• 1249
  • عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ ، عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ " ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَاذَا تَرَى ؟ " قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ؟ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا " ، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : هُوَ الدُّخُّ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اخْسَأْ ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ " ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ يَكُنْهُ ، فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ ، فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ " ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ ، وَهُوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ : أَيْ صَافِ وَهُوَ اسْمُهُ ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ " ، وَقَالَ سَالِمٌ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ : " إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ "

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ ، عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَاذَا تَرَى ؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا ، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : هُوَ الدُّخُّ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اخْسَأْ ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ يَكُنْهُ ، فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ ، فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ ، وَهُوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ : أَيْ صَافِ وَهُوَ اسْمُهُ ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ ، وَقَالَ سَالِمٌ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي النَّاسِ ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ : إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ

    رهط: الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
    يحتلم: الاحتلام : أصله رؤية الجماع ونحوه في النوم مع نزول المني غالبا والمراد الإدراك والبلوغ
    خبأت: خبأت : سترت وحفظت
    خبيئا: الخبيء : المدخر المستور
    الدخ: الدخ : الدخان
    اخسأ: اخسأ : كلمة زجر معناها ابق ذليلا
    طفق: طفق يفعل الشيء : أخذ في فعله واستمر فيه
    بجذوع: الجذع : ساق النخلة
    يختل: خَتَله : خَدعه وراوَغَه أو أفسده
    قطيفة: القطيفة : كساء أو فراش له أهداب
    رمزة: الرَّمْز : تصويت خفي باللسان كالهَمْس
    يتقي: التقوى : خشية الله وامتثال أوامره , واجتناب نواهيه
    بين: بين : أوضح وأظهر
    فأثنى: الثناء : المدح والوصف بالخير
    أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ
    حديث رقم: 6272 في صحيح البخاري كتاب القدر باب {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: 24]
    حديث رقم: 1301 في صحيح البخاري كتاب الجنائز باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام
    حديث رقم: 2523 في صحيح البخاري كتاب الشهادات باب شهادة المختبي
    حديث رقم: 2898 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب ما يجوز من الاحتيال والحذر، مع من يخشى معرته
    حديث رقم: 5844 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب قول الرجل للرجل اخسأ
    حديث رقم: 5845 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب قول الرجل للرجل اخسأ
    حديث رقم: 5324 في صحيح مسلم كتاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ
    حديث رقم: 5325 في صحيح مسلم كتاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ
    حديث رقم: 3829 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَلَاحِمِ بَابٌ فِي خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ
    حديث رقم: 3828 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَلَاحِمِ بَابٌ فِي خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ
    حديث رقم: 2273 في جامع الترمذي أبواب الفتن باب ما جاء في ذكر ابن صياد
    حديث رقم: 6187 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6188 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6910 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الدَّجَّالُ
    حديث رقم: 12926 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمِمَّا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 9452 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْوَاوِ مَنِ اسْمُهُ وَلِيدٌ
    حديث رقم: 12924 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمِمَّا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 1437 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 1439 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 992 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ فَخِذَ أَخِيهِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ سُوءًا
    حديث رقم: 993 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ فَخِذَ أَخِيهِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ سُوءًا
    حديث رقم: 52 في حديث أبي محمد الفاكهي حديث أبي محمد الفاكهي
    حديث رقم: 244 في القضاء والقدر للبيهقي القضاء والقدر للبيهقي بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
    حديث رقم: 706 في تاريخ المدينة لابن شبة تاريخ المدينة لابن شبة خَبَرُ ابْنِ صَائِدٍ
    حديث رقم: 2480 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِي إِسْلَامِ الصِّبْيَانِ

    [3055] قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ إِلَخْ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ثَلَاثُ قِصَصٍ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ تَامَّةً فِي الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَهُنَا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَفِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ وَاقْتَصَرَ فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِيمَا مَضَى مِنَ الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَاقْتَصَرَ فِي الْفِتَنِ عَلَى الثَّالِثَةِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُ أَكْثَرِ مُفْرَدَاتِهِ فِي الْجَنَائِزِ وَقَوْلُهُ قبل بن صَيَّادٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ إِلَى جِهَته وَقَوله وَقد قَارب بن صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ يَحْتَلِمُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَشُعَيْبٍ وَقد قَارب بن صَيَّادٍ الْحُلُمَ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَاعْتَرَضَ بِهِ فَقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غُلَامًا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحْتَلِمْ قَوْلُهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُالْأُمِّيِّينَ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانَ بن صَيَّادٍ مِنْهُمْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِبَعْثَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ يَدَّعُونَ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْعَرَبِ وَفَسَادُ حُجَّتِهِمْ وَاضِحٌ جِدًّا لِأَنَّهُمْ إِذَا أَقَرُّوا بِأَنَّهُ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولُهُ إِلَى الْعَرَبِ وَإِلَى غَيْرِهَا تَعَيَّنَ صِدْقُهُ فَوَجَبَ تَصْدِيقه قَوْله فَقَالَ بن صَيَّادٍ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَوْلُهُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلِلْمُسْتَمْلِي وَرَسُولُهُ بِالْإِفْرَادِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا عَرَّضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَام على بن صَيَّادٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الدَّجَّالَ الْمُحَذَّرَ مِنْهُ قُلْتُ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَمْرَهُ كَانَ مُحْتَمَلًا فَأَرَادَ اخْتِبَارَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ أَجَابَ غَلَبَ تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ تَمَادَى الِاحْتِمَالُ أَوْ أَرَادَ بِاسْتِنْطَاقِهِ إِظْهَارَ كَذِبِهِ الْمُنَافِي لِدَعْوَى النُّبُوَّةِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ أَجَابَهُ بِجَوَابٍ مُنْصِفٍ فَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَ بن صَيَّادٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْكَهَنَةِ يُخْبِرُ بِالْخَبَرِ فَيَصِحُّ تَارَةً وَيَفْسُدُ أُخْرَى فَشَاعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِلْ فِي شَأْنِهِ وَحْيٌ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلُوكَ طَرِيقَةٍ يَخْتَبِرُ حَالَهُ بِهَا أَيْ فَهُوَ السَّبَبُ فِي انْطِلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ وَلَدَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ غُلَامًا مَمْسُوحَةٌ عَيْنُهُ وَالْأُخْرَى طَالِعَةٌ نَاتِئَةٌ فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الدَّجَّالُ وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَرْفُوعًا يَمْكُثُ أَبُو الدَّجَّالِ وَأُمُّهُ ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَهُمَا ثُمَّ يُولَدُ لَهُمَا غُلَامٌ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ مَنْفَعَةً قَالَ وَنَعَتَهُمَا فَقَالَ أَمَّا أَبُوهُ فَطَوِيلٌ ضَرْبُ اللَّحْمِ كَأَنَّ أَنْفَهُ مِنْقَارٌ وَأَمَّا أُمُّهُ ففَرْضَاخَةٌ أَيْ بِفَاءِ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ وَبِمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا ضَخْمَةٌ طَوِيلَةُ الْيَدَيْنِ قَالَ فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَذَهَبْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ يَعْنِي بن صَيَّادٍ فَإِذَا هُمَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ سَلْهَا كَمْ حَمَلَتْ بِهِ فَقَالَتْ حَمَلْتُ بِهِ اثَّنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَلَمَّا وَقَعَ صَاحَ صِيَاحَ الصَّبِي بن شَهْرٍ انْتَهَى فَكَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ فِي إِرَادَةِ اسْتِكْشَافِ أَمْرِهِ قَوْلُهُ مَاذَا تَرَى قَالَ بن صَيَّادٍ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَنَحْوِهِ لِمُسْلِمٍ فَقَالَ أَرَى حَقًّا وَبَاطِلًا وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَهُ أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِبًا وَلِأَحْمَدَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْبَحْرِ حَوْلَهُ الْحِيتَانُ قَوْلُهُ قَالَ لُبِسَ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ أَيْ خُلِطَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَالَ تَعُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا قَوْلُهُ إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خِبْئًا بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا هَمْزٌ وَبِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزٌ أَيْ أَخْفَيْتُ لَكَ شَيْئًا قَوْلُهُ هُوَ الدُّخُّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْفَتْحَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الزَّخُّ بِفَتْحِ الزَّايِ بَدَلَ الدَّالِّ وَفَسَّرَهُ بِالْجِمَاعِ وَاتفقَ الْأَئِمَّة على تغليطه فِي ذَلِكَ وَيَرُدُّهُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورِ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ الدُّخَانَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ الدُّخُّ وَلِلْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّأَ لَهُ سُورَةَ الدُّخَانِ وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّورَةَ وَأَرَادَ بَعْضَهَا فَإِنَّ عِنْدَ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَخَبَّأْتُ لَهُ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَان مُبين وَأما جَوَاب بن صَيَّادٍ بِالدُّخِّ فَقِيلَ إِنَّهُ انْدَهَشَ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ لَفْظِ الدُّخَانِ إِلَّا عَلَى بَعْضِهِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْآيَةَ حِينَئِذٍ كَانَتْ مَكْتُوبَةً فِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يهتد بن صَيَّادٍ مِنْهَا إِلَّا لِهَذَا الْقَدْرِ النَّاقِصِ عَلَى طَرِيقَةِ الْكَهَنَةِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ أَيْ قَدْرَ مِثْلِكَ مِنَ الْكُهَّانِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ مِنْ إِلْقَاءِ شَيَاطِينِهِمْ مَا يَحْفَظُونَهُ مُخْتَلَطًا صِدْقُهُ بِكَذِبِهِ وَحَكَى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ أَنَّ السِّرَّ فِيامْتِحَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِهَذِهِ الْآيَة الْإِشَارَة إِلَى أَن عِيسَى بن مَرْيَم يقتل الدَّجَّال بِحَبل الدُّخان فَأَرَادَ التَّعْرِيض لِابْنِ صياد بِذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ الْخَطَّابِيُّ مَا تَقَدَّمَ وَصَوَّبَ أَنَّهُ خبأ لَهُ الدُّخَّ وَهُوَ نَبْتٌ يَكُونُ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ وَسَبَبُ اسْتِبْعَادِهِ لَهُ أَنَّ الدُّخَانَ لَا يُخَبَّأُ فِي الْيَدِ وَلَا الْكُمِّ ثُمَّ قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَّأَ لَهُ اسْمَ الدُّخَانِ فِي ضَمِيره وعَلى هَذَا فَيُقَال كَيفَ اطلع بن صَيَّادٍ أَوْ شَيْطَانُهُ عَلَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَدَّثَ مَعَ نَفْسِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ فَاسْتَرَقَ الشَّيْطَانُ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ قَوْلُهُ اخْسَأْ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْأَدَبِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ قَوْلُهُ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ أَيْ لَنْ تُجَاوِزَ مَا قَدَّرَ اللَّهُ فِيكَ أَوْ مِقْدَارَ أَمْثَالِكَ مِنَ الْكُهَّانِ قَالَ الْعُلَمَاءُ اسْتَكْشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ لِيُبَيِّنَ لِأَصْحَابِهِ تَمْوِيهَهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسُ حَالُهُ عَلَى ضَعِيفٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي الْإِسْلَامِ وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِ وَالتَّنَزُّلِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ الرِّسَالَةَ وَلَمْ يَخْتَلِطْ عَلَيْكَ الْأَمْرُ آمَنْتُ بِكَ وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا وَخُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ فَلَا وَقَدْ ظَهَرَ كَذِبُكَ وَالْتِبَاسُ الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَلَا تَعْدُو قَدْرَكَ قَوْلُهُ إِنْ يكن هُوَ كَذَا للْأَكْثَر وللكشميهني أَن يكن على وصل الضَّمِير وَاخْتَارَ بن مَالِكٍ جَوَازَهُ ثُمَّ الضَّمِيرُ لِغَيْرٍ مَذْكُورٍ لَفْظًا وَقد وَقع فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي تَخَافُ فَلَنْ تَسْتَطِيعَهُ وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ إِنْ يَكُنْ هُوَ الدَّجَّالُ قَوْلُهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ جَابر فلست بِصَاحِبِهِ إِنَّمَا صَاحبه عِيسَى بن مَرْيَمَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْذَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ مَعَ ادِّعَائِهِ النُّبُوَّةَ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ وَلِأَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الْعَهْدِ قُلْتُ الثَّانِي هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ فَلَا يَحِلُّ لَكَ قَتْلُهُ ثُمَّ إِنَّ فِي السُّؤَالِ عِنْدِي نَظَرًا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا أَوْهَمَ أَنَّهُ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَعْوَى الرِّسَالَةِ دَعْوَى النُّبُوَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين الْآيَة

    باب كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلاَمُ عَلَى الصَّبِيِّ؟هذا (باب) بالتنوين (كيف يعرض الإسلام على الصبي)؟
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2918 ... ورقمه عند البغا: 3055 ]
    - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا. قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ. قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بسكون العين وفتح الميمين ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله عن ابن عمر) أبيه (-رضي الله عنهما- أنه أخبره أن) أباه (عمر انطلق في رهط) دون العشرة أو إلى الأربعين (من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل ابن صياد) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهته وكان غلامًا من اليهود وكان يتكهن أحيانًا فيصدق ويكذب فشاع حديثه وتحدث أنه الدجال، وأشكل أمره فأراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يختبر حاله إذ لم ينزل في أمره وحي، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: ابن الصياد بالتعريف (حتى وجدوه) ولأبي ذر وجده بالتوحيد حال كونه (يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة) بضم الهمزة والطاء من أطم وهو البناء المرتفع ومغالة بفتح الميم والغين المعجمة واللام بطن من الأنصار أو حيّ من قضاعة (وقد قارب يومئذٍ ابن صياد يحتلم فلم يشعر) أي ابن صياد (حتى) ولأبي ذر عن الكشميهني: بشيء حتى (ضرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ظهره بيده ثم قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):(أتشهد أني رسول الله)؟ (فنظر إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين) أي العرب (فقال ابن صياد للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتشهد أني رسول الله؟ قال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (آمنت بالله ورسله) بالجمع، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: ورسوله بالإفراد كذا في الفرع ونسب ابن حجر الإفراد للمستملي.وقال الكرماني فإن قلت: كيف طابق قوله آمنت بالله ورسله؟ جواب الاستفهام وأجاب بأنه لما أراد أن يظهر للقوم حاله أرخى العنان حتى يبينه عند المغترّ به، فلهذا قال آخرًا: اخسأ انتهى. وقيل: يحتمل أنه أراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعوى النبوّة ولما كان ذلك هو المراد أجابه بجواب منصف فقال: آمنت بالله ورسله.ثم (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له: (ماذا ترى)؟ (قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب) وعند الترمذي من حديث أبي سعيد قال: أرى عرشًا فوق الماء. قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ترى عرش إبليس فوق البحر. قال: ما ترى؟ قال: أرى صادقًا وكاذبين أو صادقين وكاذبًا (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (خلط عليك الأمر) بضم الخاء المعجمة وكسر اللام مخففة في الفرع وأصله مصححًا عليها ومشددة في غيرهما أي خلط عليك الحق والباطل على عادة الكهان (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إني قد خبأت لك خبيئًا) بفتح الخاء المعجمة وكسر الموحدة وسكون التحتية وبالهمز فيه وفي السابق أي أضمرت لك في نفسي شيئًا. وفي الترمذي: أنه خبأ له يوم تأتي السماء بدخان مبين (قال ابن صياد: هو الدخ) بضم الدال المهملة وبعدها خاء معجمة فأدرك البعض على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان.فإن قلت: كيف اطّلع ابن صياد أو شيطانه على ما في الضمير؟ أجيب: باحتمال أن يكون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحدّث مع نفسه أو أصحابه بذلك فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه.فإن قلت: ما وجه التخصيص بإخفاء هذه الآية؟ أجاب أبو موسى المديني: بأنه أشار بذلك إلى أن عيسى ابن مريم عليهما السلام يقتل الدجال بجبل الدخان فأراد التعريض لابن صياد بذلك.وحكى الخطابي أن الآية كانت حينئذٍ مكتوبة في يد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يهتد ابن صياد منها إلا لهذا القدر الناقص
    على طريق الكهنة ولهذا (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (اخسأ) بالخاء المعجمة الساكنة وفتح السين المهملة آخره همز كلمة زجر واستهانة أي اسكت متباعدًا ذليلاً (فلن تعدو قدرك). أي لن تتجاوز القدر الذي يدركه الكهان من الاهتداء إلى بعض الشيء ولا يتجاوزون منه إلى النبوّة. قال الكرماني: وفي بعضها تعد بغير واو على أنه مجزوم بلن في لغة حكاها الكسائي كما ذكره ابن مالك في توضيحه. (قال عمر) -رضي الله عنه- (يا رسول الله ائذن لي فيه) أي في ابن صياد (أضرب عنقه). بهمزة قطع مجزومًا جواب الطلب (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إن يكنه) فيه اتصال الضمير إذا وقع خبرًا لكان واسمها مستتر فيها، وابن مالك في ألفيته يختاره على الانفصال عكس ما اختاره ابن الحاجب، وللأصيلي وابن عساكر وأبوي الوقت وذر عن الحموي والمستملي: إن يكن هو بانفصال الضمير كالآتية وهو الصحيح، واختاره ابن مالك في التسهيل وشرحه تبعًا لسيبويه ولفظ هو تأكيد للضمير المستتر، وكان: تامة أو وضع هو موضع إياهُ أي أن إياه. وفي حديث ابن مسعود عند أحمد إن يكن هو الذي يخاف فلن تستطيعه وعند الحرث بن أبي أسامة عند جده مرسلاً أن يكن هو الدجال (فلن تسلط عليه)، لأن عيسى هو الذي يقتله، وفي حديث جابر عند الترمذي فلست بصاحبه إنما صاحبه عيسى ابن مريم (وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله). قال الخطابي: وإنما لم يأذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قتله مع ادّعائه النبوة بحضرته لأنه كان غير بالغ أو لأنه كان من جملة أهل المهادنة. قال في الفتح: والثاني هو المتعين وقد جاء مصرحًا به في حديث جابر عند أحمد وفي مرسل عروة: فلا يحل لك قتله ولم يصرح ابن صياد بدعوى النبوة وإنما أوهم أنه يدّعي الرسالة ولا يلزم من دعواها دعوى النبوة قال الله تعالى: {{إنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين}}.

    (بابٌُ كَيْفَ يُعْرَضُ الإسْلاَمُ علَى الصَّبِيِّ)أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ كَيفَ يعرض الْإِسْلَام على الصَّبِي.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2918 ... ورقمه عند البغا:3055 ]
    - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا هِشَامً قالَ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قالَ أخْبرَني سالِمُ بنُ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ حَتَّى وجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مغالَةَ وقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ فلَمْ يَشْعُرْ حتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَشْهَدُ أنِّي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنَظَرَ إلَيْهِ ابنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أشْهَدُ أنَّكَ رَسولْ الأمِّيِّينَ فَقَالَ ابنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَشْهَدُ أنِّي رسُولُ الله قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمَنْتُ بِاللَّه ورُسُلِهِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماذَا تَرَى قَالَ ابنُ صَيَّادٍ يأتِيني صادِقٌ وكاذِبٌ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُلِطَ عَلَيْكَ الأمْرُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنِّي قَدْ خَبأتُ لَكَ خَبِيئَاً قَالَ ابنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْسَأ فلَنْ تَعْدُو قَدْرَكَ قَالَ عُمَرُ يَا رسولَ الله ائْذَنْ لِي فيهِ أضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنْ يَكُنْهُ فلَنْ تُسَلَّطَ علَيْهِ وإنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ. قالَ ابنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ وأُبَيُّ بنُ كعْبٍ يأتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابنُ صَيَّادٍ حتَّى إذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وهْوَ يَخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ منِ ابنِ صَيَّادٍ شَيْئاً قَبْلَ أنْ يَرَاهُ وابنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِع عَلى فِرَاشِهِ فِي قَطيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ فرَأتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فقالَتْ لإِبْنِ صَيَّادٍ أَي صافِ وهْوَ اسْمُهُ فَثارَ ابنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ تَرَكْتُهُ بَيَّن.وقَالَ سالِمٌ قَالَ ابنُ عُمَرَ ثُمَّ قامَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاسِ فأثْنَى على الله بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ إنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ قَدْ أنْذَرَهُ قَوْمَهُ لَقَدْ أنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ ولاكِنْ سأقُوُلُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبي لِقَوْمِهِ تَعْلَمُونَ أنَّهُ أعْوَرُ وأنَّ الله لَيسَ بِأعْوَرَ..مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟) وَهُوَ عرض الْإِسْلَام على الصَّبِي، لِأَن ابْن صياد إِذْ ذَاك لم يحْتَمل، وَقد ترْجم فِي كتاب الْجَنَائِز: بابُُ إِذا أسلم الصَّبِي فَمَاتَ، هَل يصلى عَلَيْهِ؟ وَهل يعرض على الصَّبِي الْإِسْلَام؟ وَذكر فِيهِ حَدِيث ابْن صياد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، ولنذكر هُنَا بعض شَيْء. وَفِي هَذَا الحَدِيث ثَلَاث قصَص ذكرهَا البُخَارِيّ بِتَمَامِهَا فِي الْجَنَائِز من طَرِيق يُونُس، وَذكر هُنَا من طَرِيق معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَذكر فِي الْأَدَب من طَرِيق شُعَيْب، وَاقْتصر فِي الشَّهَادَات على الثَّانِيَة، وَذكرهَا أَيْضا فِيمَا مضى من الْجِهَاد من وَجه آخر، وَاقْتصر فِي الْفِتَن على الثَّالِثَة.قَوْله: (قبل ابْن صياد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: ناحيته وجهته. قَوْله: (عِنْد أَطَم بني مغالة) ، بِضَم الْهمزَة، وَهُوَ الْبناء الْمُرْتَفع، وَيجمع على: آطام، وآطام الْمَدِينَة: أبنيتها المرتفعة كالحصون، (ومغالة) : بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة وباللام، قَالَ النَّوَوِيّ: كَذَا فِي بعض النّسخ: بني مغالة، وَفِي بَعْضهَا: ابْن مغالة، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور. وَذكره مُسلم فِي رِوَايَة الْحسن الْحلْوانِي أَنه أَطَم بني مُعَاوِيَة، بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة، قَالَ الْعلمَاء: الْمَشْهُور
    الْمَعْرُوف هُوَ الأول، وَقد ذكرنَا فِي كتاب الْجَنَائِز أَن بني مغالة بطن من الْأَنْصَار، وَقيل: حَيّ من قضاعة. قَوْله: (الْأُمِّيين) ، أَي: الْعَرَب. وَمَا ذكره، وَإِن كَانَ حَقًا من جِهَة الْمَنْطُوق، بَاطِل من جِهَة الْمَفْهُوم، وَهُوَ أَنه لَيْسَ مَبْعُوثًا إِلَى الْعَجم كَمَا زَعمه الْيَهُود. قَوْله: (آمَنت بِاللَّه وَرُسُله) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (وَرَسُوله) ، بِالْإِفْرَادِ، وَفِي حَدِيث أبي سعيد: (آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر. قيل: كَيفَ طابق: آمَنت بِاللَّه وَرُسُله الِاسْتِفْهَام؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لما أَرَادَ أَن يظْهر للْقَوْم حَاله أرْخى الْعَنَان حَتَّى يُبينهُ عِنْد المغتر بِهِ، فَلهَذَا قَالَ آخرا: إخسأ. وَقيل: إِنَّمَا عرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْإِسْلَام على ابْن صياد بِنَاء على أَنه لَيْسَ الدَّجَّال المحذر مِنْهُ، ورد بِأَن أمره كَانَ مُحْتملا فَأَرَادَ اختباره بذلك. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَانَ ابْن صياد على طَرِيق الكهنة يخبر بالْخبر فَيصح تَارَة وَيفْسد أُخْرَى، وَلم ينزل فِي شَأْنه وَحي، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سلوك طَرِيقَته يختبر بهَا حَاله، وَهَذَا هُوَ السَّبَب أَيْضا فِي انطلاقه إِلَيْهِ، وَقد روى أَحْمد من حَدِيث جَابر. قَالَ: (ولدت امْرَأَة من الْيَهُود غُلَاما ممسوحة إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَالْأُخْرَى طالعة ناتئة، فأشفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون هُوَ الدَّجَّال. قَوْله: (مَاذَا ترى؟) قَالَ ابْن صياد: يأتيني صَادِق وكاذب، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد. قَالَ: لَقِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن صياد فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فاحتبسه وَهُوَ غُلَام يَهُودِيّ وَله ذؤابة وَمَعَهُ أَبُو بكر، وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (تشهد أَنِّي رَسُول الله؟) فَقَالَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ترى؟ قَالَ: أرى عرشاً فَوق المَاء. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ترى عرش إِبْلِيس فَوق الْبَحْر، قَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: أرى صَادِقا وكاذبين، أَو صَادِقين وكاذباً، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ عَلَيْهِ فَدَعَاهُ) . انْتهى. قَوْله: (فَدَعَاهُ) أَي: اتركاه، يُخَاطب أَبَا بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم، وَفِي آخِره: (فَدَعوهُ) ، بِصِيغَة الْجمع: وَفِي رِوَايَة أَحْمد: أرى عرشاً على المَاء وَحَوله الْحيتَان. قَوْله: (خلط عَلَيْك الْأَمر) ، بِضَم الْخَاء وَكسر اللَّام المخففة، وَمَعْنَاهُ: لبس، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة، بِضَم اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة بعْدهَا سين مُهْملَة. وَفِي حَدِيث أبي الطُّفَيْل عِنْد أَحْمد، فَقَالَ: (تعوذوا بِاللَّه من شَرّ هَذَا) . قَوْله: (إِنِّي خبأت) ، أَي: ضمرت (لَك خبيئاً) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ همزَة، ويروى: (خبأ) بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الْبَاء وبالهمزة، يَعْنِي: أضمرت لَك اسْم الدُّخان، وَقيل: آيَة الدُّخان، وَهِي {{فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين}} (الدُّخان: 01) . قَوْله: (هُوَ الدخ) ، بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وبالخاء الْمُعْجَمَة، وَحكى صَاحب (الْمُحكم) الْفَتْح، وَوَقع عِنْد الْحَاكِم: الزخ، بِفَتْح الزَّاي بدل الدَّال، وَفَسرهُ: بِالْجِمَاعِ، وَاتفقَ الْأَئِمَّة على تغليطه فِي ذَلِك، وَيَردهُ مَا وَقع فِي حَدِيث أبي ذَر وَأخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار، فَأَرَادَ أَن يَقُول: الدُّخان فَلم يسْتَطع، فَقَالَ: الدخ، وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث زيد بن حَارِثَة، قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبأ لَهُ سُورَة الدُّخان، وَكَأَنَّهُ أطلق السُّورَة وَأَرَادَ بَعْضهَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أَحْمد روى عَن عبد الرَّزَّاق فِي حَدِيث الْبابُُ، وخبأ لَهُ: {{يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين}} (الدُّخان: 01) . وَأما جَوَاب ابْن صياد: بالدخ، فَإِنَّهُ اندهش وَلم يَقع من لفظ الدُّخان إلاَّ على بعضه، وَحكى الْخطابِيّ: أَن الْآيَة كَانَت حِينَئِذٍ مَكْتُوبَة فِي يَد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يهتد ابْن صياد مِنْهَا إلاَّ لهَذَا الْقدر النَّاقِص على طَرِيق الكهنة، وَلِهَذَا قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لن تعدو قدرك) أَي: قدر مثلك من الْكُهَّان الَّذِي يحفظون من إِلْقَاء شياطينهم مَا يختطفونه مختلطاً صدقه بكذبه، وَحكى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: أَن السِّرّ فِي امتحان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ بِهَذِهِ الْآيَة. الْإِشَارَة إِلَى أَن عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، يقتل الدَّجَّال بجبل الدُّخان، فَأَرَادَ التَّعْرِيض لِابْنِ صياد بذلك. قَوْله: (إخسأ) ، كلمة زجر واستهانة، أَي: اسْكُتْ صاغراً ذليلاً. قَوْله: (فَلَنْ تعدو قدرك) ، قد مر تَفْسِيره الْآن ويروى بِحَذْف الْوَاو، وَقَالَ ابْن مَالك: الْجَزْم، بلن، لُغَة حَكَاهَا الْكسَائي. قَوْله: (إِن يكنه) ، الْقيَاس: إِن يكن إِيَّاه لِأَن الْمُخْتَار فِي خبر: كَانَ الإنفصال، وَلَكِن يَقع الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوضِع الْمَنْصُوب، وَيحْتَمل أَن يكون تَأْكِيدًا للمتصل، وَكَانَ تلامة، أَو الْخَبَر مَحْذُوف، أَي: إِن يكن هُوَ هَذَا وَإِن يكون ضمير فصل، والدجال الْمَحْذُوف خَبره وَإِنَّمَا لم يَأْذَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب عُنُقه لِأَنَّهُ كَانَ غير بَالغ، أَو هُوَ من أهل مهادنة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم. قَوْله: (فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ) ، وَفِي حَدِيث جَابر: فلست بِصَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا صَاحبه عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام. قَوْله: (فَلَا خير لَك فِي قَتله) ، وَفِي
    مُرْسل عُرْوَة: فَلَا يحل لَك قَتله. قَوْله: (قَالَ ابْن عمر) ، هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول، وشروع فِي الْقِصَّة الثَّانِيَة، وَفِي حَدِيث جَابر: ثمَّ جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَنَفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأَنا مَعَهم. قَوْله: (طفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: جعل، قَوْله: (وَيَتَّقِي) ، أَي: يستر. قَوْله: (ويختل) أَي: يسمع فِي خُفْيَة وَفِي حَدِيث جَابر: رَجَاء أَن يسمع من كَلَامه شَيْئا ليعلم أَنه صَادِق أم كَاذِب، وَيُقَال: يخْتل بِسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، أَي: يخدعه ليعلم الصَّحَابَة حَاله فِي أَنه كَاهِن حَيْثُ يسمعُونَ مِنْهُ شَيْئا يدل على كهانته. قَوْله: (رمزة) ، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْمِيم وَفتح الزَّاي، وَفِي (الْمطَالع) قَوْله: (فِيهَا رمرمة) ، أَو رمزة، كَذَا فِي البُخَارِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات بِغَيْر خلاف، وَفِي الْجَنَائِز مثله فِي الأول، وَفِي الآخر: رمزة لأبي ذَر خَاصَّة، وَعند النَّسَفِيّ: وَقَالَ عقيل: رمزة، وَفِي كتاب (كَيفَ يعرض الْإِسْلَام على الصَّبِي) : رمزة، وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب. رمرمة أَو زمزمة، وَكَذَا للنسفي فِي الْجَنَائِز، قَالَ: وَمعنى هَذِه الْأَلْفَاظ كلهَا مُتَقَارب، و: الزمزمة، بالزايين: تَحْرِيك الشفتين بالْكلَام، قَالَه الْخطابِيّ، وَقَالَ غَيره: هُوَ كَلَام العلوج، وَهُوَ سكُوت بِصَوْت يدار من الخواشيم وَالْحلق لَا يَتَحَرَّك فِيهِ السان وَلَا الشفتان، و: الرمرمة، بالراءين: صَوت خَفِي بتحريك الشفتين بِكَلَام لَا يفهم، وَأما الزمرة بِتَقْدِيم الزَّاي من دَاخل الْفَم. قَوْله: (أَي: صَاف) ، بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء وَزَاد فِي رِوَايَة يُونُس: أَي صَاف {{هَذَا مُحَمَّد، وَفِي حَدِيث جَابر، فَقَالَت: يَا عبد الله}} هَذَا أَبُو الْقَاسِم قد جَاءَ، وَكَانَ الرَّاوِي عبر باسمه الَّذِي يُسمى بِهِ فِي الْإِسْلَام، وَأما اسْمه الأول فَهُوَ: صَاف. قَوْله: (لَو تركته) أَي: لَو تركت أم ابْن صياد ابْنهَا بيَّن هُو، أَي: أظهر لنا من حَاله مَا نطلع بِهِ على حَقِيقَة حَاله. قَوْله: (وَقَالَ سَالم) ، أَي: ابْن عمر، هَذَا أَيْضا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول وشروع فِي الْقِصَّة الثَّالِثَة، وَالله أعلم.

    لا توجد بيانات