• 2042
  • قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ " فَقَالَ : قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ فَقَالَ : قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي

    حلف: الحِلْف : في الأصل المُعاقَدةُ والمعاهدة على التَّعاضُد والتَّساعُد والاتّفاق ، فما كان منه في الجاهلية على الفِتَن والقتال بين القبائل والغاراتِ فذلك الذي ورد النَّهْي عنه في الإسلام
    حالف: حالف : عاقَد وعاهد على التَّعاضُد والتَّساعُد والاتّفاق وقيل : آخى
    حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي
    حديث رقم: 5755 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب الإخاء والحلف
    حديث رقم: 4698 في صحيح مسلم كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ
    حديث رقم: 4699 في صحيح مسلم كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ
    حديث رقم: 2583 في سنن أبي داوود كِتَاب الْفَرَائِضِ بَابٌ فِي الْحِلْفِ
    حديث رقم: 11877 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12246 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 13729 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 13730 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 4603 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ
    حديث رقم: 7179 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 11728 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْفَرَائِضِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْجَدِّ
    حديث رقم: 1152 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 602 في السنن المأثورة للشافعي السنن المأثورة للشافعي كِتَابُ الزَّكَاةِ
    حديث رقم: 524 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرِ مُؤَاخَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
    حديث رقم: 586 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ الْإِخَاءِ
    حديث رقم: 1598 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم مُحَالَفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ
    حديث رقم: 3914 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 3915 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 3919 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 1392 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيِهِ

    [2294] قَوْله حَدثنَا عَاصِم هُوَ بن سُلَيْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِالْأَحْوَلِ قَوْلُهُ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ الْحِلْفُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ الْعَهْدُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَتَعَاهَدُونَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانُوا يَتَعَاهَدُونَ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَكَأَنَّ عَاصِمًا يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ مِنْهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَأَصْلُهُ فِي السُّنَنِ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ فَقَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَاللَّفْظ لَهُ وَمِنْهَا عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً وَحِدَّةً أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَحْمَدُ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَمِنْ مُرْسَلِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَرَادَتِ الْأَوْسُ أَنْ تُحَالِفَ سَلْمَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَمِنْ مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ رَفَعَهُ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَام وَحلف الْجَاهِلِيَّة مشدود وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ أَوَّلَ حِلْفٍ كَانَ بِمَكَّةَ حِلْفُ الْأَحَابِيشِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ شَكَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ تَسَلُّطَ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ عَلَيْهِمْ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ لَهُمْ ذَلَّتْ قُرَيْشٌ لِبَنِي بَكْرٍ فَانْصُرُوا إِخْوَانَكُمْ فَرَكِبُوا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ فَسَمِعَتْ بِهِمْ بَنُو الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ فَاجْتَمَعُوا بِذَنْبِ حَبَشٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهُوَ جَبَلٌ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ فَتَحَالَفُوا إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غَيْرِنَا مارسى حَبَشٌ مَكَانَهُ وَكَانَ هَذَا مَبْدَأَ الْأَحَابِيشِ وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ مِنْ مُرْسَلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ ثُمَّ دَخَلَتْ فِيهِمُ الْقَارَّةُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ إِنَّمَا سُمُّوا الْأَحَابِيشَ لِتَحَالُفِهِمْ عِنْدَ حَبَشٍ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ سُمُّوا لِتَحَبُّشِهِمْ أَيْ تَجَمُّعِهِمْ قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ثُمَّ كَانَ حِلْفُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ وَدَوْسٍ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا رَغِبَتْ فِي وَجٍّ وَهُوَ مِنَ الطَّائِفِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ فَخَافَتْهُمْ ثَقِيفٌ فَحَالَفَتْهُمْ وَأَدْخَلَتْ مَعَهُمْ بَنِي دَوْسٍ وَكَانُوا إِخْوَانَهُمْ وَجِيرَانَهُمْ ثُمَّ كَانَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ وَأَزْدٍ وَأُسْنِدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ رَفَعَهُ مَا شَهِدْتُ مِنْ حِلْفٍ إِلَّا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثَهُ وَأَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَمِنْ مُرْسَلِ طَلْحَةَ بْنِ عَوْفٍ نَحْوَهُ وَزَادَ وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَفَعَهُ شَهِدْتُ وَأَنَا غُلَامٌ حِلْفًا مَعَ عُمُومَتِي الْمُطَيَّبِينَ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَأَنِّي نَكَثْتُهُ قَالَ وَحِلْفُ الْفُضُولِ وَهُمْ فَضْلٌ وَفَضَالَةُ وَمُفَضَّلٌ تَحَالَفُوا فَلَمَّا وَقَعَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ بَيْنَ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَأَسَدٍ وَزُهْرَةَ قَالُوا حِلْفٌ كَحِلْفِ الْفُضُولِ وَكَانَ حِلْفُهُمْ أَنْ لَا يُعِينَ ظَالِمٌ مَظْلُومًا بِمَكَّةَ وَذَكَرُوا فِي سَبَبِ ذَلِكَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً مُحَصِّلُهَا أَنَّ الْقَادِمَ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ كَانَ يَقْدَمُ مَكَّةَ فَرُبَّمَا ظَلَمَهُ بَعْضُ أَهْلِهَا فَيَشْكُوهُ إِلَى مَنْ بِهَا مِنَ الْقَبَائِلِ فَلَا يُفِيدُ فَاجْتَمَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَكْرَهُ الظُّلْمُ وَيَسْتَقْبِحُهُ إِلَى أَنْ عَقَدُوا الْحِلْفَ وَظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَفِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ قَدْ حَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَنَسٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَلْفِ لَا يُنَافِي حَدِيثَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فِي نَفْيِهِ فَإِنَّ الْإِخَاءَ الْمَذْكُورَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِ ثُمَّ نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ وَبَقِيَ مَا لَمْ يُبْطِلْهُ الْقُرْآنُ وَهُوَ التَّعَاوُنُ عَلَى الْحَقِّ وَالنَّصْرُ وَالْأَخْذُ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ كَمَا قَالَ بن عَبَّاسٍ إِلَّا النَّصْرَ وَالنَّصِيحَةَ وَالرِّفَادَةَ وَيُوصَى لَهُ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ قُلْتُ وَعُرِفَ بِذَلِكَ وَجْهُإِيرَاد حَدِيثي أنس مَعَ حَدِيث بن عَبَّاس وَالله أعلم.
    وَقَالَ الْخطابِيّ قَالَ بن عُيَيْنَةَ حَالَفَ بَيْنَهُمْ أَيْ آخَى بَيْنَهُمْ يُرِيدُ أَنَّ مَعْنَى الْحِلْفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْنَى الْأُخُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ فِي الْإِسْلَامِ جَارٍ عَلَى أَحْكَامِ الدِّينِ وَحُدُودِهِ وَحِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ جَرَى عَلَى مَا كَانُوا يَتَوَاضَعُونَهُ بَيْنَهُمْ بِآرَائِهِمْ فَبَطَلَ مِنْهُ مَا خَالَفَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْحِلْفِ الْوَاقِعِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الآيةِ الْمَذْكُورَةِ جَاهِلِيٌّ وَمَا بَعْدَهَا إِسْلَامِيٌّ وَعَنْ عَلِيٍّ مَا كَانَ قبل نزُول لئيلاف قُرَيْش جَاهِلِيٌّ وَعَنْ عُثْمَانَ كُلُّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ جَاهِلِيٌّ وَمَا بَعْدَهَا إِسْلَامِيٌّ وَعَنْ عُمَرَ كُلُّ حِلْفٍ كَانَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ مَشْدُودٌ وَكُلُّ حِلْفٍ بَعْدَهَا مَنْقُوضٌ أَخْرَجَ كُلَّ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ وَأَظُنُّ قَوْلَ عُمَرَ أَقْوَاهَا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ حِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالَّذِي فِي حَدِيثِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ على نسخ ذَلِك (قَوْلُهُ بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ) وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَيْ عَنِ الْكَفَالَةِ بَلْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْحَقُّ فِي ذِمَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ بِالْقَدْرِ الَّذِي تَكَفَّلَ بِهِ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِمَقْصُودِهِ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ بَابَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ وَوَجْهُ الْأَخْذِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَبِي قَتَادَةَ أَنْ يَرْجِعَ لَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِدْيَانِ حَتَّى يُوفِيَ أَبُو قَتَادَةَ الدَّيْنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَكُونَ قَدْ صَلَّى عَلَى مِدْيَانٍ دَيْنُهُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ تَنْبِيهٌ اقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الطُّرُقِ عَلَى ذِكْرِ اثْنَيْنِ مِنَ الْأَمْوَاتِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ تَامًّا وَقَدْ سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هُنَا تَامًّا وَسَاقَ فِي قِصَّتِهِ الْمَحْذُوفَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ ثَلَاثُ كَيَّاتٍ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ ضَمَانِ مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنٍ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًالِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ بَالَغَ الطَّحَاوِيُّ فِي نُصْرَةِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2200 ... ورقمه عند البغا: 2294 ]
    - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ رضي الله عنه: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي". [الحديث 2294 - طرفاه في: 6083، 7340].وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (محمد بن الصباح) بالمهملة والموحدة المشددة وبعد الألف حاء مهملة الدولابي البغدادي قال: (حدّثنا إسماعيل بن زكريا) الخلقاني بالخاء المعجمة المضمومة واللام الساكنة بعدها قاف وبعد الألف نون الكوفي قال: (حدّثنا عاصم) هو ابن سليمان المعروف بالأحول (قال: قلت لأنس) ولأبي ذر زيادة ابن مالك (-رضي الله عنه- أبلغك) بهمزة الاستفهام الاستخباري (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):(لا حلف) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام آخره فاء أي لا عهد (في الإسلام) على الأشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية (فقال) أنس له (قد حالف) آخى (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين قريش والأنصار فى داري) أي بالمدينة على الحق والنصرة والأخذ على يد الظالم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما إلا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث.وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام ومسلم في الفضائل وأبو داود في الفرائض.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2200 ... ورقمه عند البغا:2294 ]
    - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ زَكَرِيَّاءَ قالَ حدَّثنا عاصِمٌ قَالَ قُلْتُ ل أِنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أبَلَغَكَ أنَّ النبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ حِلْفَ فِي الإسلامِ فَقَالَ قَدْ حالَفَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ والأنصَارِ فِي دارِي.لذكر هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ وَجه ظَاهر، وَمُحَمّد بن الصَّباح، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: أَبُو جَعْفَر الدولابي، أَصله هروي نزل بَغْدَاد وَإِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا أَبُو زِيَاد الْأَسدي الخلقاني الْكُوفِي، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول.والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام عَن مُسَدّد عَن عباد بن عباد. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن حَفْص ابْن غياث، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفَرَائِض عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة. قَوْله: (أبلغك؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (لَا حلف) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام، وَفِي آخِره فَاء، وَهُوَ الْعَهْد يكون بَين الْقَوْم، وَالْمعْنَى: أَنهم لَا يتعاهدون فِي الْإِسْلَام على الْأَشْيَاء الَّتِي كَانُوا يتعاهدون عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن إبيه عَن جُبَير ابْن مطعم مَرْفُوعا: لَا حلف فِي الأسلام، وَإِنَّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إلاَّ شدَّة، وَقَالَ ابْن سَيّده: معنى لَا حلف فِي الْإِسْلَام أَي: لَا تعاهد على فعل شَيْء كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يتعاهدون، والمحالفة فِي حَدِيث أنس هِيَ الإخاء، قَالَه ابْن التِّين. قَالَ: وَذَلِكَ أَن الْحلف فِي الْجَاهِلِيَّة هُوَ بِمَعْنى النُّصْرَة فِي الْإِسْلَام. وَقَالَ الطَّبَرِيّ فِي (التَّهْذِيب) : فَإِن قيل: قد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا حلف فِي الْإِسْلَام) ، وَهُوَ يُعَارض قَول أنس: حَالف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين قُرَيْش وَالْأَنْصَار فِي دَاري بِالْمَدِينَةِ، قيل لَهُ: هَذَا كَانَ فِي أول الْإِسْلَام، آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار. قَالَ: وَالَّذِي قَالَ فِيهِ مَا كَانَ من حلف فَلَنْ يزِيدهُ الْإِسْلَام إلاَّ شدَّة، يَعْنِي: مَا لم ينسخه الْإِسْلَام وَلم يُبطلهُ حكم الْقُرْآن، وَهُوَ التعاون على الْحق والنصرة وَالْأَخْذ على يَد الظَّالِم.

    لا توجد بيانات