாகவும் நன்கறிந்தவனாகவும் இருக்கின்றாய்” (அல்குர்ஆன் 2:127) என்று பிரார்த்தித்தவாறு (கஅபாவைப் புதுப்பித்துக் கட்டத்) தொடங்கினார்கள். இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :